كان الناس يخشون الرياء في أشرف العلوم وهو الحديث، فكيف بالمشتغلين بعلوم الآلة، والعلوم الفكرية والطبيعية..!
قال شعبة:
ما من الناس أحد أقول إنه طلب الحديث يريد به وجه الله عز وجل إلا هشام الدستوائي، وكان يقول (أي هشام): ليتنا ننجو من هذا الحديث كفافا لا لنا ولا علينا، قال شعبة: فإذا كان هشام يقول هذا فكيف نحن؟
شرح العقيدة الطحاوية - ط الأوقاف السعودية (١/٣٧) — ابن أبي العز (ت ٧٩٢ هـ)
«وما كان من المقدمات معلومة ضرورية متفقا عليها، استدل بها، ولم يحتج إلى الاستدلال عليها. والطريقة الفصيحة في البيان أن تحذف، وهي طريقة القرآن، بخلاف ما يدعيه الجهال، الذين يظنون أن القرآن ليس فيه طريقة برهانية، بخلاف ما قد يشتبه ويقع فيه نزاع، فإنه يبينه ويدل عليه».Читать полностью…
مقتبس من المقال:
"ولكن ختاما ما جواب سؤال: هل يجوز إجبار الأمة على الجماع أم لا؟
نقول: نعم يجوز، فكان ماذا؟ يجوز كما يجوز إجبار حتى الزوجة إن امتنعت من غير عذر! فلست أسلم لك أن الموافقة consent شرط في حسن العلاقة الجنسية أصلا بهذا الإطلاق على المنطق الليبرالي، وفي الموافقة وشروطها ومعياريتها خلاف عريض بين فلاسفة الأخلاق ليس هذا محل بسطه، وعندنا: حسن الجماع يكتسب حسنه من أحقية المجامع بالجماع، فإن قيل: أن جماعها دون موافقتها فيه نقض لاستقلاليتها، نقول: وليكن، لما لا يُقال أن حق الزوج والسيد بالجماع غلب على حق المرأة في الموافقة، كما في المثال المشهور في فلسفة الأخلاق في إطار الدفاع عن الإجهاض: thomson's the unconscious violinist، الذي قال:
تخيل أنك استيقظت في الصباح، ووجدت نفسك في السرير مع عازف كمان لاواعي مريض بمرض كلوي مميت، وقام معجبونه بمراجعة جميع السجلات الطبية المتاحة، ووجدت أنك وحدك لديك نوع الدم المناسب للمساعدة. لذلك اختطفوك، وتم توصيل نظام الدورة الدموية للعازف بنظام الدورة الدموية الخاص بك، بحيث يمكن استخدام كليتيك لاستخراج السموم من دمه بالإضافة إلى دمك. إذا تم فصله عنك الآن، سيموت؛ ولكن خلال تسعة أشهر سيتعافى من مرضه، ويمكن فصله بأمان عنك.
الوجوه في أن إله الربوبيين ناقص
الوجه الأول: نقول: خلق العباد ثم تركهم هملا كالأنعام لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا، ويأكل قويهم ضعيفهم، ولا يعرفون الله، ولا يعبدونه، ولا يذكرونه، ولا يشكرونه، نقص مناف للحكمة. بل لو ترك العبد بلا تكليف لكان مصدودا عن كماله الذي هو مستعد له قابل له، وذلك أسوأ حالا وأعظم نقصا مما منع كمالا ليس قابلا له. فأشرف ما يبلغه الإنسان وغاية كماله أن يعرف الله بأسمائه وصفاته ويعبده، ومركوز في فطرة الناس التماس أجوبة الأسئلة الوجودية الكبرى مثل "ما الغاية من وجودنا"، فلا بد أن ينزل خالق الكون وحيا فيه تفصيل هذه الأجوبة، بذكر الغاية من وجودنا وحقوق الله علينا. ومن ينازع في هذا فهو مكابر لفطرته، وكل الناس يجدون في أنفسهم حاجة لمعرفة أجوبة هذه الأسئلة، وهذه أمارة على عظمة هذه المطالب في نفسها.
الوجه الثاني: أن عقول البشر قاصرة عن الاستقلال بنظام أخلاقي متكامل، فحتى لو اتفقوا في الحكم على قيم معينة (مثل أن العدل جيد)، فهم يختلفون في الأفعال المعينة في الشاهد، هل تحقق معاني معينة سواء كانت حسنة أو قبيحة؟ وتتغير هذه النظرة بتغير تصور المرء للحياة والغيب والإله، فهل يُعقل أن الوثني الذي يؤمن بميثولوجيا ترى أننا خلقنا صدفة، فاتُفق أن بعض الآلهة كانوا يلهون فخلقونا، ومثلهم الملاحدة، لا يمكن أن يدافع فلسفيا عن أحقية البشر في العيش دون سائر الكائنات الحية مثلا، لأجل أن نفس الخلق اعتباطي!
وكذلك هناك فرق في فلسفة الأخلاق بين الحكم الأخلاقي الذي يكون مستنده معياري وما مستنده وصفي، فقد يرى الشخص "أ" الإجهاض قبيحا، ويرى الشخص "ب" الإجهاض حسنا، والخلاف بين "أ" و"ب" قد يكون مستنده وصفيا: كأن يرى الأول أن الروح قد نُفخت في الجنين، ويخالفه الثاني. وهذا الخلاف هو فرع عن عجز المخلوق ونقص علمه، فلا بد أن ينزل من أحاط بكل شيء علما، ويعلم كل شيء علما مطابقا للواقع شرعا يفصل فيه الحق..
الوجه الثالث: حتى على التسليم -تنزلا- بإمكان استقلال عقول البشر بنظام أخلاقي صحيح، اعلم أنه متقرر في العقول أن الاعتقاد المحض لا يحرك الانسان، بل ما يحرك الإنسان هو الرغبات، فاعتقادي أن بيتي يحترق لن يدفعني للخروج منه إلا إن كنت أرغب في الخروج منه، ولهذا يقول ماكيافيلي: «لا يحرك البشر إلا الحب أو الخوف» ( Discorsi III)، فإن الاعتقاد المحض ليس فيه إلزام للآخرين، ولهذا لا بد من نظام أمر ونهي، وترغيب وترهيب، وإعلام بوجود عقاب أخروي، يردع المجرمين الذين يفلتون من العقاب الدنيوي، وإلا خرب نظام العالم، وما أتى أحد معروفا، ولا ترك أحد منكرا !
قال قوام السنة الأصبهاني:
«قَالَ أهل السّنة: الله فَوق السَّمَاوَات لَا يعلوه خلق من خلقه، وَمن الدَّلِيل عَلَى ذَلِكَ: أَن الْخلق يشيرون إِلَى السَّمَاء بأصابعهم، ويدعونه ويرفعون إِلَيْهِ أَبْصَارهم».
فائدة: الخلف بالوعد أَن تعد خيرا ثمَّ لَا تَفْعَلهُ، أما من أوعد بشر ولم يفعله لم يكن بذلك مخلفا للوعد، وإنما يعد ذلك كرما وفضلا.
Читать полностью…لا يستوي دم المسلم والكافر عقلا !
مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (٢/١١٠٩) — ابن القيم (ت ٧٥١)
«ليس في حكمة الله وحُسْن شرعِه أن يجعل دمَ وليِّه، وعبده، وأحبِّ خلقه إليه، وخير بريَّته، ومن خَلَقَه لنفسِه، واختصَّه بكرامته، وأهَّله لجواره في جنَّته، والنَّظر إلى وجهه، وسماع كلامه في دار كرامته= كَدَم عدوِّه، وأمقَتِ خلقِه إليه، وشرِّ بريَّته، والعادِل به، العادِل عن عبادته إلى عبادة الشيطان، الذي خَلَقه للنَّار، وللطَّرد عن بابه، والإبعاد عن رحمته».Читать полностью…
من آليات معرفة ضبط الراوي..
قال إبراهيم النخعي عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير الكوفي:
«إذا حدثتني فحدثني عن أبي زرعة ؛ فإني سألته عن حديث ثم سألته بعد ذلك بسنة - وفي رواية سنتين - فما أخرم منه حرفا».Читать полностью…
جواب منكري السنة عن سؤال صفة الصلاة ونحوه بالتواتر العملي متهافت من وجوه:
الأول: أن هذا من أعظم التناقض، فإنكم أنكرتم السنة فرارا من إثبات مصدر للتشريع غير القرآن، ثم نصبتم الآن أعمال الناس مشرعا من دون القرآن!
الثاني: أن التواتر اللفظي أقوى عقلا من جهة الثبوت من التواتر العملي، فمن أثبت الثاني لزمه إثبات الأول بالضرورة.
الثالث: كما جاز عندكم يا معاشر النكارى أن تُخترع السنة وتنسب للنبي ﷺ زورا بفعل قوة سياسية ونحوه، جاز من باب أولى أن تفرض قوة سياسية طريقة وكيفية معينة للصلاة!
الرابع: أن المسلمون تواتروا عمليا على إثبات السنة النبوية، فإن كان مطلق التواتر العملي عندكم حجة، لزمكم إثبات السنة.
الخامس: أن أعمال الناس ليست متفقة في صفة الصلاة، فصلاة الشيعة غير صلاة السنة، وكذلك الصوفية لهم صلوات خاصة، فبأي شيء رجحتم بينهم؟
باب في أن بعث الرسل لا بد منه، وخلو الأرض من نبوة أو أثر نبوة نقص ننزه الباري جل شأنه عنه، ومقتضى كماله سبحانه بعث الرسل.
قال الإمام ابن القيم [مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (٢/١٠٦١)]:
«وقد نبَّه تعالى على هذه الحكمة في كتابه في غير موضع، كقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ﴾ [آل عمران: ١٧٩].Читать полностью…
وهذه الآيةُ من كنوز القرآن؛ نبَّه فيها على حكمته تعالى المقتضية تمييزَ الخبيث من الطيِّب، وأنَّ ذلك التمييزَ لا يقعُ إلا برسله، فاجتبى منهم من شاء وأرسله إلى عباده، فتميَّز برسالتهم الخبيثُ من الطيِّب، والوليُّ من العدوِّ، ومن يصلُح لمجاورته وقُربه وكرامته ممَّن لا يصلُح إلا للوقود.
وفي هذا تنبيهٌ على الحكمة في إرسال الرُّسل، وأنه لا بدَّ منه، وأنَّ الله تعالى لا يليقُ به الإخلالُ به، وأنَّ من جَحَدَ رسالةَ رسله فما قَدَرَه حقَّ قَدْره، ولا عَرفه حقَّ معرفته، ونَسَبَه إلى ما لا يليقُ به؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ﴾ [الأنعام: ٩١].
فتأمَّل هذا الموضع حقَّ التأمُّل، وأعطِه حظَّه من الفِكر، فلو لم يكن في هذا الكتاب سواه لكان من أجلِّ ما يستفاد، والله الهادي إلى سبيل الرَّشاد»
ابن القيم (ت ٧٥١ هـ) — مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة - ط عطاءات العلم (٢/١٠٥٧)
«كثيرًا ما يَقْرِنُ تعالى بين هذين الاسمين (العزيز الحكيم) في آيات التَّشريع والتكوين والجزاء؛ ليَدُلَّ عبادَه على أنَّ مصدَر ذلك كلِّه عن حكمةٍ بالغة، وعزَّةٍ قاهرة».Читать полностью…
قال الإمام يحيى ابنُ مَعين عن قبيصة بن عقبة:
«قبيصة ثقة في كلِّ شيءٍ إلا في حديث سفيان ليس بذاك القوي، سمع منه وهو صغير».
كمال الجمال بكمال الجلال ونقضٌ على جميع الكفار بالوحي…
في قوله تعالى: {الرحمن الرحيم • مالك يوم الدين} في سورة الفاتحة التي تُقرأ في كل ركعة من المعاني الشيء العظيم، وكلما خطر لك أنك أحطت بها ظهر لك الجديد.
فمن فائدة {مالك يوم الدين} بعد قوله: {الرحمن الرحيم} بيان أن رحمته جاءت مع كمال قدرته على عبيده، فهي ليست رحمة ضعف.
وفيه إشارة للوارد في الحديث مِن عظيم رحمة الله عز وجل يوم القيامة.
قال رسول الله ﷺ: «إن لله مئة رحمة أَنزَل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس والبهائم والهوام، فَبها يتعاطفون، وبها يتراحمون، وبها تعطف الوحشُ على ولدها، وأَخَّر الله تسعا وتسعين رحمة، يرحم بها عباده يوم القيامة» رواه مسلم من حديث أبي هريرة.
وفيه النقض على المعترضين على الشرائع، إذ لا يفهمون رحمة الله؛ لنسيانهم الآخرة.
فيقولون: ما الفائدة في العقوبات؟ ما الفائدة في الجهاد؟ ما الفائدة في السبي؟ ما الفائدة من الابتلاءات؟ ما الرحمة في ذلك؟
وقد ورد في النصوص أن العقوبات لأهل الإيمان كفارة، ولأهل الكفر موعظة وعبرة، وكذلك الابتلاءات، فالرحمة فُهِمت لمَّا عرفنا {يوم الدين}.
وورد في الحديث الصحيح: «عَجِبَ الله من قوم يَدخلون الجنة في السلاسل».
يعني يأسرهم أهل الإسلام ويعرفون الدين في الأسر؛ فيكون ذلك سبباً في نجاتهم في الآخرة.
والملِكُ هو الذي يأمر وينهى فيطاع، وفي ذلك رد على الربوبية الذين يزعمون أن الله خلق الكون وتركه، وفي أوامره ونواهيه رحمة.
والكل يرى رحمته في مخلوقاته حتى الملاحدة؛ ولكن يكابرون، فيناسب أن توجد رحمة في أمره ونهيه، وذلك الوحي.
وكل من عبد غير الله؛ أو فضَّل شرعاً غير شرع الله على شرعه؛ أو ظنَّ الهداية توجد في غير الوحي (كأهل الكلام) = ظنَّ أن غير الله أرحم منه أو أعظم هدايةً وبياناً منه، فقوله تعالى: {الرحمن الرحيم} رد عليهم، وفي {مالك يوم الدين} جزاؤهم.
وخلاصة مخالفة أهل الإيمان لهم: {إياك نعبد وإياك نستعين}.
إذ اعتقدوا ألَّا أرحم من الله، فيدعونه وحده ويستعينون به وحده.
ويطلبون الهدى من وحيه: {اهدنا الصراط المستقيم}.
قال الإمام المحدث يحيى بن عمار:
«فَكل مُسلم من أول الْعَصْر إِلَى عصرنا هَذَا إِذا دَعَا الله سُبْحَانَهُ رفع يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاء، والمسلمون من عهد النَّبِي ﷺ إِلَى يَوْمنَا هَذَا، يَقُولُونَ فِي الصَّلَاة مَا أَمرهم الله بِهِ تَعَالَى بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾.
وَلَا حَاجَة لله عز وجل إِلَى الْعَرْش، لَكِن الْمُؤمنِينَ كَانُوا مُحْتَاجين إِلَى معرفَة رَبهم عز وجل، وكل من عبد شَيْئا أَشَارَ إِلَى مَوضِع، أَو ذكر من معبوده عَلامَة، فجبارنا وخالقنا، إِنَّمَا خلق عَرْشه ليقول عَبده الْمُؤمن، إِذا سُئِلَ عَن ربه عز وجل أَيْن هُوَ الرَّحْمَن؟ عَلَى الْعَرْش اسْتَوَى، مَعْنَاهُ فَوق كل مُحدث عَلَى عَرْشه الْعَظِيم، وَلَا كَيْفيَّة وَلَا شبه. كَمَا قَالَ: مَالك بن أنس لما قيل لَهُ: كَيفَ اسْتَوَى؟ قَالَ: الاسْتوَاء غير مَجْهُول، والكيفية غير مَعْقُول، وَالْإِيمَان بِهِ وَاجِب، وَالشَّكّ فِيهِ شرك، وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة.
لَا نحتاج فِي هَذَا الْبَاب إِلَى قَول أَكثر من هَذَا أَن نؤمن بِهِ، وننفي الْكَيْفِيَّة عَنهُ، ونتقي الشَّك فِيهِ، ونوقن بِأَن مَا قَالَه الله عز وجل وَرَسُوله ﷺ، وَلَا نتفكر فِي ذَلِكَ وَلَا نسلط عَلَيْهِ الْوَهم، والخاطر، والوسواس، وَتعلم حَقًا يَقِينا أَن كل مَا تصور فِي همك ووهمك من كَيْفيَّة أَو تَشْبِيه. فَالله سُبْحَانَهُ بِخِلَافِهِ وَغَيره، نقُول: هُوَ بِذَاتِهِ عَلَى الْعَرْش، وَعلمه مُحِيط بِكُل شَيْء».
لا زال في رأسي أفكار أكثر في الموضوع -أعني الرق في الإسلام-؛ ولكني سلكت سبيل التلخيص، مفتديا بالمرام السهل من العويص
ولعلي أستوعب كل الأفكار في مادة مرئية في المستقبل -البعيد- إن يسر الله وأعان
مستل من تعليق لي في جواب هذا الدهري:
"وجود الباري جل ثناؤه عندنا معاشر أهل السنة ليس بقضية نظرية أصلا، بل وجوده وكماله مركوز في بداهة العقول، ومن يشكك فيه عندنا هو من جملة المسفسطين المكابرين على الضرورات، فلا تستقيم لك أي معرفة أصلا إلا إن أقررت أن لك ربا كاملا في الغيب خلق عقلك، فإن كنت تنفي وجوده، فعلى أي شيء تقيم ثقتك في عقل تجهل مصدره؟
والأدلة النظرية عليه لا نحصيها أصلا وإن كنا نرى أن النتيجة أظهر من تلك المقدمات، وليس الحدوث والإمكان عندنا بعلة لمخلوقية العبد وافتقاره، وإنما هي آمارة على الافتقار لا أنها علة له خلافا للمتكلمين، فالعبد مفتقر بذاته والرب غني بذاته، وكل موجود تراه لا يشك عاقل سوي النفس بمجرد أن يراه أنه مخلوق، هذه ضرورة تحضر في نفسه لا يدفعها إلا مكابر، ومثله كمثل من يشكك في مطابقة لحواس الواقع، والامر كما قال الشاعر أبو العتاهية:
ولله في كل تحريكة … وتسكينة أبدا شاهد
وفي كل شيء له آية … تدل على أنه واحد
روى مالك في الموطأ بإسناد صحيح عن عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أنه قال:
«لا تكلفوا الصغير الكسب، فإنكم متى كلفتموه الكسب سرق ولا تكلفوا الأمة غير ذات الصنعة، الكسب، فإنكم متى كلفتموها الكسب، كسبت بفرجها،، وعفوا إذ أعفكم الله، وعليكم من المطاعم ما طاب منها».Читать полностью…
جَاءَ عَمْرو بن عبيد إِلَى عَمْرو بن الْعَلَاء فَقَالَ: يَا أَبَا عَمْرو؟ ويخلف الله مَا وعده؟ قَالَ: لَا. قَالَ: أَفَرَأَيْت من أوعده الله عَلَى عمل عقَابا، أيخلف الله وعده فِيهِ؟ فَقَالَ: أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: من العجمة أتيت يَا أَبَا عُثْمَان. إِن الْوَعْد غير الْوَعيد. إِن الْعَرَب لَا تعد عارًا وَلَا خلفا أَن تعد شرا، ثمَّ لَا تَفْعَلهُ. ترى ذَلِكَ كرما وفضلا. وَإِنَّمَا الْخلف أَن تعد خيرا ثمَّ لَا تَفْعَلهُ.
قال قوام السنة الأصبهاني:
«إِن الْأَسْبَاب عاملة بِإِذن الله، فَمَا أذن الله تَعَالَى لشَيْء كَانَ من غير سَبَب، وَإِذا لم يَأْذَن للسبب لم يعْمل. فَالنَّار بِإِذْنِهِ تحرق فَإِذا أذن لَهَا أَن تمْتَنع من الإحراق امْتنعت، كَمَا أذن لنار إِبْرَاهِيم عليه السلام.Читать полностью…
وَالْمَاء بِإِذْنِهِ يغرق، فَإِذا أذن لَهُ أَن يمْتَنع من الإغراق امْتنع، كَمَا أذن لَهُ فِي إغراق فِرْعَوْن وَقَومه، وَمنعه من إغراق مُوسَى وَقَومه.
وكما أطْعم مَرْيَم عليها السلام من غير سَبَب. قَالَ الله تَعَالَى: ﴿كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ .
وَقد يحبس الله الثِّمَار أَن تخرج من الْأَشْجَار فِي كثير من الْأَوْقَات. قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَنقص من الْأَمْوَال والأنفس والثمرات﴾ .
إِلَّا أَن الْقلب إِذا مَال إِلَى الْأَسْبَاب وكل إِلَيْهَا بِقدر ميله إِلَيْهَا، وفقد من مَعُونَة الله وتأييده عَلَى قدر ذَلِكَ.
فَكَمَا أَن الْبدن لَا تعْمل جارحة من جوارحه وركن من أَرْكَانه من حَرَكَة أَو سُكُون أَو قبض أَو بسط إِلَّا بِالروحِ. كَذَلِك لَا يعْمل سَبَب من الْأَسْبَاب، من نفع أَو ضرّ إِلَّا بِالْقدرِ وَالْإِذْن من الله تَعَالَى».
يقول المعارض:
«القصاص إتلافٌ بإزاء إتلاف، وعدوانٌ في مقابلة عدوان، ولا يحيا الأوَّلُ بقتل الثَّاني، ففيه تكثيرُ المفسدة بإعدام النَّفْسَيْن».
رد قوام السنة الأصبهاني على من زعم أن الإسراء كان حلما
يقول إسماعيل التيمي الأصبهاني:
«قَوْله تَعَالَى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أسرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا﴾، وَقَوله: ﴿بِعَبْدِهِ﴾ هَذَا اللَّفْظ يَقع عَلَى الْبدن وَالروح جَمِيعًا، أَعنِي قَوْله: بِعَبْدِهِ وَلَو كَانَ نوما لم يتعجبوا وَلم ينكروا، وَمَا رُوِيَ أَن بعض أَزوَاجه قَالَت: لم تفقد جِسْمه (أول اللَّيْل وَآخره) لَا يَصح، وَهُوَ مِمَّا وضع ردا للْحَدِيث الصَّحِيح».
في جواب قول الملاحدة الدهرية: "إذا كان الباري جل شأنه لا يتضرر بمعصية العبد، ولا ينتفع بطاعته، فلماذا كلفنا بعبادته ؟"
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
نقول وبالله التوفيق: معلوم ببداهة العقول أن خلق العباد ثم تركهم هملا كالأنعام لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا، ويأكل قويهم ضعيفهم، ولا يعرفون الله، ولا يعبدونه، ولا يذكرونه، ولا يشكرونه، نقص مناف للحكمة. بل لو ترك العبد بلا تكليف لكان مصدودا عن كماله الذي هو مستعد له قابل له، وذلك أسوأ حالا وأعظم نقصا مما منع كمالا ليس قابلا له.
والباري جل شأنه يكلف عباده تكليف من لا يبلغوا ضره فيضروه ولا يبلغوا نفعه فينفعوه، والحكمة من هذا التكليف أعظم وأجل عندهم مما يخطر بالبال، أو يجري به المقال.
فإذا كان فعل التعبد هو كمال الخضوع، والتذلل للمعبود بالامتثال لأوامره واجتناب نواهيه محبة وتعظيما. والمتعبد به فكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
فإن خلق الله يعبدونه سبحانه لأنه تعالى أهل أن يعبد، وأهل أن يكون الحب كله له، والعبادة كلها له، حتى لو لم يخلق جنة ولا نارا، ولا وضع ثوابا ولا عقابا؛ لكان أهلا أن يعبد!
ولا ريب أن كمال العبودية تابع لكمال المحبة، وكمال المحبة تابع لكمال المحبوب في نفسه، والله سبحانه له الكمال المطلق التام من كل وجه، الذي لا يعتريه توهم نقص، ومن هذا شأنه فإن القلوب لا يكون شيء أحب إليها منه ما دامت فطرها وعقولها سليمة، وإذا كان أحب الأشياء إليها فلا محالة أن محبته توجب عبوديته وطاعته، وتتبع مرضاته، واستفراغ الجهد في التعبد له والإنابة إليه.
فعبادته تعالى تابعة لمحبته وإجلاله، والمحبة نوعان: محبة تنشأ عن الإنعام والإحسان، فتوجب شكرا وعبودية بحسب كمالها ونقصانها. ومحبة تنشأ عن جمال المحبوب وكماله، فتوجب عبودية وطاعة أكمل من الأولى، ولله سبحانه كلا النوعين
فكونه سبحانه أهلا أن يعبد ويحب ويحمد ويثنى عليه أمر ثابت له لذاته، فلا يكون إلا كذلك، كما أنه الغني القادر الحي القيوم السميع البصير، فهو سبحانه الإله الحق المبين، والإله هو الذي يستحق أن يؤله محبة وتعظيما، وخشية وخضوعا، وتذللا وعبادة، فهو الإله الحق ولو لم يخلق خلقه، وهو الإله الحق ولم لم يعبدوه، بل إلهيته وحمده ومجده وغناه أوصاف ذاتية له يستحيل مفارقتها له، كحياته ووجوده وقدرته وعلمه وسائر صفات كماله.
فالله سبحانه يعبد ويحمد ويحب لأنه أهل لذلك ومستحقه، بل ما يستحقه سبحانه من عباده أمر لا تناله قدرتهم ولا إرادتهم، ولا تتصوره عقولهم، ولا يمكن أحد من خلقه قط أن يعبده حق عبادته، ولا يوفيه حقه من المحبة والحمد. ولهذا كان أكمل خلقه محمد ﷺ يقول: «لا أحصي ثناء عليك». وتقول الملائكة وهم أعبد الخلق: «سبحانك! ما عبدناك حق عبادتك».
#عقيدة
#توحيد_الألوهية
الدعوة إلى التآخي والإصلاح بين الأديان والملل من جملة أقوال المنافقين ..
قال ابن أبي حاتم ١٢٤ - حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ أبو غسان محمد بن عمرو، ثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، قال: فيما حدثني محمد بن أبي محمد، عن عكرمة أو سعيد بن جبير عن ابن عباس ﴿وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون﴾
«أي إنما نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب. يقول الله: ﴿ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون﴾».
التعلم من الأخطاء لا يكون بالشعارات فقط، بل يكون بترك العمل المنكر وفعل ضده من المعروف!
وهذا أبو ذر رضي الله عنه كما في الصحيحين خاصم عبده فعيّره بأمه الأعجمية، فلما علم النبي ﷺ قال موبخا أبا ذر: «إنك امرؤ فيك جاهلية»، فكان من توبة أبي الذر رضي الله عنه أن صار يلبس غلامه حلة كحلته، فانتقل من شيء من الإساءة إلى غاية الإحسان، فتأمل!
الحكمة من تقدم الإسراء على المعراج
قال قوام السنة الأصبهاني:
«أَن ابْتِدَاء أمره ﷺ كَانَ بالإِسراء من الْمَسْجِد الْحَرَام إِلَى الْمَسْجِد الْأَقْصَى، والعروج إِنما كَانَ بعد ذَلِك، فَلَو أخبر النَّبِي ﷺ بالعروج ابْتِدَاء لم يصدقوه، فأسراه اللَّه ابْتِدَاء إِلَى بَيت الْمُقَدّس حَتَّى شَاهده وَرَآهُ، ثُمَّ عرج بِهِ مِنْهُ إِلَى السَّمَاء وَأرى مَا أرى من الْعَجَائِب، فَلَمَّا نزل وَأخْبر قومه من الْغَد بالإسراء قَالُوا لَهُ: كَيفَ رَأَيْت بَين الْمُقَدّس؟ فَطَفِقَ يُخْبِرهُمْ بذلك فَلم يُمكن أحدا مِنْهُم رأى بَيت الْمُقَدّس أَن يُنكره، وسألوه عَن خبر العير؟ فَأخْبرهُم فَكَانَ ذَلِك كالحجة اللَّازِمَة لَهُم فِي قبُول خَبره وتصديق مقَالَته، هَذَا هُوَ الْحِكْمَة فِي تَقْدِيم الإِسراء عَلَى الْمِعْرَاج».Читать полностью…