Telegram-канал nalkaaheba - غداً نلقىٰ الأحبة: Unsorted

غداً نلقىٰ الأحبة

02 May 2025 17:01

(من ربيبات فضيلة الشيخ الحويني طيب الله ثراه)

أبي أحقًا رحلت عنا ؟!
خلتك تبقى لنا أبد الدهر ،، فأنت عطية الله لنا بعد فقد والدنا ..
أنت أبي الذي وعينا على معاني الأبوة معه وعينا على حبه وحنانه علينا كسائر الآباء مع بناتهم ..
كنت السند والعز والرفيق وكل حلو في هذه الحياة .
شعرنا بحبك دون تفرقة أبدًا عن أولادك بل كنا نرى حبك لنا يفوق أحيانًا حب أولادك - والله يشهد على ذلك -.

لم ينقطع الرجاء أبدًا في أنك ستعود لنا .. لكنه قدر الله..
ونحن صنعك وتربيتك فوجب علينا بيان ذلك فورًا بالإيمان بقدر الله عز وجل والإخبات له والتسليم بأمر الله والثبات وعدم الجزع .. لكن فراقك يا أبتي مر..مر جدًا .

لم تعلمني ولم تخبرني يا أبتي ماذا يفعل المتيتم مرتين ؟؟! وأشهد الله أن الثانية أشد قساوة من الأولى .. فقد كنت فى الأولى طبيبًا يداوي وهاديًا يهدي الطريق ووالد بكل ما تحمله الكلمة من معنى .. فلم أشعر بفقد والد ولا بمرارة يتم ..

كنت أدعو الله دائمًا أن يرحم بابا ويبقيك لنا يا أبي ويشفيك ويعافيك من كل داء .. لم أكن أفتر عن الدعاء هذا أبدًا لكن اليوم أدعو لكما بالرحمة والمغفرة والجزاء الجزيل من أكرم الأكرمين ..

ها أنا ذا أكتب إليك يا سيدي ولم أكتب لك يومًا ، اعتدت أن أطرق باب مكتبك ونجلس نتحدث طويلًا في كل مناحي الحياة ..
أما اليوم أجدني مضطرة ان أكتب إليك عرفانًا بجميلك -ولن أوفيك قدرك ياحبيبي- وأن تكون منارةً -كما أنت دائمًا- في هذا الجانب الذي لن يستطيع غيري أن يصفه على حقيقته ..
'فهي شهادةٌ لله اكتبها حمدًا على نعمته وتمام فضله علينا ' ودعوةً لمن أراد أن يقتدي بهذا الجبل الأشم متأسيًا بقول الشاعر :
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم
إن التشبه بالرجال فلاح

أأقول أبي؟ أو معلمي؟ أو أيها المربي الجليل؟
أأقول عرفانًا؟ أو شكرًا؟ أو تقديرًا؟
فكل تلك المعاني تذوب وتضيع إذا ذُكرت فأنت أكثر من ذلك ،
كنت يا أبتب في كل مراحل حياتي منارة تنير دربي لكل خير، دخلت بيتك طفلة لا أعي من الدنيا إلا القليل .. فلم أفتقد يومًا أن ألعب مع والدي، فقد كنت نعم الأب لي تلعب معي وتقص الحكايات الممتعة قبل النوم وفي جلسات السمر.

وفي مرضي لم أفتقد يدًا أبوية تواسيني وتحنو علي، فقد كانت يداك يا أبي تحنو علي وتصبرني، وتذكرني بأجر الصبر على المرض.

في مراحل دراستي صغيرة لم أفتقد مصروفي من والدي فقد كان مصروفك له طعمه الخاص جدًا .. وفي الكبر كنت المعلم الذي يبسط المواد ويشرح اللغه العربية والمواد الشرعية ويتابع العلامات والإختبارت .. كنت تدعو لي بالتوفيق .. فتقول بصوتك الرحيم : أَبشِررري وأَمِّلِي.

لم أرى في طفولتي مايراه بعض الأطفال "الأشقاء "من تفضيل الأب لأحد الأبناء .. بل ربيتنا على أننا جميعًا بيت واحد وأسرة واحدة لا تفضيل لأحد على الآخر.

لم أحتاج إلى والدي كي يعرفني بالله وبسُنة رسوله فقد كنت يا أبي نعم المعلم الذي علمني أمور ديني ودنياي التي لم أكن لأتعلمها من أفضل منك فقد كنت نعم القدوة .. وكنت آية في عباداتك وأخلاقك.

لم أشعر يومًا بين الناس بأني أقل لباقةً أو فكرًا أو ثقافةً بل دائمًا وبفضل الله الكل يشهد لي بالأخلاق والرقي وكل هذا ينسب لك فأنت من علمتني هذا.

وفي حزني وفي فرحي وقلقي وفي أي ضائقة مررت بها لم يكن لي سواك من البشر ألجأ إليه وأشتكي له واطلب منه النصح والدعاء .

لم أحتج أن أفعل ماتفعله الفتيات -عند تجهيزهن لعرسهن- أن تترجى والدها كي تأتي بما تريد فقد وفيت وكفيت بلا رجاء أو طلب حتى .

وبعد زواجي لم أفتقد والدًا أو مرشدًا لأسأله عن كيفية تعاملي مع زوجي .. فلقد تعلمت منك يا أبي كيف تكون طاعة الزوجة لزوجها .. وتعلمت منك كيف يكون قدر الزوج عند زوجته .
حقيقةً أني شُرفت بأن ألحقت أولادي بنسبك .. فزوجتني ولدك لتتم فضلك وتؤدي أمانتك ويطمئن قلبك ..

فاللهم إنا نشهدك أننا لم نشعر يومًا في كنفه بمرارة اليتم أو التبني، بل وجدناه رحيمًا رفيقًا لطيفًا رحيمًا يختار الرفق في الأمر كله فلم نر منه فظاظةً أو قسوةً أو تفريقًا..

اللهم إنه أحسن إلينا وأفاض علينا من عطفه وكرمه فجازه عنا بما أنت أهله يا رب العالمين ..
اللهم إنك تعلم -وأنت حسيبه ولا نزكيه عليك- أنه فعل هذا مصداقًا لقول نبيك أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة -وأشار بأصبعيه- ) ..
ولا عجب أن تواترت الرؤى على رؤيتك مع الحبيب المصطفى ﷺ فقد نفذت كلامه وكفيت ووفيت .
فأرجو أن يكون الله قد بلغك مرافقته بحبك له واتباعه ويقينك وتصديقك لقوله ..

والله أرجو أن ينزلك منازل الأنبياء ويجمعك بنبيه محمد ﷺ في أعلى درجات الجنان ..

رضي الله عنك وأرضاك ياحبيب القلب ونور الفؤاد .. يشهد الله أننا نفتخر أن اختارك الله لنا أبًا ومعلمًا.. جمعنا الله في الجنة كما في الدنيا وألحقنا بك على خير ..
اللهم آمين

بناتك🤍🤍🤍

#منقول عن ربيبات الشيخ أبي إسحاق الحويني رضوان الله عليه..