الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة المتخصصة بالخطـب والمحاضرات 🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه •~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~• للتواصل مع إدارة القناة إضغط على الرابط التالي @majd321
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]
عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
أَجُلَيْبِيبٌ؟! إِنِيْه! لا- لَعَمْرُ اللهِ-؛ لا نُزَوَّجُهُ! مَا وَجَدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَّا جُلَيْبِيبًا وَقَدْ مَنَعْنَاهَا مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ؟! هكذا حُسِمَ القرارُ بأقوى أدواتِ الرفضِ وألفاظِه ومسبِّباتِه، وكان حوارُ الأبِ والأمِ وقرارُهما على مَسْمعٍ من ابنتِهما التي خطبَها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لجليبيبٍ، فَلَمَّا أَرَادَ الأب أَنْ يَقُومَ لِيَأْتِيَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيُخْبِرَهُ بِمَا قَالَتْ أُمُّهَا سألتِ الفتاةُ والديها: مَنْ خَطَبَنِي إِلَيْكُمْ؟ فَأَخْبَرَتْهَا أُمُّهَا، فأجابتْها ابنتُها حديثةُ السنِّ جوابًا يَنُمُّ عن قدْرِ ما وَقَرَ في قلبِها من عظيمِ الأيمانِ واليقينِ والثقةِ باللهِ وحسنِ اختيارِه والاستسلامِ لأمرِه القاضي بالاستجابةِ لأمرِ رسولِه صلى الله عليه وسلم؛ إذ هناءُ الحياةِ ثَمَّ، كما قال -تعالى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾ [الأنفال: 24]، مستشعرةً وخيمَ مخالفةِ الأمرِ النبويِّ ورَدِّه وإنْ كان أمرَ استحبابٍ لا أمرَ إلزامٍ يترتبُ على مخالفتِه الوعيدُ بالإثمِ والجزاءِ؛ فذاك مقتضى الإيمانِ، وشعارُ أهلِه الذي قال اللهُ فيهم: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36]؛ وقدَّمتْ بين يدي جوابِ موافقتِها الدافعَ لقبولِها المبنيَّ على الإذعانِ المطلقِ لأمرِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: أَتَرُدُّونَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَهُ؟! ادْفَعُونِي؛ فَإِنَّهُ لا يُضَيِّعْنِي، وفي رواية: أَتُرِيدُونَ أَنْ تَرُدُّوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرَهُ؟ إِنْ كَانَ قَدْ رَضِيَهُ لَكُمْ، فَأَنْكِحُوهُ، فَكَأَنَّهَا جَلَّتْ عَنْ أَبَوَيْهَا، وَقَالَا: صَدَقْتِ! فكان مَنْطِقُها الإيمانيُّ من نَسْجِ مَنْطِقِ هاجرَ أمِّ إسماعيلَ –عليهما السلامُ- حين قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا تاركَهما في وادٍ غيرِ ذي زرعٍ، فَتَبِعَتْهُ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَنْ لاَ يُضَيِّعُنَا (رواه البخاري)، فما كان من والديْها المؤمنيْن بعد سماعِهما ذكرى الإيمانِ إلا أنْ ثابا إلى قاعدةِ الاستسلامِ الإيمانيِّ المطلقِ لأمرِ الشرعِ -والشيءُ من معدنِه لا يُستنكَرُ-؛ فلم يكن لهما من أمرِهما خيرةٌ مع أمرِ اللهِ وأمرِ رسولِه صلى الله عليه وسلم، سيما ولغةُ الوثوقِ باللهِ التي فاهتْ بها ابنتُهما " لا يُضَيِّعُنِي " قد نقشتْ في قلبيْهما الثقةَ بحسنِ صنيعِ اللهِ لها وجميلِ ما يَنتظِرُ تلك الفتاةَ المؤمنةَ من حمْدِ العاقبةِ؛ إذ لا ضيعةَ على مَنْ وَكَلَ إلى اللهِ شأنَه واستسلمَ لأمرِه ؛ فكان اللهُ حسبَه، فانطلقَ أبوها إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُخْبِرًا إياه بموافقتِهم على ذلك الزواجِ الميمونِ، قارنًا رضاهم برضاه، قائلًا: شأنَك بها يا رسولَ اللهِ، إِنْ كُنْتَ قَدْ رَضِيتَهُ فَقَدْ رَضِينَاهُ، قَالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " فَإِنِّي قَدْ رَضِيتُهُ "، فَزَوَّجَهَا، فدعا لها رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دعوةً مجابةً في الرزقِ المباركِ الكثيرِ السهلِ الذي لا تعبَ فيه، فقال: " اللهُمَّ صُبَّ عَلَيْهَا الْخَيْرَ صَبًّا، وَلَا تَجْعَلْ عَيْشَهَا كَدًّا كَدًّا "، وقد رأى الأنصارُ إجابةَ تلك الدعوةِ فيها، قال أنسُ بنُ مالكٍ الأنصاريُّ –رضيَ اللهُ عنه-وهو أحدُ رواةِ الخبرِ: " فَلَقَدْ رَأَيْتُهَا وَإِنَّهَا لَمِنْ أَنْفَقِ ثَيِّبٍ فِي الْمَدِينَةِ ". وتولّى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذلك التزويجَ، وزوَّجَ جليبيبًا بتلك الفتاةِ المؤمنةِ، ونعمتِ الأمّةُ -كما نَعِمَ الزوجان- بذلك الزواجِ المباركِ الذي تولاه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم من حين كان فكرةً حتى استوى على ساقِ البيتِ وحُسْنِ العِشْرةِ؛ فكان أساسُ بنيانِه تقوى من اللهِ ورضوانًا، والدعوةُ النبويةُ بصبِّ الخيرِ عليه تغشاه كلَّ حينٍ باليُمْنِ والبركةِ؛ فما ظنُّكم بذلك العرشِ الزوجيِّ السامي وهذا أساسُه ومادةُ بنيانِه ومجدداتُ أحداثِه؟!
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
وكتب خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى أمراء كسرى كما في البداية والنهاية لابن كثير:" ﺃﻣَّﺎ ﺑَﻌْﺪُ ﻓَﺈِﺫَا ﺟَﺎءَﻛُﻢْ ﻛِﺘَﺎﺑِﻲ ﻓَﺎﺑْﻌَﺜُﻮا ﺇﻟﻲَّ ﺑﺎﻟﺮَّﻫﻦ ﻭَاﻋْﺘَﻘِﺪُﻭا ﻣﻨِّﻲ اﻟﺬِّﻣﺔ، ﻭَﺇِﻻَّ ﻓَﻮَاﻟَّﺬِﻱ ﻻَ ﺇِﻟَﻪَ ﻏَﻴْﺮُﻩُ ﻷﺑﻌﺜﻦَّ ﺇِﻟَﻴْﻜُﻢْ ﻗَﻮْﻣًﺎ ﻳﺤﺒﻮﻥ اﻟﻤﻮﺕ ﻛَﻤَﺎ ﺗﺤﺒُّﻮﻥ ﺃَﻧْﺘُﻢُ اﻟْﺤَﻴَﺎﺓَ.ا.ه
اللهم أعز الإسلام والمسلمين،وأذل الشرك والمشركين،اللهم انصر من نصر الدين،واخذل من خذل الدين ،اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين،من اليهود الغاصبين ،والنصارى المعتدين،اللهم أرنا فيهم عجائب قدرتك ،اللهم أنزل عليهم بأسك الشديد الذي لا يرد عن القوم المجرمين،ياقوي يامتين.
اللهم احفظ إخواننا في فلسطين،وفي شتى بقاع العالمين،وانصرهم وأيدهم،وثبت الأرض من تحت أقدامهم،وسدد رميتهم ،وتقبل شهداءهم ،واشف جريحهم ،وآوِ شريدهم برحمتك يا أرحم الراحمين.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
فالذين ينقضون عهد الله وعهد رسوله ويخالفون أوامرهما خاسرون بنص قوله تعالى: { الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۚ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ }[ سورة البقرة:٢٧ ]
الشاهد أن نقض عهد الله وعهد رسوله بارتكاب المعاصي سبب لتسلط الأعداء على المسلمين وعلى أموالهم وثرواتهم،إنما ينصر الله المؤمنين على الكافرين بطاعتهم له،فإذا عصوا الله صاروا مثلهم فيسلطهم عليهم عقوبة لهم. فإن المعاصي وأصحابها سبب لانهزام المسلمين،ولقد قال قائلهم)):كأسٌ وغانية يفعلان في المسلمين مالا يفعله رشاشٌ ومدفع)) يعني -قبحه الله - الخمر والزنا يفسدان في المسلمين أكثر من إفساد الرشاش والمدفع.
فقد روى أبو داود عَنِ ابْنِ عُمَرَ ،رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ"
والعينة: هي نوع من أنواع الربا،وهو سبب من أسباب ذل المسلمين وانتكاستهم،وقد كثر الربا في بلاد المسلمين ،فحدِّث ولا وحرج لكثرته ،فما من بلاد من بلدان المسلمين إلا وفيه الربا بجميع أصنافه وأنواعه،فقد روى البخاري ومسلم واللفظ له عن جَابِرٍ رضي الله عنه ، قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ. وَقَالَ : " هُمْ سَوَاءٌ ".
فالمرابي يا عباد الله ملعون، أي مطرود من رحمة الله، ومن طرده الله من رحمته فلن تجد له نصيرا.
-ومن أسباب انهزام المسلمين أمام أعدائهم مخالفة السنة وارتكاب البدع والمحدثات، فقد روى الإمام أحمد رحمه الله عن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " بُعِثْتُ بِالسَّيْفِ، حَتَّى يُعْبَدَ اللَّهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي، وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ ".
الشاهد قوله:" وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي"
وتقدم حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّاسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ" ويدخل في عهد رسول الله سنته،فمن نبذ سنته ولم يعمل بها فقد نقض عهده صلى الله عليه وسلم،فإن مخالفة السنة سبب لتسلط الأعداء على المسلمين وأخذ ما في أيديهم ،وامتصاص ثرواتهم،بل وأخذ بعض أراضيهم بل مضايقتهم في دينهم وفرض عاداتهم وتقاليدهم عليهم.
فإذا كانت المعاصي سببا لانهزام المسلمين فمن باب أولى البدع والمحدثات،فإن البدعة شر من المعصية،قال سفيان بن عيينة رحمه الله :"البدعة أحب إلى إبليس من المعصية"وما أوتي المسلمون إلا من قبل أهل البدع قديما وحديثا،ولقد كان سبب الفتنة بين الصحابة رضوان الله عليهم هم أهل البدع من الخوارج وغيرهم،إذ قتلوا عثمان ثم قتلوا عليًا رضي الله عنهما،فحصلت ملاحم عظيمة بين الصحابة، ولا يزال المسلمون يعانون من آثار تلك الفتنة إلى اليوم،وإلى أن يشاء الله ،ولا يخفى عليكم أن من أسباب ضعف المسلمين في هذا الزمان خروج المسلمين على حكامهم وإقامة المظاهرات ضدهم،وهكذا بدع الحزبية التي فرقت المسلمين إلى فرق وأحزاب متناحرة،فقد جعلت المسلمين لقمة سائغة أمام أعدائهم،حتى شُغل المسلمون اليوم بأنفسهم، يقتل بعضهم بعضا ويعادي بعضهم بعضًا،وغفلوا عن العدو الحقيقي،الأمر الذي جعل الكفار يرمونهم بقوس واحدة،ويتمالؤون عليهم ويتجمعون.
-ومن أسباب انهزام المسلمين أمام أعدائهم:حب الدنيا وكراهة الموت وترك الجهاد في سبيل الله:
اعلموا ياعباد الله أن من أعظم فشل المسلمين وانهزامهم أمام أعدائهم من اليهود والنصارى وغيرهم من ملل الكفر لهو تعلق قلوبهم بالدنيا حيث ألهتهم عن دينهم وشغلتهم عن جهاد أعدائهم،بل صار كثير من المسلمين حكاما ومحكومين يداهنون الكفار ويتنازلون عن أشياء من دينهم خوفا على مصالحهم الدنيوية،فأين العزة يا أيها المسلمون ؟{ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا }[ سورة النساء : 139 ]
فقد صار كثير من المسلمين يقدمون مصالحهم الدنيوية على المصالح الدينية،وانشغلوا عن كثير من العبادات،حتى تركوا الكثير من الواجبات ،بل ترك الكثير منهم الصلوات وأقبلوا على الشهوات،وغفلوا عن الموت ،وتركوا الجهاد وكرهوا الشهادة في سبيل الله التي هي أفضل من الدنيا وما فيها، فإن الشهيد يتمنى أن يرجع إلى الدنيا فيقتل عشر مرات لما يرى من
قال عمر الفاروق رضي الله عنه :"نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله"
ولنا عبرة بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته حيث كانوا أشداء على الكفار أعزاء عليهم،رحماء بينهم متحابون في في الله ومن أجل الله،كما وصفهم الله بقوله: { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا }[ سورة الفتح : 29 ]
-ومن أسباب العز والتمكين والنصر على الأعداء أن يكون المسلمون صفا واحدا،وعلى منهج واحد،وعلى كلمة واحدة ،وأن يكونوا كتلة واحدة أمام أعدائهم،كما قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ }[ سورة الصف : 4 ]
فلا تفرقكم - يا أيها المسلمون - قومية ولا طائفية ولا حزبية ولا مصالح دنيوية،فقد أمر الله تعالى بالاعتصام،وحذر من التفرق فقال سبحانه: { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ }[ سورة آل عمران : 103 ]
وبين عز وجل أن التفرق سبب للفشل والانهزام أمام الأعداء،فقال في كتابه الكريم:{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ }[ سورة الأنفال : 46 ]
فلن ينتصر المسلمون على أعدائهم وهم فرق وأحزاب متناحرة حتى يتحدوا على المنهج الذي كان عليه نبيهم وصحابته،فلقد كانوا حزبا واحدا لا ثاني له، ، وكانوا على قلب رجل واحد ولذلك أعزهم الله ونصرهم على عدوهم.
تأبى العصي إذا اجتمعت تكسرا *** وإذا افترقت تكسرت آحادا.
فإنه لم يأتِ هذا الذل والانهزام للمسلمين وتسلط الأعداء إلا بعد أن فرقهم اليهود والنصارى إلى أحزاب متناحرة ودويلات متناثرة،فضربوا بعضهم ببعض فصاروا منشغلين بأنفسهم،ليسوا مستعدين لمواجهة عدوهم فإلى الله المشتكى.
-ومن أسباب النصر على الأعداء طاعة أولياء أمور المسلمين من العلماء والأمراء،وعدم الخروج عليهم فإن هذه الثورات والانقلابات أوهنت المسلمين حكاما ومحكومين،قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا }[ سورة النساء : 59 ]
فطاعة العلماء تكون بالرجوع إليهم وعدم الصدور إلا عن رأيهم، فإنهم يعلمون مالا يعلم غيرهم،وهم الذين يعلمون الفتن قبل مجيئها،وهم الذين يقدرون النوازل،وهم الذين يميزون المصالح من المفاسد، ويعرفون الواقع من صميمه، ويدركون العواقب بما أعطاهم الله من نور العلم والعرفان،فلا يرجع في القضايا الكبيرة كمسائل الحرب والجهاد إلى الجهال والحماسيين ،ولا إلى أهل البدع الزائغين ،وإنما ترد هذه القضايا إلى العلماء الراسخين،قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }[ سورة النحل : 43 ]
وقال تعالى: { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا }[ سورة النساء : 83 ]
قوله : {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ}أي إلى سنته،وقوله:{ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ}هم أهل العلم.
قال المفسر السعدي: "...وإلى أولي الأمر منهم، أهلِ الرأي: والعلم والنصح والعقل والرزانة، الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها.."
مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ۚ وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ }[ سورة النور : 55 ]
المشروط هو النصر والأمن والتمكين في الأرض،والشرط قوله تعالى: {يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا}
-ومن أسباب النصر ياعباد الله التوكل على الله والاعتماد عليه والثقة به،ولا ينافي ذلك العمل بالأسباب دون الاعتماد عليها،قال تعالى في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم مخبرا عن توكلهم وصدق اعتمادهم على ربهم: { الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (173) فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ (174) }[ سورة آل عمران : 173 إلى 174 ]
وكان سبب نزول هذه الآية أن المشركين أرادوا أن يعيدوا الكرة على المسلمين عقب غزوة أحد فيستأصلوهم فلما بلغ الخبر المسلمين قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، ثم تجهزوا واستعدوا لقتالهم بعد ما أصابهم من القتل والجراحة بل تبعوهم إلى حمراء الأسد متوكلين على الله واثقين بنصره وأنه لن يضيعهم،فخاف المشركون من لقائهم مرة أخرى فسميت بغزوة حمراء الأسد ورجع المسلمون منتصرين بدون قتال لأن المشركين جبنوا عن قتالهم مرة أخرى.
وقال الله عن موسى عليه السلام وقومه : { فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ (62) فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ ۖ فَانفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ (63) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ (64) وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ (65) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ (66) }[ سورة الشعراء : 61 إلى 66 ]
وقال الله عن هود عليه السلام { قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ ۖ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) }[ سورة هود : 54 إلى 56 ]
-ومن أسباب انتصار المسلمين على أعدائهم الدعاء والإلحاح على الله به، لاسيما في أوقات الإجابة ،مع العمل بأسباب الإجابة واجتناب موانعها،فإن من أهم أسباب انتصار المسلمين في غزوة بدر لهو الدعاء،ففي تلك الوقعة العظيمة أعز الله بها دينه وأعلى كلمته وأعز الإسلام والمسلمين ،وكسر شوكة المشركين،قال تعالى : { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9) وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَىٰ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ ۚ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (10) }[ سورة الأنفال : 9 إلى 10 ]
فقد بات النبي صلى الله عليه وسلم يناشد ربه ويستنصره حتى أنجز الله له ما وعده،فقد روى الإمام مسلم عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ : " اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ ". فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ، حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، وَقَال َيَا نَبِيَّ اللَّهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ ؛ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ }، فَأَمَدَّهُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ.الحديث
للاشتراك في اللستة تفاعل نار🔥
دعـــــم طـــريــق الـــخـيــر🌪⬆️
للاشتراك في اللستة تفاعل نار🔥
دعـــــم طـــريــق الـــخـيــر🌪⬆️
أيها المؤمنون: إنها لَمصيبة حينما نرى اليوم بعد الذي رأيناه وعايشناه من أحداث دامية، من ينادي -من أبناء جِلدتنا- بأفكار الغرب المستوردة، ومن يزعم -مغترًّا- أن بلادهم بلاد الحرية، والعدل، والإنسانية، والشفافية، ألم يدرك هؤلاء أن ذلك مجرد أوهام وأكاذيب؟!
هل يستطيع هؤلاء أن يواجهونا بهذه الشعارات بعد اليوم؟ كلا، لقد اتضح بجلاءٍ زيفُ شعاراتهم المدنية، وكذب دعواتهم التحضرية، فظهرت واضحةً أحقادهم الدفينة، وبرزت ساطعة عداوتهم القديمة، فانكشف وجه الغرب الحقيقي القبيح المظلم، فها هي تلك الدول التي تدعي السلام، ورعايتها للسلم العالمي، ومحاربتها الإرهاب والتطرف والإجرام، تلك الدول التي تنادي بحقوق الإنسان والحيوان، يَرَون اليهود الغاصبين وهم يقصفون ويعتدون، ويقتلون الشيوخ والأطفال والمرضى والنساء، ويشرِّدون ويشتِّتون مدنًا بأكملها، ويدمِّرون دورَ العبادة، ويستهدفون طواقم الإسعاف، ولا تسألهم تلك الدول عن جريمة ارتكبوها، ولا يوجِّهون إليهم حتى مجرد لوم وشجب وعتاب، على ما أحدثوه من قتل وتدمير وخراب، بل رأينا تلك الدول تتوافد لتأييدهم، وتتسابق لدعمهم وتسليحهم وتأمينهم، ورأيناهم وهم يحجبون الأصوات عن شعوبهم، ويحرِّفون الحقائق بكل وقاحة وسفاقة، ورأيناهم وهم يكيلون بمكيالين، فيدعمون أوكرانيا ضد ما يسمونه الاحتلال الروسي، بينما يدعمون الاحتلال الصهيوني اليهودي ضد الفلسطينيين، ومن لم يستحِ فليصنع ما يشاء.
انظروا -عباد الله- إلى دول العالم اليوم؛ اليهود والنصارى والهندوس والبوذيين، وتأملوا فيهم، أليسوا هم أنفسهم من يصنع الحروب المدمرة، والأوبئة المهلكة، وينشرون الانحلال والإلحاد والفساد؟ من الذي يدعم الصراعات في العالم ويغذِّيها؟! ومن هم دعاة المثلية اللوطية اليوم وحماتها؟! أليسوا هم أنفسهم؟!
فلماذا هذا العداء والاتهام بالإرهاب لا يوجه إلا لمنبع السلام والتوحيد والرحمة، والطهارة والوفاء والفطرة؟ ألَا لعنة الله على الكاذبين الظالمين.
فلا يغتر بهم إلا من أعمى الله بصره وبصيرته، إنهم وإن اختلفوا وتصارعوا فيما بينهم وتطاحنوا، إلا أنهم يد واحدة ورأي واحد، إذا تعلق الأمر بالمسلمين، وأما المسلمون اليوم، فقد تفرقوا واختلفوا، وكلٌّ له رأي، رغم أن ربنا حذرنا من ذلك، فلا نستغرب -والحال كذلك- من حالنا، وضعفنا، وتمكُّن هؤلاء الأراذل منا، فهلَّا راجعنا عباد الله: فنتوب إلى الله جميعًا.
إنه لا عزَّ لنا ولا رفعة ولا نصر ولا تمكين، إلا بالاستقامة على الإسلام والإيمان، ظاهرًا وباطنًا، وترك الحزبيات، والاجتماع على الحق؛ قال الله تعالى: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)[الحج: 40، 41].
وقال جل وعلا: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا)[النور: 55].
أيها الصادقون: علينا أن ندرك أن فلسطين الحبيبة، والأقصى المبارك لن يعودا تحت رايات حماسية عاطفية، ولا قومية ولا عربية، ولا رافضية، بل ستعود تحت راية إسلامية صافية، وإيمانية عالية، متلاحمة متآلفة، وبهذا نجزم، وعليه عقيدتنا، المتلقَّاة من الكتاب والسنة؛ في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعًا: “لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلمُ، يا عبدَالله، هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله، إلا الغَرْقَدَ؛ فإنه من شجر اليهود”.
إن النصر بلا شكٍّ قادمٌ ولو طال أمد اليهود، إذ العاقبة للمتقين؛ فقد رأينا زمرة من المجاهدين الفلسطينيين، استطاعوا أن يذيقوا اليهود مرارة الانهزام، على الرغم من قلة العتاد، وضعف المساندة والإمداد، ووجود المخالفة فيهم وفي الأمة، فكيف لو أن المسلمين كانوا جميعًا على قلب رجل واحد؟ كيف لو اجتمع المسلمون على الحق، وأعَدُّوا العُدَّة؟ إنها آمال نُعِشَتْ، ستتحقق عما قريب إن شاء الله.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “إن الله لَيُمْلِي للظالم، حتى إذا أخذه لم يُفْلِتْه، ثم قرأ: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)[هود: 102]؛ [متفق عليه].
استرداد المسجد الأقصى المبارك، وتحرير فلسطين من نجاسة العدو اليهود، ومن جانب آخر تتقطع أكبادنا مما نراه من مشاهد القتل والدمار والحصار التي يفعلها العدو في إخواننا.
وأقول: -أيها الأحبة- إن الخطب الْمُلْهِبة الحماسية الرنَّانة، لا جدوى منها إن لم تكن واقعًا عمليًّا نطبقه في واقع حياة الأمة، فلن تعدو أن تكون إلهابًا للمشاعر لا ثمرة لها، ونفخًا في الصدور لا فائدة فيها، والمسلم لا يستسلم لعاطفته دون عقله، بل يجمع بينهما، فيدرك الأمور إدراكًا بتصور راشد صحيح، ويضع الخيارات والحلول التي تتوافق مع الكتاب والسنة أولًا، ومع واقع الحال ومقدراته ومعطياته ثانيًا.
إن الاستضعاف والحصار والقتل والتشريد الذي يجري من أعدائنا اليوم ليس هو الأول من نوعه، فكم حدث من ذلك عبر الزمان من قتل وتعذيب وحصار! وفي عهد نبينا الكريم -صلى الله عليه وسلم-، في بداية رسالته، جرى الاضطهاد من المشركين للنبي -صلى الله عليه وسلم-، والقتل والتعذيب لأصحابه؛ ومع ذلك قال: (كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ)[النساء: 77].
وفي صحيح البخاري يقول خباب بن الأرت -رضي الله عنه-: “شَكَونا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو متوسِّدٌ بُرْدةً له في ظل الكعبة، قلنا له: ألَا تستنصر لنا؟ ألَا تدعو الله لنا؟”، هل كان -صلى الله عليه وسلم- لا يدعو الله قبل أن يأتوه ويطلبوا منه أن يستنصر لهم ويدعو لهم؟! بل كان يفعل ذلك، لكنه كان يدرك أن لكل شيء عند الله موعدًا، وأن لله حكمة في تأخير النصر.
فعندما وجد عند هؤلاء المستضعفين استبطاءَ النصر، قال لهم: “كان الرجل فيمن قبلكم يُحفَر له في الأرض، فيُجعل فيه، فيُجاء بالْمِنشار فيُوضع على رأسه فيُشَق باثنتين، وما يصده ذلك عن دينه، ويُمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه”.
أقسم -صلى الله عليه وسلم- قائلًا: “والله لَيَتِمَنَّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، أو الذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون”.
فالنصر سيأتي في موعده الذي أراده الله رب العالمين، وما علينا إلا الاستقامة والثبات وأخذ الأسباب، والتوكل والدعاء، والصبر على البلاء، وفي الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد والحاكم وغيرهما عن أبي بن كعب -رضي الله عنه-، مرفوعًا: “بشِّر هذه الأمة بالتيسير، والسناء والرفعة بالدين، والتمكين في البلاد، والنصر، فمن عمِل منهم بعمل الآخرة للدنيا، فليس له في الآخرة من نصيب”.
إن الله تبارك وتعالى قادر على نصرنا بلا جهاد ولا أخذ بالأسباب؛ كما قال الله سبحانه: (ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ)[محمد: 4]، ولكن جعل الله بحكمته للنصر أسبابًا، وأمر المسلمين أن يعملوا بها لينصرهم، فقد جعل الله لكل شيء سببًا: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)[الأعراف: 128]، وله في ذلك حِكَمٌ ولطائف.
عباد الله: إن في أحداث غزة الأخيرة ابتلاءً عظيمًا، انطوى على دروس للأمة ومواقفَ وعِبَرٍ، وآمال وآلام، وإن علينا جميعا ألَّا نرتجل مواقفنا في مثل هذه الأحداث والنوازل ابتداء، وألَّا ننساق وراء العواطف الجارفة، والآراء السائدة، والتحليلات المتناقضة، بل لا بد أن تنطلق مواقفنا من أدلة الشريعة، ونرجع إلى العلماء الراسخين؛ فالمسلم لا يأخذ مواقفه من المحلليين والإعلاميين أو العاطفيين والحماسيين؛ كما قال تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)[النساء: 83].
إن التعاطف والتعاون والنصرة للمسلمين من الإيمان الواجب؛ ففي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه-، مرفوعًا: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشُدُّ بعضه بعضًا”، وقد مثَّل النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين بالجسد الواحد في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم؛ كما في الصحيحين النعمان بن بشير -رضي الله عنهما-، فالأمة لُحمة واحدة في مواجهة المخاطر والأعداء، وإن من أعظم حقوق المسلم على المسلم الدعاء له، في الصلوات وغيرها من مواطن الدعاء، فتدعو لإخوانك أن يحفظهم ويثبتهم وينصرهم، ويجمعهم على الحق، وأن يُهلِكَ عدوهم، فإذا لم نَدْعُ لإخواننا فأي جسد مريض مقطَّع أصبحنا؟ فأقل حقهم علينا الدعاء لهم وعلى عدوهم، وإنه لَوهن عظيم أن نضَنَّ ونبخل على إخواننا حتى بالدعاء.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "والمسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، قلوبهم واحدة، موالية لله ولرسوله ولعباده المؤمنين، معادية لأعداء الله ورسوله وأعداء عباده المؤمنين، وقلوبهم الصادقة، وأدعيتهم الصالحة، هي العسكر الذي لا يُغلَب، والجند الذي لا يُخذَل".
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
لِيَزْدَادُوا إِثْمًا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ)[آل عمران: 178].
ثم يقول -جل وعلا-: (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ * وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ)[آل عمران: 142، 143]، فالجنة سلعة غالية، والنفيس لا بد أن يبذل له الثمن، وثمن الجنة ينال بالجهاد والصبر، لا بالتواني والخَورِ والجزع، فمن أراد الجنة فليبذل ثمنها.
ثم يقول -جل وعلا- يعاتب من فر من الصحابة بعد سماعهم إشاعة مقتل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ * وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَنْ يُرِدْ ثَوَابَ الْآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ)[آل عمران: 144، 145]، فالحق لا يرتبط بحياةِ شخصٍ ولا بموته، حتى لو كان هذا الشخصُ هو رسول الأمة، فما بالكم بمن هو دونه؟ فمهما تلقت الأمةُ من الضربات، ومهما فقدت من الخسائر، فإن ذلك ليس مبررا للانسحاب في معركة الحق والباطل، ولا مسوغا للاستسلامِ وإلقاء السلاحِ أمام الأعداء.
ثم بعد ذلك يضرب الله المثل لأناس جاهدوا وصبروا، ومع كل ما أصابهم من الأذى في سبيل الله فإنهم ما خارت قواهم، ولا لانت عزائمهم، ولا ضعفت نفوسهم؛ وبذلك استحقوا النصر في الدنيا، والنعيم في الآخرة، يقول -سبحانه-: (وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[آل عمران: 146 - 148].
ثم يمضي السياق إلى توجيه آخر يقول الله -سبحانه- فيه: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ)[آل عمران: 149]، فلقد انتهز الكفار والمنافقون واليهود فرصة الهزيمة؛ لتثبيط عزائم الصحابة، وتخويفِهم من السير وراء محمد -صلى الله عليه وسلم-، وتشكيكِهم في وعد ربهم بالنصر، فيأتي الأمر من الله بالحذر من طاعة الكافرين، وعدم الاستماع لتهويلاتهم وتشكيكاتهم؛ فإنه ما بعد ذلك إلا الانتكاسةُ والخسران.
ثم يؤكد الله وعده بالنصر فيقول: (بَلِ اللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ * سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَمَأْوَاهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ)[آل عمران: 150، 151].
وبعد ذلك يبين الله -سبحانه- للصحابة أن الله لم يخلف وعده بنصر من ينصره، ولكن لما تبدلت الغايات، وصارت الدنيا عند البعض هي المراد، حينها تخلف النصر وحلت الهزيمة، يقول -سبحانه-: (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ * إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَاكُمْ فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلَا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا مَا أَصَابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[آل عمران: 152، 153].
ثم يبين الله -سبحانه- حال طائفتين، حال الطائفة المؤمنة التي آمنت بوعد ربها واطمأنت بما يقدر عليها؛ فاستحقت بذلك الأمن وتنزل السكينة، كما قال -سبحانه-: (ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ)[آل عمران: 154]، والطائفة الأخرى هم المنافقون والذين في قلوبهم مرض، الذين لم يثبت الإيمان في قلوبهم، ولم يسلموا لقدر ربهم، وظنوا بالله ظن السوء، وحسبوا أن تدبير الأمور، وتقدير الآجال بأيديهم وليست بيد الله، يقول -سبحانه- عنهم: (وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا
اللهمّ أنت إلهُنا، وأنت ملاذُنا، وأنتَ عِياذنا، وعليك اتِّكالنا، اكشِف عنّ إخواننا في غزة كلَّ بلاء، اصرِف عنهم كلَّ ضرّاء، ادفَع عنهم كلَّ بأسَاء، احفَظ منهم الأعراضَ والدّمَاء، اللهمَ إليك نشكو ضعفَهم وهوانَهم على الناس، يا أرحم الراحمين، إلى من تكِلُهم؛ إلى عدوٍّ يتجهَّمهم، أم إلى باغ ملَّكتَه أمرَهم؟
اللهم فارج الكربات ، مغيث اللهفات ، يجيب المضطر إذا دعاه ، ويكشف السوء عن من ناداه ، اللهم نفس كربنهم ، وفرِّج همّهم، واربط على قلوبهم وثبت أقدامهم
اللهم إنك تعلم ما حل بهم، اللهم إنك ترى مكانهم وتسمع كلامهم ، ولا يخفى عليك شيء من أمرهم،
اللهم إنا نشكو إليك أنفساً أزهقت، ودماءً أريقت، ومساجد هدمت، وبيوتاً دمرت، ونساء أيمت، وأطفالا يتمت. اللهم إنهم مظلومون فانصرهم، مظلومون فانصرهم، مظلومون فانصرهم.
اللهم عليك باليهود المعتدين الغاصبين، ومن عاونهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم أهلكم بالسنين، وأخرجهم من المسجد الأقصى أذلة صاغرين، اللهم لا ترفع لهم في الأرض راية، واجعلهم لغيرهم عبرة وآية.
اللهم أسقط طائراتهم ودمر دباباتهم، واقذف الرعب في قلوبهم، وشتت شملهم، وسلط عليهم ما نزل من السماء وما خرج من الأرض، وزلزل الأرض من تحت أقدامهم، وجمد الدماء في عروقهم ،اللهم اشفي بذلك صدورنا وصدور قوم مؤمنين يارب العالمين.
عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
*حــــقــائـق قـــــــرآنيـة*
*في العدوان الصهيوني على غزة*
*للشيخ/ عبدالرحمن اللهيبي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
الحمد لله مذلِ المستكبرين ، وقاهر العتاةوالمتجبرين ، وناصر المؤمنين المستضعفين ، أرسل محمداً بالهدى والحق المبين ، صلى اللهوسلم عليه وعلى آله الطيبين ،وعمن تبعهمبإحسان إلى يوم الدين ، وعنا معهم بجودكوكرمك يا أكرم الأكرمين ..
أما بعد فاتقوا الله يا مسلمون وكونوا عباد الله إخوانا ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)
أيها المسلمون ما زال مسلسل العدوانِ الصهيونيِ على أهنا في غزة مستمر .. أطفالا أبرياء تحت الأنقاض ، القتلى بالآلاف ، والجرحى ينزفون في المنازل والطرقات فيستغيث الرجل منهم فلا يغاث , لم يرحَموا طفلا لضعف قدمِه وأوصالِه، ولا شيخا لأجلِ عيالِه، ولا مسنا لهوانِ حالِه، ولا امرأةً تبكي لعِظم المصاب وأهوالِه.
ووجدتنُي يا مسلمون أمام هذه المشاهد أقف في هيبة وخضوع أمام حقيقة القرآن "ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا"
عباد الله : إن من تأمل في آيات القرآن ودلالاته , وتدبر في حِكمه وأسراره , وربطه بما يجري في أحداث الأقصى وملماته.. تفتحت له من المعاني والحكم ما يكون له فرقانا بين الحق والباطل ، وبصيرة فيما حل بالمسلمين من الكوارث والنوازل ، ويقينا وطمأنينة بحسن الخواتيم وجميل العواقب ، ورضا عن الله فيما قدر من البلايا والمصائب وأحداث غزة يا مسلمون ليست بمنأى عن النظر لها من خلال التأمل في القرآن وما فيه من الحقائق ..
فحينما يتناولها المحللون السياسيون من جوانب سياسية ، ويبحثها الإعلاميون لبيان أبعادها المادية ؛ فإننا نحن المسلمون ننظر إليها بنور الله ووحيه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
وإننا لنجد في كتاب الله إجابات واضحة وحقائق ثابتة، بعيدة عن التجاذبات السياسية المتناقضة ، والمعتركات الإعلامية المتقلّبة!
فمن تلكم الحقائق يا مسلمون ما يلي:
الحقيقة القرآنية الأولى: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ فلن يجد المؤمن مشقةً في إدراك هذه الحقيقة في تاريخ اليهود المعاصر فقط، فما يفعلونه بالمسلمين ليس نتيجة لاستفزاز عابر ولا ردة فعل لعدوان عاثر.. فإن تاريخهم الغابر منذ مبعث نبينا صلى الله عليه وسلم- كافٍ في بيان شدة عداوتهم للمؤمنين ، وحرصهم على استئصال شأفة المسلمين!
وأما في تاريخيهم المعاصر فإن الاحتلال الصهيوني منذ نشأته قبل خمسة وسبعين عاما لم يتوقف يوما عن ارتكاب الشنائع والمجازر ..
الحقيقة القرآنية الثانية: قال تعالى (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ المسْكَنَةُ ...).
فالله قد ضرب على اليهود الذلة والمسكنة أينما ثقفوا، فقد تعرض اليهود للقهر والذلة إلى زمن قريب في العصر الحديث من قِبَل ألمانيا وفرنسا والنمسا وأوروبا الشرقية. واستثنى الله من الذلة الملازمة لهم حالتين كما قال سبحانه:(إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ) وحبل الله تعالى هو عقد الذمة لهم في ظل قيادة المسلمين، وأما المقصود بحبل الناس فهو الدعم والتأييد الذي يكون من الغرب لهم، فما هم فيه من القوة والاستكبار والطغيان في زماننا المعاصر إنما سببه دعم دول الغرب الكافرة ، فمتى ما رُفع عنه الدعم الغربي عادوا لما هم عليه من الذلة والتشرد
والحقيقة القرآنية الثالثة: ﴿كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِين﴾، فهم كلما عقدوا أسباباً للحروب يكيدون بها الإسلامَ وأهلَه؛ أطفأها الله ورد كيدَهم عليهم، وأحاق مكرهم بهم، وما هذا العدوان الأخير على المسلمين بغزة إلا نموذج واضح تتجلي فيه هذه الحقيقة، فلقد ظن اليهود أن المسلمين في غزة يمكن تهجيرهم وتشريدهم وتخويفهم وإرهابهم، فإذا به يفاجئ العدو بالثبات والصمود ، وإذا بالصهاينة هم الذين إلى دولهم يفرون ويهربون ، وهم من تعطلت مطاراتهم، وتوقفت مصالحهم، وعظمت خسائرهم، وسيطفئ الله نار حربهم وعدوانهم، وسيرجعون ذليلين خائبين
أما الحقيقة القرآنية الرابعة يا مسلمون: ففي قول الله تعالى ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ فالقرآن صريح، والتاريخ شاهد بأن التمكين لا يتحقق في بيئة المترفين، ولا من هم في الشهوات غارقين! بل لا يمكن أن يقوم إلا على أيدي أناس يسترخصون الموت في سبيل الله، ويرغبون فيه كما يرغب عدوُهم الحياة
يا عباد الله يا معاشر المسلمين " اعلمواْ أن التبرج والسفور من صفات أهل النار، من صفات أهل النار عياذاً بالله.
روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبينا صلى الله عليه وسلم قال: « صنفان من أهل النار لم أرهما أناس أو رجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مائلان مميلات رؤوسهنَّ كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا»
إن المرأة تحرم من الجنة ونعيمها بسبب تبرجها وسفورها
وفتنتها ولهذا التبرج من كبائر الذنوب ومن المعاصي العظام.
وقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قيل يا رسول الله ومن يأبى قال من أعطاني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى »
فهل علمت المتبرجة أنها عاصيه لله رب العالمين وأنها قد عصت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن عصى الله والعياذ بالله فهو يعرض نفسه لعقوبة الله وبطش الله وعذاب الله ونار الله ويحرم نفسه من النعيم والجنة والرحمة في الدنيا والآخرة عياذاً بالله.
عباد الله " إن التبرج شر ونفاق، إن التبرج شر ونفاق ولهذا ثبت عن الإمام البيهقي وحسنه الألباني رحمه الله عن أبي أدينة الصدفي رضي الله عنه أن نبينا صلى الله عليه وسلم قال: « خير نساءكم الودود التي تتودد وتتحبب إلى زوجها خير نساءكم الودود الولود التي تكثر الولادة ثم قال المواتية أي الموافقة لأمر زوجها المواتية المواسية أي التي تواسي زوجها عند الفتن وعند الكربات وعند الفقر وعند المصائب المواتية المواسية قال إذا إتقين الله وشر نساءكم المتبرجات المتخيلات أي المتكبرات المعجبات بأنفسهن اللاواتي يفتنّ غيرهنّ بالتبرج والسفور وشر نساءكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخلن الجنة إلا مثل الغراب الأعصم والمراد بالغراب الأعصم الذي هو بياض الجناحين وهذا قليل وعزيز في الغربان »
ولهذا روى الإمام أحمد في مسنده عن عمر ابن العاص أنه قال كنا مع نبينا صلى الله عليه وسلم في حج أو عمرة فقال صلى الله عليه وسلم « هل ترون هذا الشعب قالواْ نعم قال هل ترون شيء فيه قلنا نرى فيها غراب أعصم أحمر المنقار والرجلين فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة من النساء إلا مثل هذا الغراب في الغربان » أرايتم يا عباد الله بل إسمعواْ
روى الإمام أحمد في مسنده عن فضالة ابن عبيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « ثلاثة لا تسأل عنهم فيما هم فيه من غاية العذاب ومن مآل العذاب في جهنم في عذاب الله ثلاثة لا تسأل عنهم رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصياً وعبد أو أمة أبق أي هرب على سيده قال فمات والصنف الثالث وامرأة غاب عنها زوجها ق كفاها مؤنة الدنيا أي ما تحتاج من الأكل والشراب والنفقة والمسكن وامرأة غاب عنها زوجها قد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم » أي هؤلاء في عذاب شديد ولا تسأل عنهم يجب على المرأة أن تراقب الله وأن تتوب إلى الله وأن ترتدي الحجاب اتباعاً لله وطاعة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا بد أن يكون الحجاب ساتراً لجميع بدن المرأة وأن لا يشبه لباس الكافرات وأن لا يشبه لباس الرجال وأن لا يكون الحجاب زينة في نفسه وأن يكون فظافظاً واسعاً لا يصف أي لا يصف جسم المرأة وأن لا يكون أيضاً الحجاب لباس شهرة هذه شروط الحجاب.
ولهذا روى الإمام أحمد في مسنده عن أسامة ابن زيد رضي الله عنه قال: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم جبةً كثيفة وهي مما أهداه له دحية الكلبي قال ثم خرج أسامة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أين القبطية التي كسوتك إياها أي لما لم تلبسها قال يا رسول الله لقد كسوتها امرأتي فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مرها فلتجعل غلالة تحتها أي ثوباً تحت هذه القبطية فلتجعل غلالة تحتها فأني أخاف أن تصف لأنها شفافه رقيقة أخاف أن تصف عجم عظامها هذا هو الحجاب الديني الإسلامي فأين المستجيبات لأوامر الله؟ وأين المستجيبون لأوامر الله؟ *﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱسْتَجِيبُوا۟ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ۖ وَٱعْلَمُوٓا۟ أَنَّ ٱللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ ٱلْمَرْءِ وَقَلْبِهِۦ وَأَنَّهُۥٓ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾*
اللهم أصلح أحوالنا وأحوال رجالنا وأحوال نسائنا وأحوال مجتمعاتنا.
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وفجاءة نقمتك وجميع سخطك.
اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين.
اللهم ثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
اللهم أصلح نسائنا.
اللهم أصلح نسائنا.
اللهم أصلح نسائنا وأبنائنا ومجتمعاتنا وأصلحنا جميعاً يارب العالمين ويا أرحم الراحمين.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله،وإحسانه،وأشكره على توفيقه وامتنانه،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه،وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:
أيها المؤمنون: وما زالتْ شمسُ الإيمانِ مشرقةً على بيتِ جليبيبٍ وزوجِه –رضيَ اللهُ عنهما-، ومخزونُ التُّقى في قلبيْهما ينمو ويَعْظُمُ حتى دَنَتْ ساعةُ تمحيصٍ شديدٍ يَبِينُ فيها صدقُ الإيمانِ؛ وذلك حين آذَنَ مُؤْذِنُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم في المدينةِ بالنفيرِ إلى غزاةٍ تُرفَعُ فيها كلمةُ اللهِ؛ لتعلوَ في الوجودِ، ويُذْعِنَ لها العبيدُ، فكان جليبيبٌ أحدَ كُماةِ هذا النفيرِ إذ خرجَ تاركًا في المدينةِ زوجَه وحِبَّه لما هو أحبُّ إليه منها، ولا يَعلمُ أيكونُ بعد ذلك لقاءٌ بها أم هو الوداعُ الدنيويُّ المُفْضِي إلى نعيمِ الآخرةِ ولقائِها السرمديِّ؟ نَفَرَ جليبيبٌ ولمّا يزلْ ذِكْرُه مغمورًا بين الناسِ غيرَ مأبوهٍ به غيرَ أنه عند اللهِ عزيزٌ، ولمّا حَمِيَ وَطيسُ المعركةِ كان جليبيبٌ كالأسدِ الهَصورِ في وَثَبَاتِ الفَتْكِ بأعداءِ اللهِ، وكانت تلك الغزاةُ نهايةَ أجلِه بخاتمةِ الحُسْنِ. روى مسلمٌ عن أبي برزةَ الأسلميِّ –رضيَ اللهُ عنه-أنَّه قال: فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْقِتَالِ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: نَعَمْ، فُلَانًا، وَفُلَانًا، وَفُلَانًا، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: نَعَمْ، فُلَانًا، وَفُلَانًا، وَفُلَانًا، ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ أَحَدٍ؟» قَالُوا: لَا، قَالَ: «لَكِنِّي أَفْقِدُ جُلَيْبِيبًا، فَاطْلُبُوهُ» فَطُلِبَ فِي الْقَتْلَى، فَوَجَدُوهُ إِلَى جَنْبِ سَبْعَةٍ قَدْ قَتَلَهُمْ، ثُمَّ قَتَلُوهُ، فَأَتَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَوَقَفَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: «قَتَلَ سَبْعَةً، ثُمَّ قَتَلُوهُ؛ هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ! هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ!» قَالَ: فَوَضَعَهُ عَلَى سَاعِدَيْهِ لَيْسَ لَهُ إِلَّا سَاعِدَا النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: فَحُفِرَ لَهُ وَوُضِعَ فِي قَبْرِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ غَسْلًا.
هكذا كان مسكَ ختامِ حياةِ جليبيبٍ –رضيَ اللهُ عنه-، عاشَ مغمورًا في الأرضِ مشهورًا في السماءِ، ورَحَلَ بصمتٍ تاركًا في سيرتِه أبلغَ عظةٍ للمُؤْتَسين بأنَّ حُسْنَ الذِّكْرِ ما كان سماويًا ربانيًا وإنْ عاشَ صاحبُه مطمورًا بين الناسِ، وأنَّ أَثَرَ شجرةِ الصدقِ التي جُلِّلَتْ بسِرْبالِ الإخلاصِ الخفيِّ وسُقِيَتْ بمائه الصافي يبقى ويظهرُ ويتباركُ وإنْ رَحَلَ صاحبُه أو لم يُعْرَفْ، وأنَّ مِن خصيصةِ رشادِ الدعوةِ سَعَةَ قلبِ صاحبِها لِيشملَ في اهتمامِه بحثَ حاجةِ ذويْ المسْكنةِ والسعيَ في قضائِها؛ ائْتِساءً بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم إذ جعلَ مِن همِّه تزويجَ ذلك المولى المغمورِ، وتَفَقُّدَ حياتِه بعد وَضْعِ الحربِ أوزارَها، وقيامَه على تجهيزِه بعد استشهادِه حتى جَعَلَ ساعديْه المباركيْن سريرًا لذلك الجثمانِ الطاهرِ ليُدَلّى دفينًا في رَمْسِه، قد مضى مشهودًا له مِن لدنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بشهادةِ مكرَّرَةٍ بالثباتِ والاستقامةِ على المنهجِ القويمِ حياتَه المختومةَ بفوزِ الشهادةِ: " هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ! هَذَا مِنِّي وَأَنَا مِنْهُ! "؛ مبالغةً في اتحادِ طريقِهما واتفاقِهما في طاعةِ اللهِ تعالى -كما قال النوويُّ-. ولسانُ حالِ سيرتِه يَصْدَحُ بقلبِ كلِّ ناشدِ أسوةٍ بقولِ القائلِ:
وكانتْ في حياتِك لي عِظاتٌ *** وأنتَ اليومَ أوعظُ منكَ حيّا
عبادَ اللهِ: صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
*لكني أفقد جليبيبا*
*للشيخ/ محمد السحيم*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
أيها المؤمنون: جليبيبٌ مولىً من الصحابةِ مغمورٌ، لم يُعرفْ إلا باسمِه المُفْرَدِ المجرَّدِ غيرَ منسوبٍ، وكان يعيشُ حياةً خافتةً من بريقِ الشهرةِ، بعيدةً عن حظوةِ الجاهِ؛ فلم يكن ممنْ يُؤْبَهُ لحضورِه إنْ حضرَ، ولا يُفتقدُ إن غابَ، وقد ابتلاه اللهُ بدمامةٍ في وجهِه، غيرَ أنَّ إيمانَه باللهِ ورسولِه صلى الله عليه وسلم وصِدْقَ بذلِه وتضحيتِه كانت أسبابَ حظوةٍ له عندَ اللهِ؛ رَفَعَ بها قدْرَه، وخلَّدَ ذِكْرَه، وأجرى له بها أجرًا غيرَ ممنونٍ، وغدتْ سيرتُه على وجيزِ سَرْدِها في دواوينِ الآثارِ برَكةً من بالغِ العظاتِ والعبرِ.
عبادَ اللهِ: لم تكنْ أعباءُ النبوةِ وسياسةِ الخلْقِ تُشِغُلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن تلمُّسِ حاجةِ ذلك الرجلِ المغمورِ من أصحابِه والسعيِ في قضائِها؛ إذ قد رآه ذاتَ يومٍ فعَلمَ حاجتَه لزوجٍ يَسْكُنُ إليها ويأنسُ بها، فعرَضَ عليه الزواجَ،
كما حدَّثَ أنسُ بنُ مالكٍ –رضيَ اللهُ عنه-قائلًا: كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُقَالَ لَهُ: جُلَيْبِيبُ، فِي وَجْهِهِ دَمَامَةٌ، فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التَّزْوِيجَ، فَقَالَ: إِذًا تَجِدُنِي كَاسِدًا، فَقَالَ: «غَيْرَ أَنَّكَ عِنْدَ اللَّهِ لَسْتَ بِكَاسِدٍ» رواه أبو يعلى بإسنادٍ صحيحٍ. هكذا كان ظنَّه في نفسِه، وكان ظنَّه في الناسِ إنْ خَطَبَ منهم؛ إذ ليس فيه مَطْمَعٌ من دنيا يُغري الآخرين بتزويجِه. فما كان من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلا أنْ جلّى له البصيرةَ في الميزانِ الذي يكون به بيانُ الأقدارِ وحقيقتِها؛ إذ ذاك ميزانُ اللهِ الدقيقُ في علْمِه ووزنِه، لا ميزانُ الناسِ الذي يتأرجحُ بالهوى ويطيشُ بالجهلِ؛ فلئنْ رآك الناسُ –يا جليبيبُ-كاسدًا غيرَ مرغوبٍ فيك، فأنت لستَ كذلك عند اللهِ، بل أنت عند اللهِ غالٍ، وكَفاك شرفًا بذاك! ثم طَفِقَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم باحثًا له عن زوجةٍ من خيرةِ بيوتِ الأنصارِ تَليقُ بغلاءِ جليبيبٍ عند اللهِ، وكان للأنصارِ –رضي اللهُ عنهم- أدبٌ جمٌّ مع رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الزواجِ؛ كما أخبرَ عنهم أبو بَرْزةَ الأسلميُّ –رضي اللهُ عنه-في نبأِ تزويجِ جليبيبٍ الذي رواه الإمامُ أحمدُ بإسنادٍ صحيحٍ إذ يقولُ: " كانتِ الأنصارُ إذا كان لأحدِهم أيّمٌ لم يزوِّجها حتى يعلمَ هل للنبيِّ صلى الله عليه وسلم فيها حاجةٌ؟ أم لا ". فجاء النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى بيتِ أنصاريٍّ كريمٍ، طالبًا منه تزويجَه ابنتَه بأسلوبٍ جَعَلَ فيه حاجةَ جليبيبٍ حاجةَ نفسِه؛ إذ أنزلَه مِنْزَالَه، وعبّرَ عنها بلسانِه، فقالَ: " زَوِّجْنِي ابْنَتَك "، ففرِحَ الأنصاريُّ فرحًا لم يكنْ للتريثِ فيه مجالٌ؛ فتلك بُغْيةٌ كان كلُّ ذي أيِّمٍ يتمنَّاها، فقال: نِعِمَّ وَكَرَامَةٌ -يَا رَسُولَ اللهِ- وَنُعْمَ عَيْنٍ! فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: " إِنِّي لَسْتُ أُرِيدُهَا لِنَفْسِي "، قَالَ: فَلِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " لِجُلَيْبِيبٍ "، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أُشَاوِرُ أُمَّهَا، فَأَتَى أُمَّهَا، فَقَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ ابْنَتَكِ، فَقَالَتْ: نِعِمَّ، وَنُعْمَةُ عَيْنِي، فَقَالَ: إِنَّهُ لَيْسَ يَخْطُبُهَا لِنَفْسِهِ، إِنَّمَا يَخْطُبُهَا لِجُلَيْبِيبٍ؟ فَقَالَتْ: أَجُلَيْبِيبٌ؟! إِنِيْه[1]! أَجُلَيْبِيبٌ؟! إِنِيْه!
الكرامة.
فإن إقبال المسلمين على الدنيا وإعراضهم عن الدين وعن الجهاد جعل الكفار يتجرأون على المسلمين ويتعاونون عليهم وهم في حالة تفرق وضعف،ولا يهابونهم مع كثرتهم ، فقد روى
أبو داود عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يُوشِكُ الْأُمَمُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِهَا ". فَقَالَ قَائِلٌ : وَمِنْ قِلَّةٍ نَحْنُ يَوْمَئِذٍ ؟ قَالَ : " بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ، وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءٌ كَغُثَاءِ السَّيْلِ، وَلَيَنْزِعَنَّ اللَّهُ مِنْ صُدُورِ عَدُوِّكُمُ الْمَهَابَةَ مِنْكُمْ، وَلَيَقْذِفَنَّ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمُ الْوَهْنَ ". فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْوَهْنُ ؟ قَالَ : " حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ ".
وغثاء السيل هو مخلفات السيل من الأعواد والأكياس والزبائل التي لاينتفع بها الناس،شبههم بغثاء السيل لعدم الفائدة منهم وعدم اهتمامهم بدينهم، فالغثائية لا ينصر الله بهم الدين ولو كانوا كثيرين ،إنما ينفع الله بأهل الإيمان والتوحيد والطاعات ولو كان أهله قلة،فقد نصر الله المسلمين على المشركين في غزوة بدر وهم قلة قليلة بإيمانهم وتوحيدهم ،وكان المشركون أضعاف أضعافهم بعدتهم وعتادهم،بينما المؤمنون ليسوا مستعدين للحرب،ولم يخرجوا لقتال،لكن لم يكن فيهم غثائية كما في زماننا،فإن كثيرًا من شباب المسلمين في هذا الزمان - إلا من رحم الله - همهم بطونهم وشهواتهم، يرتكبون المعاصي ليل نهار ،بعيدون عن كتاب ربهم وسنة نبيهم ،فمثل هؤلاء لا يُركن إليهم في قتال الكافرين،ولا في نصرة هذا الدين،لن يحرر الأقصى مثل هؤلاء،لن يحرر الأقصى أصحاب البناطيل ،ولا أصحاب المسلسلات والأغاني،ولا أصحاب ملاعب الكرة،ولا أصحاب البدع والمظاهرات،إنما يحرره رجال صادقون موحدون،ولربهم طائعون وبسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم متمسكون،لا يبالون بالدنيا وإنما همهم الدار الآخرة ، أما هذه المظاهرات فإنها لاتدل على قوة أصحابها، إنما تدل على ضعفهم،فقد برهنت لليهود أن المسلمين ضعفاء،عاجزون عن الجهاد، فأصحاب المظاهرات لا يرهبون الكفار،إنما يرهبهم رجال صادقون،لايخافون في الله لومة لائم، يجاهدون في سبيل الله، ويقاتلون من كفر بالله، يحبون الموت كما يحب الكفار الحياة.
فإن في جهاد الكفار عز للمسلمين وإذلال لأعدائهم،وإن كان فيه مشقة على النفوس لكن يترتب عليه مصالح كثيرة، دينية ودنيوية،قال تعالى:{ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ }[ سورة البقرة : 216 ]
فإن الكفار لن يتركوا المسلمين، ولن يقبلوا منهم سلما ولا صلحا،ولن يراعوا فيهم عهدا ولا ذمة حتى يعلنوا الجهاد ضدهم، فإن الجهاد من الأسباب التي يكسر الله به شوكة الكافرين والمشركين.
ولقد كسر الله شوكة المشركين في غزوة بدر وهم أضعاف أضعاف المسلمين،ولو أن المسلمين صالحوا المشركين وداهنوهم كما يفعل المسلمون في هذا الزمان لما حصل ذلك النصر ،بل لو تركوا جهادهم وقتالهم لأصبحوا في ذلة،وصاروا إلى قلة،وإن كان الله عز وجل قادرا على أن يكف الكفار عن المسلمين ،لكن الله تعالى أمر بفعل الأسباب،ومنها الجهاد في سبيل الله،وقد روى أبو داود عن ابْنِ عُمَرَ ،رضي الله عنهما قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ ، وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ، وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ، وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ ؛ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ".
ولقد أصاب المسلمين من الذلة ما الله به عليم بسبب تركهم لشعيرة الجهاد،فإذا أرادوا العزة فليراجعوا دينهم،ويوحدوا صفوفهم،ويتبرأوا من اليهود والنصارى ثم يعلنوا الجهاد ضدهم،وإلا فلا يلوموا إلا أنفسهم.
فلقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث رسله إلى الملوك والعظماء يدعوهم إلى الإسلام وإلا أنذرهم بالقتال ،فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سفيان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل:"بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ، سَلَامٌ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى، أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ ؛ أَسْلِمْ تَسْلَمْ، وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ، وَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَرِيسِيِّينَ ،"
فإن العلماء هم ورثة الأنبياء، فيحتاج إليهم جميع الناس على مختلف وظائفهم ومراتبهم وأعمالهم فيجب الرجوع إليهم عند النوازل والمعضلات،لا سيما في أوقات الجهاد والحروب فقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يتشاور مع كبار الصحابة في مسائل الجهاد.
وهكذا يجب طاعة الأمراء والقادة وعدم مخالفتهم،فقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" وَمَنْ عَصَى الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي " وقد كان من أسباب هزيمة المسلمين في غزوة أحد مخالفة الرماة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث قَالَ لهم : " إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلَا تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا الْقَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ فَلَا تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ ".
فَهَزَمُوهُمْ،ثم نزل الرماة من الجبل لجمع الغنائم، فالتف المشركون على المسلمين من خلف الجبل فقتلوا سبعين من خيار الصحابة رضوان الله عليهم، منهم حمزة بن عبدالمطلب رضي الله عنه أسد الله وأسد رسوله، وكاد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتل لولا أن سلمه الله، فقد شُج وجهه وكسرت رباعيته بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم. والقصة في البخاري عن الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
فانظروا ياعباد الله كيف كانت هذه المخالفة سببا لانهزام المسلمين، وكانت عن اجتهاد منهم بعدما تيقنوا بنصر المسلمين وانهزام المشركين،فكيف بالمخالفات في هذا الزمان من الشرك والسحر، وارتكاب البدع والمحدثات في أوساط المسلمين، والزنا واللواط والسرقة والربا والرشا، والقتل والقتال بين المسلمين،فصارت النفس المعصومة التي حرم الله تقتل بغير حق،وليس لها قدر ولا قيمة، فهذه المعاصي نذير شر وواحدة منها كفيلة بأن تكون سببا لانهزام المسلمين نسأل الله العافية والسلامة.
الخطبة الثانية
الحمد الله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق وكفى بالله شهيدا،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارا به وتوحيدا،وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما مزيدا.
أما بعد:
فيقول رب العزة والجلال في محكم التنزيل:{ وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ }[ سورة الشورى : 30 ]
يخبر تعالى عن أسباب المصائب التي تنزل بالمسلمين من شدة وقحط أزمات ونكبات،ومن تسلط الأعداء عليهم كل هذا ونحوه ما هو إلا بسبب ذنوبهم،قال تعالى ردا على الرماة الذين خالفوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد وحصلت الهزيمة بسببهم :{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىٰ هَـٰذَا ۖ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنفُسِكُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }[ سورة آل عمران : 165 ]
فقد هُزم المسلمون في غزوة أحد بسبب تلك المخالفة،وهزموا في غزوة حنين بسبب إعجابهم بكثرتهم،فكيف بالمعاصي والشركيات والبدع والمحدثات في هذا الزمان؟!فقد انتشرت انتشار النار في الهشيم، يستفاد من هذا أن من أعظم أسباب الذل والانهزام وتسلط الأعداء على المسلمين لهي ذنوبهم، فقد روى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ : أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : " يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ : لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلَّا فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّاسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ ".
الشاهد قوله صلى الله عليه وسلم:" وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّاسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ.."
الملائكة شاركت مع المسلمين في تال المشركين في وقعت بدر،فكان المشرك يضرب أو يقتل قبل أن يضربه المسلم،فقتل الله سبعين من صناديدهم،وأسروا سبعين،وهم مدججون بالسلاح والعدة والعتاد،بينما المسلمون غير مستعدين للحرب؛لأنهم لم يخرجوا لقتال،لكنه التوحيد والتوكل على الله والدعاء.
فأكثروا من الدعاء يا عباد الله ،ادعوا لإخوانكم المستضعفين في كل مكان،لعل الله ينصرهم ويفرج عنهم بدعوة رجل صالح منكم،عليكم بالدعاء في الثلث الآخر من الليل وفي السجود فإنهما من أعظم أسباب الإجابة.
وقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }[ سورة الأنفال : 45 ]
قال المفسر الطبري والبغوي في تفسير قول الله {وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} :"أي ادعوا الله بالنصر والظفر بهم"ا.ه
فلا تستهينوا بالدعاء يا عباد الله فإن شأنه عظيم،فقد دمر الله به دولا وشعوبا وجيوشا كانت تصول وتجول في الأرض،ولقد أحسن من قال:
ﺃﺗﻬﺰﺃ ﺑﺎﻟﺪﻋﺎء ﻭﺗﺰﺩﺭﻳﻪ***ﻭﻣﺎ ﻳﺪﺭﻳﻚ ﻣﺎ ﺻﻨﻊ اﻟﺪﻋﺎء
ﺳﻬﺎﻡ اﻟﻠﻴﻞ ﻻ ﺗﺨﻄئ ﻭﻟﻜﻦ*** ﻟﻬﺎ ﺃﻣﺪ ﻭﻟﻷﻣﺪ اﻧﻘﻀﺎء
-ومن أسباب النصر الرجوع إلى الكتاب والسنة والعمل بهما وفهمهما على فهم السلف الصالح: فقد روى الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ﺗَﺮَﻛْﺖُ ﻓﻴﻜُﻢْ ﺷَﻴْﺌَﻴْﻦِ ﻟَﻦْ ﺗَﻀِﻠُّﻮا ﺑَﻌْﺪَﻫُﻤﺎ: ﻛﺘﺎﺏ اﻟﻠﻪ ﻭﺳﻨﺘﻲ ﻭﻟﻦ ﻳﺘﻔﺮﻗﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﺮﺩا ﻋﻠﻲ اﻟﺤﻮﺽ"
فمن تمسك بالكتاب والسنة فلن يضل ولن يشقى ولن يهزم ولن يكسر بإذن الله تبارك وتعالى ،فقد أعز الله الصحابة رضوان الله عليهم ومن جاء بعدهم بإيمانهم وتوحيدهم وبتمسكهم بكتاب ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم،ففتح الله بهم مشارق الأرض ومغاربها ودانت لهم العرب والعجم،قال عز مِ من قائل: {وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ ۗ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) }[ سورة الحج : 40 إلى 41 ]
فيا عباد الله إننا لن ننتصر على أعدائنا ونحن بعيدون عن ديننا ،هاجرون لكتاب ربنا،مخالفون لسنة نبينا،لن ننتصر على أعدائنا ونحن نجاهر ربنا بالذنوب والمعاصي،فإن كثيرًا من المسلمين يتحمسون لقتال اليهود وما استطاعوا أن يجاهدوا أنفسهم على أداء الصلاة ولا استطاعوا أن يتغلبوا على النوم وعلى البرد لأداء صلاة الفجر،فكيف سيثبت هذا الصنف أمام المدافع والدبابات؟إنما يثبت الله المؤمنين بطاعته،ويذل من يشاء بمعصيته،قال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ }[ سورة محمد : 7 ]
قال المفسر السعدي رحمه الله: هذا أمر منه تعالى للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، والقصد بذلك وجه الله، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم،.."ا.ه
-ومن أسباب انتصار المسلمين على اليهود والنصارى والمشركين،تحقيق الولاء والبراء الشرعي،وهو الولاء لله ولرسوله والمؤمنين،فيتولى المسلمون بعضهم بعضا ،وينصر بعضهم بعضا،ويحب بعضهم بعضا،وأن يعتصموا بالكتاب والسنة على فهم سلف الأمة، وألا يتفرقوا أو يتحزبوا في الدين،وألا يكون الولاء والبراء من أجل أشخاص،أو من أجل مصالح خاصة ،فإن الله تعالى يقول: { وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ }
وقال تعالى: { وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ}[ سورة التوبة : 71 ]
ويقول تعالى:{ ۞ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }[ سورة المائدة : 51 ]
فيجب على المؤمنين أن يتولى بعضهم بعضا، وأن ينصر بعضهم بعضا، وأن يقوم بعضهم على بعض، وأن يتألم بعضهم على بعض.
كما يجب على المسلمين أن يعلنوا العداء للكفار والمشركين والمنافقين وأن يبغضوهم ويحذروا منهم ويتبرأوا منهم ،وأن يحاربوا عاداتهم وتقاليديهم ،وألا يقبلوا قوانينهم وأنظمتهم،وألا يقلدوهم،فهذا من النصر العظيم يا عباد الله ،وهو نبذ عادات اليهود والنصارى ومحاربة أفكارهم،لكن من المؤسف أن كثيرا من المسلمين صاروا يفتخرون بالحضارات الغربية،ويدافعون عنهم ،ويقلدونهم في لباسهم وعاداتهم،ما إن تأتي عادة أو لباس من الغرب أو حلاقة غربية إلا وسارعوا إليها،ويعتبرون ذلك تطورا، فمن أين لنا النصر والعز والحال ما ذُكر؟!
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*إرشاد ذوي العزيمة إلى*
*أهم أسباب النصر أو الهزيمة*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى ،وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الناس: (إنما توعدوننا لآت وما أنتم بمعجزين)
فإنه لا يخفى على مسلم عداوة اليهود والنصارى للمسلمين، وخبثهم عليهم، ومكرهم بهم في الليل والنهار ،فقد ذكر الله في كتابه ونبيه صلى الله عليه وسلم في سنته أنهم أعداء الله ورسوله والمسلمين،وأنهم يكيدون للإسلام والمسلمين ليل نهار،ولن يرضوا عن المسلمين حتى يرتدوا عن دينهم فيصيروا مثلهم،فيجب على المسلمين أن يحذروهم،وأن يرفضوا عاداتهم وتقاليدهم وأنظمتهم،وأن يكونوا صفا واحدا أمامهم،بل يجب على المسلمين أن يعلنوا الجهاد ضدهم، وأن يدعوهم إلى الإسلام،قال تعالى: { قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }[ سورة التوبة : 29 ]
وسيأتي الله بقوم هم خير ما بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقاتلون أعداء الله ويكسرون شوكتهم،فقد روى الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَخْرُجُ مِنْ عَدَنِ أَبْيَنَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا، يَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، هُمْ خَيْرُ مَنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ "
وهم الموحدون المتمسكون بالكتاب والسنة على منهج سلف الأمة،وقد أشار إليهم النبي صلى الله وعليه وسلم بقوله: ، قَالَ : " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ " رواه مسلم ، عن ثوبان،وعند أبي داود عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ، ظَاهِرِينَ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُمْ ، حَتَّى يُقَاتِلَ آخِرُهُمُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ ".
فإنه لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود ويستبيحون بيضتهم، كما عند مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ، حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ : يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ. إِلَّا الْغَرْقَدَ ؛ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ "
فسيأتي هذا اليوم الذي يشفي الله صدور المسلمين من اليهود،لكن السؤال الذي يطرح نفسه:متى يكون هذا ومتى سيأتي هذا اليوم؟
الجواب:سيكون هذا النصر إذا توفرت أسبابه،ووجدت رجاله،وفي هذا المقام نذكر لكم أهم أسباب النصر،وأهم أسباب الهزيمة،لعل الله ينصرنا بفعل أسباب النصر واجتناب أسباب الهزيمة،فإن الله تعالى جعل لكل شيء سببا،وربط المسبَبات بأسبابها.
ثم اعلموا أن أهم سبب،وأول سبب لنصر الإسلام والمسلمين،ولن يتحقق النصر إلا به، هو تحقيق توحيد الله عزوجل والدعوة إليه ومحاربة الشرك والمشركين،فلن ينتصر المسلمون وفي أوساطهم من يعبد غير الله من أصحاب القبور وغيرها،ولن ينتصر المسلمون وكثير منهم من يذبح وينذر لغيرالله،أو يحلف بغير الله،لن ينتصر المسلمون وفي أوساطهم السحرة والمنجمون،والمشعوذون، لن ينتصر المسلمون وفيهم الطيرة وتعليق التمائم وغيرها من ا الشركيات،فلقد كان من أسباب سقوط الدولة العثمانية العظمى الشرك وعبادة القبور،فإن الله سبحانه وتعالى وعد عباده الموحدين بالنصر والتمكين كما في قوله سبحانه: { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ
للاشتراك في اللستة تفاعل نار🔥
دعـــــم طـــريــق الـــخـيــر🌪⬆️
اللهم احفظ إخواننا في فلسطين من بين أيديهم ومن خلفهم، وعن أيمانهم وعن شمائلهم، ومن فوقهم، ونُعيذهم بعظمتك أن يغتالوا من تحتهم.
اللهم احفظهم بحفظك، واجعلهم في كنفك، وحُطْهم بعنايتك، واشملهم برعايتك، واحرسهم بعينك التي لا تنام.
اللهم نصرَك المبين لإخواننا في فلسطين، اللهم نجِّهم وأعِنْهم، وعليك بالصهاينة المحتلين، اللهم طهِّر الأقصى من الغاصبين الظالمين.
اللهم أنزل بأسك وغضبك على الصهاينة الأنجاس، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فاشغله بنفسه، ورد كيده في نحره، اللهم احقِنْ دماء المسلمين، واستر عوراتهم، وسُدَّ جوعهم.
اللهم إن إخواننا المستضعفين في غزة لاحول لهم ولا قوة إلا بك يا عظيم، اللهم فانتصر لهم واحقن دماءهم، اللهم عليك بمن طغى واعتدى من يهود ومن عاونهم، اللهم أنْزِلْ عليهم بأسك وعذابك ورِجْزَك يا رب العالمين.
عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
فتستطيع -أيها المسلم- أن تقدِّم من مكانك وبيتك ومُصلَّاك الدعاء لإخوانك، متحرِّيًا مواطن الإجابة، ولا تظنُّنَّ أن ذلك غير نافع لهم، كلا، فكم من سوء دُفع عنهم بتلك الدعوات! وكم من مخططات أفشلت بتلك التضرعات! وكم من معاناة خففت ورُفعت بتلك الابتهالات! وفي الحديث الصحيح: “إنما ينصر الله هذه الأمة بضعيفها، بدعوتهم وصلاتهم، وإخلاصهم”(أخرجه النسائي عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه-).
وإن استطعت أن تنصرهم بالوسائل المشروعة، وعبر الطرق الرسمية فافعل؛ كالتبرع لهم بسخاء، وحثِّ التجار على التبرع عبر القنوات الموثوقة، وتستطيع التحدث عن معاناتهم، وتوضيح قضيتهم من الجانب الشرعي، ونقل كلام العلماء، في وسائل التواصل وقنوات الإعلام، والصحف والمجلات، بمقال رصين، وقصيدة بليغة، ونقل صحيح.
ومن أعظم ما تقوم به أن توضح لأسرتك وأولادك ومجتمعك مفهومَ الولاء والنصرة والجهاد، لكل مسلم موحِّدٍ مُتَّبِعٍ مُحِبٍّ للنبي -صلى الله عليه وسلم- وآله وصحبه وأزواجه.
عباد الله: لا بد أن تترسَّخ حقيقة اليهود في أذهاننا، فهذه الأحداث تنعَش تلك الحقائقَ بعد أن غُيِّبت عنا، فاليهود هم اليهود، مجرمون متغطرسون، اجتمعت فيهم أرذل الصفات وأخَسُّ الأخلاق: الكفر، والكِبْرُ، والوحشية، والعنصرية، والجبن، والخيانة، والخداع، والظلم والوقاحة، وهم شر خلق الله تبارك وتعالى؛ ولهذا استوجبوا المسخَ قردةً وخنازيرَ؛ قال تعالى: (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ)[المائدة: 60].
ولقد كشف الله -تبارك وتعالى- لنا حقيقتهم في كتابه في آيات كثيرة، وبيَّن لنا دسيستهم وطِباعهم، فاليهود أشد الناس عداوة لأهل الإيمان، أقساهم قلوبًا، وهم قتلة الأنبياء، وأعداء الصالحين والأولياء، واليهود ناقضو المواثيق والعهود، وهم أسوأ المخلوقين أدبًا مع الله تبارك تعالى، ومع أنبيائهم؛ ألم يقولوا لموسى كليم الله عليه السلام بكل سفالة وقلة أدب: (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَا هُنَا قَاعِدُونَ)[المائدة: 24].
واليهود أكثر الناس معرفة بالحق وأحرصُهم على كتمانه وإخفائه، وهم من أبخل الناس، وأجبن الناس؛ لأنهم أحرصهم على حياة، وهم سادة العالم في أكل السُّحت والرِّبا، فلا عجب بمن حاز على هذه الصفات الذميمة الخسيسة، أن يلعنهم الله لعنًا كبيرًا، ويمسخهم قردة وخنازير.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:
عباد الله: علينا -معاشر المسلمين- التمسك بأصول أهل السنة والجماعة، خاصة في القضايا التي أحدثت خللًا في الأمة فأضعفتها وفرَّقتها، وبهذا تصلح أحوال هذه الأمة، وتستقيم أمورها، وتنتصر على أعداها، يهودًا ونصارى ورافضة، وأتباعهم وأنصارهم.
وإن أهل السُّنَّة إذ قالوا ذلك، ما قالوه إلا موافقة لكتاب الله وسنة رسوله ومنهج سلفنا الصالح، فلم يقولوه تملُّقًا وجبنًا، وإنما منهجًا وتدينًا، وإن الواقع لَهْوُ خير شاهد وموافقٌ لقولهم، ثم علينا أن نفرق بين الموقف السياسي الرسمي للدول المسلمة، وموقف المسلم الشرعي، فالمسلم تنطلق مواقفه من دينه وأخلاقه وعقيدته، ونكِل المواقف الرسمية لأهلها؛ لأنهم الأقدر على التدبير والتصرف، والأعلم بالأصلح في ظل مُقدَّراتهم ومعطياتهم، وحسابنا وحسابهم على الله تبارك وتعالى.
عباد الله: ولا نغفُل عن مسؤولية عظيمة، إنها مهمة تربية الأولاد والأحفاد على حمل هذه القضية الإسلامية، وأن يعيشوا همَّ أُمَّتِهم، بآمالها وآلامها، وأن يشعروا بترابط المسلمين ووحدتهم ولُحمتهم، وأن يوضِّحوا القضية للأبناء ليحملوا الأمانة عن الآباء، ولا يعتمدوا على غيرهم في توضيح أنها قضية دين وعقيدة، ووجود وتأريخ مجيد، وليست مجرد أرض، فلا نتركهم فريسة لوسائل الإعلام المضلِّلة، والمناهج التاريخية التعلمية المزوَّرة.
احرصوا -أيها الآباء- على صلاحهم، ففرقٌ كبير بين من ينشأ لا يهتم إلا بشهواته وملذاته ورغباته، ومن ينشأ على إيمان راسخ، وعقيدة سليمة، وعبادة صحيحة، وأخلاق حسنة؛ فيعتصر قلبه ألمًا على أحوال أُمَّتِه، فهذا هو من سيقوم بدينه، ويسعى في تقوية أمته، وينهض بإصلاح مجتمعه، والدفاع عن دينه وأرضه، ليخرج لنا أمثال أجدادنا الفاتحين، وعلمائنا الصالحين، وقادتنا المجاهدين، وأخيارنا الزاهدين.
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*أحداث غـ،ـزة الأخـيرة*
*للشيخ/ عبدالمحسن الأيوبي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
معاشر المسلمين: إن اللسان لَيقف عاجزًا أمام وصف الأحداث الأليمة التي شهدناها في الأسابيع الماضية، وإن القلب لَيعتصر ألمًا وحزنًا، ولَيتقطَّع حرقة وغضبًا وكَمَدًا، على ما يجري لإخوان لنا في النسب واللغة والدين، وفي الآلام والآمال، في أرض فلسطين، فلسطين الجريحة، وإنه لإحساس يسري في جسد كل مسلم صادق، غيور على دينه وعِرْضِهِ وأرضه، وقضايا أمته، حين يرى قتل الأبرياء، من شيوخ وأطفال ونساء، وحصار ظالم مُنِعَ فيه الغذاء والدواء، وقطع للمياه والاتصال والكهرباء، وقصف غاشم بأطنان من الصواريخ المتفجرة التي دمرت المساكن فوق رؤوس الساكنين، بلا رحمة ولا شفقة ولا هوادة من اليهود المعتدين المغتصبين، بدعم وتكالب من أمم الكفر العالمية، فيعاني إخواننا في قِبلة الإسلام الأولى، ومسرى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من ظلم كيان دخيل ماكر، وأذى عدو ذليل غادر، حتى رأينا أجسادًا ذبَلت، وأكبادًا جفَّت، وبطونًا قَرْقَرت، وأجوافًا ظمِئت، من عدوان غاشم، وحصار ظالم، أطفالٌ يبكون ويصرخون، وشيوخ يئِنُّون، ومرضى يتوجُّعون، ورجال حائرون.
رأينا الجنائز متوالية، وشهداء وجرحى في كل آنٍ ولحظة، سمعنا بفناء عائلات كاملة، ودمار أحياء عامرة، وغير ذلك من أشكال العدوان، ما تهتز بأهواله الشنيعة همًّا رفات الفاتحين الأجداد، وتهتز بأخباره غمًّا أفئدة الآملين المتألمين الأحفاد، ولكن ثباتًا ثباتًا -يا عباد الله- ها قد أُثلجت الصدور، وأُذهب غيظ القلوب، بما أذاقه الفلسطينيون -ولا يزالون- لإخوان القردة والخنازير أعداءِ الله من الكفرة المحاربين، فدخلوا عليهم في المعسكرات والقواعد والمستعمرات، وأذاقوهم سوء العذاب، وقصفوهم في المدن المغصوبة، فأرعبوهم وقتلوهم، وشلُّوا أركانهم وحركتهم واقتصادهم، وأربكوهم حتى استنجدوا بمن جاء بهم، فكسروا تلك الأوهام التي روَّجها الكِيان الهَشُّ، بأنهم الجيش الذي لا يُقهر، والدولة التي لا تُهزم، فالله أكبر، ببضع مئات، وتدبير قلة، حصل ذلك بساعات محدودة، مع فارق ميزان القوة والهيمنة.
وإن الحرب الدائرة اليوم هي حرب بين الإسلام والكفر، وإنه لَمقام يقتضي النُّصرة والتثبيت، ودحر المعتدي الغاصب المحارب، وعدم التخذيل عن نصرة إخواننا في الدين.
إنه لما قصَّر المسلمون -عباد الله- في عناية بعضهم ببعض، وفي النصرة والرعاية، والتثبيت والحماية، نجحت مؤامرات الأعداء، وطمِعوا بهم، فالتضامن والتراحم والتعاطف والتعاون بين المسلمين واجب شرعي ومطلب مرعي، على كل خير، وعلى كل حق، وبه تجتمع الكلمة، وتتحقق الألفة، ويتقوى الصف ويخاف العدو، ولا شكَّ أن تعاطف المسلم مع إخوانه وقضايا أمته موقفٌ منضبط بضوابط الشرع، منطلق من الكتاب والسنة إلى الكتاب والسنة، مقيَّد بالحكمة والرفق والعدل، بعيد عن الانقياد العاطفي الهوائي الأهوج، والتعصب المقيت المنحرف الأعوج، والحق أبلج والباطل لجلج.
إن قضية فلسطين، وتحرير المسجد الأقصى، ليست كغيرها من قضايا الأمة الإسلامية، وتطهير فلسطين والمقدسات، من أعظم الواجبات، وما عظم صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- عند المسلمين حتى صار ذلك القائد الذي خلَّد التاريخ ذكره، وكان له في الأمة الإسلامية مكانة كبيرة، إلا بتحريره بيت المقدس من أيدي النصارى، وكان من أجل وأشرف أعماله، وما فرح المسلمون كفرحهم باسترداد بيت المقدس والمسجد الأقصى من أعداء الأمة، فتسرُّنا كمسلمين كل خطوة في اتجاه
مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ)[آل عمران: 154].
ثم يمن الله -سبحانه وتعالى- بعد ذلك بالعفو على من تولى في المعركة، ويحذرهم من الحسرة والندم على ما اختاروه من طريق الجهاد والاستشهاد، فيقول -سبحانه-: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ * يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقَالُوا لِإِخْوَانِهِمْ إِذَا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كَانُوا غُزًّى لَوْ كَانُوا عِنْدَنَا مَا مَاتُوا وَمَا قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذَلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ * وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ * فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ * إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ)[آل عمران: 155 - 160].
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:
عباد الله: إن ما يحدث في فلسطين اليوم لهو أمر تتقطع له القلوب حسرة وكمدا، من قهر الرجال، وقتل النساء والأطفال، وتحطيم كل مقومات الحياة، بالقصف والتهجير والحصار الخانق، وإننا على يقين بالله أن هذه البلايا تنطوي على كثير من العطايا، وأن ولادة البهجة لا تأتي إلا بعد مخاض الألم؛ فلن تستحقَّ الأمةُ النصر المبين إلا بعد تقديم التضحيات، والصبر على المنغصات، والنجاح في كل الابتلاءات، عندها سيتميزُ الصف، ويظهرُ الجيلُ الذي يستحق النصر.
وأما ما خسرناه من ضحايا وشهداء، فلا نحزن عليهم كثيرا؛ فهم -والله- في أحسن حال، وخير مآل، وما يسرهم أنهم يرجعون إلينا؛ (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ * الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ * الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ * إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)[آل عمران: 169، 175].
اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ، سَرِيعَ الْحِسَابِ، اهْزِمِ الْأَحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْ اليهود وَزَلْزِلْهُمْ، اللهم نجِّ المستضعفين من المؤمنين في فلسطين، اللهم كن لهم مؤيدا ونصيرا، وظهيرا ومعينا، ربنا أفرغ عليهم صبرا، وثبت أقدامهم، وانصرهم على القوم الكافرين.
عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*هذا بيان للناس أحداث غزة*
*للـشـيخ / راكـان الـمـغــــربي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
عباد الله: يوم شاقٌّ أليمٌ، تقطعت فيه الأشلاء، وبُقِرَت فيه البطون، وترمَّلت فيه النساء، وتيتَّم فيه الأطفال، وكان الأدهى من ذلك كلِّه أن أشرفَ الخلق وخيرَ الورى -صلى الله عليه وسلم- جُرحَ في ذلك اليوم، فشُجَّ رأسُه وجُرحَ وجهُه وكُسرَ سِنُّه، وكاد أن يقتلَه الأشقياء لولا حفظُ الله له؛ إنه يومُ أحدٍ وما أدراك ما يومُ أحد؟.
ذلك اليومُ الذي انهزم فيه المسلمون، فذاقوا عظيمَ البلاء، وعاشوا معاناةَ الفقد والجراح، وبعد هذه الهزيمة صدرَ بيانٌ من أعلى مقام، بيان للناس كافة، يجد المتقون فيه الهدى، ويلتمسون منه البصيرة.
فتعالوا لنتدارسَ هذا البيان، ونتأملَ في هداياته ودلالاته، يقول الله -سبحانه وتعالى-: (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ * وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)[آل عمران: 138، 139]، هذا هو التوجيه الأول: (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)، فلا تكن تلك الهزيمةُ سببا في وهنِكم وضعفِكم، ولا تسمحوا للحزنِ أن يفت من عَضُدِكم؛ فأنتم الأعلى بإيمانِكم والحقِّ الذي معكم.
لئن كسبوا جولة من المعركة نالوا بها حظاً من الدنيا، فإن لديكم ما هو أعلى من كل سقطِ الدنيا ومتاعِها الفاني، معكم الإيمان وكفى به شرفا وعزا، فارفعوا رؤوسكم ولا تخفضوها، واعتلوا واعتزوا إن كنتم مؤمنين.
ثم يقول -سبحانه-: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ)[آل عمران: 140]، فهذه هي سنة الحياة، الحرب سجالٌ بين أهل الحق وأهل الباطل، فتارةً تكون دولةُ الحق، وتارةً تكون دولةُ الباطل، ولكن لماذا؟ لماذا لا يكون الحق هو المنصور دائما في كل آن وكل حين؟!.
يقول -سبحانه-: (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ)[آل عمران: 140]، فالمحن هي التي تظهر الحقائق، فلو كان طريق الحق مفروشا بالورود لسلكه الصادقُ والكاذب، والمؤمنُ والمنافق، أما حين يكونُ محفوفا بالأشواك والشدائد، فعندها يتبين من الذي يسلكه خالصا لله مؤمنا به يبتغي بذلك وجهه، وهو مستعدٌ بأن يضحيَ بكل شيء من أجل رضا مولاه، ومن الذي سيقدم هواه على ربه، ويؤثرُ دنياه على آخرته، فيتنكبَ الطريق، ويرتدَّ عن الهدى.
وحكمة أخرى للبلاء: (وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ)؛ فـ"الشهادة عند الله من أرفع المنازل، ولا سبيل لنيلها إلا بما يحصل من وجود أسبابها، فهذا من رحمته بعباده المؤمنين، أن قيَّض لهم من الأسباب ما تكرهه النفوس؛ لينيلهم ما يحبون من المنازل العالية والنعيم المقيم"(السعدي).
ثم يقول -سبحانه-: (وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ)[آل عمران: 141]، فهذه أيضا من الحكم العظيمة، فإن تلك البلايا تطهر المؤمنين من ذنوبهم، وتغسلهم من خطاياهم، كما أنها تكشف لهم عيوبَ النفس التي تحتاج إلى إصلاح وتزكية، وفي ذات الوقت فإن في التسلط على المؤمنين مهلة للكافرين، وزيادةٌ في أسبابِ التنكيل بهم، وإحلالِ العقوبات عليهم، كما قال -سبحانه- بعد ذلك بآيات عديدة: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ
والأقصى المبارك وفلسطين عامة لن تتحرر من رجس يهود إلا على أيدي: ﴿الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾
والحقيقة القرآنية الخامسة: ففي قوله تعالى ﴿ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ فالانتصار العسكري لا يقاس أبدا بعدد القتلى من الفريقين! فإن الله وصفَ إحراق أصحاب الأخدود عن بكرة أبيهم: بالفوز الكبير، وقال تعالى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قُتِلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ ﴾ كما جاء ذلك في قراءة ثابتة ﴿ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾
وتاج هذه الحقائق يا مسلمون: هي الحقيقة القرآنية السادسة: ﴿إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِين﴾ ثمة غاية من هذه الابتلاءات والحروب، وهي تمييز الصفوف: ﴿وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا﴾ فيميز الله المؤمنين بصبرهم وثباتهم وصلابة عقيدتهم وقوة إيمانهم، ثم أيضا ﴿وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ﴾ فالشهادة كرامة من الله واصطفاء ، وما من مؤمن صادق الإيمان إلا وهو يرجوها ، ويسأل الله أن ينالها
عباد الله: ليس المقصود هنا حصر الحقائق القرآنية التي ظهرت في هذا العدوان الصهيوني الأخير ، ولكن المراد لفتُ النظر إلى ضرورة مرجعية القرآن في حياة المسلمين، وبث مزيد من السكينة والرضا واليقين
فهنيئاً لمن كان ولاؤه للإسلام والمسلمين، وبراءته وعداوته وبغضه للكفر والكافرين ! فوِلَايَةُ الْمُؤْمِنِ لِلْمُؤْمِنِ مِنْ أَوْثَقِ عُرَى الْإِيمَانِ، وَهِيَ مِنْ دَلَائِلِ سَلَامَةِ الْقَلْبِ وَصَلَاحِ اللِّسَانِ؛ فَلَا يَنْطِقُ فِي الْمُؤْمِنِينَ إِلَّا بِخَيْرٍ، وَمَهْمَا أَخْطَأَ الْمُؤْمِنُ فَإِنَّ الْوِلَايَةَ لَا تَزُولُ عَنْهُ إلا بخروجه مِنْ دَائِرَةِ الْإِسْلَامِ؛ {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ}
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:
أيها المسلمون وختام هذه الحقائق القرآنية قوله تعالى : (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ، وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا، جَاءَهُمْ نَصْرُنَا، فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ)، فلا يأس من روح الله، والنصر قادم بإذن الله
فهذه رسائل قرآنية واضحةٌ المعالم، بينة الألفاظ ، تكرر في القرآن كثيرا لتؤكد: أن الباطل مهما انتفخ وانتفش وعظم فإن له يوما لا محالة زائل ، وأن الصراع بين الحق والباطل مهما امتد أجله، فإن العاقبة للمتقين..
وأن للمستضعفين يوما ينصرهم الله ، متى ما حققوا أسباب النصر والتمكين. ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ المُؤْمِنِين﴾ ، وأنَّ لِلطُّغَاةِ الكفرة المعتدين يوما مِنْ أَيَّامِ اللَّـهِ يكْتَبُ فِيه ذُلّهمْ، وَتَهْوِي فِيه عُرُوشُهُمْ، وَتَتَمَزَّقُ فيه دُوَلُهُمْ، ولن ينفعهم فيه قُوَّتُهُمْ وَجَمْعُهُمْ ، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله" ..
أيها المسلمون.. إن أخطر ما يصيب الأمة الإسلامية هو روح الهزيمة النفسية، وسوء الظن بالله ، فيظنون أن الله لا ينصر دينه، ولا ينتقم لعباده ، وأن الله كتب الهزيمة على المسلمين أبد الدهر!
وإننا والله على ثقة بنصر الله لعباده المؤمنين (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ))
كما أننا على يقين بأن دولة الباطل قرب زوالها وما هذه الجرائم والفظائع إلا إرهاصات بزوالها
فابشروا أيها المسلمون فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيراً كثيراً فإن الآمال تولد في رحم الآلام
فهذه الجرائم والفظائع جيشت في النفوس العداوة والبغضاء ، وحركت الألسن في المؤمنين بالدعاء ، وكم من دعوة صادقة خرجت من رجل صالح مظلوم مكلوم في جنح الظلام ، ودعوة المظلوم لا ترد
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
قال مجاهد ابن جبر كانت المرأة في الجاهلية تخرج وتمشي بين الرجال بين أيدي الرجال فذالك تبرج الجاهلية الأولى.
وقرنَ في بيوتكنّ،، وقد ذكر الإمام الشوكاني وغيره من أهل العلم عند هذه الآية أن محمد ابن سيرين رحمة الله عليه قال، أنبت أن سؤدة بنت زمعة وهي زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ورضي الله عنها قيل لها لم لا تحجين وتعتمرين كما تفعل أخواتكِ فقالت لقد حججت وأعتمرت وقد أمرني الله أن أقر في بيتي ووالله لا أخرج من بيتي حتى أموت.
قال محمد ابن سيرين فأنبت أنها لم تخرج من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها،،*﴿وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ ٱلْأُولَىٰ﴾*
ومن الآيات العظيمة في الحجاب وتحريم التبرج قول ربنا تبارك وتعالى *﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَٰتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَٰرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ﴾*
تأملواْ هذه الآية كيف أمر الله عز وجل المؤمنات بغض الأبصار *﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَٰتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَٰرِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ﴾* والمراد بقوله،، ولا يبدين زينتهنَّ،، أي مواضع الزينة وذالك كالساقين حيث موضع الخلخال وهكذا كالذراعين كالكفين والذراعين حيث ذالك موضع الحناء في الكفين وهكذا أيضاً يوجد من الأساور ومن الخواتم في يد المرأة ما تدعواْ بذالك إلى فتنة الرجال.
كذالكم أيضاً ولا تظهر المرأة لا تبدي أيضاً شعرها الرأس لوجود شعرها، وهكذا أيضاً يوجد الكحل في عينيها ويوجد أيضاً كذالكم الأقراض في أذنيها، كذالكم أيضاً لا تظهر زينتها أيضاً كالعنق والصدر حيث محل السخاب والقلائد *﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ﴾* ومعنى إلا ما ظهر منها،، أي تبدي ذالك لضرورة كأن تتناول شيء بيدها أو أن تظهر واحدة من عينيها أو الإثنتين لضرورة عند أن تنظر أمامها يوم أن تمشي.
نعم أيها الأخوة " وقال بعض أهل العلم،، إلا ما ظهر منها،، كالثياب وذالك كالخمار والعباءة ولهذا يقول سبحانه بعد هذه الآية *﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ﴾* تقول عائشة رضي الله عنها كما صح ذالك عند أبي داوود أنها قالت: « يرحم الله المهاجرات ونساء المهاجرات الأول لما نزلت هذه الآية *﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ﴾* قالت أخذن وفي رواية في البخاري شققن أخذن أكسف مروطهن أي الشيء الثخين والغليظ والمراد بالمرط الكساء،، أخذن أكسف مروطهن فاختمرنّْ بها أي غطين وجوههن بالحجاب الغليظة الثخينة امتثالاً لأمر الله *﴿وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ﴾*
اليوم المرأة تخرج سافرة متبرجة متعطرة وربما أصابت بخوراً وخرجت أمام الرجال فيشم الرجال رائحتها ويحصل بذالك الفتنة العظيمة لها ولغيرها من شباب الإسلام.
ولهذا روى الإمام مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « أيما امرأة أصابت بخوراً فلا تشهد معنا العشاء الآخرة »
وعند الإمام أحمد بإسناد صحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدواْ ريحها فهي زانية أي عند الله تعالى »
أيها الأخوة الأكارم " حال النساء في هذه الأيام إلا من رحم الله رب العالمين كما قال القائل.
لحد الركبتين تشمرينَ.
بربك أين نهر تعبرينَ.
كأن الثوب ظل في صباحٍ.
يزيد تقلصاً حيناً فحينَ.
تظنين الرجال بلا شعورٍ.
لأنكِ ربما لا تشعرينَ.
وكما قال البيحاني رحمه الله تعالى في كتابه إصلاح المجتمع قال: ذهب الحياء من النساء
فإنك لا ترى غير ذات عفاف.
وتسير عابثةً بكل فضيلةٍ
وتشير بالأجفان والأطراف.
لبست من الأثواب ثوباً فاضحاً.
فغدت تميس بثوبها الشفافِ
يحكي عجيزتها ويحكي صدرها.
ويبين منها أي هذا الثوب.
ويبين منها كل شيء خافي.
اسأل الله بعزته وجلاله وأسمائه وصفاته أن يثبتنا وإياكم على الكتاب والسنة حتى نلقاه أقول ما سمعتم وأستغفر الله.
*الـخـطـبـة الـثـانـيـة*
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وخليله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
عباد الله " لقد بالغ الإسلام في التحذير من التبرج حتى قرن التبرج بالشرك بالله رب العالمين وبالزنا وبالسرقة وغير ذالكم من الذنوب.
روى الإمام أحمد في مسنده من حديث عبدالله ابن عمر ابن العاص رضي الله تعالى عنهما أنه قال: جاءت أميمة بنت رقيقة تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم « أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئاً ولا تسرقي ولا تزني ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجيلك ولا تقتلي ولدك ولا تنوحي ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولى »