وإنّ الدُعاء أعمق مِن كُل الأحاديث
وإنك أقرب السامعين
فَ يارب أنا أُناجيك
أُناجيك ، ولستُ الفقيهةَ بأُسلوبِ الرَّقائق
أُناديك ، ولساني غير فصيح
ودربي غير صَحيح لكِنَّ قلبي يُحدِّثني
بأنَّ أمرًا عظيمًا يُحضَّر لي في الغيب
أنا الَّتي لا أملكُ سوىٰ حُسن الظَّنِّ بك
وأُحارب هوىٰ نفسي باليقين
أنا الَّتي أتلعثم حاليًّا بكُلِّ الكلمات ما عدا
ندائيَ بالرَّجا يا ربّ .
كُل الذين تَحدثوا إليّ للمَرةِ الأولى
كانوا مُتحمسين للتَحدُث مَعي مُجددًا
قالوا بأنني صامتٌ وهادِئ للغايةِ
كُل الذين تَحدثوا إليَّ للمَرةِ الأخيرة
كانوا مُتعبين مِن التَحدُث مَعي مُجددًا
قالوا بأنني صامتٌ وهادِئ للغايةِ .
لن تُحبَّها مِن أولِ مَرة
لا لأنها لا تُحَب مِن أول مَرة
بل لأنّك أنتَ المُخاطب
لستَ قادرًا عَلى إكتشاف كُلِ ما فيها
وإلتهامه وهَضمه دُفعةً واحدة ..
عَن السِت في ذِكرى رَحيلها
٣.٢.١٩٧٥
كَشخص يمتلك شَخصيتين
إحداهُما عاطفية إلى حَد البُكاء
وأُخرى عَقلانية لدرجة أن يسخر مِن حُزنهِ
كَشخص يَمتلك مِن الهُدوء ليتصف بالرزانة
وأُخرى عَصبية إلى حَد الجُنون
شَخص يَنسى حُزنهُ ليَبتسم
فَيذكُر خَيبتهُ وَيحزن
يُحاربُني ألف تناقُض أعيشهُ في اليوم .
أحبَبتُكَ رُغمَ أنّي لا أحتضنك
ولا أراكَ دومًا
أحبَبتُكَ لأنّي كَتبتُ بِكَ
وَقرأتُ لكَ
وَضحِكتُ مِن أجلكَ
وَتغيرتُ لِأجلكَ
أحبَبتُكَ وأنتَ بَعيد
- مَحمود دُرويش
نستطيع أنا وأنتِ أن نَصنع
الآت موسيقية بسهولة
مثلًا أصابعُ يَديكِ عَلى شَعْري
بيانو كامل
أصابعُ يَدُكِ عَلى قلبي أوتار
عود شرقي
كُل إصبع في يَدي دونَكِ هوَ
ناي حزين .
وهَذَا اللّيلُ أوسَعَني حَنينًا
فَمَزّقَ ما تَبَقّى مِنْ ثَبَاتِي
تَلُوحُ الذّكرَياتُ بِكُلَّ دَربٍ
لِأَهرُبَ مِنْ شَتَاتِي لِلشّتاتِ
ومَابِي غيرُ شوقٍ لا يُداوى
وبَعضُ الشّوقِ أَشبَهُ بِالمَمَاتِ .
إنني أعودُ إليكِ
مِثلما يَعود اليَتيم
إلى مَلجأهِ الوَحيد
وسأظلُ أعود .
- غَسان كنفاني
وإذا إلتَقت عينُ الخليلِ خَليلُها
وَسَطَ الحُشودِ فليسَ للنُطقِ ثمَن
تكفي تعابيرُ الوجُوِه كأنها
أنهارُ شَوقٍ فَاضَ مِن كُثرِ الشَجنِ .
لا السيفُ يفعلُ بي ما أنتِ فاعِلةٌ
ولا لقاءُ عدوي مِثلَ لُقياكِ
لو باتَ سهمٌ مِنَ الأعداءِ في كبدي
ما نالَ مِنّي ما نالتْهُ عَيناكِ
- أبو الطيب المُتنبي
كُنتِ تُحبّين المَطر
أكثر مِن أي شيءٍ آخر
إنهُ يذكرني بكِ الآن
أُريدُ أن أنساكِ
ولكن
ليسَ بوسع أي منديلٍ
أن يَمسح عَن زُجاجِ النوافذِ
هَذا المَطر .
تستوقفني التفاصيل دائمًا
في كُل مكان
أجدني أُراقب دائمًا
الطريقة التي ينظر بها
أحدهم إلى الآخر
ونبرة الصوت التي خرجت بها الكلمة
رجفة الأيادي
وتحسُّس كوب القهوة
قبل الإمساك به
التفاصيل ليست
أشياء عابرة بالنسبة لي
التفاصيل حياة .
يُغريك هذا النور بي لا تقترب
نارٌ أنا في موطنٍ رثٍ خَرِب
لو كُنتَ تحسبُني بلادًا إنّنِي
مَنفَى إذا منْهُ اقتربتَ ستغترب
أوْ كُنتَ تحسبُني هدوءً ما أنا
إلا الهياج فلو دنوت ستضطرب
يتصدعُ رأسي طيلةَ الوقت
أفكارٌ لا تنتهي
ومشاهِد عديدة
مِن وَحْي الخيال
لا ينقطع حبلُ أفكاري
ولا تهدأ هَذهِ الرُوح
أواصل
ولا تُزعجني الضوضاء
مِن حولي
لأن الضجيج الذي بداخلي
طمسَ عَلى كُل تِلك الأصوات .
عيناكِ مَا أدراكِ مَا عَيناكِ
مُدنٌ مِنَ الألوانِ والأفلاكِ
أنَا أحسدُ الاجفَانَ تَرمشُ فَوقَها
والكُحلَ إذ يَلهُوْ بهِ رِمشاكِ .
وتخافُ أنّي قد أُكلمُ غيرها
وسطَ الزِحام ولا لَمحتُ سواها
أثنيتُ عُمري في طَريقًا مُظلمًا
حَتى لَقيتُ النور في لُقياها
أنا وأنتَ حَقيقيّان
حَقيقيّان حينما نكونُ مَعًا
أمّا حينما نكونُ مَع الآخرين
فَيبحثُ كُلِّ مِنّا عَن الآخر .
أغَدًا ألقاك
يا خَوف فؤادي مِن غَدٍ
يا لشوقي وإحتراقي في إنتظارِ المَوعدِ
آه كَم أخشى غَدِ هَذا وأرجوهُ إقترابا
كُنتُ أستدنيه لَكِن هِبتهُ لَما أهابا
وأهلت فَرحة القُربِ بهِ حينَ إستجابَ
هَكذا أحتمل العُمرُ نَعيمًا وعَذابًا
مُهجةً حرة وقَلبًا مَسهُ الشَوق فَذابَ
أغَدًا ألقاك
أنتَ يا جَنة حُبي وإشتياقي وجُنوني
أنتَ يا قِبلة روحي وإنطلاقي وشجوني
أغَدًا تُشرق أضواؤك في ليلِ عُيوني
آه مِن فَرحة أحلامي ومِن خَوفِ ظُنوني
كَم أُناديكَ وفي لحني حَنينٌ ودُعاء
يا رجائي أنا كَم عَذبّني طولُ الرجاء
أنا لو لا أنتَ لَم أحفل بِمَن راح وجاء
أنا أحيا لِغَدِ الآن بأحلام اللقاء
فأتِ أو لا تأتِ أو فإفعل بقَلبي ما تشاء
أغَدًا ألقاك
هَذهِ الدُنيا كِتابٌ أنتَ فيهِ الفِكرُ
هَذهِ الدُنيا ليالٍ أنتَ فيها العُمر
هَذهِ الدُنيا عُيونٌ أنتَ فيها البَصرً
هَذهِ الدُنيا سَماءٌ أنتَ فيها القَمرُ
فارحم القَلب الذي يَصبو إليكَ
فَغَدًا تَملكُه بين يَديكَ
وغَدًا تأتلق الجَنة أنهارًا وظلًا
وغَدًا نَنسى فَلا نأسَ عَلى ماضٍ تولّى
وغَدًا نَزهو فَلا نَعرف للغيب مَحلا
وغَدًا للحاضر الزاهر نَحيا ليس إلا
قَد يكون الغَيب حُلوًا
إنمّا الحاضرُ أحلى
أغَدًا ألقاك ..
إذَا لَقِيتُكَ لَا تَسَل عَن حَالَتِي
فَمَلامِحِي بِالشَّوقِ خَيرُ بَيَانِي
وَاسمَع عُيُونِي كٌلَّمَا لَاقَيتَنِي
فَأنَا عُيُونِي فِي اللِّقَاءِ لِسَانِي .
إليكَ عَنِّيَ إنِّي هائِمٌ وَصِبٌ
أمَا تَرَى الْجِسْمَ قد أودَى به الْعَطَبُ
لِلّه قلبِيَ ماذا قد أُتِيحَ له
حر الصَبابة والأوجاع والوصَب
ضَاقت عليَّ بلادُ الله ما رحُبت
ياللرجالِ فهل في الأرضِ مضطرب
البينُ يؤلمني والشوقُ يجرحُني
والدارُ نازحةٌ والشملُ مُنشعبُ
كيف السَّبيلُ إلى ليلى وقد حُجِبَتْ
عَهْدي بها زَمَناً ما دُونَهَا حُجُبُ
- قَيس بن المُلوّح