alkhotaba22 | Unsorted

Telegram-канал alkhotaba22 - مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

-

📡ألـشـبـكـة ألـدعــويــة ألـرائــدة، ألـمـتخـصـصـة بـالـخـطــب ألـمـنــبــريــه، والـمـحــاضــرات ألـمـؤثــره، والـبــعـض من ألــفتــاوى ألـديـنـيـــه، إذا أرت أي خطبه ألرجاء ألتواصل👈t.me/zakaryaa26 لحضه✋ من فضلك قبـل أن تغـادر ألقـناة 👈(إستغفـر ﷲ)🌷

Subscribe to a channel

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:

أيها الإخوة: اتقوا الله، واعلموا أن الحج سبب عظيم من أسباب مغفرة الذنوب؛ فعن أَبَي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ"[رواه البخاري ومسلم].

ويتأكد الحج على من لم يؤد فرضها؛ فقد قال الله: (وَلِلهِ عَلَى الناسِ حِجُ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَ اللهَ غَنِيٌ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 97].

وعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ الله -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "أَيُهَا النَاسُ، قَدْ فَرَضَ اللَهُ عَلَيْكُمْ الْحَجَ فَحُجُوا"، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُل عَامٍ يَا رَسُولَ اللَهِ؟! فَسَكَتَ حَتَى قَالَهَا ثلاثًا، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا استطعتم"[رواه مسلم].

ففريضة الحج ثابتة بكتاب الله، وسنة رسوله، وبإجماع المسلمين عليها إجماعًا قطعيًّا؛ فمن أنكر فرضية الحج فقد كفر، ومن أقر بها وتَرَكَها فهو على خطر، فإن الله يقول بعد إيجابها على الناس: (وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) [آل عمران: 97].

وقَالَ صلى الله عليه وسلم: "تَعَجَلُوا إلَى الْحَجِ -يَعْنِي الْفَرِيضَةَ- فَإِنَ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي مَا يَعْرِضُ لَهُ"[رَوَاهُ أَحْمَدُ وهو حسن لغيره].

وقال شيخ الإسلام -رحمه الله- بعدما ساق الأحاديث: "وهذا التغليظ يعم من مات قبل أن يغلب على ظنه الفوات، وهم أكثر الناس، ومن غلب على ظنه ففي تأخيره -أي: الحج- تَعَرُّضٌ لمثل هذا الوعيد وهذا لا يجوز؛ وإنما لحقه هذا لأن سائرَ أهلِ الملل من اليهود والنصارى لا يحجون وإن كانوا قد يصلون، وإنما يحج المسلمون خاصة". ا. هـ.

والخير كل الخير في مبادرة المسلم بحج الفريضة عن نفسه ومساعدة من تحت يده ممن ولاّه الله أمرهم من النساء وغيرهن.

فمن النساء من تستطيع الحج ببدنها ومالها لكنها لا تستطيع أداء الفريضة بسبب اعتذار المحرم عن مرافقتها، احتسبوا -وفقكم الله- الأجر فيمن ولاكم الله عليهن من النساء؛ فإن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- يقول: "استوصوا بالنساء خيرًا؛ فإنهن عوان عندكم" أي: أسيرات.

ويقول: "لا يكرِم النساء إلا كريم، ولا يهينهن إلا لئيم" نعوذ بالله من ذلك.

ومن تنفيذ وصيته بهن، وإكرامهن، مرافقتهنّ إلى أداء فريضة الحج.

أيها الإخوة: وممن ولانا الله أمرهم وجعل موافقتنا لهم على الحج لازمة، من تحت كفالتِنا من العمالة ممن يرغبون الحجَ وأداءَ الفريضة فقط، وقد توفرت فيهم شروط الوجوب، لكن الكفيل يرفض بحجة أن أعماله ستتوقف بذهابهم للحج، أقول لهم: اتقوا الله في إخوانكم؛ ولا تمنعوهم مما أوجب الله عليهم، وأخشى أن تدخلوا فيمَن منعَ مساجد الله أن يذكر فيها اسمه، أو فيمَن يصد عن الخير.

وأعينوا إخوانكم على أداء الفريضة إداريًّا ومعنويًّا وماديًّا لعلكم تدخُلون فيمن عناهم رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فيما رواه زيدُ بنُ خالد الجهني -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَن جهَز غازيًا، أو جهز حاجًّا، أو خلَفَه في أهلِه، أو فطَرَ صائمًا، كان له مثلُ أجورِهم من غيْرِ أن ينقصَ من أُجُورِهم شيءٌ"[رواه ابن خزيمة والنسائي وصححه الألباني].

أيها الإخوة: ومما يجب التفطن له التزام أمر ولي الأمر بعدم الحج إلا بتصريح، ومن لم تنطبق عليه الشروط فلْيُعِنْ حاجًّا أو يخلفه في أهله؛ فمن فعل ذلك فله مثل أجر الحاج، كما ثبت عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم، ثم هناك من الأعمال الصالحة السهلة اليسيرة ما يكفر الذنوب، ولله الحمد، فاستكثروا منها فإنها ميسرة.

عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

أعمال يسيرة تغفر الذنوب الكثيرة - الشيخ عبدالله الطريف

الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أيها الإخوة: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ"[رواه مسلم].

قال المناوي -رحمه الله-: "وإنما يخلى الله بين المؤمن والذنب ليبلغه هذه الدرجة" -درجة الاستغفار- ولو لم يخل بينه وبين الذنوب وسعى العبد في محاب الله كلِها، وتجنب مساخطه كلَها ربما وجد نفسه قائمة بوظائف الله، وساعية في طاعته، ويرى لسانه ذاكراً؛ فأعجبته نفسه، واستكثر فعلَه، واستحسن عملَه، فيكون قد انصرف عن الله إلى نفسه العاجزة الحقيرة الضعيفة".

وقال رحمه الله: "ومن فوائد إيقاع العبدِ في الذنوبِ أحياناً اعترافُ المذنبِ بذنبِه، وتنكيسُ رأسه عن العجب، واعترافُه بالعجز".

وقال: "وكما أحب الله -تعالى- أن يحسن إلى المحسن أحب التجاوز عن المسيء، والغفار يستدعي مغفوراً، والسرُ فيه إظهارُ صفةِ الكرمِ والحلمِ، وإلا لانثلم طرف من صفات الألوهية".

والاستغفار من أعظم أبواب المغفرة وأيسرِها؛ فعن زيدٍ مولى رسولِ الله أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "مَنْ قَالَ: أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ غُفِرَ لَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ"[رواه أبو داود والترمذي والحاكم وقال على شرط الشيخين وصححه الألباني].

أيها الإخوة: وليست مغفرة الذنوب مقتصرة على الاستغفار، وإن كان أعظمها وأظهرها، فهناك أعمال أخرى كثيرة نص عليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وبين أن عملها سبب في مغفرة الذنوب؛ منها ما هو من أركان الإسلام ومبانيه العظام، ومنها ما هو من الأعمال اليسيرة السهلة، وما شرع ذلك سبحانه إلا كرماً منه ورحمة بعبادة فهو القائل بالحديث القدسي لهم: "... يَا عِبَادِي إِنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا، فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ... "[رواه مسلم].

أيها الأحبة: وإن المؤمن ليتعجب أعظم العجب من فضل الله -تعالى- وكرمه وجوده وإحسانه بعباده، وكيف أنه يغفر الذنوب العظام بأعمال يسيرة في جهدها قليلة في وقتها يستطيعها كل أحد، لكن لا يوفق لها كل أحد، جعلنا الله -تعالى- من الموفقين لها إنه جواد كريم.

ومن هذه الأعمال الصالحة اليسيرة: الوضوء ثلاثاً، وصلاة ركعتين بعده لا يحدث فيهما نفسه؛ عَنْ حُمْرَانَ، مَوْلَى عُثْمَانَ أَنَّهُ رَأَى عُثْمَانَ دَعَا بِإِنَاءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مِرَارٍ فَغَسَلَهُمَا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَمِينَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ، -الاستنثار هو إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق- ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ وَيَدَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[رواه البخاري ومسلم].

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚


الخطبة الثانية:
الحمد لله، الحمد لله الذي جعل لكل شيء قدرًا، وأحاط بكل شيء خبرًا، أحمده -سبحانه- وأشكره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

أما بعد: أيها الناس: اتقوا الله حق التقوى، وخذوا من دنياكم لأخراكم، فإن أجسامكم على النار لا تقوى، وتواصوا بالحق، وليعنْ بعضكم بعضاً.

عباد الله: ومن صور عذاب أهل النار أنهم يربطون بسلاسل وأغلال ويضربون بمقامع، فقد خلق الله في جهنم سلاسل يُقرن بها كل كافر ومثله، وأغلالاً تُغَلّ بها أيدي الكفار والعصاة إلى أعناقهم، ويوثقون بها، ومقامع يُضربون بها، قال الله تعالى: (إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا) [الإنسان: 4].

وما أشد حسرة الكافر حين يؤمر به إلى جهنم، ويقال للزبانية الغلاظ الشداد: (خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ) [الحاقة: 30-32]، فيجعل في عنقه غُلاً يخنقه، ثم يقلب على جمر جهنم ولهبها، ثم يُنظم في سلسلة من سلاسل الجحيم في غاية الحرارة، ذرعها سبعون ذراعاً، تدخل في دبره، وتخرج من فمه، ويعلق فيها، فلا يزال يعذب هذا العذاب العظيم.

تصور -يا عبد الله- أن سلسلة من سلاسل النار، طولها سبعون ذراعاً بذراع أهل النار يسلك فيها، تُدخل من فمه وتخرج من دبره ليشوى في النار كما تشوى الدجاجة في المقلاة، -ولا حول ولا قوة إلا بالله-. والسبب الذي أوصله إلى هذه المكانة، وهذه الحال، كفره بربه، ومعاندة رسله: (إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ * وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هَاهُنَا حَمِيمٌ * وَلَا طَعَامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ * لَا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخَاطِئُونَ) [الحاقة: 33-37].

فيا إخوتي في الله: من كان مستقيماً وملتزماً بمنهج الله؛ فليحمد الله وليطلب من الله الثبات حتى يلقى الله، ومن كان مقصراً وكلنا ذاك الرجل؛ كلنا مقصرون، فلنتب إلى الله -عز وجل-.

ولنحذر فإن في جهنم من النكال والعذاب الشديد، والألم الموجع، والطعام الكريه المر ما تقشعر لهوله الأبدان، وتتفطر له الأكباد، وتذهل منه العقول كما قال -سبحانه-: (إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا * وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا) [المزمل: 12، 13]. ويُضرَب الكفار بمقامع من حديد في النار كما قال سبحانه: (وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ) [الحج: 21، 22].

ويُقرن الكفار مع أمثالهم وشياطينهم بالسلاسل، وتغلّ أيديهم إلى أعناقهم، ثم يسحبون في الحميم الذي اشتد غليانه وحرّه، ثم يوقد عليهم اللهب العظيم، ويُسجرون في النار، ثم يوبخون على شركهم وكذبهم. (الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ * إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ * فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ * ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا بَلْ لَمْ نَكُنْ نَدْعُو مِنْ قَبْلُ شَيْئًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ الْكَافِرِينَ) [غافر: 70-74].

قل لي -يا أخي- بربك إذا وقفت ذلك الموقف الرهيب، تصور -يا أخي- ولا تعش في الخيالات ولا تلغِ عقلك.

مثِّل لنفسك أيها المغرور *** يوم القيامة والسماء تمور
قد كورت شمس النهار وأدنيت*** حتى على رأس العباد تفور
وإذا الجبال تقلعت بأصولها *** ورأيتها مثل السحاب تسير
وإذا البحار تأججت نيرانها *** ورأيتها مثل الحميم تفور
وإذا الجنين بأمه متعلق *** يخشى الحساب وقلبه مذعور

يقول الله: (يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً) [المزمل:17]،كيف أنا وأنت ذلك اليوم؟ الأمر أصعب من ذلك، بم تجيب إذا سُئلت هذا السؤال؟ ماذا كنت تعمل؟ ماذا تقول؟ أعد من الآن الجواب.

أيها الإخوة: عودوا إلى ربكم، واعبدوه وحده ولا تشركوا به شيئًا، واستقيموا على شرعه، ولا تغرنكم الحياة الدنيا.

عباد الله : صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56]
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

نعم فقط! لم يطيلوها؛ لأنه ليس هناك مجال للتطويل؛ لأنهم في النار والذي في النار لا يستطيع أن يتكلم كثيراً: (فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [الأعراف:44] أعاذنا الله وإياكم من النار.

ثم يأتي نداء من أهل النار: (وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْمَاءِ) [الأعراف:50] لا يريدون إلا الماء؛ لأنهم في نار تشوي أجوافهم وأكبادهم (أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ) [الأعراف:50]، نعوذ بالله من سوء المصير.

عباد الله: هل تفكرنا يومًا فيمن هو الرابح مع الله، ومن هو الخاسر؟ اسمعوا ماذا يقول الله -عز وجل-: (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) [الزمر:15] هذا هو الخاسر، ليس الخاسر الذي ضاعت عمارته أو انقلبت سيارته، بل الخاسر الذي إذا مات خسر نفسه وأهله ودخل النار (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ * لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) [الزمر:15-16] هذه الخسارة يوم يكون الظلال ناراً، ومن تحتك نار، وأنت بين ناري السماء والأرض (لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ) [الأعراف:41] هذه الخسارة الحقيقية، وهي صورة بشعة من عذاب لا ينقطع ولا يخفف، بل يستمر شديدًا صعبًا.

إن الخاسرين الحقيقيين هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ألا ذلك هو الخسران المبين، ما هو الخسران؟ قال: (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ) [الزمر:16] أي: اتقوا عذابي، هذا كلام الله، أخوفكم يا عبادي! من عذابي فاتقوا عذابي.

أيها الإخوة: هل تدرون أعظم أماني أهل النار؟! إنه الموت، نعم فالموت أعظم أمنية عند أهل النار، ومن شديد عذاب أهل النار أن النار ليس فيها موت، ينادون وهم في شعابها بُكِيّاً من توالي عذابها، ينادون: يا مالك -خازن النار- قد نضجت منا الجلود، يا مالك! قد تقطعت منا الكبود، يا مالك! قد أثقلنا الحديد، يا مالك! أخرجنا منها فإنا لا نعود، فلا يجيبهم، بعد ذلك يدعون مالكاً في الهلاك يقولون: (وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ) [الزخرف:77] يعني: أمتنا (قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ * لَقَدْ جِئْنَاكُمْ بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ) [الزخرف:77-78].

أيها الإخوة: وإن من أشد أهل النار عذاباً إبليس عليه لعنة الله، وهو أول من يُكسى حلة من النار؛ لأنه إمام كل كفر وشرك وشر، فما عُصي الله إلا على يديه وبسببه، قال الله تعالى: (فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا * ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا * ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا) [مريم: 68-70]، وقال -سبحانه-: (أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ) [ق: 24-26]، ثم الأخبث فالأخبث من نوابه في الأرض ودعاته، كفرعون وقارون وأمثالهما، قال الله تعالى: (وَحَاقَ بِآَلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ * النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آَلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ) [غافر: 45، 46]، ويزيد الله في عذاب الكافرين الذين صدوا عن سبيله، قال الله تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ) [النحل: 88]. ومن أشد أهل النار عذابًا المنافقون، فهم في أسفل دركاتها، قال الله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا) [النساء: 145].

أيها الإخوة: ومما جاء في السنة النبوية عن أشد الناس عذابًا في الآخرة طوائف من الناس، منهم المصورون، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أشَدَّ النَّاسِ عَذَاباً عِنْدَ الله يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْمُصَوِّرُونَ" [أخرجه البخاري: 5950، ومسلم:2109]. ومنهم الجبابرة غلاظ القلوب والقساة، والمشركون بالله تعالى، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : "تَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَهَا عَيْنَانِ تُبْصِرَانِ وَأُذُنَانِ تَسْمَعَانِ وَلِسَانٌ يَنْطِقُ يَقُولُ: إِنِّي وُكِّلْتُ بِثَلَاثَةٍ بِكُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَبِكُلِّ مَنْ دَعَا مَعَ الله إِلَهًا آخَرَ،

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

------------------------------------------------

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

كما أن الاختلاط بين الجنسين بين الرجال والنساء مصيبة عظمى، وطامة كبرى، والبلية كل البلية اختلاط الجنسين في أماكن العمل والبيع والشراء وغير ذلك، هذا الاختلاط الذي ينزع جلباب الحياء، ويحطم الحواجز الإيمانية، ويقضي على القيم والفضائل، ويزيل الحياء من القلوب، هذا الاختلاط له أضرار ومساؤه ومهما غرر له ومهما ابتدع عنه فهو مصيبة وبليلة لا بد تنخر في المجتمع المسلم حتى تقيض أخلاقه وفضائله، فالاختلاط بين الجنسين من أعظم الوسائل والذراع لنشر الفواحش والمنكرات. نسأل الله أن يهدي الجميع للخير، وأن يعصم الجميع بالإيمان وتقوى الله.

ومن الأسباب أيضًا: حصول التبرج والسفور من النساء، فالمرأة المسلمة متى التزمت بالحجاب الشرعي، وابتعدت عن السفور والتبرج كان عونًا له على الخير وإبعادًا عن الشر؛ لكن إذا خرجت إلى الأسواق متبرجة تكشف وجهها أمام البائعين وتخاطبهم بأقوال معسولة، وتبادل الأحاديث الطويلة بلا حاجة، والتسكع في الطرقات وفي الأسواق بلا سبب ولا داعي كل هذه وسائل شر ينبغي للمسلمين الترفع عنها والبعد عنها.

أخي المسلم: إن الله جلَّ وعلا ساق لنا قصة يوسف عليه السلام في سورة كاملة عظيمة يتلوها المسلمون إلى يوم القيامة، هذه الآيات قال الله في أخرها: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف: 111]، نبي الله الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابتُلي وامتُحن؛ ولكن صبر وصابر، أغلقت دونها الأبواب وهيأت له أسباب الفاحشة، شاب فَتِيّ أعطي شطر الحسن، رقيق عند تلك المرأة التي اشتره سيدها أسيرها زوجها رقيق عندها، شاب فتي أعطي شطر الحسن، أغلقت الأبواب دونه وضيق عليه لأجل مقاربة الفاحشة؛ ولكن إيمانه الذي في قلبه إيمانه الصادق وإرادة الخير به ترفع عن هذه الرذائل، وصبر على تلك المحن وقاومها بالالتجاء إلى الله، والتضرع بين يدي الله حتى خرج منها نقيًا سالمًا منها وذلك فضل الله: (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) [يوسف: 24]، فإخلاصه لله وصدق تعامله مع الله، وقوة التوحيد في قلبه، حال بينه وبين معاصي الله: (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) [يوسف: 24] الرؤية القلبية الإيمانية الصادقة التي قد حالت بين المعصية فصبر قليلاً وتلذذ كثيرا، عليه وعلى نبينا وسائر أنبياء الله أفضل الصلاة وأتم التسليم.

إن فيها عبر وعظات فأولا: ليعلم المسلم أنه لا قدرة له على التغلب على نزاعات الهوى والشهوات إلا بعون من الله قال جلَّ وعلا: (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ) [النور: 21]، وقال: (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاتَّبَعْتُمْ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) [النساء: 83].

ثانيًا: لا يخدع المسلم نفسه، ولا يزكي نفسه، ولا يقول أنا قادر وإن خالطت النسوة وجلست معهن، أنا قادر على نفسي، قلنا: لا، ابتعد حق البعد عن الحرام، ولهذا يوسف عليه السلام لما ضيق عليه وهدد بالسجن (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ*فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ) الآية [يوسف: 33- 34].

أيها المسلم: إذًا فلا بد من اللجوء إلى الله وعدم الانخداع بالنفس والبعد عن أهل السوء، فالنسوة أعنّ امرأة العزيز على ما يراد من الباطل؛ ولكن قابلهم إيمان قوي أثبت في القلوب من الجبال الراسية وتغلب على تلك النزعات والشهوات ونال الخير العظيم قال الله عنه أنه قال: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنْ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [يوسف: 102]، أولئك الأخيار الأطهار، أولئك الصلاح الفضلاء الذين قال الله فيهم: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمْ اقْتَدِهِ) [الأنعام: 90]، أسأل الله العلي العظيم أن يحفظنا بالإسلام، وأن يثبتنا على دينه، وأن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدنا إنه ولي ذلك والقادر عليه

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم،
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنَّه هو الغفور الرحيم.
-------------------------------------------------  

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

العفة فوائدها وأسبابها - الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ

الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا؛ ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه، وعلى آلهِ وصحبِهِ، وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين،
أمَّا بعد: فيا أيُّها الناسَ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.

عباد الله: العفة خُلق كريم، وصفة جميلة، خُلق المتقين، وصفة الشباب المحافظين، تنبت في روضة الإيمان، وتُسقى بماء الحياء والطهر والاستقامة، هذه العفة حقيقتها البعد عما لا يحل وما لا يجمل، والبعد عن الفواحش والمنكرات، وقَصْر الإنسان نفسه على ما أباح الله له.

وقد أمر الله العاجزين عن الزواج بالعفة، ووعدهم إذا هم فعلوا ذلك أن يعينهم ويغنيهم وييسر أمورهم، قال تعالى: (وَلْيَسْتَعْفِفْ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) [النور: 33]، وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الله يعين من يريد الزواج فالحديث: «ثَلاَثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمُ» وذكر منهم «الشاب يتزوج الْعَفَافَ»، فمن قصد الخير وأراده وعف عن محارم الله يسر الله أمره وفتح له من أبواب الرزق من فضله ما لا يخطر في باله.

والعفة كانت من الأخلاق والمبادئ التي يدعو إليها محمد صلى الله عليه وسلم، يسأل هرقل الروم أبا سفيان قبل أن يسلم يقول له: بأي شيء يأمركم محمد، قال له: يقول لنا اعبدوا الله لا تشركوا به شيئًا، ودعوا ما كان يعبد أسلافكم، ويأمرنا بالصلاةِ والزكاةِ والصدقِ والعفافِ والصلةِ.. إذًا فالعفة مبدأ دعا إليه محمد صلى الله عليه وسلم وربى عليه أتباعه.

أيها المسلم: وللعفة عن محارم الله فوائد كثيرة ذكرها الله في كتابه، وبينها محمد صلى الله عليه وسلم، قال الله جلَّ وعلا مبينًا ومعددًا صفات المؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ*فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ) [المؤمنون: 5- 7]، وقال في المؤمنات: (فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ) [النساء: 34]، وقد وعدهم على هذا الخلق الكريم خير ما يقصده العبد ويريده وهو جنات النَّعيم قال تعالى: (أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ) [المعارج: 35]، وقال: (أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [المؤمنون: 10- 11]، ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول: «أهلُ الجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ: ذُو سُلطانٍ مُتصَدِّقٌ مُوَفَّقٌ، وَرَجُلٌ رَحيمٌ رَقِيقُ القَلْبِ على كُلِّ ذي قربى ومُسْلِم، ورجل عَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذو عِيالٍ».

ومن فوائدها أنها سبب لإجابة الدعاء والخلوص من المضايق والمصائب أخبر صلى الله عليه وسلم عن قصة أصحاب الغار ودعواتهم وكيف نجاهم الله من ذلك المصيبة فذكر أحدهم قائلاً: «اللهم إنه كانت لي ابنة عم كنت أحبها أعظم أشد ما يحب الرجال النساء، فراودتها عن نفسها فأبت، حتى ألمت بها سنة جوع فجاءتني فأعطيتها عشرين ومائة دينار على أن تخلي بيني وبين نفسها ففعلت، فلما تمكنت بها قالت: اتق الله ولا تفض الخاتم إلا بحقه، فقمت عنها وتركت العشرين ومائة دينار لها، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك ففرّج عنا ما نحن فيه ففرج شيء من الصخرة».

اسمع -أخي المسلم- كيف حال خوف الله بين هذا الرجل وبين الوقوع في المعصية بعد التمكن والقدرة عليها، لكن جاء ما هو أعظم من ذلك وهو مخافة الله (ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) [إبراهيم: 14]، (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ) [الرحمن: 46].

ومن فوائد العفة أن الله جلَّ وعلا ذكر في فضلها سورةً كاملة عن يوسف الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم سورة كاملة فيها تفاصيل ما مر وجرى، سيد الموقف العفة والتعفف عن محارم الله.

ومن فوائد ذلك أن الله جلَّ وعلا حمى أعراض الإعفاء، ورتب على هاتك الأعراض أعظم وعيد فقال: (إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ*يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النور: 23 - 24]، ورتب الحد، ورد الشهادة، وحكم بالفسق على قابض المسلم بغير حق: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ*إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [النور: 4- 5].

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

والمؤمن في مثل هذه الأحوال لا يَغتَرُّ بنفسِه، ولا يركن إليها؛ بل يلتجأ إلى المُعِينِ تبارك وتعالى، تقول امرأةُ العزيز: ﴿ وَلَقَدْ رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ ﴾؛ أي: استعانَ بالله تعالى، وامْتَنَعَ. ومن أعظم أسباب الوقوع في الفواحش، والاستهانةِ بها، والتَّلذُّذِ بها، الصُّحبةُ السَّيئة، ألا ترى أنَّ امرأةَ العزيز لَمَّا انتشرت هذه الفضيحة بين النساء؛ رجعتْ لِمَنْ حولها من صُوَيْحِباتِ السُّوء، فشَجَّعْنَها على ذلك، وذهَبْنَ إلى يوسفَ يَطْلُبنَ منه أنْ يَرضَخَ لِطَلَبِها! فقال: ﴿ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنْ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [يوسف: 33، 34].

أيها المسلمون.. إنَّ الحديث عن صِيانةِ الأعراض، وتزكيةِ النفوس، وتنميةِ دواعي العفة والطهارة ليست شِعاراتٍ عاطفيةً، أو مُجرَّد كَمَالاتٍ خُلُقِيَّة؛ إنها أصلُ تماسُكِ المجتمع، وأساسُ ِبَقاِئه، ومقصدٌ عظيم من مقاصدِ الشرع الحنيف. تأمَّلْ كيف جَمَعَ اللهُ تعالى العفافَ والأمنَ في آيةٍ واحدة مع توحيدِه، وجعل إزهاقَ الأرواح وانتهاكَ الأعراض قَرِينَ الشِّرك: ﴿ وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا ﴾ [الفرقان: 68، 69].

وفي الكتاب العزيز والسُّنة المُطهَّرة آدابٌ شتَّى: للنظر، والاستئذان، والتَّستُّر، والتَّكشُّف، والزِّينة، وسفرِ المرأة، وخَلوَتِها، وعودةِ الرجل إلى بيته، وموقفِ المرأة من أقاربِها وأقاربِ زوجِها؛ كلُّ ذلك من أجل العِفَّةِ والعفاف، فإنَّ أوَّل مداخلِ الشيطان: هو إِطْلاقُ البصرِ والاختلاط: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ [النور: 30، 31]. ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾ [الأحزاب: 53]. كلُّ ذلك سَدٌّ لمنافذ الشيطان.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية
الحمد لله حمدا يليق بجلال الله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على طريقته ونهجه.

عباد الله.. من أعظم أسباب العفاف: التربية الإيمانية؛ وتقوية الصِّلَة بالله تعالى؛ فتعلَمْ أنَّ الله سبحانه يراكَ في السِّر والعَلَن، يقول تعالى: ﴿ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ ﴾ [الأنعام: 3]، يقول ابنُ عباسٍ - رضي الله عنهما - في قوله: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19]: (هو الرجل يكون في القوم، فتَمُرُّ بهم المرأةُ، فيُرِيهم أنه يَغُضُّ بَصَرَه عنها، وإذا غَفَلوا لَحَظَ إليها، وإذا نظروا غَضَّ بصرَه عنها، وقد اطَّلَعَ اللهُ من قلبه أنه وَدَّ أنْ يَنظُرَ إلى عَورتِها).

ومن الوسائل التي تُقوِّي الإيمان، وتَحُدُّ من الشهوة: الصيام فله أثَرٌ عظيم في تحقيق العَفاف؛ به يستعين المُتَعَفِّفون، وبه يَتَحصَّن المُتَحَصِّنون، وبه ينشغل العاجِزُون، يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ! مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» رواه البخاري ومسلم. ومن الوسائل أيضًا: مراقبةُ اللهِ تعالى والحياءُ منه؛ فإنه تعالى سميع بصير. قال بعضهم: (استحيي من الله على قَدْرِ قُربِه مِنكَ، وخَفِ اللهَ على قَدْرِ قُدرتِه عليك. وإذا تكلَّمْتَ فاذكر سَمْعَ اللهِ لك، وإذا سَكَتَّ فاذكر نظَرَه إليك).

ومن أسباب العفة: التربية الأخلاقية؛ قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» صحيح - رواه الترمذي. ومن الأسباب: تَجَنُّب المُثِيراتِ الجِنْسية، وهذا يتأتَّى بِغَضِّ البصر، والابتعادِ عن مَواطِنِ الفتنةِ.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

----------------------------------------------

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

تعالى ودعائه بظهر الغيب، وقد نَصحَنَا النبي-صلى الله عليه وسلم- بالخبيئة الصالحة - وهي العمل الصالح الخفي الذي لا يعلم به إلا الله تعالى- فقال: " مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَبْءٌ مِنْ عَمَلٍ صَالِحٍ فَلْيَفْعَلْ " رواه أحمد في الزهد وصححه الألباني.

وجاء عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: " ثلاثة يحبهم الله عز وجل، ويضحك إليهم، ويستبشر بهم: الذي إذا انكشفت فئة قاتل وراءها بنفسه لله عز وجل؛ فإما أن يقتل، وإما أن ينصره الله ويكفيه، فيقول الله: انظروا إلى عبدي كيف صبر لي نفسه؟! والذي له امرأة حسناء، وفراش لين حسن، فيقوم من الليل، فيقول: يذر شهوته، فيذكرني ويناجيني، ولو شاء رقد! والذي يكون في سفر، وكان معه ركب؛ فسهروا ونصبوا، ثم هجعوا، فقام من السحر في سراء أو ضراء " رواه الطبراني بإسناد حسن.

وما أجمل قول أحدهم: " كن مثل فريد الدين العطار في المعرفة، ومثل الغزالي في الذكاء والعلم، وكن كما تشاء، إلا أنه لا شيء ينفعك ولا شيء يجديك ما لم يكن لك أنة لله تعالى في السحر ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) [النحل:97].

عباد الله: إن فوق أديم الأرض من العلماء والصلحاء والعباد والزهاد من يفوق في مجاله كثيراً ممن تعرفون من العلماء ومن تفقدون من الفقهاء والصلحاء، وما برز من برز على طول الأرض وعرضها في قديم الأيام وحديثها إلا بتوفيق من الله تعالى وإكرام منه لأولئك القوم الذين امتلأت قلوبهم صدقاً وإخلاصاً وخوفاً وخشية منه سبحانه-هكذا نحسبهم- وهذا طريقهم لمن أراد اللحاق بهم والاحتذاء حذوهم؛ فالمعول عليه -بعد توفيق الله ومنته- صلاح القلب واستقامته؛ لأن صلاح الجسَد مرتبِط بصلاحِ القلب؛ كما في الحديثِ الصّحيح: " ألا وإنَّ في الجسد مضغةً، إذا صلَحت صلَح الجسد كلّه، وإذا فسَدت فسد الجسد كلّه، ألا وهي القلب ".

يقول ابن رجب رحمه الله في شرح هذا الحديث: " فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه واجتنابه للمحرمات واتقاءه للشبهات بحسب صلاح حركة قلبه، فإن كان قلبه سليمًا ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله وخشية الله وخشية الوقوع فيما يكرهه؛ صلحت حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها، وتوقي الشبهات حذرًا من الوقوع في المحرمات "، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ".

فيا لله العجب من أقوام صرفوا جلّ اهتمامهم في تحسين ظواهرهم، وغفلوا عن قلوبهم وأفئدتهم، فلنلجأ عباد الله إلى الله ولنتضرع إليه ونسأله سبحانه القلب السليم فقد قال تعالى مخبرًا عن دعاء الراسخين في العلم: ( رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ) [آل عمران: 8]، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم مصرف القلوب، صرف قلوبنا على طاعتك " رواه مسلم، وكان من دعائه أيضًا: " وأسألك قلبًا سليمًا ".

أيها المسلمون: أعمار أمة محمد صلى الله عليه وسلم ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز ذلك كما ثبت عند الترمذي وغيره بسند صحيح، ومن بلغ الستين من عمره فقد وصل إلى مرحلة الضعف والشيبة حيث تضعف الهمة والحركة والبطش، ويسوء الحفظ ويقل العلم وتتغير الصفات الظاهرة والباطنة; لكن فئاماً من أمة محمد صلى الله عليه وسلم اصطفاهم الرحمن فجعلهم من القلة الذين يجوزون الستين والسبعين فأمدهم المولى بصحة في أجسامهم وقوة في هممهم ونشاط في حركاتهم قصرت همم الشباب عن مجاراتهم واللحاق بهم وما نال أولئك الأصفياء ما نالوا إلا بإيمانهم وعملهم الصالح، وقد قال بعض العلماء تعليقاً على قوله تعالى: ( ثم رددناه أسفل سافلين * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) [التين:5-6] : " إن العلماء العاملين لا ينالهم هذا الخرف وضياع العلم والعقل من شدة الكبر " بل يكافئهم الله على ما قدموه في شبابهم وقوتهم من عمل صالح، فجعل لهم الأجر غير الممنون على أعمالهم التي كانوا يعملونها وهم أقوياء على العمل. (بتصرف يسير من تفسير الطبري وأضواء البيان).

فيا عباد الله ويا معاشر الشباب: من أراد منكم التمتع بقواه وعلمه وحفظ عقله في حال قوته وضعفه فعليه بهاتين الوسيلتين:

الأولى: الإيمان والعمل الصالح، وشاهد هذا قوله تعالى ( ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات) أتى الإمام الطبري -أحد علماء الإسلام- إلى سفينة فركبها، فلما اقتربت من الشاطئ، وهو في السبعين من عمره أراد أن ينزل إلى الشاطئ، فقفز، فأراد الشباب -وهم معه- أن يقفزوا، فما استطاعوا، فقالوا له: كيف استطعت وأنت شيخ، وما استطعنا ونحن شباب؟
قال: هذه أعضاء حفظناها في الصغر، فحفظها الله لنا في الكبر. ( فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ) [يوسف:64]

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

الأمن والاستقرار أهميته وأسبابه - خطب مختارة
ملتقى الخطباء - الفريق العلمي
https://khutabaa.com/ar/article/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%86-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A3%D9%87%D9%85%D9%8A%D8%AA%D9%87-%D9%88%D8%A3%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D8%A8%D9%87-%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D9%85
#الخطيب

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

🕌 اللغة العربية في أداء الخطبة (في غير البلاد الناطقة بها)؛ ليست شرطاً لصحتها، ولكن الأحسن أداء "مقدمات الخطبة وما تضمنته من آيات قرآنية"= باللغة العربية؛ لتعويد غير العرب على سماع العربية والقرآن، ثم يتابع الخطيب ما يعظهم به بِلُغَتِهِمُ التي يفهمونها🎤
———•———•———
📕قرارات المجمع الفقهي (ص/99) (الدورة الخامسة، القرار الخامس)

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

مجموعة مختارات عن العمال والخدم وذوو الاحتياجات الخاصة
https://khutabaa.com/ar/article/%D9%85%D8%AC%D9%85%D9%88%D8%B9%D8%A9-%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%AF%D9%85-%D9%88%D8%B0%D9%88%D9%88-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AD%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%AC%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D8%B5%D8%A9
#الخطيب

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

🕌منافع الخطابة🎤
———•———•———
🌟يقول ابن عاشور: (إن الخطابة ركن عظيم من آداب الاجتماع البشري، فبها يحصل تهذيب الجمهور، وحملهم على ما فيه صلاحهم، وتسكين جَأْشِهم عند الرَّوْع، وبث حماسهم عند اللقاء. وحسبك من منفعة الخطابة: أن الله شرع الخطبة عند كل اجتماع مهم: من جمعة، وعيد، وحج)🎙️
———•———•———
📕أصول الإنشاء والخطابة، ابن عاشور (٣٣-٣٤)

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

👍 ـ للإشتارك بصفحتي ومتابعـة منشـوراتي علـى الفيسبوك إضـغـط على:☟
https://www.facebook.com/profile.php?id=61558566297177

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

"لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ" المراد لا يحدثها بشيء من أمور الدنيا وما لا يتعلق بالصلاة، ولو عرض له حديث فأعرض عنه بمجرد عروضه عفي عن ذلك، وحصلت له هذه الفضيلة -إن شاء الله تعالى-؛ لأن هذا ليس من فعله، وقد عفي لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر".

ومن وافق تأمينه في الصلاة تأمين الملائكة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: إِذَا قَالَ الْإِمَامُ: (غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ) [الفاتحة: 7] فَقُولُوا: آمِينَ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[رواه البخاري ومسلم].

وكذلك وافق تحميده فيها تحميد الملائكة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "إِذَا قَالَ الْإِمَامُ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ -أي في الصلاة- فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ الْمَلَائِكَةِ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ"[رواه البخاري ومسلم].

وهنا تنبيهان ينبغي للمصلين التنبه لهما:

الأول: أن لا يسرع الإمام بقول آمين، بل يمدها كما هو حقها.

الأمر الثاني: أكثر المأمومين يبادر بالرفع والتحميد قبل إتمام الإمام قول: "سمع الله لمن حمده" فيقع بالخطأ ويفوت على نفسه هذا الفضل، لكن من صبر راكعاً حتى يتم الإمام قول: "سمع الله لمن حمده" ثم يرفع قائلا: "اللهم ربنا لك الحمد" فإنه يوفق بإذن الله.

ومن الأعمال السهلة التي تكون سبباً بمغفرة الذنوب؛ ما رواه سَعْدُ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ الْمُؤَذِّنَ: وَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، رَضِيتُ بِاللهِ رَبًّا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولًا، وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا، غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ"[رواه مسلم].

قال شيخنا محمد العثيمين -رحمه الله-: "هذه تقال إذا قال المؤذن: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، وقلت معه فقل هذا".

ومن ذلك التسبيح والتحميد والتكبير بعد الفريضة؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: عَنْ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ سَبَّحَ اللهَ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَحَمِدَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، وَكَبَّرَ اللهَ ثَلَاثًا وَثَلَاثِينَ، فَتْلِكَ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ، وَقَالَ: تَمَامَ الْمِائَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ غُفِرَتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ" [رواه مسلم].

أي في الكثرة والعظمة وهو ما يعلو على وجه البحر عند هيجانه وتموجه.

أيها الإخوة: كم نفرط فيها مع الأسف وهي لا تأخذ من وقتنا إلا دقيقتين فقط، وقد شخص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سبب تركنا لبعض الأذكار مع عظيم أجرها؛ فقال لأصحابه -رضي الله عنهم- لما قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: كَيْفَ هُمَا يَسِيرٌ وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِمَا قَلِيلٌ؟ قَالَ: "يَأْتِي أَحَدَكُمْ -يَعْنِى الشَّيْطَانَ- فِي مَنَامِهِ فَيُنَوِّمُهُ قَبْلَ أَنْ يَقُولَهُ، وَيَأْتِيهِ فِي صَلاَتِهِ فَيُذَكِّرُهُ حَاجَةً قَبْلَ أَنْ يَقُولَهَا"[رواه أبو داود وصححه الألباني].

ومن ذلك المشي إلى المسجد متوضئاً؛ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا تَوَضَّأَ أَحَدُكُمْ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّلاَةِ لَمْ يَرْفَعْ قَدَمَهُ الْيُمْنَى إِلاَّ كَتَبَ اللَّهُ -عز وجل- لَهُ حَسَنَةً، وَلَمْ يَضَعْ قَدَمَهُ الْيُسْرَى إِلاَّ حَطَّ اللَّهُ -عز وجل- عَنْهُ سَيِّئَةً؛ فَلْيُقَرِّبْ أَحَدُكُمْ أَوْ لِيُبَعِّدْ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ فَصَلَّى فِي جَمَاعَةٍ غُفِرَ لَهُ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا بَعْضًا وَبَقِىَ بَعْضٌ صَلَّى مَا أَدْرَكَ وَأَتَمَّ مَا بَقِىَ كَانَ كَذَلِكَ، فَإِنْ أَتَى الْمَسْجِدَ وَقَدْ صَلَّوْا فَأَتَمَّ الصَّلاَةَ كَانَ كَذَلِكَ"[رواه أبو داود وصححه الألباني].

ومن أيسر الأعمال التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل؛ فعَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ غُصْنًا فَنَفَضَهُ فَلَمْ يَنْتَفِضْ، ثُمَّ نَفَضَهُ فَلَمْ يَنْتَفِضْ، ثُمَّ نَفَضَهُ فَانْتَفَضَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، تَنْفُضُ الْخَطَايَا كَمَا تَنْفُضُ الشَّجَرَةُ وَرَقَهَا" [رواه أحمد وغيره وحسنه الألباني].

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

-----------------------------------------------

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وَبِالْمُصَوِّرِينَ" [أخرجه أحمد:8411، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة: 512].

ومن أصناف المعذبين يوم القيامة: النساء، وذلك أنهن ينسين كثيرًا من المعروف الذي يقدمه لهن أزواجهن، وينكرن الخير، وسريًعا ما يجحدن الإحسان، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أُرِيتُ النَّارَ، فَإذَا أكْثَرُ أهْلِهَا النِّسَاءُ، يَكْفُرْن". قِيل: أيَكْفُرْنَ بِالله؟ قال: "يَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، وَيَكْفُرْنَ الإحْسَانَ، لَوْ أحْسَنْتَ إلَى إحْدَاهُنَّ الدَّهْرَ، ثُمَّ رَأتْ مِنْكَ شَيْئًا، قَالَتْ: مَا رَأيْتُ مِنْكَ خَيْرًا قَطُّ" [أخرجه البخاري: 29، ومسلم: 907].

عباد الله: أما أهون أهل النار عذاباً فقد جاء خبره في الحديث الصحيح، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِنَّ أهْوَنَ أهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ رَجُلٌ، عَلَى أخْمَصِ قَدَمَيْهِ جَمْرَتَانِ، يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ كَمَا يَغْلِي الْمِرْجَلُ وَالْقُمْقُمُ" [أخرجه البخاري: 6562 ، ومسلم: 213]، يا الله، أحدنا اليوم يتألم بشدة لألم في الضرس، أو لقليل من الصداع، فما بالك بمن يغلي دماغه من النار، يا رب سلم سَلِّم.

ومن هؤلاء أبو طالب عم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فالله الملك العدل، رفعه في النار لأقل النار عذابًا نظرًا لما كان قام به من الدفاع عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أهْوَنُ أهْلِ النَّارِ عَذَابًا أبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنْتَعِلٌ بِنَعْلَيْنِ يَغْلِي مِنْهُمَا دِمَاغُهُ" [أخرجه مسلم: 212].

أيها الإخوة: وكثيرا من أصحاب الأموال اليوم يظن أنه يفدي نفسه بماله عندما يقع في المشكلات والمصائب فهل هذا يمكن في الآخرة؟! كلا وألف كلا، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لِيَفْتَدُوا بِهِ مِنْ عَذَابِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَا تُقُبِّلَ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ) [المائدة: 36، 37]. وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يَقُولُ الله تَعَالَى لأهْوَنِ أهْلِ النَّارِ عَذَاباً يَوْمَ الْقِيَامَةِ: لَوْ أنَّ لَكَ مَا فِي الأرْضِ مِنْ شَيْءٍ أكُنْتَ تَفْتَدِي بِهِ؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: أرَدْتُ مِنْكَ أهْوَنَ مِنْ هَذَا، وَأنْتَ فِي صُلْبِ آدَمَ: أنْ لا تُشْرِكَ بِي شَيْئاً، فَأبَيْتَ إِلا أنْ تُشْرِكَ بِي" [أخرجه البخاري: 6557 ، ومسلم: 2805].

أيها الإخوة: والعذاب في جهنم أنواع ودرجات، وشدته وخفته بحسب الكفر والذنوب. وهو نوعان:

بدني: على الأبدان بالنار والإحراق، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) [فاطر: 36]، فهناك عذاب على ظاهر الجسد، وهناك عذاب على باطن الجسد، وهناك عذاب على الأعضاء والجوارح، وهناك عذاب تملأ الأحشاء فيه جحيماً وناراً، كلما نضجت الجلود بدلهم الله غيرها، قال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَارًا كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَزِيزًا حَكِيمًا) [النساء: 56].

والثاني عذاب نفسي: على الأرواح بالإهانة والصغار، قال الله تعالى: (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ) [الأنعام: 124]، وهناك عذاب الإهانة والصغار، وهو أشد وأعظم، وهناك عذاب كعذاب الكفار، وهناك عذاب منقطع كعذاب عصاة الموحدين، وهناك عذاب خفيف، وليس في النار خفيف، ولكنه عذاب دون عذاب، قال تعالى: (سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغَارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَعَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا كَانُوا يَمْكُرُونَ) [الأنعام: 124].

وأعظم العذاب: أن يحرم العباد من النظر إلى وجه الله في الجنة، ولذلك كان أشد عذاب أهل النار: حجابهم عن رؤية ربهم -سبحانه وتعالى-، قال الله تعالى عن أهل النار: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ) [المطففين: 15، 16].

اللهم جنبنا النار وحرها وغصصها، وكل ما قرب إليها من قول أو عمل، إنك على كل شيء قدير.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه وتوبوا إليه.

-------------------------------------------------

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

عذاب أهل النار

الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي عمت رحمته كل شيء ووسعت، وتمت نعمته على العباد وعظمت، ملك ذلت لعزته الرقاب وخضعت، وهابت لسطوته الصعاب وخشعت، وارتاعت من خشيته أرواح الخائفين وجزعت، كريم تعلقت برحمته قلوب الراجين فطمعت، بصير بعباده يعلم ما كنت الصدور وأودعت، عظيم عجزت العقول عن إدراك ذاته فتحيرت.
نحمده على نعم توالت علينا واتسعت، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تنجي قائلها من النار يوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت، ونشهد أن محمدًا عبده ورسوله الذي جاهد في الله حق جهاده حتى علت كلمة التوحيد وارتفعت، اللهم فصلّ وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد: أيها الناس: فاتقوا الله حق تقاته، وتأهبوا للانتقال من دار الزوال، وتنافسوا في اكتساب ما يوصل إلى دار القرار، وارغبوا في صالح الأعمال، واعلموا أنكم عما قليل راحلون، وإلى الله صائرون، ولا يغني هنالك عمل إلا صالح قدمتموه، أو حسن ثواب أحرزتموه، فإنكم تقدمون على ما قدمتم، وتجازون على ما أسلفتم، فلا تصدنكم زخارف دنيا دنية عن مراتب جنات علية، واكتسبوا مراضي الرحمن، فإنها أربح المكاسب، واجتنبوا موارد العصيان، فإنها وخيمة العواقب، وحاذروا مواعيد الآمال فإنها آمال كواذب.

أيها الإخوة: تعوذوا بالله من حال أهل النار، تعوذوا بالله من صباح إلى النار، ومن ليلةٍ إلى النار، أو ساعة في النار، أو لحظة في النار؛ فإن أجسامنا لا تقوى على النار، وأحوالنا لا تتحمل ظلمات النار ولا ظلمة القبور، انظروا كيف تضيق أخلاق كثير منا؟، وكيف تتعطل جوارحهم حينما تنطفأ عنا الكهرباء عدة دقائق، ونحن نعلم أنها ستعود؛ وحتى إن لم تعد فلدينا وسائل وبدائل كثيرة نستطيع بواسطتها أن نرى، وأن نستفيد من حياتنا، لكن ما ظنكم فيمن يُوضع في القبر، وتحتويه الظلمات من كل جانب ولا يعلم من أين يأتيه النور؟! لأن نور القبور إنما يُكتسب من سلوك العبد في هذه الدنيا، فمن كان في هذه الدنيا على النور مكنَّه الله -عز وجل- من العيش في القبر على النور، قال تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ) [النور:40].

أيها الإخوة: يوم القيامة هو يوم الحسرة، ومما أدراك ما يومُ الحسرة، قال الله -عز وجل-: (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) [مريم: 39] وهذا تخويف وترهيب بيومِ الحسرةِ حين يُقضى الأمرُ، يوم يجمعُ الأولون والآخرون في موقفٍ واحد، يُسألون عن أعمالهم، فمن آمنَ بالله واتبع نبيه سعِدَ سعادةً لا يشقى بعدها أبدًا، ومن تمردَ وعصى شقي شقاءً لا يسعدُ بعده أبدًا، وخسرَ نفسَهُ وأهلَهُ، وتحسرَ وندِمَ ندامةً تتقطعُ منها القلوبُ وتتصدعُ منه الأفئدةُ أسفًا.

وأيُ حسرةٍ أعظمُ من فواتِ رضا الله وجنته، واستحقاقِ سخطهِ وناره على وجهٍ لا يمكنُ معه الرجوعُ ليُستأنف العملُ، ولا سبيلَ له إلى تغييرِ حالهِ ولا أمل. وكثير منا -للأسف- في الدنيا أنهم في غفلةٍ عن هذا الأمرِ العظيم، حتى يواجهوا مصيرَهم فيا للندمِ والحسرة، حيثُ لا ينفعُ ندمُ ولا حسرة.

وأنذرهُم يومَ الحسرة، يوم "يجاءُ بالموت كأنه كبشُ أملح فيوقفُ بين الجنةِ والنار فيقال: يا أهلَ الجنةِ هل تعرفون هذا؟ فيشرأبون وينظرونَ ويقولون نعم هذا الموت. ثم يقالُ يا أهل النارِ هل تعرفون هذا؟ فيشرأبون وينظرونَ ويقولون نعم هذا الموت. قال، فيأمرُ به فيذبحُ، ثم يقال يا أهلَ الجنةِ خلودُ فلا موت، ويا أهلَ النارِ خلودُ فلا موت" [أخرجه البخاري: 4730، ومسلم: 2849].

آه من تأوه حينئذ لا ينفع، ومن عيونٍ صارت كالعيون مما تدمع. إنها حسرةُ بل حسرات، تصدرُ عن معرضين عن الآيات ولاهين ولاهيات عن يومُ الحسرة والحسرات. يوم تبلى السرائر وينكشف المخفي في الضمائر، ويُعرَضُون لا يخفى منهم على الله خافية، ثم يكون المأوى الدرك الأسفل من النار، ثم لا يجدون لهم نصيرًا.

أيها الإخوة: والحذر من مصير أهل النار أمر ضروري جدًا، ليسلم العبد في الدنيا والآخرة، ولذلك فإن التذكير بعذاب النار وقاية للعباد من الوقوع في المهالك، ولذلك كان هذا التذكير بعذابهم، نسأل الله ألا يوردنا موردهم، وأن ينجينا من النار وعذابها.

أيها الإخوة: ومن صور عذاب أهل النار: منع الماء وعدم إجابة الدعاء ولا الرجاء، وقد ذكر الله -تبارك وتعالى- أنه تحصل محادثة بين أهل الجنة وأهل النار، قال -عز وجل- في سورة الأعراف: (وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ) [الأعراف:44] النداء يأتي من الجنة لأهل النار: (أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقاً) [الأعراف:44] يقولون: وجدنا الذي وعدنا الله من النعيم، إنه موجود حقاً ونحن فيه الآن (فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقاً قَالُوا نَعَمْ)[الأعراف:44] أهل النار يقولون: نعم. وما أدرك ما الحسرة التي تصيبهم وهم يقولون نعم.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا، طيِّبًا مباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه، وعلى آله وصحبه وسلّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ.

أما بعدُ: فيا أيُّها الناس، اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.

عباد الله: هناك نوع من العفة عفة المسلم، عفة يده، عفة نفسه سمو أخلاقه، أن لا يذل نفسه لأحد من الخلق؛ بل يكون في نفسه عزة وكرامة اكتسبها من عزة إيمانه: (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون: 8]، فعزته وكرامته تمنعه أن يمد يديه سائلاً طامعًا فيما عند الناس وإنما يسأل ربه يقول الله: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) [النمل: 62]، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ»، فعفة نفسك تمنعك أن تمد للخلق، وأن تكون عزيز النفس باحثًا في مكسب الرزق في كل من الأمكنة المشروعة حتى تكون عزيزًا قويًّا؛ لأن توحيدك لله وإخلاصك لله يجعلك تتجه إلى الله وحده: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) [الفاتحة: 5].

ونبينا صلى الله عليه وسلم ربى أصحابه على هذه الخلق الكريم، قال حكيم بن حزام أتيته أساله فأعطاني ثم فأعطاني ثم سألته فأعطاني، ثم قال: «يَا حَكِيمُ إِنَّ هَذَا الْمَالَ حُلْوَةٌ خَضِر، فَمَنْ أَخَذَهُ بِسَخَاوَةِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِإِشْرَافِ نَفْسٍ بُورِكَ لَهُ فِيهِ، والْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى»، قال حكيم: فقالت يا رسول الله والله لا أخذ من أحد شيئًا، فكان الصديق يقول يدعوه ويعطي حق من الفيء فيقول: لا، ويعطيه عمر ويقول: لا، قال عمر: أشهدكم أني عرضت أن أعطي حكيم بن حزام ما له من الفيء فيأبى أن يقبله، فصار حكيم من أثرياء المسلمين وتجار المسلمين وفتح الله له من الخير الكثير ما الله به عليم.

ونبينا صلى الله عليه وسلم جاءه رجلين يسألانه وكان صلى الله عليه وسلم معروف بالحياء وعفة اللسان صلى الله عليه وسلم فلما أتيا يسألانه قلب فيهم النظر صعد بصره ونزله فقال لهما: «إِنْ شِئْتُمَا أَعْطَيْتُكُمَا وَلاَ حَظَّ فِيهَا لِغَنِىٍّ وَلاَ لِقَوِىٍّ مُكْتَسِبٍ»، وقال: «لاَ تَزَالُ الْمَسْأَلَةُ بالعبد حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ فِي وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ»، وقال: «إن الرجل يسأل مما عندي فأعطيه فإنما هي جمرة يأخذها فليستقل أو ليستكثر»، رباهم على عزة النفوس، وكرة النفوس وعلاوة الهمم - فصلوات الله وسلامه عليه - وصدق الله: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [التوبة: 128] فصلوات الله وسلامه عليه أبدًا دائمًا إلى يوم الدين.

واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَ الحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ على الجماعةِ، ومن شذَّ شذَّ في النار.

عباد الله : صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

ومن فوائد العفة عن محارم الله: أن هذا العفيف يجعله الله يوم القيامة أحد السبعة الذين يظلهم الله تحت ظل عرشه يوم لا ظله إلا ظله، فلما ذكر السبعة قال في أحدهم: «وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ، فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّه" دعته امرأة انظر دعته طلب وليس الطالب ذات منصب ومكان رفيعة وجمال؛ ولكن ما المانع؟ إني أخاف الله؛ لأن الله حرم عليَّ ذلك ومنعني أن أصل إلى الحرام إلا بالطريق المشروع.

أخي المسلم: لهذه العفة أسباب جعلها الله وسيلةً للحفاظ على الطاعة، والبعد عن المعاصي، فمنها التربية الإيمانية، بأن يربى النشء على الخير والعفة وعلى مراقبة الله في أمره ونهيه، يغرس في النفوس تعظيم الله، وأن الله مطلع على العباد وأعمالهم قليلها وكثيرها، سرها وعلانيتها، ليكون المؤمن على حذر وخوف من الله، يذكَّر نفسه قول الله: (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) [المجادلة: 7]، (إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ) [آل عمران: 5]، (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19]، فإذا استقر ذلك في القلب دعاه إلى البعد عما حرم الله عليه من سائر المحرمات كلها.

ومن التربية الأخلاقية الصبر على حرارة الشهوات وتذكر العبد العقوبات الدنيوية والأخروية فلعل في ذلك زاجرًا ومانعًا له من مقاربة المعاصي.

ومن الأسباب: المبادرة بالزواج لمن كان متأهلاً وقادرًا، فالزواج عفة للفرج وغض للبصر يقول صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنِ اسْتَطَاعَ منكم الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ»، فالزواج مع التمكن القدرة عليه مطلوب من المسلم لينشأ على خير وعفة وصلاح واستقامة.

ومن الأسباب غض البصر، فغض البصر يعين على حفظ الفرج، لأن البصر أصول القلب يوصل إليه فيتحرك القلب فيتحرك الجوارح يقول الله جلَّ وعلا: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ*وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ) [النور: 32- 33].

ومن الأسباب أيضًا: الحجاب الذي ترتديه المرأة المسلمة فإن حجابها يمنع الفساق والأرذل من تتبعها والنظر إليها، فحجابها سياج منيع يحول بين أرباب الشهوات المغرية من التسلط على المرأة المسلمة: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ) [الأحزاب: 59]، (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ) [الأحزاب: 53].

ومن الأسباب أيضًا: صحبة ذو الخير والصلاح، وذو العفة وسمو الأخلاقِ الكريمة، فإن في صحبتهم - بتوفيق من الله - عون لك على الخير وحياءً يؤدي ذلك إلى الحياء المطلوب، وصحبة من لا خير فيهم ممن يتساهلون بالأعراض ويستخفون بالجرائم ما تزال صحبتهم حتى يؤثروا من صحبهم بالشر والبلاء.

ومن الأسباب: البعد عن مواضع الشبهات، وأماكن الفساد والترفع عن هذا بكل وسيلة، فعسى الله أن يمن بالثبات على الحق والاستقامة عليه، ولكن يعرض لهذه الأمور أمور أخرى هي خادشة في العفة والسلامة، فأولاً وقبل كل شيء الحب والغرام المبنيٌ على غير هُدى، المحبة بين المؤمنين مطلوبة يحب المؤمن المؤمن، والمؤمن أخو المؤمن، والمؤمن ولي المؤمن: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) [التوبة: 71]؛ لكن الحب الغرامٍ المبنيٌ على الفساد والشر مما يترتب عليه النفوس الطبية، فإن هذا الغرام الذي قاد الشباب والشابات من خلال وسائل التقنية من مقاطع الفيديو واليوتيوب وغير ذلك من هذه الصور الخليعة الماجنة وتبادل الصور من بعد ربما أحدث تصدع من الأخلاق والقيم والفضائل، النظر للشاشات التي تنقل الأفلام الخليعة والمسلسلات الهابطة الداعية إلى الرذيلة وسوء الأخلاق كلها تخدش في الكرامة، فيجب على المسلم البعد عنها.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

ومن أهمِّ أسباب العفة: الصُّحبة الصالحة؛ فإنها تُعِين على غَضِّ البصر، وحِفْظِ الفَرْج، وسَبَقَ ذِكْرُ الأثرِ السَّيِّئ لِصُحبة امرأةِ العزيز حين شَجَّعْنَها على الاستمرار في مُراوَدَةِ يوسف - عليه السلام - والضَّغْطِ عليه.

وأخيرًا: الدعاء؛ كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول في دعائه: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى» رواه مسلم؛ ويقول: «اللَّهُمَّ إنِّي أسْألُكَ العِفَّةَ والعَافِيَةَ فِي دُنْيَايَ وَدِينِي وَأَهْلِي وَمَالِي» صحيح - رواه البزار. فالعَفاف والعِفَّة: هو التَّنزُّه عمَّا لا يُباح، والكَفُّ عنه.

عباد الله : صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

------------------------------------------------

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

العفة طريق للجنة - الشيخ محمود الدوسري

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيماً)
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أمَّا بعد: عَجَّ الزمانُ بالفِتن، وكثرت دواعي الانحرف؛ ولزم المسلم الاستعفاف عن مُواقَعَةِ الحرام، والاستعلاء عن مُقارفةِ الفواحش، والاستعصام عن الرغبات الجامِحَة والإرادات المُهلِكة، ومُجاهدة النفس وصونها عن الأقذار، وكَبْتَها عمَّا لا يحل. ومتى استسلم المرءُ لنوازع الشهوة والغَرِيزة واللَّذة المُحرَّمة؛ فقد تردَّى في مُستنقع البؤس والخَيبة، وخَرَّ في دركات الضَّياع والقلق، والتَّوتر والحَيرة، ﴿ وَمَنْ يَكُنْ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا﴾ [النساء: 38].

والعِفَّة هي: كفُّ النفس عمَّا لا يَحِل، ولا يَجمُل، وضبطُها عن الشهوات المُحرَّمة، وقَصْرُها على الحلال مع القناعة والرِّضا. فالعِفَّة خُلُق زَكِيّ؛ لِمَا فيه من سُمُوّ النفس على الشَّهوات الدَّنيئة. وأصبحت العِفَّة عند طائفةٍ من الناس من الأمور القديمة البالية، مع أنها برهان على صِدق الإيمان، وطهارةِ النفس، وحياةِ القلب، وهي عِزُّ الحياة وشرفُها وكرامَتُها، بها تحصل النَّجاة من مَرارات الفاحشة، وآلامِ المعصية، وحسراتِ عذاب الآخرة، الخارِجُ عنها موصوفٌ بأقبح الأوصاف.

فيا سعادةَ مَنْ عَفَّ، ويا فوزَ مَنْ كَفَّ، ويا هَناءَةَ مَنْ غَضَّ الطرف، طُوبى لِمَنْ حَفِظَ فرجَه، وصان عِرضَه، وأحصنَ نفسَه، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ؛ أَضْمَنْ لَهُ الْجَنَّةَ» رواه البخاري. ففيه إشارةٌ إلى وجوب حِفْظِ اللسان والفرج. والمرادُ بالضَّمان هنا: ترك المعاصي بهما. وقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم: «يَا شَبَابَ قُرَيْشٍ! احْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، لاَ تَزْنُوا، أَلاَ مَنْ حَفِظَ فَرْجَهُ فَلَهُ الْجَنَّةُ» حسن - رواه الحاكم والبيهقي. ولمَّا ذَكَرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أهلَ الجنة - ذَكَر منهم: «عَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ» رواه مسلم.

وأهلُ العفافِ مِمَّنْ يرثون الجنة؛ لأنَّ العفيف أكْرَمَ نفسَه في الدنيا عن الدَّنايا، فأكرمه الله تعالى في الآخرة بأعلى الدرجات، وأحسنِ العطايا، واستحقَّ مِيراثَ الجِنان: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ.... ﴾ ﴿ أُوْلَئِكَ هُمْ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [المؤمنون: 5-11]. فاستحقَّ ميراث الجِنان؛ لأنَّ العِفَّة جُنَّةٌ وكرامة. ومِنَ السَّبعة الذين يُظِلُّهم اللهُ في ظِلِّه يوم ظِلَّ إلاَّ ظِلُّه: «رَجُلٌ طَلَبَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ» رواه البخاري.

وحِين تُعرَض قَصَصُ العفاف؛ فإنَّ أحسَنَها وأعظمَها قِصَّةُ الكريمِ ابنِ الكرام، سَيِّد العَفَاف في ظرفٍ تتهاوى فيه عزائِمُ الرجال الأشِدَّاء، فضلًا عن فتًى غريبٍ نائي الأهلِ والدِّيار، حين راودته التي هو في بيتها عن نفسِه، ﴿ وَغَلَّقَتْ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ ﴾ [يوسف: 23]. فرَغْمَ الوعدِ والوعيد، والسِّجنِ والتَّهديد، إلاَّ أنَّ الله تعالى نَجَّاه بالعفة، فحقيقتها مراقبة الله تعالى في السِّر والعلن، فـ﴿ مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 40، 41].

فمِنْ أعظمِ سُبلِ العفاف الاستعانة بالله تعالى، واللجوء إليه، والاستعاذة به، والفرار إليه، ﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [النور: 21]؛ فالله تعالى هو الذي يحفظك من الفتنة، فلا بد من الاستعانة بالله؛ ليصرف عنك السُّوءَ والفحشاء. وها هو يوسف - عليه السلام - لَمَّا طَلَبَتْه امرأةُ العزيز، وهمَّتْ به؛ قال: ﴿ مَعَاذَ اللَّهِ ﴾ أي: أستعيذُ بالله مِنْكِ، ومِنْ شرِّك.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

الوسيلة الثانية: سؤال المولى والإلحاح عليه بحفظ الجوارح، ولنا في سنة محمد صلى الله عليه وسلم قدوة؛ فقد روى البخاري -عند تفسير قوله تعالى: ( وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) [النحل:470] عن أنس بن مالك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - كان يدعو: " أعوذ بك من البخل والكسل، والهرم وأرذل العمر، وعذاب القبر، وفتنة الدجال، وفتنة المحيا والممات ".

يروى عن العلامة الألباني رحمه الله أن لما قرئ عليه قوله صلى الله عليه وسلم " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك " قال: أنا من ذلك الأقل، فقد جاوزت الرابعة والثمانين، سائلاً المولى سبحانه وتعالى أن أكون ممن طال عمره وحسن عمله ومع ذلك فإني أكاد أن أتمنى الموت؛ لما أصاب المسلمين من الانحراف عن الدين والذل الذي نزل بهم حتى من الأذلين، ولكن حاشا أن أتمنى وحديث أنس ماثل أمامي منذ نعومة أظفاري، فليس لي إلا أن أقول كما أمرني نبيي صلى الله عليه وسلم " اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرا لي " وداعيا بما علمنيه عليه الصلاة والسلام " اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعلها الوارث منا " أ.هـ.

عبد الله:
لياليك تفنى والذنوبُ تزيـدُ *** وعمرك يَبْلَى والزمانُ جديـدُ
وتحسبُ أنّ النقصَ فيك زيادةٌ *** وأنتَ إلى النقصان لست تزيدُ
ففكِّر ودبِّر كيف أنت فربّما *** تذكَّرَ فاستدعى الرّشادَ رشيـدُ

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله،وإحسانه،وأشكره على توفيقه وامتنانه،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه،وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:

أيها المسلمون: إن تعليق الناس بذوات الأشخاص ليس منهجاً ربانياً، ولا سنة نبوية؛ فالأشخاص يمرضون ويموتون، ويهرمون ويتغيرون، ويُفْتَنُونَ وَيُبَدِّلُون، ويَثْبُتون ويُحْسِنُون؛ فالغيب مجهول، والخاتمة لا تُعلم، يقول الله تعالى: ( وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) [لقمان:34]. وهذا مصداق لما قاله عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-: " من كان مستناً فليستن بمن قد مات فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة ".

عباد الله: كم مات من عالم؟ وكم دفن من إمام؟ بل قد مات النبي صلى الله عليه وسلم ودين الله باق، وأعلامه باقية بعده مرفوعة على يد رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه " فمن كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت " ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ ) [آل عمران:144].

عباد الله: إذا كان أهل النفاق قد راقهم موت علمائنا ورفعوا بذلك رأسًا، وفرحوا بفقدهم ولم يُبدو أسًى - فليبشروا بما يسوؤهم، فإنَّ الله وعدنا على لسان نبيِّه صلى الله عليه وسلم أنَّه يبعث على رأس كلِّ مائة سنة من يجدِّد لهذه الأمَّة أمر دينها، فلا يموت جيلٌ من العلماء حتَّى يخلفه جيل آخر-إلاَّ ما شاء الله-، ولا يزال الله يغرس في هذه الأمة من يبصّرها بأمر دينها، وينفي عن الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين. " ولا تزال طائفة من الأمة على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ".

قال حمَّاد بن زيد حضرت أيُّوب السختياني وهو يغسل أحد أصحابه وهو يقول: " إنَّ الذين يتمنَّون موت أهل السنَّة يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، والله متمٌّ نوره ولو كره الكافرون ".

عباد الله : صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وقفات مع موت العلماء - الشيخ أحمد الفقيهي

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون)
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا * يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيماً)

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

عباد الله: كان الإمام أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في درسه، وطلابه من حوله، فورد عليه كتاب فيه نعي عبدالله بن عبدالرحمن الدارمي فنكس البخاري رأسه، ثم رفع واسترجع ودموعه تسيل على خديه ثم أنشأ يقول:
عزاءٌ فما يصنـع الجـازع *** ودمع الأسى أبداً ضائـعُ
بكـى الناس من قبل أحبابهم *** فهل منهم أحدٌ راجـعُ
تدلى ابن عشرين في قبـره *** وتسعون صاحبها رافـعُ
وللمرء لو كان يُنجي الفرار *** في الأرض مضطرب واسعُ
يُسلِّم مهجتــه سامحـاً *** كما مـدّ راحته البائـعُ
وكيف يوقّى الفتى ما يخاف *** إذا كان حاصده الزارع

عباد الله: إن فقد العالم ليس فقداً لشخصه ولا لصورته، وليس فقداً للحمه ودمه، ولكنه َفقْدٌ لجزء من ميراث النبوة، وهو العلم، وذلك مؤذنٌ بقرب الساعة وفشوِّ الضلالة، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: " إِنَّ اللَّهَ لا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رؤوسًا جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا " رواه البخاري ومسلم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله جل وعلا: ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ) [الرعد:41]، قال: " خراب الأرض بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير منها ".

الأرض تحيا إذا مـا عاش عالمهـا *** متى يمت عالم منها يمت طرفُ
كالأرض تحيا إذا ما الغيث حلّ بها *** وإن أبى عاد في أكنافها التلف

أيها المسلمون: لما كان للحوادث المؤلمة آثار بليغة في النفوس كان لابد من وقفات وتأملات، نخفف من خلالها الحدث، وننشر البشرى، ونحث أنفسنا أولاً والناس جميعاً إلى ضرورة الاستفادة من حياة أولئك العظماء والاقتداء بهم.

عباد الله: إن مما يحمد لمجتمعنا حَبه للعلماء الراسخين والدعاة الصادقين، والأخذ بأقوالهم والاستنارة برأيهم، وإذا حل بأحد العظماء أجله المقدر وانطوت صحيفته وانتقل عن هذه الدنيا، فإن الجموع تحزن والعيون تدمع، وكأنها فقدت أباً أو أماً أو قريباً لصيقاً، وقد قال أيوب رحمه الله: "إني أخبر بموت الرجل من أهل السنة فكأني أفقد بعض أعضائي" فإذا كان هذا شعورهم عند موت الرجل من عامة أهل السنة، فكيف تكون حالهم عند موت أحد علماء السنة أو الدعاة إليها؟ قال عبدالوهاب الوراق " أظهر الناس في جنازة أحمد بن حنبل السنة، والطعن على أهل البدع فسَر الله المسلمين بذلك على ما عندهم من المصيبة لما رأوا من العز وعلو الإسلام وكبت أهل الزيغ".

أيها المسلمون: إن محبة الناس لا تشترى بالمال، ولا بالتدين الأجوف الذي لا ينطلق من مبادئ راسخة وقيم ثابتة، وإن الأضواء والشاشات والشهرة لن تجبر الناس على الوقوف تحت أشعة الشمس الحارقة للصلاة وإتباع الجنازة ما لم يسخرها فاطر الأرض والسموات لذلك، فهي إذاً منحة إلهية ومنة ربانية تذكرنا بالحديث المتفق على صحته: " إذا أحب الله تعالى العبد نادى جبريل: إن الله يحب فلاناً فأحببه، فيحبه جبريل فينادي في أهل السماء: إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في الأرض ".

وبالحديث الآخر في الصحيح المروي عن أنس بن مالك قال: مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " وجبت ". ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شرا، فقال: " وجبت " فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما وجبت؟ قال: " هذا أثنيتم عليه خيرا، فوجبت له الجنة، وهذا أثنيتم عليه شرا، فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض ".

أيها المسلمون: ليعلم كل ساع في الحياة الدنيا سواء أكان مقصده الله والدار الآخرة أو مناه الحياة الفانية؛ ليعلم أولئك كلهم أن الساعي لابد له في سعيه من زاد يتقوى به على مشاق الطريق ولوائها، وزاد طالب العلم والداعية إلى الله هو العبادة لله وحده والتقرب إليه في السر والخفاء؛ كالصلاة في آخر الليل، وكصدقة السر، وكذكر الله

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

🌟 أيها الخطيب: إذا رأيت قلة الحضور عندك، وعزوف الناس عنك؛ فلا تحزن، ولكن حاسب نفسك، فقد يكون الخلل منك: إما من ضعف أسلوبك، أو من ضعف المادة التي تطرحها، أو بسبب إطالتك للخطبة، أو لغير ذلك من الأسباب. واستنصح إخواناً صادقين ناصحين، واطلب منهم الحضور عندك، أو سماع خطبتك، واطلب منهم بصدق أن يُعطوك ملحوظاتهم؛ فالمؤمن مرآة أخيه🎤
———•———•———
📕تجربتي في الخطابة،أحمدالطيار (٦٧)

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

ملتقى الخطب المترجمة - ملتقى الخطباء
https://khutabaa.com/ar/forums/134712
#الخطيب

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

🕌 اللغة العربية في أداء الخطبة (في غير البلاد الناطقة بها)؛ ليست شرطاً لصحتها، ولكن الأحسن أداء "مقدمات الخطبة وما تضمنته من آيات قرآنية"= باللغة العربية؛ لتعويد غير العرب على سماع العربية والقرآن، ثم يتابع الخطيب ما يعظهم به بِلُغَتِهِمُ التي يفهمونها🎤
———•———•———
📕قرارات المجمع الفقهي (ص/99) (الدورة الخامسة، القرار الخامس)

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

شهر شوال - خطب مختارة ملتقى الخطباء - الفريق العلمي
https://khutabaa.com/ar/article/%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%B4%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D8%A9
#الخطيب

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

Читать полностью…
Subscribe to a channel