الـشـبـكـة الـدعـــويــة الـرائـــدة المتخصصة بالخطـب والمحاضرات 🌧 سـاهـم بالنشـر تؤجـر بـإذن اللـّـه •~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~•~• للتواصل مع إدارة القناة إضغط على الرابط التالي @majd321
عباد الله: مضى عامٌّ والأمَّة الإسلاميَّة حبلى بالمشكلات، ثكْلى بالفتن والمغريات، ابتعدت عن دينِها وخضعت لأعدائِها، وشغلتْ بدُنياها، وتقاتلت فيما بينها فتداعتْ عليْها الأمم كما
تداعى الأكلةُ إلى قصعَتِها، والله سبحانه لن يغيِّر ما بقوم حتَّى يغيِّروا ما بأنفُسِهم.
عباد الله إنَّ أمَّتكم أمَّة الإسلام لن تنجوَ من مصائبها، ولن يتغيَّر حالَها، وتتحقِّق آمالَها، حتَّى يتحقَّق الإسلام في حياتها واقعًا عمليًّا في كل نواحي الحياة؛ {فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى} [طه: 123].
عباد الله: تفاءلوا بنصْر الله وفرجه على أمة الإسلام، واعلموا أنَّه كلَّما ادلهمَّت الخطوب فالفرَج في ثناياها يلوح، فالكرْب معه الفرج، وإنَّ مع العُسْر يسرًا، إنَّ مع العسر يسرًا.{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَإِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة: 214].
فيا عباد الله: إنَّ هذا الشَّهر القادم بعد يومين من عامكم الجديد لَهُو منهلٌ للبِرِّ والإحسان، وموسم للرِّبْح والغفران، فاستفتِحوا عامَكم بالبر والطَّاعة، واجعلوا التَّقوى خير بضاعة. لقد رغَّب نبيُّكم - صلَّى الله عليْه وسلَّم - في صوْم هذا الشَّهر فقال:((أفضلُ الصيام بعد رمضان شهر الله المحرَّم وأفضل الصَّلاة بعد الفريضة صلاة الليل))أخرجه الإمام مسلم
شهر الحرام مبارك ميمـون
والصوم فيه مضاعف مسنون
وثواب صائمه لوجـه إلهه
في الخلد عند مليكـه مخزون
عباد الله : فإلى عامٍ جديدٍ سعيد، نقترب فيه من ربِّنا، ونقترب فيه من إخوانِنا، ونقترب فيه من أهلِنا وذوينا، فلعلَّ الرحمة تكمُن في القُرب، ولعلَّ النصرة تسكُن في القُرب، ولعل القُرْب من الله يتحصَّل بالقُرْب من خَلْقه، وإصلاح ذات البَيْن، والتعاوُن على البِّرِّ والتَّقْوى، ونبْذ العصبيَّة والتفرق والاختلاف والاحقاد والشحناء، التي فتَّتِ الكلمة وشتَّتَتِ الجهد، والله من وراءِ القصد.
ها قد أهلّ على الوجودِ (مُحَرّمُ) * فالكونُ يزهو والحياةُ تبسّمُ ترنو إلى ركبِ النبي وقد مضى * تَبْكيه مكةُ والمَقَامُ وزمزمُ وحَسِبتُ أني قد بلغْتُ ذرا التقى بل ليس مثلي في المحبة مسلمُ وإذا بأعماقي دويّ صارخٌ * يا غافلاً حتّى متى تتَوهّمُ حتى متى والقولُ قد زخرفْتَهُ * والفعلُ يفضحُ ما تقولُ وتزعُمُ هل ضيّعَ الإسلامَ إلا قائلٌ * أفعالُهُ تنفي المقالَ وَتْهدِمُ فالقدسُ ضاعت من كلامٍ دونما * فعلٍ يؤيد قولهم ويُتَرْجِمُ والطفلُ ملّ من الكلامِ وليتهم * يدَعُونه يرمي اليهودَ ويَرْجُمُ والعدلُ ملّ من الكلامِ وقد رأى * مَنْ يَدّعي عدلاً يجورُ ويَظْلِمُ والطهرُ ملّ من الكلامِ وطالما * زعمَ الطهارةَ داعرٌ لا يرحمُ حتى البطولةُ أَعْلنتْ إضرابَها *** لما ادّعاها من يَخافُ ويُحْجِمُ
هذا وصلوا وسلموا على النبي المصطفى والحبيب المرتضى كما أمركم بذلك المولى جلَّ وعَلا فقال تعالى قولاً كريماً : { إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً }
اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظ بلادنا واقض ديوننا واشف أمراضنا وعافنا واعف عنا وأكرمنا ولا تهنا وآثرنا ولا تؤاثر علينا وارحم موتانا واغفر لنا ولوالدينا وأصلح أحوالنا وأحسن ختامنا يارب العالمين
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربي وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم ولذكر الله اكبر واقم الصلاة .
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
========================
ــــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ـــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
وطنًا يغتنمه العبد للتوبة وإصلاح الحال والزيادة في الخير، فإنَّه إذا افتتح السنة بالطاعة وختمها بالطاعة يرجى أن يكون ممن قضوا كل عامهم في طاعة الله .
فتزودوا - عباد الله - من الأعمال الصالحة، ولا تغتروا بهذه الدنيا الفانية، واعلموا أنكم راحلون عما قريب ومفارقون لهذه الدنيا، وليست الغبطة بطول العمر، وإنما الغبطة بما أمضاه العبد في طاعة مولاه وخير الناس من طال عمره وحسن عمله وشر الناس من طال عمره وساء عمله.
﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا إِنَّا مُوقِنُونَ * وَلَوْ شِئْنَا لَآَتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * فَذُوقُوا بِمَا نَسِيتُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 12 - 14]
فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا اي بغفلتكم عنه وعدم محاسبة انفسكم وحينئذ يرتفع صياح الظلمة والعصاة ويأكلون أيديهم بعد أن شعروا بالخيبة كيف لا، وقد ضيعوا أوامر الله، كيف لا وقد ضيعوا الصلوات، كيف لا وقد تعاملوا بالربا، كيف لا وهم قد قطعو الارحام واكلوا اموال اليتامى حينئذ يعضون على أيديهم ولكن هيهات هيهات: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29].
حينها ترتفع العبرات، وتشتد الزفرات، وتتردد الحسرات، وتعلوا الصيحات، فاتعظوا يا عباد الله.. إن كنتم تسمعون وتأملوا تقلب الأحوال إن كنتم تبصرون .
فبادر قبل أن يُبادر بك فيا أخي الحبيب! هل أعددت لهذا اليوم عُدَّته؟ وهل سعيت فيما ينجيك من هوله وكربته؟ وهل حاسبت نفسك على ما بدر منك من أقوال وأعمال؟ وهل اجتهدت في طاعة مولاك ذي الجلال والإكرام؟ أم أنّك في غفلتك سادر.. وفي طريق الغيِّ سائر؟
انْدُبْ زَماناً سلَفا سوّدْتَ فيهِ الصُّحُفا ولمْ تزَلْ مُعتكِفا على القبيحِ الشّنِعِ كمْ ليلَةٍ أودَعْتَها مآثِماً أبْدَعْتَها لشَهوَةٍ أطَعْتَها في مرْقَدٍ ومَضْجَعِ وكمْ خُطًى حثَثْتَها في خِزْيَةٍ أحْدَثْتَها وتوْبَةٍ نكَثْتَها لمَلْعَبٍ ومرْتَعِ وكمْ تجرّأتَ على ربّ السّمَواتِ العُلى ولمْ تُراقِبْهُ ولا صدَقْتَ في ما تدّعي فالْبَسْ شِعارَ النّدمِ واسكُبْ شآبيبَ الدّمِ قبلَ زَوالِ القدَمِ وقبلَ سوء المصْرَعِ فَيا مَفازَ المتّقي ورِبْحَ عبْدٍ قد وُقِي سوءَ الحِسابِ الموبِقِ وهوْلَ يومِ الفزَعِ ويا خَسارَ مَنْ بغَى ومنْ تعدّى وطَغى وشَبّ نيرانَ الوَغى لمَطْعَمٍ أو مطْمَعِ يا مَنْ عليْهِ المتّكَلْ قدْ زادَ ما بي منْ وجَلْ لِما اجتَرَحْتُ من زلَلْ في عُمْري المُضَيَّعِ فاغْفِرْ لعَبْدٍ مُجتَرِمْ وارْحَمْ
ذاهبا ..كيْ يشدَّ الصَّحب أقواساً لبدر وفَتْح مكّة!
ذاهبا. كيْ يَصنع رجالاً؛ يتَّكئ الإسلام عليهم،
ذاهبا في سنواتٍ عَشر يبذر لهذا الدين وينشره في الآفاق نحنُ يا رسولَ الله.. مَن نَقصمُ ظُهورنا بالعَجزِ .. ولو فَقِهنا فِكرة الهِجرة؛ ودروسها لَمَا نبَت لنا في الطَّريق الطُّغاة!
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
=========================
ـــــــــــــــــــ🕋 زاد.الــخــطــيــب.tt 🕋ــــــــــــــــــ
منــبرالحـكـمــــــةوالمــوعـظــــةالحســـــنـة.tt
رابط القناة ع التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشـتراك بمجموعات زاد الخطيب الدعـوي
ارسل.اسمك.واتساب.للرقم.730155153.
🎤
*خطـبـة جمعة بعــنـوان :*
*عــلمــتــنـي.الـهــجــــــــرة.tt*
29-ذو الحجة1445هـ 5-يوليو 2024م
*جـمــع/ : مـحــمـــد الـجـرافــي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبـــة.الاولـــى.cc*
الحمد لله الذي نشر بقدرته البشر، وصرَّف بحكمته وقدَّر، وابتعث محمدًا إلى كافة أهل البدو والحضر، فدعا إلى الله، فعاداه مَن كفر، فاختفى واستتر، إلى أن أعز الله الإسلام برجال كأبي بكر وعمر. فصلوات الله عليه، وعلى جميع أصحابه الميامين الغرر، وعلى تابعيهم بإحسان على السنة والأثر. صلوات الله عليه ما هطلت الغمائم بهتَان المطر، وهَدَلت الحمائم على أفنان الشجر، وسلم تسليمًا كثيرًا على سيد البشر. عباد الله اوصيكم ونفسي الآثمة بتقوى الله قال تعالى (ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون)
أما بعد عباد الله: يدور العام، وينتهي ، ويجيء آخر جديد ويبتدي، نستلهم من خلاله قيما من قيم الهجرة العظام ، ودروسًا من دروسها الضخام ، ومعانيَ من معانيها الجسام ، والمتأمل لأحداث الهجرة المباركة يجد فيها الدروس العظام
وهنا نحاول أن نقترب من معين هاتيك الدروس، ونشتم عبق النبوة، ونغترف من فيض عطائها المِدْرار
فالهجرة ليست انتقال من بلد بعيد إلي بلد قريب، او من ارض مجدبة إلي ارض خصبة أو من ريف ألي حضر.. كلا إنها هجرة النفوس قبل البيوت، إنها هجرة القلوب قبل القصور إنها هجرة الأرواح قبل الأشباح
فلا عجب أن يتخذ الهجرة الفاروق رضي الله عنه بداية للتاريخ الهجري يسير علي دربه ويهتدي بهداه ويستضيء بسناه السالكون إلي يوم الدين!! عبقرية عمر أنه جعل الهجرة بداية تاريخ جديد للإنسانية، فوجود دولة للإسلام هو النجاة للبشرية.
*عباد الله حينما ينظر المرء حوله في هذا الواقع المرير ربما دخل اليأس القلوب. واستولي علي النفوس القنوط. وظن البعض أنه لا قيام للدين مرة أخري. ولعل هذه تكون الحالقة. عند ذلك تأتي الهجرة بأحداثها لتحيي في القلوب الأمل وتزرع في نفوس اليائسين الرجاء تأتي ذكري الهجرة لتجدد فينا الأمل وتخبرنا بأنه ما بعد الضيق إلا الفرج. وما بعد العسر إلا اليسر
إن من أعظم دروس الهجرة وأجل عبرها الأمل، نعم إن الهجرة تعلم المؤمنين الأمل. الأمل في موعود الله، الأمل في نصر الله، الأمل في مستقبل مشرق لـ«لا إله إلا الله»، الأمل في الفرج بعد الشدة، والعزة بعد الذلة، والنصر بعد الهزيمة. نعم فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس، ولأنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، هذا ما جاء به الإسلام، علينا أن نثق في نصر الله.. مهما ترادفت الخطوب، ومهما تراكمت الغيوم، ومهما تكاثرت الظلمات....
*ومن الدروس من الهجرة النبي في مكة مطارد حلال الدم عند أهلها… وحفل الاستقبال يُعَد له في المدينة فالعدو يمعن في الحصار، والله يهيئ لنبيه أرحب دار وقرار. … فلا تيأس فالله يدبر الأمر ووراء الغيوم كثير مطر. "
*علمتني الهجرة أنه لولا محارق مكة ما كانت مشارق الدنيا. ونشر الإسلام .بعد خروجه بعامين قُتِل جُل من أخرجوه ببدر الطغاة يستعجلون هلكة أنفسهم!! بإخراج الصالحين "وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون"
*عباد الله استقبل الأنصار الرسول ﷺ وصحبه من المهاجرين، وآثروهم بأموالهم وما يملكون، بل وبأنفسهم أيضا.
لنتعلم:
-وجوب نصرة أخيك المسلم الذى جاء إليك فارا بدينه، ودعمه بكل الامكانات المتاحة، فهذا حقه عليك وليس تفضلا منك.
-لن يكتمل إيمانك بالله إلا بموالاة إخوانك ونصرتهم، فهذا أصل في عقيدة الولاء والبراء. ﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ إِخۡوَةࣱ﴾ الحجرات10
*علمتني الهجرة أنك لا غنى لك عن صاحب كأبي بكر حتى ولو كان المهاجرون أنبياء الأخوَّة قبل الهجرة، والرفيق قبل الطريق، والأنيس قبل الغار… الطريق موحشة بغير ما صاحب… … (ليتنا نعض على كل أبي بكر رزقنا الله أخوته بالنواجذ!!).
*في الهجرة وحرها الشديد في خيمة أم معبد أسقى أبو بكر لبنا لرسول الله ﷺ وقال: "شرب رسول الله حتى رضيت" وفي رواية حتى ارتويت
لنتعلم:
-لن يكتمل إيماننا إلا بحب رسول ﷺ وتقديمه على النفس، والأهل أجمعين.
-شدة حب سيدنا أبي بكر الصديق لسيدنا رسول الله ﷺ.
-دليل الإيمان العميق؛ أن تجعل هواك ورضاك في إيثار رسول الله ﷺ بعد مماته، كالصحابة في حياته.
-سبق أبو بكر الأمة كلها، بيقينه وإيمانه قبل تضحياته وجهاده، في سبيل نصرة الله ورسوله ﷺ.
*علمتني الهجرة أن أروع العطايا أن يكون بيتك كله من أهل الله ... كذلك كان بيت الصديق ... أب يرافق الحبيب وأم تتعهد العيال وابن يأتي بالأخبار، وبنت تحمل الطعام للغار .. ما أروعه من بيت!!
*علمتني الهجرة أن الإعداد قبل الإمداد، وأن مقام النبوة العظيم لم يمنع من الإعداد القديم!!
ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﺛُﻢَّ ﺗُﻮَﻓَّﻰ ﻛُﻞُّ ﻧَﻔْﺲٍ ﻣَﺎ ﻛَﺴَﺒَﺖْ ﻭَﻫُﻢْ ﻻ ﻳُﻈْﻠَﻤُﻮﻥَ) [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:281].
ﻓﺒﻬﺬﻩ ﺍﻵﻳﺎﺕ ﻭﺃﺷﺒﺎﻫﻬﺎ ﺍﺳﺘﺪﻝ ﺃﺭﺑﺎﺏ ﺍﻟﺒﺼﺎﺋﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻤﺮﺻﺎﺩ، ﻭﺃﻧﻬﻢ ﺳﻴﻨﺎﻗﺸﻮﻥ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ، ﻭﻳﻄﺎﻟﺒﻮﻥ ﺑﻤﺜﺎﻗﻴﻞ ﺍﻟﺬﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﻄﺮﺍﺕ ﻭﺍﻟﻠﺤﻈﺎﺕ،
ﻓﺘﺤﻘﻘﻮ
ﺍ ﺃﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺠﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺧﻄﺎﺭ ﺇﻻ ﻟﺰﻭﻡ ﺍﻟﻤﺤﺎﺳﺒﺔ ﻭﺻﺪﻕ ﺍﻟﻤﺮﺍﻗﺒﺔ، ﻭﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻓﻲ ﺃﻧﻔﺎﺳﻬﺎ ﻭﺣﺮﻛﺎﺗﻬﺎ ﻭﻣﺤﺎﺳﺒﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺧﻄﺮﺍﺗﻬﺎ ﻭﻟﺤﻈﺎﺗﻬﺎ...
ﻓﻤﻦ ﺣﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﺧﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﺣﺴﺎﺑﻪ، ﻭﺣﻀﺮ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺟﻮﺍﺑﻪ، ﻭﺣﺴﻦ ﻣﻨﻘﻠﺒﻪ ﻭﻣﺂﺑﻪ،
ﻭﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﻟﻨﻔﺴﻪ ﻫﻮﺍﻫﺎ، ﻭﺳﻌﻰ ﻟﻬﺎ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻣﻨﺎﻫﺎ ﻭﺗﺮﻛﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺆﺍﺧﺬﺓ ﻭﻻ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ، ﺩﺍﻣﺖ ﺣﺴﺮﺍﺗﻪ ﻭﻃﺎﻟﺖ ﻓﻲ ﻋﺮﺻﺎﺕ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻭﻗﻔﺎﺗﻪ، ﻭﻗﺎﺩﺗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺰﻱ ﻭﺍﻟﻤﻘﺖ ﺳﻴﺌﺎﺗﻪ...
ﻓﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺨﻒ ﺣﺴﺎﺑﻪ ﻏﺪﺍ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺭﺑﻪ ﻓﻠﻴﺤﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﺍﻵﻥ....
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: "ﺍﻟﻜﻴﺲ ﻣﻦ ﺩﺍﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻋﻤﻞ ﻟﻤﺎ ﺑﻌﺪ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻭﺍﻟﻌﺎﺟﺰ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﻊ ﻧﻔﺴﻪ ﻫﻮﺍﻫﺎ ﻭﺗﻤﻨﻰ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻷﻣﺎﻧﻲ" ﺭﻭﺍﻩ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﺣﺴﻨﻪ...
ﻭﻗﺎﻝ ﻋﻤﺮ: "ﺣﺎﺳﺒﻮﺍ ﺃﻧﻔﺴﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﺤﺎﺳﺒﻮﺍ، ﻭﺯﻧﻮﺍ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻮﺯﻥ ﻋﻠﻴﻜﻢ، ﻭﺗﺰﻳﻨﻮﺍ ﻟﻠﻌﺮﺽ ﺍﻷﻛﺒﺮ (ﻳَﻮْﻣَﺌِﺬٍ ﺗُﻌْﺮَﺿُﻮﻥَ ﻻ ﺗَﺨْﻔَﻰ ﻣِﻨْﻜُﻢْ ﺧَﺎﻓِﻴَﺔٌ) [ﺍﻟﺤﺎﻗﺔ:18]،
ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻳﺨﻒ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺣﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ.
ﻳﻘﻮﻝ ﻣﻴﻤﻮﻥ ﺑﻦ ﻣﻬﺮﺍﻥ: "ﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻌﺒﺪ ﺗﻘﻴﺎً ﺣﺘﻰ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﻤﺎ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﺍﻟﺸﺮﻳﻚ ﺍﻟﺸﺤﻴﺢ ﺷﺮﻳﻜﻪ: ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﻣﻄﻌﻤﻪ ﻭﻣﻠﺒﺴﻪ؟".
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺴﻦ: ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻗﻮﺍﻡ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻳﺤﺎﺳﺒﻬﺎ ﻟﻠﻪ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺷﻖ ﺍﻟﺤﺴﺎﺏ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻡ ﺃﺧﺬﻭﺍ ﻫﺬﺍ ﺍﻷﻣﺮ ﻣﻦ ﻏﻴﺮ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ.
ﺇﻥ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻟﻴﻔﺮﻁ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺸﻲﺀ ﻓﻴﺮﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﻧﻔﺴﻪ ﻓﻴﻘﻮﻝ: ﻣﺎﺫﺍ ﺃﺭﺩﺕ ﺑﻬﺬﺍ ؟ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﺃﻋﺬﺭ ﺑﻬﺬﺍ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﺃﻋﻮﺩ ﻟﻬﺬﺍ ﺃﺑﺪﺍً ﺇﻥ ﺷﺎﺀ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻓﻬﻠﻤﻮﺍ ﺑﻨﺎ ﻭﻧﺤﻦ ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺳﻨﺘﻨﺎ ﻧﺘﺴﺎﺀﻝ ﻋﻦ ﻋﺎﻣﻨﺎ ﻛﻴﻒ ﻗﻀﻴﻨﺎﻩ، ﻭﻋﻦ ﻭﻗﺘﻨﺎ ﻓﻴﻪ ﻛﻴﻒ ﺃﻣﻀﻴﻨﺎﻩ، ﻭﻋﻦ ﻣﺎﻟﻨﺎ ﻣﻦ ﺃﻳﻦ ﺍﻛﺘﺴﺒﻨﺎﻩ ﻭﻓﻴﻤﺎ ﺃﻧﻔﻘﻨﺎﻩ،؟؟!!
ﻭﻧﻨﻈﺮ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﻟﻨﺮﻯ ﻣﺎ ﻓﻴﻪ ﺳﻄﺮﻧﺎﻩ،
ﻓﺈﻥ ﻛﺎﻥ ﺧﻴﺮﺍً ﺣﻤﺪﻧﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺷﻜﺮﻧﺎﻩ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﺗﺒﻨﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺮﻧﺎﻩ...
ﻭﺍﻋﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺇﻳﺎﻛﻢ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻣﻠﻚ ﺯﻣﺎﻣﻬﺎ ﻭﺧﻒ ﺣﺴﺎﺑﻪ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻠﻪ،
ﻭﻣﻦ ﺗﺮﻙ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻠﻰ ﻫﻮﺍﻫﺎ ﻓﻮﺟﺊ ﺑﻐﺪﺭﺍﺗﻪ ﻭﺧﻄﻴﺌﺎﺗﻪ، ﻭﻛﺜرت ﻫﻨﺎﺗﻪ ﻭﺯﻻﺗﻪ، ﻓﺤﺒﺴﻪ ﻫﻮﻝ ﻣﺎﻳﺮﻯ ﻣﻦ ﺳﻮﺀ ﺍﻷﻓﻌﺎﻝ ﺃﻥ ﻳﺠﺪ ﻟﻠﻪ ﺟﻮﺍﺑﺎ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ، ﻓﺜﻘﻞ ﺣﺴﺎﺑﻪ، ﻭﺳﺎﺀ ﻣﺂﻟﻪ ﻭﻣﺂﺑﻪ،
ﻓﺎﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺣﺴﺎﺑﺎً ﻳﺴﻴﺮﺍً...
اللهم بصرنا بعيوبنا وأصلح ما فسد من أحوالنا وردنا إلى دينك رداً جميلاَ...
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه...
*الخطــــبة.الثانــية.tt*
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده،،،
أما بعد: عبـــــاد الله :-
الوقفة الثالثة :
3- ﺗﻮﺑﺔ ﻭﺍﺳﺘﻐﻔﺎﺭ.
ﺍﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻷﺣﺒﺔ ﺃﻥ ﻣﻦ ﺛﻮﺍﺑﺖ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﺃﻥ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﺑﺎﻟﺨﻮﺍﺗﻴﻢ ﻛﻤﺎ ﺛﺒﺖ ﻓﻲ ﺃﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﻤﺼﻄﻔﻰ ﺍﻷﻣﻴﻦ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: "ﻭﺍﻥ ﺃﺣﺪﻛﻢ ﻟﻴﻌﻤﻞ ﺑﻌﻤﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺣﺘﻰ ﻣﺎ ﻳﻜﻮﻥ ﺑﻴﻨﻪ ﻭﺑﻴﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﺫﺭﺍﻉ ﻓﻴﺴﺒﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻓﻴﻌﻤﻞ ﺑﻌﻤﻞ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻓﻴﺪﺧﻠﻬﺎ"
ﻭﻣﻦ ﺃﺻﻮﻝ ﺍﻟﺸﺮﻉ ﺍﺳﺘﺤﺒﺎﺏ ﺍﻻﺳﺘﻐﻔﺎﺭ ﻭﻛﺜﺮﺓ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻐﻔﺎﺭ ﻓﻲ ﺃﻋﻘﺎﺏ ﺍﻟﻄﺎﻋﺎﺕ ﻭﺍﻟﻘﺮﺑﺎﺕ...
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ: (ﻓَﺈِﺫَﺍ ﺃَﻓَﻀْﺘُﻢْ ﻣِﻦْ ﻋَﺮَﻓَﺎﺕٍ ﻓَﺎﺫْﻛُﺮُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ) [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:198] ..
(ﻓَﺈِﺫَﺍ ﻗَﻀَﻴْﺘُﻢْ ﻣَﻨَﺎﺳِﻜَﻜُﻢْ ﻓَﺎﺫْﻛُﺮُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ) [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:200]. (ﻓَﺈِﺫَﺍ ﻗَﻀَﻴْﺘُﻢُ ﺍﻟﺼَّﻼﺓَ ﻓَﺎﺫْﻛُﺮُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ) [ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ:103]. (ﺷَﻬْﺮُ ﺭَﻣَﻀَﺎﻥَ ﺍﻟَّﺬِﻱ ﺃُﻧْﺰِﻝَ ﻓِﻴﻪِ ﺍﻟْﻘُﺮْﺁﻥُ ﻫُﺪﻯً ﻟِﻠﻨَّﺎﺱِ ﻭَﺑَﻴِّﻨَﺎﺕٍ ﻣِﻦَ ﺍﻟْﻬُﺪَﻯ ﻭَﺍﻟْﻔُﺮْﻗَﺎﻥِ ﻓَﻤَﻦْ ﺷَﻬِﺪَ ﻣِﻨْﻜُﻢُ ﺍﻟﺸَّﻬْﺮَ ﻓَﻠْﻴَﺼُﻤْﻪُ ﻭَﻣَﻦْ ﻛَﺎﻥَ ﻣَﺮِﻳﻀﺎً ﺃَﻭْ ﻋَﻠَﻰ ﺳَﻔَﺮٍ ﻓَﻌِﺪَّﺓٌ ﻣِﻦْ ﺃَﻳَّﺎﻡٍ ﺃُﺧَﺮَ ﻳُﺮِﻳﺪُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺑِﻜُﻢُ ﺍﻟْﻴُﺴْﺮَ ﻭَﻻ ﻳُﺮِﻳﺪُ ﺑِﻜُﻢُ ﺍﻟْﻌُﺴْﺮَ ﻭَﻟِﺘُﻜْﻤِﻠُﻮﺍ ﺍﻟْﻌِﺪَّﺓَ ﻭَﻟِﺘُﻜَﺒِّﺮُﻭﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ) [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:185]...
ﻭﻛﺎﻥ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻳﻘﻮﻝ ﻋﻘﺐ ﺍﻟﺼﻼﺓ: "ﺃﺳﺘﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ (ﺛﻼﺛﺎً) ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻧﺖ ﺍﻟﺴﻼﻡ..."
ﺇﺫﺍ ﺛﺒﺖ ﻫﺬﺍ ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻓﻲ ﺧﺘﺎﻡ ﺳﻨﺘﻪ ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻋﻤﺎ ﺑﺪﺭ ﻣﻨﻪ ﻓﻴﻤﺎ ﺳﺒﻖ، ﻭﺃﻥ ﻳﻜﺜﺮ ﻣﻦ ﺫﻛﺮﻩ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻘﻰ، ﻓﺈﻥ ﻣﻦ ﺗﺎﺏ ﻭﺃﺻﻠﺢ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻘﻰ ﻏﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ ﺑﻤﻨﻪ ﻭﻓﻀﻠﻪ ﻣﺎ ﻣﻀﻰ ﻭﻣﺎ ﺑﻘﻰ، ﻭﻣﻦ ﺃﺳﺎﺀ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻘﻰ ﺃﺧﺬﻩ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻤﺎ ﻣﻀﻰ ﻭﻣﺎ ﺑﻘﻰ...
عباد الله :
ﺍﺣﺬﺭﻭﺍ ﺃﻋﺪﺍﺀﻛﻢ
ﺇﻧﻨﺎ ﻧﺄﻣﻞ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻮﺩﻉ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ ﺃﻥ ﺗﻌﻤﻞ ﺍﻷﻣﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺩﻳﻊ ﺃﻭﺿﺎﻋﻬﺎ ﺍﻟﻤﺄﺳﻮﻳﺔ، ﻭﻣﻌﺎﻟﺠﺔ ﺟﺮﺍﺣﺎﺗﻬﺎ ﺍﻟﻤﺘﻌﺪﺩﺓ ﻓﻲ ﺟﺴﺪﻫﺎ ﺍﻟﻤﺜﺨﻦ ﺑﺎﻟﺠﺮﺍﺣﺎﺕ ﻭﺍﻵﻻﻡ.
ﺇﻥ ﺍﻟﻮﺍﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻷﻣﺔ ﻭﻗﺎﺩﺗﻬﺎ ﺃﻥ ﻳﻜﻮﻥ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺍﻟﻮﻋﻲ ﺍﻟﻜﺎﻣﻞ ﻭﺍﻹﺩﺭﺍﻙ ﺍﻟﺸﺎﻣﻞ ﺑﻤﺨﺎﻃﺮ ﺃﻋﺪﺍﺋﻬﺎ ﻭﻣﺨﻄﻄﺎﺗﻬﻢ، ، ،
ﻓﻜﻢ ﺗﻐﻠﻲ ﻗﻠﻮﺏ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻷﻋﺪﺍﺀ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﺣﻘﺪﺍً !!؟؟
ﻭﻛﻢ ﻳﻌﻀﻮﻥ ﺍﻷﻧﺎﻣﻞ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻏﻴﻈﺎً!!؟؟
ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﻗﻄﻊ ﺩﺍﺑﺮ ﺍﻟﺪﻳﻦ ﻛﻲ ﺗﺨﻮﺭ ﺍﻟﻘﻮﻯ ﻭﻳُﺘﺒﻊ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﻭﺗﻌﻢ ﺍﻟﺒﻠﻮﻯ (ﻭَﺩُّﻭﺍ ﻟَﻮْ ﺗَﻜْﻔُﺮُﻭﻥَ ﻛَﻤَﺎ ﻛَﻔَﺮُﻭﺍ ﻓَﺘَﻜُﻮﻧُﻮﻥَ ﺳَﻮَﺍﺀً ﻓَﻼ ﺗَﺘَّﺨِﺬُﻭﺍ ﻣِﻨْﻬُﻢْ ﺃَﻭْﻟِﻴَﺎﺀَ) [ﺍﻟﻨﺴﺎﺀ:89].
ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺃﻻ ﻳﻌﺰ ﺇﺳﻼﻡ، ﻭﻻ ﻳﻘﻮﻯ ﻳﻘﻴﻦ، ﻭﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﺗﻤﻜﻴﻦ، ، ،
زاد الخـطــيــب الـــدعـــــوي📚:
🎤
*خطـبـــة جمـعــة بعـنــــوان :*
*وقفات.في.وداع.العام.الهجري.tt*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبـــــة.الأولــــى.tt*
ﺍﻟﺤﻤﺪ ﻟﻠﻪ ﺧﻠﻖ ﻛﻞ ﺷﻲﺀ ﻓﻘﺪﺭﻩ ﺗﻘﺪﻳﺮﺍً،
ﻭﺗﺒﺎﺭﻙ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺧﻠﻔﺔ ﻟﻤﻦ ﺃﺭﺍﺩ ﺃﻥ ﻳﺬﻛﺮ ﺃﻭ ﺃﺭﺍﺩ ﺷﻜﻮﺭﺍً.
ﺃﺣﻤﺪﻩ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ﻭﺃﺷﻜﺮﻩ، ﻭﺃﺗﻮﺏ ﺇﻟﻴﻪ ﻭﺃﺳﺘﻐﻔﺮﻩ، ﻭﺃﻟﺘﺠﺊ ﺇﻟﻴﻪ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻛﺎﻥ ﺷﺮﻩ ﻣﺴﺘﻄﻴﺮﺍً.
ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺣﺪﻩ ﻻ ﺷﺮﻳﻚ ﻟﻪ،
ﻭﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻣﺤﻤﺪﺍً ﻋﺒﺪﻩ ﻭﺭﺳﻮﻟﻪ، ﺑﻌﺜﻪ ﺑﻴﻦ ﻳﺪﻱ ﺍﻟﺴﺎﻋﺔ ﻣﺒﺸﺮﺍً ﻭﻧﺬﻳﺮﺍً، ﻭﺩﺍﻋﻴًّﺎ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺈﺫﻧﻪ ﻭﺳﺮﺍﺟﺎً ﻣﻨﻴﺮﺍً،
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﻋﻠﻰ ﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﻭﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ ﻟﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﻭﺳﻠﻢ ﺗﺴﻠﻴﻤﺎً ﻛﺜﻴﺮﺍً...
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،...
أمـــــا ﺑﻌـــــﺪ :
ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻠﺘﻘﻮﻯ ﺯﻣﻦ ﻣﺤﺪﻭﺩ ﻭﻻ ﻣﻮﺳﻢ ﻣﺨﺼﻮﺹ ﻣﻌﺪﻭﺩ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﻫﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺪﺍﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻌﺒﻴﺪ،
ﻳﻌﻤﺮﻭﻥ ﺑﻬﺎ ﺃﻭﻗﺎﺗﻬﻢ، ﻭﻳﺴﺘﻌﻤﻠﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﺑﺪﺍﻧﻬﻢ، ﻭﻳﻘﻀﻮﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﺃﻋﻤﺎﺭﻫﻢ.
ﻭﺍﻟﻤﻐﺒﻮﻥ ﻣﻦ ﻟﻢ ﻳﻌﺮﻑ ﺭﺑﻪ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﻌﻠﻮﻣﺔ، ﺃﻭ ﺳﺎﻋﺎﺕ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ، ﺛﻢ ﻳﻌﻮﺩ ﺑﻌﺪ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻐﻲ ﻭﺍﻟﻐﻔﻠﺔ، ﻭﻳﻨﺘﻜﺲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺓ، ﻭﻳﺮﺗﻜﺲ ﻓﻲ ﺍﻵﺛﺎﻡ ﻭﺍﻟﻌﺼﻴﺎﻥ، ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺬﻻﻥ.
عباد الله :
ﺍﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﻛﻞ ﺁﺕٍ ﻗﺮﻳﺐ، ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻣﺎ ﻟﻴﺲ ﺑﺂﺕٍ. ﻭﻣﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﻄﻴﺘﻪ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﺳﻴﺮ ﺑﻪ ﻭﺇﻥ ﻟﻢ ﻳﺴﺮ،
ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﻭﺍﻟﻨﻬﺎﺭ ﻣﻄﻴﺘﺎﻥ ﺗﻘﺮﺑﺎﻥ ﻛﻞ ﺑﻌﻴﺪ ﻭﺗﺒﻠﻴﺎﻥ ﻛﻞ ﺟﺪﻳﺪ، ﻭﺗﺄﺗﻴﺎﻥ ﺑﻜﻞ ﻣﻮﻋﻮﺩ.
ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻠﻴﺎﻟﻲ ﻭﺍﻷﻳﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﻬﻮﺭ ﻭﺍﻷﻋﻮﺍﻡ ﻣﻮﺍﻗﻴﺖ ﻟﻸﻋﻤﺎﻝ، ﻭﻣﻘﺎﺩﻳﺮ ﻟﻶﺟﺎﻝ، ﻓﻬﻲ ﺗﻨﻘﻀﻲ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻭﺗﻤﻀﻲ ﺳﺮﻳﻌﺎً، ﻭﺍﻟﺬﻱ ﺃﻭﺟﺪﻫﺎ ﺑﺎﻕٍ ﻻ ﻳﺰﻭﻝ، ﻭﺩﺍﺋﻢ ﻻ ﻳﺤﻮﻝ...
ﻣﻦ ﻇﻦ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﻠﻖ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﺍﺕ ﻭﺍﻷﺭﺽ ﻭﻣﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺑﻼ ﺣﻜﻤﺔ ﻓﻘﺪ ﺍﻓﺘﺮﻯ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﻭﻛﺬّﺏ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ (ﻭَﻣَﺎ ﺧَﻠَﻘْﻨَﺎ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀَ ﻭَﺍﻟْﺄَﺭْﺽَ ﻭَﻣَﺎ ﺑَﻴْﻨَﻬُﻤَﺎ ﻻﻋِﺒِﻴﻦَ) [ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ:16] .
ﻭﻣﻦ ﺍﻋﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺧﻠﻖ ﻟﻐﻴﺮ ﻣﻬﻤﺔ ﻓﻘﺪ ﺟﺎﺀ ﺑﺰﻭﺭ ﻭﺑﻬﺘﺎﻥ (ﺃَﻳَﺤْﺴَﺐُ ﺍﻹِﻧْﺴَﺎﻥُ ﺃَﻥْ ﻳُﺘْﺮَﻙَ ﺳُﺪﻯً) [ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ:36]،
(ﺃَﻓَﺤَﺴِﺒْﺘُﻢْ ﺃَﻧَّﻤَﺎ ﺧَﻠَﻘْﻨَﺎﻛُﻢْ ﻋَﺒَﺜﺎً ﻭَﺃَﻧَّﻜُﻢْ ﺇِﻟَﻴْﻨَﺎ ﻻ ﺗُﺮْﺟَﻌُﻮﻥَ) [ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ:115].
ﻭﻗﻔﺎﺕ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﻮﺩﺍﻉ ..
ﻭﻧﺤﻦ ﻧﻮﺩﻉ ﻋﺎﻣﺎً ﻫﺠﺮﻳًّﺎ ﻣﻀﻰ ﻣﻦ ﺃﻋﻤﺎﺭﻧﺎ، ﻭﻧﺴﺘﻘﺒﻞ ﻋﺎﻣﺎً ﺟﺪﻳﺪﺍً، ﻳﻠﺰﻡ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﺎ ﺃﻥ ﻳﻘﻒ ﻭﻗﻔﺔ ﺗﺴﺎﺅﻝ، ﻭﺗﺄﻣﻞ ﻭﺗﺪﺑﺮ، ﺗﻌﻘﺒﻬﺎ ﻭﻗﻔﺔ ﻃﻮﻳﻠﺔ ﻳﺤﺎﺳﺐ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻧﻔﺴﻪ ﻋﻤﺎ ﺍﻗﺘﺮﻓﻪ ﺧﻼﻝ ﻋﺎﻡ ﻛﺎﻣﻞ ﻣﻦ ﻋﻤﺮﻩ، ﻋﺎﻡ ﻣﻀﻰ ﻭﺍﻧﻘﻀﻰ، ﻻ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﺎﻧﻊ ﻓﻴﻪ، ﺛﻢ ﻭﻗﻔﺔ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩ ﻻﻧﻄﻼﻗﻪ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺧﻼﻝ ﻋﺎﻡ ﻧﺴﺘﻘﺒﻠﻪ ﻻ ﻧﺪﺭﻱ ﻣﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﻗﺎﺽ ﻓﻴﻪ...
1 ـ ﻭﻗﻔﺔ ﺗﺄﻣﻞ ﻭﺗﺪﺑﺮ:
ﺇﻥ ﺃﻭﻝ ﻣﺎ ﻳﺠﺐ ﺃﻥ ﻳﻠﻔﺖ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻨﺎ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺮﺕ ﺑﻬﺎ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺴﻨﺔ، ﻓﺒﺎﻷﻣﺲ ﺍﻟﻘﺮﻳﺐ ﻛﻨﺎ ﻧﺴﺘﻘﺒﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻌﺎﻡ،
ﻭﻫﺎ ﻧﺤﻦ ﻭﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﺴﺮﻋﺔ ﻧﻮﺩﻋﻪ، ﻭﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﻣﺎ ﻳﺪﻝ ﺃﻭﻟﻲ ﺍﻷﻟﺒﺎﺏ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﻋﺔ ﺍﻧﻘﻀﺎﺀ ﺍﻷﻋﻤﺎﺭ، ﻭﺳﺮﻋﺔ ﻓﻨﺎﺀ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺪﺍﺭ،
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻘﻬﺎﺭ: (ﺇِﻥَّ ﻓِﻲ ﺧَﻠْﻖِ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﻭَﺍﺕِ ﻭَﺍﻷَﺭْﺽِ ﻭَﺍﺧْﺘِﻼﻑِ ﺍﻟﻠَّﻴْﻞِ ﻭَﺍﻟﻨَّﻬَﺎﺭِ ﻵﻳﺎﺕٍ ﻷُﻭﻟِﻲ ﺍﻷَﻟْﺒَﺎﺏِ) [ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ:190].
ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻮﻻﺩﺓ ﻭﺍﻟﻜﻬﻮﻟﺔ، ﻭﺍﻟﺸﺒﺎﺏ ﻭﺍﻟﺸﻴﺨﻮﺧﺔ، ﻭﺍﻟﻬﺮﻡ ﺛﻢ ﺍﻟﻤﻮﺕ، ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺷﺮﻳﻂ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻓﻲ ﻋﺠﺎﻟﺔ، ﻭﻳﻄﻮﻯ ﺳﺠﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻛﺄﻧﻬﺎ ﻏﻤﻀﺔ ﻋﻴﻦ، ﺃﻭ ﻭﻣﻀﺔ ﺑﺮﻕ،
ﻓﻴﺎﻋﺠﺒﺎ ﻟﻬﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻛﻴﻒ ﺧﺪﻉ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻏﺮﻫﻢ ﻃﻮﻝ ﺍﻷﻣﻞ ﻓﻴﻬﺎ،
ﻭﻫﻲ ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻬﺎ: (ﻟَﻌِﺐٌ ﻭَﻟَﻬْﻮٌ ﻭَﺯِﻳﻨَﺔٌ ﻭَﺗَﻔَﺎﺧُﺮٌ ﺑَﻴْﻨَﻜُﻢْ ﻭَﺗَﻜَﺎﺛُﺮٌ ﻓِﻲ ﺍﻷَﻣْﻮَﺍﻝِ ﻭَﺍﻷَﻭْﻻﺩِ) [ﺍﻟﺤﺪﻳﺪ:20]،
(ﻭَﺍﺿْﺮِﺏْ ﻟَﻬُﻢْ ﻣَﺜَﻞَ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓِ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻛَﻤَﺎﺀٍ ﺃَﻧْﺰَﻟْﻨَﺎﻩُ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻓَﺎﺧْﺘَﻠَﻂَ ﺑِﻪِ ﻧَﺒَﺎﺕُ ﺍﻷَﺭْﺽِ ﻓَﺄَﺻْﺒَﺢَ ﻫَﺸِﻴﻤﺎً ﺗَﺬْﺭُﻭﻩُ ﺍﻟﺮِّﻳَﺎﺡُ) [ﺍﻟﻜﻬﻒ:45]...
(ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻣَﺜَﻞُ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓِ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻛَﻤَﺎﺀٍ ﺃَﻧْﺰَﻟْﻨَﺎﻩُ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺴَّﻤَﺎﺀِ ﻓَﺎﺧْﺘَﻠَﻂَ ﺑِﻪِ ﻧَﺒَﺎﺕُ ﺍﻷَﺭْﺽِ ﻣِﻤَّﺎ ﻳَﺄْﻛُﻞُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﻭَﺍﻷَﻧْﻌَﺎﻡُ ﺣَﺘَّﻰ ﺇِﺫَﺍ ﺃَﺧَﺬَﺕِ ﺍﻷَﺭْﺽُ ﺯُﺧْﺮُﻓَﻬَﺎ ﻭَﺍﺯَّﻳَّﻨَﺖْ ﻭَﻇَﻦَّ ﺃَﻫْﻠُﻬَﺎ ﺃَﻧَّﻬُﻢْ ﻗَﺎﺩِﺭُﻭﻥَ ﻋَﻠَﻴْﻬَﺎ ﺃَﺗَﺎﻫَﺎ ﺃَﻣْﺮُﻧَﺎ ﻟَﻴْﻼً ﺃَﻭْ ﻧَﻬَﺎﺭﺍً ﻓَﺠَﻌَﻠْﻨَﺎﻫَﺎ ﺣَﺼِﻴﺪﺍً ﻛَﺄَﻥْ ﻟَﻢْ ﺗَﻐْﻦَ ﺑِﺎﻟْﺄَﻣْﺲِ ﻛَﺬَﻟِﻚَ ﻧُﻔَﺼِّﻞُ ﺍﻵﻳﺎﺕِ ﻟِﻘَﻮْﻡٍ ﻳَﺘَﻔَﻜَّﺮُﻭﻥَ) [ﻳﻮﻧﺲ:24]...
أكثروا من الأعمال الصالحة، وثقوا بربكم وقوموا بواجبكم،
واحفظوا دماءكم وأموالكم وأعراضكم، وكونوا عباد الله إخوانًا،
واستشعروا مسئولياتكم تجاه دينكم وأوطانكم ومجتمعاتكم،
واحذروا الدعوات الضالة والعصبيات الجاهلية والشعارات الزائفة والدعوات الباطلة، وأصلحوا ذات بينكم،
وادعوا ربكم وتضرعوا بين يديه،
واحذروا الفتن بكل صورها وتراحموا بينكم يبدل الله سيئاتكم حسنات ويغير أحوالكم إلى أحسن حال ويؤلف بين قلوبكم وينصركم على عدوكم..
واعلموا أن أمة الإسلام تُبتلى وتمرض ولكنها لا تموت ... دينها خالد، وعقيدتها راسخة. والإسلام يعلو ولا يعلى عليه ،
والحق دائماً منتصر ولو انتفش الباطل وظهر فإنه إلى زوال،
وعلينا جميعاً أن نستغل ما بقى من أعمارنا فيما يرضي الله تعالى ...
سأل الفضيل بن عياض رجل فقال له كم عمرك ؟: قال : ستون سنة .
قال : فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ .
فقال الرجل : إنا لله و إنا إليه راجعون .
قال الفضيل : أتعرف تفسيره تقول : إنا لله و إنا إليه راجعون !!
فمن علم انه لله عبد وانه إليه راجع فليعلم انه موقوف ، ومن علم انه موقوف ، فليعلم انه مسئول ، فليعد للسؤال جوابا،
فقال الرجل : فما الحيلة ؟
قال : يسيرة . قال: ما هي ؟
قال : تحسن فيما بقي يغفر لك فيما مضى ، فانك إن أسأت فيما بقى ، أخذت بما مضى وما بقى والأعمال بالخواتيم ...
نسأل الله أن يحسن ختامنا ، وأن يختم لنا بجنة عرضها السماوات والأرض.
اللهُمَّ إنَّا نسألُك إيمانًا يُباشرُ قُلوبنا، ويقينًا صادقًا، وتوبةً قبلَ الموتِ، وراحةً بعد الموتِ،
ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ، والشوق إلى لقائِكَ، في غيِر ضراءَ مُضرة، ولا فتنةً مُضلة...
اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، واحفظنا بحفظك الذي لا يرام، واحرسنا بعينك التي لا تنام، ، ،
هـــذا ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻭﺳﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺍﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺍﺓ ،
النبي المصطفى والرسول المجتبى ،
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪﻭﺗﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة.
ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻼﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ} [ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ: 56].
فأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم، يُعظِم الله لكم بها أجرا، وتؤدوا شيئاً من حقوق نبيّكم عليكم، وتمتثلوا أمر الله عزّ وجل لكم.
اللهم صلّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد
اللهم ارزقنا محبته، وارزقنا اتباعه ظاهراً وباطنا، اللهم ارزقنا تقديم هديه على كل هدي، وقوله على كل قول يا ربّ العالمين.
اللهم توفنا على مِلّته
اللهم احشرنا في زُمرته
اللهم أدخلنا في شفاعته
اللهم أسقنا من حوضه
اللهم اجمعنا به في جنات النعيم، مع الذين أنعمتَ عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين.
اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين، وعن زوجاته أمّهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﺰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺃﺫﻝ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ، ﻭﺍﺣﻢ ﺣﻮﺯﺓ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺁﻣﻨﺎً ﻣﻄﻤﺌﻨﺎً ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺁﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﻃﺎﻧﻨﺎ ﻭﺃﺻﻠﺢ ﺃﺋﻤﺘﻨﺎ ﻭﻭﻻﺓ ﺃﻣﻮﺭﻧﺎ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻭﻻﻳﺘﻨﺎ ﻓﻴﻤﻦ ﺧﺎﻓﻚ ﻭﺍﺗﻘﺎﻙ ﻭﺍﺗﺒﻊ ﺭﺿﺎﻙ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ...
ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺇﻥ ﺃﺭﺩﺕ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻓﺘﻨﺔ ﻓﺎﻗﺒﻀﻨﺎ ﺇﻟﻴﻚ ﻏﻴﺮ ﺧﺰﺍﻳﺎ ﻭﻻ ﻣﻔﺘﻮﻧﻴﻦ ، ﻭﻻ ﻣﻐﻴﺮﻳﻦ ﻭﻻ ﻣﺒﺪﻟﻴﻦ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ ...
ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﻻ ﺗﺪﻉ ﻷﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻓﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ ﻏﻔﺮﺗﻪ ﻭﻻ ﻣﺮﻳﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﺷﻔﻴﺘﻪ ﻭﻻ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻪ ، ﻭﻻ ﻫﻤﺎً ﺇﻟﻰ ﻓَﺮَّﺟْﺘﻪ ، ﻭﻻﻣﻴﺘﺎ ﺇﻻ ﺭﺣﻤﺘﻪ ، ﻭﻻ ﻋﺎﺻﻴﺎ ﺇﻻ ﻫﺪﻳﺘﻪ ، ﻭﻻ ﻃﺎﺋﻌﺎ ﺇﻻ ﺳﺪﺩﺗﻪ ، ﻭﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻚ فيها ﺭﺿﺎً ﻭﻟﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻼﺡ ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ,...
ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺟﻤﻌﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺟﻤﻌﺎً ﻣﺮﺣﻮﻣﺎً ، ﻭﺗﻔﺮﻗﻨﺎً ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺗﻔﺮﻗﺎ ﻣﻌﺼﻮﻣﺎ ﻭﻻ ﺗﺠﻌﻞ ﻓﻴﻨﺎ ﻭﻻ ﻣﻨﺎ ﻭﻻ ﻣﻌﻨﺎ ﺷﻘﻴﺎً ﺃﻭ ﻣﺤﺮﻭﻣﺎً ,
اللهم لا تخرجنا من هذا المكان إلا بذنب مغفور وسعى مشكور وتجارةٍ لن تبور ..
اللهم إرحم ضعفنا ، وإرحم بكاءنا ، وارحم بين يديك ذلنا وعجزنا وفقرنا ..
اللهم لا تفضحنا بخفى ما أطلعت عليه من اسرارنا
ولا بقبيح ما تجرأنا به عليك فى خلواتنا ،
يا رب إغفر الذنوب التى تهتك العصم،
وأغفر لنا الذنوب التى تنزل النقم ،
واغفر لنا الذنوب التى تحبس الدعاء ،
وأغفر لنا الذنوب التى تقطع الرجاء،
وأغفر لنا الذنوب التى تنزل البلاء ،
يا من ذكره دواء ، وطاعته غناء ، إرحم من رأس مالهم الرجاء ، وسلاحهم البكاء برحمتك يا أرحم الراحمين ...
اللهم إرحم موتانا وموتى المسلمين ،
وإشفى مرضانا ومرضى المسلمين ،
اللهم جدد آمالهم ، وأذهب آلآمهم
اللهم تقبل منا وأقبلنا إنك أنت التواب الرحيم..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝٍ ﻭﻋﻤﻞ،ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﻭﻋﻤﻞ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ،
وهناك غيرهم يتعاقبون علينا بالليل والنهار ليرفعوا تقارير للملك الجبار سبحانه عن أعمالنا صغيرها وكبيرها؛
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر, ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم -وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟! فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون". (متفق عليه)..
قال النووي: "ومعنى "يتعاقبون": تأتي طائفة بعد طائفة, وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين، وتكرمه لهم بأن جعل اجتماع الملائكة عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عباداتهم واجتماعهم على طاعة ربهم, فتكون شهادتهم لهم بما شاهدوه من الخير"...
وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: "قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخمس كلمات، فقال: "إن الله -عز وجل- لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يَخفِض القسط ويَرْفَعه، يُرفَع إليه عملُ الليل قبل النهار، وعملُ النهار قبل الليل...". (رواه مسلم) ...
قال المناوي: "معناه يُرفَع إليه عملُ النهار في أول الليل الذي بعده، وعملُ الليل في أول النهار الذي بعده؛ فإن الحَفَظة يصعدون بأعمال الليل بعد انقضائه في أول النهار، ويصعدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أول الليل". فيض القدير شرح الجامع الصغير (2/276)...
عبــــــاد اللـه :
رحيل الأيام والشهور والسنوات من أعمارنا يذكرنا دائماً بدنو الآجال واستمرار الرحلة إلى الدار الآخرة دون توقف ولو حتى للحظة واحدة.
قال تعالى (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ) (فاطر 37) ,
فأين الزاد لهذه الرحلة ؟
كيف هو إيماننا بالله ورسوله صل الله عليه وسلم ؟
وكيف هي عباداتنا وأخلاقنا ومعاملاتنا ؟
كيف هي حياتنا مع القرآن والصلاة والصيام والذكر والدعاء ؟
هل قمنا بواجباتنا تجاه ديننا وأمتنا وأوطاننا ؟
ماذا أنجزنا من أعمال صالحة تبيض وجوهنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ..؟؟
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: إنكم تغدون وتروحون إلى اجل قد غيب عنكم علمه ، فان استطعتم ألا يمضي هذا الأجل إلا وانتم في عمل صالح فافعلوا )...
وقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: " حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ ، لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ } ( الحاقة / 18 ) ...
وكان الحسن البصري رحمه الله يقول : يا ابن آدم إنما أنت بين مطيتين يوضعانك ، يوضعك النهار إلى الليل و الليل إلى النهار ، حتى يسلمانك إلى الآخرة ، فمن اعظم منك يا ابن آدم خطرا ؟) ...
ولو راجع كل واحد منا فاتورة أعماله خلال عام مضى لوجد عجب عجاب.
فكم من صلاة أضعتها؟ ..
وكم جمعة تهاونت بها؟ ..
كم صيام تركته؟ …
كم زكاة بخلت بها؟ …
كم حج فوته ؟ …
كم معروف تكاسلت عنه؟ …
كم منكر سكت عليه؟ …
كم نظرة محرمة أصبتها؟ …
كم كلمة فاحشة تكلمت بها؟ …
كم أغضبت والديك ولم ترضهما؟ …
كم قسوت على ضعيف ولم ترحمه؟ ..
كم من الناس ظلمته؟ …
كم من الناس أخذت ماله؟ ..
وكم من ظالم ناصرته؟ ..
وكم من معروف طمسته ؟ ..
وكم من شهادة كتمتها ؟ ..
وكم من دماء للمسلمين شاركت في سفكها بالفعل او القول او التشفي والرضى؟ ..
وكم من أخوة مع المسلمين حولك قطعتها بسبب خلاف في وجهات النظر أو بسبب عصبية جاهلية ذميمة أو بسبب موقف تافه وعابر ؟ ...
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع؟
فقال: (إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار) [مسلم]...
إنا لنفرح بالأيام نقطـــعها ***
وكل يوم مضى يدني من الأجـــــل ...
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً ***
فإنما الربح والخسران في العمل ...
وبالمقابل هناك من يعيش في فاتورة إنجازه خلال عام مضى...
أعمال تفتج لها أبواب السماء فقد قاموا بما أفترض الله عليهم وأدوا واجباتهم ,, صبروا في مرضات الله واستقاموا على الصراط وادركوا حقيقة الدنيا وتزودوا للرحلة واستفادوا من أعمارهم وعاشوا حياتهم لله في السراء والضراء والعسر واليسر. ولذلك يكون الجزاء في الدنيا والآخرة عظيم ففي الدنيا معونة الله وتثبيته لهم ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ، ﻭﻗﻠﻮﺑﺎً ﺳﻠﻴﻤﺔ، ﻭﺃﺧﻼﻗﺎً ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺧﺘﻢ ﻟﻨﺎ ﺑﺨﺎﺗﻤﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﻭﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻤﻦ ﻛﺘﺒﺖ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ، ﻳﺎ ﻛﺮﻳﻢ ﻳﺎ ﺭﺣﻴﻢ.
ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ...
عبــاد الله:
{ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُ ﺑِﺎﻟْﻌَﺪْﻝِ ﻭَﺍﻹِﺣْﺴَﺎﻥِ ﻭَﺇِﻳﺘَﺎﺀِ ﺫِﻱ ﺍﻟْﻘُﺮْﺑَﻰ ﻭَﻳَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻔَﺤْﺸَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟْﻤُﻨْﻜَﺮِ ﻭَﺍﻟْﺒَﻐْﻲِ ﻳَﻌِﻈُﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠَّﻜُﻢْ ﺗَﺬَﻛَّﺮُﻭﻥَ}. (ﺍﻟﻨﺤﻞ: 90)
فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون...
والحمد لله رب العالمين ...
وفي الآخرة قال الله تعالى (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ *إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ *كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) (الحاقة 19_24) ...
وربما لم تكن أعمال كثيرة ولكنها أعمال توفر فيها الإخلاص والصدق وطلب مرضات الله فيها مع خوف من الله واستصغارها فكتب الله لها القبول ..
قال أحد الحكماء : «من أمضى يوماً من عمره في غير حقٍّ قضاه، أو فرضٍ أدّاه،أو مجدٍ أثَّله، أو حمدٍ حصَّله، أو خير أسَّسه، أو علمٍ اقتبسه فقد عقَّ يومَه، وظلَم نفسَه»...
وفي هذا يقول الإمام الشّافعيُّ -رحمه الله-:
إِذَا هَجَعَ النُّوَّامُ أَسْبَلْتُ عَبْرَتِي ***
وَأَنْشَدتُّ بَيْتاً وَهْوَ مِنْ أَلْطَفِ الشِّعْرِ ...
أَلَيْسَ مِنَ الْخُسْرَانِ أَنَّ لَيَالِــياً ***
تَمـُرُّ بِـلَا عِلْمٍ وَتُحـْسَبُ مِنْ عُمْرِي ..!!
وقال الشّاعر:
إِذَا مَرَّ بِي يَوْمٌ وَلَمْ أَصْطَنِعْ يَداً ***
وَلَمْ أَسْتَفِدْ عِلْماً فَمَا هُوَ مِنْ عُمْرِي ...
قال عبد الرحمن بن مهدي : لو قيل لحماد بن سلمة : إنك تموت غداً ، ما قدر أن يزيد في العمل ـ الصالح ـ شيئا .ـ
وعن وكيع قال : كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى ، وجلست إليه أكثر من ستين سنة فما رأيته يقضي ركعة ..
وكان الربيع بن خثيم يُقاد إلى الصلاة وبه الفالج ـ الشلل ـ فقيل له : قد رُخِّص لك .. قال : إني أسمع حي على الصلاة ، فإن استطعتم أن تأتوها ولو حبواً ...
وكان في الأمة العلماء وطلبة العلم والقادة والمرابطين على الثغور ،
وكان منهم التجار والقضاة وعلماء الطبيعة والرياضيات والكيمياء والطب ، وبهم أزدهرت هذه الأمة وانتشر الإسلام ، وحفظت كرامة المسلم وتعلمت واستفادت أمم الأرض من حولنا عندما كان من الآسباب استثمار الأوقات وبلوغ الغايات وتحقيق الأهداف...
أيها المسلمون /عبــــــاد اللـه :
يرحل عام من حياتنا فما هي فاتورة الإنجاز لأمة الإسلام خلال هذا العام في دولهم وجماعاتهم ومؤسساتهم ؟؟!!
لا شك أن هناك أعمال واجتهادات ومحاولات لتحسين العمل والأداء من بلد لآخر ومن جماعة ومؤسسة لأخرى في العالم كله ..
لكن .. !! ولﻷسف الناتج العام لأمة الإسلام خلال العام دون مستوى المسئولية والتحدي،
وهناك فاتورة فادحة قدمتها هذه الأمة .. من دمائها وابنائها ومقدراتها ..!!
بسبب البعد عن منهج الله وتدخل الأعداء من الشرق والغرب ،
فأوغروا العداوة بين أبناء هذه اﻷمة ونشروا ثقافة العصبية والطائفية والمذهبية ليستمر الخلاف والشقاق فيما بيننا،،،
ولذلك قامت الحروب والصراعات وسفكت الدماء وهدمت المدن والقرى وظهر الظلم والبغي واحتكم الناس إلى ثقافة الغابة،
ولجأوا إلى العنف والقوة والاستكبار،
وتشرد الناس في الملاجئ والمخيمات،
وماتوا في الصحاري والقفار والبحار بحثاً عن النجاة، وعادى المسلم أخاه المسلم ووالى أعداء الأمة ،،،
والله تعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة 51) ..
لقد أصبحنا أضحوكة العالم، ومثارًا لسخرية الشعوب حولنا،
فنحن أمة الإسلام أمة القرآن، الأمة الواحدة بدينها وعباداتها وشعارها،
الأمة التي من واجباتها دعوة الأمم وتربية الشعوب ودعوة العالم من حولنا إلى الإسلام والعدل والتعايش والتسامح والتواضع وبذل المعروف ..!!
أصبح بأسنا بيننا شديدًا، وأصبح لا يطيق بعضنا بعضاً بسبب خلافات تافهة وأطماع شيطانية ونوازع خبيثة ، ليست من الدين في شيء،
وضاقت علينا الأرض بما رحبت، وخبثت نفوسنا، وساءت أعمالنا، ونسينا ديننا وآخرتنا ولقاء ربنا، وتركنا الكثير من تعاليم ديننا،
فأنزل الله عقوبته علينا حتى نعود إلى الحق والخير الذي أمرنا به؛
قال تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ? انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) [الأنعام: 65]...
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ، ،
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه ...
-:(( الخطبة الثانية )): -
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
أما بعد:
عبــــــاد اللـه :
خطبة 🎤 بعنوان
رحيل عــام وفاتورة إنجـــــــاز.. !!
🕌🕋🌴🕋🕌
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحَمْدُ للهِ مُصَرِّفِ الأَحْوَالِ وَالأَوقَاتِ ،
وَمُقَدِّرِ الأَيَّامِ وَالسَّاعَاتِ ،
خَالِقِ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ ،
وَجَاعِلِ النُّورِ وَالظُّلُمَاتِ،
أَحْمَدُهُ تَعَالَى عَلَى جَمِيعِ العَطَايَا وَالهِبَاتِ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى نِعَمِهِ السَّابِغَاتِ،
الحمد للَّه رب الأرض ورب السماء،
خلق آدم وعلمه الأسماء،
و أسجـد له ملائكـتـه وأسـكـنـه الـجـنة دار البـقاء،
وجعل الدنيا لذريته دار عمل لا دار جزاء،
و تجلت رحمته بهم فتوالت الرسل و الأنبياء...
و أنزل القرآن لما في الصدور شفاء،
فأضأت به قلوب العـارفـين و الأتـقيـاء...
و ترطبت بآياته ألسنة الذاكرين والأولياء ..
نحمده تبارك و تعالى على النعماء و السراء..
و نستعينه عـلى البأسـاء و الضـراء...
ونعوذ بنور وجهه الكريم من جهد البلاء ودرك الشقاء وعضال الداء وشماتـة الأعداء...
وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، حَثَّنَا عَلَى اغتِنَامِ الأَوقَاتِ ، وَالاعتِبَارِ بِالأَيَّامِ المَاضِيَاتِ ، وَنَهَانَا عَنِ الأَسَى عَلَى مَا فَاتَ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّـنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي ارتَقَى مَدَارِجَ الكَمَالاتِ، وَسَمَا بِفَضْـلِهِ عَلَى جَمِيعِ الكَائِنَاتِ ،
صل الله وسلم عليه وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَنِ اهتَدَى بِهَدْيِهِ مِنْ أُولِي الفَضْـلِ وَالمَكْرُمَاتِ..
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،...
أَمَّا بَعْدُ:
أيها المؤمنون/ عبــــــاد اللـه :
رحلة الأيام والشهور والأعوام لا تتوقف بأي حال من الأحوال ...
وإن من مراحل حياتنا التي قطعناها من سفرنا إلى الآخرة هذا العام الذي ودعناه ولا يعود إلينا أبداً إلى يوم القيامة ،
فإنه ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي ويقول يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني بعمل صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة...
فكان لابد من استغلال أيام العمر وشهوره وسنواته فيما يعود بالنفع على الفرد في دينه ودنياه وآخرته.
وبذلك فليفرح ويستبشر فقد أدى ما عليه وقام بواجبه ، وكل يوم وهو في زيادة من خير أو معروف أو عمل صالح يقربه إلى الله ...
فليس من العقل أن يفرح مَن يومه يهدم شهره، ومن شهره يهدم عامه، ومن عامه يهدم عمره ، وكيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله وتقوده حياته لموته ،
وكيف يفرح والدنيا قد ارتحلت مدبرة والآخرة قد ارتحلت مقبلة ، ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل.
قال تعالى ( "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ" )[آل عمران:30]....
وقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ» (التّرمذيّ 2417) ...
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قَالَ : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبَيَّ ، فقال : (( كُنْ في الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ ، أَو عَابِرُ سَبيلٍ )) ...
وَكَانَ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما ، يقول : إِذَا أمْسَيتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ . (رواه البخاري) ...
وقد وكل الله بكل إنسان ملكين من ملائكته؛ أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات، والآخر عن شماله يكتب السيئات؛ قال تعالى: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) [الانفطار: 10-12]،
العزة والمجدُ والتمكين، *ولكن تحتاج هذه الأمة إلي إيمان بالله الإيمان العميق، واتصالها بربها الاتصال الوثيق، وفهمها للإسلام الفهم الدقيق،* مع اجتماع الكلمة، وتوحيد الصف، ونبذ الخلاف والفرقة؛ عندها يعود لها عزتُها واستخلافها للأمم، ويتحقق وعدُ الله لها بالاستخلاف والتمكين في الأرض، كما وعَدَ الله بذلك بقوله تعالى: *﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا مِنكُم وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَيَستَخلِفَنَّهُم فِي الأَرضِ كَمَا استَخلَفَ الَّذينَ مِن قَبلِهِم وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُم دينَهُمُ الَّذِي ارتَضى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِن بَعدِ خَوفِهِم أَمنًا يَعبُدونَني لا يُشرِكونَ بي شَيئًا وَمَن كَفَرَ بَعدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ﴾* [النور: ٥٥].
*عباد الله في الختام:*
وبعد نجاح هذه الهجرة المباركة، وانتهاء هذه الرحلة المحاطة بالمخاطر، وبعد أخذه صلى الله عليه وسلم لجميع الاحتمالات، وأخذه بجميع الأسباب الموصلة لإنجاح هذه الهجرة؛ بعدها وصل رسولُ الله وصاحبُه المغوار إلى المدينة المنورة، بعد طول انتظار من الصحابة عليهم الرضوان، فلما رأوه فرحوا به، واستبشروا بقدومه، واستقبلوه بالأناشيد والزغاريد، وأنارتْ يثربُ بقدومه صلى الله عليه وسلم، وأشرقتْ شمسُ الرسالة من جديد، وفي بلدٍ جديد، فكان هذا اليوم؛ خيرَ يومٍ طلعت عليه الشمس لأهل المدينة، وللمسلمين أجمعين. وبعد الاستقبال وكرْم الضيافة بدأ رسولُ الله بتأسيس الدولة الاسلامية، ورسْم دعائمَها، فبدأ أولاً ببناء المسجد، ثم آخى بين المهاجرين والأنصار، ثم وضع الدستورَ والنظامَ للدولة المسلمة في المدينة المنورة بين المسلمين أنفسهم وبين المسلمين وغير المسلمين من اليهود وغيرهم.
*وبعد ذلك؛ وبعد عشر سنوات فقط من هذه الهجرة؛ دانتْ الجزيرةُ العربية كلُها لمحمد عليه الصلاة والسلام، دانتْ كلها للدين الحق، واعتنقت الإسلام، ودخل الناسُ في دين الله أفواجا،*
*وحقّقَ اللهُ وعدَه من هذه الهجرة بقوله:* *(وجعلَ كلمةَ الذين كفروا السفلى، وكلمةُ الله هي العليا، واللهُ عزيزٌ حكيمٌ)*
هذا وصلوا وسلموا على من أمركم اللهُ بالصلاة والسلام عليه حيث قال: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا صَلّوا عَلَيهِ وَسَلِّموا تَسليمًا﴾
*الــــدعـــــــــــــــــــــــــاء*
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولا تبخل على نفسك بالأجـر العظيم*
=======================
ـــــــ🕋 زاد.الـخـطــيــب.tt 🕋ــــــــ
منــبرالحكـمــةوالمـوعـظـةالحســنـة.tt
رابط التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.730155153.tt
كانت حاملاً في الشهر السابع، ورغم هذا الخوف والتعب والجهد في صعود الجبل للوصول للغار، لم تتخلَّ أسماء عن مواصلة دورها في سبيل نجاة الدعوة، وإنجاح إتمام مهمة الرسالة، ومن سرعة همتها، واستعجال عملها؛ نسيَتْ أن تضع للطعام رباطاً كي يُعلّق على الراحلة عند المسير، فما كان منها لما وصلت إلا أنْ شقّت نطاقها (أي خمارها) نصفين، نصف لغطاء رأسها، والنصف الآخر لتعليق الطعام على الراحلة، فسميت عندها بـ(ذات النطاقين) رضي الله عنها وأرضاها.
إنه دور المراة المسلمة في نصرة الدعوة، يا عبادالله.
إنّ نساء زماننا اليوم همهنّ الوحيد هو مشاهدة المسلسلات، ومتابعة الموضات وتقليد الفنانين والفنانات، إلا من رحمها ربُّ السموات. لكن أسماء ذات النطاقين كان همُها الوحيد هو نصرة الحق، ونصرة رسول الحق، وإنْ كلفها ذلك حياتَها وحياة جنينها، فنصرة الحق ونشر الدين لا يقتصر على الرجال فقط، بل كذلك هو مسؤولية النساء، فإنّ النساء شقائقُ الرجال، ونصرة الإسلام، وحمْل همَّ المسلمين؛ هو فريضةٌ على كل مسلم ومسلمة.
3/*أما الدرس الثالث الذين نتعلمه من هذه الهجرة هو موقف الثقة بالله في أوثق مواقفها، وكذلك التوكل في أدقّ تخطيطه:*
إنها الثقة المطلقة بالله، وتمام التوكل عليه، فرغم عِلْم الرسول صلى الله عليه وسلم بمؤامرة كفار قريش لاغتياله، واجتماع القبائل على تنفيذ هذه المؤامرة، رغم ذلك؛ إلا أنه صلى الله عليه وسلم خرج بينهم بكل ثقةٍ واطمئنان، خرج على أعين الكفار وهو يحثو على رؤوسهم التراب، ويقول بعد أن ذرا في وجوههم التراب: (شاهتِ الوجوه)، ويتلو قولَه تعالى: (وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فأغشيناهم فهم لا يبصرون). إنها الثقة المطلقة بالله عز وجل.
وها هو الآن يوم أحيط بأعظم صاحبَين، وأخلص صديقَين في الغار، لما كانا داخل ما يشبه وكْر الثعبان أو جوف حوت مظلم؛ وليس بينهما وبين الهلاك إلا لمحة عين، أو تدقيق نظر، هنا انقطعتْ الأسباب إلا سبباً واحداً، وهو مسبِّب الأسْباب، وهو مولى الذين ءامنوا في الشدائد، إنه الله عز وجل، عندها ظهرت الثقة بالله، وتجلّى التوكل على الله، فيهمسُ أبو بكر برسول الله قائلاً: (لو نظر أحدُهم أسفل قدميه لرآنا)، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم الواثق بربه، المتوكل عليه: (ما ظنُّك يا أبا بكر باثنيين اللهُ ثالثهما، لا تحزن إنّ الله معنا)، فلم يقل عليه الصلاة والسلام يا أبا بكر لا تحزن ولا تخاف إنّ خطتنا محكمة، وإنّ تدبيرنا محكم، (رغم أنها كذلك)؛ إلا أنه لم يعتمد على ذلك، ولم يعتمد على هذه الأسباب، بل اعتمد على ربّ هذه الأسباب، وتوكل عليه، فقال له:*(لا تحزن إنّ الله معنا)*، مثَلَه كمثل أخيه موسى عليه السلام لما قال له قومُه عندما أدركهم فرعونُ وجنودُه؛ فقالوا يا موسى البحر أمامنا والعدو خلفنا فماذا نصنع؟ ماذا نفعل؟ فقال لهم موسى واثقاً بربه: (كلا إنّ معيَ ربي سيهدين).
وهاهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قد أخذ بجميع الأسباب الممكنة، واستفرغ الجهد في إنجاح هذه الهجرة، من حيث الزمان، والمكان، والدليل، والراحلة، وتغيير الاتجاه، واتخاذ الصاحب، وتوفير الزاد، والاختباء بالغار، والخروج ليلاً، ونوم عليّ على الفراش، ومع هذا كله، لم يعتمد عليها، بل اعتمد على الله مدّبر الأحوال، وحافظ الأسرار، (إِذْ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليا وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾. فعلى الانسان المسلم الأخذ بجميع الأسباب، والعمل بها، ولكن عدم الاعتماد عليها، ونسيان الله المدّر الحكيم سبحانه، فإنّ الأمر لله من قبل ومن بعد، فالله هو الذي يدّبر الأمور ويُصرّفها، فهذا درس للأمة الاسلامية عليها أن تأخذ وتعمل بالأسباب، لكن مع الثقة المطلقة بالله، والتوكل عليه. ﴿وَإِذ يَمكُرُ بِكَ الَّذينَ كَفَروا لِيُثبِتوكَ أَو يَقتُلوكَ أَو يُخرِجوكَ وَيَمكُرونَ وَيَمكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيرُ الماكِرينَ﴾ [الأنفال: ٣٠]
فلا إله إلا الله ما بين الكفار وبين رسول الله إلا لمحة بصر، فقريشٌ قد جهزت الجيوش، وأعلنت الجوائزَ لمن يأتي برأس محمد وصاحبه، وهما الآن تحت أقدامهم في الغار، قريباً منهم، ولاكن لا يرونهما، إنها قدرة الله، إنها سخرية الأقدار، إنه العجب العجاب أنْ ترى أضخم عقيدة؛ تلوذ بأهون البيوت.
*عباد الله:*
إنّ فرعونَ جيّش الجيوش، وجنّد الجنود، وأعلنَ حالة الطوارئ في البلاد؛ للقضاء على كل مولود سيولد، وما عَلِم فرعونُ أنّ المولود الذي سوف تكون نهايتَه على يديه موجود في بيته، ويلعب في فناء قصره، وجواريه في خدمة هذا الغلام، إنها قدرة الله، إنها إذلالُ الله للطغاة والجبابرة،،،
*خطبة جمعة بعنوان:*
*(الهجرة النبوية دروس وعبر)*
*جمع وترتيب الاستاذ مطيع الظفاري*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبة الأولى:*
الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهديه اللهُ فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد ألا إله الا الله وحده لا شريك له، الواحد الاحد، الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا احد، الأول بلا ابتداء، والآخر بلا انتهاء، سبحانه وبحمده، وأشهد أنّ نبينا وحبيبنا وقائدنا محمداً رسول الله، خير من صلى وصام، وخير من عبَدَ اللهَ وقام، المنقذ العظيم، والمرشد الحكيم، وخير داعٍ الى الصراط المستقيم، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد: فاتقوا الله يا عباد الله ( يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين).
*عباد الله*
بمناسبة بداية العام الهجري الجديد؛ نعيش وإياكم في هذه الدقائق مع بعض أحداث الهجرة النبوية، وماهي الدروس المستفادة منها، بمعنى ماذا تُعلمُنا هجرةُ الرسول صلى الله عليه وسلم.
وقبل أن ندخل في موضوعنا إليكم هذه المقدمة القصيرة عن الهجرة.
اولًا: ما تعريف الهجرة؟ وما المقصود بها؟
الهجرة هي انتقال من بلد الى بلد آخر، الهجرة هي انتقال من بلد فيه كفر واضطهاد وتعذيب لمن هو مسلم، من بلد فيه الحرية الدينية منعدمة أو محاربَة، إلي بلد فيه إسلام أو إلى بلدٍ فيه حريّة التدين، وعدم منع ممارسة العبادات الدينية، كما كان ذلك في مكة أيام كفار قريش، فقد هاجر الصحابة من مكة إلي الحبشة مرتين، ثم هاجر الرسول والصحابة من مكة إلي المدينة المنورة. والهجرة هذه حكمها مستمر إلى قيام الساعة، كما قال الله تعالى حكايةً عن قومٍ احتجوا على الله أنهم كانوا مستضعفين في الأرض، فقال الله لهم: (ألم تكنْ أرضُ الله واسعةً فتهاجروا فيها) كما قال الله عنهم: ﴿إِنَّ الَّذينَ تَوَفّاهُمُ المَلائِكَةُ ظالِمي أَنفُسِهِم قالوا فيمَ كُنتُم قالوا كُنّا مُستَضعَفينَ فِي الأَرضِ قالوا أَلَم تَكُن أَرضُ اللَّهِ واسِعَةً فَتُهاجِروا فيها فَأُولئِكَ مَأواهُم جَهَنَّمُ وَساءَت مَصيرًا﴾ [النساء: ٩٧]. فحكم الهجرة باقي ومستمر.
أما قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا هجرةَ بعد الفتح)، أي بعد فتح مكة؛ فالمقصود به في الأجر، أي لا هجرةَ أجرُها مثل أجر الهجرة قبل فتح مكة، كما قال العلماء.
*عباد الله*
والهجرة النبوية المحمدية هذه لم تكن أُولى الهجرات، فلم تكن بِدَعاً من الرسل، بل قد سبقتها هجرة للأنبياء السابقين من قبْله، فلقد هاجر نبيُ الله ابراهيم وابنُ أخيه لوط عليهما السلام، فقد هاجروا من العراق إلي فلسطين، كما قال الله تعالى عنهما: ( فآمن له لوط، وقال إني مهاجر إلي ربي إنه هو العزيز الحكيم). وكذلك حدثنا القرآن عن هجرة نبي الله موسى عليه السلام خارجاً من مصر إلى مدين، كما قال الله تعالى عنه: ( ولما توجه تلقاءَ مدين قال عسى ربي أن يهديني سواءَ السبيل). ولكن هذه الهجرات للأنبياء السابقين كانت لها نتائج محدودة، رغم الجهود التي بذلوها، أما هجرة رسولنا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام؛ فقد سبقتها جهودٌ مضينة من التربية والإعداد والترتيب والتدبير، واقترنت بها حسابات وتقديرات هائلة، وتبعها جهاد متلاحق، لأنه لا نبي بعد النبي محمد، فلا خوارق بعد النبي محمد، فكانت هجرة الرسول محمد أعظمَ الهجرات بركةً، وأكثرَها أثراً، وأوضحها نموذجاً للبشرية.
*أيها المسلمون:*
إنّ الهدف الأسمى والأعلى من هذه الهجرة؛ هو اقامة هذا الدين، هو الفرار بهذا الدين والحفاظ عليه، وبقائه حيّاً إلي يوم الدين، كما قال الله في نهاية آية الهجرة: *﴿... وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليا وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ﴾*
عبادالله:
*إنّ الهجرة النبوية لم تكن فراراً؛ لأنّ الفرارَ معناه الهروب من المعركة، وجبنٌ عن مواجهة العدو، لكنها كانت انتقالاً إدارياً فحسب. وأيضاً لم تكن الهجرة تهرباً من الجهاد، بل إعداداً له، ولم تكن خوفاً من الأذى؛ بل توطيداً لدفعه، ولم تكن الهجرة كذلك جَزَعاً من المحنة؛ بل توطيناً للصبر عليها، نعم ـ يا عبادالله ـ لم تكنْ الهجرة فراراً من القدر؛ بل فراراً إلي القدر.*
إنّ الهجرة النبوية ليست أقاصيص تروى، ولا أساطير تتلى، ولكنها وحيُّ التأريخ الحيّ للأمم التي تريد الحياة.
*أيها المسلمون، يا أحباب المصطفى محمد:*
إنّ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ترى فيها مجموعةً منقطعةَ النظير، لأسمى الأخلاق والطبائع، قلّما يسمع بها الدهر في جيل من الأجيال، فترى فيها: *(الصداقةَ في مثلها الاعلى)، وترى فيها: (الجنديةَ في أكمل صورها)، وترى فيها: (الفداءَ في أروع مناظره)، وترى فيها: (المروءة في أجمل حُللها)، وترى فيها: (الثقة في أوثق مواقفها)، وترى فيها (التوكل في أدق تخطيطه)، وترى فيها أخيراً (الأملَ في أفسح آفاقه)، وفوق وبيْن كل ذلك ترى قيادةً ضمّتْ في قلبها جميعَ تلك الصفات
جعله الله سبحانه طريقا للنصر والعزة، ورفع راية الإسلام، وتشييد دولته، وإقامة صرح حضارته،،،
فما كان لنور الإسلام أن يشع في جميع أرجاء المعمورة لو بقي حبيسا في مهده، ولله الحكمة البالغة في شرعه وكونه وخلقه. ...
فالغايةَ الكُبرى من الوجودِ الإنسانيِ بأسرهِ هو عمارةُ الأرضِ بالتوحيدِ والإيمان, وإقامةُ حكمُ اللهِ وشرعهِ في عظائمِ الأُمورِ وصغارها ً...
ومتى ما تعذَّرَ تحقيقُ هذه الغايةِ فوقَ أرضٍ ما, أو في وظيفة ما أو في منصبٍ ما أو في مدينة ما أو مع شلة وأصحاب وكبراء يركنُ إليهم ويخافهم ..!!
فلا بُدَّ من البحثِ عن غيرِها من أرض أو وظيفة أو منصب مهما كان الثمن, ومهما كانتِ التضحيات ،،،
والله عز وجل يقول محذراَ أن يضعف الإنسان فيبيع دينه وقيمه ومبادئه بحجة الضعف والخنوع والإستسلام (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً) (النساء:97) ...
لقد أراد الصحابي الجليل صهيب الرومي الهجرة إلى المدينة فراراً بدينه ولحاقاً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان تاجراً ذا مال وفير ...
فتبعته قريش وقالوا : والله لا ندعك تلحق بصاحبك ..
لقد أتيتنا صعلوكاً لا مال لديك والآن تريد أن تهاجر ، والله لن ندعك ...
فقال : يا معشر قريش أرايتم إن أخبرتكم أين مالي أتخلون سبيلي ؟
قالوا : نعم ؟
فدلهم على ماله وهاجر بدينه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
فلما رأه سلم عليه وقال له ربح البيع أبا يحيى .. ربح البيع أبا يحيى ...
وأنزل الله قوله تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) (البقرة:207) ...
ومن هذه الدروس أن نعي جميعاً أن الأخوة والحب التراحم فيما بيننا كمسلمين سبب لقوتنا وصلاح مجتمعاتنا وسبب لإستجلاب رحمة الله وتوفيقه،
ولذلك آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المسلمين بعد الهجرة وشدد على هذه الأخوة وبين ثمراتها وحذر من التباغض والتحاسد وفساد ذات البين وقد بين الله أهميتها في حياة الأفراد والمجتمعات...
د قال تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)(الحجرات: 10)...
بها امتن الله على عباده فقال ( وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ)(آل عمران: من الآية103)...
ولأهميتها وعظيم أجرها فقد تولى سبحانه وتعالى بنفسه يوم القيامة يوم العرض الأكبر نداء المتحابين فيه ليكرمهم ويجزيهم أعظم الجزاء..
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "إنّ الله تعالى يقول يوم القيامة : أين المتحابون بجلالي ؟ اليوم أظلّهم في ظلّي يوم لا ظلّ إلاّ ظلّي ( رواه مسلم) ..
ولها منزلة عظيمة تطلع لوصول إليها الأنبياء والشهداء والصالحين ...
قال صلى الله عليه وسلم : (إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ، يَغْبِطُهُمْ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ؟ قَالَ: هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ وَلَا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ، وَإِنَّهُمْ عَلَى نُورٍ، لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ، وَقَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ: "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ") (أخرجه أبو داود وصححه الألباني ) ...
بل جعل سبحانه وتعالى الأخوة وسيلة لإكتساب حلاوة الإيمان ،،،
فقد قال صلى الله عليه وسلم: [ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ] ( البخاري ومسلم) ...
و هي طريق المؤمنين وسبيلهم إلى الجنة قال صلى الله عليه وسلم [وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَمْرٍ إِذَا أَنْتُمْ فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ] (رواه مسلم ) ...
فليكن هذا العام الهجري الجديد هو عام الأخوة والعفو والتراحم والتسامح فيما بيننا ...
بُكاهُ المُنسجِمْ فأنتَ أوْلى منْ رَحِمْ وخيْرُ مَدْعُوٍّ دُعِي
عباد الله: كم يتمنى المرء تمام شهره. وهو يعلم أن ذلك يَنْقصُ من عمره. وأنها مراحل يقطعها من سفره. وصفحات يطويها من دفتره. وخطوات يمشيها إلى قبره. فهل يفرح بذلك إلا من استعد للقدوم على ربه بامتثال أمره.
فيا أبناء العشرين! كم مات من أقرانكم وتخلفتم؟!
ويا أبناء الثلاثين! أصبحتم بالشباب على قرب من العهد فما تأسفتم؟
ويا أبناء الأربعين! ذهب الصبا وأنتم على اللهو قد عكفتم!!
ويا أبناء الخمسين! تنصفتم المائة وما أنصفتم!!
ويا أبناء الستين! أنتم على معترك المنايا قد أشرفتم، أتلهون وتلعبون؟ لقد أسرفتم!!
ويا أبناء السبعين! ماذا قدمتم وماذا أخرتم!!
يا أبناء الثمانين! لا عذر لكم.
فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه، وحضر عند السؤال جوابه، وحسن منقلبه ومآبه، ومن ترك لنفسه هواها، وسعى لها في تحقيق مناها وتركها من غير مؤاخذة ولا محاسبة، دامت حسراته وطالت في عرصات القيامة وقفاته، وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته
عباد الله: وكما ودَّعتُم عامًا قد مضى وانقَضَى، فقد استقبَلتُم عامًا جديدًا، وسيكون إذا انقَلَب عليكم شَهِيدًا، ولا تَدرُون مَن منكم يستَكمِلُه ممَّن تختَرِمه المنيَّة إذا حضَر أجَلُه.
فاجتَهِدوا فيما بَقِي من أعماركم بصالح العمل، وأخلِصُوا النيَّة في كلِّ شيءٍ لله - عزَّ وجلَّ - وتفقَّهوا في الدِّين، وكونوا بالحقِّ والصبر والمرحمة مُتواصِين، واحرِصُوا على ما ينفَعُكم، واستَعِينوا بالله ولا تكونوا ممَّن غفل واتَّبَع هَواه، وكان أمرُه فرطًا، أو رَكِب شطَطًا، فإنَّ العمر ثمين ينبَغِي أنْ يُصان عن تضييعه في البطالة، أو أعمال أهل السَّفَه والهوى والجهالة، بل اغتَنِموا لحظاته في عِبادة الله بما شرَع، والحذر عن الشرك والموبقات فإنَّكم لم تُخلَقوا عبثًا، ولم تُترَكوا سُدًى، وإنما خلقتم للعبادة ووُعِدتم عليها الجنة والرضوان، ونُهِيتم عن المخالفة والعصيان، وتوعّدتم عليها بشدَّة العذاب والخِزي والهَوان، ومَن يُهِن الله فما له من مُكرِم، إنَّ الله يفعل ما يشاء.
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه غافر الذنوب والخطيئات
الخطبـــة.الثانيـــة.cc
الحمد لله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله .
وبـــعــــــد :
إنَّ أعظم موعظة وأبلغ عبرة يستفيدُها المسلم من مُضيِّ الأعوام وتعاقب الليالي والأيَّام: أن يدرك أنَّ هذه الدنيا ليست بدار قرار، أيَّامها ماضية، وزهرتُها ذاوية، وزينتها فانية، عيشها نكد، وصفوها كدر، والمرء منها على خطر، الدُّنيا إمَّا نعمة زائلة، أو بليَّة نازلة، أو مصيبة موجعة، أوميتةً قاضية، أيها الناس، {إِنَّمَا هَذِهِ الحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ القَرَارِ} [غافر: 39].
أيها المسلمون: هذه الدنيا وهذه حقيقتها فلماذا نتقاطع ؟ ولماذا نتدابر من أجلها ؟ ولماذا يعادي الرجل أخاه ويهجر أمه وأباه من أجلها , إن الواجب على من عرف حقيقة الدنيا أن لا يطيل فيها الأمل وأن يكون حاله فيها كما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر رضي الله عنه فقال "كُنْ في الدُّنْيَا كَأَنَّكَ غَرِيبٌ أو عَابِرُ سَبِيلٍ وكان بن عُمَرَ يقول إذا أَمْسَيْتَ فلا تَنْتَظِرْ الصَّبَاحَ وإذا أَصْبَحْتَ فلا تنْتَظِرْ الْمَسَاءَ وَخُذْ من صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ " البخاري وعليه أن يجعلها عونا له على طاعة الله وأن يتزود منها للآخرة وألا يخدعه بريقها وزخرفها .
لذلك أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى اغتنام ساعات العمر قبل انصرامها فقال لرجل وهو يعظه " اغتنم خمسا قبل خمس شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناءك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك " الحاكم عن ابن عباس وصححه .
عباد الله: طوبى لِمَن لم تشغلْه دنياه عن الاستِعداد للدَّار الباقية، وهنيئًا لِمَن جعل دنياه معبرًا للدَّار الآخرة وميدانًا للتَّنافس في الصَّالحات الباقية؛ قال - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: ((مَن كانتِ الآخرة همَّه، جمع الله شمله، وجعل غناه في قلبِه، وأتتْه الدُّنيا وهي راغمة، ومَن كانت الدنيا همَّه، فرَّق الله عليْه ضيعتَه، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأتِه من الدنيا إلاَّ ما كُتِب له))؛ رواه أحمد وغيره.
🎤
*خـطـبــة جـمــعــة بعـنــوان :*
*بـين.عـامــين.محــاســبـة.وتـذكـــر.tt*
27 ذو الحجة 1439هـ 7 سبتمبر2018م
*جمـع وإعداد الشيخ/ محمـد الجــرافـي*
🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌🕌
*الخطبـــة.الاولـــى.cc*
الحمد لله، تفرد بالحول والقدرة، وعظم فلا يقدر أحد قدره، خلق الإنسان من نطفة، وأحصى عمره، وقضى عليه بالموت، فأراه قبل مماته قبره.
أحمده سبحانه، فكم أقال من عثرة، وأنزل القرآن موعظة وذكرى فكم أسالت آياته من عبرة. وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة من قلب وجل يترقب أن ينجو بها من سؤال الحفرة، ويدخرها ليستظل بها في ظلال عرش يوم الحسرة.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، بعثه بالهدى ودين الحق، ليظهره على الدين كله، فضمن له نصره، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه المهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة، ومن سار على نهجهم وترسَّم خطاهم، فلم يتجاوزوا نَهيه واتَّبعوا أمره، وسلم تسليمًا.
أمـــَّا بعـــدُ: فأوصيكم - عباد الله -
ونفسي بتقوى الله - عز وجل .
عباد الله: جمعتكم هذه هي آخر جمعة من هذا العام الهجري فبعد أيام قلائل عام سيطوى وعمل يبقى فهنيئاً لمن أحسن فيه واستقام. وويل لمن أساء وارتكب الإجرام.
هلم عباد الله نتساءل عن هذا العام كيف قضيناه؟ ولنفتش كتاب أعمالنا كيف أمليناه. فإن كان خيراً حمدنا الله وشكرناه. وإن كان شراً تبنا إلى الله واستغفرناه.
بالأمس القريب ودعنا شهر رمضان الذي مضى وكأنّه حلم جميل ما أتى إلاّ وقد آذن بانصرام.. ثم مضى بعده موسم الحج وكأنّه طيف خيال أو عابر سبيل مرَّ مرور الكرام وانصرف.
واليوم نحن في وداع عامٍ كامل من أعمارنا وفي استقبال عام جديد.. سنة كاملة من عمر الإنسان قد تهيأت للرحيل.. ماذا أدينا فيها من أعمال؟! وماذا قدَّمنا من طاعات؟ وماذا اكتسبنا فيها من أجور وحسنات؟
عباد الله: إن أهم ما نودع فيه هذا العام ونستقبل آخر، هو محاسبة النفس فنتصفّح ما صدر من أفعالنا، فإن كانت محمودةً أمضيناها وأتبعناها بمثلها حسنات وقربات وإن كانت مذمومةً استدركناها بالتوبة وانتهينا عن مثلها في المستقبل﴿ إنَّ الَذِينَ اتَّقَوْا إذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإذَا هُم مُّبْصِرُونَ ﴾الأعراف201] نحاسب أنفسنا على الماضي وعلى المستقبل من قبل أن تأتي ساعة الحساب.
فلا بد من وقفة محاسبة: نندم فيها على ما ارتكبنا من أخطاء. لا بد من وقفة محاسبة: ننهض فيها ونستدرك ما فات. قال الله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون * ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون}.
فالمحاسبة تزكي النفس وتطهرها وتلزمها أَمْر ربها فيفلح صاحبها ويفوز برحمة الله ورضوانه، قال تعالى ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾الشمس9، 10 .
والمحاسبة تنمي عند المسلم الشعور بالمسؤولية والتصرف وفق ميزان الشرع الدقيق.
*عباد الله لمحاسبة النَّفْس فوائد جمة، منها:
في المحاسبة نجاة للأمة :ـ إن غياب المحاسبة نذير غرق الأمة في لجج من بحار الفساد والتيه المنتهية بنار وقودها الناس والحجارة، وأن الفساد في الدنيا إنما يكون ظاهراً جلياً حينما لا يتوقع المجتمع أو الفرد حساباً، لا يتوقع حساباً من رب قاهر أو من ولي حاكم أو من مجتمع محكوم أو من نفس لوامة، وحينما لا يتوقع المجتمع والفرد حساباً على تصرفاتهم فإنهم ينطلقون في حركاتهم كما يحبون ويموجون كما يشتهون وكما تهوى أنفسهم فيتقلبون على الحياة ودروبها بلا زمام ولا خطام فيتشبهون بأهل النار من حيث يشعرون أو لا يشعرون إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً وَكَذَّبُواْ بِـئَايَـٰتِنَا كِذَّاباً [النبأ:27-28].
*ومن فوائد المحاسبة الاطِّلاع على عيوبِ النفس. من اطلع على عيوب نفسه، أنزل نفسه المنزلة الحقيقة لا سيما إن جنحت إلى الكبر والتغطـرس. وما من شك أنّ معرفـة العبد قدر نفسه يورثه تذلّلاً لله وعبودية عظيمة لله عز وجل، فلا يمنّ بعمله مهمـا عظم، ولا يحتقر ذنبه مهما صغر.
*- ثالثا التَّوبة والنَّدم، وتدارك ما فات في زمنِ الإمكان.
*- معرفة حقِّ الله - تعالى - فإنَّ أصلَ محاسبة النَّفْس هو محاسبتُها على تفريطها في حقِّ الله تعالى.
*- كذلك انكسار العَبدِ وذِلَّته بين يدي ربِّه - تبارك وتعالى.
*- معرفة كَرَم الله - سبحانه وتعالى - وعفوه ورحمته بعِباده كونه لم يُعَجِّلْ عقوبتَهم على ذنوبهم.
*- مَقْت النفْس، والتخلُّص مِنَ العُجْب. *- الاجتهاد في الطاعة وترْك العصيان لتسهلَ عليه المحاسبةُ فيما بعدُ.
*- ردُّ الحقوق إلى أهلها وحُسْن الخُلُق وهذه من أعظمِ ثمرات محاسبة النفْس.
عبد الله إن الله تعالى جعل خاتمة كلِّ عام وفاتحته شهراً محرماً وم
رغم أنه مؤيَّد بالوحي، إلا أنه خطط للهجرة بإحكام… لا مكان للسذاجة وأنت تعامل خبثاء الأرض!! فأي عمل للإسلام ودعوة الله يٌرْجَى له الاستمرار لا بد له من تخطيط ، ودراسة، ورؤية، ووسائل، وآليات، ونظرات مرحلية ، وإعادة نظر ، وتداول رَأي ، وأخذ بالشورى ، ولملمة للمتناثر ، وكفكفة للدمع ، ويد حانية تُجَمِّع ، ونفس طموح تمضي، وعزم لا يلين، بل يتجدد.
*علمتني الهجرة أن الدعوة تحتاج للفدائي الشاب كعلي، وللمهاجر في العلن كعمر، ولصاحب السهام كصهيب...فدعوة بلا شوكة ضعيفة الجناح وإن كانت بالملايين!!
*علمتني الهجرة يشاء الله أن يحمي ظهر النبي الكريم وقت هجرته وشدته رجل من ضعفة القوم كعامر بن فهيرة، وامرأة أبوها مطلوب كأسماء بنت الصديق… فالكل في العمل للدين وقت حصاره له قدر وقيمة… المهم ألا يستصغر أو يستقلَّ نفسه.
* علمتني الهجرة كفار قريش يقدمون مائة ناقة لمن يدل عليه، ودليله رجل مشرك من المشركين يرفض نوقهم مكتفيا بأجرته من الدراهم القليلة… سبحان الله لولا أهل المروءات لهلك الناس وفسدت الأرض!!
* علمتني الهجرة نزل ﷺ في خيمة أم معبد هُنَيْهَةَ فوضع يده الشريفة على الشاة العجفاء فامتلأت لبنا .. فشربوا جميعا، إنه الرجل المبارك في نفسه، ودينه، وشريعته، زمانا ومكانا صلوا عليه وسلموا تسليما-
*هنيئا لك يا أم معبد الخزاعيِّة أشبَعتِ عيناك برؤية المصطفى ﷺ فرويت أفضل حديث في وصف الحبيب ﷺ. لقد وهب الله أم معبد براعة البيان، ودقة البلاغة، من أجل مشهد واحد في هجرة النبي ﷺ.
والسؤال المهم: وأنت يا عبد الله ما هي المواهب التي وهبها الله لك لنصرة الإسلام؟؟
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه انه غافر الذنوب والخطيئات
*الخطبـــة.الثانيـــة.cc*
الحمد لله لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع والصلاة والسلام على أشرف خلق الله محمد بن عبد الله وبعـــد:
*عباد الله من دروس الهجرة لكل أبي جهل حد في التعقب والإيذاء… لكن لطف الله لا حدود له. فإذا ضاقت عليك الأرض بما رحبت، واجتمعتْ عليكَ أطرافُ الدُّنيا فادخل غارَ إيمانك وإسلامك ( فإنك في غار حراء )
وإذا حاربك أهل الباطل وتبعوك بسيوف منكرهم ، فلا تحزن ( فأنت في غار ثور )
وإذا خفتَ أن يُنال منك، فأوِ إلى كهف العناية، ينشر لك الله من رحمته ويهيئ لك من أمرك يسرا ..
وإذا تلجلج قلبُك واضطرب فالجأ إلى محراب ذكرِ الله فإنه بذكر الله تطمئن القلوب .
ولا تخف… فبعد كل مرحلة تقطعها في سبيل الله خيمة لأم معبد تنتظرك باللبن والماء والظل… لن يضيع الله باذلا في سبيله!! عبد الله اصدق الله في هجرتك وسيكفيك الله أمر كل سراقة!!
*علمتني الهجرة أن في المرأة عاطفة جياشة، وطاقة جبارة ... إذا أحسن توظيفها لصالح الإسلام.
انظروا لذات النطاقين بنت الصّديق فقد هاجر النبي ﷺ. وقد أَسرج خيله بِنطَاقيْ أسماء؛ كيْ يَصنع جَيشاً تمهرهُ تضْحياتُ النِّساء! حيثُ تُنذر المَرأة وهْجها، وقِلادتها، ونِطاق خصْرها؛ لصهيلِ الخيل!
كانت أسماء تُخبرنا أنّ زينةَ النِّساء هَشّة؛ الا إذا تَوَشّحت بها أعناق الفَاتحين! وارتَفعت أسماء بِزينة المَرأة الى خلودِ الجِنان ( نِطاقَين في الجَنّة )!
*علمتني الهجرة رسول الله وأصحابه كان يعذب في مكة ... والله تعالى يفتح له قلوب الناس في الحبشة ... ابتلاء هنا وفرج هناك. فابشر ولا تيأس
*علمتني الهجرة ابن أريقط المشرك دلهم على الطريق ... وسراقة المشرك ضلل قريشا عنهم ... عندما يأذن الله بالنصر ... سينصر دينه ولو برجل كافر!! .. الله قادر.
*علمتني الهجرة صهيب الرومي ضحى بماله يوم الهجرة من أجل الله فاشتراه الله منه بآية نتلوها إلى يوم القيامة." ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله" فهنيئا لكل صهيب على أثره.
* علمتني الهجرة لسعات سياط المعذَّبين في مكة ... هيجتهم على العمل لدين الله حتى يفتحوا مكة!! فكل ألم في الله لا تتبعه همة...لم تستفد منه الأمة.
*
* علمتني الهجرة واهِمٌ. من يَظنُّ أنَّ خُطى الأنبياء لمْ تزاحِمها العَذابات! والابتلاءات
واهِمٌ .. من يَظنُّ أنّ طَريق الهِجرة لمْ تَعصِف فيه غُبار الذِّكريات وحب الأوطان
هاجر مُحمَّد ﷺ للهجرة في بدء الخَمسين من عُمره! قلبٌ تَجاوز عُمْر الشّباب؛ يُزهِر بالأملِ، ويَحمل الغَيم لِطَيبة،
يا للهِ. كيفَ يَكتب الأنبياء مِن جراحهم تواريخَ مِيلادنا
فلا وقتَ للأحزان .. ها هُو النَّبي ﷺ يمدُّ بصره ؛ فيَرى سُراقة بِعين النَّبي ﷺ ما لا يرى .. يرى سُفن الإسلام على مَرافئ الفُرس .. وعلى بِساط كِسرى!
عباد الله يظَنُّ بعضُ الناس؛ أنَّ خطوة الرَّكب في الهجرة عاثِرة! فقَد كان طريقُ الهجرة فارغاٍ الا مِن مُحَمَّد ﷺ وأبي بكر لا فقد كان النَّبي ﷺ حينها ذاهبا؛ كيْ يَصنع زِحام العَودة! والفتح لمكة كان النَّبي ﷺ ذاهباً كيْ يصنع في أصواتِ العائِدين؛ ( جاءَ الحَقُّ وزَهَق الباطِل )
ﺇﻧﻬﻢ ﻳﺼﺮﻭﻥ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﺰﻳﻖ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺣﺘﻰ ﻳﺼﺒﺤﻮﺍ ﻭﺑﻠﺪﺍﻧﻪ ﻗﻄﻌﺎﻧﺎً ﻓﻲ ﺑﻘﺎﻉ ﺍﻷﺭﺽ، ﻻ ﻣﺮﻋﻰ ﻳﺠﻮﺩ ﻭﻻ ﺭﺍﻉ ﻳﺰﻭﺩ، ﻭﻻ ﺩﻭﻟﺔ ﺗﺆﻭﻱ،
ﺷﺮﺍﺫﻡ ﻳﻌﺎﻣﻠﻮﻧﻬﻢ ﻣﻌﺎﻣﻠﺔ ﺍﻷﺭﻗﺎﺀ، ﻓﻼ ﻳﻨﺎﻟﻮﻥ ﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﺇﻻ ﺑﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺘﻮﺳﻞ ﻭﺍﻻﺳﺘﺠﺪﺍﺀ،
ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺴﺘﺠﺪﻱ ﻳﺴﺄﻝ ﻭﻻ ﻳﻔﺎﻭﺽ، ﻭﻳﻘﺒﻞ ﻭﻻ ﻳﻌﺎﺭﺽ...
ﺇﻥ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻗﺎﺩﺓ ﻭﻣﻘﻮﺩﻳﻦ، ﻭﺭﺅﺳﺎﺀ ﻭﻣﺮﺅﻭﺳﻴﻦ، ﺃﻥ ﻳﻌﻠﻤﻮﺍ ﺃﻥ ﻣﻌﺮﻛﺘﻬﻢ ﻣﻊ ﻋﺪﻭﻫﻢ ﻫﻲ ﻣﻌﺮﻛﺔ ﺩﻳﻦ ﻭﻋﻘ
ﻴﺪﺓ، ﻭﻣﻌﺮﻛﺔ ﻗﻴﻢ ﻭﺃﺧﻼﻕ ﻭﻣﺒﺎﺩﺉ، ﻣﻬﻤﺎ ﺣﺎﻭﻝ ﺍﻟﻜﻔﺎﺭ ﺃﻥ ﻳﺨﻔﻮﺍ ﺣﻘﺪﻫﻢ ﻭﻳﻈﻬﺮﻭﺍ ﻟﻨﺎ ﻭﺩﻫﻢ ﻭﺣﺒﻬﻢ. ﻭﻟﻨﻘﺮﺃ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻓﺈﻥ ﻓﻴﻪ ﻋﺒﺮﺓ ﻟﻜﻞ ﻣﻌﺘﺒﺮ ...
ﺃﻋﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺍﻟﺮﺟﻴﻢ ،
ﺑﺴﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﺮﺣﻤﻦ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ : "ﺇﻥ ﻫﻮ ﺇﻻ ﺫﻛﺮ ﻟﻠﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ﻭﻟﺘﻌﻠﻤﻦ ﻧﺒﺄﻩ ﺑﻌﺪ ﺣﻴﻦ" ...
اللهُمَّ إنَّا نسألُك إيمانًا يُباشرُ قُلوبنا ويقينًا صادقًا وتوبةً قبلَ الموتِ وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة ولا فتنةً مُضلة...
اللهُمَّ زينَّا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مُهتدين، لا ضاليَن ولا مُضلين، بالمعروفِ آمرين، وعن المُنكرِ ناهين يا ربَّ العالمين..
اللهم وفقنا للأعمال الصالحات، وترك المنكرات،
اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان،
اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى..
اللهم احقنا دمائنا واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين وردنا إلى دينك رداً جميلا...
هـــذا ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻭﺳﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺍﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺍﺓ ،
النبي المصطفى والرسول المجتبى ،
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪﻭﺗﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة.
ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻼﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ} [ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ: 56].
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر،
ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ،
أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺯﺩﻧﺎ ﻭﻻ ﺗﻨﻘﺼﻨﺎ، ﻭﺃﻛﺮﻣﻨﺎ ﻭﻻ ﺗﻬﻨﺎ، ﻭﺃﻋﻄﻨﺎ ﻭﻻ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ، ﻭﺁﺛﺮﻧﺎ ﻭﻻ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻭﺍﺭﺽ ﻋﻨﺎ ﻭﺃﺭﺿﻨﺎ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺯﺍﺩﻧﺎ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭﺯﺩﻧﺎ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﻳﻘﻴﻨﺎً ﻭﻓِﻘﻬﺎً ﻭﺗﺴﻠﻴﻤﺎً،
اللهم احقن دمائنا واحفظ بلادنا وألف بين قلوبنا ... ومن أرادنا أو أراد بلادنا بسوء أو مكروه فرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه ..
اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين وَنعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ..
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وتولى أمرنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً ...
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ ﺭﺣﻤﺘﻚ، ﻭﻋﺰﺍﺋﻢ ﻣﻐﻔﺮﺗﻚ، ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺇﺛﻢ، ﻭﺍﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﺮ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ ﺗﺪﻉ ﻟﻨﺎ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ ﻏﻔﺮﺗﻪ، ﻭﻻ ﻫﻤﺎً ﺇﻻ ﻓﺮﺟﺘﻪ، ﻭﻻ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻪ، ﻭﻻ ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺇﻻ ﺷﻔﻴﺘﻪ، ﻭﻻ ﺣﺎﺟﺔً ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻭﻳﺴّﺮﺗﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ،
ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ...
عبــاد الله:
{ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُ ﺑِﺎﻟْﻌَﺪْﻝِ ﻭَﺍﻹِﺣْﺴَﺎﻥِ ﻭَﺇِﻳﺘَﺎﺀِ ﺫِﻱ ﺍﻟْﻘُﺮْﺑَﻰ ﻭَﻳَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻔَﺤْﺸَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟْﻤُﻨْﻜَﺮِ ﻭَﺍﻟْﺒَﻐْﻲِ ﻳَﻌِﻈُﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠَّﻜُﻢْ ﺗَﺬَﻛَّﺮُﻭﻥَ}. (ﺍﻟﻨﺤﻞ: 90)
فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.....
والحمد لله رب العالمين ...
*نشر العلم صدقة جارية فأعد نشرها*
*ولاتبخل على نفسك بهذا الأجر العظيم*
=========================
ـــــــــــــــ🕋 زاد.الــخــطــيــب.tt 🕋ــــــــــــــ
منــبرالحكـمـــةوالمــوعـظــةالحســنـة.tt
رابط القناة تليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشتراك بشبكة زاد الخطيب الدعوي
ارسل.اسمك.للرقم.tt 730155153
ﻫﺬﻩ ﻫﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺴﺘﻐﺮﻕ ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻭﻳﻀﻴﻌﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﺟﻠﻬﺎ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻟﻴﻨﺎﻟﻮﺍ ﺑﻌﺾ ﻣﺘﺎﻋﻬﺎ ﻭﻳﺘﻤﺘﻌﻮﺍ ﺑﺒﻌﺾ ﻣﻠﺬﺍﺗﻬﺎ ﻭﺷﻬﻮﺍﺗﻬﺎ،
ﻫﻲ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺳﺮﺍﺏ ﺧﺎﺩﻉ، ﻭﺑﺮﻳﻖ ﻻﻣﻊ،
ﻭﻟﻜﻨﻬﺎ ﺳﻴﻒ ﻗﺎﻃﻊ، ﻭﺻﺎﺭﻡ ﺳﺎﻃﻊ،
ﻛﻢ ﺃﺫﺍﻗﺖ ﺑؤﺳﺎً، ﻭﺟﺮﻋﺖ ﻏﺼﺼﺎً،
ﻛﻢ ﺃﺣﺰﻧﺖ ﻓﺮﺣﺎً، ﻭﺃ
ﺑﻜﺖ ﻣﺮﺣﺎً،
ﻛﻢ ﻫﺮﻡ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﻐﻴﺮ، ﻭﺫﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﻣﻴﺮ، ﻭﺍﺭﺗﻔﻊ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺣﻘﻴﺮ، ﻭﺍﻓﺘﻘﺮ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻏﻨﻲ، ﻭﺍﻏﺘﻨﻰ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﻘﻴﺮ، ﻭﻣﺎﺕ ﻓﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﻐﻴﺮ ﻭﻛﺒﻴﺮ، ﻭﻋﻈﻴﻢ ﻭﺣﻘﻴﺮ، ﻭﺃﻣﻴﺮ ﻭﻭﺯﻳﺮ، ﻭﻏﻨﻲ ﻭﻓﻘﻴﺮ...
ﻓﺎﻋﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺃﻳﺎﻡ ﻣﺤﺪﻭﺩﺓ، ﻭﺃﻧﻔﺎﺱ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ، ﻭﺁﺟﺎﻝ ﻣﻀﺮﻭﺑﺔ، ﻭﺃﻋﻤﺎﻝ ﻣﺤﺴﻮﺑﺔ، ﻫﻲ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﻗﺼﻴﺮﺓ، ﻭﺇﻥ ﻃﺎﻟﺖ ﻓﻲ ﻋﻴﻦ ﺍﻟﻤﺨﺪﻭﻋﻴﻦ ﺑﺰﺧﺮﻓﻬﺎ، ﻭﺣﻘﻴﺮﺓ ﻭﺇﻥ ﺟﻠﺖ ﻓﻲ ﻗﻠﻮﺏ ﺍﻟﻤﻔﺘﻮﻧﻴﻦ ﺑﺸﻬﻮﺍﺗﻬﺎ...
(ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﺇِﻥَّ ﻭَﻋْﺪَ ﺍﻟﻠَّﻪِ ﺣَﻖٌّ ﻓَﻼ ﺗَﻐُﺮَّﻧَّﻜُﻢُ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓُ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ) [ﻓﺎﻃﺮ:5]، (ﻳَﺎ ﻗَﻮْﻡِ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻫَﺬِﻩِ ﺍﻟْﺤَﻴَﺎﺓُ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻣَﺘَﺎﻉٌ ﻭَﺇِﻥَّ ﺍﻵﺧِﺮَﺓَ ﻫِﻲَ ﺩَﺍﺭُ ﺍﻟْﻘَﺮَﺍﺭِ) [ﻏﺎﻓﺮ:39].
ﻋﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻬﻤﺎ ﻗﺎﻝ: "ﺃﺧﺬ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﻤﻨﻜﺒﻲ ﻭﻗﺎﻝ: ﻛﻦ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻛﺄﻧﻚ ﻏﺮﻳﺐ ﺃﻭ ﻋﺎﺑﺮ ﺳﺒﻴﻞ". ﻭﻛﺎﻥ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ ﻳﻘﻮﻝ: "ﺇﺫﺍ ﺃﺻﺒﺤﺖ ﻓﻼ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺍﻟﻤﺴﺎﺀ، ﻭﺇﺫﺍ ﺃﻣﺴﻴﺖ ﻓﻼ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺍﻟﺼﺒﺎﺡ"...
ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺃﺻﻞ ﻓﻲ ﻗﺼﺮ ﺍﻷﻣﻞ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ، ﻭﻛﺄﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺟﻨﺎﺡ ﺳﻔﺮ ﻓﻬﻮ ﻳﺘﺄﻫﺐ ﻟﻠﺮﺣﻴﻞ...
ﺭﻭﻯ ﺍﻟﺘﺮﻣﺬﻱ ﻭﻏﻴﺮﻩ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ: "ﻣﺎﻟﻲ ﻭﻟﻠﺪﻧﻴﺎ ﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺇﻻ ﻛﺮﺍﻛﺐ ﺍﺳﺘﻈﻞ ﺗﺤﺖ ﺷﺠﺮﺓ ﺛﻢ ﻗﺎﻡ ﻭﺗﺮﻛﻬﺎ".
ﻗﺎﻝ ﻋﻴﺴﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ ﻷﺻﺤﺎﺑﻪ: "ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﻨﻄﺮﺓ، ﺍﻋﺒﺮﻭﻫﺎ ﻭﻻ ﺗﻌﻤﺮﻭﻫﺎ". ﻭﻗﺎﻝ: "ﻣﻦ ﺫﺍ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺒﻨﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺝ ﺍﻟﺒﺤﺮ ﺩﺍﺭﺍً، ﺗﻠﻜﻢ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻓﻼ ﺗﺘﺨﺬﻭﻫﺎ ﻗﺮﺍﺭﺍً".
ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻲ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ: "ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﺪ ﺍﺭﺗﺤﻠﺖ ﻣﺪﺑﺮﺓ، ﻭﺇﻥ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﻗﺪ ﺍﺭﺗﺤﻠﺖ ﻣﻘﺒﻠﺔ، ﻭﻟﻜﻞ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﺑﻨﻮﻥ، ﻓﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻵﺧﺮﺓ، ﻭﻻ ﺗﻜﻮﻧﻮﺍ ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎﺀ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﻋﻤﻞ ﻭﻻ ﺣﺴﺎﺏ، ﻭﻏﺪﺍً ﺣﺴﺎﺏ ﻭﻻ ﻋﻤﻞ".
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﻮﻭﻱ:
ﺇﻥ ﻟﻠﻪ ﻋﺒﺎﺩﺍً ﻓﻄﻨﺎً .. .. ..
ﻃﻠﻘﻮﺍ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﺧﺎﻓﻮﺍ ﺍﻟﻔـﺘﻨﺎ
ﻧﻈﺮﻭﺍ ﻓﻴﻬﺎ ﻓﻠﻤﺎ ﻋﻠﻤﻮﺍ.. .. ..
ﺃﻧﻬﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﺤﻲٍ ﻭﻃـﻨﺎ
ﺟﻌﻠﻮﻫﺎ ﻟﺠﺔ ﻭﺍﺗﺨﺬﻭﺍ .. .. ..
ﺻﺎﻟﺢ ﺍﻷﻋﻤﺎﻝ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﻔﻨﺎ
ﻭﻗﻴﻞ ﻟﻨﻮﺡ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺴﻼﻡ: "ﻳﺎ ﺃﻃﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻋﻤﺮﺍً ﻛﻴﻒ ﻭﺟﺪﺕ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ؟ ﻗﺎﻝ: ﻛﺪﺍﺭٍ ﻟﻬﺎ ﺑﺎﺑﺎﻥ، ﺩﺧﻠﺖ ﻣﻦ ﺃﺣﺪﻫﻤﺎ ﻭﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺍﻵﺧﺮ".
ﻫﺬﺍ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﻋﺎﺵ ﻧﺤﻮﺍً ﻣﻦ ﺃﻟﻒ ﻋﺎﻡ، ﻓﻜﻴﻒ ﺑﺼﺎﺣﺐ ﺍﻟﺴﺘﻴﻦ ﺃﻭ ﺍﻟﺴﺒﻌﻴﻦ؟
ﺧﻄﺐ ﻋﺘﺒﺔ ﺑﻦ ﻏﺰﻭﺍﻥ ﻓﺤﻤﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﺛﻨﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺛﻢ ﻗﺎﻝ: "ﺃﻣﺎ ﺑﻌﺪ .. ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻗﺪ ﺁﺫﻧﺖ ﺑﺼﺮﻡ، ﻭﻭﻟﺖ ﺣﺬّﺍﺀ ، ﻭﻟﻢ ﻳﺒﻖ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻻ ﺻﺒﺎﺑﺔ ﻛﺼﺒﺎﺑﺔ ﺍﻹﻧﺎﺀ ﻳﺘﺼﺎﺑﻬﺎ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ، ﻭﺇﻧﻜﻢ ﻣﻨﺘﻘﻠﻮﻥ ﻣﻨﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﺩﺍﺭ ﻻ ﺯﻭﺍﻝ ﻟﻬﺎ ﻓﺎﻧﺘﻘﻠﻮﺍ ﺑﺨﻴﺮ ﻣﺎ ﺑﺤﻀﺮﺗﻜﻢ، ﻓﺈﻧﻪ ﻗﺪ ﺫﻛﺮ ﻟﻨﺎ ﺃﻥ ﺍﻟﺤﺠﺮ ﻳﻠﻘﻰ ﻣﻦ ﺷﻔﺔ ﺟﻬﻨﻢ ﻓﻴﻬﻮﻱ ﻓﻴﻬﺎ ﺳﺒﻌﻴﻦ ﻋﺎﻣﺎً ﻻ ﻳﺪﺭﻙ ﻣﻘﺮﻫﺎ. ﻭﻭﺍﻟﻠﻪ ﻟﺘﻤﻸﻥ.
ﺧﻄﺐ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻓﻘﺎﻝ: "ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﺇﻥ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﺑﺪﺍﺭ ﻗﺮﺍﺭ، ﻛﺘﺐ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﺍﻟﻔﻨﺎﺀ، ﻭﻛﺘﺐ ﻋﻠﻰ ﺃﻫﻠﻬﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻈﻌﻦ، ﻓﻜﻢ ﻣﻦ ﻋﺎﻣﺮ ﻋﻤﺎ ﻗﻠﻴﻞ ﻳﺨﺮﺏ، ﻭﻛﻢ ﻣﻦ ﻣﻘﻴﻢ ﻋﻤﺎ ﻗﻠﻴﻞ ﻳﻈﻌﻦ".
ﺇﻧﺎ ﻟﻨﻔــﺮﺡ ﺑﺎﻷﻳﺎﻡ ﻧﻘﻄﻌﻬـﺎ.. .. ..
ﻭﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻣﻀﻰ ﻳﺪﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﻷﺟﻞ
ﺍﻟﻨﻔﺲ ﺗﻜﻠﻒ ﺑﺎﻟﺪﻧﻴﺎ ﻭﻗﺪ ﻋﻠﻤﺖ.. .. ..
ﺃﻥ ﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻓﻴﻬـﺎ ﺗﺮﻙ ﻣﺎ ﻓﻴﻬﺎ
ﻓﻼ ﺍﻹﻗﺎﻣﺔ ﺗﻨﺠﻲ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻣﻦ ﺗﻠﻒ.. .. ..
ﻭﻻ ﺍﻟﻔﺮﺍﺭ ﻣﻦ ﺍﻷﺣﺪﺍﺙ ﻳﻨﺠﻴﻬﺎ
ﻭﻛﻞ ﻧﻔﺲ ﻟﻬــﺎ ﺩﻭﺭ ﻳﺼﺒﺤﻬﺎ.. .. ..
ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﻴــﺔ ﻳﻮﻣﺎً ﺃﻭ ﻳﻤﺴﻴـﻬﺎ
.
2 ـ ﻭﻗﻔﺔ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ:
ﻭﺍﻷﺻﻞ ﻓﻴﻬﺎ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: (ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻟْﺘَﻨْﻈُﺮْ ﻧَﻔْﺲٌ ﻣَﺎ ﻗَﺪَّﻣَﺖْ ﻟِﻐَﺪٍ ﻭَﺍﺗَّﻘُﻮﺍ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﺧَﺒِﻴﺮٌ ﺑِﻤَﺎ ﺗَﻌْﻤَﻠُﻮﻥَ) [ﺍﻟﺤﺸﺮ:18]...
ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻭَﻧَﻀَﻊُ ﺍﻟْﻤَﻮَﺍﺯِﻳﻦَ ﺍﻟْﻘِﺴْﻂَ ﻟِﻴَﻮْﻡِ ﺍﻟْﻘِﻴَﺎﻣَﺔِ ﻓَﻼ ﺗُﻈْﻠَﻢُ ﻧَﻔْﺲٌ ﺷَﻴْﺌﺎً ﻭَﺇِﻥْ ﻛَﺎﻥَ ﻣِﺜْﻘَﺎﻝَ ﺣَﺒَّﺔٍ ﻣِﻦْ ﺧَﺮْﺩَﻝٍ ﺃَﺗَﻴْﻨَﺎ ﺑِﻬَﺎ ﻭَﻛَﻔَﻰ ﺑِﻨَﺎ ﺣَﺎﺳِﺒِﻴﻦَ) [ﺍﻷﻧﺒﻴﺎﺀ:47].
ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻭَﻭُﺿِﻊَ ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏُ ﻓَﺘَﺮَﻯ ﺍﻟْﻤُﺠْﺮِﻣِﻴﻦَ ﻣُﺸْﻔِﻘِﻴﻦَ ﻣِﻤَّﺎ ﻓِﻴﻪِ ﻭَﻳَﻘُﻮﻟُﻮﻥَ ﻳَﺎ ﻭَﻳْﻠَﺘَﻨَﺎ ﻣَﺎﻝِ ﻫَﺬَﺍ ﺍﻟْﻜِﺘَﺎﺏِ ﻻ ﻳُﻐَﺎﺩِﺭُ ﺻَﻐِﻴﺮَﺓً ﻭَﻻ ﻛَﺒِﻴﺮَﺓً ﺇِﻻَّ ﺃَﺣْﺼَﺎﻫَﺎ ﻭَﻭَﺟَﺪُﻭﺍ ﻣَﺎ ﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺣَﺎﺿِﺮﺍً ﻭَﻻ ﻳَﻈْﻠِﻢُ ﺭَﺑُّﻚَ ﺃَﺣَﺪﺍً) [ﺍﻟﻜﻬﻒ:49].
ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻳَﻮْﻡَ ﻳَﺒْﻌَﺜُﻬُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺟَﻤِﻴﻌﺎً ﻓَﻴُﻨَﺒِّﺌُﻬُﻢْ ﺑِﻤَﺎ ﻋَﻤِﻠُﻮﺍ ﺃَﺣْﺼَﺎﻩُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻭَﻧَﺴُﻮﻩُ ﻭَﺍﻟﻠَّﻪُ ﻋَﻠَﻰ ﻛُﻞِّ ﺷَﻲْﺀٍ ﺷَﻬِﻴﺪٌ) [ﺍﻟﻤﺠﺎﺩﻟﺔ:6].
ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻳَﻮْﻣَﺌِﺬٍ ﻳَﺼْﺪُﺭُ ﺍﻟﻨَّﺎﺱُ ﺃَﺷْﺘَﺎﺗﺎً ﻟِﻴُﺮَﻭْﺍ ﺃَﻋْﻤَﺎﻟَﻬُﻢْ * ﻓَﻤَﻦْ ﻳَﻌْﻤَﻞْ ﻣِﺜْﻘَﺎﻝَ ﺫَﺭَّﺓٍ ﺧَﻴْﺮﺍً ﻳَﺮَﻩُ * ﻭَﻣَﻦْ ﻳَﻌْﻤَﻞْ ﻣِﺜْﻘَﺎﻝَ ﺫَﺭَّﺓٍ ﺷَﺮّﺍً ﻳَﺮَﻩُ) [ﺍﻟﺰﻟﺰﻟﺔ:6 - 8].
ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻳَﻮْﻡَ ﺗَﺠِﺪُ ﻛُﻞُّ ﻧَﻔْﺲٍ ﻣَﺎ ﻋَﻤِﻠَﺖْ ﻣِﻦْ ﺧَﻴْﺮٍ ﻣُﺤْﻀَﺮﺍً ﻭَﻣَﺎ ﻋَﻤِﻠَﺖْ ﻣِﻦْ ﺳُﻮﺀٍ ﺗَﻮَﺩُّ ﻟَﻮْ ﺃَﻥَّ ﺑَﻴْﻨَﻬَﺎ ﻭَﺑَﻴْﻨَﻪُ ﺃَﻣَﺪﺍً ﺑَﻌِﻴﺪﺍً ﻭَﻳُﺤَﺬِّﺭُﻛُﻢُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻧَﻔْﺴَﻪ) [ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ:30].
ﻭﻗﻮﻟﻪ: (ﻭَﺍﻋْﻠَﻤُﻮﺍ ﺃَﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﻌْﻠَﻢُ ﻣَﺎ ﻓِﻲ ﺃَﻧْﻔُﺴِﻜُﻢْ ﻓَﺎﺣْﺬَﺭُﻭﻩُ) [ﺍﻟﺒﻘﺮﺓ:235].
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺃﻟﺴﻨﺔ ﺫﺍﻛﺮﺓ ﺻﺎﺩﻗﺔ، ﻭﻗﻠﻮﺑﺎً ﺳﻠﻴﻤﺔ، ﻭﺃﺧﻼﻗﺎً ﻣﺴﺘﻘﻴﻤﺔ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺧﺘﻢ ﻟﻨﺎ ﺑﺨﺎﺗﻤﺔ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﻭﺍﺟﻌﻠﻨﺎ ﻣﻤﻦ ﻛﺘﺒﺖ ﻟﻬﻢ ﺍﻟﺤﺴﻨﻰ ﻭﺯﻳﺎﺩﺓ، ﻳﺎ ﻛﺮﻳﻢ ﻳﺎ ﺭﺣﻴﻢ.
ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ...
عبــاد الله:
{ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُ ﺑِﺎﻟْﻌَﺪْﻝِ ﻭَﺍﻹِﺣْﺴَﺎﻥِ ﻭَﺇِﻳﺘَﺎﺀِ ﺫِﻱ ﺍﻟْﻘُﺮْﺑَﻰ ﻭَﻳَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻔَﺤْﺸَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟْﻤُﻨْﻜَﺮِ ﻭَﺍﻟْﺒَﻐْﻲِ ﻳَﻌِﻈُﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠَّﻜُﻢْ ﺗَﺬَﻛَّﺮُﻭﻥَ}. (ﺍﻟﻨﺤﻞ: 90)
فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون...
والحمد لله رب العالمين ...
وفي الآخرة قال الله تعالى (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ *إِنِّي ظَنَنتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ *كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ) (الحاقة 19_24) ...
وربما لم تكن أعمال كثيرة ولكنها أعمال توفر فيها الإخلاص والصدق وطلب مرضات الله فيها مع خوف من الله واستصغارها فكتب الله لها القبول ..
قال أحد الحكماء : «من أمضى يوماً من عمره في غير حقٍّ قضاه، أو فرضٍ أدّاه،أو مجدٍ أثَّله، أو حمدٍ حصَّله، أو خير أسَّسه، أو علمٍ اقتبسه فقد عقَّ يومَه، وظلَم نفسَه»...
وفي هذا يقول الإمام الشّافعيُّ -رحمه الله-:
إِذَا هَجَعَ النُّوَّامُ أَسْبَلْتُ عَبْرَتِي ***
وَأَنْشَدتُّ بَيْتاً وَهْوَ مِنْ أَلْطَفِ الشِّعْرِ ...
أَلَيْسَ مِنَ الْخُسْرَانِ أَنَّ لَيَالِــياً ***
تَمـُرُّ بِـلَا عِلْمٍ وَتُحـْسَبُ مِنْ عُمْرِي ..!!
وقال الشّاعر:
إِذَا مَرَّ بِي يَوْمٌ وَلَمْ أَصْطَنِعْ يَداً ***
وَلَمْ أَسْتَفِدْ عِلْماً فَمَا هُوَ مِنْ عُمْرِي ...
قال عبد الرحمن بن مهدي : لو قيل لحماد بن سلمة : إنك تموت غداً ، ما قدر أن يزيد في العمل ـ الصالح ـ شيئا .ـ
وعن وكيع قال : كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى ، وجلست إليه أكثر من ستين سنة فما رأيته يقضي ركعة ..
وكان الربيع بن خثيم يُقاد إلى الصلاة وبه الفالج ـ الشلل ـ فقيل له : قد رُخِّص لك .. قال : إني أسمع حي على الصلاة ، فإن استطعتم أن تأتوها ولو حبواً ...
وكان في الأمة العلماء وطلبة العلم والقادة والمرابطين على الثغور ،
وكان منهم التجار والقضاة وعلماء الطبيعة والرياضيات والكيمياء والطب ، وبهم أزدهرت هذه الأمة وانتشر الإسلام ، وحفظت كرامة المسلم وتعلمت واستفادت أمم الأرض من حولنا عندما كان من الآسباب استثمار الأوقات وبلوغ الغايات وتحقيق الأهداف...
أيها المسلمون /عبــــــاد اللـه :
يرحل عام من حياتنا فما هي فاتورة الإنجاز لأمة الإسلام خلال هذا العام في دولهم وجماعاتهم ومؤسساتهم ؟؟!!
لا شك أن هناك أعمال واجتهادات ومحاولات لتحسين العمل والأداء من بلد لآخر ومن جماعة ومؤسسة لأخرى في العالم كله ..
لكن .. !! ولﻷسف الناتج العام لأمة الإسلام خلال العام دون مستوى المسئولية والتحدي،
وهناك فاتورة فادحة قدمتها هذه الأمة .. من دمائها وابنائها ومقدراتها ..!!
بسبب البعد عن منهج الله وتدخل الأعداء من الشرق والغرب ،
فأوغروا العداوة بين أبناء هذه اﻷمة ونشروا ثقافة العصبية والطائفية والمذهبية ليستمر الخلاف والشقاق فيما بيننا،،،
ولذلك قامت الحروب والصراعات وسفكت الدماء وهدمت المدن والقرى وظهر الظلم والبغي واحتكم الناس إلى ثقافة الغابة،
ولجأوا إلى العنف والقوة والاستكبار،
وتشرد الناس في الملاجئ والمخيمات،
وماتوا في الصحاري والقفار والبحار بحثاً عن النجاة، وعادى المسلم أخاه المسلم ووالى أعداء الأمة ،،،
والله تعالى يقول (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أَوْلِيَاءَ ۘ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (المائدة 51) ..
لقد أصبحنا أضحوكة العالم، ومثارًا لسخرية الشعوب حولنا،
فنحن أمة الإسلام أمة القرآن، الأمة الواحدة بدينها وعباداتها وشعارها،
الأمة التي من واجباتها دعوة الأمم وتربية الشعوب ودعوة العالم من حولنا إلى الإسلام والعدل والتعايش والتسامح والتواضع وبذل المعروف ..!!
أصبح بأسنا بيننا شديدًا، وأصبح لا يطيق بعضنا بعضاً بسبب خلافات تافهة وأطماع شيطانية ونوازع خبيثة ، ليست من الدين في شيء،
وضاقت علينا الأرض بما رحبت، وخبثت نفوسنا، وساءت أعمالنا، ونسينا ديننا وآخرتنا ولقاء ربنا، وتركنا الكثير من تعاليم ديننا،
فأنزل الله عقوبته علينا حتى نعود إلى الحق والخير الذي أمرنا به؛
قال تعالى: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ? انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ) [الأنعام: 65]...
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ، ،
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه ...
-:(( الخطبة الثانية )): -
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
أما بعد:
عبــــــاد اللـه :
خطبة 🎤 بعنوان
رحيل عــام وفاتورة إنجـــــــاز.. !!
🕌🕋🌴🕋🕌
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحَمْدُ للهِ مُصَرِّفِ الأَحْوَالِ وَالأَوقَاتِ ،
وَمُقَدِّرِ الأَيَّامِ وَالسَّاعَاتِ ،
خَالِقِ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ ،
وَجَاعِلِ النُّورِ وَالظُّلُمَاتِ،
أَحْمَدُهُ تَعَالَى عَلَى جَمِيعِ العَطَايَا وَالهِبَاتِ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى نِعَمِهِ السَّابِغَاتِ،
الحمد للَّه رب الأرض ورب السماء،
خلق آدم وعلمه الأسماء،
و أسجـد له ملائكـتـه وأسـكـنـه الـجـنة دار البـقاء،
وجعل الدنيا لذريته دار عمل لا دار جزاء،
و تجلت رحمته بهم فتوالت الرسل و الأنبياء...
و أنزل القرآن لما في الصدور شفاء،
فأضأت به قلوب العـارفـين و الأتـقيـاء...
و ترطبت بآياته ألسنة الذاكرين والأولياء ..
نحمده تبارك و تعالى على النعماء و السراء..
و نستعينه عـلى البأسـاء و الضـراء...
ونعوذ بنور وجهه الكريم من جهد البلاء ودرك الشقاء وعضال الداء وشماتـة الأعداء...
وَأَشْهَدُ أَن لاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، حَثَّنَا عَلَى اغتِنَامِ الأَوقَاتِ ، وَالاعتِبَارِ بِالأَيَّامِ المَاضِيَاتِ ، وَنَهَانَا عَنِ الأَسَى عَلَى مَا فَاتَ ،
وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبِيَّـنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي ارتَقَى مَدَارِجَ الكَمَالاتِ، وَسَمَا بِفَضْـلِهِ عَلَى جَمِيعِ الكَائِنَاتِ ،
صل الله وسلم عليه وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَعَلَى كُلِّ مَنِ اهتَدَى بِهَدْيِهِ مِنْ أُولِي الفَضْـلِ وَالمَكْرُمَاتِ..
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102]
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء:1] ؛
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب:70-71]،...
أَمَّا بَعْدُ:
أيها المؤمنون/ عبــــــاد اللـه :
رحلة الأيام والشهور والأعوام لا تتوقف بأي حال من الأحوال ...
وإن من مراحل حياتنا التي قطعناها من سفرنا إلى الآخرة هذا العام الذي ودعناه ولا يعود إلينا أبداً إلى يوم القيامة ،
فإنه ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي ويقول يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني بعمل صالح فإني لا أعود إلى يوم القيامة...
فكان لابد من استغلال أيام العمر وشهوره وسنواته فيما يعود بالنفع على الفرد في دينه ودنياه وآخرته.
وبذلك فليفرح ويستبشر فقد أدى ما عليه وقام بواجبه ، وكل يوم وهو في زيادة من خير أو معروف أو عمل صالح يقربه إلى الله ...
فليس من العقل أن يفرح مَن يومه يهدم شهره، ومن شهره يهدم عامه، ومن عامه يهدم عمره ، وكيف يفرح من يقوده عمره إلى أجله وتقوده حياته لموته ،
وكيف يفرح والدنيا قد ارتحلت مدبرة والآخرة قد ارتحلت مقبلة ، ولكل منهما بنون فكونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن اليوم عمل ولا حساب وغداً حساب ولا عمل.
قال تعالى ( "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ" )[آل عمران:30]....
وقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ» (التّرمذيّ 2417) ...
وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قَالَ : أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبَيَّ ، فقال : (( كُنْ في الدُّنْيَا كَأنَّكَ غَرِيبٌ ، أَو عَابِرُ سَبيلٍ )) ...
وَكَانَ ابن عُمَرَ رضي الله عنهما ، يقول : إِذَا أمْسَيتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ ، وَإِذَا أَصْبَحْتَ فَلاَ تَنْتَظِرِ المَسَاءَ ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ . (رواه البخاري) ...
وقد وكل الله بكل إنسان ملكين من ملائكته؛ أحدهما عن يمينه يكتب الحسنات، والآخر عن شماله يكتب السيئات؛ قال تعالى: (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) [الانفطار: 10-12]،
أكثروا من الأعمال الصالحة، وثقوا بربكم وقوموا بواجبكم،
واحفظوا دماءكم وأموالكم وأعراضكم، وكونوا عباد الله إخوانًا،
واستشعروا مسئولياتكم تجاه دينكم وأوطانكم ومجتمعاتكم،
واحذروا الدعوات الضالة والعصبيات الجاهلية والشعارات الزائفة والدعوات الباطلة، وأصلحوا ذات بينكم،
وادعوا ربكم وتضرعوا بين يديه،
واحذروا الفتن بكل صورها وتراحموا بينكم يبدل الله سيئاتكم حسنات ويغير أحوالكم إلى أحسن حال ويؤلف بين قلوبكم وينصركم على عدوكم..
واعلموا أن أمة الإسلام تُبتلى وتمرض ولكنها لا تموت ... دينها خالد، وعقيدتها راسخة. والإسلام يعلو ولا يعلى عليه ،
والحق دائماً منتصر ولو انتفش الباطل وظهر فإنه إلى زوال،
وعلينا جميعاً أن نستغل ما بقى من أعمارنا فيما يرضي الله تعالى ...
سأل الفضيل بن عياض رجل فقال له كم عمرك ؟: قال : ستون سنة .
قال : فأنت منذ ستين سنة تسير إلى ربك يوشك أن تبلغ .
فقال الرجل : إنا لله و إنا إليه راجعون .
قال الفضيل : أتعرف تفسيره تقول : إنا لله و إنا إليه راجعون !!
فمن علم انه لله عبد وانه إليه راجع فليعلم انه موقوف ، ومن علم انه موقوف ، فليعلم انه مسئول ، فليعد للسؤال جوابا،
فقال الرجل : فما الحيلة ؟
قال : يسيرة . قال: ما هي ؟
قال : تحسن فيما بقي يغفر لك فيما مضى ، فانك إن أسأت فيما بقى ، أخذت بما مضى وما بقى والأعمال بالخواتيم ...
نسأل الله أن يحسن ختامنا ، وأن يختم لنا بجنة عرضها السماوات والأرض.
اللهُمَّ إنَّا نسألُك إيمانًا يُباشرُ قُلوبنا، ويقينًا صادقًا، وتوبةً قبلَ الموتِ، وراحةً بعد الموتِ،
ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ، والشوق إلى لقائِكَ، في غيِر ضراءَ مُضرة، ولا فتنةً مُضلة...
اللهم جنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن، واحفظنا بحفظك الذي لا يرام، واحرسنا بعينك التي لا تنام، ، ،
هـــذا ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻭﺳﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺍﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺍﺓ ،
النبي المصطفى والرسول المجتبى ،
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪﻭﺗﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة.
ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻼﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ} [ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ: 56].
فأكثروا من الصلاة والسلام على نبيكم، يُعظِم الله لكم بها أجرا، وتؤدوا شيئاً من حقوق نبيّكم عليكم، وتمتثلوا أمر الله عزّ وجل لكم.
اللهم صلّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد
اللهم ارزقنا محبته، وارزقنا اتباعه ظاهراً وباطنا، اللهم ارزقنا تقديم هديه على كل هدي، وقوله على كل قول يا ربّ العالمين.
اللهم توفنا على مِلّته
اللهم احشرنا في زُمرته
اللهم أدخلنا في شفاعته
اللهم أسقنا من حوضه
اللهم اجمعنا به في جنات النعيم، مع الذين أنعمتَ عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين.
اللهم ارضَ عن خلفائه الراشدين، وعن زوجاته أمّهات المؤمنين، وعن الصحابة أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺃﻋﺰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻭﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻭﺃﺫﻝ ﺍﻟﺸﺮﻙ ﻭﺍﻟﻤﺸﺮﻛﻴﻦ، ﻭﺍﺣﻢ ﺣﻮﺯﺓ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻠﺪ ﺁﻣﻨﺎً ﻣﻄﻤﺌﻨﺎً ﻭﺳﺎﺋﺮ ﺑﻼﺩ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺁﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﻃﺎﻧﻨﺎ ﻭﺃﺻﻠﺢ ﺃﺋﻤﺘﻨﺎ ﻭﻭﻻﺓ ﺃﻣﻮﺭﻧﺎ، ﻭﺍﺟﻌﻞ ﻭﻻﻳﺘﻨﺎ ﻓﻴﻤﻦ ﺧﺎﻓﻚ ﻭﺍﺗﻘﺎﻙ ﻭﺍﺗﺒﻊ ﺭﺿﺎﻙ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ...
ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺇﻥ ﺃﺭﺩﺕ ﺑﺎﻟﻨﺎﺱ ﻓﺘﻨﺔ ﻓﺎﻗﺒﻀﻨﺎ ﺇﻟﻴﻚ ﻏﻴﺮ ﺧﺰﺍﻳﺎ ﻭﻻ ﻣﻔﺘﻮﻧﻴﻦ ، ﻭﻻ ﻣﻐﻴﺮﻳﻦ ﻭﻻ ﻣﺒﺪﻟﻴﻦ ﺑﺮﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ ...
ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﻻ ﺗﺪﻉ ﻷﺣﺪ ﻣﻨﺎ ﻓﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻘﺎﻡ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ ﻏﻔﺮﺗﻪ ﻭﻻ ﻣﺮﻳﻀﺎ ﺇﻟﻰ ﺷﻔﻴﺘﻪ ﻭﻻ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻪ ، ﻭﻻ ﻫﻤﺎً ﺇﻟﻰ ﻓَﺮَّﺟْﺘﻪ ، ﻭﻻﻣﻴﺘﺎ ﺇﻻ ﺭﺣﻤﺘﻪ ، ﻭﻻ ﻋﺎﺻﻴﺎ ﺇﻻ ﻫﺪﻳﺘﻪ ، ﻭﻻ ﻃﺎﺋﻌﺎ ﺇﻻ ﺳﺪﺩﺗﻪ ، ﻭﻻ ﺣﺎﺟﺔ ﻟﻚ فيها ﺭﺿﺎً ﻭﻟﻨﺎ ﻓﻴﻬﺎ ﺻﻼﺡ ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ ,...
ﺍﻟﻠـﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺟﻤﻌﻨﺎ ﻫﺬﺍ ﺟﻤﻌﺎً ﻣﺮﺣﻮﻣﺎً ، ﻭﺗﻔﺮﻗﻨﺎً ﻣﻦ ﺑﻌﺪﻩ ﺗﻔﺮﻗﺎ ﻣﻌﺼﻮﻣﺎ ﻭﻻ ﺗﺠﻌﻞ ﻓﻴﻨﺎ ﻭﻻ ﻣﻨﺎ ﻭﻻ ﻣﻌﻨﺎ ﺷﻘﻴﺎً ﺃﻭ ﻣﺤﺮﻭﻣﺎً ,
اللهم لا تخرجنا من هذا المكان إلا بذنب مغفور وسعى مشكور وتجارةٍ لن تبور ..
اللهم إرحم ضعفنا ، وإرحم بكاءنا ، وارحم بين يديك ذلنا وعجزنا وفقرنا ..
اللهم لا تفضحنا بخفى ما أطلعت عليه من اسرارنا
ولا بقبيح ما تجرأنا به عليك فى خلواتنا ،
يا رب إغفر الذنوب التى تهتك العصم،
وأغفر لنا الذنوب التى تنزل النقم ،
واغفر لنا الذنوب التى تحبس الدعاء ،
وأغفر لنا الذنوب التى تقطع الرجاء،
وأغفر لنا الذنوب التى تنزل البلاء ،
يا من ذكره دواء ، وطاعته غناء ، إرحم من رأس مالهم الرجاء ، وسلاحهم البكاء برحمتك يا أرحم الراحمين ...
اللهم إرحم موتانا وموتى المسلمين ،
وإشفى مرضانا ومرضى المسلمين ،
اللهم جدد آمالهم ، وأذهب آلآمهم
اللهم تقبل منا وأقبلنا إنك أنت التواب الرحيم..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝٍ ﻭﻋﻤﻞ،ﻭﻧﻌﻮﺫ ﺑﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻣﺎ ﻗﺮﺏ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﻮﻝ ﻭﻋﻤﻞ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ،
وهناك غيرهم يتعاقبون علينا بالليل والنهار ليرفعوا تقارير للملك الجبار سبحانه عن أعمالنا صغيرها وكبيرها؛
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر, ثم يعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم -وهو أعلم بهم- كيف تركتم عبادي؟! فيقولون تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون". (متفق عليه)..
قال النووي: "ومعنى "يتعاقبون": تأتي طائفة بعد طائفة, وأما اجتماعهم في الفجر والعصر فهو من لطف الله تعالى بعباده المؤمنين، وتكرمه لهم بأن جعل اجتماع الملائكة عندهم ومفارقتهم لهم في أوقات عباداتهم واجتماعهم على طاعة ربهم, فتكون شهادتهم لهم بما شاهدوه من الخير"...
وعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: "قام فينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بخمس كلمات، فقال: "إن الله -عز وجل- لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، يَخفِض القسط ويَرْفَعه، يُرفَع إليه عملُ الليل قبل النهار، وعملُ النهار قبل الليل...". (رواه مسلم) ...
قال المناوي: "معناه يُرفَع إليه عملُ النهار في أول الليل الذي بعده، وعملُ الليل في أول النهار الذي بعده؛ فإن الحَفَظة يصعدون بأعمال الليل بعد انقضائه في أول النهار، ويصعدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أول الليل". فيض القدير شرح الجامع الصغير (2/276)...
عبــــــاد اللـه :
رحيل الأيام والشهور والسنوات من أعمارنا يذكرنا دائماً بدنو الآجال واستمرار الرحلة إلى الدار الآخرة دون توقف ولو حتى للحظة واحدة.
قال تعالى (أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ) (فاطر 37) ,
فأين الزاد لهذه الرحلة ؟
كيف هو إيماننا بالله ورسوله صل الله عليه وسلم ؟
وكيف هي عباداتنا وأخلاقنا ومعاملاتنا ؟
كيف هي حياتنا مع القرآن والصلاة والصيام والذكر والدعاء ؟
هل قمنا بواجباتنا تجاه ديننا وأمتنا وأوطاننا ؟
ماذا أنجزنا من أعمال صالحة تبيض وجوهنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه ..؟؟
قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: إنكم تغدون وتروحون إلى اجل قد غيب عنكم علمه ، فان استطعتم ألا يمضي هذا الأجل إلا وانتم في عمل صالح فافعلوا )...
وقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: " حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا ، وَزِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا ، فَإِنَّهُ أَهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدًا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ { يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ ، لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ } ( الحاقة / 18 ) ...
وكان الحسن البصري رحمه الله يقول : يا ابن آدم إنما أنت بين مطيتين يوضعانك ، يوضعك النهار إلى الليل و الليل إلى النهار ، حتى يسلمانك إلى الآخرة ، فمن اعظم منك يا ابن آدم خطرا ؟) ...
ولو راجع كل واحد منا فاتورة أعماله خلال عام مضى لوجد عجب عجاب.
فكم من صلاة أضعتها؟ ..
وكم جمعة تهاونت بها؟ ..
كم صيام تركته؟ …
كم زكاة بخلت بها؟ …
كم حج فوته ؟ …
كم معروف تكاسلت عنه؟ …
كم منكر سكت عليه؟ …
كم نظرة محرمة أصبتها؟ …
كم كلمة فاحشة تكلمت بها؟ …
كم أغضبت والديك ولم ترضهما؟ …
كم قسوت على ضعيف ولم ترحمه؟ ..
كم من الناس ظلمته؟ …
كم من الناس أخذت ماله؟ ..
وكم من ظالم ناصرته؟ ..
وكم من معروف طمسته ؟ ..
وكم من شهادة كتمتها ؟ ..
وكم من دماء للمسلمين شاركت في سفكها بالفعل او القول او التشفي والرضى؟ ..
وكم من أخوة مع المسلمين حولك قطعتها بسبب خلاف في وجهات النظر أو بسبب عصبية جاهلية ذميمة أو بسبب موقف تافه وعابر ؟ ...
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع؟
فقال: (إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا، فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه، أخذ من خطاياهم فطرحت عليه، ثم طرح في النار) [مسلم]...
إنا لنفرح بالأيام نقطـــعها ***
وكل يوم مضى يدني من الأجـــــل ...
فاعمل لنفسك قبل الموت مجتهداً ***
فإنما الربح والخسران في العمل ...
وبالمقابل هناك من يعيش في فاتورة إنجازه خلال عام مضى...
أعمال تفتج لها أبواب السماء فقد قاموا بما أفترض الله عليهم وأدوا واجباتهم ,, صبروا في مرضات الله واستقاموا على الصراط وادركوا حقيقة الدنيا وتزودوا للرحلة واستفادوا من أعمارهم وعاشوا حياتهم لله في السراء والضراء والعسر واليسر. ولذلك يكون الجزاء في الدنيا والآخرة عظيم ففي الدنيا معونة الله وتثبيته لهم ،
للاشتراك في اللستة تفاعل نار🔥
دعـــــم طـــريــق الـــخـيــر🌪⬆️
وهاهي قريش في يوم الهجرة قد قلبتْ الدنيا رأساً على عقب؛ للبحث عن محمد وعن صاحبه، وهما أمام أعينهم، ولكن لا تراهما هذه العيون، إنها قدرة من قال: (وترآهم ينظرون إليكَ، وهم لا يُبصرون).
*أيها المؤمنون:*
لقد انحازت عقيدةُ الحق والهدَى، إلي جوف غار مظلم، والباطلُ بخَيله ورَجِلِه، وحديدِه، وناره، يبحثون عن صاحب هذا الحق ولا يجدونه، فلا إله إلا الله، لا غالبَ إلا الله، إنه العجزُ التام أمام قدرة الله، أمام من يقول للشيء كن فيكون، (ولقد سبقت كلمتُنا لعبادنا المرسلين، إنهم لهمُ المنصورون، وإن جندنا لهم الغالبون).
*عباد الله:*
*ومن هذا الغار انطلقت قضية التوحيد، ومن هذا الغار انتشر الدين إلى جميع الأمصار والأقطار، فمن رَحِم هذا الغار وُلِدَ العالم، وأضاء الكون، وشعّ نورُ الاسلام على الكرة الأرضيّة جمعاء.*
*﴿إِلّا تَنصُروهُ فَقَد نَصَرَهُ اللَّهُ إِذ أَخرَجَهُ الَّذينَ كَفَروا ثانِيَ اثنَينِ إِذ هُما فِي الغارِ إِذ يَقولُ لِصاحِبِهِ لا تَحزَن إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلَيهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنودٍ لَم تَرَوها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذينَ كَفَرُوا السُّفلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ العُليا وَاللَّهُ عَزيزٌ حَكيمٌ).*
قلت ما سمعتم، فاستغفروا الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.
*الخطبة الثانية*
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الانبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله الصادق الامين، وعلى آله وصحبه اجمعين.
أما بعد:
4/ *أما الدرس الرابع الذي نتعلمه من هذه الهجرة المباركة: وهو الأمل في أفسح آفاقه:*
فبعد خروجه صلى الله عليه وسلّم من هذا الغار الذي كان محبوساً ومختبئاً فيه، أعلن الرسولُ محمد أنه سوف يحكم العالَمَ، وأنه سوف يُؤسس دولة، وأنه سوف يفتح كسرى وقيصر، وأنه سوف ينتصر على فارس والروم، نعم أعلن ذلك؛ وإنْ كان مازال هارباً ومطارَداً وملاحَقاً من كفار قريش، لكنه صلى الله عليه وسلم لا يعرف اليأسَ، ولا القنوط، فالهزيمة النفسية ليست في قاموس حياته عليه الصلاة والسلام. لذلك لما أدركهم سراقةُ بن مالك لكي يفوز بالجائزة التي وعدتْ بها قريش لمن سيأتي بمحمد وصاحبه، لما وصل سراقة ولحق برسول الله غاصت قدما فرسه في الأرض، وسقط سراقة من فوقها، وبعد حوار دار بينهما قال صلى الله عليه وسلم لسراقة:*(كيف بك ياسراقة وقد لبستَ سوارَيْ كسرى،! فقال سراقة متعجباً ومستغرباً ومستبعداً حدوث ذلك!: سواري كسرى بن هرهز؟ قال له نعم سواري كسرى بن هرمز).*
نعم يا عباد الله: الرسول محمد مطارَد، ومع ذلك يبشر سراقةَ بأنه سوف يَلبس أساور الملِك كسرى، إنه الأمل ياسادة الذي لا حدود له، وبالفعل ففي زمن عمر من الخطاب رضي الله عنه، لما فتح سعدُ بن أبي وقاص المدائنَ؛ دعا عمرُ بن الخطاب سراقةَ بن مالك وألبسَهُ تاجَ وسوارَي كسرى، مصداقاً لوعد رسول الله له.(فلا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون، والله معكم ولن يتركم أعمالكم).
إنّ هذا الدرس يعلمنا عدم اليأس أو القنوط بعدم نصرة وغلبة الحق على الباطل، أو اليأس بعدم عودة الدولة الاسلامية، أو رجوع الخلافة الاسلامية كما كانت، كلا؛ فإنّ ذلك آتٍ وواقع لا محالة، (ويقولون متى هو؟ قل عسى أنْ يكون قريبا).
ففي غزوة الخندق، والأحزاب قد تكالبوا على المدينة المنورة، وبلغت قلوبُ المؤمنين الحناجرَ، وزُلزلوا زلزالاً شديداً؛ ومع ذلك يبشرهم رسولُ الله في هذه اللحظة، وهو يضرب الصخرَ، ويقول لهم مبشراً: *( اللهُ أكبر فُتحتْ كسرى، الله أكبر فتحت الروم، الله أكبر فتحت الشام، الله أكبر فتحت صنعاء...،)*
حتى قال المنافقون والذين في قلوبهم مرض: (غرّ هؤلاء دينُهم)، (وقالوا ما وعدنا اللهُ ورسولُه إلا غروراً)، إنّ هؤلاء هم أصحاب القلوب المريضة، أصحاب النفوس اليائسة والمنهزمة، أما المؤمنون حقاً؛ فهم لا يعرفون اليأسَ ولا القنوط في حياتهم، كما قال الله عنهم: *﴿وَلَمّا رَأَى المُؤمِنونَ الأَحزابَ قالوا هذا ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسولُهُ وَما زادَهُم إِلّا إيمانًا وَتَسليمًا﴾*
فإنّ النصرَ لا يولد إلا بعد معاناة، فإنّ لكل ميلاد مخاض، ولكل مخاض آلآم، ﴿حَتّى إِذَا استَيأَسَ الرُّسُلُ وَظَنّوا أَنَّهُم قَد كُذِبوا جاءَهُم نَصرُنا فَنُجِّيَ مَن نَشاءُ وَلا يُرَدُّ بَأسُنا عَنِ القَومِ المُجرِمينَ﴾. فحريٌ بنا نحن المؤمنون ألا نيأس، ولا نقنط من روح الله، فإنّ الحقّ منتصر، والدين غالب، ولن يَغلبَ عسرٌ يسرَيْن، ( إنّه لا ييأس من روح الله إلا القومُ الكافرون).
*عبادالله:*
إنّ حالَ الأمة الإسلامية اليوم يشبه إلي حد كبير حال الرسول صلى الله عليه وسلم في الغار، فهي اليوم أمةٌ مشرّدة، أمةٌ تكالب عليها الأعداء من كل مكان، فقد تداعت عليها الأمم كما تداعى الأكلةُ إلي قصعتها، ولكنْ ثقةً بالله، وأملاً بوعد الله؛ سوف تَخرجُ هذه الأمة يوماً ما من ظلامها، ومِن نفقها المظلم، وسوف ترى النورَ في حياتها، وسوف يعود لها
العليا السابقة.*
فهذه هي الدروس المستفادة من هذه الهجرة إجمالاً، وإليكم شرحها بالتفصيل:
1/*أما الصداقة في مَثلِها الأعلى:* فلقد تمثلتْ في أبي بكر الصديق رضي الله عنه ُفالهجرة كلُها أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فأبوبكر الصديق هو الذي بذل كلّ وقته وماله ونفسه، وأهل بيته في خدمة هذه الهجرة، والعمل على إنجاحها، هذا هو أبو بكر الذي إيمانه يزن إيمانَ أمة، فإنه لما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أبا بكر بشأن الهجرة،؛ قال أبو بكر كلمته المشهورة: (الصحبةَ الصحبةَ يا رسول الله)، قال: نعم. إنها الصحبة الصادقة، فبكى أبو بكر الصديق من الفرح لما سمع ذلك، فقال رضي الله عنه:(الصحبةَ الصحبة يا رسول الله). فقام أبو بكر عندها بحق هذه الصحبة، فجهز الزادَ والراحلة، وجنّدَ بيتَه كلَه لخدمة وانجاح هذه الهجرة المباركة، حتى أنّ أبا جهل جاء إلي عند أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها يوم الهجرة يسألها أين أبوك؟ أين أبو بكر؟ فقالت: لا أعلم، فلطمها أبوجهل لطمةً قويًة، أسقط منها قرضها من أُذنها، حتى سال الدم منها. إنه التفاني في كتم أسرار الدعوة، فهذا هو أول فرد من هذا البيت، أما غلام أبي بكر: عامر بن فهيرة فقد كان يأتي بالأغنام إلي الغار، ويسقيهم اللبن، ثم يمسح عنهم الآثار، وهذا هو الفرد الثاني من هذا البيت، أما عبد الرحمن بن أبي بكر فلقد كان يأتي بالاخبار إلي الغار، وينقل لهم كلّ ما رآه، أو سمعه من قريش، وهذا فرد ثالث من هذه البيت المبارك. كل ذلك يجسد لنا معنى الصحبة الحقيقية للنبي محمد. كما قال الشاعر:
إنّ صديقك من كان معك.
ومن ضرّ نفسَه لينفعك.
ومن إذا ريب الزمان صدّعك، شتَتَ شملَه ليجمعك.
فأبوبكر الصديق رضي الله عنه شتتَ شملَ بيتِه، ليجمعَ الرسولَ صلى الله عليه وسلم، بإنجاح هذه الهجرة. وصدق الله قولَه في أبي بكر: ﴿وَما لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِعمَةٍ تُجزىإِلَّا ابتِغاءَ وَجهِ رَبِّهِ الأَعلىوَلَسَوفَ يَرضى﴾ [الليل: ١٩-٢١].
2/*أما (الجندية في أكمل صورها، والفداء والتضحية في أروع مناظرها):*
فلقد سمعتم بيتَ أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، فقد كانوا كلُهم جنوداً للحق، ونصرةً لدين الحق، وإنجاح هذه الرحلة. وهنا تظهر لنا جندية أخرى، وفداء وتضحية أخرى؛ إنه الفدائي أبو التراب (علي بن أبي طالب رضي الله عنه)، هنا تظهر لنا شخصية أخرى من جند محمد عليه الصلاة والسلام، شخصية البطل الفدائي علي بن أبي طالب (كرّم الله وجهه)، ذلكم البطل الذي أبَى إلا أن تكون له يدٌ في إنجاح هذه الهجرة، أبى إلا أن يفدي رسولَ الله بنفسه، فقد نام رضي الله عنه على فراش رسول الله يوم الهجرة، وتسجّى ببردته صلى الله عليه ّوسلم، فكأنما تدرّع بالسماوات السبع، ونام قريرَ العين في ساحة الروْع، ومعترك المنايا السود، وهكذا طلبَ الموتَ، فوهَب اللهُ له الحياة. إنها التضحية في سبيل الله، إنه الفداء لأجل هذا الدين، إنه اقتحام المخاطر في سبيل الحق، إنه بيع النفس لله، لأجل اعلاء كلمة الله إلي يوم الدين، إنها ترجمة فعلية لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من نفسه ووالده وولده والناس أجمعين).
وهنا نعود ثانيةً لشخصية الهجرة؛ (شخصية أبي بكر)! فما من درسٍ إلا ونجد فيه شخصية أبي بكر، فإنه لما وصل الرسولُ وأبو بكر الغارَ قال أبوبكر دعني أدخل أولاً يا رسول الله؛ حتى لا يُؤذيك أيّ هامة من هوام الغار، فدخل أبوبكر الغار أولاً، فسدّ كلّ منافذ وثقوب الغار، ثم ألقمَ رجليْه رضي الله عنه جُحرَيْنِ بقيا بدون غطاء، فقال الآن ادخل يا رسول الله.
إنها التضحية لهذا الدين، ولصاحب هذا الدين.
وقد لُدِغ رضي الله عنه من أحَد هذين الجحرين، ودمعه يسيل على وجنتيه من الألم، ولم يتحرك حتى لا يوقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم من نومه! وكأنّه يخاطب إحدى رجليه قائلاً:
إنْ أنتِ إلا أُصبعٌ دُمِيتِ،
وفي سبيلِ الله ما لقِيتِ.
بل قبل وبعد وصولهما للغار كان أبوبكر يمشي تارةً أمام الرسول وتارة خلفه، وتارة عن يمينه، وتارة عن شماله، فيسأله رسولُ الله لماذا تفعل ذلك يا أبا بكر؟ فيقول أبو بكر: أتذكر الطلب فأمشي أمامك يا رسول الله، ثم أتذكر الرصد فأمشي خلفك، وهكذا عن يمينك، وعن شمالك، إنه التفاني في خدمة رسول الله، وفي خدمة الدعوة، وفي نصرة الحق المبين.
وتظهر لنا هنا شخصيةٌ ثالثة جديدة، شخصيةٌ من بيت أبي بكر، شخصية تجسد لنا معنى التضحية والفداء، إنها شخصية المرأة المسلمة، إنها دور المرأة المسلمة في نصرة الحق ونصرة الدعوة.*إنها شخصية ذات النطاقين، إنها الفدائية أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما.*
فالموقف الأول لها كما سمعتم عندما لطمها فرعونُ هذه الأمة (أبوجهل)، فإنها رغم هذا الخوف والتهديد منه لم تتكلم عن مكان رسول الله، ولا عن مكان أبي بكر، ولم تتراجع عن إكمال مهمتها، ولم تترك دورَها ناقصاً في نصرة الحق، وإنجاح هذه الهجرة، فلقد جهَزت طعاماً ولحقت بأبيها، وأدركتْ صاحبَ الهجرة الشريفة، كما جاء في الروايات أنها
اللهم وفقنا لعبادتك واستعملنا في طاعتك وثبتنا على الهدى وبصرنا من العمى ...
قلت ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه..
الخطــــبة.الثانــية.tt
عبـــاد الله :- ما أحوجنا اليومَ
ونحنُ نستقبلُ عامًا جديدًا إلى فتحِ صفحةٍ بيضاء, نصطلحُ فيها مع اللهِ سبحانه الذي أمهلَنا كثيرًا, وصبرَ علينا طويلاً, ومنحنَا الفرصةَ تلوَ الفرصة،
قال تعالى ( وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) [الشعراء:132-135] ..
وليكن كل مسلم مهاجر إلى الله بهجر الذنوب والخطايا والتوبة النصوح ورد الحقوق والمظالم إلى اهلها وبذل المعروف وكف الأذى قال صلى الله عليه وسلم «ألا أخبركم بالمؤمن؟ من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم، والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده، والمجاهد من جاهد نفسه فى طاعة الله، والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب» (شعب الإيمان، ١٣/٤٥٥ برقم ١٠٦١١).وفى رواية البخارى: «والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه» (البخارى ١/١١ برقم ١٠)..
أيها المؤمنون /عبـــاد الله : -
ما أحوجنا ونحن نستقبل عاماً جديداً إلى فتح صفحة بيضاء نقوي بها أخوتنا ونحفظ بها مجتمعنا ونصون دمائنا وأعراضنا ،
ويؤدي كل واحد منا واجبه تجاه الآخرين فتحل علينا رحمة الله ويرفع عنا مقته وغضبه فتصلح الأحوال وتظهر الرحمة وتنتشر المودة والتعاون بين الجميع ...
اللهُمَّ إنَّا نسألُك إيمانًا يُباشرُ قُلوبنا ويقينًا صادقًا وتوبةً قبلَ الموتِ وراحةً بعد الموتِ، ونسألُكَ لذةَ النظرِ إلى وجهكَ الكريمِ والشوق إلى لقائِكَ في غيِر ضراءَ مُضرة ولا فتنةً مُضلة...
اللهُمَّ زينَّا بزينةِ الإيمانِ، واجعلنا هُداةً مُهتدين, لا ضاليَن ولا مُضلين, بالمعروفِ آمرين، وعن المُنكرِ ناهين يا ربَّ العالمين...
هـــذا ﻭﺻﻠﻮﺍ ﻭﺳﻠﻤﻮﺍ ﺭﺣﻤﻜﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺮﺣﻤﺔ ﺍﻟﻤﻬﺪﺍﺓ، ﻭﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﺍﻟﻤﺴﺪﺍﺓ ،
النبي المصطفى والرسول المجتبى ،
ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻭﺇﻣﺎﻣﻨﺎ ﻭﻗﺪﻭﺗﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ محمد بن عبد المطلب صاحب الحوض والشفاعة.
ﻓﻘﺪ ﺃﻣﺮﻛﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ ﻋﻠﻴﻪ ﺑﻘﻮﻟﻪ: {ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻭَﻣَﻼﺋِﻜَﺘَﻪُ ﻳُﺼَﻠُّﻮﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﺍﻟﻨَّﺒِﻲِّ ﻳَﺎ ﺃَﻳُّﻬَﺎ ﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺁﻣَﻨُﻮﺍ ﺻَﻠُّﻮﺍ ﻋَﻠَﻴْﻪِ ﻭَﺳَﻠِّﻤُﻮﺍ ﺗَﺴْﻠِﻴﻤًﺎ} [ﺍﻷﺣﺰﺍﺏ: 56].
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺻﻞِّ ﻭﺳﻠﻢ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ، صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر،
ﻭﺍﺭﺽَ ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻋﻦ ﺧﻠﻔﺎﺋﻪ ﺍﻟﺮﺍﺷﺪﻳﻦ،
أبي بكر و عمر و عثمان و علي ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺼﺤﺎﺑﺔ ﺃﺟﻤﻌﻴﻦ، ﻭﻋﻦ ﺍﻟﺘﺎﺑﻌﻴﻦ، ﻭﻣﻦ ﺗﺒﻌﻬﻢ ﺑﺈﺣﺴﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺪﻳﻦ، ﻭﻋﻨﺎ ﻣﻌﻬﻢ ﺑﻤﻨﻚ ﻭﺭﺣﻤﺘﻚ ﻳﺎ ﺃﺭﺣﻢ الراحمين ..
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، واحم حوزة الدين يا رب العالمين..
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺯﺩﻧﺎ ﻭﻻ ﺗﻨﻘﺼﻨﺎ، ﻭﺃﻛﺮﻣﻨﺎ ﻭﻻ ﺗﻬﻨﺎ، ﻭﺃﻋﻄﻨﺎ ﻭﻻ ﺗﺤﺮﻣﻨﺎ، ﻭﺁﺛﺮﻧﺎ ﻭﻻ ﺗﺆﺛﺮ ﻋﻠﻴﻨﺎ، ﻭﺍﺭﺽ ﻋﻨﺎ ﻭﺃﺭﺿﻨﺎ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﺟﻌﻞ ﺯﺍﺩﻧﺎ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ، ﻭﺯﺩﻧﺎ ﺇﻳﻤﺎﻧﺎً ﻭﻳﻘﻴﻨﺎً ﻭﻓِﻘﻬﺎً ﻭﺗﺴﻠﻴﻤﺎً،
اللهم احقن دمائنا واحفظ بلادنا وألف بين قلوبنا ... ومن أرادنا أو أراد بلادنا بسوء أو مكروه فرد كيده في نحره واجعل تدبيره تدميراً عليه ..
اللهم إنا نعوذ بك من همزات الشياطين وَنعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ ..
اللهم اغفر ذنوبنا واستر عيوبنا وتولى أمرنا وردنا إلى دينك رداً جميلاً ...
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﻣﻮﺟﺒﺎﺕ ﺭﺣﻤﺘﻚ، ﻭﻋﺰﺍﺋﻢ ﻣﻐﻔﺮﺗﻚ، ﻭﺍﻟﺴﻼﻣﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺇﺛﻢ، ﻭﺍﻟﻐﻨﻴﻤﺔ ﻣﻦ ﻛﻞ ﺑﺮ، ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺇﻧﺎ ﻧﺴﺄﻟﻚ ﺍﻟﻔﻮﺯ ﺑﺎﻟﺠﻨﺔ ﻭﺍﻟﻨﺠﺎﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ،
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻻ ﺗﺪﻉ ﻟﻨﺎ ﺫﻧﺒﺎً ﺇﻻ ﻏﻔﺮﺗﻪ، ﻭﻻ ﻫﻤﺎً ﺇﻻ ﻓﺮﺟﺘﻪ، ﻭﻻ ﺩﻳﻨﺎً ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻪ، ﻭﻻ ﻣﺮﻳﻀﺎً ﺇﻻ ﺷﻔﻴﺘﻪ، ﻭﻻ ﺣﺎﺟﺔً ﺇﻻ ﻗﻀﻴﺘﻬﺎ ﻭﻳﺴّﺮﺗﻬﺎ ﻳﺎ ﺭﺏّ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﻦ،
ﺭﺑﻨﺎ ﺁﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻓﻲ ﺍﻵﺧﺮﺓ ﺣﺴﻨﺔ ﻭﻗﻨﺎ ﻋﺬﺍﺏ ﺍﻟﻨﺎﺭ...
عبــاد الله:
{ﺇِﻥَّ ﺍﻟﻠَّﻪَ ﻳَﺄْﻣُﺮُ ﺑِﺎﻟْﻌَﺪْﻝِ ﻭَﺍﻹِﺣْﺴَﺎﻥِ ﻭَﺇِﻳﺘَﺎﺀِ ﺫِﻱ ﺍﻟْﻘُﺮْﺑَﻰ ﻭَﻳَﻨْﻬَﻰ ﻋَﻦِ ﺍﻟْﻔَﺤْﺸَﺎﺀِ ﻭَﺍﻟْﻤُﻨْﻜَﺮِ ﻭَﺍﻟْﺒَﻐْﻲِ ﻳَﻌِﻈُﻜُﻢْ ﻟَﻌَﻠَّﻜُﻢْ ﺗَﺬَﻛَّﺮُﻭﻥَ}. (ﺍﻟﻨﺤﻞ: 90)
فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.....
والحمد لله رب العالمين ...
============================
ـــــــــــــــــــ🕋 زاد.الــخــطــيــب.tt 🕋ــــــــــــــــــ
منــبرالحـكـمــــــةوالمــوعـظــــةالحســـــنـة.tt
رابط القناة ع التليجرام👈 t.me/ZADI2
للإشـتراك بمجموعات زاد الخطيب الدعـوي
ارسل.اسمك.واتساب.للرقم.730155153.tt
كرين هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم إنها ذكرى الاعتبار والاتعاظ ...
وإنها لوقفة نستقرئ فيها فصلا من فصول الحياة ودرساً من دروس معلم البشرية ومحطم الوثنية صلى الله عليه وسلم لماذا ؟
لأنها هجرةٌ نفثت في الأرواح والأجساد والأوطان الحياة بما تحمله من معاني وقيم فالإنسان لا يكون حياً وإن أكل وشرب وتنفس إلا بالإيمان ...
قال تعالى ( أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (الأنعام:122) ...
وإن من أعظم دروس الهجرة التي ينبغي أن نتعلمها ونطبقها في حياتنا أن ندرك إنه لا قيمة للإنسان مهما بلغ من الذكاء والقوة والمال والمنصب والجاه إلا بالإلتزام بهذا الدين وإتباع الرسول الله صلى الله عليه وسلم والسير على منهجه ...
وإن من أعظم النعم التي يجب أن يشكرها العبد نعمة الإيمان والهداية وذلك بالدوام عليها والقيام بمقتضياتها ،،،
وإن من وسائل شكر هذه النعمة ونحن في بداية عام هجري جديد إستغلال الأعمار والأوقات بشتى أنواع العبادات والقربات ومواسم الطاعات والبعد عن المعاصي والآثام والسيئات ...
فكم من موانع وعقبات وشبهات تقف أمام الإنسان تصده عن الله وعن دينه وشرعه ...
وهناك من يستسلم للرغبات والشهوات فيبيع دينه بعرض من الدنيا قليل ،،،
وهناك من تشتاق نفسه إلى الهداية ...
لكن يمنعه حب الدنيا وزينتها وقول فلان وعلان و من الناس ،،،
يرى الحق أمامه واضحا جليا ومع ذلك لا يتبعه ..
هذا الأعشى بن قيس .. كان شيخاً كبيراً شاعراً .. خرج من اليمامة .. من نجد .. يريد النبي عليه الصلاة والسلام .. راغباً في دخول الإسلام ..مضى على راحلته .. مشتاقاً للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
بل كان يسير وهو يردد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً :
ألم تغتم عيناك ليلة أرمدا *
وبت كما بات السليمُ مسهدا
ألا أيهذى السائلي أين يممت *
فإن لها في أهل يثرب موعدا
واليت لا آوي لها من كلالة *
ولا من حفي حتى تلاقي محمدا
نبي يرى ما لا ترون وذكرُه *
أغار لعمري في البلاد وانجدا
أجدِّك لم تسمع وصاه محمد *
نبيِّ الإله حيث أوصى وأشهدا
إذ أنت لم ترحل بزاد من التقى *
ولا قيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون كمثله. ***
فترصد للأمر الذي كان أرصدا
وما زال يقطع الفيافي والقفار..يحمله الشوق والغرام .. إلى النبي عليه السلام ..راغباً في الإسلام .. ونبذ عبادة الأصنام ..
فلما كان قريباً من المدينة..اعترضه بعض المشركين فسألوه عن أمره ؟ ..
فأخبرهم أنه جاء يريد لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم ...
فخافوا أن يسلم هذا الشاعر ..
فيقوى شأن النبي صلى الله عليه وسلم ..
فشاعر واحد وهو حسان بن ثابت قد فعل بهم الأفاعيل ..
فكيف لو أسلم شاعر العرب الأعشى بن قيس ..
فقالوا له : يا أعشى دينك ودين آبائك خير لك ..
قال : بل دينه خير وأقوم ..
قالوا : يا أعشى .. إنه يحرم الزنا ..
قال : أنا شيخ كبير ما لي في النساء حاجة ..
فقالوا : إنه يحرم الخمر ..
فقال : إنها مذهبة للعقل .. مذلة للرجل .. ولا حاجة لي بها ..
فلما رأوا أنه عازم على الإسلام ..
قالوا : نعطيك مائةَ بعير وترجع إلى أهلك .. وتترك الإسلام ..
قال : أما المال .. فنعم .. فجمعوها له ..
فارتد على عقبيه .. وكرَّ راجعاً إلى قومه بكفره ..
واستاق الإبل أمامه .. فرحاً بها مستبشراً ..
فلما كاد أن يبلغ دياره ..
سقط من على ناقته فانكسرت رقبته ومات ..( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ ) (النحل/107- 109)..
ومن دروس العام الهجري الجديد وهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم أن يعلم كل مسلم حقيقة هذه الهجرة ، وأنها لم تكن سياحةً في الأرض ولا هروباً من الواقع ولا رغبةَ في السلامة أو استكشافاً لعالمٍ جديد,...
كلاَّ, ..!!
لقد كانتْ خياراً لا مفرّ منه, ، وحلاً أخيراً بعد أنْ ضاقتْ بالمسلمينَ أرضُ مكةَ بما رحبت, وتغيرَ عليهم الناسُ, وأصبحتْ بضعُ ركعاتٍ في المسجدِ الحرامِ جريمةً لا تُغتفر, وغدتْ قراءةُ القُرآن رجعيةً وهمجيةً, وإرهاباً وتطرفاً ...
عندها كان لابد من الهجرة فكانت حدثاً غير مجرى التأريخ، وحمل في طياته معاني القيم العظيمة والحب الخالد للدين و الشجاعة والتضحية والإباء، والصبر والنصر والفداء، والتوكل والقوة والإخاء، والاعتزاز بالله وحده مهما بلغ كيد الأعداء،