فائدة
الرزق بمعنى ما يُساق إلى الأعضاء من الطعام ونحوه، يكون من الحلال والحرام، والله رازقه بهذا الاعتبار، خلافا للمعتزلة فإنهم قالوا: الحرام ليس برزق، ورد عليهم بعضهم بمثل ضربوه فقالوا: هب أن صبيا سرقه لصوص من والدته، فأطعموه مما سرقوا، ثم مات ذلك الصبي، فعلى أصل المعتزلة لم يستوفي الصبي شيئا رزقه، وهو ظاهر البطلان.
قال بعض غلاتهم: من خالف خليل فليس بمالكي
قلت:
في الترجيح بين الروايات عن إمام المذهب بالنظر في الأدلة
قال أبو بكر بن العربي المالكي:
«فأما أنتم الآن فقد وقعتم على الحديث وقد تعيَّن عليكم أن تقولوا بإحدى روايتيْ مالك الموافقة للحديث».
الدال على الخير كفاعله (٢)
كيف تحقق تفسير آية من كتاب الله؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسل الله وبعد:
١) الخطوة الاولى: أول ما أنصح به أن يطلع المرء على التفسير من بعض المختصرات، والمختار عندي ثلاثة:
❁ تفسير السعدي: والشيخ عبد الرحمن له شخصية علمية فريدة جدا، فلا يخلو تفسيره لأي آية من نكت ولطائف ما أشبهها بطريقة شيخ الاسلام وتلميذه، حتى أنه في غير موضع يطرد قواعدهم ويستخرج فوائد، مثل تطبيقه لقاعدة النفي في سياق المدح يقتضي إثبات ضد المنفي في قوله تعالى (لا ريب فيه)، فقال أن نفي الريب يقتضي إثبات ضده وهو اليقين.
❁ تفسير السمعاني: وفيه أيضا إفادات جميلة في اللغة وغيره، وطرح استشكالات وإجابتها، وكثير من الفوائد كنت أجدها عند القرطبي والبغوي وأصلها من السمعاني، وليست كل تحريراته صحيحة وستستنتج هذا لوحدك بعد قرائتك لآثار السلف كما سيأتي
❁ تفسير البغوي: وهذا تفسير مختصر فيه اختصار لمادة الثعالبي، وهو نافع في باب القراءات، وعامة ما ينقل من الآثار عن السلف ليست بشيء ولا أسانيد لها فلا تعتمدها.
٢) الخطوة الثانية وهي الأهم: ستقرأ أهم الكتب الآن وهي:
❁ تفسير الطبري: وهو غني عن التعريف، وهو أعظم تفسير كُتب في الاسلام، ففيه أخبار السلف، والترجيح بينها، والجمع بين ما اوهم التعارض، وفيه اللغة والفقه وإيراد الاستشكالات وجوابها، ولا يستغني عنه طالب علم البتة.
❁ تفسير ابن أبي حاتم: وهو الآخر غني عن التعريف، كثيرا ما ينفرد بروايات عن الطبري، أو يروي ما روى الطبري بإسناد أقوى، وإذا وُجد إجماع فإنه ينقله، وليس في كتابه أثر منكر المتن والله الحمد.
❁ تفسير ابن كثير: وهو الآخر غني عن التعريف، وهو نافع في أمور: جمع شتات الآثار، والأحاديث المرفوعة والحكم عليها صحة وضعفا، وتفسير القرآن بالقرآن، ولا أعرف فيه عيبا سوى توسعه في نسبة الآثار لإسرائيليات.
❁ موسوعة التفسير بالمأثور: وهذا كتاب معاصر نافع فيه جمع منقطع النظير لكل ما روي من الآثار في تفسير الآية الواحدة، وأنت ستكون مررت على ٨٠ % من مادته من الطبري وابن أبي حاتم، ولكن لا يستغنى عنه أبدا، فأحيانا يحيى بن سلام أو ابن المنذر أو عبد الرزاق أو أمثالهم ينفردون، وهذا الكتاب جامع لكل ما وُجد حتى من الكتب المفقودة مثل تفسير عبد بن حميد وغيره، اعتمادا على نقل السيوطي في الدر المنثور.
٣) الخطوة الثالثة وهي إثرائية فقط:
❁ تفسير ابن القيم: وهو جمع لكلامه من كتب متفرقة، فيه إفادات وتدبرات يندر أن تجدها عند غيره
❁ تفسير أضواء البيان: وهو جيد جدا في تفسير القرآن بالقرآن، وجواب ما أوهم التعارض من الآيات
❁ فتح القدير للشوكاني: وطريقته تشبه ابن كثير، وهو معتن بما روي من المرفوع والحكم عليه، وأراه مستوعبا لمادة اللغويين ولبعض المطولات كالقرطبي (وأنا لم أنصح بالقرطبي لأنه يطيل ولكثرة الخطأ في تفسيره، وكثير ممن جاء بعده استوعب مادته ولخصها)
❁ في باب اللغة العودة للمعاجم المتقدمة مثل تهذيب اللغة لأزهري ونحوه فيه إفادة أكثر، أما التفاسير المتخصصة في اللغة فيوجد كتاب أبي حيان وهو يغرب أحيانا، ويوجد البسيط للواحدي وهو أفضل، وله تحقيق جيد يذكر مصادره يتعقبه إن أخطأ. أما التحرير والتنوير ففيه إفادات وهو مستوعب لمادة من سبقه من البلاغيين وزيادة، ولكنه محشو بالتجهم، وخطئه أكثر من صوابه، ولو هذبه سني لكان خيرا من الأصل.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
مناقشة أخرى سريعة للسيد باسم بائع الورد:
يرد الأخ كلام الشيخ في محمد بن عبد الله بن إدريس بحجتين:
1) ينقل رواية عن أحمد من الورع للمروذي
ولا أدري هل ما صنع تدليس أم سوء فهم؟ فإن هذا هو سياق الرواية: قال المروذي:
«سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان محمد بن عبد اللَّه بن إدريس يؤمُّنا، وكان منقبضًا، يصلي ثم يدخل. قلت له: أجيز ابن إدريس؟ فقال له: إما أن تختارني، وإما أن تختار المال. فرد المال. فقال: أما الذي كان؛ فإنه بعث إليه بمال يفرقه، فرده ولم يقبله.
قال المروذي: سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان محمد أفضل من أبيه؛ عبد اللَّه بن إدريس».
[إن أمر محمد ﷺ كان بينا لمن رآه]
قال ابن أبي حاتم ٦٦ - حدثنا أحمد بن سنان، ثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: ذكروا أصحاب محمد وإيمانهم عند عبد الله -بن مسعود-، فقال عبد الله:
إن أمر محمد كان بينا لمن رآه، والذي لا إله غيره، ما آمن مؤمن أفضل من إيمان بغيب، ثم قرأ: ﴿الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالغَيْبِ﴾ إلى قوله: ﴿يُنْفِقُونَ﴾. اهـ صحيح على شرط مسلم.Читать полностью…
كان أجدر بك أن تتمعن كلمة "الاتساق" في آخر المنشور.
أنت نفسك تنقل في تويتر رواية "عن الصلت بن دينار" أن الحجاج قال "والله إن كان سليمان لحسودًا"، وتذكر ذلك تحت عنوان "جزء في ذكر من كفر الحجاج وذكر بعض كفرياته".
كيف تعمل الماكينة لديك؟ تشتغل بالحديث وتحتج على كفر رجل بالمناكير؟! بحثتَ عن الصلت بن دينار، أم هو مجرد الحشو؟
مما قيل في الصلت بن دينار:
الدارقطني: متروك
أبو حاتم بن حبان البستي: ممن يشتم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
أحمد بن حنبل: متروك الحديث، ترك الناس حديثه
أحمد بن شعيب النسائي : ليس بثقة
علي بن الجنيد الرازي : متروك.
أنت كن واعيا بالحديث، وبالرجال، ولا تحتج بمناكير - يشتمون الصحابة- على تكفير البعض هنا وهناك، ثم موضوع الوعي التاريخي فذا يأتي تباعا 🌹
مكانة الإمام السدي في التفسير
قال ابن أبي حاتم [الجرح والتعديل (2/ 184)] حدثنا عبد الرحمن، حدثني أبي، ثنا عبد المؤمن بن علي قال: أخبرني دبيس بن حميد الملائي قال: سمعت شريكا يقول:
ما ندمت على رجل لقيته أن لا أكون كتبت كل شيء لفظ به إلا السدي، [قال أبو محمد: يعني السلف الماضين] .
ما أشبهه بتفسير القوم.
قال إسماعيل بن أبي خالد: هو أعلم بالتفسير من الشعبي
ردا على محبي الإغراب الذين زعموا حرمة إطلاق "موجود" على الله
قال الشاعر الجاهلي معود الحكماء (معاوية بن مالك بن جعفر بن كلاب) كما في الأصمعيات ٧٥ -
١٠ - قالت سمية قد غويت فإن رأت ... حقا تناوب مالنا ووفود
١١ - غي لعمرك لا أزال أعوده ... ما دام مال عندنا موجود
إشكال وجوابه
إن قال قائل: كثير من الألفاظ التي تحكمون عليها بأنها فاحشة وبذيئة، لها مقابل يعبر عن نفس المعنى إلا أنكم لا تحكمون عليه بنفس الحكم، ولا معنى أن يكون الفحش عائدا إلى نفس اللفظ المركب من الحروف، بل لا بد أنه عائد إلى المعنى، وإن وُجدت ألفاظ تعبر عن نفس المعنى ولا تحكمون عليها بالفحش، كنتم في حقيقة أمركم مفرقين بين متماثلين.
الرد الإجمالي: ما ارتبط من الألفاظ بسياق قبيح فهو قبيح، وما ارتبط بسياق حسن فهو حسن، فالكلمة التي يعتبرها الناس فاحشة، ارتبطت في ذهنهم بسياق فاحش مثل الرمي بالزنا ونحوه، فكان المتبادر إلى الذهن منها قبيحا لكثرة تعلقها بذاك السياق.
وتفصيله: نقول وبالله التوفيق: إذا اشترك لفظان في معنى واحد وحكمنا على إحداهما بأنه قبيح وعلى الثاني بضده، فهذا لا يخلو من أن يكون أحد اثنين:
أ - أن يكون معنى اللفظ من قبيل المجمل المتضمن لحالات يكون فيها حسنا وأخرى يكون يكون فيها قبيحا، وهذا مثل القتل، فإنا لا نطلق حسنه أو قبحه، ولكنا نقول: إن كان قتلا بحق فهو حسن، وإن كان قتلا بغير حق فهو قبيح. وكذلك بعض المعاني مثل معنى الجماع يكون حسنا إن كان بين زوجين، ويكون قبيحا إنى كان زنا، وبعض الألفاظ ترتبط عرفا ببعض المعاني دون أخرى، فإن ارتبط اللفظ بمعنى حسن، كان المتبادر إلى الذهن من ذكره مجردا المعنى الحسن لكثرة ارتباطه به في ذهن السامع، وإن ارتبط عرفا بمعنى قبيح كان اللفظ قبيحا، كما أن المتبادر إلى ذهن السامع من قوله (أكلت البيض) أنه بيض دجاج لا بيض بط، لأجل ارتباط ذلك المعنى بهذا السياق.
وكذلك نقول الألفاظ التي ارتبطت بمعنى الجماع الحسن: مثل كلمة جماع نفسها فإن الأصل فيها الحسن، واللفظ الذي يعبر عن نفسه المعنى إلا أنه مرتبط بسياق قبيح كالزنا ونحوه فإنه قبيح، واستعماله لغير ضرورة (كأن يكون السبيل الوحيد لإيصال المعنى) فحش وبذاءة نهى عنها الشرع.
ب - أن يكون معنى اللفظ في نفسه قبيح، إلا أنه يُراد به السب تارة، والتوصيف بوصف مطابق للواقع تارة أخرى، فإن أريد به السب فقبحه ظاهر، وإن أُريد به التوصيف فلا بأس، وهذا يدل عليه السياق وهو الموجود في كتاب الله وكلام الفقهاء.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
تفسير ونكت قوله سبحانه: ﴿ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ ۛ فِيهِ ۛ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ﴾
Читать полностью…في كتابة بعض دور النشر على أغلفة الكتب :
«الآراء التي يتضمنها هذا الكتاب لا تعبر بالضرورة عن نظر المركز»
نقول : هذا في الأصل مأخوذ من بعض دور النشر الغربية وهي ترجمة لعبارة «Disclaimer» والمراد منها التنصل من مسؤولية ما في الكتاب، فهل يغني هذا من المسؤولية الشرعية شيئاً؟ وهل هذا يشفع لهم عند الله من نشرهم لكتب فيها ضلالات وبدع؟
الغربيون عندما يكتبون هذا التنصل فإنما يكتبونه لأنهم قوم لا دين لهم ولا يحكمهم شرع إلا شريعة العالمانيين الديموقراطيين، فالناشر منهم لما كان يخاف على نفسه من التشنيع لنشر شيئ يصادم الذوق العام كتب ذلك التنصل، فهذا هو المقصود منه، أما أن يضع هذا التنصل ناشر مسلم يريد هداية الخلق فهذا لا ينبغي ولا يغني عنهم شيئاً.
هل بلوغ رسالة الإسلام والتوحيد كافية لإقامة الحجة أم يجب أن نقرأ عليهم براهين النبوة لسامي عامري؟!
قال مالك: لا يُقاتل المشركون ولا يبيّتون حتى يُدعوا إلى الله ورسوله، فيسلموا أو يؤدوا الجزية، قال ابن القاسم: وكذلك إن أتوا إلى بلادنا. وقال أيضًا مالك: أما من قرُبت داره منا فلا يُدعوا لعلمهم بالدعوة، ولتطلب غرتهم، وأما من بعدت داره وخيف أن لا يكونوا كهؤلاء فالدعوة أقطع للشك.
المدونة ١/٤٩٦
#فقه
كلام الإمام أبي عيسى الترمذي صاحب السنن في تفسير قول السلف (أمروها بلا كيف) كان ولا زال شوكة في حلق أهل التجهيل..
قال الإمام الترمذي بعد أن روى حديثا يثبت صفة اليمين لله:
«وقد قال غير واحد من أهل العلم في هذا الحديث وما يشبه هذا من الروايات من الصفات ونزول الرب عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا، قالوا: قد ثبتت الروايات في هذا، ويؤمن بها ولا يتوهم ولا يقال كيف؟
هكذا روي عن مالك وسفيان بن عيينة وعبد الله بن المبارك أنهم قالوا في هذه الأحاديث: أمروها بلا كيف. وهكذا قول أهل العلم من أهل السنة والجماعة، وأما الجهمية فأنكرت هذه الروايات وقالوا: هذا تشبيه.
وقد ذكر الله عز وجل في غير موضع من كتابه اليد والسمع والبصر، فتأولت الجهمية هذه الآيات ففسروها على غير ما فسر أهل العلم، وقالوا: إن الله لم يخلق آدم بيده! وقالوا: إن معنى اليد ههنا القوة.
وقال إسحاق بن إبراهيم: إنما يكون التشبيه إذا قال: يد كيد أو مثل يد، أو سمع كسمع أو مثل سمع، فإذا قال سمع كسمع أو مثل سمع فهذا التشبيه.
وأما إذا قال كما قال الله تعالى: يد وسمع وبصر، ولا يقول كيف ولا يقول مثل سمع ولا كسمع، فهذا لا يكون تشبيها، وهو كما قال الله تعالى في كتابه: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾».
https://youtu.be/ff0aofh6urU?si=0wK1tC2gN-okyih6
فيديو مهم في نقد افتراض ثبات سرعة الضوء بغض النظر عن أي إطار المرجعي، وبيان أن هذه الدعوى قائمة على دور منطقي..
فالتجارب أقيمت على سرعة الضوء في اتجاهين two-way speed of light (مثل سرعة الضوء من نقطة إلى مرآة ثم العودة إلى تلك النقطة)، وليس على one-way light speed، وفي الفيديو تفاصيل أكثر..
(يوجد معازف في أول دقيقة فقط، تخطاها)
تيسير مختصر لنقد أهل السنة على المتكلمين في المجاز
المجاز في لسان من تقدم، مثل الإمام أحمد في رده على الزنادقة والجهمية، ومعمر بن المثنى صاحب مجاز القرآن، بمعنى: ما يجوز في اللغة، وليس هو عندهم مقابلا للحقيقة كما ابتدع ذلك المتكلمة من المعتزلة ونحوهم، قال شيخ الاسلام ابن تيمية:
«فمن اعتقد أن المجتهدين المشهورين وغيرهم من أئمة الإسلام وعلماء السلف قسموا الكلام إلى حقيقة ومجاز كما فعله طائفة من المتأخرين: كان ذلك من جهله وقلة معرفته بكلام أئمة الدين وسلف المسلمين».
الدليل العقلي على بطلان ما خالف تفسير السلف من تفسيرات اللغويين..
نقول لكم: غاية أمر اللغويين أنهم ينقلون ما سمعوه من العرب في زمانهم، وما سمعوه في دواوين الشعر وكلام العرب بالإسناد، فهم لا ينقلون عن العرب تعريفات للألفاظ، وإنما ينقلون استعمال العرب للفظ معين، ويستدلون بما نقلوا أنهم أرادوا به كذا وكذا، ولو قُدر أنهم نقلوا ما خالف تفسير السلف، فإن نقلهم آحاد لا يبلغ حد التواتر، فلم يكن ما نقلوا أبلغ من نقل العلماء كافة لكلام الصحابة والتابعين الذي يبلغ عامته حد التواتر المعنوي.
وليس العلم باللغة قبل نزول القرآن بعلم يقيني، بل هو من المظنونات، ولا يضر جهله في فهم القرآن -وإن كان نافعا-، فإن القرآن نزل بلغة قريش، والذين خوطبوا به كانوا عربا، وقد فهموا ما أريد به، وهم الصحابة. ثم الصحابة بلغوا لفظ القرآن ومعناه إلى التابعين، حتى انتهى إلينا، فلم يبق بنا حاجة إلى أن تتواتر عندنا تلك اللغة من غير طريق تواتر القرآن.
باب في أن كل من يقبل الحجاب ويرفض النقاب متناقض
لا بد لمن يقبل الحجاب، ويراه واجبا، ويرى من يلبسه مثاب، ومن تكره آثم، وأنه حسن عقلا وشرعا، أن يقول أن حسنه يعود إلى تحقيقه لقيمة أخلاقية سامية، وصفة هي كمال في المخلوق، ألا وهي العفة (كما دلت على ذلك الأدلة الشرعية أيضا). وإذا كان الأمر كذلك، فهذا يتضمن التسليم بأن: زيادة الستر زيادة في العفة. ولما كان في النقاب زيادة في ستر، لزم أن المنقبة أعف من المحجبة.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم
[إنما هذه الأموال عوار وودائع عندك يا ابن آدم]
قال ابن أبي حاتم ٧٩ - حدثنا محمد بن يحيى، أنبأ العباس بن الوليد، ثنا يزيد بن زريع، ثنا سعيد عن قتادة:
«﴿ومِمّا رَزَقْناهم يُنْفِقُونَ﴾ فأنفقوا مما أعطاكم الله، فإنما هذه الأموال عوار وودائع عندك يا ابن آدم، أوشكت أن تفارقها». اهـ صحيحЧитать полностью…
الخليفي كفقاعة إدعاء.
يرد الخليفي على النقل عن وكيع بأن الخبر رواه "رجل يقال له محمد بن عبد الله بن إدريس" ثم يقول أن الرجل لم يوثقه "عمدة في الجرح والتعديل"، فيريد نفي المقال عن وكيع بهذا الكلام.
عفوًا، من أي دكان تشتري الأحكام على الرجال؟
١- قال المروذي في الورع: "سمعت أبا عبد الله -أحمد بن حنبل- يقول: كان محمد أفضل من أبيه؛ عبد اللَّه بن إدريس" وحال عبد الله بن إدريس عند أحمد ثقة.
هذه واحدة.
٢- عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل فيما كتب إلي قال سمعت أبي: ذكر ابن إدريس قال: كان نسيج وحده.
ثنا عبد الرحمن قال ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: عبد الله بن إدريس ثقة.
فهذا أحمد يوثق عبد الله بن إدريس ويثني عليه بأنه مرضي عنده، ويقول في ابنه "محمد بن عبد الله بن إدريس" أنه "أفضل من أبيه".
ها، كيف حالك في الرجال؟ مع دعوى الحنبلية والتمسح بأحمد حديثا وفقا، تَجهَل توثيق أحمد لمحمد بن عبد الله بن إدريس، ولا تكلف نفسك البحث برصانة قبل أن تزايد، وتسارع لتسجيل موقف هزيل، وحكم على الرجل بأنه لم يوثقه عمدة في الجرح والتعديل، فمن كان وعيه فيما يدعي الانشغال به بهذا المستوى، أيتكلم عن الوعي بالتاريخ لدى غيره؟
ثم تقول "أثنى عليه الحسن بن الربيع، ولكن الحسن نفسه ليس معتمدا في الجرح والتعديل"
فقبل أن تُقدِمَ على تحليلات حديثية بهذه الركاكة، تنبه إلى أن ثناء الحسن بن الربيع: (محمد بن عبد الله بن إدريس كان عندنا أفضل من أبيه) هو نفس ثناء أحمد بالحرف في رواية المروذي (سمعت أبا عبد اللَّه يقول: كان محمد أفضل من أبيه) مع اعتبارك ثناءَ الحسن بن الربيع ثناء معتبرا لولا عدم اعتماده في الجرح والتعديل، فهذا أحمد يثني بنفس كلام الحسن، ويزيد عليه بقوة التوثيق، فهل زال الإشكال وظهر توثيق أحمد لمحمد بن عبد الله وبذا ثبت الأثر عن وكيع يا أبا الوعي المكعب؟ أم أن أحمد غير معتمد أيضا؟ فلم تثير جلبة، قبل أن تبحث وتقرأ؟
ثم الخليفي نفسه يكتب مقالا يخلص فيه إلى رأي، ثم يخالفه، لو سلمنا أن محمد بن عبد الله بن إدريس مجهول، نجد الخليفي نفسه قد كتب عام ٢٠٢٣ في مدونته، بعنوان "التنبيه على أن الآثار الموقوفة لا تعامل كالأحاديث المرفوعة".
ومما ذكر فيه: "التفريق في الحكم على الأخبار بين الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة أو المقطوعة فإن الآثار الموقوفة يتسامح فيها بما لا يتسامح به في المرفوع".
ثم فجأة عندما يأتي النقل عن وكيع، تختفي القاعدة ويتحول منهج التعامل مع الأثر كما يُتعامل مع الحديث بكون الراوي مجهول لم يوثقه عمدة في الجرح والتعديل، فعليه لا يثبت الأثر بحال. هذا تلاعب -من جاهل بالمسألة محل البحث- بعلم الحديث، وقد كنتَ مكفيًا عن التسرع في التعرض لما نشرت، فأولى بك أن تنكس عَلَمك زمنًا وتجهد نفسك فيما تدعيه، على أن تدعي التمسح بالحديث والحنبلية وأن تُقدَّم بلبوس الإمامة في الحديث، فهذا حالك في راو تكلم عنه أحمد في غير موضع مع عصر التكنولوجيا وسهولة الوصول إلى أحوال الرجال، فكيف لو فُتحَ عليك باب النقد على مصراعيه؟ أبو الوعي التاريخي أنت.
ألم تلاحظ أم أنك تعمدت أن لا تلاحظ أن حجة من يكفر الحجاج ليست متوقفة على تلك الرواية المروية من طريق الصلت بن دينار، بل هي ذكرت في مقام ذكر الشواهد لا الاحتجاج!
تتكلم عن الحديث والرجال ولا تفرق بين مقام الاحتجاج ومقام ذكر ما يعضد الحجج من الشواهد والمتابعات؟
أليس أول أثر في المقال من طريق قبيصة بن عقبة عن سفيان الثوري عن معمر عن ابن طاووس عن أبيه، وهذا إسناد كالشمس!
والثاني من رواية أبي بكر بن عياس عن عبد الله الأجلح عن الشعبي، وهو إسناد صحيح
والثالث من رواية وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم، وهو إسناد كالشمس
وهذه الثلاث فقط تفيد مطلوبنا أصلا، فإنها عن ثلاثة من أئمة التابعين!
وهكذا عامة ما ورد في المنشور صحيح، وما وُجد في أسانيدها ضعف فهي من باب الشواهد، وهذا ظاهر لكل ذي لب
فإن قيل أن الصلت بن دينار متروك لا يُحتج به حتى في باب الشواهد، قلنا: المحدثون إنما ضعفوا حديثه لأجل أنه ناصبي ولكثرة غلطه، ولم يتهموه بالكذب، قال أبو حاتم: لين الحديث إلى الضعف ما هو، مضطرب الحديث [تهذيب التهذيب (2/ 216)]، وقال أبو زرعة: لين [تهذيب الكمال (13/ 221)]
ومن كان هذا حاله فروايته تصلح من باب الشواهد في الأخبار التاريخية إن أمِنا أنه لن يروي ما سيقوي بدعته، وهذا متحقق في هذه الحالة، فالصلت بن دينار على ضعفه هو رجل ناصبي، فليس عنده الدافع حتى يكذب ويخترع مثالب للحجاج فهو يوافقه في مذهبه!
وفي الختام، ترك الحجج التي بنى عليها الكاتب مقالته، ثم الرد على حجة جانبية ذُكرت من باب الشواهد لا يدل إلا على إفلاس معرفي، وحب تصيد للأخطاء، وأرجوا أن تستمروا على هذا المنوال فإننا على بينة من أمرنا 🌹
ردا على من يرد أثر مجاهد بحجة ضعف ليث..
وهذا وإن كان تفلسفا فارغا من المعارض، إذ من ضعفوا ليثا هم من صححوا الخبر، ولكن من باب التبرع المعرفي نقول:
لماذا يقبل الأئمة رواية ليث عن مجاهد في التفسير؟
معلوم أن ضعف ليث أتي من قبل حفظه واختلاطه لا صدقه، فهو صدوق اتفاقا..
ورواية ليث للتفسير عن مجاهد هي من صحيفة القاسم بن أبي بزة وهو ثقة، وابن جريج وابن أبي نجيح إنما يروون التفسير عن مجاهد من تلك الصحيفة أيضا
قال يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ (154/2)
«وسئل علي: سمع ابن أبي نجيح التفسير من مجاهد؟ قال: لا، قال سفيان: لم يسمعه أحد من مجاهد إلا القاسم بن أبي بزة أملاه عليه، وأخذ كتابه الحكم وليث وابن أبي نجيح.
قال علي: قال سفيان قال لي فلان بن مسلم- سماه-: قل لليث بن أبي سليم يتق الله ويرد كتاب القاسم بن أبي بزة عن مجاهد في التفسير فإنه لا ينام فقلت له: ابن أبي نجيح لم يسمع التفسير؟ فقال:
نعم إنما يدور تفسير مجاهد على القاسم بن أبي بزة».
قول السلف «القرآن كلام الله منه بدأ» من كلام ابن عباس رضي الله عنهما..
قال الطبري ٢٧٢- حدثنا محمد بن حُميد الرازي، قال: حدثنا سَلَمة بن الفضل، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس:
﴿بِالْغَيْبِ﴾، قال: «بما جاء منه، يعني: من الله جل ثناؤه». اهـ حسن
قاعدة جليلة في التعامل مع المغيبات
قال شيخ الاسلام ابن تيمية:
«لا ريب أن فيما غاب عن المشاهدة أمورًا من الغيب:
(1) بعضها يمكن التعريف به مطلقًا.
(2) وبعضها لا يمكن التعريف به إلا بعد شروط واستعداد.
(3) وبعضها لا يمكن التعريف به في الدنيا إلا على وجه مجمل.
(4) وبعضها لا يمكن التعريف به في الدنيا بحال، وبعضها لا يمكن مخلوقًا أن يعلمه».
كلمة جليلة للهروي ترد على من يختزل الحكمة من العبادات في مصالح مادية!
قال الهروي:
«تعظيم الأمر والنّهي، وهو أن لا يُعارَضا بترخُّصٍ جافٍ. ولا يُعرَّضا لتشديدٍ غالٍ، ولا يُحمَلا على علّةٍ تُوهِنُ الانقياد».
يريد: أن لا يتأوّل في الأمر والنّهي علّةً تعود عليه بالإبطال، كما تأوّل بعضهم تحريم الخمر بأنّه معلَّلٌ بإيقاع العداوة والبغضاء والتّعرُّضِ للفساد, فإذا أُمِنَ هذا المحذورُ منه أجاز شربَه. كما قيل:Читать полностью…
أَدِرْها فما التّحريمُ فيها لِذاتِها ... ولكن لأسبابٍ تضمَّنَها السُّكْرُ
إذا لم يكن سكرٌ يُضِلُّ عن الهدى ... فِسيَّانِ ماءٌ في الزُّجاجة أم خَمْرُ
ذكر شيء من أخبار السلف في صفة التقوى
قال ابن أبي شيبة في الإيمان ٩٩ - أخبرنا يحيى بن آدم، عن سفيان، عن عاصم، قال: قلنا لطلق بن حبيب: صف لنا التقوى فقال:
«التقوى عمل بطاعة الله، رجاء رحمة الله، على نور من الله، والتقوى ترك معصية الله مخافة الله على نور من الله».
«كتب رجل إلى عبد الله بن الزبير موعظة: أما بعد: فإن لأهل التقوى علامات يعرفون بها ويعرفونها من أنفسهم، من صبر على البلاء، ورضي بالقضاء، وشكر النعمة، وذل لحكم القرآن، وإنما الإمام كالسوق، ما نفق بها حمل عليها، إن نفق الحق عنده حملوا إليه الحق، وإن نفق الباطل عنده جاءه أهل الباطل ونفق عنده».
«جاء رجل إلى عيسى ابن مريم فقال: يا معلم الخير، علمني شيئا تعلمه وأجهله، وينفعني ولا يضرك، قال: ما هو؟ قال: كيف يكون العبد تقيا لله عز وجل حقا؟ قال: بيسير من الأمر؛ تحب الله حقا من قلبك، وتعمل له بكدودك وقوتك ما استطعت، وترحم بني جنسك برحمتك نفسك، قال: يا معلم الخير، ومن بنو جنسي؟ قال: ولد آدم كلهم، وما لا تحب أن يؤتى إليك، فلا تأته إلى غيرك؛ فأنت تقي لله حقا».
«تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه في مثقال ذرة، حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال، خشية أن يكون حراما، يكون حجابا بينه وبين الحرام، فإن الله قد بين للعباد الذي يصيرهم إليه قال الله: ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره﴾ فلا تحقرن شيئا من الشر أن تتقيه، ولا شيئا من الخير أن تفعله».
«لا يكون الرجل من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه، حتى يعلم من أين مطعمه، ومن أين ملبسه، ومن أين مشربه، أمن حل ذلك أم من حرام؟».
«لأهل التقوى علامات يعرفون بها: صدق الحديث، وأداء الأمانة، والإيفاء بالعهد وقلة الفخر، والخيلاء، وصلة الرحم، ورحمة الضعفاء وقلة المثافنة للنساء، وحسن الخلق وسعة العلم واتباع العلم فيما يقرب إلى الله زلفى».
«قال رجل لأبي هريرة: ما التقوى؟ قال: «أخذت طريقا ذا شوك؟ قال: نعم قال: فكيف صنعت؟ قال: إذا رأيت الشوك عدلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه قال: ذاك التقوى».
«ليس تقوى الله بصيام النهار، ولا بقيام الليل، والتخليط فيما بين ذلك، ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله، وأداء ما افترض الله، فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير».
«آثر الله على خلقه، وآثر الآخرة على الدنيا، فلم تكترثه المطالب، ولم تغنه المطالع نظر ببصر قلبه إلى معالي إرادته، فسما نحوها ملتمسا لها، فدهره محزون يبيت إذا نام الناس ذا شجون ويصبح مغموما في الدنيا مسجون، انقطعت من همته الراحة دون منيته فشفاه القرآن، ودواؤه الكلمة من الحكمة والموعظة الحسنة لا يرى منها الدنيا عوضا ولا يستريح إلى لذة سواها»Читать полностью…
تضعيف الإمام علي بن المديني لأبيه في الحديث..
(وهو عبد الله بنُ جعفر أبو جعفر المَدِيني)
جاء في تهذيب التهذيب (2/ 315):
«وقد سئل علي عن أبيه فقال: سلوا غيري، فأعادوا فأطرق، ثم رفع رأسه فقال: هو الدين أبي ضعيف».
قال سحنون: أرأيت إن رضيت بعبد وهي امرأة من العرب وأبى الأب أو الولي أن يزوجها وهي ثيب أيزوجها منه السلطان أم لا؟
قال ابن القاسم: ولقد قيل لمالك إن بعض هؤلاء القوم فرقوا بين عربية ومولى، فأعظم ذلك إعظاما شديدا، وقال أهل الإسلام كلهم بعضهم لبعض أكفاء لقول الله في التنزيل ﴿يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم﴾.
المدونة (٢/١٠٧)
#فقه
وهذا بحث طويل جدا، وقد سلكت في هذا المقال مسلك التسهيل والتلخيص، مفتديا بالمرام السهل من العويص.. وهذه مراجع للتوسع:
- اللقاء العلميّ: "نظرية المجاز عند ابن تيمية وتحييد ثنائية الوضع والاستعمال" مع أ. د. محمد محمد يونس
- النورستاني، فصل مبحث المجاز وإبطاله - من كتاب مواقف التفتازاني الاعتقادية
- إبراهيم التركي، إنكار المجاز عند ابن تيمية
- السلسلة السلفية للرسائل والكتب النجدية
» إجماع أهل السنة النبوية على تكفير المعطلة الجهمية
(الورقات مكتملة)
- الرسالة الأولى: كشف الأوهام والالتباس عن تشبيه بعض الأغبياء من الناس
- الرسالة الثانية: تمييز الصدق من المبين في مجاورة الرجلين
- الرسالة الثالثة: فتييان تتعلقان بتكفير الجهمية وأن الصلاة لا تجوز خلف من لا يكفر الجهمية
- الرسالة الرابعة: منظومة الشيخ سليمان بن سحمان على من أنكر على الإخوان تكفير جهمية هذا الزمان.