الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة المتخصصة بالخطـب والمحاضرات 🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه •~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~• للتواصل مع إدارة القناة إضغط على الرابط التالي @majd321
أشخاصاً قد يأتي من ورائهم الشر لكن لا يعمم هذا الفهم ولا يحكم على كل صالح بأنه من هذا الصنف وأنه على هذا السير لا.
الله لا يزال يغيض لدينه ويغيض لعبادته ولمن يقوم بشرعه من يشاء من العباد فالله ليس تاركاً دينه وليس تاركاً من يكون من الصالحين في عباده فالحذر ثم الحذر أن الشخص يكون محارباً للفقراء والمساكين لا سيما أن كانواْ صالحين.
كذالك أيضاً قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله العبد لابد له من رزق قال فإن طلبه من الله صار عبداً لله وفقيراً إليه ونال ماعند الله وإن طلبه من مخلوق صار عبداً لذالك المخلوق وفقيراً إلى ذالك المخلوق أعاذك الله يا مسلم أن تستعبد بسبب طلب الرزق عندما تنحرف في طلبه.
اطلبه من مولاك اطلبه من الغني الحميد، اطلبه ممن يقول لشيء كن فيكون تعرف على ربك واستقم على شرعه وعلى دينه تجد ما عنده من الأرزاق المعنوية من الإيمان والأعمال الصالحة والمعارف بالله وبدين الله وبشرعه وهكذا تجد الأرزاق النافعة من أنواع الحلال وصنوف الملذات التي تسعد بها حتى تخرج من هذه الحياة.
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى.
اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته ولا هماً إلا فرجته ولا ديناً إلا قضيته ولا عدواً إلا قصمته.
اللهم عليك بإعداء الإسلام.
اللهم عليك بإعداء الإسلام.
اللهم عليك بإعداء الإسلام.
اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا ترده عن القوم المجرمين.
اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة الأعداء.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
الحلال وإنما الزهد في الدنيا أن تكون فيما عند الله أوثق مما في يدك فالأرزاق التي بأيدي الناس والأملاك التي يمتلكها الناس معرضة لسلب والنهب والفناء والنفاد والتغير والفساد إلى غير ذالك لكن من كان واثقاً بما عند الله فإن الله عز وجل يمده بالأرزاق رزقاً بعد رزق حتى يلقى الله ويأتي الرزق في الآخرة الذي هو أجل الأرزاق وأعظمها وأبقاها وأدومها أنظر ما أكرمك على الله.
يا أيها المسلم الكريم لو كنت واثقاً بأن مافي خزائن الله أنفع لك عند الله وأنفع لك في نيل الأرزاق في دينك ودنياك وقد فسر المفسرون هذه الآية *﴿ مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ ﴾* أن ما عند الله شامل مافي خزائنه من الأرزاق وهذا في الأرزاق الدنيوية وشامل الأرزاق الأخروية فالأرزاق مستمرة أبد الأبدين الأرزاق من الله مستمرة أبد الأبدين لا تنقطع إذا مات المؤمن إنتهى رزقه الذي قسم له في هذه الحياة واستقبل رزقاً آخر في الحياة البرزخية وهو من أرزاق الآخرة وهو من نعيم الجنة فإذا دخل الجنة تنعم بالرزق الأبدي السرمدي وهو النعيم الأكبر في الآخرة فكن يا عبدالله واثقاً بما عند الله، لا تكن واثقاً بما في يدك فضلاً أن تكن واثقاً بما في يد غيرك.
فإن المؤمن لا يحتاج أن يتعلق بمخلوق فإن من أعطاك اليوم قد يمنعك في الغد ومن أعطاك اليوم قد يعجز أن يعطيك ومن أعطاك اليوم قد ينقلب عليك في الغد لكن إن كنت واثقاً بالله فخزائن الله ملأى كن واثقاً بالله راجياً ما عند الله طامعاً بما في خزائنه كن على هذا تنتفع بذالك إنتفاعاً عظيماً، ومن الثقة بالله على سبيل المثال.
ما أخرجه الإمام البغدادي رحمه الله في تاريخ بغداد وهي قصة صحيحة أن عفان ابن مسلم الصفار وهو من أهل الحديث طلب من قبل الخليفة امتحن في القرآن فجئ به إلى الخليفة فقيل له ما تقول في القرآن لأنه طلب أنه يقول القرآن مخلوق والقرآن كلام الله ليس بمخلوق فقال لهم القرآن كلام الله قالواْ سيقطع رزقك وكان يعطى له في الشهر ألف درهم وكان معه في بيته أربعون نفساً فلما قالواْ له هكذا قال لهم *﴿ وَفِى ٱلسَّمَآءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾* فقطع رزقه فرجع إلى بيته فلامه أهله وأولاده قالواْ معك أربعون نفساً فكيف تصنع بهم وفي القصة أن داقاً دق الباب فإذا برجل زيات يبيع الزيوت فإذا برجل زيات قد جاء بمال وعاء وقدره ألف درهم ثم قال يا عفان ابن مسلم ثبتك الله كما ثبت الدين هذه لك في كل شهر فالمسلم إذا انسد عنه باب من أبواب الرزق لا ييأس الرزاق حي لا يموت لا ييأس خزائن الله ملأى الله عز وجل هو المتصرف في العباد والمدبر أرزاقهم والمتكفل بأقواتهم لا يدخل فيه الشك ولا يدخل فيه اليأس ولا يضحي بدينه من أجل أن يتحصل على لقمة العيش.
وكذالك أيضاً من أعظم مفاتيح الأرزاق التوكل على الله وما معنى التوكل على الله عز وجل معناه أن يعتمد قلب العبد على الله لا على نفسه ولا على ذكائه ولا على حيلته وإنما يعلم أن الله هو القوي العزيز الذي يوصل إليه الرزق كيف شاء.
روى الإمام أحمد وغيره من حديث عمر ابن الخطاب أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:﴿ لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدواْ حماصاً وتروح بطاناً ﴾ أي تغدواْ جايعة وتروح وقد شبعت ونالت رزقها سهل الله رزقها وما ضيعها الله ويعيطها ربك رزقاً بعد رزق حتى تفنى من هذه الحياة فهكذا المتوكل على الله حق توكله يرزقه الله من حيث لا يحتسب كما رزق الطير وغيره من أنواع الحيوانات أين أنت من التوكل على الله.
قال ابن منظور رحمه الله المتوكل على الله الذي يعلم أن الله كافل رزقه وأمره فلا يحتاج إلى الركون على غيره وإلى طلب الرزق من غيره.
وهكذا ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح رحمه الله قال التوكل على الله اعتقاد أنما قاله الله حق *﴿ ۞ وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِى ٱلْأَرْضِ إِلَّا عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا ﴾* أيرزق الله الكلاب والحيوانات ويترك عباده المؤمنين إحذر أيها المؤمن أن يدخلك ما يريده الشيطان من الوساوس عياذاً بالله.
كذالك أيضاً الدعاء بطلب الرزق وفي تيسير الرزق وفي حصول الرزق إذا ضاقت عليك المضائق ولم تنل رزقك فمعك رب يستجيب دعائك فتضرع بين يديه وأقبل عليه واضطر إليه إلى ما عنده سبحانه وتعالى وسأذكر هذه القصة التي ذكرها ابن المبارك في الزهد وذكرها يعقوب ابن سفيان في المعرفة والتاريخ وصححها الإمام الذهبي رحمه الله أن صلة ابن أشيم هو من التابعين من فضلاء التابعين قال كنا في زمان فيوض الماء قال وكنت راكب على فرسي فاستمريت يومي فلم أجد شيئاً آكل فأشتد جوعي قال فلقيت علجاً أي كافر يحمل شيئاً فقلت له يا فلان أطعمني قال نعم إن شئت ولكنه شحم خنزير قال فقلت له لا حاجة لي فيه، قال: فلقيت آخر فقلت له يا فلان أطعمني فقال إنه رزقي لأيام إن أعطيتك نقص فأصابني الجوع قال فتركته ومشيت قال ثم قلت مالي لا أدع الله عز وجل فنزل ودعا الله عز وجل وتضرع إلى الله وعاد إلى فرسه فبين ماهو ماشياً سمع وجبة خلفه أي صوتاً
تريد أن تلتذ بالدنيا تريد أن تكون الدنيا هنية لها مذاقها وحلوة عندك أهنها وإلا أهانتك، كم من صالح أهانته الدنيا وسلبت صلاحه، كم من مؤمن أهانته الدنيا وسلبت إيمانه، كم من مسترشد أهانته الدنيا وسلبت رشده.
يا أيها الناس : شأن الدنيا خطير جدا، من أجل ذلك جاء التحذير من الله سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (9)}[المنافقون:9].
هذه خسارة، ليست الخسارة أن تخسر الدينار والدرهم، ليست الخسارة أن تخسر الملبس الحسن والنعل الحسن، ليست الخسارة أن تخسر المركب الحسن، ليست الخسارة أن تخسر الجاه، ليست الخسارة أن تخسر المنصب، الخسارة أن تخسر دينك،
أن تخسر آخرتك، أن تخسر الباقية من أجل هذه الفانية، من أجل ذلك حذرك الله سبحانه وتعالى، قال الإمام الحسن البصري عليه رحمة الله وكان من أفقه الناس في شأن هذه الحياة، كان من أفقه الناس من التابعين في شأن هذه الحياة عليه رحمة الله، يقول عليه رحمة الله : المؤمن في الدنيا كالغريب، هذا هو يا عبد الله المؤمن في الدنيا كالغريب لا يأنس لعزها، ولا يحزن لذلها، الناس في شأن وهو في شأن، الناس في شأن وهو في شأن هذا هو المؤمن، هذه علامة الإيمان، وهذه حياة المؤمن، هذه غربته، المؤمن في الدنيا كالغريب إذا رأيت الرجل في الدنيا لا يكون على هذه الحالة فهذا من ضعف إيمانه، المؤمن في الدنيا كالغريب لا يأنس لعزها لا يفرح بزيادتها لا يتطلع إليها ولا يحزن لذلها، نقصت لا يحزن، زادت لا يبالي، الناس في شأن وهو في شأن، الناس في شأن انظروا إلى الناس أين هم؟ ما هو شأنهم؟ زاد الدولار نقص الريال غلت الأسعار ضاقت الأمور اشتد الجوع غلت السلع هذا شأن الناس، شأنهم أيضاً في اللعب فاز الفريق الفلالي، ذهب الفريق الفلالي، ذهب المنتخب ورجع المنتخب، هذا حال الناس في اللعب، هذا حال الناس عند الشاشات والأفلام والمسرحيات والمضحكات، الناس شأنهم من يضحكهم الآن، الناس شأنهم من يلهيهم الآن، والمؤمن في شأن، المؤمن مع ذكره، المؤمن مع عبادته، المؤمن مع طاعته لربه، المؤمن مع هذا العلم النافع، يقبل على المتون يحفظها، يقبل على القرآن يحفظه، يقبل عليه يراجعه، يقبل على العلم الشرعي يتعلمه، يرفع الجهل عن نفسه، ويرفع الجهل عن الناس، الناس في شأن وهو في شأن، هو في شأن الخير والناس في صروف الحياة، وفي همومها، وفي أخبارها، حول نشرات الأخبار، وحول البحث عن ما جد وما يستجد وما يحصل وما قد حصل وهو في شأن، هذا شأن المؤمن، قال الإمام الحسن البصري رحمه الله تعالى: ذهبت المعارف وبقيت المناكر ومن بقي من المسلمين فمغموم، هذا حال المؤمن، وهذه غربته هو في غم ينظر إلى الأشياء المنكرة ينظر إلى انتشار المنكرات ينظر إلى انتشار التبرج والسفور، ينظر إلى انتشار المحرمات، ينظر إلى انتشار المعازف، ينظر إلى انتشار قطعة الرحم، ينظر إلى انتشار العقوق، ينظر إلى انتشار البدع، ينظر إلى انتشار الشرك والذبح لغير الله، ينظر إلى انتشار الجهل، ينظر إلى انتشار المنكرات الكثيرة وإلى قلة الأمور المعروفة، وإلى غربة أهل الدين، طوبى للغرباء بدأ الإسلام غريبا ويعود كما بدأ غريبا، فطوبى للغرباء، الغربة هي وصف المؤمنين المتبعين للسنة، الغربة هي وصف المتمسكين بطريق السلف يا أيها الناس، لذلك قال عليه الصلاة والسلام كما في حديث ابن عمر :" طوبى للغرباء.
وطوبى معناها أصابوا خيرا الذي أصاب الخير كله هو الغريب، الذي أصاب الخير كله هو الذي تمسك بالسنن، وقد سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن الغرباء فقال صلوات الله وسلامه عليه وهو ثابت بمجموع الطرق، جاء من حديث سعد، وجاء من حديث جابر رضي الله تعالى عنه، وجاء مرسلا، وهو بمجموعه ثابت، وجاء موقوفا بإسناد حسن عن عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنه في وصف الغرباء قال:" هم الذين يصلحون إذا فسد الناس.
هذا هو الغريب طوبى له، طوبى له، طوبى لكم يا معاشر الغرباء، يا معاشر أهل السنة يا طلاب العلم ويا أهل الحديث طوبى لكم، طوبى لكم إن صدقتم وأخلصتم في اتباعكم لنبيكم صلى الله عليه وسلم، وتقفركم للعلم وحفظكم، وتعلمكم وتعليمكم طوبى لمن كان هذا شأنه، المؤمن في الدنيا كالغريب لا يأنس لعزها ولا يحزن لذلها، الناس في شأن وهو في شأن.
أسأل الله بمنه وكرمه وعفوه وإحسانه أن يوفقنا وإياكم للزوم طريق الغرباء، للسلوك درب الغرباء، للزوم طريق أهل الحديث وأهل السنة، أسأل الله بمنه وكرمه أي يثبتنا وإياكم حتى نلقاه، والحمد لله.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*( عش في الدنيا كأنك غريب)*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
إن الْحَمْدُ للهِ نَحْمَدُه ونستعينُه ، ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ، ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَن يَهْدِهِ اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَن يُضْلِلْ فلا هادِيَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُه ورسولُه .
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًاكَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}[ النساء : 1 ]
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[ آل عمران : 102] .
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا}[الأحزاب : 70 ،71].
أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وإن رآها الناس حسنة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار يا أيها الناس.
من يُطِعِ اللهَ ورسولَهُ فقد رشد، ومن يَعصِ اللهَ ورسولَهُ فقد غوى، ولن يضُرَّ اللهَ شيئًا، وإنما تُوعَدون لآتٍ وما أنتم بمُعجِزين.
أيها الناسُ عباد الله : فقد روى الإمام البخاريُّ رحمه الله تعالى في صحيحه، من حديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه، أنه أخذَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بمنكِبِه فقال لعبد الله واعِظًا له موعِظةً بليغة جامعةً نافعة :" كن في الدنيا كأنك غريب أو عابِر سبيل.
كن في الدنيا كأنك غريب أو عابِر سبيل، انظُروا يا عباد الله إلى هذا الحديث إلى هذه الكلمات العظيمة، وهذا الحديثُ تفرَّد به البخاري عن مسلمٍ، وهو حديثٌ ثابتٌ من حديث الأعمَش، عن مُجاهد، عن ابن عمر، وقد اختُلِفَ في سماع الأعمَش عن مُجاهد هذا الحديث واختارَ الإمام البخاري تحقُّق السماع، وبعض أهل العلم يذهبُ إلى غير ذلك وهذا لا يضر لترجيح إمام أهل الحديث صحة السماع، وأيضًا لمجيء الحديث من طريقٍ أخرى، فالحديثُ قد رواه النسائي وأحمد من طريق الأوزاعي عن عبده بن أبي لُبابة، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنه وهو يُقوِّي ويَعْضُد ما تقدَّم وللحديث طريقٌ أخرى، حديثٌ عظيمٌ مبارك، حديثٌ عظيمٌ مبارك كلماتُه قليلة ونافعة كن في الدنيا كأنك غريب أو عابرُ سبيل، وكان عبد الله رضي الله تعالى عنه يقول:" إذا أصبحتَ فلا تنتظر المساء، وإذا أمسيتَ فلا تنتظر الصباح، وخذ من صحتِك لسقامِك، ومن حياتِك لموتِك.
انظُروا يا عباد الله كيف انتفع عبد الله ابن عمر رضي الله تعالى عنه بموعِظة النبي عليه الصلاة والسلام له، النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بمنكبه تلطُّفًا وترفُّقًا به، وأيضًا حتى يلتفتَ إليه وينجمِع قلبُه على ما سيلقِيه إليه من الوعظ النافع، فاستمعَ والتفتَ بقلبِه وجوارِحَه لكلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم، كن في الدنيا كأنك غريب أو عابِرُ سبيل، وأو هنا ليست للتخيير بل أو هنا أو للانتقال وللإضراب كن في الدنيا كأنك غريب، إن كنت تطيق أرفع من ذلك فكن كأنك عابِرُ سبيل فهذا أرفع وهذا أكرم في المنزلة، فهذه المرتبة هي التي اختارها النبي صلى الله عليه وسلم لنفسه أنه في هذه الدنيا كعابِر سبيل صلى الله عليه وآله وسلم، ولذلك يا عباد الله في حديث ابن مسعود وابن عباس قال صلى الله عليه وآله وسلم:" إنما مثلي ومثل الدنيا كرجل قام بأصل شجره ثم راح وتركها، ثم راح وتركها هذا هو حال النبي عليه الصلاة والسلام عابِرُ سبيل، فغربة عابِر السبيل أشد من غربة الرجل، الذي يعيش في بلد الغربة لربما اتخذ سكناً لربما يأوي إليه ويكون له فيها الجار والصاحب، ويكون له فيها المال والمتاع، لكن عابِر السبيل لا يرتاح لحظة ولا يسكن فيها لمحة، بل هو لا يزال ينتقل ويسير في سفره حتى يبلغ مقصده الذي يقصده، وأنت يا عبد الله إلى ربك في سفر، أنت يا عبد الله إلى ربك في سفر إياك إياك أن تستوطن هذه الدار التي ملئت بالأكدار، وملئت بالأتعاب، وملئت بالأسقام، وملئت بالفتن، وملئت بالشرور، ولا ينجو منها ومن لعنتها إلا من وفَّقه الله، الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه أو عالمًا أو متعلمًا، وهذا الحديث ثابتٌ عن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم.
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ* (8)}
مثقال الذَّرَّةِ مما عملتَهُ من الخيرِ تراه، ومثقال الذَّرَّةِ مما عملتَهُ من الشَّرِ تراه
فعندئذٍ تخجل وتندم وتتفاجأ أنَّ كلَّ شيءٍ كان مُسَجَّلًا عليك، الصغيرة قبل الكبيرة، التي لم تُبالِ بها، ولم تَتُبْ منها، الآن هي مُسَجَّلَة.
{ *وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا* (49)} سورة الكهف.
وحينها ستندم في يومٍ لا ينفع فيه الندم، بلْ وَلَاتَ حينَ مَنْدَم.
أما الآن في الدنيا، فما دام أنَّك رأيتَ نفسَكَ حُرًّا { *اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}*
في هذه الآية: { *اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* } قولُه: { *اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ* } الأمر هنا للتهديد، والوعيد الأكيد الشديد من الله سبحانه وتعالى، وكفى بهذا هيبةً أن يصدر هذا التهديد والوعيد من الله الملك العزيزِ الجبارِ ذي البطش الشديد.
أيها الإخوة المؤمنون:
*كثيرون منا الآن يخافون من المَحَاكم ومن النِّيَابات* ومن التحقيقات والمُسَاءَلات، ويخافون ومن السجون والإهانات.
هذا يخافُه فقط إنْ وُجِدَ المطالبون الذين يغلبونه في القضاء، أو في دُورِ الشرطة أو غيرها فترى هذا الخائف من المُطالبين يَكُفُّ عن الظُّلْم وعن أخْذِ الحُقوق، وعن أذى الآخرين وظُلْمِهم؛ لأنه ليس له طاقةٌ بهم.
أما إِنِ انْعَدَمَ المُطَالِب، وتخَلَّى المُراقِب، فستراه حتى رُبَّما يرى القتل سهلًا، فقد يقتل البريء ظلمًا وعدوانًا، ويحسب أنه قد تخلَّص من خَصْمِه، وينسى الخصْمَ الأكبر الذي لا يتساهل بالحقوق والدماء والأعراض وهو الله العلي الكبير ، ففي مسند الإمام أحمد بإسنادٍ صحيح عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ صَلَّى صَلاَةَ الصُّبْحِ فَلَهُ ذِمَّةُ اللهِ ، فَلاَ تُخْفِرُوا اللَّهَ ذِمَّتَهُ ، فَإِنَّهُ مَنْ أَخْفَرَ ذِمَّتَهُ طَلَبَهُ اللَّهُ حَتَّى يُكِبَّهُ عَلَى وَجْهِهِ)، والشاهد من الحديث أنَّ الله يُطالب فإنْ طالَبَ تابَع، وإنْ تابَعَ أَكَبَّ الظالمين على وجوههم.
ولكنَّ الظالم ينسى هذا، وينسى أكبر مَن يُطالب بالحقوق، وهو الله الذي يعقد جلسة المحكمة الإلهية العليا، ويصدر القرار بِزَجِّ القاتل عمدًا وظلمًا في سِجْنِ جهنم، ونَصُّ القرار يقول: { *وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا* (93)} سورة النساء.
ثمَّ مهما كان الظلم يسيرًا أو قليلًا أو نقيرًا أو فتيلًا أو قطميرًا فكلُّ هذا موجودٌ في كتابٍ لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها.
يقول الحسيب الرقيب تبارك وتعالى: { *وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ* } سورة الأنبياء (47).
فقوله: { *وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ* } هذه جملة تعجبية تثير الدهشة من الدِّقَّة الإلهية في الحساب والمُحاسبة، فلا يوجد مَن هو دقيق في الحِساب والمُحاسبة مثل الحسيب الرقيب سبحانه وتعالى، { *ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ* } (62) سورة الأنعام.
فأنت سترى ما عملتَ من خيرٍ أو شرٍّ عند المحكمة الإلهية التي لا تراها الآن ولكنك ستراها عند اللقاء بالله الذي قال: { *فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ* (46)} سورة يونس.
وقال: *{إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (25) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ* (26)} سورة الغاشية.
أيها الإخوة المؤمنون عباد الله:
إننا في الدنيا ننشغل وننسى اللهَ الذين نَرْجِعُ إليه، ويتولى المناقشة والمحاسبة، { *إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ* }.
فهل يا عبدَ اللهِ تريد أن تُخْفِي شيئًا عن الله الذي لا تَخْفَى عليه خافية؟
هل معك الآن حسابٌ مع وريثٍ أو غيره من الناس تخاف أن ينكشف هذا الحساب حتى لا يُطالبك أحدٌبحقٍّ هُوَ لَهْ؟
هل تُخْفِي أوراقًا ومستنداتٍ كان الإخفاءُ لها مُسَاعِدًا للباطل ومُبطلًا للحق؟
هل تُخْفِي حقوقًا للخلق، ولم تُبَرِّئْ ذِمَّتَكَ منها؟
فاعلم أنك لو كنتَ ممن يفعل ذلك، فوالله إنه سيأتي اليوم الذي تنكشف فيه كلُّ المَخْفِيات، يقول تعالى عن يوم القيامة في سورة الطارق: { *يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ* (9)}.
ولهذا كان الصالحون يبتعدون عن الغفلة التي تُنْسِيهِم رَبَّهم ولقاءه.
فقد قيل لأُويس القَرَنِي: كيف أصْبَحْتَ؟ فقال: "في عُمْرٍ ينقُصُ وذُنوبٍ تَزِيد".
وقيل لمحمد بن واسع: كيف أصْبَحْتَ؟ فقال: "ما ظنُّكَ برجلٍ يَرْتَحِلُ إلى الآخرة كلَّ يومٍ مَرْحَلة.
إذا أنْتَ لَمْ تَزْرَعْ وأَبْصَرْتَ حَاصِدًا نَدِمْتَ على التَّفْرِيطِ فِي زَمَنِ الزَّرْعِ.
يا مَــنْ تَمَتَّـــعَ بالدُّنْيَا وزِينَتِهَا ولا تَنَامُ عَنِ اللَّذَاتِ عَيْنَاهُ
شَغَلْتَ نَفْسَكَ فيمَا لَيْسَ تُدْرِكُهُ تَقَــولُ لِلهِ مــاذَا حِينَ تَلْقَاهُ
هَبْ أَنَّكَ قد مَلَكْتَ الأرضَ يومًا وَدَانَ لكَ العبادُ فَكَانَ مَاذَا
ألَسْتَ تَصِيرُ فِــي قَـبْـرٍ ويَحْــثُو عَلَيْكَ التُّرابَ هَذَا ثُمَّ هَذَا؟
يا كثيرَ السيئات، غداً تَرَى عَمَلَك، ويا هَاتِكَ الحُرُماتِ إلى متى تُدِيمُ زَلَلَكْ؟
أمَا تعلمُ أنَّ الموتَ يسعى في تبديدِ شَمْلِك؟ أمَا تخافُ أن تُؤْخَذَ على قبيحِ فِعْلِك؟
واعَجَبًا لكَ مِنْ راحلٍ تركْتَ الزاد في غَيرِ رَحْلِكْ!!
أين ذكاؤُك ويَقَظَتُك وتدبيرُ عقْلِك؟
أمَا بارزْتَ بالقبيحِ؟ فأينَ منك الحَزَنْ؟ أمَا علمْتَ أنَّ الحقَّ يعلم السِّرَّ والعَلَنْ؟ ستعرفُ خبَرَك يوم ترحلُ عن الوَطَنْ، وسَتَنْتَبِهُ مِن رُقَادِكَ ويزولُ هذا الوَسَنْ.
فما لَكَ لَيسَ يَعملُ فيكَ وَعْظٌ ... وَلا زَجْـــرٌ، كأْنَكَ مِنْ جَمَادِ
سَتَنْدَمُ إنْ رَحَلْـتَ بغيـــرِ زَادٍ ... وتَشْقَى، إذْ يُناديكَ المُنادِي
فَلا تَأمَــنْ لِذِي الدّنْيا صَلاحًا ... فإنْ صَلاحَــها عَينُ الفَسَادِ
ولا تَفْــــــرَحْ بِمَـــالٍ تَقْتَنيــهِ ... فإنّكَ فِيهِ مَعْكُـــوسُ المُرادِ
وتُبْ مِمِّــا جَنَيتَ، وأنْتَ حَيٌ ... وكُـــنْ مُتَنَبّهًا، قَبلَ الرّقــادِ
أتَرْضَى أنْ تكونَ رفيقَ قَـومٍ ... لُهــــمْ زَادٌ وأنْتَ بِغَــيرِ زَادِ
ولكنَّ رحمةَ الله تنظر إلى الشاردين هؤلاء فَتَدْعُوهُمْ إلى التوبة والرجوع إلى الله صباحَ مساء:{ *قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ* } سورة الزمر(53).
أيها الإخوة المؤمنون عبادَ الله:
قد عرضْنا موقف المسلم الموقن بلقاء ربِّه من مرور الأعوام عليه، ثم عرَضْنا موقف المسلم الغافل عن الله وعن لقائه.
*أما موقف الجاحد بالله الذي يُنْكر الرجوع إلى الله* فإنه عندما يشعر بأن عاماً مضى من حياته، وأنَّ عاماً جديداً أقبل، فإنَّه حين يخلو إلى فكره فإنَّ شعوره يُلِحُّ عليه بأنه ازْدَادَ قُرْبًا من ساعة الاخْتِنَاق ، وازْدَادَ قُرْباً من الجدار المُغْلق في نهاية النَّفَق الذي يسير فيه، وازْدَادَ تَصَوُّرًا لانْقِطَاعِه عن مُتَعِ الدنيا التي يتقلب فيها، وشعوراً بأنه عما قريب سيُزَجُّ به في وادي العَدَم، ومن ثَمَّ فإنه حين يشعر بأنَّ عاماً كاملاً انْسَلَخَ من حياته، وأنَّه اتَّجَهَ إلى عامٍ جديد ، فإنَّه يشعر بالأسى، ويشعر بالهَمِّ والحُزْنِ الدائم، ومن ثَمَّ فهو ينظر إلى هذه المُتَع كلِّها بعين الحسرة، وبعين الأَلَم، ولأنه يعلم بأن حياته ستنتهي فهو يُعَوِّضُ عن ذلك بالمُتَع والملذات والزنا والخمر والنزهات والاستراحات والمناظر والمباهج لكي ينشغل عن النهاية المُفجعة له، ولكي يَنْسَى أنَّه عما قريب سيصل إلى نهاية الرحلة في هذه الدنيا التي لا يفكر أنَّ بعدها حياةً أخرى.
هذا هو بكل دقة فَرْقُ ما بين حال الإنسان المؤمن بالله، والموقن بلقاء الله، والإنسان التائه الذي لا يعلم مَعْنًى لِرِحْلَتِهِ في فِجَاجِ هذه الحياة الدنيا، ولا يُدْرِكُ أيَّ قِيمةٍ لِقول الله عز وجل: { *قُلْ يَتَوَفّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ}* [السجدة: 11].
أما نحن معاشر المؤمنين فإنَّ المِنْهَاجَ الذي عَرَفْناه ، وهو المِنْهَاجُ الذي آمَنَّا به وأَيْقَنَّاه، وعَرَفْنا قِصَّةَ هذه الحياة الدنيا من أَوَّلِها إلى النهاية الأولى فيها ، ثم إلى النهاية الأخرى من بعدها ، عرفنا ذلك كله ، ومن ثَمَّ فإننا - نحن المؤمنين - بخير بحمد الله على كل حال، روى الإمام مسلم من حديث صُهَيْبٍ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ، فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ، صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ»
هكذا يصف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم المؤمن، أي المُوقن بلقاء الله، العالم بمنهاج رحلته في فِجَاجِ هذه الحياة الدنيا.
أسأل الله عز وجل بمنه وكرمه أن يمن علينا بالهداية اللهم اهدنا اللهم اهدنا اللهم اهدنا، اللهم تب علينا اللهم تب علينا اللهم تب علينا
اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من الآيسين اللهم أغثناً اللهم أغثناً اللهم أغثنا اللهم اسقنا غيثاً مغيثاً مريعاً سحاً طبقاً عاجلاً غير رائث، اللهم اسق عبادك وإمائك وبهائمك وأحيي أرضك الميت، اللهم هب مسيئنا لمحسننا اللهم هب مسيئنا لمحسننا ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، اللهم اغفر لنا أجمعين اللهم اغفر لنا ولآبائنا وأمهاتنا وإخواننا المسلمين الأحياء منهم والميتين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين واخذل أعداء الدين اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين اللهم احقن دماء المسلمين واجمع كلمتهم على الحق المبين اللهم احقن دماء المسلمين واجمع كلمتهم على الحق المبين وافرج عنا ما نحن فيه عاجلاً غير آجل على الوجه الذي يرضيك يا رب العالمين أقول ما تسمعون والحمد لله رب العامين .
فيظهر الفساد في البر وفي البحر وتموت الحيتان في باطن البحار ويتغير إنتاج البحار من الأسماك بسبب معاصي بني آدم ويظهر الفساد في التجارة والزروع والثمار والصناعات ويظهر الفساد في الإبل والأبقار والأغنام والأولاد والذرية والزوجات ويظهر الفساد في الأسماع والأبصار والقوى ويظهر التغير حتى في الإيمان كل ذلك بسبب الأعمال {ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحرِ بِما كَسَبَت أَيدِي النّاسِ ليذيقهم بعض الذي عملوا }
أي: هذا الفساد الذي يحصل في البر والبحر عقوبة لبعض ما عملوا وانتبه لكلمة (بعض) ولم يقل (كل) ولا (جل) وإنما قال: ب(بعض) ، فله الحمد سبحانه وتعالى الذي عفا عن الكثير وجعل العقوبة بالقليل موعظة لعلنا أن نتذكر أو نرجع { ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون } أي: رجاءَ أن يرجعوا وأن يتوبوا وأن ينيبوا إليه سبحانه وتعالى، وقال جل وعلا : ﴿وَلا تُفسِدوا فِي الأَرضِ بَعدَ إِصلاحِها وَادعوهُ خَوفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحمَتَ اللَّهِ قَريبٌ مِنَ المُحسِنينَ﴾ [الأعراف: ٥٦]
انتبه لهذا المعنى العظيم في هذه الآية المباركة (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) ما هو الإصلاح الذي حصل لها ؟ ويطلب منا أن لا نفسد فيها بعد أن أصلحها
المراد أن الله عز وجل أرسل الرسل فنهى عن الشرك وأمر بالتوحيد وحرم الربا وأمر ببر الوالدين وحرم العقوق وأمر بصلة الأرحام ونهى عن القطيعة وأمر بحسن الجوار وأمر بصدق الحديث وأداء الأمانة ورد المظالم إلى أهلها وحرم الغش وحرم الأيمان الفاجرة وحرم الزور إلى غير ذلك
وأمر بالأعمال الصالحة من صلاة وصيام وحج وزكاة وغير ذلك هذه الأحكام الشرعية صلاح الدنيا كلها فيها
فإذا أتى الناس إلى هذه الأحكام الشرعية فوقع أناس في الشرك وعق أناس آبائهم وأمهاتهم وأساءوا الجوار وقطعوا الأرحام ومالوا إلى المكاسب المحرمة ووقعوا في الزنا والخمور والفجور والفواحش وغير ذلك
فخالفوا ما فيه صلاح الدنيا فأفسدوا في الأرض بعد إصلاحها فالله أصلحها بشرائعه التي أمر أن يعمل بها وإذا عمل بشرعه استقامت حياة المسلمين
فعكس ذلك أناس فأفسدوا في الأرض بعد إصلاحها، ويقول جل وعلا : ﴿…إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم وَإِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَومٍ سوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُم مِن دونِهِ مِن والٍ﴾ [الرعد: ١١] وقال جل وعلا : ﴿ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَم يَكُ مُغَيِّرًا نِعمَةً أَنعَمَها عَلى قَومٍ حَتّى يُغَيِّروا ما بِأَنفُسِهِم وَأَنَّ اللَّهَ سَميعٌ عَليمٌ﴾ [الأنفال: ٥٣] هذه الآية فيها بِشارة وإنذار .
المراد: أن الله عز وجل لا يغير ما بالناس من حسن إلى سيء إلا إذا تغير ما بنفوسهم من حسن إلى سيء ولا يغير ما بهم من سيئ إلى حسن إﻻ إذا تغير ما بنفوسهم من سيء إلى حسن، إذاً لابد أن نحسن ليحسن الله عز وجل إلينا قال الله جل وعلا : ﴿هَل جَزاءُ الإِحسانِ إِلَّا الإِحسانُ﴾ [الرحمن: ٦٠]
كثير منا يريد أن يجازينا الله على الإساءة بالإحسان كثير من الناس يريد أن يصلح الله دنياه وهو يتقلب في معاص فيها لعنة الله فربما يتعرض لللعنة كل يوم ويريد أن يعامله الله بالإحسان لست مستعداً أن تعامل ابنك بهذا إذا كان ابنك يسيء إليك ويريد منك أن تحسن إليه كيف سيكون الحال وكثير من الناس يريد أن يبقى على عقوق الوالدين وسوء الجوار وقطيعة الأرحام وقتل النفس المحرمة والربا والزنا والفواحش وسوء المعاملة مع المسلمين إلى غير ذلك ويريد أن ينزل الله له المطر ويريد أن يكثر الله له الرزق ويريد أن يعافي الله بدنه إلى غير ذلك ألا فأحسن يحسن الله إليك، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مبيناً عقوبة على عمل في نظرنا أنه يسير : (لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم في الصلاة إلى السماء أو لتُخطفن أبصارهم).
هذه معصية صغيرة في نظر كثير من الناس أنه يرفع بصره إلى السماء وهو مهدد بالعمى ولا يلزم أن يكون العمى حالاً فقد يحصل له العمى تدريجاً مع الأيام وقال: (أما يخشى الذي يرفع رأسه قبل الإمام ويركع قبل الإمام أن يحول الله رأسه رأس كلب أو رأس حمار). وقال:(لتسوٌّنَّ صفوفكم أو ليخالفنَّ الله بين وجوهكم) يعني: بين وجهاتكم فيكون سبباً للفرقة فهذه معاصي فكيف بما هو أكبر منها هذه معاصي هُدِدَ فاعلوها بالعقوبة فكيف بما هو أكبر منها فمن أراد أن يحسن الله إليه فعليه أن يقدم الإحسان ليجازى على الإحسان بالإحسان.
أسأل الله أن يغفر لي ولكم والحمد لله رب العالمين.
*الخطبة الثانية :-*
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺇﻥ ﺃﺭﺩﺕ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻓﺘﻨﺔ ﻓﺎﻗﺒﻀﻨﺎ ﺇﻟﻴﻚ ﻏﻴﺮ ﺧﺰﺍﻳﺎ ﻭﻻ ﻣﻔﺘﻮﻧﻴﻦ ، ﻭﻻ ﻣﻐﻴﺮﻳﻦ ﻭﻻ ﻣﺒﺪﻟﻴﻦ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ ...
ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﻻ ﺗﺪﻉ ﻷﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻓﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ ﻏﻔﺮﺗﻪ ﻭﻻ ﻣﺮﻳﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﺷﻔﻴﺘﻪ ﻭﻻ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻪ ، ﻭﻻ ﻫﻤﺎً ﺇﻟﻰ ﻓَﺮَّﺟْﺘﻪ ، ﻭﻻﻣﻴﺘﺎ ﺇﻻ ﺭﺣﻤﺘﻪ ، ﻭﻻ ﻋﺎﺻﻴﺎ ﺇﻻ ﻫﺪﻳﺘﻪ ، ﻭﻻ ﻃﺎﺋﻌﺎ ﺇﻻ ﺳﺪﺩﺗﻪ ، ﻭﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻚ فيها ﺭﺿﺎً ﻭﻟﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻼﺡ ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ,...
ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺟﻤﻌﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺟﻤﻌﺎً ﻣﺮﺣﻮﻣﺎً ، ﻭﺗﻔﺮﻗﻨﺎً ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺗﻔﺮﻗﺎ ﻣﻌﺼﻮﻣﺎ ﻭﻻ ﺗﺠﻌﻞ ﻓﻴﻨﺎ ﻭﻻ ﻣﻨﺎ ﻭﻻ ﻣﻌﻨﺎ ﺷﻘﻴﺎً ﺃﻭ ﻣﺤﺮﻭﻣﺎً ,
اللهم لا تخرجنا من هذا المكان إلا بذنب مغفور وسعى مشكور وتجارةٍ لن تبور ..
اللهم إرحم ضعفنا ، وإرحم بكاءنا ، وارحم بين يديك ذلنا وعجزنا وفقرنا ..
اللهم لا تفضحنا بخفى ما أطلعت عليه من اسرارنا
ولا بقبيح ما تجرأنا به عليك فى خلواتنا ،
يا رب إغفر الذنوب التى تهتك العصم،
وأغفر لنا الذنوب التى تنزل النقم ،
واغفر لنا الذنوب التى تحبس الدعاء ،
وأغفر لنا الذنوب التى تقطع الرجاء،
وأغفر لنا الذنوب التى تنزل البلاء ،
يا من ذكره دواء ، وطاعته غناء ، إرحم من رأس مالهم الرجاء ، وسلاحهم البكاء برحمتك يا أرحم الراحمين ...
اللهم إرحم موتانا وموتى المسلمين ،
وإشفى مرضانا ومرضى المسلمين ،
اللهم جدد آمالهم ، وأذهب آلآمهم
اللهم تقبل منا وأقبلنا إنك أنت التواب الرحيم..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝٍ ﻭﻋﻤﻞ،ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﻭﻋﻤﻞ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ، ﻭﻗﻠﻮﺑﺎً ﺳﻠﻴﻤﺔ، ﻭﺃﺧﻼﻗﺎً ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺧﺘﻢ ﻟﻨﺎ ﺑﺨﺎﺗﻤﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﻭﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻤﻦ ﻛﺘﺒﺖ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ، ﻳﺎ ﻛﺮﻳﻢ ﻳﺎ ﺭﺣﻴﻢ.
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺄﻣﺮ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻭﺍﻹﺣﺴﺎﻥ ﻭﺇﻳﺘﺎﺀ ﺫﻱ ﺍﻟﻘﺮﺑﻰ ﻭﻳﻨﻬى ﻋﻦ ﺍﻟﻔﺤﺸﺎﺀ ﻭﺍﻟﻤﻨﻜﺮ ﻭﺍﻟﺒﻐﻲ ﻳﻌظﻜﻢ ﻟﻌﻠﻜﻢ ﺗﺬﻛﺮﻭﻥ،
فاذﻛﺮﻭﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺠﻠﻴﻞ ﻳﺬﻛﺮﻛﻢ، ﻭﺍﺷﻜﺮﻭﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﻌﻤﻪ ﻳﺰﺩﻛﻢ، ﻭﻟﺬﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻛﺒﺮ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻳﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﺗﺼﻨﻌﻮﻥ...
والحمد لله رب العالمين ...
ــــــــــــــــ
ﻗﺎﻝ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠّﻢ -: "ﻭﺃﺗﺒﻊ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﺍﻟﺤﺴﻨﺔ ﺗﻤﺤﻬﺎ"...
ﻟﻴﺤﺎﺳﺐ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻦ ﻓﺮﺍﺋﺾ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺃﺩﺍﺋﻬﺎ.
ﻋﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺨﻠﻮﻗﻴﻦ ﻭﺍﻟﺘﺨﻠﺺ ﻣﻨﻬﺎ.
ﻋﻦ ﺃﻣﻮﺍﻟﻪ ﺍﻟﺘﻲ ﺟﻤﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺟﺎﺀﺕ ﻭﻛﻴﻒ ﻳﻨﻔﻘﻬﺎ...
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ:
ﺣﺎﺳﺒﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻓﺄﻧﺘﻢ ﺃﻗﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﻼﺝ ﻣﻦ ﻏﺪﺍً. ﻓﺈﻧﻜﻢ ﻻ ﺗﺪﺭﻭﻥ ﻣﺎ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﻪ ﺍﻟﻐﺪ...
ﺣﺎﺳﺒﻮﻫﺎ ﻓﻲ ﺧﺘﺎﻡ ﻋﺎﻣﻜﻢ ﻭﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﻳﺎﻣﻜﻢ. ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺧﺰﺍﺋﻨﻜﻢ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺤﻔﻆ ﻟﻜﻢ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ. ﻭﻋﻤﺎ ﻗﺮﻳﺐ ﺗﻔﺘﺢ ﻟﻜﻢ ﻓﺘﺮﻭﻥ ﻣﺎ ﺃﻭﺩﻋﺘﻢ ﻓﻴﻬﺎ...
ﺭﻭﻱ ﺃﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﺧﻄﺐ ﻓﻘﺎﻝ: "ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺃﻥ ﻟﻜﻢ ﻣﻌﺎﻟﻢ ﻓﺎﻧﺘﻬﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻣﻌﺎﻟﻤﻜﻢ. ﻭﺇﻥ ﻟﻜﻢ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻓﺎﻧﺘﻬﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﻧﻬﺎﻳﺘﻜﻢ".
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﻣﺨﺎﻓﺘﻴﻦ: ﺃﺟﻞٌ ﻗﺪ ﻣﻀﻰ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺎﻧﻊ ﻓﻴﻪ. ﻭﺃﺟﻞٌ ﻗﺪ ﺑﻘﻲ ﻻ ﻳﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﺽ ﻓﻴﻪ ،
ﻓﻠﻴﺄﺧﺬ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﻣﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻟﻨﻔﺴﻪ. ﻭﻣﻦ ﺩﻧﻴﺎﻩ ﻵﺧﺮﺗﻪ. ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺸﺒﻴﺒﺔ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻬﺮﻡ ﻭﻣﻦ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻗﺒﻞ ﺍﻟﻤﻮﺕ...
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﺑﻮ ﺑﻜﺮ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻓﻲ ﺧﻄﺒﺘﻪ "ﺃﻧﻜﻢ ﺗﻐﺪﻭﻥ ﻭﺗﺮﻭﺣﻮﻥ ﺇﻟﻰ ﺃﺟﻞ ﻗﺪ ﻏﻴﺐ ﻋﻨﻜﻢ ﻓﺈﻥ ﺍﺳﺘﻄﻌﺘﻢ ﺃﻥ ﻻ ﻳﻤﻀﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﺟﻞ ﺇﻻ ﻭﺃﻧﺘﻢ ﻓﻲ ﻋﻤﻞ ﺻﺎﻟﺢ ﻓﺎﻓﻌﻠﻮﺍ"
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ - ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ - ﻓﻲ ﺧﻄﺒﺘﻪ: (ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﺎﺳﺒﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺤﺎﺳﺒﻮﺍ. ﻭﺯﻧﻮﻫﺎ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻮﺯﻧﻮﺍ ﻭﺗﺄﻫﺒﻮﺍ ﻟﻠﻌﺮﺽ ﺍﻷﻛﺒﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ). ﴿ ﻳَﻮْﻣَﺌِﺬٍ ﺗُﻌْﺮَﺿُﻮﻥَ ﻟَﺎ ﺗَﺨْﻔَﻰ ﻣِﻨْﻜُﻢْ ﺧَﺎﻓِﻴَﺔٌ ﴾ [ﺍﻟﺤﺎﻗﺔ: 18]...
ﻗﺎﻝ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﺴﻠﻒ: (ﻣﺜﻠﺖُ ﻧﻔﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺁﻛﻞ ﻣﻦ ﺛﻤﺎﺭﻫﺎ ﻭﺃﺷﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﻧﻬﺎﺭﻫﺎ ﻭﺃﻋﺎﻧﻖ ﺃﺑﻜﺎﺭﻫﺎ، ﺛﻢ ﻣﺜﻠﺖُ ﻧﻔﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺁﻛﻞ ﻣﻦ ﺯﻗﻮﻣﻬﺎ ﻭﺃﺷﺮﺏ ﻣﻦ ﺻﺪﻳﺪﻫﺎ ﻭﺃﻋﺎﻟﺞ ﺳﻼﺳﻠﻬﺎ ﻭﺃﻏﻼﻟﻬﺎ، ﻓﻘﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ ﺃﻱ ﻧﻔﺲُ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺗﺮﻳﺪﻳﻦ؟ ﻗﺎﻟﺖ ﺃﺭﻳﺪ ﺃﻥ ﺃﻋﻮﺩ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﺄﻋﻤﻞ ﺻﺎﻟﺤﺎ، ﻗﺎﻝ ﻗﻠﺖ ﻓﺄﻧﺘﻲ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﻨﻴﺔ ﻓﺎﻋﻤﻠﻲ)،
ﻫﻜﺬﺍ ﻛﺎﻥ ﺃﺣﺪﻫﻢ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﻨﻬﺾ ﺑﻨﺸﺎﻁ ﻭﻗﻮﺓ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ،
ﻭﻳﺘﺨﻴﻞ ﺍﻟﺠﺤﻴﻢ ﺣﺘﻰ ﻳﺮﺗﺪﻉ ﻭﻳﻨﺰﺟﺮ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﻌﺼﻴﺔ،
ﻓﺒﻬﺬﺍ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻧﺼﺢ ﻧﻔﺴﻲ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ،
ﻓﻜﻞ ﻣﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﻌﻴﻦ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﺃﻥ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﻧﻌﻴﻢ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﻧﻌﻴﻢ ﻻ ﻳﻨﻘﻄﻊ ﻭﻟﺬﺓ ﻻ ﺗﺤﻮﻝ ﺃﺑﺪا ،
ﻓﺈﻥ ﺗﺨﻴﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﺍﻟﺮﻏﺐة ﻓﻲ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ ﻳﺪﻓﻌﻚ ﺇﻟﻰ ﺃﻋﻤﺎﻝ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻭﻳﺤﺜﻚ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ،
ﺛﻢ ﻳﺘﺨﻴﻞ ﺃﻧﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺑﻴﻦ ﺣﺮﻫﺎ ﻭﺯﻗﻮﻣﻬﺎ ﻭﺳﻼﺳﻠﻬﺎ ﻭﺻﺪﻳﺪﻫﺎ ﺑﻴﻦ ﻋﻘﺎﺭﺑﻬﺎ ﻭﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ، ﻓﺈﻥ ﺫﻟﻚ ﻳﺰﺟﺮﻩ ﻋﻦ ﻣﻌﺼﻴﺔ ﻛﺎﺩ ﻳﺨﻄﻮ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻭﻳﺮﺩﻩ ﻋﻦ ﻓﺎﺣﺸﺔ ﻛﺎﺩ ﻳﺼﻞ ﺇﻟﻴﻬﺎ...
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﻟﻨﺘﺬﻛﺮ ﺑﺎﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﺮ.
ﻭﺑﺴﺮﻋﺔ ﻣﺮﻭﺭ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻗﺮﺏ ﺍﻟﻤﻮﺕ.
ﻭﺑﺘﻐﻴﺮ ﺍﻷﺣﻮﺍﻝ ﺯﻭﺍﻝ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺣﻠﻮﻝ ﺍﻵﺧﺮﺓ...
ﻓﻜﻢ ﻭﻟﺪ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﻣﻦ ﻣﻮﻟﻮﺩ ..!!
ﻭﻛﻢ ﻣﺎﺕ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺣﻲ..!!
ﻭﻛﻢ ﺍﺳﺘﻐﻨﻰ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻓﻘﻴﺮ. ﻭﺍﻓﺘﻘﺮ ﻣﻦ ﻏﻨﻲ..!!
ﻭﻛﻢ ﻋﺰ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻴﻞ. ﻭﺫﻝ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻋﺰﻳﺰ..!!
﴿ ﻗُﻞِ ﺍﻟﻠَّﻬُﻢَّ ﻣَﺎﻟِﻚَ ﺍﻟْﻤُﻠْﻚِ ﺗُﺆْﺗِﻲ ﺍﻟْﻤُﻠْﻚَ ﻣَﻦْ ﺗَﺸَﺎﺀُ ﻭَﺗَﻨْﺰِﻉُ ﺍﻟْﻤُﻠْﻚَ ﻣِﻤَّﻦْ ﺗَﺸَﺎﺀُ ﻭَﺗُﻌِﺰُّ ﻣَﻦْ ﺗَﺸَﺎﺀُ ﻭَﺗُﺬِﻝُّ ﻣَﻦْ ﺗَﺸَﺎﺀُ ﺑِﻴَﺪِﻙَ ﺍﻟْﺨَﻴْﺮُ ﺇِﻧَّﻚَ ﻋَﻠَﻰ ﻛُﻞِّ ﺷَﻲْﺀٍ ﻗَﺪِﻳﺮٌ * ﺗُﻮﻟِﺞُ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞَ ﻓِﻲ ﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭِ ﻭَﺗُﻮﻟِﺞُ ﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭَ ﻓِﻲ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﻭَﺗُﺨْﺮِﺝُ ﺍﻟْﺤَﻲَّ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻤَﻴِّﺖِ ﻭَﺗُﺨْﺮِﺝُ ﺍﻟْﻤَﻴِّﺖَ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﺤَﻲِّ ﻭَﺗَﺮْﺯُﻕُ ﻣَﻦْ ﺗَﺸَﺎﺀُ ﺑِﻐَﻴْﺮِ ﺣِﺴَﺎﺏٍ ﴾ [ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ: 26، 27].
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ:
ﺭﺍﺟﻊ ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻠﻰ ﺃﻱ ﺷﻲﺀ ﺗﻄﻮﻱ ﺻﺤﺎﺋﻒ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ؟
ﻓﻠﻌﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻙ ﺇﻻ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺃﻭ ﺃﻳﺎﻡ. ﻓﺎﺳﺘﺪﺭﻙ ﻋﻤﺮﺍً ﻗﺪ ﺃﺿﻌﺖ ﺃﻭﻟﻪ...
ﻗﺎﻝ- ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -: "ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺧﻤﺴﺎً ﻗﺒﻞ ﺧﻤﺲ: ﺷﺒﺎﺑﻚ ﻗﺒﻞ ﻫﺮﻣﻚ. ﻭﺻﺤﺘﻚ ﻗﺒﻞ ﺳﻘﻤﻚ. ﻭﻏﻨﺎﻙ ﻗﺒﻞ ﻓﻘﺮﻙ. ﻭﻓﺮﺍﻏﻚ ﻗﺒﻞ ﺷﻐﻠﻚ. ﻭﺣﻴﺎﺗﻚ ﻗﺒﻞ ﻣﻮﺗﻚ".
ﻫﻜﺬﺍ ﺃﻭﺻﺎﻧﺎ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ -. ﺑﺎﻏﺘﻨﺎﻡ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺨﻤﺲ ﻗﺒﻞ ﺣﻠﻮﻝ ﺃﺿﺪﺍﺩﻫﺎ...
ﻓﺎﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﺳﺘﺪﺭﻛﻮﺍ ﻣﺎ ﻓﺎﺕ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﺍﺳﺘﻘﺒﻠﻮﺍ ﻣﺎ ﺑﻘﻰ ﺑﺎﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ.
ﻓﺈﻥ ﺇﻗﺎﻣﺘﻜﻢ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ ، ﻭﺃﻳﺎﻣﻜﻢ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ ﻭﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﻣﺸﻬﻮﺩﺓ...
ﻓﻮﺍﻟﻠﻪ ﺛﻢ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﺧﻲ ﺇﻧﻪ ﻟﻴﻨﺘﻈﺮﻧﺎ ﻛﺄﺱ ﻟﺰﺍﻣﺎً ﻋﻠﻴﻨﺎ ﺃﻥ ﻧﺬﻭﻗﻪ ﺇﻧﻪ ﺍﻟﻤﻮﺕ ،
وﻮﺍﻟﻠﻪ ﻷﻣﻮﺕ ﺃﻧﺎ ، ﻭﺗﻤﻮﺕ ﺃﻧﺖ ، ﻭﻳﻤﻮﺕ ﻛﻞ ﺣﻲ ﺷﺌﻨﺎ ﺃﻡ ﺃﺑﻴﻨﺎ ﺭﺿﻴﻨﺎ ﺃﻡ ﻟﻢ ﻧﺮﺿﻰ،
ﻭﺃﻥ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻗﺒﺮٌ ﻭﺑﻌﺚٌ ﻭﻧﺸﻮﺭ ﻭﻛﺘﺎﺏٌ ﻳﺴﻄﺮ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻋﻤﻠﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺃﻋﻤﺎﺭﻧﺎ ،
ﻭﺃﻥ ﻫﻨﺎﻙ ﻳﻮﻡ ﺟﺰﺍﺀ ﻭﺣﺴﺎﺏ ، ﻓﺈﻣﺎ ﺟﻨﺔ ﺃﻭ ﻧﺎﺭ ﺟﺰﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻣﻨﺎ ﻭﺣﻴﺎﺗﻨﺎ،
ﻓﻤﻦ ﻗﻀﻰ ﻋﻤﺮﻩ ﻓﻲ ﻃﺎﻋﺔ ﺭﺑﻪ ﻭﻣﻮﻻﻩ ﻭﻗﺪﻡ ﺧﻴﺮﺍ ﻓﻬﻮ ﺇﻟﻰ ﺧﻴﺮ ﻭﻧﻌﻴﻢ ﺃﺑﺪﻱ ﺇﻧﺸﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻭﻣﻦ ﻗﻀﻰ ﻋﻤﺮﻩ ﻓﻲ ﺍﻗﺘﺮﺍﻑ ﺍﻟﺸﺮﻭﺭ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺇﻏﻀﺎﺏ ﺭﺑﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻓﻬﻮ ﺇﻟﻰ ﺷﺮ ﻭﺷﻘﺎﺀ ﺃﺑﺪﻱ إن ﻟﻢ ﻳﺘﺪﺍﺭﻛﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﺑﺮﺣﻤﺘﻪ...
ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻴﻢ:
﴿ ﻭَﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞَ ﻭَﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭَ ﺁَﻳَﺘَﻴْﻦِ ﻓَﻤَﺤَﻮْﻧَﺎ ﺁَﻳَﺔَ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﻭَﺟَﻌَﻠْﻨَﺎ ﺁَﻳَﺔَ ﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭِ ﻣُﺒْﺼِﺮَﺓً ﻟِﺘَﺒْﺘَﻐُﻮﺍ ﻓَﻀْﻠًﺎ ﻣِﻦْ ﺭَﺑِّﻜُﻢْ ﻭَﻟِﺘَﻌْﻠَﻤُﻮﺍ ﻋَﺪَﺩَ ﺍﻟﺴِّﻨِﻴﻦَ ﻭَﺍﻟْﺤِﺴَﺎﺏَ ﻭَﻛُﻞَّ ﺷَﻲْﺀٍ ﻓَﺼَّﻠْﻨَﺎﻩُ ﺗَﻔْﺼِﻴﻠًﺎ * ﻭَﻛُﻞَّ ﺇِﻧْﺴَﺎﻥٍ ﺃَﻟْﺰَﻣْﻨَﺎﻩُ ﻃَﺎﺋِﺮَﻩُ ﻓِﻲ ﻋُﻨُﻘِﻪِ ﻭَﻧُﺨْﺮِﺝُ ﻟَﻪُ ﻳَﻮْﻡَ ﺍﻟْﻘِﻴَﺎﻣَﺔِ ﻛِﺘَﺎﺑًﺎ ﻳَﻠْﻘَﺎﻩُ ﻣَﻨْﺸُﻮﺭًﺍ * ﺍﻗْﺮَﺃْ ﻛِﺘَﺎﺑَﻚَ ﻛَﻔَﻰ ﺑِﻨَﻔْﺴِﻚَ ﺍﻟْﻴَﻮْﻡَ ﻋَﻠَﻴْﻚَ ﺣَﺴِﻴﺒًﺎ * ﻣَﻦِ ﺍﻫْﺘَﺪَﻯ ﻓَﺈِﻧَّﻤَﺎ ﻳَﻬْﺘَﺪِﻱ ﻟِﻨَﻔْﺴِﻪِ ﻭَﻣَﻦْ ﺿَﻞَّ
ومن أسباب زوال النعم:
انشغال الناس بأسباب الرفاهية والترف واللهو, وبناءُ الملاهي وغيرها,
وقد حذر من هذا نبي الله هود عندما رأى قومه معرضين عن طاعة ربهم, وإقبالهم على الملذات والترف واللهو, قال الله عز وجل:{ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ {123}
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ {124} إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ {125} فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ {126} وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ {127} أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ {128}} الشعراء.
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: [ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً ]: أي معلماً مشهوراً, وتبنون: أي وإنما تفعلون ذلك عبثاً لا للاحتياج إليه؛ بل لمجرد اللعب واللهو وإظهار القوة, ولهذا أنكر عليهم نبيهم عليه السلام ذلك, لأنه تضييع للزمان, وإتعاب للأبدان في غير فائدة, واشتغال بما لا يجدي في الدنيا ولا في الآخرة أ. هـ
ومن أسباب زوال النعم:
فسقُ المترفين, قال تعالى :{ وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً {16}}الإسراء.
والمترفون هم أهل الأموال والجاه, فهولاء إن صرفوها في طاعة الله عز وجل, وفي ما يرضيه, صاروا سبباً بإذن الله عز وجل لدوام النعمة, وإن صرفوها في اللهو الباطل, وفيما يصد عن طاعة الله عز وجل صاروا سبباً في إهلاك أنفسهم, وإهلاك من حولهم, لأن الشر يعم, قال تعالى: { وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {25}} الأنفال.
ومن أسباب زوال النعم:
ترك الجهاد في سبيل الله, بدءاً بجهاد النفس والأهل, قال صلى الله عليه وسلم:" ما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا عمهم الله بالعذاب" رواه الطبراني.
وقال صلى الله عليه وسلم:" إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم"رواه أبو داود.
ومن أسباب زوال النعم:
ترك الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, والأخذ على أيدي الفسقة والمجرمين, قال تعالى:{ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ {41}} الحج.
هذا وصلوا وسلموا
على من امرتم بالصلاة والسلام عليه في محكم التنزيل((ان الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين امنوا صلواعليه وسلموا تسليما))
🎤
*خطبة.جمعة.بعنوان.cc*
*الإعـتـبار بمـرور الأشهـر والاعـوام*
*( توديــع عــام واسـتـقــبال آخـــــر )*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبــة.الاولــى.cc*
الحمد الله الواحد القهار, العزيز الجبار, يقلب الليل والنهار, تبصرة وذكرى لأولي العقول والأبصار, وكل شيء عنده بمقدار, عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال.
{ سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ {10}}الرعد.
أحمده على إحسانه, وأشكره على عظيم فضله وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, ومن اهتدى بهديه, واستن بسنته إلى يوم الدين,
أمـــا بعـــد - أيـها الناس :
فإنكم تودعون عاماً ماضياً شهيداً, وتستقبلون عاماً مقبلاً جديداً, فليت شعري, ماذا أودعتم في العام الماضي؟ وماذا تستقبلون به العام الجديد؟
فليحاسب العاقل نفسه.]([1])
بماذا رحل عامه المنصرم؟
هل رحل وقد كتبت له الحسنات؟
ومحيت عنه السيئات؟
أم رحل بما فيه من الخطايا والآثام؟
قال الفاروق يوماً: ( أيها الناس: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا, وزنوها قبل أن توزنوا, وتأهبوا للعرض الأكبر.)( يومئذٍ تعرضون لاتخفى منكم خافيه).
أيها المسلمون :
تمر الأيام والشهور والأعوام وتنصرم, وبعض المسلمين في سبات عميق, وغفلة وإعراض, وتمر الأعوام, وبعض المسلمين قد شغلته دنياه عن دينه, لاهث وراءها , متمسك بها, ينام خائفاً عليها, ويصبح هائماً على وجهه في إثرها.
تمر الأعوام والمسلمون قد فرقتهم الأهواء, وتشتت شملهم, وطمع العدو بهم, فهو يقتل ويأسر ويشرد, يفعل بهم كما يفعل الذئب بالغنم عند غياب الراعي.
أيـــها المســـلمـــون:
تذكروا بانقضاء العام انقضاء العمر, فالليالي والأيام مطايا تنقلكم من الدنيا إلى الآخرة .
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ{190}} آل عمران.
فالعاقل يعد العدة ويتأهب ويصبر, والمضيع المفرط تمر عليه الأيام والأعوام حتى يفجأه ملك الموت, وهو على حال سيئة نعوذ بالله من سوء الخاتمة.
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أعذر الله إلى امرءٍ بلغه الستين". ومعنى الحديث أن من بلغ الستين ولم يتجدد له عمل صالح, ويقلع عن المعاصي, وينيب إلى ربه فلا عذر له عند الله.
كيف وقد بلغه الله هذا العمر المديد, وهو متمادٍ في طغيانه ومعصيته.
قال عليه الصلاة والسلام:" أعمار أمتي مابين الستين إلى السبعين, وأقلهم من يجوز ذلك" رواه الترمذي.
فأنيبوا إلى ربكم قبل هجوم هادم اللذات, وأنتم على حالة لا يرضاها ربكم, فاغتنموا أعماركم واستعملوها في طاعة ربكم.
روى الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يعظه:
" اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك, وصحتك قبل سقمك, وغناك قبل فقرك, وفراغك قبل شغلك, وحياتك قبل موتك".
ايـــها المسلمـــون :
في هذا الحديث وصايا:
الأولى: اغتنام وقت الشباب قبل الهرم, لأن المسلم يستطيع من فعل الطاعات في شبابه مالا يستطيع عند الهرم.
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: وشاب نشأ في طاعة الله" , وفيه همسة في أذن كل شاب أن يغتنم شبابه بالطاعة التامة.
الثانية: اغتنام الصحة قبل السقم, فكم من معاق يود لو يصلي على قدميه؟
اويأت إلى المسجد على رجليه؟
ولكن! لا يستطيع, وكم من مريض نائم على سريره لا يذكر الله إلا بأصبعه؟ وكم؟ وكم؟
فاغتنموا زمن الصحة قبل السقم.
ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ".
الثالثة: اغتنام زمن الغنى قبل الفقر, لأن الغني يؤدي الزكاة, ويتصدق ويعين على نوائب الحق, ويصل الرحم بماله, ويجاهد بماله فإذا افتقر عدم هذه الأجور.
الرابعة: اغتنام الفراغ قبل الشغل, قال تعالى: { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ {7} وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ {8}}الشرح.
الخامسة: اغتنام الحياة بالطاعة قبل الموت, لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو ولد صالح يدعوا له, أو علم ينتفع به, فالحياة يتزود منها الطاعات.
قال عليه الصلاة والسلام:" طوبى لمن طال عمره وحسن عمله".
أيها الناس:
اغتنموا ساعات أعماركم بما يقربكم إلى ربكم, وإياكم والغفلة, فإنها مراحل تقطعونها إلى الدار الآخرة, أودعوا أيامكم ولياليكم عملاً صالحاً تجدوه في يوم تشخص فيه الأبصار, ولا تغرنكم الحياة الدنيا فإنما هي متاع
قال تعالى : {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ {38} يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ {39}} غافر.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من
الآيات والذكر الحكيم, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب, فاستغفروه إنه هوالغفور الرحيم.
الخطبـــة.الثانيـــة.cc
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهد الله فلا مظل له ومن يضلل فلا هادي له,
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه.
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً {1}}النساء.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً {70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً {71}}الأحزاب.
أيها الناس :
إن من حكمة الله عز وجل أن جعل السَنَة اثنا عشر شهراً, قال تعالى:
{ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ {36}}التوبة.
وجعل الشهر ثلاثين, أو تسعة وتسعين يوماً, قال صلى الله عليه وسلم:
"الشهر هكذا وهكذا وهكذا, وأشار بأصابع يديه العشر ثم قال: ويكون هكذا وهكذا وهكذا, وقبض في الثالثة إحدى أصابعه عليه الصلاة والسلام"
وتعاقب الأعوام والشهور والأيام فيه عبرة لأولي الألباب, قال تعالى:
{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً {62}} الفرقان.
في هذه الأعوام يموت أقوام ويولد آخرون, ويذل أقوام ويعز آخرون, قال تعالى:{وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {140}}آل عمران .
واللبيب يتأمل سرعة انقضائها, فيعلم أنها زائلة, وأنه منتقل منها إلى دارٍ أخرى, قال تعالى:{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {164}} البقرة
وقال عليه الصلاة والسلام: " ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها"رواه ابن ماجة والترمذي وأحمد.
وحذر عليه الصلاة والسلام من الركون إليها, كما حذر قبله أنبياء.
اسمعوا إلى قول رجل مؤمن من آل فرعون يحذر قومه من الدنيا: قال تعالى حاكياً عنه : { وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ {38} يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ {39}} غافر.
أيها المسلمون:
إنكم تستقبلون عاماً جديداً ولا تدرون ما الله فاعل بكم فيه, أتتمونه أم يوافيكم الأجل قبل تمامه؟ فانظروا رحمكم الله ماذا قدمتم فيما مضى, وبما تستقبلون ما أتى.
أيها المسلمون:
لو تأملنا أحوالنا في هذا الزمان, وقارناها بما مضى أو ببعض البلدان, لوجدنا فرقا كبيراً لدينا, نِعَمٌ لا تعد ولا تحصى, ولا ينكرها إلا من في قلبه مرض,
أعظم نعمة _التوحيد_, التحاكم إلى الله ورسوله عند التنازع, نعمة الأمن والاستقرار,
ولكن هذه النعم وغيرها تدوم بالشكر, وتزول بالكفر, ولا أعني الكفر الأكبر, وإنما أعني كفر النعمة, فإن قام الناس بما أوجب الله عليهم من عبادته , وطاعته, وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام, قولاً, وعملاً, أدام الله عز وجل نعمه.
عـــباد اللـــه :
وقبل بداية هذا العام الجديد الذي نسأل الله أن يجعله عام خير, وبركة, ونصر للمسلمين أذكركم ببعض الأمور التي تعد من أعظم الأسباب المزيلة للنعم, ليحذرها العاقلُ اللبيب, ويحذر غيره منها.
لزوال النعم أسباب كثيرة منها:
الإعراض عن دين الله عز وجل, فإن كان إعراضاً بالكلية فهو كفر, وإلا كل بحسبه.
ومن أسباب زوال النعم:
الإقبال على الدنيا وملذاتها, والغفلة عن الآخرة ونعيمها.
عباد الله: فإذا كان الدخول في الإسلام يجب ما قبله وينقل الإنسان من الموت إلى الحياة " فإن الحج كذلك يجب ما قبله، إنه يسدل الس
تار على كل السلبيات التي تَلَبّسَ بها المسلم من قبل.
نعم أيها المصلون - الحج مرحلةٌ فاصلة بين حياة وحياة، بين ماض وآت، وفي الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم (من حج ولم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته امه) يرجع أبيض الصفحة نقي التاريخ يعود سالما من تبعات ماضية آمنا من غوائل معاصيه، كما أن من صام يومَ عرفه يفوز بغفران سنتين. ماضية وآتيه، إذن فتلك الأيام التي مرت، كانت بمثابة صفحة جديدة طوت ما قبلها بإذن الله، خرج منها المسلمون ممن وفق للحج أو لصيام يوم ركن الحج. وقد حطوا عن كواهلهم تبعات السنين وزلات الماضي، وأقبلوا وهم يقولون (تائبون آيبون لربنا حامدون).
ولا يشترط في التوبة معاشر الأحبة أن تكون بسبب ذنب ومعصية بل قد تكون انتقالا من عمل إلى عمل أحسن منه، ومن خلق إلى خلق أكرم منه، ومن فهم إلى فهم أفضل منه " ومن حياة طيبة إلى حياة أطيب ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾ [البقرة: 222] إن الله يحبهم لأنهم متجددون إلى الأفضل وأحوالهم في تغير إلى الأحسن في كل عام يزيد قربهم من ربهم وتزيد عبادتهم و ويزداد فقههم ويتعاظم ورعهم.
يا من قصدت البيت الحرام، ليكن حجك أول فتوحك، وتباشيرَ فجرك، وإشراقَ صبحك، وبدايةَ مولدك، وعنوانَ صدق إرادتك، تقبل الله حجك وسعيك، وأعاد الله علينا وعليك هذه الأيام المباركة أعوامًا عديدة، وأزمنة مديدة، والأمة الإسلامية في عزة وكرامة، ونصر وتمكين، ورفعة وسؤدد.
اللهم تقبل الله من الجميع صالح العمل وأعان وييسر الفوز بهذه الأيام المباركة.
اللهم ييسر للحجاج حجهم وأعنهم على أداء مناسك حجهم.
اللهم أجعل حجهم مبرورا، وسعيهم مشكورا وذنبهم مغفورا.
اللهم سلم الحجاج المعتمرين في برك وجوك وبحرك واعدهم لأهليهم سالمين غانمين بمنك وجودك يا أكرم الأكرمين.
اللهم اجز قادة هذه البلاد خير الجزاء على ما يقدمونه للإسلام والمسلمين وعلى عُمار بيتك المقدس وعلى كل ما يبذل للحجاج والمعتمرين.
اللهم اجز كل من خدم حجاج بيتك وأعان على نجاح الحج يا رب العالمين
اللهم اكفنا بمنك وكرمك كل من يريد سوءا لهذه البلاد اللهم رد كيده في نحره وافضحه للعالمين يا عظيم يا ذا البأس الشديد.
اللهم تقبل منا صالح العمل واغفر لنا الذنب والزلل وتوفنا وأنت راض عنا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
🎤
*خطبــة.جمعــة.بعنــوان.cc*
*مـــــاذا بــعـــــد الـــحــــــج؟*
*للشيخ/ أحمد بن عبد الله الحزيمي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبــــة.الاولــــى.cc*
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ الرَّحمنِ الرَّحيم، وأشهدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ولِيُّ الصالحين، إِلهُ الأولِينَ والآخِرِين، وأشهدُ أَنَّ نبِيَّنَا محمدَاً عبدهُ ورسولُهُ وَصفِيُّهُ وَخلِيلهُ وخِيرتهُ مِنْ خلقهِ صلَّى اللهُ عليهِ وعلَى آلهِ وصحبهِ وسلّمْ تسلِيمَاً كثيراً إِلَى يوْمِ الدِّين.
أَمــــَّا بَعْــــدُ: فاتَّقُوا اللهَ عبادَ اللهِ واستعدُّوا لِلقائهِ، فإنَّهَا -واللهِ- أيامٌ وليَالٍ ثم تأَتِي النهَايَةُ ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلَاهُمُ الْحَقِّ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ [الأنعام: 62].
يَقدمُ عمرُو بنُ العاصِ مِنْ مكةَ إِلَى المَدينةِ ليعرِضَ إسلامهُ علَى رسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ-، فهشَّ لهُ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَبَشَّ، وَبَسَطَ يَمِينَهُ لِيُبَايِعَهُ عَلَى الإِسْلامِ، وَلَكِنَّ عَمْرًا قَبَضَ يَدَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَا لَكَ عَمْرُو؟!"، قَالَ: "أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ"، فَقَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "تَشْتَرِطُ مَاذَا؟!"، قَالَ: "أَشْتَرِطُ أَنْ يُغْفَرَ لِي"، فَقَالَ رَسُولُ الْهُدَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا عَمْرُو: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ، وَأَنَّ الْهِجْرَةَ تَهْدِمُ مَا قَبْلَهَا، وَأَنَّ الْحَجَّ يَهْدِمُ مَا قَبْلَهُ؟".
وهكذا -أيها الكرام- انقضى موسم من أشرف مواسم أهل الإسلام، ومرّت الأيام المعلومات ثم الأيام المعدودات، وكانت تلك الأيام محملة بالخيرات والمسرات والفضائل والبركات، ذهب الحجيج وعاشوا رحلة الحج الأكبر، وتنقلوا بين المشاعر، وتعرضوا للنفحات؛ طمعاً في رضا رب الأرض والسماوات، عادُوا بعدها فَرِحينَ بما آتَاهمُ اللهُ مِن فضلهِ، مُستبشرِينَ بما مَنَّ عَليهم مِن توفِقِهِ وحجِّ بيتهِ، فهنيئًا للحجَّاجِ حَجُّهُم وَعِبَادَتُهُم وَاجتِهَادُهُم.
وأما في الأمصار فبشائر الخير لم تنقطع، فأدركوا عشر ذي الحجة التي هي أفضل أيام الدنيا عند الله، فصاموا يوم عرفة الذي يكفر صيامه سنتين، حتى صار كأنه من أيام رمضان، لكثرة صائميه حتى من الصغار، ومر بهم يوم النحر فصلوا وضحوا، من كثرتها كادت الطرقات تسيل بدماء القربة لله، وامتلأت مصليات الأعياد، ثم توالت عليهم أيام التشريق فأكلوا وشربوا وذكروا الله، وحمدوه وشكروه على ما رزقهم،فما أجدرهم أن يفرحوا بذلك كله؛ ﴿ قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس: 58].
وهكذا تنقضي مواسم الخير، بل هكذا تنتهي حياة الإنسان سريعة خاطفة ثم يجني ما أودعه فيها، فطوبى لمن قدم خيرا..
عبادَ اللهِ: ولعلنا وفي عجالة نستذكِرَ شيئا مما قد تعلَّمناهُ من مدرسةِ الحجِّ من فوائدَ، وَمَا جنيناهُ خلالَ أَيَامهَا مِنْ عَوَائِدَ.
من أبرز دروس فريضة الحج تلكم المحبةَ التي جعلها الله - تعالى - لبيته الحرام في قلوب عباده، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ﴾ [البقرة: 125]، قال ابن عباس - رضي الله عنهما - فيما رواه عنه ابن جرير وغيره: لا يقضون منه وطرًا، يأتونه ثم يرجعون إلى أهليهم، ثم يعودون إليه، وأنشد القرطبي في هذا المعنى قول الشاعر:
جَعَلَ الْبَيْتَ مَثَابًا لَهُمُ
لَيْسَ مِنْهُ الدَّهْرَ يَقْضُونَ الْوَطَرْ
وأنشد غيره في الكعبة:
لاَ يَرْجِعُ الطَّرْفُ عَنْهَا حِينَ يَنْظُرُهَا
حَتَّى يَعُودَ إِلَيْهَا الطَّرْفُ مُشْتَاقَا
مع أنها أرض جرداء، وجبال سوداء؟ وأجواء حارة مقفرة، أرأيتم صعيد عرفات، فهل رأيتم فيه مناظر خلابة، أو أجواء عليلة، أو خضرة دائمة؟ ومع هذا فقلوب المؤمنين كلُها تحن إليها، لا لأجل بقعتها؛ بل لأنها مأوى طاعة الله، وتنزُّل رحمته.
عباد الله: لن ينسى الحجاج ولا المقيمين مشهد الحجيج في عرفات، حين كانت العيونُ دامعةً، والأكفُ مرفوعةً، والقلوبُ مخبتة، الجميع عرف هناك فقره وذله ورأينا شيئاً من دلائل عظمته سبحانه وتعالى. حين نرى ألواناً من الناس كلٌ يدعو ربه بلغته، كل يطلب حاجته، كل يناجيه بخفي الصوت، وهو سبحانه العظيم لا تختلف عليه حاجة، ولا يشغله طلب عن طلب، بل يسمع ذلك كله، فيجيب سؤالاً، ويغفر ذنباً، ويكشف كرباً، ويشفي مريضاَ، ويغني فقيراً، وهو على كل شيء قدير، وذلك شيء من دلائل عظمة الله وقدرته وكرمه ورحمته.
ومن دروس الحج أنك ترَى الحاجَّ يتحرَّى ويسأَلُ، ويتتبَّعُ ولا يحيدُ؛ حتَّى يكونَ حَجُّهُ كُلُّهُ وفقَ الهديِ النبوِيِّ الْكَرِيمِ، وهذا شيء جميل لكن الأَجملَ أَنْ يجعلَ العبدُ المسلمُ هذا الاقتفاءَ وذاك الاتّباعَ مَنهجَهُ فِي حياتهِ كُلِّه
خلفه فإذا بمنديل أبيض فأخذ فإذا به زنبيل فيه من الفواكه التي لم تكن موجودة آنذاك قال فأخذته وأخذت حاجتي وأخذت ما بقي إلى بيتي فعند الله كل فرج وعند الله كل مخرج لكن هنالك من يسيء الظن بالله ويظن أنه من المحسنين فإذا ضاقت به الأرزاق أو ضاقت عليه الأرزاق إذا به يتهم الله وإذا به يسيء الظن بالله فهذا من الجهل عياذاً بالله أعاذك الله أيها المسلم أن تكون من الجاهلين بالله وبعظمة الله وبالوفاء بوعده لعباده فقد ضمن لهم الأرزاق فهي واصلة إليهم.
كذالك أيضاً الاستغفار والإكثار منه من أعظم أسباب نيل الأرزاق قال الله *﴿ فَقُلْتُ ٱسْتَغْفِرُوا۟ رَبَّكُمْ إِنَّهُۥ كَانَ غَفَّارًا ﴾﴿ يُرْسِلِ ٱلسَّمَآءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا ﴾﴿ وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَٰلٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّٰتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَٰرًا ﴾* هذا ما ذكره الله عن نوح عليه السلام يخاطب قومه وهذا هود قال: *﴿ وَيَٰقَوْمِ ٱسْتَغْفِرُوا۟ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوٓا۟ إِلَيْهِ ﴾* إلى آخر الآية فالاستغفار شأنه عظيم، وهكذا التقوى لله قال الله ﴿ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُۥ مَخْرَجًا ﴾﴿ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾* وتقوى الله معناه امتثال أوامره واجتناب نواهيه والتسليم لأقضيته وأقداره سبحانه وتعالى فمن كان على هذا فهو التقي وليس بالشقي.
وهكذا أيضاً قال ابن القيم رحمه الله تعالى أربعة أشياء تجلب الأرزاق قيام الليل والاستغفار بالأسحار ومعاهدة الصدقة لأن الله خير خلف للعبد قال وذكر الله أول النهار وآخره، ألآ وإن مفاتيح الأرزاق كثيرة فما ذكرته الآن فهو ذكر لبعضها لا لكلها.
أستغفر الله إنه هو الغفور الرحيم
*الـخـطـبـة الـثـانـيـة*
الحمدلله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وأصحابه أما بعد.
مغاليق الأرزاق هنالك من يتسبب في قطع رزقه ومن يتسبب في إغلاق الباب الذي يأتي منه رزقه ويرجع بعد ذالك يبحث عن الأرزاق ويقول أين الأرزاق وهو عدو الأرزاق المحارب للأرزاق الواضع ما يسبب حرمانه من الأرزاق.
فقد أخرج الإمام أحمد وغيره من حديث ثوبان رضي الله عنه أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ﴿ إن العبد ليحرم من الرزق بالذنب يصيبه﴾ قال الإمام ابن القيم رحمه الله المعصية تمحق بركة العمر وبركة الرزق وبركة العمل وبركة العلم وبركة الطاعة هذا دمار المعصية هذا خراب المعصية هذه من مفاسد المعصية فيا ويل من كان متأبطاً شراً من كان مصراً على الأثام والأوزار.
قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله المعاصي تسدد أبواب الأرزاق قال ومن ضيع أمر الله ضيعه الله، من ضيع أمر الله أي فرائض الله وواجبات التي أوجبها الله عليه ضيعه الله الجزاء من جنس العمل.
وقال ابن الأمير الصنعاني رحمه الله المعاصي جالبة لكل شر مانعة من كل خير ومما تمنع منه الرزق.
أيها المسلم الكريم "فتش عن ذنوبك تعرف على عيوبك انظر كيف تتعامل مع ربك لا يكن شرك صاعداً إليه في الليل وفي النهار وتريد أن تنزل عليك رحمت الله متتابعة في الليل وفي النهار إنتبه أن تحارب نفسك وأن تحارب دينك وأن تحارب سعادتك وعزتك وأمنك واستقرارك، انظر كيف تتعامل مع الله فهنالك من الناس من صارواْ بعيدين عن أن يكونواْ على ما سبق ذكره من الأعمال الطيبة والأقوال الحسنة ومن الاستقامة على الدين فخربواْ ما بينهم وبين الله ويريدون أن يصلح الله أحوالهم الجزاء من جنس العمل، إن أصلحت ما بينك وبين الله أصلح الله أحوالك وإن خربت فلا تلومنَّ إلا نفسك.
فما أحوج المسلمين إلى أن يعرفواْ ماذا ينفعهم مما يضرهم معرفة صحيحة سليمة مقتبسة من شرع الله عز وجل فالمعاصي كثيرة والظلم واسع في أوساطنا والبغي والتعدي شاهر ظاهر كيف تريدون صلاح الأحوال؟ كيف تريدون إدرار الأرزاق؟ وهنالك من هو حرب على كل خير ألآ فليتق الله المسلم، فليتق الله المسلم وليكن صادقاً مع الله مخلصاً لله سبحانه وتعالى لينال ماعند الله فلا ينال ما في خزائنه إلا بطاعته والتمسك بدينه وبشرعه واتباع رسوله عليه الصلاة والسلام أما أن يشرق العبد ويغرب ويذهب ويأتي في الشر ويغير ويبدل ويريد أن تصلح إموره فقد صار جالباً للخراب واليباب عياذاً بالله.
ألآ وإن من الأمور العظيمة ما جاء من حديث سعد ابن أبي وقاص عند البخاري وغيره قال: عليه الصلاة والسلام ﴿إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم ﴾ يخاطب الملوك والأغنياء ويخاطب أهل اليسر في المال يقول لهم... إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم....
وعند النسائي من حديث أبي الدرداء عند الإمام أحمد أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ﴿ إبغوني في الضعفاء أي اطلبوني في الضعفاء قال: فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم ﴾ صلاح الفقراء من أسباب أن يرزقواْ أو أن يرزق غيرهم بسببهم هذا شأن الصلاح وهنالك من الناس من يكرهون الصلاح ومن يحاربون من فيه الصلاح ويجعلونه من الدواعش ويجعلونه ممن يخشى على البلاد منه وتخريب البلاد يخشى أن يؤتى من قبله هكذا صارت المفاهيم عقيمة إلى حد صحيح أن هنالك
🎤
*خطبة جمعة بعنوان:*
*مـفـــــاتــــيـح الأرزاق*
*للشـيخ/ محمـد الإمام*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
إن الحمدلله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم
*﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾*
*﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُوا۟ رَبَّكُمُ ٱلَّذِى خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَٰحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَآءً ۚ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ ٱلَّذِى تَسَآءَلُونَ بِهِۦ وَٱلْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾*
*﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَقُولُوا۟ قَوْلًا سَدِيدًا ۞ لَكُمْ أَعْمَٰلَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾*
أما بعد إن خير الكلام كلام الله عز وجل وخير الهدي هدي محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثةٍ بدعة وكل بدعةٍ ضلالة..
أما بعد عنوان هذه الخطبة مفاتيح الأرزاق ومغاليقها معاشر المسلمين سمعتم في الخطبة الماضية أن الله تكفل بأرزاق الخلائق والعباد جل شأنه وقد جعل الله عز وجل أسباباً ومفاتيح لنيل الأرزاق في دنيا العبد وفي دينه وفي إخراه، ألآ وإن المفاتيح التي سنذكرها هي شاملة للأرزاق الحسية والمعنوية.
قال الإمام ابن الأثير رحمه الله الرزق نوعان رزق الأبدان وهي الأقوات ورزق القلوب وهي العلوم والمعارف.
وقال الإمام السعدي رحمه الله تعالى الرزق على قسمين رزق عام للبر والفاجر للأولين والأخرين وهي أرزاق الأبدان ورزق خاص وهو رزق القلوب وهو بالعلم والإيمان والضفر بالحلال وهذا خاص بأهل الإيمان بالأرزاق التي سنتحدث عنها وهكذا المفاتيح والأسباب والمراد بذالك هذين النوعين من الأرزاق المراد بذالك هذان النوعان من الأرزاق وليحمد الله المسلم أن الله عز وجل جعل الأرزاق بيده لكل ما ينتفع به العبد في دينه ودنياه وإخراه ألآ وإن مما يجب على المسلم اعتقاده أن يعتقد أن الأرزاق تعطى للخلق والعباد إلى آخر نفس من أنفاس حياتهم.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى الأجل والرزق قرينان مظمونان فما دام الأجل باقياً كان الرزق آتياً.
وجاء من حديث عبدالله ابن مسعود عند القضاعي في مسند الشهاب وغيره أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ﴿ إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقواْ الله وأجملواْ في الطلب﴾.
ومن حديث جابر ابن عبدالله رضي الله عنهما عند الإمام ابن ماجة وغيره أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ﴿ يا أيها الناس أجملواْ في الطلب فإن نفس لن تموت حتى تستوفي رزقها وإن ابطأ عنها الحديث إلى آخره كذالك أيضاً مما ينبغي أن يعلم أن الله جعل الأرزاق تطلب أصحابها الأرزاق الدينية والدنيوية.
فقد جاء من حديث أبي الدرداء عند ابن حبان وغيره أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ﴿ إن الرزق ليطلب العبد كما يطلبه أجله ﴾.
وجاء من حديث جابر عند أبي نعيم في الحلية وغيره أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ﴿ لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من أجله لأدركه رزقه كما يدركه أجله ﴾.
فهذان الحديثان يبينان لنا أن الأرزاق تأتي للعبد يسيرها الله عز وجل فكل عبد سينال من الرزق ما قد كتبه الله له وما قدره الله له وبقي المفاتيح التي ينتفع بها العبد إنتفاعاً عظيماً مفاتيح الأرزاق ومن هذه المفاتيح ذكر الله عز وجل.
فقد روى الإمام أحمد وغيره من حديث عبدالله ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا عند رسول الله عليه الصلاة والسلام فذكر نوحاً قال لما حضرت الوفاة نوحاً قال لإبنه أوصيك بإثنتين وآمرك بإثنتين وأنهاك عن إثنتين، آمرك بلا إله إلا الله فإن السماوات السبع والأرضين السبع لو وضعن في كفة ولا إله إلا الله في كفة لرجحت بهن لا إله إلا الله وإن السماوات السبع والأرضين السبع لو كن حلقة مبهمة لقصمتهن لا إله إلا الله.
والثانية سبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق كل حي فهذا يدلك على عظمة ذكر الله عز وجل فكل من ذكر الله بإي نوع من أنواع الأذكار الشرعية ومن ذالك العبادات والطاعات فهذه من أسباب نيل الأرزاق الدينية والدنيوية.
كذالك أيضاً من المفاتيح العظيمة الثقة بما عند الله من الأرزاق لا بما في أيدي الناس قال الله في كتابه الكريم *﴿ مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ ۖ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ ﴾* قال المفسر الكبير ابن جرير رحمه الله ما عندكم أيها الناس مما تمتلكونه ولو كثر فإنه نافد وما عند الله لكم من الأرزاق ما قمتم بعهده وأطعتموه فإنه باق غير نافد، وهكذا قال من قال من المفسرين رحمهم الله ليس الزهد في الدنيا بتحريم
نعم يا عباد الله : انظروا كيف ينجو العبد في هذه الحياة، انظروا كيف ينجو إنما ينجو بسلوك الطريق إلى الله سبحانه وتعالى بعبادته، بطلب العلم وتعليمه، بذكره سبحانه وتعالى، فإياك إياك أن تستوطن هذه الدار فإنها والله خراب، فإنها والله خراب لا يستوطن فيها إلا من قلَّ عقله، فهي دار من لا دار له، وبها ولها يجمع من لا عقل له.
يا أيها الناس عباد الله : مر عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه بخربه، انظروا كيف استفاد من نصح النبي عليه الصلاة والسلام فكان إمامًا من أئمة الزهد رضي الله تعالى عنه وأرضاه، مر ومعه صاحبه مجاهد بن جبرن رضي الله تعالى عنه مروا بخربه فقال يا مجاهد : ناده ناده يا خريبة ما صنع أهلك، فنادى مجاهد يا خريبة ما صنع أهلك ؟ قال : ماتوا وبقيت أعمالهم.
هذا هو الذي يبقى، هذه الدار زائلة، هذه الدار فانية وإن طالت الأيام يا عباد الله، وإن عمرت فيها ألف سنة فهي والله منقضية، فهي والله زائلة، احذر أن تحبها فإنك إذا أحببتها تضرر حبك حبك للدار الآخرة، فقد صح من حديث أبي هريرة جاء من حديث أبي هريرة بإسناد حسن، وجاء من حديث أبي موسى بإسناد حسن بشواهده وصح موقوفاً عن عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" من أحب الدنيا أضر بالآخرة، ومن أحب الآخرة أضر بالدنيا، أضر بالفاني للباقي.
هذا هو أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأمر صاحبه رضي الله تعالى عنه لنا، أن نضر بهذه الفانية من أجل الباقية، كان عبيد بن عمير رحمه الله تعالى قاص أهل مكة يقول : الدنيا أمد والآخرة أبد.
تأمل يا رعاك الله إلى هذه الكلمات المسددة التي قالها هذا الرجل المبارك الفقيه الزاهد الواعظ الذي كان يقص بمكة على قصص السلف خلافاً للقصص الذي كان ينكره أصحاب رسول الله ويضرب عليه عمر رضي الله تعالى عنه ويهجر من أجره السلف، كانوا يهجرون القصاصين يهجرونهم ويزرون بهم ويضربهم عمر بدرته، لكن هذا الرجل كان يقص قصاً سلفياً، ويأمر وينهى يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويذكر بالله، ويحضر في حلقته أصحاب رسول الله، وممن يحضر في حلقته كذلك عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه، فكان يحضر بحلقته ولربما بكى رضي الله تعالى عنه وهو يسمع وعظه، هذا الرجل المبارك يقول : الدنيا أمد، مهما طالت هي أمد يا عبد الله، أمد منقضي وإن كانت هذه الدنيا مئة عام ألف عام إنها أمد ينقضي، والآخرة أبد، الآخرة أبد هذا الذي يبقى لك، هذا الذي يبقى لك فلا تضيع الأبد من أجل الأمد، لا تضيع الباقي من أجل الفاني يا عبد الله، كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، هذه الدنيا مقام غربة.
يا أيها الناس: هذه الدنيا مقام غربة ليست وطنا لنا، وإنما وطننا الذي ينبغي أن نفكر فيه وأن نجمع له هو في الجنة، هو في الآخرة، هو في الدار التي أهبط منها آدم عليه الصلاة والسلام، هو في تلك الدار التي هي مقامنا الأول، ومخيمنا الأول، هي تلك الدار التي وصفها الله سبحانه وتعالى في كتابه، ورغب فيها ودعا إليها سبحانه وتعالى، فأعملوا اعملوا يا عباد الله اعملوا للباقية، وإياكم والفانية.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد عباد الله: فيقول الله سبحانه :{اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ ۖ}[الحديد:20].
هذه هي الحياة، هذا هو وصف ربنا سبحانه وتعالى لها، لعبٌ كلعب الصبيان، ولهوٌ كلهو الفتيان، وزينة كزينة النسوان، من يرضى هذا لنفسه، أي عاقل يا أيها الناس يرضى هذا لنفسه؟ هذه الدار لعبٌ كلعب الصبيان، ولهوٌ كلهو الفتيان، وزينة كزينة النسوان، وتفاخرٌ كتفاخر الأقران، وتكاثر كتكاثر الدهقان والتجار وأصحاب الأموال الذين اغتروا بها إلا من رحم الله.
يا أيها الناس : هذه موعظة من ربنا سبحانه لمن كان عاقلاً ، إياك إياك أن تغتر بها، وبزينتها، وبزخرفها، وببهرجها :{زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ۗ } هذه زينة يا عبد الله زينة، الله زينها سبحانه وتعالى حتى يغتر بها الكافرون، وحتى يغتر بها المنافقون، وحتى يغتر بها الفاسقون، وحتى يغتر بها أهل الأهواء، لا لتغتر بها أنت أيها العبد المبارك الذي يريد الله سبحانه وتعالى والدار الآخرة، إياك إياك كان الحسن البصري عليه رحمة الله يقرأ هذه الآية ويقول : من زينها الله يا عباد الله زينها، قال رحمه الله : ليس أحد أشد ذما لها ممن خلقها، الذي زينها والذي خلقها هو أشد أحد ذما لها، وكان رحمه الله يقول : أهينوا هذه الدنيا فوالله لأهنا ما تكون إذا أُهينت.
يوم تُختَبَر السرائر والمَخْفِيَّات التي طالما خبَّأتها حتى لا تُفْضَح، ثم تصير حينها ظاهرةً للجميع كما قال تعالى: { *أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ (9) وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ (10) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ* (11)} سورة العاديات.
*(وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ* } ما كان في الصدور مَخْفِيًّا صار الآن واضحًا للجميع يوم فَضْحِ الأسرار، وهَتْكِ الأستار.
وهل فيك الآن تقصيرٌ أو ظُلْم؟ احْذَرْ ذلك قبل أن تأتي اليوم الذي يكون الشعار فيه: أيها المظلوم تَقَدَّمْ، أيها الظالم لا تَتَكَلَّمْ.
عباد الله:
إنَّ الدنيا بِكُلِّهَا لا تَسْتَحِقُّ أنْ نُضَحِّيَ من أجلها بجنةٍ عَرْضُهَا السماواتُ والأرض، { *يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ* } سورة غافر (39).
وإنَّ البيان الإلهي ينُصُّ على أننا نُفَضِّل الدنيا ولا نلتفت إلى الآخرة مع أنَّ كلَّ خيرات الدنيا الفانية لا تُسَاوِي شيئًا من نعيم الآخرة الباقية { *بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى* (17)} سورة الأعلى (4).
نسأل الله أن يجعلنا من أهل رحمته ومحبته وعنايته وتوفيقه وكرمه حتى نلقاه حين نلقاه وهو راضٍ عنا إنه جوادٌ بَرٌّ كريم.
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه عموما بقول الله عز وجل: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما}.
اللهم صل وسلم وبارك وشرِّفْ وكرِّمْ بجلالك وجمالك على أشرف وأرقى وأتقى وأنقى مخلوقاتك سيدنا وحبيبنا محمد رسول الله وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته الغُرِّ الميامين، خصوصاً على أجَلِّهم قَدْرا ، وأرْفعِهم ذكرا، ذوي القَدْرِ الْجَلِي ، والمقام العَلِي، ساداتنا وأئمتنا أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سيدَيْ شباب أهل الجنة في الجنة، ورَيْحانَتَي النبيِّ بِنَصِّ السُّنَّة، أبي محمد الحسن، وأبي عبد الله الحسين، وعن أمِّهما فاطمةَ الزهراء، وخديجةَ الكبرى، وعائشةَ الرضا، وعن سَائِرِ أزْوَاجِ النبيِّ المُصْطَفَى، وعن التابعين وتابعيهم ونحن معهم وفيهم برحمةٍ منك يا ذا الجلال والإكرام.
الدعاء.............
المراجع:
القرآن الكريم. كتب الحديث الشريف.
كتب الشعر والأدب والمواعظ. (1) {أخرجه البيهقي في الشعب 7-381}.
(2) {جامع العلوم والحكم ص383}.
(3) خطب الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله بتصرف.
(4) استنباط من كتاب الله تَفَضَّل الله به علينا.
*فاحْمَدُوا الله يا عبادَ الله، أنَّكُم لَسْتُمْ من أولئك التائهين الشارِدِين* الذين فَتَحُوا أَعْيُنَهم على العُمْر الذي يتمتعون به في دُنياهم هذه دُونَ أن يعلموا أيَّ مَعْنًى لهذا العُمْر.
ودُونَ أن يعلموا من أين كانت البداية، وإلى أين النهاية بعد هذه الحياة؟
ودون أن يتَصَوَّرُوا أنَّ لهم إلهاً قَيُّوماً مَبْدَؤُهمْ منه ومُنْتَهَاهُم إليه.
كَمْ وَكَمْ يُعَانُونَ مِنَ الشَّقِاء! وكَمْ وَكَمْ يُعَانُونَ من الآلامِ النفسية التي تأخذ منهم بالخِناق، ولكنهم لا يجدون تَرْجَمَةً لمُعاناتهم النفسية إلا كُؤوسَ الخمر التي يَلْجَؤُون إليها.
ولو أنهم عرفوا الله، ولو أن قلوبَهم ارْتَبَطَتْ بالله، ولو أنَّهم فَتَحُوا أَعْيُنَهم على كتابِ الله عز وجل الذي يَقُصُّ على الإنسان بحقيقته بأنهٌ مخلوقٌ ليكون عبْدًا لله، ثم يرى في كتاب ربه برنامج رحلته في فِجَاجِ هذه الحياة الدنيا.
نسأل الله سبحانه وتعالى، أن يملأ أفئدتنا بذكره كلما امْتَدّ بنا العُمْر، حتى إذا حانت ساعة الفراق من هذه الدنيا التافهة، وحانتْ ساعة الارتحال إلى الله عز وجل، لَهَجَتْ ألسنتُنا بمثل ما كان يلهج به لسان بلال يوم وَقَعَ في سِياقِ الموت، وسمع بعضاً من أهله يقول: واكَرْبَاه. قال: بل واطَرَبَاه، غداً نلقى الأحبة، محمداً وصحبه.
اللهم اجعلنا من هؤلاء الذين إذا دنوا إلى الموت ونهاية هذه الحياة يستبشرون بمثل ما استبشر به بلالٌ وصحبُه (3).
وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيمَ لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة.
*الخطبة الثانية*
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبدُ اللهِ ورسولُه، خَيْرُ نبيٍّ أرْسَلَه.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين. وصيتي لنفسي وإياكم يا عبادَ الله بتقوى الله وطاعته، فاتقوا الله وخافوه راقبوه. *أما بعد: فلا زلنا مع موضوع: "نهاية العام الهجري وقفات مع النفس"*
وثاني نقطةٍ في موضوع اليوم هي حول قول الله عزَّ وجل مُهَدِّدًا المُعْرضين عن أوامره:
{ *اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* }.
المعنى: اعمل ما شِئْتَ، فقد تَرَك الله لك حُرِّيَّةَ الاختيار، ولكن اعْلَمْ أنَّكَ مُراقَب { *إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* }
*فلو أنَّك وجدتَّ إنسانًا، ووجدتَّ أنه من السهل عليك أن تظلمه* ، فهو لا يستطيع أن يدافع عن نفسه، وليس له من يدافع عنه، فظلمْتَهُ، ووجدتَّ أنَّه لا رقيبَ عليك ولا حسيب، إذًا: { *اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* }، إن الله يبصر كُلَّ أعمالِك، فلا تَظُنَّ نفسك هَمَلًا من دون مراقبٍ ولا مُحَاسِب.
*إذا أردتَّ أن تنهب وتستولي على حقوق الناس* ؛ لأنهم ضعفاء، أو لأنهم لا يطالبون، أو لأنكَ مُخْفِي عليهم الحقوق ولا يعلمون أنَّها ميراثُهم أو حقوقهم، أو لأنهم يخجلون منك كما هو في الأرحام الذين يَسْتَحْيُونَ من المُطَالبَةِ بحقوقهم، فاستوليْتَ على هذا وعلى حق هذا..
فَخُذْ ما يَحْلُو لك، ولكنْ: { *اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* }.
*تسلَّلْتَ في الظلام، وأفزعْتَ الأنام،* وأخذْتَ الحرام، وألقيْتَ على وجهك اللِّثام، ورَجعْتَ إلى بيتك بسلام، وأَصْبحَ عليك الصباح فخرجْتَ بين الناس تَسْخَطُ على الظالمين، وتَلعنُ المُؤْذِينَ والمُتَعَدِّين الذين لا يدَعُون الخلق وحقوقَهم سالمين، ثم اطْمأَنَّتْ نفسُك أنه لم يَنْتَبِهْ لك أحد.
بلى واللهِ لقد رآكَ من قال لك: { *اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* }.
*تركتَ الصلاة، واستَهنْتَ بمفروضات الله* ، وانتهكتَ المُحَرَّمات من دون وازعٍ يردع، ولا ضميرٍ يُسمَع، وتحسب أنه لن يلومَك أحد، ولن يُحاسبَك على ذلك أحد.
إذا تَصَوَّرْتَ هذا فافْعَلْ ما يَحْلُو لك، ولكنْ واللهِ إنك مُرَاقَب، { *اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ* }.
*خُنْتَ الأمانة، واصْطَحَبْتَ الخيانة،* وتهاونْتَ في عملك، وقصرْتَ في واجبك نَحْوَ أولادِك وأهلِك وأبويك وجيرانِك، وحَقَدتَ على هذا، وشوَّهتَ بسُمعَةِ ذاك، ونَكَبْتَ هذا، وفضحْتَ عِرْضَ ذاك، وشهدتَ كذبًا ضِدَّ هذا، وزَوَّرْتَ على ذاك، وظَنَنْتَ نفسَك بلا رقيب.
إذا ظننتَ هذا فاقْتَرِف المُحرَّمات، وَقَصِّرْ في الواجباتْ، واظْلِم المخلوقاتْ، ولكنَّكَ واللهِ سَتُسَاءَل، وسَتَكْتَشِفُ أنَّ كُلَّ شيءٍ عَمِلْتَهُ قدْ وُثِّقَ عليكَ بالصَّوت والصُّورة، وستراه بنفسك يوم رُجُوعِك إلى العليم القدير: { *فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ
بسم الله الرحمن الرحيم
*خطبة "نهاية العام الهجري*
*وقفات مع النفس" ذو الحجة*
جمع وإعداد منصور علي عبد السلام محمد وفقه الله وإياكم لصالح الأعمال وتقبل منه ومنكم.
الحمد لله مُنْشِئِ الموجوداتْ، وبَاعِثِ الأمواتْ، وسامِعِ الأصواتْ، ومُجِيبِ الدَّعَوَاتْ، وكَاشِفِ الكُرُبَاتْ، عَالِمُ الأَسرارْ، وغَافِرُ الأَوْزَارْ، ومُنَجِّي الأبرارْ، ومُهْلِكُ الفُجَّارْ.
الأوَّلُ الذي ليس له ابْتِداءْ، والآخر الذي ليس له انْتِهَاءْ، الصَّمَدُ الذي ليس له وُزَرَاءْ، والواحدُ الذي ليس له شُرَكَاءْ، سبحانَهُ مَنْ نَوَّرَ بِمَعْرِفَتِهِ قلوبَ أحْبَابِهْ، وطَهَّرَ سَرَائِرَهُمْ فَتَمَتَّعُوا بلذيذِ خِطَابِهْ.
وأشهد ألَّا إله إلا الله وحده ربي لا شريك له، أنا المكروب الذي مدَّ إليك يدَهْ، وأنت الكريم الذي لا يردُّ مَنْ قَصَدَهْ.
يا خَـــالِقَ الخَلْـــقِ يا رَبَّ العِبَادِ ومَنْ قَدْ قَالَ في مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ ادْعُونِي
إِنِّـــي دَعَــوْتُكَ مُضْطَرًّا فَخُــذْ بِيَــدِي يا جَاعِلَ الأَمْرِ بَيْنَ الْكَافِ والنُّونِ
نَجَّيْـتَ أَيُّوبَ مِــــنْ بَلْوَاهُ حِيــــنَ دَعَا بِصَبْــرِ أَيُّوبَ يا ذا اللُّطْفِ نَجِّينِي
واطْلِقْ سَرَاحِي وامْنُنْ بالخَلَاصِ كَمَا نَجَّيْتَ مِنْ ظُلُمَاتِ البَحْرِ ذَا النُّونِ
وأشهدُ أنَّ سيدنا ونبينا محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه.
كلُّ العلماءِ مِنْ أهْلِ الدِّينِ تلاميذٌ في مَدْرَسَتِهْ، وكلُّ القَادَةِ مِنْ أَهْلِ الصَّلاحِ جُنودٌ تحتَ لِوَائِهِ وقِيَادَتِهْ.
وعَجَزْتُ عن مَدْحِ الحبيبِ وحُسْنِهِ فالنُّورُ ليسَ تَخُطُّهُ الأقْـــلامُ
هُـــــوَ خَــاتمُ الرُّسْلِ الكِـــرَامِ نَبِيُّنَا هُــــو سَيِّــدٌ للعالمينَ إِمَـــامُ
رُوحي فِـــدَاهُ وكُـلُّ ما مَلَكَتْ يَدِي أَتُرَى سَيُسْعِفُ باللقَاءِ مَنَـامُ
صلَّـــى عليـــهِ اللهُ ما اعْتَزَّ امْرُؤٌ ومَضَى يُبَاهِي دِينُهُ الإسْلامُ
اللهم فصلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين الأطهار، وصَحابته الأخيار، والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
وصيتي لنفسي وإياكم يا عباد الله بتقوى الله، فاتقوا الله وخافوه وراقبوه، ولْنعلمْ جميعا علم يقين أننا جميعا بين يَدَيْ ربنا موقوفون، وعلى أعمالنا محاسبون، وعلى تفريطنا نادمون، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
اللهم ارْفَعْ حِجابَ الغَفلةِ عن قلوبِنا، وارْفَع الشُّرُودَ مِن أَذْهَانِنا، وارْفَع النُّعَاسَ وَقْتَ الخُطبةِ مِن أَعْيُنِنَا، واجعلنا جميعا مع الذكرى مِمَّنْ كان له قلبٌ أو ألقى السمعَ وهو شهيد:
أما بعد: فسنقف في هذه اليوم المبارك مع موضوع: "نهاية العام الهجري وقفات مع النفس"
ونقاط خطبتنا في هذا اليوم المبارَك نقطتان:
الأولى: ما هو الفرق ما بين المؤمن والغافل والجاحد عندما ينقضي عام؟
الثانية: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}.
*النقطة الأولى: ما هو الفرق ما بين المؤمن والغافل والجاحد عندما ينقضي عام؟*
أيها الإخوة المؤمنون:
نودع عامًا هجريًّا كاد أن ينقضي، ونستقبل عامًا جديدًا، وإذا تأمَّلنا إلى أحوال الناس مع وداع العام نجدُ أنَّ هناك اختلافًا وفرْقًا في مواقفهم حول انقضاء العام، ولذا كانت أولَى نقاطنا حول:
ما هو الفرْقُ ما بينَ المؤمنِ بالله عز وجل، والمُوقنِ بلقاءِ الله سُبحانَهُ وتعالى، والغافلِ عن الله ولقائه، والجاحدِ باللهِ عزَّ وجل؛ عندما يمضي من حياة كُلٍّ منهم عام، ويُقبل عام آخر؟
*إنَّ الفرْق ما بين الثلاثة: أنَّ المؤمن بالله والمُوقن بلقاء الله عز وجل* كلما مضَى من حياته عام شَعَرَ بأنَّهُ أصبحَ أكثرَ قُرْبًا مِنَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وأَنَّ ميقاتَ الرُّجوعِ إليه، والوُقوفِ بين يديه أصبح قريبًا، ومِنْ ثَمَّ فهو يعودُ إلى نفسه؛ فإن رأى أنه مُحسنٌ بتوفيقِ الله عز وجل، ومستقيمٌ على أوامره، فإنَّ قلبَه يفيض شُكْرًا للهِ سبحانه وتعالى، وفَرِحَ واسْتَبْشَر.
وإن رأى أنه مقصِّر شاردٌ عن صراطِ الله سبحانه وتعالى وأوامِرِه، تَدَارَكَ ما فاتَه، وأصلح بقيةَ أيامه الباقية من حياتِهِ، واستغْفَرَ وتابَ وَآَب، فهو في كلا الحالين سعيدٌ بصلته بالله عز وجل.
*أما المسلم الغافل عن الله، المُعْرِض* الذي لم يأخذ من الدين إلا اسْمَه، ولم يَصْطَحِبْ مِن الإسلام إلا رَسْمَه.
الذي لا يَحْسِبُ حِسابًا لِلِقَاء الله.. فإنَّ الأعوامَ تمضي عليه، فعامٌ يمضي وعامٌ يقبل وهو غافلٌ عن الله وعن لقاء الله، بعض هؤلاء الغافلين قد طَغَتْ عليهم الدنيا، وظلوا مُنْبَهِرِين بها ونَسُوا الآخرة والاستعداد لها، مع أنَّهم يعتقدون بالقيامة والحساب والجنة والنار، ولكنَّ سلوكَ الكثيرين منهم وعملهم بعيدٌ كلَّ البُعْد عن هذا العلم الذي يعتقدونه.
أما بــعــد : -
أيها المسلمون يقول الله جل وعلا في كتابه الكريم : ﴿هُوَ الَّذي يُريكُم آياتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُم مِنَ السَّماءِ رِزقًا وَما يَتَذَكَّرُ إِلّا مَن يُنيبُ﴾ [غافر: ١٣] يعني: الذين يستشعرون ذلك ويتدبرون فيما يحصل وما ينزل من كرم الله جل وعلا ما ينتبه لذلك إلا من ينيب
فأهل الإنابة إن رُزِقوا شَكروا وإن مُنِعوا صبروا وهم حامدون لله في السراء والضراء إن اخضرت الأرض كان له فيها عبرة وإن أغبرت الأرض كان له فيها عبرة
إن رأى العافية في الأبدان كان له فيها عبرة وإن رأى الأمراض كان له فيها عبرة، فهو ينظر إلى صنع الله عز وجل وحكمته في خلقه بعين بصيرته فمن هم هؤلاء ؟! هم أهل الإنابة وما يتذكر إلا من ينيب، وهذه الصفة من صفات الأنبياء قال الله عز وجل : ﴿إِنَّ إِبراهيمَ لَحَليمٌ أَوّاهٌ مُنيبٌ﴾ [هود: ٧٥]
ومن صفات المتقين أهل الجنة قال الله جل وعلا : ﴿وَأُزلِفَتِ الجَنَّةُ لِلمُتَّقينَ غَيرَ بَعيدٍ هذا ما توعَدونَ لِكُلِّ أَوّابٍ حَفيظٍ مَن خَشِيَ الرَّحمنَ بِالغَيبِ وَجاءَ بِقَلبٍ مُنيبٍ﴾ [ق: ٣١، ٣٢، ٣٣]
فأهل الإنابة هم الذين رجعوا إلى الله وانكسرت قلوبهم بين يدي الله وخشعوا لله وخضعوا لله ورضوا عن الله وساءتهم سيئاتُهم وسرتهم حسناتُهم وكثرت توبتهم وكثر استغفارهم هؤلاء هم المنيبون وزدهم من الأوصاف الحسنة ما شئت، فلهذا إذا رزقك الله الإنابة فقد رزقت خيراً عظيماً ويقول الله جل وعلا : ﴿…وَنُخَوِّفُهُم فَما يَزيدُهُم إِلّا طُغيانًا كَبيرًا﴾ [الإسراء: ٦٠]
هذه صفة لفئة من الناس يرسل الله عليهم من العقوبات ما شاء يرسل الصواعق يرسل العواصف يرسل عليهم الدمار يحصل لهم القحط يحصل لهم الأوبئة والأمراض فلا يزدادون إلا طغياناً {ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً}، وأنت تلاحظ يا عبد الله شيئاً من ذلك يعيشه الناس، أنت ترى كم قد حصل في المجتمع من البلاء والمصائب من اختلال الأمن وحصول القحط وضيقٍ في الرزق وسوء في المعيشة وغير ذلك من البلاء ومع ذلك ترى المرابي على رباه والعاق على عقوقه والقاطع على قطيعته بل ازداد كثير من الناس سلوك طرائق فيها اكتساب المعيشة من طرق محرمة لا يبالي بذلك ألا ترى الآية يظهر لك معناها أمام عينك {ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغياناً كبيراً }
إن عقوبة الله بانقطاع الأمطار ليس أمراً سهلاً فالله عز وجل قد عاقب فرعون الطاغية بالسنين {ولقد آخذنا آل فرعون بالسنين}
والمراد بالسنين انقطاع الأمطار عقوبة طأطأت رأس فرعون وقومه ليس الأمر هيِّناً وعندما أبطأت قريش على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أن يسلموا قال: اللهم اجعلها عليهم سبعاً كسبع يوسف فحصلت لهم سنة واحدة حصت ما بأيديهم حتى أكلوا الجلود والميتات وكان أحدهم ينظر إلى السماء فيُخَيل إليه أن في الهواء دخاناً وما هو إلا الجوع فجاء من أتى إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من مشركي قريش قال : يا محمد أنت تدعو إلى صلة الرحم ادعو الله لقومك فدعا لهم، فالشاهد أن عقوبة القحط ليست سهلة بل هو أمر عظيم.
أيها المسلمون :-
جاء في حديث ابن عمر عند ابن ماجة سبب أو سببان من أسباب العقوبة بالقحط قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم:( يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن وأعوذ بالله أن تدركوهن) قال فيما أردته في ذلك الحديث قال: (ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أُخِذوا بالسنين وشدة المؤونة وجور السلطان عليهم ) المعصية في المكيال والميزان والعقوبة لا تخطر على بال العقوبة الأولى: السنين وهي انقطاع الأمطار
العقوبة الثانية: شدة المؤونة باختصار : أن يكون صرفك أكثر من دخلك فتشتد عليك المؤونة فتبقى لك مطالب لا يتسع كسبك لتغطيتها، قال: (وجور السلطان عليهم) فترى الحاكم عليه أو شيخ القبيلة أو مدير المدرسة أو مسؤول الشركة إلى غير ذلك ترى أنه يسلط عليك بالظلم.
والمعصية من الدكان من تطفيف المكاييل والموازين، ثم قال: (ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا مُنِعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا) لولا البهائم لم يمطروا بسبب قطع الزكاة، قال:( إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا)
يصبح حمار الرجل أولى بالمطر من راكبه الأبقار والأغنام أولى بالمطر من أصحابها ومن غيرهم من الناس فتنزل الأمطار ويبذر الناس الأرض من أموالهم وتنشأ الزروع حتى إذا ترعرعت ونشأت وربت وأصبحت على مستوى ينتظرون أن تثمر وإذا بالمطر يقف فيضطرون لحصدها علفاً لبهائمهم ودوابِّهم (ولولا البهائم لم يمطروا) ونصبح بسبب معاصينا خداماً للأبقار والأغنام والحمير وغيرها وما هو إلا بسبب المعصية.
فهلا من توبة نحن كلنا محتاجون إلى أن نحاسب أنفسنا وأن يقف كل إنسان مع نفسه بانفراده يتذكر سيئاته ويتذكر ذنوبه صغائرها وكبائرها لا تستسهل الصغائر ولا تغض الطرف عنها بل حاسب نفسك على كل صغير وكبير ثم تب إلى الله عز وجل وأقلع عن هذا الذنب وارجع إلى الله عز وجل .
🎤
*خطـبة جمـعة بعنوان :*
*انــقــــــطـاع.الأمـــطـار.tt*
*للشيخ/ عبدالعزيز البرعي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبــة.الاولــى.cc*
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾ [آل عمران: ١٠٢] .
﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾[النساء: ١] .
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾ [الأحزاب: ٧٠، ٧١]
أما بـعـد : فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل ضلالة في النار .
أيها المسلمون :-
كلامنا في هذا المقام المبارك عن ( انقطاع المطر وتأخره عن إبانه).
واعلموا أيها الناس أن المصائب لا تنزل إلا بذنب ولا ترفع إلا بتوبة، فنسأل الله عز وجل أن يتوب علينا أجمعين وأن يهدينا أجمعين
يقول الله جل وعلا في كتابه الكريم : ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم هَل مِن خالِقٍ غَيرُ اللَّهِ يَرزُقُكُم مِنَ السَّماءِ وَالأَرضِ لا إِلهَ إِلّا هُوَ فَأَنّى تُؤفَكونَ﴾
[فاطر: ٣]
والرزق من السماء هو المطر فليس هناك أحدٌ سوى الله جل وعلا يقدر على إنزال المطر، فالله هو الذي يرزق عباده رزقاً سماوياً ورزقاً أرضياً
قال الله جل وعلا : {وَفِي السَّماءِ رِزقُكُم وَما توعَدونَ} وتقديم الجار والمجرور لإفادة الحصر أي: ليس رزقكم إلا في السماء {وَفِي السَّماءِ رِزقُكُم وَما توعَدونَ فَوَرَبِّ السَّماءِ وَالأَرضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثلَ ما أَنَّكُم تَنطِقونَ}
فيقسم الله بنفسه ليؤكد لنا ذلك والله صادِق ومُصَدَّق بدون يمين ولكنه أراد أن يؤكد ذلك لتطمئن النفوس ثم قال: {مِثلَ ما أَنَّكُم تَنطِقون} أي: كما لا تشك أنك تنطق فلا تشك في أن رزقك في السماء
فالله قد كتب الأرزاق وجعل لها أسبابها، ويقول الله عز وجل: ﴿وَلَقَد أَرسَلنا إِلى أُمَمٍ مِن قَبلِكَ فَأَخَذناهُم بِالبَأساءِ وَالضَّرّاءِ لَعَلَّهُم يَتَضَرَّعونَ فَلَولا إِذ جاءَهُم بَأسُنا تَضَرَّعوا وَلكِن قَسَت قُلوبُهُم وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيطانُ ما كانوا يَعمَلونَ﴾ [الأنعام: ٤٢، ٤٣]
يعني: أنه يبتلي الأمم أمة بعد أمة بما يحصل لهم من البُؤس والضر عساهم أن يرجعوا إليه جل وعلا، عسى أن يتبعوا الرسل، عسى أن يتوبوا من ذنوبهم، عسى أن يفيقوا من سباتهم ومن غفلتهم، ومعنى يتضرعون أي: يدعون الله عز وجل بإلحاح كما يصنع الصبي يوم أن يرضع من ثدي أمه فترى ما هو عليه من الإلحاح والشغف والشوق والرغبة
ولكن الذي حصل من أولئك الأمم أنهم أعرضوا فلم يتضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون
وهذا يحصل حتى في هذه الأعصار وليس ذلك على الأمم السابقة فقط
فكم من الناس عند انقطاع الأمطار ربما تسخطوا على الله عز وجل، وفي بعض المناطق النائية ربما تركوا الصلاة بحجة انعدام الماء وأن يُبقوا الماء لاستخداماتهم الخاصة، وربما يبقى الرجل جنباً الأيام والليالي فأصيب الناس بقسوة القلب وزيادة في البعد عن الله عز وجل
والذي كان ينبغي وهو الواجب الرجوع إلى الله عز وجل ويستشعر العبد أن عنده ذنوباً وأن عنده معاصياً ولا يرمي بلائمة ذلك على غيره فذنوبنا مجتمعة ومشتركة وتظافرت حتى سببت لنا أن تنزل بنا العقوبة وأن يحل بنا البلاء قال الله جل وعلا في كتابه الكريم : ﴿وَما أَصابَكُم مِن مُصيبَةٍ فَبِما كَسَبَت أَيديكُم وَيَعفو عَن كَثيرٍ﴾ [الشورى: ٣٠]
يعني : أن الذي يصيبنا إنما هو عقوبة على بعض المعاصي لا كلها
فالله يعفو عن كثير وما العقوبة إلا عن شيء يسير من ذنوبنا ﴿وَلَنُذيقَنَّهُم مِنَ العَذابِ الأَدنى دونَ العَذابِ الأَكبَرِ لَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾ [السجدة: ٢١]
فالعذاب الأكبر في القبر وفي المحشر والنار والذي يصيبنا في الدنيا إنما هو شيء يسير مقارنة بالعذاب الذي في القبور والذي في الحشر والذي في نار جهنم والله يريد منا أن نرجع إليه يوم أن ينزل علينا بعض العقوبات، ويقول جل وعلا في كتابه الكريم : ﴿ظَهَرَ الفَسادُ فِي البَرِّ وَالبَحرِ بِما كَسَبَت أَيدِي النّاسِ لِيُذيقَهُم بَعضَ الَّذي عَمِلوا لَعَلَّهُم يَرجِعونَ﴾ [الروم: ٤١]
ﻓَﺈِﻧَّﻤَﺎ ﻳَﻀِﻞُّ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﺰِﺭُ ﻭَﺍﺯِﺭَﺓٌ ﻭِﺯْﺭَ ﺃُﺧْﺮَﻯ ﻭَﻣَﺎ ﻛُﻨَّﺎ ﻣُﻌَﺬِّﺑِﻴﻦَ ﺣَﺘَّﻰ ﻧَﺒْﻌَﺚَ ﺭَﺳُﻮﻟًﺎ ﴾ [ﺍﻹﺳﺮﺍﺀ: 12 - 15]...
ﺃﻗﻮﻝ ﻣﺎ ﺗﺴﻤﻌﻮﻥ ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﻭﻟﻜﻢ ﻭﻟﺴﺎﺋﺮ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﺎﺕ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺫﻧﺐ ﻓﺎﺳﺘﻐﻔﺮﻭﻩ إﻨﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ...
-:(( ﺍﻟﺨﻄﺒﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ )):-
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﻣﻨﺸﺊ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺭ، ﻭﻣﻔﻨﻲ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺪﻫﻮﺭ، ﻭﻣﻴﺴﺮ ﺍﻟﻤﻴﺴﻮﺭ ﻭﻣﻘﺪﺭ ﺍﻟﻤﻘﺪﻭﺭ، ﻳﻌﻠﻢ ﺧﺎﺋﻨﺔ ﺍﻷﻋﻴﻦ ﻭﻣﺎ ﺗﺨﻔﻲ ﺍﻟﺼﺪﻭﺭ.
ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟـﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ ﺍﻟﺸﻜﻮﺭ.
ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﺃﻓﻀﻞ ﺃﻣﺮ ﻭﺃﺟﻞ ﻣﺄﻣﻮﺭ.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ. ﻭﺿﺎﻋﻒ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻟﻬﻢ ﺍﻷﺟﻮﺭ...
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ:
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﺇﻧﻨﺎ ﻋﻠﻰ ﺷﺮﻑ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﻋﺎﻡ ﻫﺠﺮﻱ ﺭﺑﻤﺎ ﻟﻢ ﻳﺒﻘﻰ ﻣﻨﻪ ﺇﻟا أيام، ﻓﻴﺰﺩﺍﺩ ﺑﺬﻟﻚ ﺃﻋﻮﺍﻣﻨﺎ ﻋﺎﻣﺎ ﻭﺗﻨﻘﺺ ﺃﻋﻤﺎﺭﻧﺎ ﻋﺎﻣﺎ ﻭﻧﺪﻧﻮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻋﺎﻣﺎ،
ﻓﻜﻞ ﺳﺎﻋﺔ ﺫﻫﺒﺖ ﻟﻦ ﺗﻌﻮﺩ ، ﻭﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻣﻀﻰ ﻟﻦ ﻳﻌﻮﺩ ﻭﻛﻞ ﺷﻬﺮ ﻭﻛﻞ ﺳﻨﺔ ﺫﻫﺒﺖ ﻟﻦ ﺗﻌﻮﺩ،
ﻓﺎﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ : ﻭﺍﺳﺘﺪﺭﻛﻮﺍ ﻋﻤﺮﺍً ﺿﻴﻌﺘﻢ ﺃﻭﻟﻪ،
ﻓﺮﺣﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺒﺪﺍً ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﻘﻮﺓ ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ،
ﻭﺃﺳﺮﻉ ﺑﺎﻟﺘﻮﺑﺔ ﻭﺍﻹِﻧﺎﺑﺔ ﻗﺒﻞ ﻃﻲ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ،
ﻭﺃﺧﺬ ﻧﺼﻴﺒﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﺒﺎﻗﻴﺎﺕ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺳﺎﻋﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ،
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﻘﻮﻝ ﻳﺎ ﺃﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﺍﻏﺘﻨﻤﻨﻲ ﻓﺈﻧﻚ ﻻ ﺗﺪﺭﻱ ﻟﻌﻠﻪ ﻻ ﻳﻮﻡ ﻟﻚ ﺑﻌﺪﻱ، ﻭﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻣﺜﻞ ﺫﺍﻟﻚ...
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺠﻮﺯﻱ: ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻟﻺﻧﺴﺎﻥ ﺃﻥ ﻳﻌﺮﻑ ﺷﺮﻑ ﺯﻣﺎﻧﻪ ﻭﻗﺪﺭ ﻭﻗﺘﻪ ﻓﻼ ﻳﻀﻴﻊ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﻏﻴﺮ ﻗﺮﺑﺔ.
ﻭﻗﺎﻝ ﺃﻳﻀﺎً ﻭﺃﻋﻠﻢ ﺃﻥ ﺍﻟﺰﻣﺎﻥ ﺃﺷﺮﻑ ﻣﻦ ﺃﻥ ﻳﻀﻴﻊ ﻣﻦ ﻟﺤﻀﻪ ﻓﺈﻥ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻪ - ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ - ﻗﺎﻝ:((ﻣﻦ ﻗﺎﻝ ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﺑﺤﻤﺪﻩ ﻏﺮﺳﺖ ﻟﻪ ﺑﻬﺎ ﻧﺨﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ))...
ﻓﻴﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻮﻥ : ﻛﻢ ﻧﺨﻠﺔ ﺿﻴﻌﻨﺎﻫﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻟﺤﻈة ﻭﺍﺣﺪﺓ ﺗﻘﻮﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻭﺑﺤﻤﺪﻩ ﺗﻜﻮﻥ ﻏﺮﺳﺎً ﻟﻚ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ،
ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﺑﺴﺘﺎﻥ ﺿﻴﻌﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ؟
ﻛﻢ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ ﺃﺿﻌﻨﺎﻫﺎ ﻓﻔﺎﺗﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﺜﻮﺍﺏ ﺍﻟﺠﺰﻳﻞ...
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﻛﻢ ﺗﻤﺮ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﻭﺍﻟﺤﺎﻝ ﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﻝ ، ﻻ ﻳﺘﻐﻴﺮ ﻭﻻ ﻳﺘﺒﺪﻝ ﻋﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﻏﻔﻠﺔ ﻭﻗﺴﻮﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﻭﻣﻌﺎﺹ ﺑﻠﻐﺖ ﻋﻨﺎﻥ ﺍﻟﺴﻤﺎﺀ،
ﺃﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺮﺣﻤــﻦ ﻣﻌﻄﻠﺔ ، ﻭﺃﻭﺍﻣﺮ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺗﻨﻔﺬ ،
ﺍﻧﺸﻐﻞ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺑﺎﻟﻤﻌﺎﺻﻲ، ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ، ﻗﺎﻟﻮﺍ ﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ،
ﻭﻟﻜﻦ ﺃﺧﻲ ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﻓﻌﺎﻟﻚ؟
ﺃﻳﻦ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﺃﻗﻮﺍﻟﻚ؟
ﺃﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻗﻠﺐ ﻧﺎﻩ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻤﺮ ﻭﺍﻧﺼﺮﻡ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﺎﻋﺎﺕ؟!!
ﻗﺎﻝ ﺍﻷﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ: (ﺍﻟﻌﺠﺐ ﻣﻤﻦ ﻋﺮﻑ ﺭﺑﻪ ﺛﻢ ﻋﺼﺎﻩ ﻭﻋﺮﻑ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺛﻢ ﺃﻃﺎﻋﻪ)...
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﻫﻼ ﺗﻔﻜﺮﺗﻢ ﺃﻳﻦ ﻣﻦ ﻛﺎﻥ ﻗﺒﻠﻜﻢ ﻓﻲ ﺍﻷﻭﻗﺎﺕ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﺔ ؟
ﺃﻣﺎ ﻭﺍﻓﺘﻬﻢ ﺍﻟﻤﻨﺎﻳﺎ ﻭﻗﻀﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ القاضية ؟
ﺭﺣﻠﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ،ﻭﻗﻞ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺑﻌﺪﻫﻢ ﺑﻘﺎﺅﻧﺎ،
ﻫﺬﻩ ﺩﻭﺭﻫﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻮﺍﻫﻢ،
ﻫﺬﺍ ﺻﺪﻳﻘﻬﻢ ﻗﺪ ﻧﺴﻴﻬﻢ ﻭﺟﻔﺎﻫﻢ.
ﺃﺧﺒﺎﺭﻫﻢ ﺍﻟﺴﺎﻟﻔﺔ ﺗﺰﻋﺞ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ،
ﻭﺃذﻛﺎﺭﻫﻢ ﻳﺼﺪﻉ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻷﺣﺒﺎﺏ، ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻬﻢ ﻋﺒﺮﺓ ﻟﻠﻤﻌﺘﺒﺮﻳﻦ،
ﻓﺘﺄﻣﻠﻮﺍ ﺃﺣﻮﺍﻝ ﺍﻟﺮﺍﺣﻠﻴﻦ، ﻭﺍﺗﻌﻈﻮﺍ ﺑﺎﻷﻣﻢ ﺍﻟﻤﺎﺿﻴﻦ، ﻟﻌﻞ ﺍﻟﻘﻠﺐ ﺍﻟﻘﺎﺳﻲ ﻳﻠﻴﻦ،
ﻭﺍﻧﻈﺮﻭﺍ ﻷﻧﻔﺴﻜﻢ ﻣﺎ ﺩﻣﺘﻢ ﻓﻲ ﺯﻣﻦ ﺍﻹِﻣﻬﺎﻝ، ﻭﺍﻏﺘﻨﻤﻮﺍ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻜﻢ ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ، ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻘﻮﻝ ﻧﻔﺲ ﻳﺎ ﺣﺴﺮﺗﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﺮﻃﺖ ﻓﻲ ﺟﻨﺐ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻴﻘﺎﻝ ﻫﻴﻬﺎﺕ ﻓﺎﺕ ﺯﻣﻦ ﺍﻹِﻣﻜﺎﻥ، ﻭﺣﺼﻞ ﺍﻹِﻧﺴﺎﻥ ﻋﻠﻰ ﻋﻤﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻴﺮ ﺃﻭ ﻋﺼﻴﺎﻥ،
ﻓﻨﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻳﺎ ﻛﺮﻳﻢ ﻳﺎ ﻣﻨﺎﻥ، ﺃﻥ ﺗﺨﺘﻢ ﻋﺎﻣﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺑﺎﻟﻌﻔﻮ ﻭﺍﻟﻐﻔﺮﺍﻥ، ﻭﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺍﻟﺠﻮﺩ ﻭﺍﻻﻣﺘﻨﺎﻥ،
ﻭﺃﻥ ﺗﺠﻌﻞ ﻋﺎﻣﻨﺎ ﺍﻟﻤﻘﺒﻞ ﻋﺎﻣﺎً ﻣﺒﺎﺭﻛﺎً ﺣﻤﻴﺪﺍً،
ﻭﺗﺮﺯﻗﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﺭﺯﻗﺎً ﻭﺍﺳﻌﺎً ﻭﺗﻮﻓﻴﻘﺎً ﻭﺗﺴﺪﻳﺪﺍً،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺧﺘﻢ ﺑﺎﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ، ﻭﺃﺻﻠﺢ ﻟﻨﺎ ﺟﻤﻴﻊ ﺃﺣﻮﺍﻟﻨﺎ...
هـــذا ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻭﺳﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺍﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺍﺓ ،
النبي المصطفى والرسول المجتبى ،
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪﻭﺗﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة.
ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻼﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ} [ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ: 56].
فأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم، يُعظِم الله لكم بها أجرا، وتؤدوا شيئاً من حقوق نبيّكم عليكم، وتمتثلوا أمر الله عزّ وجل لكم.
اللهم صلّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد
اللهم ارزقنا محبته، وارزقنا اتباعه ظاهراً وباطنا، اللهم ارزقنا تقديم هديه على كل هدي، وقوله على كل قول يا ربّ العالمين.
اللهم توفنا على مِلّته
اللهم احشرنا في زُمرته
اللهم أدخلنا في شفاعته
اللهم أسقنا من حوضه
اللهم اجمعنا به في جنات النعيم، مع الذين أنعمتَ عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين.
اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين، وعن زوجاته أمّهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﺰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺃﺫﻝ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ، ﻭﺍﺣﻢ ﺣﻮﺯﺓ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺁﻣﻨﺎً ﻣﻄﻤﺌﻨﺎً ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺁﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﻃﺎﻧﻨﺎ ﻭﺃﺻﻠﺢ ﺃﺋﻤﺘﻨﺎ ﻭﻭﻻﺓ ﺃﻣﻮﺭﻧﺎ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻭﻻﻳﺘﻨﺎ ﻓﻴﻤﻦ ﺧﺎﻓﻚ ﻭﺍﺗﻘﺎﻙ ﻭﺍﺗﺒﻊ ﺭﺿﺎﻙ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ...
خطبة 🎤 بعنوان
" ﻓﻲ ﻭﺩﺍﻉ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ "
🕌🕋🌴🕋🕌
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺧﻠﻔﺔ ﻟﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺃﻭ ﺃﺭﺍﺩ ﺷﻜﻮﺭﺍً...
ﻭﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﺿﻴﺎﺀ ﻭﺍﻟﻘﻤﺮ ﻧﻮﺭﺍً...
الحمد لله المتفرد بوحدانية الألوهية،
المتعزز بعظمة الربوبية،
القائم على نفوس العالم بآجالها،
والعالم بتقلبها وأحوالها،
المانّ عليهم بتواتر آلائه، المتفضل عليهم بسوابغ نعمائه،
الذي أنشأ الخلق حين أراد بلا معين ولا مشير، وخلق البشر كما أراد بلا شبيه ولا نظير،
ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ ﻭﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺗﻌﺎﻟﻰ ﻋﻤﺎ ﻳﻘﻮﻝ ﺍﻟﻈﺎﻟﻤﻮﻥ ﻋﻠﻮﺍ ﻛﺒﻴﺮﺍً...
ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺃﺻﺤﺎﺑﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍً...
﴿ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺣَﻖَّ ﺗُﻘَﺎﺗِﻪِ ﻭَﻟَﺎ ﺗَﻤُﻮﺗُﻦَّ ﺇِﻟَّﺎ ﻭَﺃَﻧْﺘُﻢْ ﻣُﺴْﻠِﻤُﻮﻥَ ﴾ [ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ: 102].
﴿ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺭَﺑَّﻜُﻢُ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺧَﻠَﻘَﻜُﻢْ ﻣِﻦْ ﻧَﻔْﺲٍ ﻭَﺍﺣِﺪَﺓٍ ﻭَﺧَﻠَﻖَ ﻣِﻨْﻬَﺎ ﺯَﻭْﺟَﻬَﺎ ﻭَﺑَﺚَّ ﻣِﻨْﻬُﻤَﺎ ﺭِﺟَﺎﻟًﺎ ﻛَﺜِﻴﺮًﺍ ﻭَﻧِﺴَﺎﺀً ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺗَﺴَﺎﺀَﻟُﻮﻥَ ﺑِﻪِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺣَﺎﻡَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻛَﺎﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻜُﻢْ ﺭَﻗِﻴﺒًﺎ ﴾ [ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ: 1].
﴿ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻗُﻮﻟُﻮﺍ ﻗَﻮْﻟًﺎ ﺳَﺪِﻳﺪًﺍ *ﻳُﺼْﻠِﺢْ ﻟَﻜُﻢْ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻜُﻢْ ﻭَﻳَﻐْﻔِﺮْ ﻟَﻜُﻢْ ﺫُﻧُﻮﺑَﻜُﻢْ ﻭَﻣَﻦْ ﻳُﻄِﻊِ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﺭَﺳُﻮﻟَﻪُ ﻓَﻘَﺪْ ﻓَﺎﺯَ ﻓَﻮْﺯًﺍ ﻋَﻈِﻴﻤًﺎ ﴾ [ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ: 70، 71].
ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ:
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ:
ﺍﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﻋﺘﺒﺮﻭﺍ ﺑﻤﺎ ﺗﺮﻭﻥ ﻭﺗﺴﻤﻌﻮﻥ.
ﺗﻤﺮ ﺍﻟﺸﻬﻮﺭ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﺸﻬﻮﺭ ﻭﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﺑﻌﺪ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﻭﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﺳﺒﺎﺕ ﻏﺎﻓﻠﻮﻥ.
ﻭﻣﻬﻤﺎ ﻋﺸﺖ ﻳﺎ ﺍﺑﻦ ﺁﺩﻡ ﻓﺈﻟﻰ ﺍﻟﺜﻤﺎﻧﻴﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﺴﻌﻴﻦ.
ﻭﻫﺒﻚ ﺑﻠﻐﺖ ﺍﻟﻤﺌﻴﻦ..!!
ﻓﻤﺎ ﺃﻗﺼﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺪﺓ ﻭﻣﺎ ﺃﻗﻠﻪ ﻣﻦ ﻋﻤﺮ..!!
ﻗﻴﻞ ﻟﻨﻮﺡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻭﻗﺪ ﻟﺒﺚ ﻓﻲ ﻗﻮﻣﻪ ﺃﻟﻒ ﺳﻨﺔ ﺇﻻ ﺧﻤﺴﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً: ﻛﻴﻒ ﺭﺃﻳﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻘﺎﻝ: ﻛﺪﺍﺧﻞ ﻣﻦ ﺑﺎﺏ ﻭﺧﺎﺭﺝ ﻣﻦ ﺁﺧﺮ...
ﻓﺎﺗﻘﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ. ﻭﺗﺒﺼﺮﻭﺍ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻓﺈﻧﻬﺎ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﺗﻘﻄﻌﻮﻧﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺪﺍﺭ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺣﺘﻰ ﺗﻨﺘﻬﻮﺍ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ ﺳﻔﺮﻛﻢ. ﻭﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻳﻤﺮ ﺑﻜﻢ ﻓﺈﻧﻪ ﻳﺒﻌﺪﻛﻢ ﻋﻦ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻳﻘﺮﺑﻜﻢ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮﺓ...
ﻓﻄﻮﺑﻲ ﻟﻌﺒﺪ ﺍﻏﺘﻨﻢ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﻫﺬﻩ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺑﻤﺎ ﻳﻘﺮﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺭﺑﻪ ﻭﻣﻮﻻﻩ. ﻭﻃﻮﺑﻰ ﻟﻌﺒﺪ ﺷﻐﻠﻬﺎ ﺑﺎﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﺗﻌﻆ ﺑﻤﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻈﺎﺕ ﻭﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻷﻋﻤﺎﺭ. ﻭﻃﻮﺑﻰ ﻟﻌﺒﺪ ﺃﺳﺘﺪﻝ ﺑﺘﻘﻠﺐ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺍﻟﺒﺎﻟﻐﺔ ﻷﻭﻟﻲ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ ﻭﺍﻷﺑﺼﺎﺭ ﴿ ﻳُﻘَﻠِّﺐُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞَ ﻭَﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭَ ﺇِﻥَّ ﻓِﻲ ﺫَﻟِﻚَ ﻟَﻌِﺒْﺮَﺓً ﻟِﺄُﻭﻟِﻲ ﺍﻟْﺄَﺑْﺼَﺎﺭِ ﴾ [ﺍﻟﻨﻮﺭ: 44].
﴿ ﻫُﻮَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺟَﻌَﻞَ ﺍﻟﺸَّﻤْﺲَ ﺿِﻴَﺎﺀً ﻭَﺍﻟْﻘَﻤَﺮَ ﻧُﻮﺭًﺍ ﻭَﻗَﺪَّﺭَﻩُ ﻣَﻨَﺎﺯِﻝَ ﻟِﺘَﻌْﻠَﻤُﻮﺍ ﻋَﺪَﺩَ ﺍﻟﺴِّﻨِﻴﻦَ ﻭَﺍﻟْﺤِﺴَﺎﺏَ ﻣَﺎ ﺧَﻠَﻖَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺫَﻟِﻚَ ﺇِﻟَّﺎ ﺑِﺎﻟْﺤَﻖِّ ﻳُﻔَﺼِّﻞُ ﺍﻟْﺂَﻳَﺎﺕِ ﻟِﻘَﻮْﻡٍ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ * ﺇِﻥَّ ﻓِﻲ ﺍﺧْﺘِﻠَﺎﻑِ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﻭَﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭِ ﻭَﻣَﺎ ﺧَﻠَﻖَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻓِﻲ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕِ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽِ ﻟَﺂَﻳَﺎﺕٍ ﻟِﻘَﻮْﻡٍ ﻳَﺘَّﻘُﻮﻥَ ﴾ [ﻳﻮﻧﺲ: 5، 6].
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﺟﻤﻌﺘﻜﻢ ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺁﺧﺮ ﺟﻤﻌﺔ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻬﺠﺮﻱ.
ﻓﺒﻌﺪ ﺃﻳﺎﻡ ﻗﻼﺋﻞ ﺳﻴﻄﻮﻯ ﺳﺠﻠﻪ ﻭﻳﺨﺘﻢ ﻋﻤﻠﻪ.
ﻓﻬﻨﻴﺌﺎً ﻟﻤﻦ ﺃﺣﺴﻦ ﻓﻴﻪ ﻭﺍﺳﺘﻘﺎﻡ. ﻭﻭﻳﻞ ﻟﻤﻦ ﺃﺳﺎﺀ ﻭﺍﺭﺗﻜﺐ ﺍﻷﺟﺮﺍﻡ.
ﻓﻬﻠﻢ ﻧﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ.
ﻛﻴﻒ ﻗﻀﻴﻨﺎﻩ ﻭﻣﺎ ﺃﻭﺩﻋﻨﺎﻩ ﻓﻴﻪ.؟
ﻭﻟﻨﻔﺘﺶ ﻛﺘﺎﺏ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﺃﻣﻠﻴﻨﺎﻩ. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺧﻴﺮﺍً ﺣﻤﺪﻧﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺷﻜﺮﻧﺎﻩ. ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﺷﺮﺍً ﺗﺒﻨﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺮﻧﺎﻩ،
ﻭﻟﻴﻨﻈﺮ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻣﺮﻩ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻔﺮﻃﻴﻦ ﻭﻫﺬﺍ ﻫﻮ ﺍﻟﻮﺍﻗﻊ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﺃﻧﻨﺎ ﻓﺮﻃﻨﺎ ﻭﺃﻛﺜﺮﻧﺎ ﺍﻟﺘﺴﻮﻳﻒ ﻭﺃﻛﺜﺮﻧﺎ ﺍﻵﻣﺎﻝ ﻭﺿﻴﻌﻨﺎ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻭﺍﻷﻳﺎﻡ ،
ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﻳﻮﻡٍ ﻓﻀﻴﻞ ﺻﻴﺎﻣﻪ ﻣﺎ ﺻﻤﻨﺎﻩ،
ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﺳﺎﻋﺔ ﻓﻀِﻴﻞٌ ﻗﻴﺎﻣﻬﺎ ﻟﻢ ﻧﻘﻤﻬﺎ،
ﻓﻠﻴﺤﺎﺳﺐ ﺍﻟﻌﺎﻗﻞ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﺮﻁ ﻓﻴﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻓﻠﻴﺘﺐ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﻳﺘﺪﺍﺭﻙ ﻣﺎ ﺑﻘﻰ...
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﻛﻢ ﻳﺘﻤﻨﻰ ﺍﻟﻤﺮﺀ ﻭﻳﻔﺮﺡ ﺑﺘﻤﺎﻡ ﺷﻬﺮﻩ ﻭﻣﺮﻭﺭ ﺍﻟﺴﻨﺔ ﻋﻠﻴﻪ ﻟﻴﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺍﺗﺐ ﺍﻟﺸﻬﺮﻱ ﺃﻭ ﺍﻟﺘﻌﺪﻳﻞ ﺍﻟﺴﻨﻮﻱ،
وﻭﺍﻟﻠﻪ ﺇﻥ ﻓﺮﺣﻪ ﺑﺎﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻭﺍﻟﻌﺎﻡ ﺇﻧﻤﺎ ﻫﻮ ﻓﺮﺡٌ ﺑﻨﻘﺺ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ ﻭﺍﻟﺪﻧﻮ ﻟﻸﺟﻞ ،
ﻓﺮﺡ ﺑﺄﻧﻪ ﻳﻘﺘﺮﺏ ﻣﻦ ﻓﺮﺍﻗﻪ ﻷﻫﻠﻪ ﻭﺍﻧﺘﻘﺎﻟﻪ ﻟﻘﺒﺮﻩ. ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺫﻟﻚ ﻣﺮﺍﺣﻞ ﻧﻘﻄﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺳﻔﺮﻧﺎ. ﻭﺻﻔﺤﺎﺕ ﻧﻄﻮﻳﻬﺎ ﻣﻦ ﺩﻓﺎﺗﺮﻧﺎ. ﻓﻬﻞ ﻳﻔﺮﺡ ﺑﺬﻟﻚ ﺇﻻ ﻣﻦ ﺍﺳﺘﻌﺪ ﻟﻠﻘﺪﻭﻡ ﻋﻠﻰ ﺭﺑﻪ ﺑﺎﻣﺘﺜﺎﻝ ﺃﻣﺮﻩ...
ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ:
ﺃﻟﻢ ﺗﺮﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺸﻤﺲ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﺗﻄﻠﻊ ﻭﺗﻐﺮﺏ..!!
ﻓﻔﻲ ﻃﻠﻮﻋﻬﺎ ﺛﻢ ﻏﺮﻭﺑﻬﺎ ﺇﻳﺬﺍﻥ ﺑﺄﻥ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺪﺍﺭ ﻗﺮﺍﺭ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﻃﻠﻮﻉ ﺛﻢ ﻏﺮﻭﺏ...
ﺃﻟﻢ ﺗﺮﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﺗﺘﺠﺪﺩ ﻋﺎﻣﺎً ﺑﻌﺪ ﻋﺎﻡ.
ﻓﺄﻧﺘﻢ ﺗﻮﺩﻋﻮﻥ ﻋﺎﻣﺎً ﺷﻬﻴﺪﺍً ﻋﻠﻴﻜﻢ. ﻭﺗﺴﺘﻘﺒﻠﻮﻥ ﻋﺎﻣﺎً ﺟﺪﻳﺪﺍً ﻣﻘﺒﻼً ﺇﻟﻴﻜﻢ...
ﻓﺒﻤﺎﺫﺍ ﺗﻮﺩﻋﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻭﺗﺴﺘﻘﺒﻠﻮﻥ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪ...
ﻓﻠﻴﻘﻒ ﻛﻞ ﻣﻨﺎ ﻣﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﺤﺎﺳﺒﺎً ﻣﺎﺫﺍ ﺃﺳﻠﻔﺖ ﻓﻲ ﻋﺎﻣﻬﺎ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ. ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺧﻴﺮﺍً ﺍﺯﺩﺍﺩ ﻭﺇﻥ ﻳﻜﻦ ﻏﻴﺮ ﺫﻟﻚ ﺃﻗﻠﻊ ﻭﺃﻧﺎﺏ. ﻓﺈﻧﻤﺎ ﺗﻤﺤﻲ ﺍﻟﺴﻴﺌﺔ ﺑﺎﻟﺤﺴﻨﺔ...
الآيات والذكر الحكيم, أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب, فاستغفروه إنه هوالغفور الرحيم.
الخطبـــة.الثانيـــة.cc
إن الحمد لله, نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهد الله فلا مظل له ومن يضلل فلا هادي له,
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه.
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً {1}}النساء.
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً {70} يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً {71}}الأحزاب.
أيها الناس :
إن من حكمة الله عز وجل أن جعل السَنَة اثنا عشر شهراً, قال تعالى:
{ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ {36}}التوبة.
وجعل الشهر ثلاثين, أو تسعة وتسعين يوماً, قال صلى الله عليه وسلم:
"الشهر هكذا وهكذا وهكذا, وأشار بأصابع يديه العشر ثم قال: ويكون هكذا وهكذا وهكذا, وقبض في الثالثة إحدى أصابعه عليه الصلاة والسلام"
وتعاقب الأعوام والشهور والأيام فيه عبرة لأولي الألباب, قال تعالى:
{ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِّمَنْ أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُوراً {62}} الفرقان.
في هذه الأعوام يموت أقوام ويولد آخرون, ويذل أقوام ويعز آخرون, قال تعالى:{وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {140}}آل عمران .
واللبيب يتأمل سرعة انقضائها, فيعلم أنها زائلة, وأنه منتقل منها إلى دارٍ أخرى, قال تعالى:{ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَآبَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخِّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ {164}} البقرة
وقال عليه الصلاة والسلام: " ما أنا والدنيا إلا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها"رواه ابن ماجة والترمذي وأحمد.
وحذر عليه الصلاة والسلام من الركون إليها, كما حذر قبله أنبياء.
اسمعوا إلى قول رجل مؤمن من آل فرعون يحذر قومه من الدنيا: قال تعالى حاكياً عنه : { وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ {38} يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ {39}} غافر.
أيها المسلمون:
إنكم تستقبلون عاماً جديداً ولا تدرون ما الله فاعل بكم فيه, أتتمونه أم يوافيكم الأجل قبل تمامه؟ فانظروا رحمكم الله ماذا قدمتم فيما مضى, وبما تستقبلون ما أتى.
أيها المسلمون:
لو تأملنا أحوالنا في هذا الزمان, وقارناها بما مضى أو ببعض البلدان, لوجدنا فرقا كبيراً لدينا, نِعَمٌ لا تعد ولا تحصى, ولا ينكرها إلا من في قلبه مرض,
أعظم نعمة _التوحيد_, التحاكم إلى الله ورسوله عند التنازع, نعمة الأمن والاستقرار,
ولكن هذه النعم وغيرها تدوم بالشكر, وتزول بالكفر, ولا أعني الكفر الأكبر, وإنما أعني كفر النعمة, فإن قام الناس بما أوجب الله عليهم من عبادته , وطاعته, وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام, قولاً, وعملاً, أدام الله عز وجل نعمه.
عـــباد اللـــه :
وقبل بداية هذا العام الجديد الذي نسأل الله أن يجعله عام خير, وبركة, ونصر للمسلمين أذكركم ببعض الأمور التي تعد من أعظم الأسباب المزيلة للنعم, ليحذرها العاقلُ اللبيب, ويحذر غيره منها.
لزوال النعم أسباب كثيرة منها:
الإعراض عن دين الله عز وجل, فإن كان إعراضاً بالكلية فهو كفر, وإلا كل بحسبه.
ومن أسباب زوال النعم:
الإقبال على الدنيا وملذاتها, والغفلة عن الآخرة ونعيمها.
ومن أسباب زوال النعم:
انشغال الناس بأسباب الرفاهية والترف واللهو, وبناءُ الملاهي وغيرها,
وقد حذر من هذا نبي الله هود عندما رأى قومه معرضين عن طاعة ربهم, وإقبالهم على الملذات والترف واللهو, قال الله عز وجل:{ كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ {123}
إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ {124} إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ {125} فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ {126} وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ {127} أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ {128}} الشعراء.
قال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: [ أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً ]: أي معلماً مشهوراً, وتبنون: أي وإنما تفعلون ذلك عبثاً لا للاحتياج إليه؛ بل لمجرد اللعب واللهو وإظهار القوة, ولهذا أنكر عليهم نبيهم عليه السلام ذلك, لأنه تضييع للزمان, وإتعاب للأبدان في غير فائدة, واشتغال بما لا يجدي في الدنيا ولا في الآخرة أ. هـ
ومن أسباب زوال النعم:
فسقُ المترفين, قال تعالى :{ وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً {16}}الإسراء.
والمترفون هم أهل الأموال والجاه, فهولاء إن صرفوها في طاعة الله عز وجل, وفي ما يرضيه, صاروا سبباً بإذن الله عز وجل لدوام النعمة, وإن صرفوها في اللهو الباطل, وفيما يصد عن طاعة الله عز وجل صاروا سبباً في إهلاك أنفسهم, وإهلاك من حولهم, لأن الشر يعم, قال تعالى: { وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {25}} الأنفال.
ومن أسباب زوال النعم:
ترك الجهاد في سبيل الله, بدءاً بجهاد النفس والأهل, قال صلى الله عليه وسلم:" ما ترك قوم الجهاد في سبيل الله إلا عمهم الله بالعذاب" رواه الطبراني.
وقال صلى الله عليه وسلم:" إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم"رواه أبو داود.
ومن أسباب زوال النعم:
ترك الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر, والأخذ على أيدي الفسقة والمجرمين, قال تعالى:{ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ {41}} الحج.
هذا وصلوا وسلموا
على من امرتم بالصلاة والسلام عليه في محكم التنزيل((ان الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين امنوا صلواعليه وسلموا تسليما))
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
🎤
*خطبة.جمعة.بعنوان.cc*
*الإعـتـبار بمـرور الأشهـر والاعـوام*
*( توديــع عــام واسـتـقــبال آخـــــر )*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبــة.الاولــى.cc*
الحمد الله الواحد القهار, العزيز الجبار, يقلب الليل والنهار, تبصرة وذكرى لأولي العقول والأبصار, وكل شيء عنده بمقدار, عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال.
{ سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ {10}}الرعد.
أحمده على إحسانه, وأشكره على عظيم فضله وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له,
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه, ومن اهتدى بهديه, واستن بسنته إلى يوم الدين,
أمـــا بعـــد - أيـها الناس :
فإنكم تودعون عاماً ماضياً شهيداً, وتستقبلون عاماً مقبلاً جديداً, فليت شعري, ماذا أودعتم في العام الماضي؟ وماذا تستقبلون به العام الجديد؟
فليحاسب العاقل نفسه.]([1])
بماذا رحل عامه المنصرم؟
هل رحل وقد كتبت له الحسنات؟
ومحيت عنه السيئات؟
أم رحل بما فيه من الخطايا والآثام؟
قال الفاروق يوماً: ( أيها الناس: حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا, وزنوها قبل أن توزنوا, وتأهبوا للعرض الأكبر.)( يومئذٍ تعرضون لاتخفى منكم خافيه).
أيها المسلمون :
تمر الأيام والشهور والأعوام وتنصرم, وبعض المسلمين في سبات عميق, وغفلة وإعراض, وتمر الأعوام, وبعض المسلمين قد شغلته دنياه عن دينه, لاهث وراءها , متمسك بها, ينام خائفاً عليها, ويصبح هائماً على وجهه في إثرها.
تمر الأعوام والمسلمون قد فرقتهم الأهواء, وتشتت شملهم, وطمع العدو بهم, فهو يقتل ويأسر ويشرد, يفعل بهم كما يفعل الذئب بالغنم عند غياب الراعي.
أيـــها المســـلمـــون:
تذكروا بانقضاء العام انقضاء العمر, فالليالي والأيام مطايا تنقلكم من الدنيا إلى الآخرة .
{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ{190}} آل عمران.
فالعاقل يعد العدة ويتأهب ويصبر, والمضيع المفرط تمر عليه الأيام والأعوام حتى يفجأه ملك الموت, وهو على حال سيئة نعوذ بالله من سوء الخاتمة.
روى البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أعذر الله إلى امرءٍ بلغه الستين". ومعنى الحديث أن من بلغ الستين ولم يتجدد له عمل صالح, ويقلع عن المعاصي, وينيب إلى ربه فلا عذر له عند الله.
كيف وقد بلغه الله هذا العمر المديد, وهو متمادٍ في طغيانه ومعصيته.
قال عليه الصلاة والسلام:" أعمار أمتي مابين الستين إلى السبعين, وأقلهم من يجوز ذلك" رواه الترمذي.
فأنيبوا إلى ربكم قبل هجوم هادم اللذات, وأنتم على حالة لا يرضاها ربكم, فاغتنموا أعماركم واستعملوها في طاعة ربكم.
روى الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل وهو يعظه:
" اغتنم خمساً قبل خمس: شبابك قبل هرمك, وصحتك قبل سقمك, وغناك قبل فقرك, وفراغك قبل شغلك, وحياتك قبل موتك".
ايـــها المسلمـــون :
في هذا الحديث وصايا:
الأولى: اغتنام وقت الشباب قبل الهرم, لأن المسلم يستطيع من فعل الطاعات في شبابه مالا يستطيع عند الهرم.
وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: وشاب نشأ في طاعة الله" , وفيه همسة في أذن كل شاب أن يغتنم شبابه بالطاعة التامة.
الثانية: اغتنام الصحة قبل السقم, فكم من معاق يود لو يصلي على قدميه؟
اويأت إلى المسجد على رجليه؟
ولكن! لا يستطيع, وكم من مريض نائم على سريره لا يذكر الله إلا بأصبعه؟ وكم؟ وكم؟
فاغتنموا زمن الصحة قبل السقم.
ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ".
الثالثة: اغتنام زمن الغنى قبل الفقر, لأن الغني يؤدي الزكاة, ويتصدق ويعين على نوائب الحق, ويصل الرحم بماله, ويجاهد بماله فإذا افتقر عدم هذه الأجور.
الرابعة: اغتنام الفراغ قبل الشغل, قال تعالى: { فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ {7} وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ {8}}الشرح.
الخامسة: اغتنام الحياة بالطاعة قبل الموت, لأن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية, أو ولد صالح يدعوا له, أو علم ينتفع به, فالحياة يتزود منها الطاعات.
قال عليه الصلاة والسلام:" طوبى لمن طال عمره وحسن عمله".
أيها الناس:
اغتنموا ساعات أعماركم بما يقربكم إلى ربكم, وإياكم والغفلة, فإنها مراحل تقطعونها إلى الدار الآخرة, أودعوا أيامكم ولياليكم عملاً صالحاً تجدوه في يوم تشخص فيه الأبصار, ولا تغرنكم الحياة الدنيا فإنما هي متاع
قال تعالى : {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ {38} يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ {39}} غافر.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم, ونفعني وإياكم بما فيه من
َا؛ فِي عبادتهِ ومُعاملتهِ، فِي مَظهرِهِ ومَخبرِهِ، فِي حضَرِهِ وسفرِهِ، ونومهِ ويَقظَتِهِ، وفي أَحوالهِ كلِّهَا يكونُ قَرِيبًا مِنْ سنَّةِ نبيِهِ مُتعلِّقًا بِهَا.وإِذا رُزِقَ العبدُ اقتِفاءً حسنًا فتحتْ لهُ الْهدايةُ أَبوابها، وتنزَّلتْ عليهِ الرَّحماتُ الإِلَهِيَّةُ ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [آل عمران: 31].
عبد الله إنه ليس أمراً هيناً ذهابك إلى مكة أو استغلالك موسم العشر بأنواع الطاعات كم من الناس من لم يُعر هذا الموسم اهتمامه، فمضى عليه دون جهد يذكر، كم من الناس من لم يحج فرضه، أو انه منذ سنين طويلة لم يبادر الحج، مع أنه قادر ومستطيع، وما ذاك إلا أن المعاصي كبلته عن ذلك ولا شك.
لهذا كان من دروس الحج شكر الله على هذا الإنعام ﴿ هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ﴾ [الرحمن: 60]، فلا بد أن يكون شاكرًا لربه منيبًا إليه، وليس الشكر كما يتصوّره البعض بأنه الشكر اللساني فقط، لكنه في حقيقة الأمر هو الشكر القلبي، حيث يظل قلبك متعلقًا بخالقك، مستشعرًا نعمته عليك، ومعه الشكر العملي، فتكون بعيدًا عن كل ما يغضب المنعم عليك، قريبًا من كل ما يحبه ويرضاه، قال تعالى مبينًا هذا المعنى: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13]، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة، فقد كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه الشريفتان فيقال له: يا رسول الله، لم تفعل ذلك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فيجيب صلوات ربي وسلامه عليه معلمًا للأمة حقيقة الشكر "أفلا أكون عبدًا شكورًا".
عــــباد اللــــه :
لقد علَّمنا الحج قدر العلماء، وأهمية أن يصدر المرء عن رأيهم، وكان الحجاج في كل حركاتهم في نسكهم يرجعون إلى العلماء ولا يخالفونهم، خشية أن ينقص حجهم فهل يدوم الأمر، ونعرف للعلماء قدرهم، ونقف عند فتاوى المعتبرين منهم؟.
لقد كنتم أيها الحجاج تتحرون وتتورعون من أشياء يسيرة من المحظورات خشية أن تؤثر على حجكم، فهل يدوم التحري وذلك الورع؟ لنتورع عن المحرمات من الأعمال والأقوال والأموال؛ لئلا تؤثر على قلوبنا وإيماننا.
لقدِ استحضرَ الحجَّاجُ أنَّ "الحجَّ المبرورَ ليسَ لهُ جزاءٌ إِلَّا الجنَةَ"، فأَنفقوا أَموالهمْ، وضحّوا بأوقاتِهِمْ، وتحمَّلُوا مَا تَحملوا بنفُوسٍ مُطمئنَّةٍ، وقلوبٍ راضيَةٍ.
إِنَّ استشعارَ ثوَابِ العملِ يُعلي الهمةَ، ويطردُ الكسلَ، ويربِي فِي السلِمِ الحرصَ على الأَعمالِ الصالحاتِ، وَالْمُدَاوَمَةَ عَلَيْهَا، وَالْتِزَامَهَا طِيلَةَ الْحَيَاةِ.
أَمَا وَاللهِ لَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ صَلاةِ الْفَجْرِ مَنِ اسْتَشْعَرَ فِي قَلْبِهِ حَقًّا قَوْلَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَنْ يَلِجَ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوُعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا"، وَقَوْلَهُ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَلا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا فَافْعَلُوا".
أَما واللهِ لن تترد يدٌ عنِ الصَّدقَةِ، ولنْ تشِحَّ نفسٌ عنِ البذلِ إِذَا ما استحضَرَتْ صِدقًا قولَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-: "لا يَتَصَدَّقُ أَحَدٌ بِتَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ إِلَّا أَخَذَهَا اللهُ بِيَمِينِهِ، فَيُرَبِّيهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ قَلُوصَهُ حتَّى تكونَ مثلَ الجبلِ أَو أَعظمَ". رواهُ البخارِيُّ وَمسلمٌ.
إِخوةَ الإيمانِ: وعَلّمتنا مدرسةُ الحجِّ أيضاً قصرَ الأَملِ، لقدْ خرجَ الحاجُّ مِنْ ديارِهِ مُصَبِّرًا نفسهُ علَى الطَّاعَاتِ، حَابِسًا هواهُ عَنِ الشَّهَواتِ طِيلةَ أَيَّامِ مِنًى وعرفاتٍ؛ لأَنَّهُ يَستيقِنُ أَنَّها ساعَاتٌ معدوداتٌ ويأتِي الرَّحيلُ عمَّا قرِيبٍ.
فما أَجملَ أَن يستحضرَ الحاجُّ قصرَ أَيَّامِ عُمرِهِ، وأَنَّ المُكثَ فِي هذهِ الدَّارِ قلِيلٌ، والبَقَاءَ فيها يسيرٌ، وهذَا مبدأٌ ربَّىَ عليهِ النَّبيُّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- صحابتهُ الكرامَ: "كن فِي الدُّنيَا كأنَكَ غريبٌ، أَو عابرُ سبيلٍ.
نسأَلُ اللهَ -تعالَى- أنْ يقبلَ منَّا ومنَ الحجَّاجِ، وأنْ يجعلنَا وإِيَّاهمْ ووالدينا والمسلمينَ من عتقائهِ مِنَ النَّارِ،، إِنَّهُ سميعٌ مجيبٌ.
أَقولُ قولِي هذَا، وأَستغفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.
*الخطبــــة.الثانيــــة.cc*
الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمَينَ، وَأَشْهَدُ أَلَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَه وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وُرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً.
اللهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا فضلك بذنوبنا
رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ
اللهم اسقنا الغيث ، وآمِّنَّا من الخوف، ولا تجعلنا من اليائسين .
ــــ✍.. هذا و صلو و سلموا على من أمركم الله بالصلاة و السلام عليه ...
حيث بدأ بنفسه و ثنى بملائكته المسبحة بقدسه و ختم بكم أيها المؤمنون
فقال ( إن الله و ملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه ... )
اللهم أرزقنا حياة صالحة قبل الأجل و نسألك عيش السعادة و حسن الخاتمة
اللهم تكرم علينا بالرعاية والعناية ، و التوبة مما صدر في البداية والنهاية
و أن تحشرنا في زمرة الأنبياء أهل الهداية و أرباب الإستقامة و أعلام الولاية
اللهم اجعل خير أعمالنا خواتيمها ، وخير أيامنا يوم نلقاك وأنت راض عنا يا كريم
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتنا على طاعته و عبادته
اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمَّن سِواك
اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ غَلَبَةِ الدَّيْنِ وَقَهْرِ الرِّجَالِ
اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ والْأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنْ الْفَقْرِ
اللهـــــــــــــم أنت رجاؤنا بأن تصلح بلادنا و سائر بلاد المسلمين و أن تنصر إخواننا في غزة
اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة
اللهم نور على أهل القبور قبورهم ، اغفر لهم وارحمهم ويسر أمورهم
اللهم آنس وحدتهم ونور ظلمتهم ، اللهم في كل دقيقة تمر عليهم إجعل اللهم نسمات رحمتك تهب عليهم و أفتح لهم أبواب جنتك يا أكرم الأكرمين..
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt