alkhotaba22 | Unsorted

Telegram-канал alkhotaba22 - مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

-

📡ألـشـبـكـة ألـدعــويــة ألـرائــدة، ألـمـتخـصـصـة بـالـخـطــب ألـمـنــبــريــه، والـمـحــاضــرات ألـمـؤثــره، والـبــعـض من ألــفتــاوى ألـديـنـيـــه، إذا أرت أي خطبه ألرجاء ألتواصل👈t.me/zakaryaa26 لحضه✋ من فضلك قبـل أن تغـادر ألقـناة 👈(إستغفـر ﷲ)🌷

Subscribe to a channel

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

ومما يحسن الكتابة:
18 - عندما تنتهي من كتابة جميعِ الأفكارِ والمعاني، يمكنك أن تبدأَ بإعادة الصياغةِ وتحسينِ الأسلوبِ الكتابي إلى أن ترضى عن النَّص بالدرجة الكافيةِ .. ولا تظن أنك ستصلُ للصياغة الأنسبِ من مرةٍ أو مرتين.
#الخطيب_17

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وما يحسن الكتابة
17 - تجاوز البحث عن الكمال في البدايات واتركه للنهايات؛ فالبحثُ عن الكمال هو العقبةُ الرئيسيةُ بين الكاتب وبين إتمامِ المسودةِ الأولى؛ لذا تيقن أنهُ مهما أجدت الحبك والترتيبَ فسوفَ تحتاجُ إلى الكثير من التعديل والتصويب..
#الخطيب_16

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

🌟من صفات (الخطيب)🎤
———•———•———
1️⃣قال القاسمي: (يُشترط في الخطيب: أن يكون عالمًا بالعقائد الصحيحة، وعلم الفروع، واللغة العربية، وأن يكون نبيهًا، لَسِنًا، فصيحًا، صالحًا، تقيًّا، مهذَّبًا، وَرِعًا، قنوعًا، زاهدًا، غير متجاهر بمعصية، يعقل ما يقول؛ فإن ذلك أدعى إلى قبول الموعظة)🎤
———•———•———
🌟علَّق الشيخ الألباني -في تحقيقه لكتاب القاسمي- فقال: «لقد فات المصنف رحمه الله أن يضم إلى الشروط المذكورة؛ شرطًا آخر مهمًا -أخل به الخطباء- ألا وهو: أن يكون عالمًا بالسنة، عارفًا بما صح فيها؛ حتى لا يكون سببًا لإذاعة الأحاديث الضعيفة والموضوعة؛ فيضل ويُضَلُّوا به»🎤
———•———•———
2️⃣وقال ابن الجوزي: (فينبغي للواعظ: أن يكون حافظًا
لحديث رسول الله، عارفًا بصحيحه وسقيمه، عالمًا بالتواريخ وسير السلف، حافظًا لأخبار الزهاد، فقيهًا في دين الله، عارفًا بالعربية واللغة، وفصيح اللسان
)🎤
———•———•———
📚إصلاح المساجد من البدع والعوائد، القاسمي (٦٩)، القصاص والمذكرين، ابن الجوزي (١٨٢)

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

1️⃣جاء في الحديث الصحيح عن بعض أصحاب النبي ﷺ أنه قال: (كان النبي ﷺ إذا صعد المنبر؛ أقبلنا بوجوهنا إليه)🎤 (السلسلة الصحيحة للألباني رقم 2080)
———•———•———
2️⃣وعن عبد الله بن مسعود قال: (كان رسول الله ﷺ إذا استوى على المنبر؛ استقبلناه بوجوهنا)🎤

(أخرجه الترمذي)
———•———•———
3️⃣قال ابن حجر: (جلوسهم حوله لسماع كلامه؛ يقتضي نظرهم إليه غالباًومن حكمة استقبالهم للإمام: التهيؤ لسماع كلامه، وسلوك الأدب معه، فإذا استقبله بوجهه، وأقبل عليه بجسده وبقلبه وحضور ذهنه؛ كان أدعى لتفهم موعظته)🎤
———•———•———
📚فتح الباري ( 2 /402)

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

صفحة مقالات الدكتور إبراهيم الحقيل
https://khutabaa.com/ar/khuteb/hogail22_g/articles
#الخطيب_2

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

ومما يحسن الكتابة
15 - تقبّل الفشلَ ولو تكرَّر: وإن كُنتَ تعتقدُ أنَّ مشاهيرَ الكُتَّابِ لم يُعانوا من الفشل فغيِّر رأيك .. فغالبًا ما تنتهي المحاولات الكتابية الأولى بفشلٍ ذريعٍ .. فلا داعيَ لأن تشعُرَ بالإحباط ..
#الخطيب_14

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

1️⃣عن عائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: (كان رسول الله يتكلم كلاماً لو عده العاد لأحصاه). وعنها قالت: (ما كان رسول الله ، يسرد سردكم هذا، ولكنه كان يتكلم بكلام بين فصل، يحفظه من جلس).
🌟قال ابن حجر: قولها: "(لم يكن يسرد): أي: لم يكن يتابع الحديث استعجالا: بعضه إثر بعض؛ لئلا يلتبس على المستمع"🎤
———•———•———
2️⃣قال ابن جماعة -في وصف المتكلم-: (ولا يسرد الكلام سردًا، بل يرتبه ويرتله، ويتمهل فيه؛ ليفكر فيه هو وسامعه)🎤
———•———•———
3️⃣ينبغي على الخطيب: توسط الصوت واعتداله، وخفضه ورفعه؛ بحسب الحاجة، وتدريب اللسان على حسن إخراج الكلام، مع مراعاة معانيه البديعة، ويحكي بصوته معاني الجمل التي يسوقها؛ فيجعل للجمل الاستفهامية والتعجبية، والتوبيخية واللوم، والتقريع والزجر، والتفخيم والتهويل؛ حقها في النطق (من حيث تكييف صوته وشدته)، وهكذا في المقابل: يجعل للجمل التي تحمل الحزن، والندم والحيرة، والرقة، والهم، والبكاء؛ حقها (من تكييف صوته ورقته وتحزنه)؛ كأنه صاحب الحال🎤
———•———•———
📕 تحذير الخطباء من أخطاء شائعة (٥٦).

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

1️⃣من الملاحظات على بعض الخطباء: ذكر (الداء والمرض) دون التعرض لذكر (الدواء)، وكيفية علاجه🎙️
———•———•———
2️⃣ينبغي للخطيب أن يذكر الداء، ويذكر معه الدواء، ويذكر الخطأ، ويذكر معه الصواب🎙️
———•———•———
3️⃣لا ينبغي للخطيب أن يحذر من المعاصي وشؤمها، ولا يشير إلى الطاعات وفضلها، أو يتكلم على بيان الشرك وخطره، ويغفل عن بيان التوحيد وفضله، أو يذكر حقوق الزوج وينسى حقوق الزوجة🎙️
———•———•———
4️⃣الخطيب الناجح: هو الذي يجمع بين الترغيب والترهيب، ويحذِّر من الشر، ويفتح باب الخير؛ فيذكر الداء ويذكر الدواء، ويذكر المشكلة ويذكر حلها، ويذكر الفتنة ويبين كيف المخرج منها، وهكذا🎙️
———•———•———
5️⃣قال ابن عثيمين: «وهذه الطريقة؛ هي الطريقة السليمة التي ينبغي أن يكون عليها الداعية، أنه إذا سد عن الناس باب الشر، وجب عليه أن يفتح لهم باب الخير، ولا يقول: "حرام"، ويسكت، بل يقول: هذا حرام، وافعل كذا وكذا من المباح بدلًا عنه، وهذا له أمثلة في القرآن والسنة👇
🌟فمن القرآن: قوله تعالى: (يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُوا أَنظُرْنَا ﴾؛ فلما نهاهم عن قول: ( راعنا) ذكر لهم ما يقوم مقامه وهو (انظرنا).
🌟ومن السنة: قوله ﷺ -لمن نهاه عن بيع الصاع من التمر الطيب بالصاعين، والصاعين بالثلاثة-: «بع الجمع بالدراهم، واشتر بالدراهم جنيبا»؛ فلما منعه من المحذور، فتح له الباب السليم الذي لا محذور فيه»🎙️
———•———•———
📕 القول المفيد، ابن عثيمين (١/ ٢٥٨)، تحذير الخطباء من أخطاء شائعة (٣٢).

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

أما بعد .. فيا أيها المسلمون: مَن لم يلتَزِم شرعَ الله، واتَّبعَ هواه فقد زلَّ به الطريقُ، وانحرَفَ به عن الجادَّةِ القَوِيمةِ، ووقعَ في الضلالِ البعيدِ والانحِرافِ السَّحِيقِ.

يقولُ -جلَّ وعلا- في هذه الآية: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ) [الأحزاب: 36]، ثم ختَمَها بقولِه: (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا).

ورسولُنا -صلى الله عليه وسلم- يُخاطِبُ أمَّتَه داعِيًا إيَّاهم إلى طريقِ السعادةِ الأبَدِيَّة، وإلى سَفِينةِ النَّجاةِ قائِلًا: «كلُّكُم يدخُلُ الجنَّةَ إلا مَن أَبَى»، قالوا: ومَن يأبَى يا رسولَ الله؟ قال: «مَن أطاعَنِي دخلَ الجنَّةَ، ومَن عصَانِي فقد أَبَى».

فاحذَرُوا الهوَى - يا عباد الله -، واحذَرُوا الشَّيطانَ، واجتَنِبُوا القبائِحَ والعِصيَان؛ تدخُلُوا الجنَّةَ وتفُوزُوا برِضا الرحمن.

عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ رجال أمننا و جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

الاستجابةُ لأوامر الله ورسوله ﷺ - الشيخ حسين آل الشيخ

الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ الملكِ الأعلَى، وأشهدُ أن لا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريك له في الآخرة والأُولَى، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه النبيُّ المُصطفَى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آلِه وأصحابهِ أُولِي التُّقَى.

أما بعد .. فيا أيها المُسلمون: أُوصِيكُم ونفسِي بتقوَى الله -جلَّ وعلا-؛ فهي وصِيَّتُه للأولين والآخرين.

أيها المُسلمون: في ظلِّ ما تعِيشُه البشريَّةُ من تقارُبٍ معلوماتيٍّ رهِيبٍ، تكثُرُ الانحِرافاتُ في المناهِجِ، وتنتشِرُ بين المُسلمين مظاهِرُ خطِرَة، مِن فتَنٍ تنالُ الدِّينَ القَوِيمَ والخُلُقَ الكريمَ، وهكذا البشَرُ حين تُتاحُ لهم الفُرصُ لطَرحِ آرائِهم وأفكارِهم بمنْأًى عن الوحيِ المُنزَّل.

ألا وإن المُسلِمين اليومَ في ضَرورةٍ إلى المِيزانِ السَّلِيمِ في فَرزِ السَّقِيمِ مِن المُستقيم، والحمدُ لله بأن عندهم ثوابِتُ ربَّانيَّة، وقواعِدُ إلهِيَّة تقِفُ بهم في شاطِئِ الأمانِ، بمعزلٍ عن كلِّ فِكرٍ مسمُومٍ، ومنهَجٍ مُنحَرِفٍ مذمُومٍ.

إن كتابَ الله -جلَّ وعلا- وسُنَّةَ رسولِه -صلى الله عليه وسلم- قد قرَّرَت قواعِدَ تُنيرُ للأمةِ الطرِيقَ الأسلَمَ، والمنهَجَ الأقوَمَ، يقولُ ربُّنا -جلَّ وعلا-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا * فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا) [النساء: 174، 175].

فلا يرتفِعُ عن الحياةِ الشقاءُ، ولا يزُولُ عن دُنيا الناسِ وآخرتِهم العَناءُ إلا إذا سارُوا بمنهَجِ الكتابِ، واستَسلَمُوا لهَديِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-.

عباد الله: إن الأصلَ العظيمَ لصلاحِ وفلاحِ أمةِ الإسلام أفرادًا ومُجتمعاتٍ هو التسليمُ الكامِلُ لشرعِ الله -جلَّ وعلا-، وإخضاعُ كلِّ تحرُّكٍ وتصرُّفٍ لحُكمِ الله -جلَّ وعلا- وحُكمِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-.

ولذا فواجِبُهم جميعًا تعظيمُ أمرِ الله -عزَّ وجل-، ومُراقبَتُه سِرًّا وجَهرًا، في العُسرِ واليُسرِ، في المنشَطِ والمكرَهِ، في السرَّاءِ والضرَّاءِ، في الرَّخاءِ والبأسَاءِ، يقولُ -جلَّ وعلا-: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا) [الأحزاب: 36].

هذه الآيةُ نقرؤُها ونسمَعُها، ولكن هي آيةٌ مِن كلامِ الله -جلَّ وعلا- عظيمةُ المعانِي، كثيرةُ الفوائِد، تُؤسِّسُ قاعدةً أساسيَّةً يجبُ أن تكونَ منهَجًا لحياةِ المُسلمين، وأن تستقِرَّ في نفوسِهم، وتتمثَّلَ في واقعِهِم.

إنها تُؤصِّلُ الأصلَ العظيمَ الذي يُوجِبُ على الحاكمِ والمحكُومِ، على الفردِ والمُجتمعِ، على الذَّكَرِ والأُنثَى الاستِجابةَ لأمر الله وأمرِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-، ليس في شأنِ التعبُّدِ فقط، وإنما في جميعِ مناشِطِ الحياةِ، وفي كافَّةِ المجالاتِ والتصرُّفاتِ.

هذا الكلامُ من ربِّنا -جلَّ وعلا- في هذه الآية يُقرِّرُ أنَّ مِن مُقتَضَيَاتِ الإيمانِ وصِفاتِه وأركانِه: الإسراعُ إلى مرضاةِ الله -جلَّ وعلا-، والاستِهداءُ بهَديِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-، مع الإذعانِ والاستِسلامِ والخُضوعِ لحُكمِ الله -جلَّ وعلا-، وحُكمِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم- في كل شأنٍ وفي كل حينٍ ووقتٍ؛ حتى لا يبقَى للعبدِ خيارٌ ولا مندُوحةٌ عن تنفِيذِ أمرِ الله -جلَّ وعلا- وأمرِ رسولِه، مهما كانت الرَّغَبَات والأهواءُ في غيرِه.

فمِن لَوازِمِ الإيمانِ: أن يعيشَ المُجتمعُ المُسلمُ في ظلِّ الشرعِ المُطهَّر، وأن تكون رغَبَاتُه وتوجُّهاتُه تَبَعًا لما جاءَ في كتابِ الله - سبحانه -، وسُنَّة رسولِه -صلى الله عليه وسلم- في سائرِ المناشِطِ، وكافَّةِ التصرُّفات، وجميعِ التحرُّكات والتوجُّهات. هذا هو سبيلُ أهل الفلاحِ والصلاحِ، وهذا هو صِراطُ المُتَّقين والفائِزِين.

روَى الإمامُ أحمد - والقصَّةُ أصلُها في "صحيح مسلم" - أن النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- خطَبَ على جُلَيبِيبٍ امرأةً مِن الأنصارِ إلى أبِيها، وفي القصَّة أن أمَّها قالت: ما وجَدَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- إلا جُلَيبِيبًا؟! لعَمرُ اللهِ لا نُزوِّجُه.

فقالت الجارِيةُ - وهذا هو محَلُّ الشاهِدِ -، فقالت الجارِيةُ: أتُريدُونَ أن ترُدُّوا على رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- أمرَه؟! إن كان قد رضِيَه لكم فأنكِحُوه، وكان جُلَيبِيبًا رجُلًا فقيرًا معروفًا بذلك، لم يُؤبَهْ له.

فدعَا لها رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- قائلًا: «اللهم صُبَّ عليها الخيرَ صبًّا، ولا تجعَل عَيشَها كَدًّا»، فما كان في الأنصارِ أيِّمٌ أنفَقُ منها.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) [لقمان:6-7].

نعوذ بالله من الخذلانِ، ومتابعة الهوى والشيطان

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي وعد المطيعين له ولرسوله أجراً عظيماً، وأَعدَّ للمعرضين عنه وعن رسوله عذاباً أليماً، وأشهدُ أَنْ لا إلهَ إلا الله وحده لا شريك له، وكفى بالله عليماً، وأشهد أَنَّ محمداً عبده ورسوله، غَفَرَ له ما تقدَّمَ من ذنبه وما تأخَّرَ، وأَتَمَّ نعمته عليه، وهداه صراطاً مستقيماً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلَّمَ تسليماً.

أما بعدُ: أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، واعلَمُوا أن هناك موانعَ تحولُ بين العبد وبين الاستجابة لله ورسوله، فاحذروها، منها: التكبُّرُ عن قبولِ الحق كما حَصَلَ من إبليس لمَّا أمرَه الله بالسجود لآدم، فأبى واستكبر، وقال: أنا خيرٌ منه.

وقد قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "الكِبْرُ بَطَرُ الحَقِّ، وغَمْطُ الناسِ".

ومعنى: "بطر الحق" دفعُه وعدم قبوله.

ومن موانعِ الاستجابة لله ولرسوله: الحَسَدُ، كما حصل من اليهود لما دعاهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى الإيمان به لم يستجيبوا له، وكفروا به حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبيَّنَ لهم الحقُّ.

ومن موانع الاستجابةِ لله ولرسوله: التعصبُ للآراء والمذاهب والتقليد الأعمى لِما عليه الآباء، كما حَصَلَ من اليهود والمشركين، قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ) [البقرة:91].

وقال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ) [البقرة:170].

ومن موانعِ الاستجابة لله ولرسوله: اتباعُ الهوى، قال تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [القصص:50].

ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمنُ أحدُكم حتى يكونَ هواه تَبَعاً لما جئتُ به".

ومن موانعِ الاستجابة لله ولرسوله: الخوفُ من الناس، وعدمُ الصبر على أذاهم، قال تعالى عن كفار قريش: (وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا) [القصص:57].

فهُم معترفون أنَّ ما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- هو الهدى، وأنَّ ما هم عليه ضلالٌ لكنَّهم اعتذروا عن اتباعِهِ بما يخشَوْنَه من أذى الناس، وبخوفِهم على أمنهم أن يتزعزعَ، وهذا من فسادِ التصوُّر، وانتكاس الفِطَرِ، فإنَّ الأمنَ لا يحصُلُ إلا باتباع الهدى، والخوفُ إنما يحصُلُ باتباع الضلال.

وهذا الذي قاله الكفارُ بالأمس هو ما يقوله كثيرٌ من المعاصرين اليوم، حيثُ يقولون: نحن نعلم أنَّ الإِسلامَ هو الدين الصحيح، وأنَّ ما عداه باطلٌ، لكن يمنعنا من اتباعِهِ وتحكيمه خوفُ الدول الكافرة أن تنالَنا بسوءٍ، أو تصفَنا بالرجعية والتخلُّف.

وما عَلِمُوا أنَّ فعلَهم هذا يزيدهم خوفاً وضعفاً وسقوطاً، حتى من أعيُنِ أعدائهم، كما قال تعالى: (فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [آل عمران:175].

وقال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنِ التمس رضا الناس بسَخَطِ الله عليه، وأسخطَ عليه الناسَ".

اتقوا الله -عباد الله- واحذَرُوا من أسبابِ سَخَطِهِ، وتمسَّكُوا بكتاب ربِّكم وسنة نبيكم

عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

الاستجابة لله ولرسوله ﷺ - الشيخ صالح الفوزان

الخطبة الأولى:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، مَنَّ على المؤمنين ببعثِه النبيَّ الأمين، فقال -تعالى-: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [آل عمران : 164]. وأشهد أن لا إله إلا الله لا شريكَ لهُ مُخلصاً له الدين، وأشهَدُ أنَّ محمداً عبده ورسوله المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وسَلَّمَ تسليماً كثيراً.

أما بعدُ: أيُّها الناسُ: اتقوا الله -تعالى-، واستمعوا لندائه، واستجيبوا لأوامره، واجتنبوا ما ينهاكم عنه لعلكم تُرحمون، يقولُ الله -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ * إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) [الأنفال:20-24].

في هذه الآيات الكريمة: يأمر الله بطاعتهِ، وطاعةِ رسولهِ، والاستجابةِ له ولرسوله عند سماعِ الأوامر والنواهي الصادرة عنه وعن رسوله.

وينَهْى عن التشبُّهِ بالكافرين والمنافقين في عدمِ الطاعة، والاستجابة لله ولرسوله، فإنَّ الكفار أَبَوا أن يسمَعُوا كلامَ الله، كما قال تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ) [فصلت:26].

واليهود: (قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا) [البقرة:93].

والمنافقون: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) [الأنفال:22].

فهم يُظهرون أنهم قد سَمِعُوا واستجابوا، وهم ليسوا كذلك، فهم يسمَعُون بآذانِهم ولا يسمعون بقلوبِهم.

ثم أخبر سبحانه: أنَّ هذه الأصناف من بني آدم هم شرُّ الخَلْقِ والخليقة، فقال سبحانه: (إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ) [الأنفال:22].

أي: الصمُّ عن سماع الحق، البُكْمُ عن فهمه، والنطق به.

ووصفهم بأنهم: (لَا يَعْقِلُونَ) أي: ليست لهم عقولٌ صحيحة يفكرون بها في العواقب، وإنما عقولُهم لا تعدو التفكيرَ بحاضرهم الدنيوي، وملاذهم العاجلة، فهم كالبهائم التي لا هَمَّ لها إلا فيما تأكلُ في بطونها، ولا تفكر في مستقبل، ولا تستعدُّ لحياة أخرى، لكنهم شرٌّ من البهائم؛ لأنَّ البهائم مطيعة لله فيما خلقها له، وهؤلاء خُلقوا للعبادة فكَفَرُوا، ولهذا قال سبحانه: (إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا) [الفرقان:44].

عبادَ الله: إنَّه مطلوب من المسلم: أن يستمعَ إلى كلام الله إذا يُتلى، والاستماعُ إلى أحاديث رسوله إذا تُروى استماعَ تفهُّم، وإدراكٍ لمطالبهما، ثم بعد الاستماع والفهم لكلام الله، وكلام رسوله، يتَّجِهُ المسلم إلى العمل بهما، والاستجابة لمطالبهما، وإلاَّ فإن الاستماعَ والفَهْمَ من غير عمل يكونان حجةً على صاحبهما يوم القيامة، قال الله -تعالى-: (أَلَمْ تَكُنْ آيَاتِي تُتْلَى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ) [المؤمنون:105].

وقال تعالى: (بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) [الزمر:59].

واليوم -يا عباد الله- كم نقرأُ ونسمَعُ من الآيات والأحاديث، ونُعْرِضُ عن العمل بما نسمع، مع أنَّ ما نسمعُه ولا نعملُ به، سيكون حجةً علينا يوم القيامة، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "والقرآنُ حجةٌ لك أو عليك".

ولننظر ما مدى استجابتِنا لنداءات الله المتكررة والمتنوعة في كتابه: يا أيها الناس، يا بني آدم .. يا أيها الذين آمنوا.. يا عباد..

قال بعض السلف: "إذا سمعتَ الله يقولُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) فأَصْغِ لها سمعَك، فإنه خيرٌ تؤمَرُ به، أو شر تُحذَّرُ منه".

وقد أخبر سبحانه: أنَّ ما يأمر به، ويدعو إليه فيه حياةُ القلوب التي تترتب عليها الحياةُ الكاملة السعيدة للأبدان في الدنيا والآخرة، فقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال:24].

قال بعضُ المفسرين: (لِما يُحْيِيكُم) هو القرآن.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

ولما حصلَ الخللُ في الاستِجابةِ لله ورسولِه مُنِعوا إجابة الله، ووُكِلوا إلى أنفسهم، ومن وكلَه الله إلى نفسِه خسِرَ وضعُفَ وذَلَّ.

وفي سُرعة الاستجابة سطَّر الأوائِلُ مواقِفَ خالِدَة يتلقَّى أحدُهم الأمرَ أو النهي، فيستجيبُ فورًا دون تردُّدٍ، يُحوِّلُه إلى واقعٍ ملموسٍ وفعلٍ محسوسٍ. وهذا يُنبِئُ عن عُمق إيمانٍ وصدِقِ إذعانٍ.

يقول أنسٌ -رضي الله عنه-: "بينما أنا أُديرُ الكأسَ على أبي طلحَة وفلان، فسمعتُ مُنادِيَ يُنادِي: ألا إن الخمرَ قد حُرِّمَت". قال: "فما دخلَ علينا ولا خرجَ منا خارِجٌ حتى أهرَقْنا الشرابَ، وكسَرْنا القِلال، وتوضَّأَ بعضُنا واغتسلَ بعضُنا، وأصَبْنا من طِيبِ أمِّ سُلَيم، ثم خرَجنا إلى المسجِد فإذا رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يقرأ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة: 90]".

وتقول عائشةُ -رضي الله عنها-: "إن لنساءِ قُريشٍ لفَضلاً، وإني -والله- ما رأيتُ أفضلَ من نساءِ الأنصار، أشدَّ تصديقًا لكتاب الله، ولقد أُنزِلَت: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) [النور: 31]، فانقلَبَ رجالُهنَّ إليهنَّ يتلُون ما أنزلَ الله إليهنَّ فيها، ويتلُو الرجلُ على امرأتِه وابنتِه وأختِه وعلى كل ذي قرابَته، فما منهنَّ امرأةٌ إلا قامَت إلى مِرطِها المُرحَّل، فاعتجَرَت به تصديقًا وإيمانًا بما أنزلَ الله في كتابِه، فأصبَحن وراءَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مُعتجِراتٍ كأنَّ على رُؤوسهنَّ الغِربان".

ورأى رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- خاتمًا من ذهبٍ في يدِ رجُلٍ، فنزعَه وطرحَه وقال: "يعمِدُ أحدُكم إلى جمرةٍ من نارٍ فيجعلُها في يدِه". فقيل للرجُّلِ بعدما ذهبَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: خُذ خاتمكَ وانتفِع به. فقال: لا والله، لا آخُذُه أبدًا وقد طرحَه رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-.

عباد الله: الحجُّ شُرِع استجابةً لله، جاء الحُجَّاج من كل فجٍّ عميقٍ استِجابةً لله ورسولِه، والاستجابةُ في الحجِّ في كل منسَكٍ وموقِفٍ، هؤلاء وفدُ الله ترَكُوا الأهلَ والمالَ والأوطانَ، دعاهُم ربُّهم للطوافِ بالبَيتِ فاستَجابُوا، ودعاهُم للحَجَر الأسوَد وتقبيلِه أو الإشارَة إليه فاستَجابُوا، مع علمِهم أنه حجرٌ لا يضرُّ ولا ينفع.

دعاهم للخُروج لمِنَى، والمبيت بها، وأعلَنوا الاستِسلام لله وحُكمِه، لا يقصِدُون بذلك رِياءً ولا سُمعةً، الإخلاصُ شِعارُهم، والمُتابَعةُ دِثارُهم، "لبَّيك اللهم لبَّيك" هي رمزُ الاستِجابة الكامِلة؛ أي: أفعلُ هذا تلبيةً لدعوتك، واستِجابةً لأمرك، واقتِداءً بنبيِّك محمدٍ -صلى الله عليه وسلم- القائل: "الحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إلا الجنة". متفق عليه.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله الذي منَّ علينا وهدانا، أحمدُه -سبحانه- وأشكرُه على ما حبانا وأولانَا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبِه وسلَّم.

أما بعد: فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

وللاستِجابةِ علامات، أبرزُها: إقامةُ الصلاة، والشُّورى في الأمر، والإنفاقُ في سبيل الله، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ) [الشورى: 38].

الكِبرُ وحبُّ الرِّياسَة والانغِماسُ في التَّرَف من مُعوِّقات الاستِجابة، واتِّباعُ الهوَى يصدُّ عن الاستِجابة، قال الله تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ) [القصص: 50].

إخوة الإسلام: من استجابَ لله نالَ الحُسنى، ومن أعرضَ وعصَى ولم يستجِب فبئسَ المآل، ولن يُغنِيَ عنه جمعُه ولا مالُه ولو أتَى بمِلءِ الأرض ذهبًا ومثلِه معه ليفتدِيَ به، قال الله تعالى: (لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) [الرعد: 18].

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ رجال أمننا و جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وقوة المسلمين أبداً إنما هي في تماسكهم وترابطهم، وإنما يكون فشلهم بتفرقهم، وانفراط عقدهم، يظهر ذلك جلياً واضحاً في قول الحق -سبحانه وتعالى-: (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ)[الأنفال: 46].

أيها المسلمون: الصلح بين الناس من أجلّ الأخلاق الإسلامية التي حرص الإسلام على تربية أتباعه عليها، إذ به يُرفع الخلاف، ويقطع النزاع الذي ينشأ بين المتعاملين مادياً أو اجتماعياً، ويعود بسببه الود والإخاء بين الناس، لكونه مرضياً لجميع الأطراف في الغالب، قاطعاً دابر الخصام بينهم، محققاً للأخوة التي نشدها لهم الشرع الحنيف، ووصفهم بها في قول الله -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[الحجرات: 10].

وفي مثل هذا كتب عمر بن الخطاب إلى قاضيه أبي موسى الأشعري -رضي الله عنهما- يقول: "رُدّ الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن".

ولهذا -عباد الله- عني القرآن عناية فائقة بالصلح بين الناس أمراً به، وترغيباً فيه، وتنويهاً به، وبأهله، قال الله -تعالى-: (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [النساء: 114].

ووعد القائمين بالإصلاح بين الناس بالمغفرة والرحمة: (وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا) [النساء: 129].

وهذا كله دليل على علو منزلته في الدين، لما له من أثر عظيم في إصلاح ذات البين الذي لطالما تشوف الشارع الحكيم إليه في المجتمعات الإنسانية.

ولقد بين المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ما للصلح بين الناس من الأجر العظيم بقوله: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟" قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة".

ومن أجل هذا -عباد الله- كان الإصلاح بين الناس من أبرز أخلاق الرسل صفوة الخلق -عليهم الصلاة والسلام-، كما قال سبحانه وتعالى على لسان نبيه شعيب -عليه السلام-: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)[هود: 88].

وقال على لسان نبيه موسى وهو يخاطب أخاه هارون -عليهما السلام-: (وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلاَ تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ) [الأعراف: 142].

فالإصلاح بين الناس من أبرز صفات الأنبياء المرسلين -عليهم الصلاة والسلام-، وذلك لكمال أخلاقهم، وفطنتهم، ومعرفتهم العريقة بأحوال أممهم، ولنا فيهم أعظم القدوة -يا عباد الله- ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- من أولئك الرسل الذين كانوا بهذه المثابة من التوفيق بين الناس، وإصلاح ذات بينهم في كل مراحل حياته، قبل البعثة وبعدها.

لما هاجر المصطفى -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة وجد ساكنيها من الأوس والخزرج كأشد ما يكون عليه التنافر والشقاق، لما كانوا عليه من الحمية الجاهلية التي كانت تولد بينهم الحروب الطاحنة على أتفه الأسباب، فقد جاء نقباؤهم إليه يبايعونه عند العقبة، وهم يقولون بلسان واحد: "إنا قد تركنا قومنا والقوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم، وعسى أن يجمعهم الله بك، فسنَقدُم عليهم فندعوهم إلى أمرك، ونعرض عليهم الذي أجبناك إليه من هذا الدين، فإن يجمعهم الله عليك، فلا أجلّ ولا أعزّ منك".

فلما هاجر النبي -صلى الله عليه وسلم- إليهم، ودخلوا جميعاً في الإيمان، اصطلحوا، وزال ما بينهم من البغضاء والتنافر، وأصبحوا بنعمة الله إخواناً.

وما كان شملهم ليلتئم لولا وجود النبي -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرهم، والنور الذي أتى به في أفئدتهم، يتمثل ذلك في قول المصطفى -صلى الله عليه وسلم- ممتناً عليهم بهذه النعمة، لما بدر من بعض صغار الأنصار ما يوحي بنسيانها: "يا معشر الأنصار ألم أجدكم ضلالاً فهداكم الله بي، ومتفرقين فجمعكم الله بي، وعالة فأغناكم الله بي؟".

وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)[الأنفال: 63].

فقد جمع النبي -صلى الله عليه وسلم- بين قلوب الأوس والخزرج التي تنافرت أعواماً، وتقاتلت أزماناً، وملئت بالضغائن والأحقاد الناشئة عن العصبية القبلية، وهذا من أبرز معجزاته صلى الله عليه وسلم، فقد كان أحدهم يُلطَم اللطمة فيقاتل عليها حتى يستقيدها، وكانوا أشد خلق الله حمية، فألف الله بالإيمان بين قلوبهم حتى قاتل الرجل أباه وأخاه، بسبب الانضمام تحت لواء هذا الدين الحنيف.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

جديد الصفحة الرئيسية لموقع ملتقى الخطباء [795]
مجموعة مختارات عن شهر المحرم وعاشوراء
https://khutabaa.com/ar/article/خطب-مختارة-عن-شهر-المحرم-وعاشوراء
الهجرة - ملف علمي
https://khutabaa.com/ar/article/الهجرة-ملف-علمي
من أحكام السلام، الشيخ د إبراهيم بن محمد الحقيل
https://khutabaa.com/ar/article/من-أحكام-السلام
أسماء النبي صلى الله عليه وسلم ومعانيها، الشيخ محمود الدوسري
https://khutabaa.com/ar/discussions/أسماء-النبي-صلى-الله-عليه-وسلم-ومعانيها
محاسبة النفس على ما مضى، والحثُّ على صيام يوم عاشوراء، الشيخ احمد الطيار
https://khutabaa.com/ar/discussions/محاسبة-النفس-على-ما-مضى-والحث-على-صيام-يوم-عاشوراء-611446
البدع : حقيقتها وآثارها وطرق السلامة منها، الشيخ محمد المهوس
https://khutabaa.com/ar/discussions/البدع-حقيقتها-وآثارها-وطرق-السلامة-منها-بصيغتين-وورد-pdf
يَوْمُ عَاشُورَاء فَضْلٌ وَذِكْرَى وَعِبَر، الشيخ محمد الشرافي
https://khutabaa.com/ar/discussions/يوم-عاشوراء-فضل-وذكرى-وعبر-6-محرم-1446-هـ
فضل صيام يوم عاشوراء، الشيخ صالح العصيمي
https://khutabaa.com/ar/discussions/خطبة-فضل-صيام-يوم-عاشوراء
معالم التمكين من قصة موسى عليه السلام – عاشوراء، الشيخ راكان المغربي
https://khutabaa.com/ar/discussions/معالم-التمكين-من-قصة-موسى-عليه-السلام-عاشوراء
المُكرَم فِي فَضْلِ عَاشُورَاءَ وَالمُحَرم، الشيخ محمد السبر
https://khutabaa.com/ar/discussions/المكرم-في-فضل-عاشوراء-والمحرم
عاشوراء ونصر فلسطين، الشيخ هلال الهاجري
https://khutabaa.com/ar/discussions/عاشوراء-ونصر-فلسطين
يوم عاشوراء ١٤٤٦هـ، الشيخ تركي الميمان
https://khutabaa.com/ar/discussions/يوم-عاشوراء-١٤٤٦هـ
صِيَامٌ في عِزٍّ، الشيخ خالد القرعاوي
https://khutabaa.com/ar/discussions/صيام-في-عز-611446هـ
مقال: نصائح عامة لخطيب الجمعةـ أ. عصام خضر - عضو الفريق العلمي
https://khutabaa.com/ar/article/نصائح-عامة-لخطيب-الجمعة

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

ومما يحس الكتابة
16 - اترك فاصلاً زمنياً بينك وبين النَّص؛ فبمجرد أن تنتهي من كتابة المسودةِ الأولى، ابعد نفسك عنه قليلًا، ثم عاود للنص ثانية، عندها تستطيعُ اكتشافَ الكثيرِ من الأخطاء الواضحةِ .. والتي قد تغيبُ عن نظرك في أثناء الكتابةِ الأولي..
#الخطيب_15

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

🌟عن أبي الدرداء قال: جلس النبي ﷺ على المنبر، وخطب الناس، وتلا آية؛ وإلى جنبي أُبيّ بن كعب؛ فقلت له: (يا أُبيّ، متى أنزلت هذه الآية❓)، فأبى أن يكلمني! ثم سألته، فأبى أن يكلمني! حتى نزل رسول الله ﷺ فقال لي أبيٌّ : (مالَك مِن جمعتك إلا ما لغوت!)، فلما انصرف رسول الله ﷺ، جئته فأخبرته؛ فقال: (صدق أُبيّ، إذا سمعت إمامك يتكلم؛ فأنصت حتى يفرغ)🎤
———•———•———
📚
رواه ابن ماجه ( 1111 )، وأحمد ( 20780 )، وصححه البوصيري والألباني في "تمام المنة" (338).

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

حر الصيف – خطب مختارة ملتقى الخطباء - الفريق العلمي
https://khutabaa.com/ar/article/%D8%AD%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%81-%D8%AE%D8%B7%D8%A8-%D9%85%D8%AE%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D8%A9
#الخطيب_2

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

الخطابة الإسلامية وأنواعها - إبراهيم عوض
https://khutabaa.com/ar/article/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D8%A7%D8%A8%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A3%D9%86%D9%88%D8%A7%D8%B9%D9%87%D8%A7
#الخطيب

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

🌟قال جابر بن عبد الله رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: (كان النبي ﷺ، إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش، يقول: صبحكم ومساكم!). رواه مسلم
———
🌟قال النووي: «قوله: "إذا خطب احمرت عيناه وعلى صوته": يستدل به على أنه يستحب للخطيب أن يفخم أمر الخطبة، ويرفع صوته ويجزل كلامه، ويكون مطابقًا للفصل الذي يتكلم فيه من ترغيب أو ترهيب، ولعل اشتداد غضبه كان عند إنذاره أمرًا عظيمًا، وتحديده خطبًا جسيما».
———•———•———
📚شرح النووي على مسلم (٦/ ١٥٦)

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

🌟قال ابن القيم: (ومن تأمل خطب النبي ﷺ وخطب أصحابه، وجدها كفيلة ببيان الهدى والتوحيد، وذكر صفات الرب جل جلاله، وأصول الإيمان الكلية، والدعوة إلى الله، وذكر آلائه تعالى التي تحببه إلى خلقه، وأيامه التي تخوفهم من بأسه، والأمر بذكره وشكره الذي يحببهم إليه، فيذكرون من عظمة الله وصفاته وأسمائه ما يحببه إلى خلقه، ويأمرون من طاعته وشكره، وذكره ما يحببهم إليه، فينصرف السامعون وقد أحبوه وأحبهم، ثم طال العهد وخفي نور النبوة، وصارت الشرائع والأوامر رسوما تقام من غير مراعاة حقائقها ومقاصدها، فأعطوها صُورَها وزينوها بما زينوها به، فجعلوا الرسوم والأوضاع سننا لا ينبغي الإخلال بها، وأخلوا بالمقاصد التي لا ينبغي الإخلال بها، فرصعوا الخطب بالتسجيع والفقر، وعلم البديع، فنقص -بل عدم- حظ القلوب منها، وفات المقصود بها!).
———•———•———
📕زاد المعاد

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

🎤وفي تعليقات الشيخ ابن عثيمين (على الكافي لابن
قدامة):
👇
———•———•———
🌟 "السائل: لو اقتصر الإنسان على خطبة واحدة؛ فيه محظور أم لا؟ 
🌟 الشيخ:
لا بد من خطبتين.
———•———•———
🌟السائل: ما حكم الجلسة بين الخطبتين؟
🌟الشيخ:
الجلوس أفضل، وإن بقي قائماً فلا بد أن يأتي بما يدل على أنه افتتح الخطبة الثانية؛ لئلا يظن أنه سكت لمانع من الكلام، ثم استمر".

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وفي القصَّة أنَّ جُلَيبِيبٍ بعد أيامٍ خرجَ مع رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- في غَزوةٍ وقُتِلَ، والقصةُ معرُوفةٌ طويلةٌ.

معاشر المسلمين: مِن علاماتِ الإيمانِ الصحيحِ، مِن علاماتِ الاستِجابةِ لمفهُومِ هذه الآيةِ: الوقوفُ عند حُدودِ الله، الالِتزامُ بسُنَّةِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، وتعظيمُ سِيرتِه، والسَّيرُ وَفقَ هَديِه.

جاء عن طاوُس أنه سأَلَ ابنَ عباسٍ - رضي الله عنهما - عن ركعتَين بعد العصرِ، فنهَاهُ ثم قرأَ هذه الآيةَ.

وعن سالِمٍ بنِ عبد الله أن عبدَ الله بن عُمرَ -رضي الله عنه- قال: سمِعتُ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: «لا تمنَعُوا نساءَكم المساجِدَ إذا استأذنَّكُم إليها»، فقال بلالُ بن عبد الله: والله لنمنَعهنَّ، فأقبَل عليه عبدُ الله فسَبَّهُ سبًّا سيِّئًا ما سمِعتُه سبَّهُ مثلَه قطُّ.

لماذا؟ لأنه انتهَكَ حُرماتِ الله برَدِّ سُنَّةِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، ولهذا قال له: "أُخبِرُك عن رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-، وتقولُ: والله لنمنَعهنَّ؟!" (أخرجه مسلم).

والوقائِعُ في ذلك عن الصحابةِ والتابِعِين كثيرةٌ في تعظيمِ أمرِ الله وأمرِ رسولِه -صلى الله عليه وسلم-، والالتِزامِ بذلك، والحذَرِ من مُخالفتِه.

إخوة الإسلام: إن سلَفَ هذه الأمة وقَفُوا حيث أمَر الله تعالى، اختارُوا لأنفُسهم ما اختارَه الله وشرعُه، فنالُوا بذلك خيرَ الدنيا وسعادتَها، ورِضَا الله ورِضوانَه في الآخرة. فمَن رامَ ذلك فعليه بطريقتِهم، وعليه بهَديهِم.

اسمَعُوا إلى هذه القصة التي تُسطِّرُها عائِشةُ عن هذا المنهَجِ: قالت - رضي الله عنها -: "يرحَمُ الله نساءَ المُهاجِرات الأُوَل، لما أنزَلَ الله: (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) [النور: 31]، شقَقنَ مُروطَهنَّ فاختَمَرنَ بها"؛ رواه البخاريُّ تعليقًا، وفي "سنن أبي داود"، وسندهُ صحيحٌ عند المُحقِّقين.

قال ابنُ حجر: "مُروطهنَّ جَمعُ مرطٍ، وهو الإزارُ يُتغطَّى به.

وقولُها: فاختَمَرنَ به أي: غطَّينَ وُجوهَهنَّ".

فالواجِبُ على كلِّ مُسلمٍ أن ينهَجَ هذا المنهَج، لا أن يتلقَّفَ مناهِجَ من ها هنا ومن ها هنا بعيدًا عن الوحيِ، بأيِّ حُجَّةٍ كانت، وأيُّ حُجَّةٍ إنما هي هُراءٌ، وسُرعان ما يتبيَّنُ لأهلِ هذا المنهَجِ الفاسِدِ عَوارُها وفسادُها على مُجتمعاتِ المُسلمين.

فالواجِبُ على المُسلمين أن يقِفُوا عند شرعِ الله، وأن يُحكِّمُوا في أهوائِهِم وشَهَواتِهم ورغَبَاتِهم حُدودَ الله -جلَّ وعلا-، فإذا دعَتْهم أنفُسهم إلى مكاسِب دُنيويَّة، أو شهَواتٍ بدنيَّة، فعليهم أن ينظُرُوا في حُكمِها، ومدَى مُسايَرَتها للمنهَجِ الشرعيِّ الصحيحِ، وليحذَرُوا مِن الأنفُسِ الأمَّارةِ بالسُّوءِ، وليجتنِبُوا الغُرورَ بهذه الدُّنيَا الفانِية الزَّائِلَة، ألم يقُل ربُّنا: (وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ) [القصص: 60].

لقد أضاءَت الدُّنيا بمنهَجِ صحابةِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن منهَجَهم هو الالتِزامُ الكامِلُ، والتسليمُ التامُّ لنُصوصِ الوحيِ.

لما حُرِّمَت الخمرُ تحريمًا نهائيًّا بقولِه تعالى: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) [المائدة: 91]، قُرِئَت على عُمر، قال: "انتَهَينا انتَهَينا"، وأراقَ الصحابةُ الخَمرَ في الطُّرقِ، وكسَروا دِنانَها، وانتَهَوا منها، فبذلك تحقَّقَت لهم سعادةُ الدَّارَين.

فيا أهلَ الإسلام: تمسَّكُوا بدِينِكم، قدِّمُوه على كلِّ غالٍ ونَفِيسٍ؛ تغنَمُوا وتسعَدُوا وتُفلِحُوا وتأمَنُوا، (وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 71].

فوزُ الدنيا وسعادتُها، ورِضا الله -جلَّ وعلا- في جنَّاتِه يوم القيامة وفي الآخرة.

إخوة الإسلام: تقديمُ الهوَى على الوحيِ اختِيارٌ وجُنوحٌ عمَّا اختارَه الله لعِبادِه، والله -جلَّ وعلا- هو أعلَمُ بعِبادِه، وحينئذٍ إذا وقعَ الناسُ في هذا المسلَكِ الردِيِّ فإنهم إما يقَعُون في البِدَع المذمُومة والاختِراعِ في الدين، وإما في الغُلُوِّ والتطرُّفِ القَبِيحِ في شريعةِ ربِّ العالمين، وإما في العِصيانِ لأوامرِ الله -جلَّ وعلا-.

وحينئذٍ فعليهم أن تكون عباداتُهم وتوجُّهاتُهم وَفقَ نُصوصِ الشرعِ والمقاصِدِ الشرعيَّة التي رعَتْها قواعِدُ الإسلام.

أقولُ هذا القولَ، وأستغفِرُ اللهَ لي ولكم ولسائِرِ المُسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِرُوه إنه هو الغفورُ الرحيمُ.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمدُ لله وكفَى، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدهُ لا شَريكَ له الجليلُ الأعلَى، وأشهدُ أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه العبدُ المُصطفَى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك عليه وعلى آله وأصحابِه أُولِي النُّهَى.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ رجال أمننا و جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وقال بعضُهم: هو الإِسلام؛ لأن فيه حياتَهم من الكفر، كما قال تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ) [الأنعام:122].

وقيل: هو الجهاد؛ لأنَّ فيه عزَّ المسلمين بعد الذُّلِّ، والقوةَ بعد الضَّعف.

ثم توعد سبحانه من لم يستجِبْ لما دعا إليه، فقال: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [الأنفال:24].

فمن لم يستجب له ولرسوله عاقبَه بصرفِ قلبه، فلا يقبلُ الحقَّ بعدَ ذلك، كما قال تعالى: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الأنعام:110].

وقال تعالى: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) [الصف:5].

فإيَّاكم أن تَرُدُّوا أمر الله أولَ ما يأتيكم، فيُحالَ بينكم وبينَ قبولِهِ، فإنَّ الله يحولُ بينَ المرء وقلبه، ويقلِّبُ القلب حيثُ يشاءُ، ولهذا كان النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يكثر أن يقول: "يا مُقَلِّب القلوب ثِّبتْ قلبي على دينِك".

وقال صلى الله عليه وسلم: "إنَّ القلوبَ بين أصبعين من أصابع الرحمنِ يُصَرِّفها كيف يشاء".

عبادَ الله: يقول الله -تعالى-: (فَبَشِّرْ عِبَادِ * الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر:17-18].

إنَّه مطلوبٌ منا الاستماعُ والاتباعُ، مطلوب منا استماعُ كلام الله وكلام رسوله، فإنَّ من لم يسمع اليوم سيندمُ غداً حين يقول الكفار: (لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) [الملك:10].

مطلوب منا استماعُ الخطب والمحاضرات الدينية، مطلوبٌ منا حضورُ الدروس والندوات لنستمعَ ما يُفيدنا، ونتفقه في ديننا، مطلوبٌ منا استماع البرامج الدينية المفيدة التي تُذاعُ وتصل إلى كُلِّ بيت وإلى كل مكان.

ولكنَّ الكثيرَ منا لا يسمعون ولو سمعوا، فإنهم لا يعقِلُون.

إنَّ الأرض إذا لم ينزل عليها المطرُ، ويصلْ إليها الماءُ ماتت، وكذلك القلوبُ إذا لم يصلْ إليها الوحيُ والذِّكْرُ، عَمِيَتْ ومَرِضَتْ وماتَتْ.

وإذا كان الإِنسانُ لا يحضُر خطبةً، ولا يسمع موعظة، ولا يتلو قرآناً، ولا يقرأُ حديثاً عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فماذا ستكونُ حاله؟ ومن أينَ يفقَهُ في دينه؟ وكيف يستجيبُ لله ولرسوله؟

إنَّ الاستجابة لا تكون إلا بعد سماع دعوة، والله قد دعانا في كتابه وعلى لسان رسوله، فهو سبحانه يدعو إلى دارِ السلام: (يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) [إبراهيم:10].

ومَنْ سمع دعوةَ الله وجبَ عليه أن يُجيبَ.

(وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) [الأحقاف:32].

ومن الناس مَنْ يرفُضُ إجابةَ داعي الله بالكلية، وهؤلاء هم الكفار والمنافقون الذين قالوا: سمعنا وعصينا.

ومن الناس مَنْ يقبَلُ ما يُوافقُ هواه، ويرفُض ما خالفه.

وهذا عبدٌ لهواه، وليس عبدَ الله المُتَّبع لنداء مولاه، قال تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [القصص:50].

وهذا شبيهٌ بالذين يؤمنون ببعضِ الكتاب، ويكفرون ببعض، فتراه يُدْعَى إلى حُضوِر صلاة الجماعة في المسجد فلا يجيبُ، تراه يُدْعَى إلى تركِ الربا، والرشوة والمعاملات المحرمة ولا يُفَكِّرُ في تركها والابتعاد عنها، تراه يُؤْمَرُ بالمعروف وينهى عن المنكر فلا يمتثلُ، مع أنه يتسمَّى بالدين، ويقول: إنني من المسلمين.

فهذا إنْ سَلِمَ من الكفر لم يسلَمْ من الفِسْقِ والنفاق، وسوءِ الأخلاق.

إنَّ دعوة الله تبلُغُ كُلَّ مكلف بطرقٍ متعددة، من طُرُقِ تلاوة كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، ومن طريقِ الدُّعاةِ إلى الله، من طريق الآمرينَ بالمعروفِ والناهين عن المنكر، ومن طريق المنادين للصلاة في اليوم والليلة خمسَ مرات، وهكذا لا تَمُرُّ لحظةٌ إلا ويسمع الإِنسان داعياً إلى الله، ويُسَجَّلُ عليه أوله ما يقابل به تلك الدعوةَ من إجابةٍ أو رفض، ومن ثواب وعقاب.

عبادَ الله: ومِنَ الناس من يُؤْثِرُ سماع الأغاني والألحان، ومزامير الشيطان على سماع كلام الرحمن، ويُؤِثِرُ الذهابَ إلى الملاهي والملاعب على الذهابِ إلى المساجد، ويؤثر الاستماعَ إلى المطرب فلان، وإلى الأغنية الماجنة على الاستماع إلى الواعظ، فيكون من الذينَ قال الله فيهم: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ رجال أمننا و جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

سرعة الاستجابة لله ورسوله ﷺ - الشيخ عبدالباري الثبيتي

الخطبة الأولى:
الحمد لله، الحمد لله الذي أمرَنا بالاستِجابة، وحثَّنا على بلوغ الفضل والإنابَة، أحمده -سبحانه- وأشكرُه على نعمة التوفيق وطريق السعادة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في النُّسُك والصلاة والعبادة، وأشهد أن سيِّدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه علَّمَنا منهجَ الرَّشاد والقيادة، صلَّى الله عليه وعلى آلِه وصحبِه أُولِي العزم والسيادة.

أما بعد: فأُوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

وقال -سبحانه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) [الأنفال: 24].

الاستجابةُ لله والرسول هي الاستجابةُ للإسلام بكل ما فيه، استِجابةٌ شاملةٌ واسعةٌ في كل شيءٍ دعانا إليه ربُّنا ورسولُنا -صلى الله عليه وسلم-.

يستجيبُ المسلم لله في كل شؤون حياتِه، في الصلاة، والزكاة، والصيام، في طاعة الوالدَين، وصِلة الأرحام، والمُعاملات، في لِباسِه وهيئتِه وعملِه. والمرأةُ تستجيبُ لله في حجابِها، وسترها، وزينتها، ومنزلها، وعلاقتها مع زوجِها وأطفالِها.

سرعةُ الاستِجابة دليلُ الصدقِ في الاستِسلام، وهي ثمرةُ العلم النافع والعمل الصالح.

المُستجِيبُون لله ورسوله هم أهلُ الفلاح، وهم المؤمنون حقًّا، الفائِزون بالمطلوب، النَّاجُون من الكُرُوب، فتقرُّ أعينُهم، وتسعَدُ أرواحُهم.

قال الله تعالى: (إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [النور: 51].

هذا هو قولُ أهل الإيمان: سمِعنا وأطعنا، في المنشَط والمكرَه، والعُسر واليُسر. أما المُنافِقون فشِعارُهم الإعراضُ والتولِّي، وديدَنُهم الصدُّ عن سبيل الله، ومُخالفةُ أمر النبي -صلى الله عليه وسلم-، (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا) [النساء: 61].

في الاستِجابة لله والرسول حياةُ القلبِ والعقل، حياةُ النفس والمُجتمع، حياةُ الأمة كلِّها، ولهذا كان أكملُ الناس حياةً أكملَهم استِجابة، ومن ضعُفَت استِجابتُه ضعُفَ قلبُه ونقصَت حياةُ حياتِه، وأما من ماتَ قلبُه فلا استِجابةَ عنده؛ قال الله تعالى: (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ) [النمل: 80].

أما الذين يرفُضون الاستِجابةَ لله ورسوله فإنهم يرفُضُون الحياةَ الكريمةَ، وليس لهم إلا الدُّون، ومصيرُهم الهلاك، ومآلُهم الدمارُ والوَبالُ، قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) [إبراهيم: 28، 29].

ثم يقول الله: (وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) [الأنفال: 25].

النُّكوصُ عن الاستِجابة يُسبِّبُ الاختلاف، واضطرابَ الأحوال، واختِلال الميزان، وشُيُوع الفساد، وهو المُعبَّرُ عنه بالفتنة.

عن زينَب بنت جحشٍ -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- خرجَ يومًا فزِعًا مُحمرًّا وجهُه يقول: "لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقتَرَب، فُتِح اليوم من رَدم يأجوج ومأجوج مثلُ هذا". وحلَّقَ بإصبَعِه الإبهامِ والتي تلِيْها. قالت: فقلتُ: يا رسول الله: أنهلِكُ وفينا الصالِحون؟! قال: "نعم، إذا كثُر الخبَث".

الأمةُ التي تستجيبُ لوحيِ ربِّها، وتُسلِمُ وجهَها لبارِئها يحسُنُ حالُها، وتتغيَّرُ حياتُها صلاحًا وإصلاحًا، ويتحقَّقُ لها الأمنُ والحياةُ الطيبة، والوحدة الصادقة بين المؤمنين، وتتحوَّلُ العداوةُ والبغضاءُ إلى أن يكونوا بنعمة الله إخوانًا، كما قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "مثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحُمِهم وتعاطُفِهم مثلُ الجسَد إذا اشتكَى منه عضوٌ تداعَى له سائرُ الجسَدِ بالسَّهَر والحُمَّى".

ويستجيبُ الله للعباد إذا استجابُوا له -سبحانه-، وهو يُقدِّرُ الاستِجابةَ في وقتها بتقديرِه الحكيم، قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "يُستجابُ لأحدِكم ما لم يعجَل فيقول: قد دعوتُ فلم يُستجَبْ لي!". أخرجه البخاري ومسلم.

يستجيبُ الله لمن استجابَ له، قال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) [آل عمران: 195].

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وكان بروز خلق الإصلاح والحرص عليه في النبي -صلى الله عليه وسلم- أوضح وأجلى في صلح الحديبية الذي تجلت فيه دلائل نبوته، ومكارم أخلاقه، فما كان بوسع أحد أن يقبله إلا هو صلى الله عليه وسلم لما جعل الله فيه من الصفات، وذلك لقسوة شروطه، وجفاء لهجته، كيف لا، والصحابة كلهم -رضي الله عنهم- إلا أبا بكر الصديق كانوا بين منكر له علناً، وساكت عنه تأدباً مع النبي، وهو صلى الله عليه وسلم يقول: "والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظّمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها" ؟

عباد الله: وإنما يكون الصلح محموداً ومثاباً عليه إذا كان في حدود ما أحل الله -تعالى-.

أما الصلح الذي يحرم حلالاً أو يحل حراماً، فإنه صلح مذموم منهي عنه، فقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً حرم حلالاً أو أحل حراماً".

ليكن كل واحد منا عنصراً مصلحاً في الوسط الذي يعيش فيه، يجتمع الناس بسببك، تؤلف بين اثنين، وتصلح بين متخاصمين، فإن العديد من الأسر والعوائل فيها ما فيها من الخلافات، وسوء التفاهم، يصل أحياناً إلى سنوات وشكايات في المحاكم، وهم أحوج ما يكونون إلى رجل رشيد يجمع بينهم، ويؤلف بين قلوبهم، ويرفع الشحناء والبغضاء من صدورهم، فلماذا لا تكون أنت -يا عبد الله- هذا الرجل؟ أما أن نعيش سلبيين، يغلق الواحد منا عليه داره ولا هم له بغيره، فهذه سلبية مقيتة تتنافى مع الأخلاق الإسلامية.

فاتقوا الله -عباد الله- واحذروا من العداوة والشحناء بينكم، واحرصوا -رحمكم الله- على إصلاح ذات البين، والتجاوز عن الهفوات والزلات، طلباً لمرضاة الله -تعالى-، وحرصاً على الابتعاد عن سخطه.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ...
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه كان غفوراً رحيماً.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيرًا

أما بعد: فاتقوا الله -تبارك وتعالى- أيها الناس-، واعلموا -رحمكم الله- أن الإصلاح بين الناس من أفضل مقامات الإيمان، ولقد بلغت عناية الإسلام به، ومحبته له أن أباح فيه الكذب الذي هو من أقبح الرذائل الخلقية، إذا كان هذا الكذب وسيلة لإصلاح خصومة، ورفع نزاع، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً".

وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يصلح الكذب إلا في ثلاث: الرجل يكذب في الحرب، والحرب خدعة، والرجل يكذب بين الرجلين، ليصلح بينهما، والرجل يكذب للمرأة، ليرضيها بذلك".

قال الإمام الخطابي -رحمه الله-: "وهذه الأمور يضطر الإنسان فيها إلى زيادة في القول، ومجاوزة الصدق، طلباً للسلامة، ودفعاً للضرر، فقد رخص في بعض الأحوال في اليسير من الفساد، لما يؤمل فيه من الإصلاح الكبير".

والكذب في الحرب بين الأعداء: هو أن يظهر الرجل من نفسه قوة، ويتحدث بما يقوي أصحابه، ويكيد به أعداءه، فقد ذهب المسلمون لأداء عمرة القضاء في العام التالي للحديبية، فقال المشركون: أتاكم أتباع محمدٍ قد نهكتهم حُمى يثرب، فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بالسعي في الطواف، حتى يغيظوا الكفار، ويردوا عليهم قولتهم.

وأما كذب الرجل على زوجته: فهو أن يظهر لها من المحبة أكثر مما في نفسه، ليستديم بذلك صحبتها وألفتها، ويصلح ما بينه وبينها من خصام، وهكذا تكون المرأة مع زوجها، فقد روي: "أن رجلاً قال في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لامرأته: نشدتك بالله هل تحبينني؟‍! فقالت: أما إذا نشدتني بالله فلا! فخرج حتى أتى عمر فأخبره، فأرسل إليها، فقال: أنتِ تقولين لزوجك: لا أحبك ؟ فقالت: يا أمير المؤمنين نشدني بالله، أفأكذب عليه ؟! قال: نعم، فاكذبيه، ليس كل البيوت تبنى على الحب، ولكن الناس يتعايشون بالإسلام والأحساب".

فاتقوا الله -عباد الله-: وأصلحوا ذات بينكم، تستديموا المحبة فيما بينكم، وتصلح أحوالكم، وتنالوا الأجر والثواب من الرحمن الرحيم.

عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

فضيلة الإصلاح بين الناس - الشيخ ناصر الأحمد

الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أيها المسلمون: الخلاف بين الناس والخصومة بينهم غريزة فطرية أودعها الله -عز وجل- في نفوس البشر منذ خلقهم، وجعل سبحانه وتعالى لهذه الغريزة أسباباً ومحركات تؤدي إلى غليانها في النفس، وثورانها في المجتمع، حتى بين القريب وقريبه، وبين والأخ وأخيه.

وأول هذه الأسباب: الشيطان: الذي يأمر بالفحشاء والمنكر، ويعد الفقر، أي أن يعبده المسلمون فعمد إلى التحريش بينهم، وزرع الخلاف والفرقة والشحناء في نفوسهم.

وثانيها: النفس الأمارة بالسوء، والهوى والشح والبخل.

وثالثها: شياطين الإنس من البشر: الذين يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً، يسوؤهم اجتماع الأخلاء، وترابط الأقرباء، مما يحملهم على النميمة، والتحريش بينهم، واختلاق الأمور المفسدة للعلاقات، حتى يتصدع بنيان القرابة، وتتزعزع رابطة الأخوة، فيوجد الخلاف، وتثور الفتنة، وتنتشر القطيعة، حتى تفرق بين المحب وحبيبه، والقريب وقريبه، والصاحب وصاحبه، وحتى يهجر الولد أباه، والزوج زوجه، والأخ أخاه، والجار جاره، مما يفكك روابط المجتمع، ويجعله لقمة سائغة في أيدي أعدائه أياً كان جنسهم.

عندها تفسد النيات، وتتغير القلوب، وتتدابر الأجساد، وتظلم الوجوه، فتقع الحالقة التي تحلق الدين، وتذهب الأخوة الإسلامية.

عباد الله: وأبرز أثر ونتيجة للخلاف والخصام بين المسلمين: التهاجر والقطيعة، ولهذا نهى الله -تعالى- عن التهاجر بين المسلمين، وأمر بإصلاح ذات البين، وجعل ذلك من أعظم القربات، وأجل الطاعات؛ لأنه السياج المنيع الواقي للأخوة الإسلامية التي رغب فيها الإسلام، والدرع الحصين لوحدة الأمة التي حرص الإسلام على تماسكها وسلامتها، قال الله -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَنفَالِ قُلِ الأَنفَالُ لِلّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَصْلِحُواْ ذَاتَ بِيْنِكُمْ وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [الأنفال: 1].

ولقد أخبر المصطفى -صلى الله عليه وسلم-: "أن من هجر أخاه سنة، فهو كسفك دمه".

وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يعرض هذا فيعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".

ولو لم يكن من شؤم الهجر والقطيعة إلا ما صح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين والخميس، فيغفر لكل عبدٍ لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظِرا هذين حتى يصطلحا".

لو لم يكن من شؤم الهجر والقطيعة إلا هذه العقوبة المتمثلة في رد الأعمال الصالحة، وعدم قبولها، لكان خليقاً بالمسلم الحريص على دينه، ونجاة نفسه، أن يبتعد عنه، ويحذر منه، ويعمل جاهداً على غض الطرف عن الزلات، والتجاوز عن الهفوات، والحرص على سلامة الصدور، وصفاء القلوب.

عباد الله: ولِما للهجر والقطيعة بين المسلمين الناتجان عن الخلاف والتخاصم بينهم من هذه الآثار السيئة، ندب الإسلام أتباعه إلى أن يبذلوا الوسع والجهد في الإصلاح بين الناس، رحمة بهم، وشفقة عليهم، وطمعاً في فضل الله -تعالى- ورحمته الذين وعدهما من أصلح بين الناس ابتغاء مرضاة الله -تعالى-.

وإن المتأمل لما صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد".

يجده خير مثال يصور حقيقة المؤمنين في مجتمعهم، فهم جسد واحد كالبنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضاً، إذا انهدم منه ركن أو اعتل منه جزء فسد حاله، وضعف شأنه.

Читать полностью…
Subscribe to a channel