أثبت الناس في الرواة المشاهير
من شرح علل الترمذي لابن رجب
لا يوجب المالكية والحنابلة الوضوء من الملامسة -وهو التقاء البشرتين- إلا بشرط وجود اللذة (والعلة عندنا أنه يفضي إلى خروج المذي)، ويدلك على اعتبار الشهوة في اللمس ما رواه الطبراني عن إبراهيم عن عبد الله بن مسعود قال: «الملامسة ما دون الجماع أن يمس الرجل جسد امرأته بشهوة ففيه الوضوء»، وأما القبلة في الفم فنوجب الوضوء منها مطلقا إذ هي ملازمة للذة.
خلافا للشافعية الذين يعتبرون في الملموس دون اللمس، فيرون أن الوضوء ينتقض بلمس الجنس الذي يُقصد باللذة عادة -وهم النساء- سواء وُجدت اللذة أم لم توجد حال اللمس.
ولهذا تفرع عن الخلاف في العلة ها هنا ثلاثة خلافات:
- الأول: الخلاف في لمس الأمرد هل ينقض الوضوء أم لا، فذهب الشافعية إلى أنه لا ينقض مطلقا، ومذهب أصحابنا أنه ينقض إن كان بشهوة.
- الثاني: الخلاف في لمس ذوات المحارم، فهو عند المالكية -خلافا للشافعي في أحد قوليه- لا ينقض الوضوء، لأنه لمس بغير لذة، فأشبه مس الرجل، بدليل ما رواه البخاري ومسلم عن أبي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قال:
«أن رسول الله ﷺ كان يُصَلِّي وهو حامل أُمَامَةَ بنت زينب بنت رسول الله ﷺ».
مركزية الأسماء والصفات بين أهل السنة وأذناب مدرسة المنار 👇🏻
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله عن أسماء الله:
«هذا الأصل هو أعظم أصول التوحيد، بل لا يقوم التوحيد ولا يتم ولا يكمل حتى ينبني على هذا الأصل، فإن التوحيد يقوى بمعرفة الله، ومعرفة الله أصلها معرفة أسمائه الحسنى وما تشتمل عليه من المعاني العظيمة والتعبد لله بذلك».
إنَّ الفَلسفةَ وما فيها من تبايُن الآراء وتشعُّب الأهواء في قضايا المعرفة والوجود والإلهيات، لأدلُّ دليلٍ وأبلغُ شاهدٍ على قُصور العقل وضيق أفقِه، وأنَّهُ مهما حَلَّقَ في سماء الفكر وسما إلى أعالي العلم، فإنَّهُ لن يَبلُغَ حقًّا خالصًا ولا يقينًا ثابتًا في دقائق الأمور إلا بوحيٍ من ربِّ العالمين.
#خاطرة
تنبيه على موافقة العمراني للأشاعرة في التحسين والتقبيح
قال العمراني الشافعي:
«وأما قول المخالف: فلا يجوز أن يحمل الآية على الإضلال لأن ذلك قبيح والله تعالى لا يأتي بالقبيح.ثم أورد شبهات لا تقوم بها حجة لنصرة قوله.
فيقال: هذا أصل مذهب القدرية الفاسد الذي بنوا عليه قولهم، وهو أنه لا يجوز من الله إلا ما يجوز من المخلوقين من الأفعال فما كان قبيحاً من أفعالنا كان كذلك من أفعاله، وهذا خطأ لأن القبيح إنما كان قبيحاً منا بمخالفتنا للأمر والنهي، فالشرع هو الذي قبح القبيح وحسن الحسن، وليس فوق الله سبحانه من يأمره وينهاه فيكون فعله بمخالفة ما أمر به قبيحاً يتعالى الله عن ذلك».
الرَّدُّ على من يُكفِّرُ بعض الأعيان بـ«مَن سَلَفُكَ في تَكْفِيرِ هذا المُعَيَّن»، هو من بِِدَع العَوَام، ومُحْدَثَات الجُهَّال؛ والعُلَمَاء إنما يسْأَلُون عن سَلَفِك في القاعِدَة التي أدَّى طَرْدُها إلى تَكفيرِ ذاك المُعيَّن، أو يُنَازع في ثُبوت المناطِ عليه.
#خاطرة
من الناس من يلزم مجافاة الكلام في أبواب التقصير العام التي يطرقها الوعاظ ، ولا تخطئ عين الناظر ولعه بدقائق الهوى الداخلة على المتشرعة ، وما يُخِلون به من المصالح والمفاسد ، ودقيق الفقه = مما يظنه حسن نظر وبعد غور.
وما أكثر ما يحمل على ذلك دسائس من خفي الكبر ، والأنفة عن المطروق المعلوم العام الورود ، والتلذذ بعلوم الخاصة التي لا يتفطن لها أكثر الخلق ، وأشباه هذه الآفات التي تعرض للأذكياء والمثقفين حديثا ، وكانت تعرض للفلاسفة قديما فتحملهم على أنواع يختصون بها من التدين واعتناق المقالات وسبل الاحتجاج.
وما أحرى بذي الديانة من محاذرة هذه المزالق فإنها لا تهلك إلا من يظن أنه في سوق التحقيق صاحب الكسب الأعظم ، وهو المصروف عن الخير على الحقيقة.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «مَنْ أَرَادَ الْعِلْمَ فَلْيُثَوِّرِ الْقُرْآنَ؛ فَإِنَّ فِيهِ عِلْمَ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ». اهـ صحيح، رواه مسدد وأحمد وابن المبارك
Читать полностью…
كراهة التسمية بجبرائيل وميكائيل وإسرافيل
• جاء في البيان والتحصيل (١٨/٥٩):« وسئل مالك عن الرجل يسمى جبريل، فكره ذلك ولم يعجبه وقال: ﴿إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ﴾ وهذه الأمة الذين اتبعوه ».
معناه الحض على الاقتداء بهم في ترك التسمية بذلك.
• قال أبو عمر الكندي في كتاب الولاة والقضاة ت رفن (١/٤٧٤): أخبرني عمي، قال: « شهد رجل عند الحارث فقال له الحارث: ما اسمك؟ قال: جبريل: قال له الحارث: لقد ضاقت عليك أسماء بني آدم حتى سميت بأسماء الملائكة ... ».
• قال حميد بن زنجويه كما في شرح السنة للبغوي (١٢/٣٣٦): « ويكره التسمي بأسماء الملائكة مثل جبريل وميكائيل، لأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد كره ذلك، ولم يأتنا عن أحد من الصحابة ولا التابعين أنه سمى ولدا له باسم أحد منهم ».
- قلت: ما ورد في النهي عن عمر رضي الله عنه لا يثبت، وفي الباب احاديث مرفوعة لا تثبت كذلك، وقد جاء عن حماد بن أبي سليمان القول أنه لا بأس بتسمية جبريل، وميكائيل كما نقله عنه معمر في جامعه ط التأصيل (٢٠٩١٠) وكذلك جاء عمن بعد الصحابة والتابعين.
والصواب الكراهة لأن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم تركوا التسمية مع وجود الداعي لذلك وهذا أصل من أصول الفقه فهذه أسماء ملائكة عظام من خير خلق الله عز وجل الكثير يود التسمية بهم فلا تترك التسمية بهم هكذا إلا لشيء مثل خصوصية هؤلاء الثلاثة بهذه الأسماء دون غيرهم، لذلك مثلا يوجد من اسمه مالك في الصحابة والتابعين على اسم مالك خازن النار ولا يوجد على اسم هؤلاء الثلاثة.
فلهذا الأولى أن نتبع الصحابة والتابعين رضي الله عنهم الذين أمر الله عز وجل باتباعهم وأن نترك هذه التسميات كما تركوها وإن لم ندرك السبب والعلة تماما فهذا غاية الإحسان في الاتباع ونسأل الله ان يجعلنا لهم متبعين بإحسان في كل شيء.
وأمر آخر يضاف أن معنى هذه الأسماء كما جاء عن علي بن الحسين، قال: « اسم جبريل عبد الله، واسم ميكائيل عبيد الله، واسم إسرافيل عبد الرحمن؛ وكل معبد بإيل فهو عبد الله » أخرجه الطبري (٢٩٧/٢) وجاء نحوه عن ابن عباس وغيره.
فالأولى التسمي بهذه الأسماء العربية كما صنع القوم وترك ما تركوه، لاسيما مع ورود الفضل في تسمية عبد الله وعبد الرحمن فهي أحب الأسماء لله عز وجل كما ذكر النبي ﷺ فيما رواه مسلم (٢١٣٢) وغيره.
هذا والله أعلى واعلم
#الفقه
ولهذا لا نرتضي طريقة أغلب الدعاة مثل إياد القنيبي وسامي عامري في نقد النظرية بمعارضتها بالثغرات في السجل الأحفوري ونحوه، فما على الدراونة إلا تعديل النموذج ومن ثم يختفي الاشكال! لأن طبيعة أدلة نظرية دورانية أصلا، مما يجعلهم لا يجدون حرجا من تأويل المشاهدات المخالفة للنموذج الحالي فيما يُعرف ب(ad hoc explanation)، وبالتالي لا يمكن لأي بيانات أن تفند النظرية لأنها تتكيف باستمرار لتشمل جميع الاحتمالات.
Читать полностью…
- كيف تستنكرون عمل المرأة وترغبون في وجود طبيبات توليد؟
- وأنتِ، ما العمل الذي تطمحين إليه؟
- عارضة أزياء.
حياكم الله بالسلام.
القصد: على سبيل المثال هب أنك تعيش في منطقة معينة حيث كل البجع الذي رأيته في حياتك أبيض، كل بجعة رأيتها يدخل فيما سميته "جزئيات"، مع تراكم عدد المشاهدات للبجع منذ زمن طويل يمكنك أن تقول: «كل البجع في منطقتنا أبيض»، بعض الفلاسفة قالوا هذا إطلاق غير صحيح لأنه استقراء ناقص، ولا يمكنك القفز من معرفتك بحزئيات إلى عبارة كلية.
وأهملوا أن إطلاقك هذا مبني على منطق عقلي صحيح هو أن استفاضة العادة كشف لنا عن نمط ونظام سببي بين المنطقة الجغرافية التي تعيش فيها ولون البجع، والمنطقة الجغرافية هي "حيز الاستقراء" في هذا المثال.
وإياكم أخي الكريم.
المنطق العقلي الذي يقوم عليه مبدأ الاستقراء الذي لم يفهمه هيوم وبوبر وغيرهم:
أن العلم بمجموعة جزئيات في حيز معين بتراكم واستفاضة العادة، يُمَكِّن من الكشف عن نمط ونظاميات سببية داخل هذا الحيز، وعلى هذا الأساس يطرد العقل ذلك بلِحاظ النمط بما يُمكن من التنبؤ بالمستقبل داخل هذا الحيز.
روى الطبري عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا﴾
«إِنَّ اللَّهَ عز وجل لَيْسَ يُعَذِّبُ أَحَدًا حَتَّى يَسْبِقَ إِلَيْهِ مِنَ اللَّهِ خَبَرًا، أَوْ يَأْتِيَهُ مِنَ اللَّهِ بَيِّنَةٌ، وَلَيْسَ مُعَذِّبًا أَحَدًا إِلَّا بِذَنَبِه».ِ
«وقوله ﷺ: (لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله) لا يناقض قوله تعالى: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾.
فإن المنفي نُفي بباء المقابلة والمعاوضة، كما يقال: بعت هذا بهذا.
وما أثبت أثبت بباء السبب، فالعمل لا يقابل الجزاء وإن كان سببًا للجزاء، ولهذا من ظن أنه قام بما يجب عليه، وأنه لا يحتاج إلى مغفرة الرب تعالى وعفوه فهو ضال».
المشاهير في اليوتيوبِ ومواقعِ التواصلِ الذينَ يُشغِلونَ أبناءَ المسلمين بالألعابِ والأفلامِ وأنواعِ اللهوِ الذي لا طائلَ منه، لو أنهم نشروا روابطَ لدعمِ إخوتِنا المستضعَفينَ في غَزَّةَ والسُّودانِ لكانَ خيرًا لهم وللمسلمين..!
هذه روابط من موقعِ العونِ المباشرِ -وهو موثوق- 👇🏻
إغاثة إخواننا في غزة
إغاثة متضرري الأزمات في السودان
شاركوا المنشور عسى أن يُصادِفَ أحدَهم فيتذكرَ ويعتَبِرَ..
غرابة ظاهرة الغزو الفكري اليوناني للمسلمين..
قال د. سفر الحوالي:
«إن الدارس لتاريخ الفكر الإسلامي عامة يجد أن أكبر غريبة وفدت عليه وامتزجت به وتركت فيه أبلغ الأثر - شكلا ومضمونا - هي ظاهرة الغزو الفلسفي الإغريقي!!
حقا إن أكبر حرب نفسية وفكرية أثيرت على الإسلام هي الغزو الفكري الحديث، الذي وفد مع الحملات الصليبية المسماة "الاستعمار".
غير أن هذا الغزو - وإن كان لا مبرر لقبوله على الإطلاق - له تفسير معقول، وهو التفاوت الكبير في مستوى التقدم الحضاري بين الأمتين المتصارعتين.
فأمة تعاني من ضعف مزمن في كل مجالات الحياة ليس غريبا أن تخضع لغزو أمة قوية قاهرة حققت - وفق سنة الله الكونية - من الكشوفات والصناعات ما لم يكن الخيال البشري يحلم به من قبل.
أما الظاهرة المستعصية على العقل، الغريبة في تاريخ الإنسانية، فهي أن تتقبل أمة حية قوية تملك مصدرا مستقلا للمعرفة والثقافة غزوا فكريا من أمة بائدة.
ويكون الأمر أكثر استعصاء وغرابة إذا كانت الأمة المتقبلة للغزو هي أمة الوحي النقي والتوحيد الخالص، اللذين فتحت بهما قلوب الأمم، وحطمت طواغيت العالم، وبلغت من الاستعلاء بالحق ما لم تبلغه أمة قط ومع ذلك تتقبل الغزو من تراث مندثر لأمة مشركة منقرضة!!».
«يا له من إله فقير هذا الإله الذي يعتقد به أرسطو! إنه مَلِكُ لا يفعل شيئًا، ملك بالاسم لا بالفعل!».
«لا بد من محرك لم يتحرك، ولا يتحرك، وحينئذ، يصح أن يكون أصلا للمحركات المتحركات».
ذكر جهمية اليهود..
دين أتباع الأنبياء: إثبات مفصل ونفي مجمل.
دين الفلاسفة: لا يوصف الإله إلا بالسلوب والاضافات.
قال موسى بن ميمون القرطبي اليهودي الفيلسوف (530 هـ/ 603 هـ):
«اعلم أنّ وصف الله جل بالسوالب هو الوصف الصحيح الذي لا يلحقه شيء من التسامح، ولا فيه نقص في حق الله جملةً ولا على حال، أما وصفه بالإيجاب : ففيه من الشرك والنقص ما قد بيناه، وينبغي أن أبين لك أولا : كيف هي السوالب صفات على جهة ما، وبأي شيء تفارق صفات الإيجاب، وبعد ذلك أبين لك : كيف ليس لنا طريق في وصفه إلا بالسوالب لا غير.
ثم قال: إنّ الله على قد تبرهن أنه واجب الوجود لا تركيب فيه. وليس ندرك إلَّا إِنَّيَّتَه -يعني ثبوته- فقط، لا ماهيته، فيستحيل أن تكون له صفة إيجاب؛ لأنه لا إنّية له خارجًا عن ماهيته، فتدل الصفة على جزئيها، ناهيك أن تكون له أعراض، فتدل الصفة أيضًا عليها، فلا صفة إيجاب.
أما صفات النفي: فهي التي ينبغي أن تُستعمل لإرشاد الذهن لما ينبغي أن يُعتقد فيه تعالى؛ لأنها لا يلحق من جهتها تكثيربوجوه، وهي تُرشِدُ الذهن لغاية ما يمكن الإنسان أن يُدركه منه تعالى؛ كنفي العدم، والموت، والجسمية، ونفي سبب أوجده (قدیم)، ونفى العجز (قادر) ، والجهل (عالم)، وغير ذلك».
النوم عند المالكية وجماهير الفقهاء -سوى قول بعض الشافعية- ليس حدثا في نفسه، وإنما هو مظنة الحدث، بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم علل انتقاض الوضوء باستطلاق الوكاء، فدل أنه ليس حدثا في نفسه.
ولهذا فالصواب أنه ينقض كثيره ولا ينقض قليله، وبهذا التفصيل تجتمع الأدلة، إذ ثبت في حديث ابن عباس في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل إلى ميمونة، فنام عندها حتى سمع غطيطه، ثم صلى ولم يتوضأ.
وعلى هذا إجماع الصحابة، روى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:
«كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على عَهدِه ينتظرون العشاء حتى تَخْفِقَ رُءُوسُهُمْ، ثم يصلُّون ولا يَتَوَضَّئُونَ».
أهم أصلٍ تشتركُ سائرُ الأيديولوجياتِ والأديانِ في مخالفتنا فيه هو الغايةُ من الحياةِ، وعليهِ تتفرعُ كثيرٌ من الخلافاتِ التي لن تُحسمَ إلا بتحريرِ هذا الأصلِ..
فالمقصودُ والغايةُ من الحياةِ عندنا معاشرَ المسلمين: معرفةُ ربِّ العالمينَ، والتَّمييزُ بين مواقعِ رضاهُ وسخطهِ، واستفراغُ الوُسْعِ في التقرُّبِ إليهِ وعبادتهِ سبحانهُ.
ووجودُ الدينِ وأثرهِ في النفوسِ، عندما ركدتْ ريحُهُ، وخبتْ مصابيحُهُ في بلادِ الغربِ، غرقَ الغربيونَ في اللاكتراثية على إثرِ نشأتهم في أنظمةٍ علمانيةٍ.ولما لم يجدوا معنى موضوعياً للحياةِ، اخترعوا معانٍ وغاياتٍ يُسكِّنُ الواحدُ منهم بها قلقهُ الوجوديَّ وفراغهُ الروحيَّ، مثل «التقدُّمِ العلميِّ»، و«خدمةِ الوطنِ»، والحلمِ الأمريكيِّ عموماً، ونحوِه مما لا يقومُ على أساسٍ عقليٍّ وفطريٍّ متينٍ، يقدرونَ على أساسهِ إلزامَ غيرِهم بالتسليمِ بهذا المعنى. بل لو سُئلَ أحدُهم عن المبررِ العقليِّ لهذا المعنى المُخترع لما أحسنَ الإجابة، ومثلُهُ كمثلِ سرابٍ بقيعةٍ، يحسبُهُ الظمآنُ ماءً، حتى إذا جاءهُ لم يجدهُ شيئاً...
وهذا مشتركٌ بين كلِّ الأيديولوجياتِ من نسويةٍ وليبراليةٍ ونحوِهما، وإذا سقطَ ما يزعمونهُ غاياتٍ للحياةِ، وثبتَ قولُنا؛ سقطتْ معهُ عامةُ إشكالاتِهم على شرائعِ الدينِ، إذ هي ناشئةٌ بالتأسيسِ على ما يزعمونهُ معنىً للحياةِ.
«العلمَ بالله أصلُ كلِّ علم، وهو أصلُ علم العبد بسعادته وكماله ومصالح دنياه وآخرته، والجهلُ به مستلزمٌ للجهل بنفسه ومصالحها وكمالها وما تزكو به وتفلحُ به، فالعلمُ به سعادةُ العبد، والجهلُ به أصلُ شقاوته».
من المقدمات المضمرة في طرْحِ من يُهَوِّنُ من شأنِ الاعتقادِ في الأسماءِ والصفاتِ، أنَّ: العِلْمَ بإطلاق وسيلةٌ، والعملُ هو الغايةُ.
وهذا ليس من مذهبِ أهلِ السنةِ في شيءٍ، فكُلٌّ مِنَ العِلْمِ والعملِ يَنْقَسِمُ إلى قِسْمَيْنِ؛ منه ما يكونُ وسيلةً، ومنه ما يكونُ غايةً، فليس العلمُ كُلُّهُ وسيلةً مُرادَةً لِغَيْرِهَا، فإنَّ العلمَ باللهِ وأسمائِهِ وصفاتِهِ مَطْلُوبٌ مُرَادٌ لِذَاتِهِ، قال تعالى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾.
وقال الباري جلَّ ثناؤُهُ: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا﴾.
فأخبر سبحانه، أنه خلق السماواتِ والأرضَ، وأنزل الأمرَ بينهنَّ؛ ليعلَمَ عبادُهُ أنه على كلِّ شيءٍ قديرٌ، وأنه قد أحاطَ بكلِّ شيءٍ علمًا، فهذا العِلْمُ هو غايةُ الخَلْقِ ونهايتُهُ، وذروةُ سَنامِهِ ومَرامُهُ.
بين الميثولوجيا البابلية واستحقاق البشر للحياة..
في ملحمة «إنوما إليش»، خَلَقَ الإلهُ مردوخ البشرَ مِنْ دَمِ إلهٍ مهزومٍ بهدف أن يكونوا خدَّامًا للآلهة، مما يمنح الآلهة وقتًا أكثر للراحة والاحتفال (تعالى ربُّ العالمين).
هنا لنا أن نسأل: هل يمكن تبرير أحقية البشر للحياة وفق هذا التصور الوثني؟
وهذا يأخذنا إلى سؤال فلسفي آخر: من أين تكتسب حياة البشر قيمتها؟ لا يبدو -كما هو ظاهر- أن هذه من صفة الحياة في ذاتها؛ إذ ليس كل حيٍّ مستحقًّا للحياة، وإلا لَزِمَ تسوية حياة الدواب بحياة البشر، وهذا ليس قولًا لأحد.
والحقُّ أن لا أساسَ لتبرير أحقية البشر بالحياة إلا بالإيمان بربٍ كاملٍ في الغيب، خلقنا وأكسب حياتنا هذه القيمة، بيده مقاليد الأمور، ولا يحقُّ لأحدٍ سواه الإحياءَ والإماتةَ جلَّ في علاه، وهو الذي يحدد القتل بحقٍّ من القتل بغير حقٍّ.
قال الجيولوجي آدم سيدجويك:
«ولكن عليّ أن أبتدئ بالقول أن نظرية داروين ليست استقرائية، فهي لا تقوم على سلسلة من الحقائق المعترف بها التي تؤدي إلى استنتاج عام، وليست مقولة تستنبط من الحقائق منطقياً، وتشملها بالطبع. وكما قيل في القديم، أنظر إلى هذه النظرية كهرم عظيم يرتكز على قمته (أي قيام الهرم على رأسه)».
كلمات جامعة في شأن حركة الأرض:
يَنبَغِي أَن يُعلَم أَن القَول بأَن حركة الأرض «حَقيقة عِلمِية» “scientific fact” فيها قدر كبير من التَجوّز، فغاية أمره أنه نموذج تَفسِيري Explanatory Model هو أكثر النماذج -من بين النماذج المُقدَمة أكاديميًا- اتساقًا مع المشاهدات، وأسهلها من الناحية الرياضية، مما جعله أنفعها أداتيًا instrumentally.
ولكن هل اتساق consistency النموذج التَفسِيري يُوجِب مُطابقته للواقع؟ كلا، وإنما غاية الأمر أن يدل ذلك على مُشابهته للواقع من بعض الأوجه.
فطبيعة ما يدعون أنه أدلة على حركة الأرض مثل بندول فوكو وتأثير كوريوليس وغيره، ليست أدلة تُعَيِّن المطلوب بحيث لا يُصار إلى غير ذلك النموذج، ويُقطع احتمال أي نموذج تفسيري آخر..!
ففي مثال بندول فوكو، ما أدرانا أن الأرض لو كانت ثابتة لاستمر البندول في التأرجح في نفس الاتجاه؟ ما المانع من أن يكون المؤثر في التأرجح قوة خارجية أخرى لا نعرفها؟ وما أدرانا أن الأرض لو تحركت لكان تأثيرها على ذلك النحو، ونحن ليس لدينا استقراء لتأثير حركة الأجرام على الموجودات الموجودة داخلها!
والحقيقة العلمية أمر نجزم بمطابقتها للواقع، وهو ما كان دليله عبارة عن حس صريح (مشاهدة مباشرة)، أو حس مؤول يعود لحس صريح (قياس الشيء على نظيره).
يا طالب العلم، دَعْ عنك الخصومات، واعلم أنه لا يلزمك اتخاذ رأي وموقف في كل نازلة ونزاع. بل حتى لو تيقَّنت من صدق قولك وسداد رأيك، فتحلَّ بلباس الورع، وتسلح بدرع الحذر. فالعلم كثير، والعمر قصير، فاشتغل بما ينفعك.
Читать полностью…
«قال بعض العلماء: أول فرض فرضه الله تعالى على خلقه معرفته، فإذا عرفه الناس عبدوه قال الله تعالى: ﴿فَاعْلَم أَنه لَا إِلَه إِلَّا الله﴾، فينبغي للمسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق عظمته».
