يُروَى عن الإمام الكبير بقي بن مخلد أنه قال يوماً لطلبته:
أنتم تطلبون العلم؟! وهكذا يطلب العلم؟!
إنما أحدكم إذا لم يكن عليه شغلٌ يقول: أمضي أسمعُ العلم، إني لأعرف رجلاً تمضي عليه الأيامُ في وقت طلبه للعلم، لا يكون له عيشٌ إلا ورقُ الكرنب الذي يُلقيه الناس، وإني لأعرف رجلاً باع سراويله غير مرة في شرى كاغدٍ حتى يسوقَ اللهُ عليه من حيث يُخلِفُها.
وهو رحمه الله إنما كان يعني نفسَه، فقد كان يستنفدُ مالَه في طلب الحديث والرحلة إليه، فكان يطوف على المزابل يتقمم منها ما يأكله! وحتى لَيُلجِئُه الأمرُ أن يبيعَ سراويلَه!
ومِن قَبله باعَ شُعبةُ طَستَ أمه، وباعَ مالك سقفَ بيته!
وما رُئِيَ بقيّ راكبًا دابةً قط! فربما سافرَ من الأندلس إلى بغدادَ مشَيًا! وربما سافر إلى الحج ماشيًا!
ومِن شدة نهمتِه للعلم وحرصِه عليه وجمعه له، كانوا يسمونه "المكنسة" إذ كان يجمعُ فيُوعب.
وبقي بن مخلد رحمه الله، قصةٌ كبيرةٌ، وحكايةٌ طويلةٌ، رمزٌ من رموز الأمةِ الأفذاذ، فلا تحرموا أنفسَكم من تتبع أخباره.
إنَّ اللهَ لَيفتحُ للعبدِ مِن أبواب الخير الجاري ما لا يخطر ببالِه ولا فى أقصى خيالِه!
وما أغبطُ أحدًا في هذا العصرِ غِطبتي لِرَجُلَين: الشيخ عثمان طه خطاط المصحف الشريف، والشيخ طارق السعيد ناشرُ فكرة "نور البيان" والذي توفاه اللهُ اليومَ، فرحمةُ الله عليه وبركاته.
إن من أنقى أبواب الخير: ما كان للقرآن وفي القرآن، فهو جامعُ الأمةِ مُفرِطِها ومُفَرِّطِها، لا يختلف عليه مسلمان.
أما الرجل الأول أمدَّ اللهُ في عمره، فقد كتبتُ عنه سابقًا.
وأما الرجل الثاني، فقد وقعَ مصابُنا اليومَ فيه، كان رجلًا فَردًا في العدد أمةً في الأثر، وإذا فتحَ اللهُ بابَ توفيقِه لعَبده فلا تَسل كيف وأنّى!
الشيخ طارق السعيد، لم يكن اسمه "طارق" ولا اسم أبيه "السعيد"! بل كان اسمه "محمد حسن" لكنه على كل حالٍ كان "طارقًا سعيدًا"! فقد طرقَ كتابُه بالسعد كلَّ بيت. وقد حضرتُ له مرةً واحدةً بتقدير اللهِ، في محافظةٍ قريبةٍ مني بعيدة عنه. كان يشرح فيها مَنهجَه في نور البيان.
شاعَ عن الشيخ رحمه اللهُ أنه أسَّسَ منهجَ نور البيان، وهي وإن كانت طريقةً قديمةً إلا أنها قد ذاعت على يديه كأن لم تكن مِن قبل، وألبَسَها ثوبًا جديدًا قَشيبًا، وطَوَّرَها ونَمَّاها وخَدَمها، وسعى لها سَعيها نَشرًا وتعليمًا وطوافًا في كل مكان يَسعُه.
فتَفَشَّت طريقتُه في أماكن التعليم والكتاتيب ودور التحفيظ بسرعة البرق، حتى لا يكاد يخلو منها مكانٌ يُعلِّم القرآنَ أو القراءةَ في العالم كله. بل حتى غيرُ العرب يتعلمون العربيةَ منها!
فتخيل آلاف الطلاب.. بل لعلهم ملايين! تعلموا القراءةَ والقرآنَ على طريقة الشيخ! فكم يكون في ميزانه من الحسنات!
مَن يقرأ حرفًا من كتاب الله فله به وله، فكيف بِمَن عَلَّمَه؟! وكيف وهذه الطريقةُ تعلمهم القراءةَ والكتابةَ، فكل ما ينتفعون به بعدُ من علمٍ يَثَّاقلُ به ميزانُ الشيخ!
كنت أقول لمعلمي القرآن: يا أهلَ اللهِ انتبهوا، إنكم لا مِثلَ لكم، تُعلِّمون الصبيانَ خيرَ الكلام، فتجري حسناتُ قراءتهم عليك وأنت نائمٌ في فراشك!
ألا وإن رسولكم ﷺ قد قال:
"أيُّكم يُحِبُ أنْ يغدُوَ كلَّ يومٍ إلى بُطْحانَ، أوْ إلى العقيقِ، فيأتِي منه بناقَتَيْنِ كَوْماوَيْنِ زهراوَيْنِ، فِي غيرِ إثمٍ، ولا قطعِ رحِمٍ؟
قالوا: كلُّنا يا رسولَ اللَّهِ.
قال: فلَأنْ يغدُوَ أحدُكُمْ إلى المسجِدِ فَيَتَعَلَّمُ أوْ يقرأُ آيتينِ مِنْ كتابِ اللهِ خيرٌ لَهُ مِنْ ناقتينِ، وثلاثٌ خيرٌ لَهُ مِنْ ثلاثٍ، وأربعٌ خيرٌ لَهُ مِنْ أربعٍ، ومِنْ أعْدادِهِنَّ مِنَ الِإبِلِ".
هذا لمن قَرَأ وتعلَّمَ، فكيف بِمَن أَقرَأَ وعَلَّمَ؟!
فكيف إذا بُثَّ عِلمُك في الناس وتعليمُك؟
وكيف إذا غدا لك ملايينُ الطلاب يترنمون بما عَلَّمتَهم مِن خير الكلام يتلونه آناءَ الليل وأطراف النهار؟
كيف وصلاتُهم لا تصحُّ إلا بما عَلَّمتَهم؟!
وكيف إذا تناسلَ في الناس خيرُك، فصارَ الطالبُ أستاذًا، تموتُ ويبقى أثرُك لا تُبليه الأيام ولا يأكله الدهرُ.
رحم الله الشيخ طارق رحمةً واسعةً، وجزاه عن دينه وكتابه وأمته خيرَ ما يُجازي به عبادَه الصالحين.
ورحمَ اللهُ معلمي الناس الخيرَ أحياءً وأمواتًا.
هناك سُكونٌ مُريبٌ يَعتريني منذ شهور، وأنا الذي -في العادة- يَمورُ صَدرُه مَورًا، هذا السكونُ رحمةٌ مِن ربي به يبردُ قلبيَ المُلتاع، غيرَ أني لم آلَفْه مِن قديم، كأنّما عهدتُ منه أنه يخبئ خلفَ ظهره شيئًا يفجؤني به.
يروادُني شعورٌ خَفِيٌّ أني إنما أسيرُ بـ"القصور الذاتي" بينما ينتظرُني سُكونٌ يُطفئُ حَرَكتي ويَهُدُّ بُنيانَ عزمي المُصطَنَع، وينخرُ في جذور نخلةِ لامبالاتي، كما نخرَ السوسُ في نخلة "ندور"!
"فهَوَتْ للأرضِ كالتلِّ الكبير!
وهَوَى الديوانُ وانقضَّ السرير!"
لكنني أرجو ألا يكون ذلك كذلك.
واللهُ العاصمُ من احتراق عُودِ المُنى ونضوبِ كأسِ الرجاء.
صفيّي ونَجِيّي وسَميري ونَديمي وأَنيسي،
مرحبًا بك حاضرًا لا يغيب.
ولا عجبَ، وإن عجبتَ.
على كَثرَةِ ما أكتبُ لك، فإنما هي غَمسةٌ من فيضِ شُجوني، وقطرةٌ من بحر أشواقي، وتَذكارًا خفيفًا تُعلِّقُه في مَسكني فيك.
لأن الحرفَ الذي تستحقُه لا يُطاوعُني، والحرفَ الذي يُطاوعُني أدنى مَقامًا مما يُرام.
هذا أنا، كما عرفتَني، لم تزدني الأيامُ فيك إلا يقينًا، ولم يَغِض فيَّ ودادُك، وما خلا منك إلا ناظري، وقد امتلأ بك خاطري.
يومَ عرفتُك، عرفتُ أن في الدنيا أحلامًا أقربَ إليكَ مِن وَريدك، نَيلُها أبعدُ مما بين المَشرقَين.
فقل لي كيف تصنعُ إلا أن ترضى؟!
رضينا.. أو لم نرضَ!
يا ابنَ آدمَ إنما سخطتُك على نفسك، فلا تكن أغبى الرجلين.
يومَ أَشرَقَت فيَّ شَمسُك، علمتُ أن في النفس ظُلمةً لم تكن تَنجابُ إلا بنورك، يومَ لَمَعت في عيني بارقةٌ غريبةٌ سَنِيَّةٌ متلألئةٌ، عرفتُ أن مِصباحَ الشعور النبيلِ في صدري قد أضاءَ أخيرًا. ويومَ ارتعَشَ جَفني قلقًا، عرفتُ أن صفوَ الليالي لن يدوم! وقد كان.
تجاذبَ الناسُ بينهم أيهما أرفقُ بهم وألطفُ: تجربةٌ غَنَّاءُ تُغرّدُ في رَوضتها طيورُ البهجةِ ساعةً ثمَّ تطير، وتُشرقُ في فنائها شَمسُ المَسَرَّةِ حينًا ثم تغيب، أم العافيةُ من السرورِ والغياب جميعًا؟!
وما يزالون مُتجاذبين.
فهل لنا مِن سبيلٍ فنختارَ؟! قُضِيَ الأمرُ ووقعَ الخيارُ على ما وَقعَ.
أفَتاركٌ أنا صفوَ يومٍ أقول فيه: معه كانت خير أيامي؟
يا نُسخةَ روحي، جَمرةُ الأشواق في جَيبي، وأنا منها في سلام، فلتكن منها في سلام..
ولتدم لي في سلام..
وعليك مني السلام.
#رسائلُ_رُوحٍ_مطويّة 25
في إحدى المستشفيات، من سنوات، قابلَ زميلًا لي رجلٌ "غلبان" أو هكذا يبدو، انفرد به في زاوية ثم اشتكى له بدمعٍ منهمرٍ وصوتٍ متهدّجٍ من الأسى: "بنتي في العمليات، ودفعنا كل الرسوم، وطالبين مننا رسوم تانية بتاع ورق ومش عارف إيه، وأنا فلوسي واقفة على عشرة جنيه"!
تأثَّرَ صاحبُنا ورددَ في نفسه: "وإيه يعني! دي كلها عشرة جنيه"! فأعطى الرجلَ ما طلبَ، ثم انصرفا كلٌّ إلى وِجهته..
ودارت الأيام -بصوت أم كلثوم- وزارَ صاحبُنا نفسَ المستشفى لحاجةٍ كانت له سيقضيها، ويا محاسنَ الصدف! قابلَ نفسَ الرجل بنفس الشِكاية القديمة و"العشرة جنيه"!
عرفَ صاحبُنا الرجلَ، لكنَّ الرجلَ لم يعرفْه، فهو يكررها مع العشرات يوميًا!
المهم.. قال له صاحبُنا: "ولا يهمك يا حاج "دي كلها عشرة جنيه" بس للأسف معيش فكة، معاك عشرة وتاخد عشرين؟!"
أخرجَ الرجلُ العشرةَ وأعطاها لصاحبِنا، فأخذها، ثم تركَه وانصرفَ!
نادى عليه الرجل ملهوفًا: يا أستاذ، يا أستاذ، خدت العشرة جنيه ومشيت يعني!
فقال له صاحبُنا: دي العشرة اللي خدتها مني المرة اللي فاتت يا راجل يا كداب!
ما أَحسبُ الفراقَ إلا قطعةً من الموت، غيرَ أنها قطعةٌ تبقى فيك، تتقرَّحُ بين جَنبَيَك ويَنداحُ أَلَمُها في أحْنائِك.
لا يَموتُ المرءُ دَفعةً واحدةً، بل تموتُ فيه أشياء وأشخاص وهو حيّ، كأنه يحمل بين جَنبَيه قُبُورَهم، حتى يُقبَرَ هو بهم.
أو كما يقول الرافعي:
"يموت الحيُّ شيئًا فشيئًا، وحين لا يبقى فيه ما يموت، يُقال: مات".
وما أبلغَ ما قال امرؤ القيس:
فَلَو أَنَّها نَفسٌ تَموتُ جَميعَةً
وَلَكِنَّها نَفسٌ تَسَاقَطُ أَنفُسا!
اليُسرُ الذي أتاحَهُ عَصرُنا، إنما هو يُسرٌ ظاهرٌ، لكنه في الحقيقة عُسرٌ مَلفوفٌ بجلابيبِ السهولة! أو هو يُسرٌ مَلفوفٌ بجلابيب الصعوبة!
وبِنَفسِ القدرِ الذي يَسَّرَ لنا به سُبُلَ البلاغ، أَفْقَدَنا صَلاَبَةَ العَزائمِ وخُشُونَةَ الأقدام.
جميلٌ أن تسيرَ بقدمَين ناعِمَتين، في طريقٍ مفروشٍة بالورود، لكن.. أَوَ كُلُّ الطرقِ كذلك؟
إن القدمَ التي تشقَّقَت حافيةً ساعيةً على صخور الصعاب، سَتُحمَدُ خُشونَتُها يومَ تسير على الأشواك ولا تُبالي، وكم في الحياةِ مِن أشواك!
وإن عضلةَ العزيمةِ التي عانت وحَمَلَت وصبرَت حتى ظَفِرَت، ستكونُ أشدَّ قوةً وصلابةً وثباتًا من عضلةِ العزم التي لم تعانِ ما عانت ولم تحمل ما حمَلَت.
إن وسائلَ المعارفِ التي صارت أقربَ لأحدنا مِن طعامه وشرابه، زَهَّدَت في المعارف، لأن الذي تَكسبُه في سُبُلِ العناء من مَلَكاتِ النفسِ أنفعُ لك مما عانيتَ لبلوغه.
فأنَّى تَخشوشنُ قَدَمُك وما حَفِيَت يومًا! وأنَّى تَقْوَى جوارِحُك وما تركتَ فِرَاشَكَ! وأنَّى لك ببلوغِ العِلمِ الصعبِ ونفسُك ما فارقَت السهولَ الخضراء!
إن الذي كان يَكسبِه طالبُ المعالي في رِحلتِه ذاتِها هو من المعالي، بل وأحسنُ.
وقد صدقوا يومَ قالوا: إن الظفرَ في الرحلة، لا في الوصول!
أو كما قيل:
إن الذي تُحَصِّلُه في رحلتك لِما تُريدُ، أنفعُ لك من تحصيلك ما تريد!
ربما أضاعَ القومُ فتاهُم، فحُقَّ له حينئذٍ أن يَنفُثَ حَسَراتِه مُتَأَوِّهًا:
"أضاعوني وأيَّ فتًى أضاعوا!"
وربما أضاعَ الفتى نفسَه، فلا تُوَفِّي لَوعَتَه -حينئذٍ- كلُّ صَرَخاتِ الحَسرة.
إن الذي أضاعَه قَومُه: ربما تخففَ من بعضِ أَثقالِ نفسه بِلَومِهم وإلقاءِ التبعةِ عليهم.
لكن الذي فَرَّطَ في نفسِه: تَثَّاقلُ عليه أحمالٌ إلى أحمال، فمنه كانت وعليه تُحمَل.
لاحظتَ؟
أظنك لاحظتَ..
بانتظارك اليومَ الجديد قد أضعتَ يومَك الحالي،
بانتظارك للشهر الجديد قد أضعتَ شهرَك الحالي،
وبانتظارك العامَ الجديد قد أضعتَ عامَك الحالي..
بانتظارك وَهْمَ الصفحةِ البيضاءِ النقيَّةِ التي لا سوادَ فيها، تُمزّقُ ألفَ صفحةٍ بها سوادٌ وبياضٌ، وإن غلبَ بياضُها سوادَها!
وهكذا تُضيعُ عمرَك!
دوامةُ العمرِ المُضَيَّعِ في انتظار البدايات المثالية!
في صراعك المحموم كلَّ يومٍ قائلًا في نفسك:
تُرى.. أين نقطةُ الضوء التي يتغير بعدها كلُّ شيء؟!
وهذه نقطةٌ لن تكون كما يُمَنِّيك خَيالُك.
هذه نقطةٌ تتكوَّنُ، لا تُخْلَقُ خَلقًا واحدًا.
إذن:
حيث أنتَ أنتَ ووقتَ ما انتبهتَ؛ فكن ما تريد.
ومن أنفع ما تقرأ في حياتك:
"ما مضى فات، والمُؤَمَّلُ غيبٌ،
ولكَ الساعةُ التي أنت فيها"
بمنتهى البساطة والوضوح:
لك الساعةُ التي أنت فيها، فانظر خيرَ ما تصنعه فيها.
أما ما مضى، وما بَقِي:
فكلاليب تخطفك من ساعتك!
كَبُرُ الطِّفْلُ.. شَيَّخَتْه عَوَائدُ الأيام.
وما الكبيرُ؟
إنْ هو إلا طفلٌ أَخَذَتْ تَجارِبُه مِن رَصيدِ دَهَشَاتِه.
فمتى غُذِيَتْ نَبتَةُ الدَّهشةِ في نفسك برعايةِ الحِسِّ الرَّهيف، فقد استرجعتَ طفولةَ قلبِكَ غَضَّةً نَضِرَة.
فانتعِشْ وانْدَهِشْ، تَعِشْ.
رضيَ اللهُ عن سيدنا ابن مسعود، فإنه كانَ بصيرًا، بالعلم، وبالإيمان، وبالسلوك..
بصيرًا بآداب العالِم والمتعلم، ونصائحُه غُرَرٌ على جَبينِ الزمان لا تُمحَى.
انظرْ حولَك، ثم ارجع البصرَ إلى قوله المُنير: "مَن كانَ مُسْتَنًّا، فَلْيَسْتَنَّ بمن قد ماتَ، فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفِتْنَةُ". ما كانَ أدقَّ فهمَه وأبعدَ نظرَه!
وانظر بعين فؤادك إلى الأثر المَروي عنه أنّ نَاسًا تَبِعوه فَجَعَلُوا يَمْشُونَ خَلْفَهُ فَقَالَ: أَلَكُمْ حَاجَةٌ؟ قَالُوا: لا، قَالَ: ارْجِعُوا فَإِنَّهَا ذِلَّةٌ لِلتَّابِعِ فِتْنَةٌ لِلْمَتْبوعِ.
ورضي الله عن سيدنا علي بن أبي طالب رضي اللهُ عنه، ما كان أدقَّ نَظَرَه وأذكَى فؤادَه، قال: "أَحْبِبْ حَبيبَكَ هَوْنًا مّا عسى أن يكونَ بغيضَكَ يومًا مّا، وأبغِضْ بغيضَكَ هَوْنًا مّا عسى أنْ يكونَ حبيبَكَ يومًا ما".
ما أحوَجَنا لِمِثل هذا الكلام في هذا العالَم المفتوح المُرعبِ، والذي تُقَيَّدُ فيه حروفُنا مَدحًا في فلانٍ وذَمًّا، فإن الدهرَ دَوَّارٌ، وإنَّ القلوبَ كالرِّيشِ في فلاة تقلّبها الريحُ ظهرًا لِبَطن.
وإن المجالسَ اليومَ مفتوحة، تَكتب في فضاء واسع، فتطير كلمتُك في الآفاق وتصير كالسهم الذي فارقَ قَوْسَه فلا يعود، فلم تعدْ لك سَعةُ المجالسِ الصغيرةِ في زوايا الدنيا إذ نَشرتَ رأيَك وفِكرَك وفَرَشْتَ للناس عَقلَك على نَواصي الطرقات.
قَد يَرسُفُ الأملُ حينًا في أغلالِ اليأسِ، لكنه ثائرٌ بِطَبعِه، يأبَى أن ينقادَ ويُذعِنَ، فضلًا أن يُذَلَّ..
للأملِ قلبُ طائرٍ، خُلِقَ مُحَلِّقًا.
وكذلك كان الإنسانُ، قبلَ أَن يخدعوه عن نفسِه!
الروايةُ: هي العالَمُ في رأس شَخص.
والعالَم: أشخاصٌ في رَأسِ كلٍّ منهم روايةٌ.
في رأسك أنت: رِوَايةُ العالَم..
وكلُّ شَخصٍ في رأسِك.. في روايتك: صُورةٌ، أو مَشهَدٌ، أو فَصلٌ.
وكذلك أنت في روايةِ كلٍّ منهم.
فـ"الإنسان: دنيا نفسِه!"
و"عالَم وَحده"!
يُخَيِّمُ عليَّ في بُعدِك فراغٌ مُبيرٌ، يَتملّكُني ويُوهِنُ أملي، ويقتلعُ من تُربةِ روحي بذورَ المعنى، فلا يكاد يَنبُتُ فيَّ شيءٌ يَلفتُنى إليه ويسترعي انتباهي.
هذا فراغُ رُوحٍ، روحٍ مُلئَت منك، وأُوصِدَت عليك، واكَتَفَت بك.
يا مُنيةَ نفسي، ومنتهى طمعي، ونهايةَ آمالي، كيف يحلو عيشٌ لا تقاسمُني إياه؟!
وإلامَ أتطلعُ مِن بَعدِك.. وقد أطفأَني بُعْدُك؟!
وعلامَ أطوّفُ في آفاقِ الترقب؟!
وحتَّامَ أنتظرُ اللقاء؟!
إلامَ؟ وعلامَ؟ وحتَّامَ؟
هذا القلمُ مَلَّ مِن صاحبِه، وصاحِبُه مَلَّ منه! وكلما طلبَ الراحةَ مِن صاحبِه أَبَى، وكلما طلبَ صاحبُه الراحةَ منه أَبَى!
مَلُولٌ رافقَ مَلولًا! لكنهما عَنِيدان.
العُمرُ أعَزُّ مِن أن يَقضيَه المرءُ فيما لا يُحب،
والحياةُ أعقَدُ مِن أن يَقضيَها المرءُ فيما يُحب.
لقد انعقَدَت بيني وبينك -أيها القارئ- آصِرةٌ مُتَأبِّدة، ومودةٌ متجددة، شِئتُها أم أبَيْتُها، ورَغِبتَها أم رغِمْتَها، لن يُجديَ الآن شيئًا! فقد عَبَرْنا جِسرَ الاختيار إلى جانبِ الحقيقة.
أَطلَعْتُك على دَخيلةِ نفسي فقَرَأتَ، وأسررتُ لك -عَلَنًا- بِمطاوي صدري فعَلِمتَ، وأشرَكْتُك في أمري فشارَكْتَ، وأَفزَعتُك ورَوَّعتُكَ وسكَتَّ، وآنستُك وسَامَرتُك فطَرِبتَ، وواسيتُك وأَسليتُك فرَضيتَ، أحزنتُك وأسعَدتُك، تحامقتُ بينَ يديك وما كان ليَ أن أفعل، وتظارفتُ مِن غيرِ ظُرف على كَرهٍ مني.
نَطَقتُ عنك يومَ سكَتَت كلماتُك، ولَمَحتُ وَهَجَ قلبِك يومَ انطفأَت شموعُ مَن حولَك، وتَسَمَّعْتُ بأذنٍ مُرهفةٍ وَقعَ حديثِ نفسِك المستتر، فجرى على قلمي ما جرى، فكتبتُ فعجِبتَ:
يا تُرى كيفَ دَرَى؟!
ومَن خَبَّرَه الخَبَرَا؟!
فكما ترى وأرى، نحن اليومَ شريكانِ ولا فِكاك! وقرينان بلا انفكاك، ولعلَّ هذا قَدرُك المحتومُ وقَدَري، فكانَ ما كان.
غُلِّقَت علينا الأبوابُ، وانقَطَعَت بنا الأسباب، فلا تخف، وسأحاول ألا أخافَ! وإن كان حقي وحقك أن نخافَ!
فكم من كاتبٍ تبدَّلَ وتَلَوَّنَ، أو كانَ فَصار، ونَفَثَ السُّمَّ والشَّرار.
وكم ما قارئ زَيَّنَ ولَوَّنَ، أو جَحدَ فَثَار، وبكل نقيصةٍ -ولو مَظنونة- طار!
فإن أنكرتَ في غدي ما عرفتَه مِن أمسي، فارجو أن يكونَ خيرًا، أو إلى خيرٍ يَئول، فكلنا أحوالٌ تَحُول، وهيئاتٌ تتصرَّفُ أو تزول.
و"الحرُّ مَن رَاعَى وِدادَ لحظَهْ، أو انتمَى لِمَن أفاده لَفظَهْ".
وعليك مني وإليك.. تحيةً وسلامًا.
"ابحث مجتهدًا داخلَ قلبِك، فمِن داخِلِه تَنبُعُ أمورُ حياتك".
ستيفن كُوفي
____
وأحسنُ منه: قولُ النبي ﷺ:
"أَلَا وإن في الجسد مُضغةً، إذا صلحَت صلحَ الجسدُ كلُّه، وإذا فسدَت فسدَ الجسدُ كلُّه، ألا وهي القلب".
أَهوَى البيان، وأحبُّ أهلَ البيان، وأرجو أن أنتظمَ في سِلْكِهم يومًا، وما زلتُ في شوقٍ عظيمٍ أن يَهَبَني اللهُ بيانًا يُرضيني، أُبِينُ به عما أُبِين، وأُفصِحُ به عما ينفعُ الناسَ ويَمكُثُ في الأرض.
ويحرقُ فؤادي حسرةً أنني ما زلتُ بعيدًا، بعيدًا جدًّا، وخطواتي متقاصرةٌ متعاجِزَةٌ..
"في رأسي رقصاتٌ كثيرةٌ، ولكنَّ رِجْلَيَّ مكسورتان"!
فمتى أُبِينُ فأُحسنَ وأَقولُ فأُفصِحَ والزمانُ في نضوب والخَطَراتُ إلى ذَهاب؟!
كلما لَمَعَ في عيني بارقُ بيانِ ذي بيانٍ، اتسعَت حَدَقَتا الطَرَبِ في نفسي، وتَفَتَّحَت أوراقُ الدهشة، وصاحَ من أعماقي صوتٌ رَخيمٌ أَوَّاهٌ:
ربِّ هَبْ لي كما وَهَبْتَهم، وعَلِّمني البيانَ كما عَلَّمْتَهم، وزِدني كما زِدتَهم، وبارك لي ولهم.
كانت العربُ تقول:
"مَن تَوفَّرَ على شيءٍ أتقَنَه".
ويقول ابن القيم:
"كثرة المزاولات تُعطي المَلَكات، فتبقَى في النفس هيئةً راسخةً وملَكةً ثابتة".
وفي المَثَل الغربي:
التكرار أُمُّ المهارات.
واختصر المَثَل الشعبي الصريح كلَّ ذلك، فقالوا:
التكرار يعلّم الحمار!
"إنني أعدُو ثم أَعدُو أُسابِقُ الأيامَ، والزمنُ مِن خلفي يستحثُّني ويُلهبُ ظهري بِسِياطِه، ولو أنني أسعى في غير ما أسعى فيه لهانت عليَّ عبوديتي للزمن، ولكن مسعايَ -كلُّه أو جُلُّه- في هذه الشؤون الإدارية والأمور التنظيمية التي كدتُ أقيئُها وأنا في القاهرة، والتي تَشغلُ بياضَ نهاري وسوادَ ليلي حتى امتلكَت وقتي واسترقَّت جهدي، أما ما تؤمله فيَّ وما كنتُ أؤمله في نفسي، فوَهمٌ باطل!".
__
من رسالة ناصر الدين الأسد لمحمود شاكر،
وما أفصحَ نُطقَها عني!
لا يَهلِكُ كلُّ الظالمين في الدنيا هلاكًا يَسُرُّ المظلومين، بل ربما عُجِّلَ لبعضهم عذابُ الدنيا آيةً من ربك، ليزدادَ الذين آمنوا إيمانًا بموعود ربهم، ولَلآخرة أشدُّ وأخزى، وربما كان أكثرُهم ممن أُخِّرَ لهم العذابُ، وذلك أَمَرُّ أدهى.
وتأخيرهم لا عن غفلةٍ عنهم، تعالى ربي علوًّا كبيرًا، "إنما يؤخرهم ليومٍ تَشخصُ فيه الأبصار".
"فلا تحسبنَّ اللهَ مُخلفَ وعدِه رُسلَه، إن الله عزيز ذو انتقام".
لكنه اليوم الموعود المشهود..
اليوم الذي صارَ عَلَمًا عليه أن يقال: "يومُ الدين" أي: يوم الجزاء.
"هنالك تَبلوا كلُّ نفسٍ ما أسلَفَت ورُدُّوا إلى الله مولاهم الحق وضلَّ عنهم ما كانوا يفترون".
في القلبِ مِنَ الغُصَصِ ما لا يَبْرَأ، ومِن الأمثلة الناطقة على ذلك: موت الدكتور أسامة شفيع!
فهذه حَسرةٌ لن تفارق القلبَ أبدًا.
وكذلك الشيخ أحمد الشاذلي، والدكتور محمد متولي.
كيف يمكنك أن تذكرَ أمثالَهم ولو بعد سنينَ عددًا ثم لا تكادُ نفسُك تذهبُ عليهم حَسَرات!
ومن أمثلة ذلك: الغياب المر الغاشم للمهندس أيمن عبد الرحيم، ومِن قبله حسام أبو البخاري وفلان وفلان!
ثم ضياع أمل أجيالٍ، كان.. فقُبِرَ!
ولا تُحصى بوادينا الحسرات!
[حسرةٌ تُطْوَى على أخرى وهَمٌّ وضَياعْ
وأحاديث لها في النفس هَدٌّ ونزاعْ!]
لا أملك أن أقولَ للمتألم: لا تتألم.
هو أحرصُ مني على نفسه ألا يتألم، ولو كان يملكُ لَفَعلَ.
ربما أقول: هوّن على نفسك، تخفف مِن ضغطة الفِكَر العاصفة، اصعد بروحك لمالكها يشفيها ويرويها.
أعلم أن الحزن نار، وأن الألمَ حزاز، وأن النفس أحيانًا تحترق كالكبريت حتى نشم منها رائحة "الشياط"..
لكن... ما العمل!
وما نملك إلا الكلام؟!
هَبْ أن كلمةً رَمَّمَت منه ما ظَهَر، فكيف بما بطنَ؟!
"هَبْنِي بَرَدْتُ بِبَرْدِ الماءِ ظاهِرَهُ
فَمَنْ لنارٍ على الأحْشاءِ تَتَّقِدُ؟!"
يا رحمةَ الله!
فاجعةٌ إثرَ أختها، والقلبُ لم يَبرأ بعدُ.
بالأمسِ كان الدكتور أسامة شفيع لم يندمل فينا جُرحُ موته، واليوم شقيقُ نفسِه الدكتور محمد متولي، وقبلهما وبينهما فلان وفلان..
رحم الله الدكتور محمد متولي، الرجل المهذب الجميل الأديب. ورحمنا اللهُ برحمته.
يَا مُجيرَ العباد يا رب، ما أشقَّ الأماني المقطوعةَ والآمالَ المقطوفةَ على نفوسنا!
لَشَدَّ ما اسودَّت في أعيننا الدنيا إثرَ فجيعةٍ في نابهٍ آملٍ خيرًا ومأمولٍ فيه شيء تُقيمُ به هذه الأمةُ صُلبَها من جديد.
آهٍ على الخطفةِ التي تنبهك بل تفزعك!
ألا ما أشقَّ تكاليفَ القلبِ!
رحم اللهُ ابن الجوزي، قال:
"ثم من ظنَّ أنَّ التكاليفَ سهلةٌ؛ فما عرفها.
أترى يَظن الظانُّ أن التكاليف غسْلُ الأعضاءِ برطلٍ من الماء، أو الوقوف في محرابٍ لأداء ركعتين؟ هيهات!
هذا أسهل التكليف!
وإن التكليفَ هو الذي عجزت عنه الجبال، ومن جملته: أنني إذا رأيتُ القَدَرَ يجري بما لا يفهمه العقل؛ ألزمتُ العقلَ الإذعانَ للمقدَّر، فكان من أصعب التكليف، وخصوصًا فيما لا يعلمُ العقل معناه، كإيلام الأطفال، وذبح الحيوان، مع الاعتقاد بأن المُقدِّرَ لذلك، والآمرَ به: أرحمُ الراحمين.
فهذا مما يتحيَّرُ العقلُ فيه، فيكون تكليفه التسليم وترك الاعتراض!
فكم بين تكليفِ البدنِ وتكليفِ العقلِ". ا.هـ
اللهم رحمتَك ورضوانَك لعبدك الطيب الجميل، ولكل إخواننا الذين سبقونا إلى دار القرار.
وغفرانك اللهم وحُسنَ المآب.
بَدَت على حروفي مَخايلُ حُسنِ الخط مُذ كنتُ صغيرًا، حتى قبل أن أدخلَ المدرسة.
ثم نَما الأمرُ وزاد، حتى كان بعضُ مُدَرِّسِيَّ يجعلونني أكتبُ لهم الدروسَ على السبورة، بل وحتى في دفاتر تحضيرهم، كل ذلك كان وأنا دونَ العاشرة.
ثم بَدَأَتْ تَعرِضُ في نفسي مشكلةٌ، أن خطي حَسَنٌ إن تَأَنَّيتُ وأبطَأْتُ وكتبتُ بخط النسخ، وكذلك كنتُ أفعلُ في كل ما أكتبُ، حتى في الامتحانات النهائية، وكنتُ أُشكِّلُ آياتِ القرآن في اختبارات القرآن التحريرية.
كانت المشكلةُ حين يكون الأمرُ عاجلًا، فإن أسرَعتُ ساءَ خطي، أو هكذا كنتُ أراه!
ظَلِلْتُ سنينَ تُضايقُني تلك المشكلة، ثم في الثانوية، قررتُ أن أتعلم الكتابةَ السريعةَ، أقربَ ما يكون لخط الرقعة، تحملتُ سوءَ خطي في البداية، إذ قَلَّما تجتمعُ الجودةُ والسرعة، ثم صارَ الأمرُ يَتَجَوَّدُ شيئًا فشيئًا، حتى رضيتُ عنه بعضَ الرضا في السابعةَ عشرةَ من عُمُري.
نَفَعَني الأمرُ أَيَّمَا نفعٍ، وما زلتُ أجني ثَمْرَتَه حتى يومي.
التأني جميلٌ، لكنَّ عَجَلةَ الحياةِ لا تتأنى.
هذا الأمرُ جعلني خفيفًا حينَ أكتبُ، لستُ مُكَبَّلًا بثنائيةِ الجودةِ والتأني.
كنتُ كذلك في المذاكرة، بطيئًا متأنيًا، وكانت تلك مشكلةً أكبرَ من الخط! إذ إنني لِمَن يَعرفُني لا أُذاكِرُ إلا أيامَ الامتحانات!
كأنما هو الخوف! الخوف من السرعة أن يفوتَك الإتقان، لكن.. لا مَنَاص، لا بد مِن كسر أقفاصِ التأني بِمِعْوَلِ الجُرْأةِ!
وكذلك فعلتُ.. لكن، جاءَ الأمرُ متأخرًا، وأنا في عامي الجامعي الثاني!
يكون لديك يومان وعليك مئاتُ الصفحات، لن تُفلحَ إذن ثُنائيةُ التأني والإتقان.
فكسرتُ رَتابَةَ عادتي، وكنت أقرأُ، فقط أقرأ عشرات الصفحات، وأتقافز بعيوني سريعًا سريعًا، وقد أكررُ بعضَ الفقرات المِفصلية المفتاحية، ثم أعودُ إليها مِن جديد. وقد أذهلتني النتائجُ!
كانت العاقبةُ مُفيدةً أَيَّمَا إفادة، جعَلَتْني أَخفَّ وأَجْرَأَ وأسرعَ، وأكسَبَتْني ثقةَ الإنجاز.
فكنتُ أنتهي وأراجعُ ثم أراجعُ.. ولا تَسلْ كيف! فلستُ أدري.
بقيَتْ "حياتي" ما زلتُ فيها بطيئًا مُتَأنِّيًا حتى ضاعَ أكثرُها هباءً، نُثَارًا نَثَرَتْه عواصِفُ الأيام، تَأَنَّيتُ لكنها ما تَأَنَّت عليَّ، وتلك عادتُها مع كل أحد.
فهل ستُسعِفني نفسي والأيامُ أن أتعلمَ كما تعلمتُ، فأستدركَ بعضَ ما فات بِحُسنِ ما بَقِيَ؟!
كلُّ الطَمَعِ في رحمةِ اللهِ ولُطفه.
هل ستُسْعِفُنا الأيامُ أن نمضيَ إلى ما نحب كما نحب؟
ليست عادتُها أن تفعل، وعادتُنا أن نحاول.
"اللهُ يَمحتنُ عبادَه بما لا يَخطرُ لهم على بال".
جُملَةٌ عبقريةٌ قرأتُها قديمًا لنجيب محفوظ.
____
ولعل هذا هو سرُّ البلاء!
فإنَّ المُتَوَقَّعَ قد يُؤلَفُ مَهما كان شديدًا.
لكنَّ المَحَكَّ في ما لَم تَحتسِب! وإن بَدَا هَيِّنًا!
____
"وهَبْكَ اتقيتَ السهمَ من حَيثُ يُتَّقَى
فَمَن لِيدٍ تَرميكَ مِن حيثُ لا تدري!"
____
و...
"إذا كانَ غيرُ اللهِ للمرءِ عُدَّةً
أتتْهُ الرَّزايا مِن وُجوهِ الفوائدِ!"