awaren | Unsorted

Telegram-канал awaren - واحة التاريخ والحضارة

1591

معا نغوص في صفحات الماضي لنعرف ماذا حدث وكيف حدث ، ونستخلص من الماضي العبر والدروس.

Subscribe to a channel

واحة التاريخ والحضارة

1- الحملة الصليبية الأولى: سنة 493هـ= 1099م، وانتهت باحتلال انطاكية والقدس ومدن الساحل في بلاد الشام.
2- الحملة الصليبية الثانية: 542هـ= 1147م/ 544هـ= 1149م، وقد جاءت بعد فتح الرها وطرد الفرنج منها على أيدي الزنكيين، وقد حاولت هذه الحملة الاستيلاء على دمشق.
3- الحملة الصليبية الثالثة: 585هـ= 1189م/ 588هـ= 1192م، وقد جاءت بعد انتصار المسلمين في حطين وإعادة فتح القدس، ولم تحقق نتائج هامة.
4- الحملة الصليبية الرابعة: 599هـ= 1202م/ 601هـ= 1204م، واتجهت إلى القسطنطينية واستولت عليها ودمرتها، واكتفت بهذا الإنجاز.
5- الحملة الصليبية الخامسة: 616هـ= 1219م/ 618هـ= 1212م، وقد حاولت الاستيلاء على مصر لعزلها عن المشرق الإسلامي، وانتهت الحملة إلى الفشل.
6- الحملة الصليبية السادسة: 626هـ= 1228م/ 627هـ= 1229م، وأعادت القدس إلى حكم الفرنج، مع شريط أرضي يربطها بالساحل – حيث إمارات الفرنج.
7- الحملة الصليبية السابعة: 646هـ= 1248م/ 652هـ= 1254م، وحاولت للمرة الثانية احتلال مصر، وفشلت في المنصورة.
8- الحملة الصليبية الثامنة: 669هـ= 1270م، وانتهت بالفشل أمام تونس.
9- الحملة الصليبية التاسعة: 767هـ= 1365م، وقد هاجمت الاسكندرية في مصر، ونهبتها ودمرتها وعادت إلى قبرص.
10- الحملة الصليبية العاشرة: 798هـ= 1395م، وأحبطها الأتراك العثمانيون في نيقوبوليس.
11- الحملة الصليبية الحادية عشرة: 848هـ= 1444م أحبطها الأتراك العثمانيون في فارنا.
 
ولم تتوقف الحملات الصليبية بفتح الأتراك المسلمين للقسطنطينية سنة 857هـ= 1453م، ولا باستيلاء الفرنج الصليبيين على غرناطة سنة 897هـ= 1491م، وانما استمرت بعد ذلك في إطار حملات منظمة ضد أقطار المغرب العربي الإسلامي (المغرب- الجزائر- تونس- برقة)، وهي الحملات التي قادها الإسبانيون والبرتغاليون.
 
غير أن هذه الحملات لم توضع في إطار الحملات الصليبية، وكذلك الأمر بالنسبة للحملات الصليبية التي جرت تحت رايات الاستعمار الغربي، والتي تركزت على أقطار العالم العربي والإسلامي بصورة عامة، مما حمل الكثير من المؤرخين على تصنيف هذه الحملات تحت عنوان الحملة الصليبية الثانية عشرة...[1].

📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

- التدرج والمرحلية: باعتماد أسلوب التدرج في بث الفكرة والتلطف في عرضها على الناس؛ ففي المرحلة الأولى ينادون بالتشيع لآل البيت، وفي مرحلة ثانية يقولون بالرجعة والعصمة والتقية، وفي مرحلة ثالثة يقولون ببطلان ما عليه أهل ملَّة الإسلام. كما كانت التعاليم تُعطَى للمستجيبين على شكل خطوات مرحلية تتدرج من المبادئ البسيطة إلى التأويلات الفاسدة التي يراد منها إبطال أصول الإسلام وأحكامه.
- التخطيط: وخططهم تدل على دهاء وخبث، وحنكة وذكاء في الأمور السياسية والاجتماعية والاقتصادية، ومعرفةٍ بنفسية الناس، وظروفهم وبيئاتهم؛ فقد كانوا يختارون بدقة الزمان والمكان والأشخاص لتنفيذ خططهم.
- الاهتمام بالمراكز والخلايا والحلقات: وذلك لاستقطاب الأتباع والأنصار لدعوتهم، وتكوين التلاميذ الذين يُلقَّنون تعاليم الدعوة.
- غربلة المعلومات: وذلك بتعيين مخبرين تنحصر مهمتهم بنقل أسرار الدولة الحاكمة ومعلومات عن حكام الأقاليم وأخبار المجتمع السُّني إلى مركز الدعوة الرئيسي؛ ليُصَار إلى دراستها وغربلتها واستغلال خيرها وشرها لمصلحتهم.
- التراتبية والنظام: فالدعوة مراتب ودرجات وذات مستويات تصعد من القاعدة إلى القمة؛ ولذلك فهي أربع مراتب عند إخوان الصفا وسبع مراتب عند الحشاشين.
وبالجملة، فإن كشف عقائد هذه الفرق الهدامة وأساليبها التنظيمية لَحَريٌّ بهتك سترها وكشف حقيقتها أمام أعين المسلمين حتى لا يُخدَعوا بما يروِّجه تلاميذ المستشرقين من المؤرخين العَلمانيين والباطنية المعاصرين الذين يلقِّنون تاريخ القرامطة والعبيديين (الفاطميين) والحشاشين والصفويين

/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

المعركة بهزيمة جيش الحسين، ومقتله هو وجماعة من أصحابه.

نجاة إدريس بن عبد الله: أثار دولة الأدارسة

وكان ممن نجا من قادة الثائرين في هذه المعركة "إدريس بن عبد الله بن الحسن"، الذي اتجه إلى مصر ومعه خادمه راشد، وظل أمرهما مجهولاً حتى بلغا مصر مستخفيْن في موكب الحجيج، ولم يكن اختفاؤهما أمرًا سهلاً؛ فعيون الخلافة العباسية تتبعهما وتقتفي أثرهما، ولم تكن لتهدأ وتطمئن قبل أن تعثر على إدريس بن عبد الله حيًا أو ميتًا، لكنهما نجحا في التحرك والتخفي؛ لا لمهارتهما في ذلك، ولكن لحب الناس آل البيت، وتقديم يد العون والمساعدة لهما.

ومن مصر خرج إدريس وخادمه "راشد" إلى بلاد المغرب، ويقال: إن هذا الخادم كان بربريَّ الأصل، وساعدهما على الخروج من مصر عامل البريد بها؛ فقد كان متشيعًا لآل البيت، فلما علم بوجودهما في مصر قدم إليهما في الموضع الذي يستخفيان به، وحملهما على البريد المتجه إلى المغرب. وتذهب روايات تاريخية إلى أن الذي أعان إدريس على الفرار من مصر هو "علي بن سليمان الهاشمي" والي مصر، وأيًا ما كان الأمر فإن إدريس لقي دعمًا ومساعدة لتمكينه من الخروج من مصر، سواءً كان ذلك بعون من والي مصر أو من عامل البريد.

وبعد أن وصل إدريس بن عبد الله إلى برقة تخفى في زي خشن، يظهر فيه بمظهر غلام يخدم سيده "راشد"، ثم سلكا طريقًا بعيدًا عن طريق إفريقية إمعانًا في التخفِّي، وخوفًا من أن يلتقي بهما أحد من عيون الدولة العباسية التي اشتدت في طلبهما، حتى وصلا إلى تلمسان سنة (170هـ= 786م)، وأقاما بها عدة أيام طلبًا للراحة، ثم استأنفا سيرهما نحو الغرب، فعبرا "وادي ملوية"، ودخلا بلاد السوس الأدنى، حيث أقاما بعض الوقت في "طنجة" التي كانت يومئذ أعظم مدن المغرب الأقصى، ثم واصلا سيرهما إلى مدينة "وليلي"، وهي بالقرب من مدينة مكناس المغربية، واستقرا بها بعد رحلة شاقة استغرقت حوالي عامين.

وبعد أن استقر إدريس في وليلي (قصر فرعون حاليًا) اتصل بإسحاق بن محمد بن عبد الحميد زعيم قبيلة "أوربة" البربرية، صاحبة النفوذ والسيطرة في "وليلي"؛ فلمَّا اطمأنَّ إليه إدريس عرَّفه بنسبه، وأعلمه بفراره من موطنه؛ نجاةً بنفسه من بطش العباسيين، وقد رحَّب إسحاق بضيفه الكبير، وأنزله معه داره، وتولَّى خدمته والقيام بشأنه شهورًا عديدة، حتى إذا حلَّ شهر رمضان من السنة نفسها جمع إسحاق بن محمد إخوته وزعماء قبيلة أوربة، وعرَّفهم بنسب إدريس وبفضله وقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم وكرمه وأخلاقه وعلمه؛ فرحبوا جميعًا به، وأعربوا عن تقديرهم له، وبايعوه بالخلافة في (14 من رمضان 172هـ=15 من فبراير 788م)، وبعد ذلك خلع "إسحاق بن عبد الحميد" طاعة بني العباس حيث كان من ولاتهم، وتنازل لإدريس عن الحكم.

وتبع ذلك الدعوة لإدريس بين القبائل المحيطة؛ فدخلت في دعوته قبائل: زناتة، وزواغة، وزوارة، ولماية، وسراته، وغياشة، ومكناسة، وغمارة، وبايعته على السمع والطاعة، واعترفت بسلطانه، وقصده الناس من كل مكان.
استقرت الأمور لإدريس بن عبد الله، ورَسُخَت أقدامه بانضمام كل هذه القبائل إلى دعوته، ودانت له معظم قبائل البربر، وبدأ يطمح إلى مدِّ نفوذه وسلطانه إلى القبائل التي تعترف بحكمه، ونشر الإسلام بين القبائل التي لا تزال على المجوسية أو اليهودية أو المسيحية، فأعدَّ جيشًا كبيرًا زحف به نحو مدينة "شالة" قبالة مدينة الرباط، ففتحها، ثم تحول إلى كل بلاد "تامسنا" فأخضعها، وأتبع ذلك بإخضاع إقليم "تاولا"، وفتح حصونه وقلاعه، ودخل كثيرٌ من أهل هذه البلاد الإسلام، ثم عاد إلى "وليلي" للراحة والاستجمام في (آخر ذي الحجة 172هـ= مايو 789م)، ثم عاود حملته الظافرة عازمًا على دعوة من بقي من قبائل البربر إلى الإسلام، ونجح في إخضاع قبائل: قندلاوة ومديونة وبهلولة وغيرها من القبائل البربرية التي كانت متحصنة بالجبال والحصون المنيعة، ثم رجع إلى وليلي في (15 من جمادى الآخرة 173هـ=10 من أكتوبر 789م).

/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

وقد قسم العباسيون الولاية على الأقاليم إلى قسمين، وخصوصًا في عهد الرشيد، الأول: الولاية الكبرى، وهي التي تكون لأحد أبناء الخليفة أو شخص مقرب من الخليفة؛ حيث يتولى هذا الوالي عدة أقاليم في الدولة ويقوم بتصريف أمورها من العاصمة، أو من أحد تلك الأقاليم بعد الرجوع إلى الخليفة، ويرسل إليها ما يشاء من الولاة. الثانى: الولاية الكاملة، حيث يتمتع الوالي ببعض السلطات التي توسع دائرة نفوذه، مثل النظر في الأحكام وجباية الضرائب والخراج وحماية الأمن وإمامة الصلاة وتسيير الجيوش للغزو.

و- الدواوين:

ظهرت الدواوين في الدولة الإسلامية، كبقية المؤسسات الإدارية، نتيجة لاحتياج المسلمين إليها، وقد جعل ابن خلدون وجود الديوان من الأمور اللازمة للملك. وللديوان أهمية كبرى فيما يتعلق بأموال الدولة وحقوقها وحصر جنودها ومرتباتهم، ويرجع الفضل في تنظيم الدواوين في العصر العباسي إلى خالد بن برمك.
وقد اهتم الخلفاء العباسيون بالدواوين؛ فكثرت اختصاصاتها وتنوعت بسبب التعاون الوثيق بين العباسيين والفرس، فقد أخذ العباسيون الخبرة الفارسية في مجال الإدارة، كما احتفظوا ببعض تنظيمات الدولة الأموية، خصوصًا في الدواوين والدوائر الرسمية، كما استحدثوا بعض الدواوين كديوان المصادرات، وديوان الأزمّة (المحاسبة) وديوان المظالم، وغيرها.

ز- القضاء:

وهو من الوظائف المهمة في الدولة الإسلامية، ويقوم على المحافظة على حقوق الرعية وإقرار العدل والإنصاف بين جميع الطبقات، وحماية الأخلاق العامة، مستمِدا أحكامه من الكتاب والسنة. ونظرًا إلى أهميَّة منصب القضاء، فقد وضع العلماء المواصفات التي يجب توافرها في القاضي، ومنها: أن يكون رجلاً قوياً عاقلاً حرًا مسلمًا عادلاً، ويتمتع بالسلامة في السمع والبصر، وأن يكون عالمًا بأحكام الشريعة.
وقد حظي القضاة في العصر العباسي الأول بالتبجيل والاحترام، وكان تعيينهم وعزلهم يتم بأمر الخليفة، وأول من فعل ذلك الخليفة المنصور، فقد عين قضاة البلاد بأمره سنة (136هـ / 753م). وقد استقرت المذاهب الفقهية في عهد الدولة العباسية، وتحددت مهام القضاة وكيفية الإجراء القضائى، وتوحد القانون، وأصبحت جلسات القاضي علنية في المسجد وخصوصًا في عهد المأمون.
كما اهتم خلفاء العباسيين بالتثبت من الأحكام، فعيَّنوا جماعة من المُزَكِّين، وظيفتهم تتبع أحوال الشهود، فإذا طعن الخصم في شهادة أحد الشهود سُئل عنه المزكى. كما اهتموا بأحوال القضاة المادية حتى يعيشوا في يسر ورخاء. وقد تطور القضاء بصورة ملحوظة في العصر العباسي الأول، وظهر منصب قاضي القضاة، وكان يقيم في عاصمة الدولة، ويقوم بتعيين القضاة في الأقاليم والبلاد المختلفة، وأول من لقب قاضي القضاة أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم، صاحب كتاب الخراج، في عهد الرشيد.

📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸الخلافة الأموية في ميزان الإسلام
 
الخلافة الأموية في ميزان الإسلام بين منجزات الدولة الأموية والمثالب التي أخذت على الأمويين، فما حقيقة ذلك؟

لا يعد البحث عن حقيقة التاريخ الأموي ضرورة ثقافية فقط، بل يستمد أهمية تربوية ومعنوية خاصة في ضوء ما نلمسه كبارًا وناشئة من فوارق جمة بين نقاء عهد النبوة وعصر الخلفاء الراشدين -كما تصوره صفحات التاريخ- وشدة الظُلْمَة في عصر الأمويين، كما تصفه تلك الصفحات. 
إن هذه النقلة المفتعلة قُصِدَ منها -إلى حد كبير- تقليص سنوات الأسوة والمجد والوَضَاءَة في التاريخ الإسلامي لأغراض يعرفها من يقدرون دور التاريخ في صياغة الأمم، والدفع بها إلى آفاق أرحب. 
إن قبول التاريخ الأموي -كما يُعرض علينا في جُلِّ كتابات القدماء والمحدثين- يضعنا أمام تساؤلات ملحة تفرضها عدة تناقضات حادة: 
فنحن أمام دولة حققت إنجازات كبرى في مجال الفتوح ونشر الإسلام، وقدمت شخصيات فذة تركت آثارًا ضخمة في ميادين السياسة والحرب والإدارة، واستمرت تقود المسلمين -آنذاك- على اختلاف أجناسهم وألوانهم وأديانهم وطموحاتهم أكثر من تسعين عامًا في دولة واحدة، امتدت من حدود الصين إلى جنوبي فرنسا.
 غير أن كثيرًا مما وصلنا من تاريخ تلك الدولة لا يتفق مع عظمة منجزاتها سالفة الذكر؛ فقد ذاع عن ذلك العصر أنه كان عصر مؤامرات سياسية، ورِدَّةٍ خُلُقية، واضطراب اجتماعي، وخلل اقتصادي، واستهانة بمقدسات المسلمين.. فتولدت عن ذلك ثورات كثيرة، وسالت دماء غزيرة.. وهو العصر الذي شهد -كما استقر في أذهان كثير من المسلمين- توارث الحكم بعد أن كان شورى، وتبديد أموال الدولة على هوى حكامها بعد أن كانت مصونة.. وهو العصر الذي شهد قتل الحسين t وصلب ابن الزبير -رضي الله عنهما- وضرب الكعبة بالمنجنيق، وانتهاك حرمة المدينة المنورة، وظلم الموالي.
 إلى آخر ما يشيع عن بني أمية، وما أصبح يشكل في وعي الكثيرين صورة عن عصر قاتم.
 أما الإنجازات الكبرى التي سبقت الإشارة إليها، فيثور حولها لغط كبير وغبش وجدال تصعب معه الرؤية الصافية والنظرة المتسقة.
 وبعيدًا عن ذلك التباين والتناقض -غير المبرر- بين المنجزات والمثالب.. كان لزامًا علينا أن نستحضر بعض المسلَّمات الأساسية الواضحة: منها أن تاريخ الدولة الأموية يقع في دائرة خير القرون المشهود لها بذلك من المعصوم r في قوله: "خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم". متفق عليه. ولا يمكن للعقل تصور هذه النقلة الكبيرة التي يتحدث عنها المؤرخون بين صفاء عصر الراشدين وظلام عصر بني أمية، وما كان الثاني إلا امتدادًا طبيعيًّا للأول.. فيه عاش بقية رجاله، ومن تبعهم بإحسان، وصاغوا تاريخه وأمجاده، مع التسليم بوجود فارق لا بد منه بين العصرين.
 كما أن ما خلَّفه الأمويون من آثار تاريخية خالدة -سبق بيان بعضها- لا يمكن أن يصدر عن حقبة تاريخية بكل تلك السوءات التي لا تلبث أن تضخِّمها كثير من كتابات المؤرخين وغيرهم. كما أن التاريخ لا ينفرد بصياغته في عصر ما حفنة من الرجال -ولو كانوا متميزين- على امتداد ذه العقود من الزمان التي عمرتها الدولة، وإنما هو نتاج عوامل شتى تتداخل فيها تأثيرات الزمان والمكان والبشر، وتلعب فيها قوى المجتمع وتكويناته الظاهرة والمستترة دورًا كبيرًا. ومن خلال هذا المنظور ينبغي تفسير التاريخ الأموي، فلا يجوز أن يتحمل حكامه من بني أمية كل أوزاره ومثالبه، ولا أن ترد جميعها إلى صنعهم وتأثيرهم.. تمامًا كما ينبغي ألاَّ يُنسب إليهم وحدهم شرف كل أمجاده ومفاخره.
 إن هذه الحقائق الثابتة تقودنا إلى البداية الطبيعية للحديث عن حقيقة التاريخ الأموي، ألا وهي بحث الظروف التاريخية التي دُوِّن فيها ذلك التاريخ، والعوامل المتعددة التي حكمت ذلك التدوين أو أثرت فيه.. فقد تمت كتابة التاريخ الأموي في العصر العباسي، وفي أجواء معادية لبني أمية، وعلى أيدي رجال تعددت مذاهبهم واتجاهاتهم الفكرية وولاءاتهم السياسية؛ وقد ترك ذلك كله آثارًا ضخمة على تناولهم لتاريخ هذه الحقبة بالغة الأهمية والحساسية. ومن هنا تأتي أهمية دراسة مصادر ذلك التاريخ، وتحليل موقفها من بني أمية، واتجاهات أصحابها ومؤلفيها

/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

لقد أسندت إليه قيادة المعركة لمعرفته بشعاب ودروب المنطقة التي كان يسكنها مع كونه احد قادة الجهاد، وأحد المستشارين لعمر المختار، وقائمقام البراعصة والدرسة في فترة سابقة، فكان في تلك المعركة فوق جواده يجوب الميمنة والميسرة والقلب وهو عاري الرأس لا يخشى الموت يوزع صناديق الذخيرة على المقاتلين تارة ويطلق عبارات التشجيع مرة أخرى، ويقوم بتحريك جبهات القتال، وتنظيم هجومات المجاهدين، وترتيب صفوفهم.
وسقط الشهداء واشتدت المعركة، وارتفعت درجة حرارة البنادق بسبب استمرار إطلاق العيارات النارية واستعمل المجاهدون الخرق البالية لتقيهم حرارة مواسير البنادق التي لا تطيقها يد المجاهد. وكان بعض المجاهدين يملك بندقيتين يستعمل الواحد مدة ثم يتركها حتى تبرد ويتناول الأخرى.
وخصص القائد حسين فرقة من المجاهدين للتصدي للمصفحات المهاجمة من الجنوب وعددها ثلاثون مصفحة ولعب كومندار طابور المعية المجاهد سعد العبد السوداني دورًا بارزًا وأظهر شجاعة نادرة بأن قاد تلك الفرقة المواجهة للمصفحات الايطالية وتمكن من تدمير أغلبها مع رجاله وانتزع المجاهد رمضان العبيدي العلم الايطالي من على أحد المصفحات، وبدأ الجيش الايطالي في التقهقر ودخل الرعب نفوس ضباطه وجنوده الذين وجدوا فرصة الحياة في الهروب وبالرغم من قصف الطائرات إلا أن الإيمان القوي، واحتساب الأجر عند الله كان دافعًا مهمًّا لدى المجاهدين.
كانت خسائر المجاهدين في الأرواح 200 شهيد من بينهم القائمقام محمد بونجوى المسماري الذي استشهد في اليوم الثالث أثر إصابته بجرح مميت، وكانت له مكانة عظيمة في نفوس المجاهدين ووالد زوجة عمر المختار الذي بكاءه بكاءً حارًا وقال بعد أن سمع باستشهاده (راحوا الكل يا عين الجيران وأصحاب الغلا).
واستشهد كل من جبريل العوامي، وستة من قبيلة العوامة، ومحمد بو معير الدرسي والشلحي الدرسي، ومحمد الصغير البرعصي وفقد المجاهدون في تلك المعركة عددًا كبيرًا من الابل والمواشي وتم حرق بعض الخيام من جراء الغارات الجوية.
ومكث المجاهدون طيلة الليل يدفنون الشهداء وينقلون الجرحى، وقبل بزوغ الفجر رحلوا عن ذلك الموقع، بهدف الإعداد والاستعداد للقاء العدو في موقع جديد من مواقع القتال وأصبحت القوات الإيطالية كما يقول تيروتسي: (أصبحت الآن منهوكة القوى تخور إعياء من شدة المعارك المستمرة منذ فترة طويلة دون توقف...).
نتائج المعركة فيما يلي:
كانت معركة أم الشفاتير بداية نقطة فاصلة في اتباع استراتيجية جديدة عند عمر المختار، وهي ضرورة إعادة تنظيم المجاهدين على هيئة فرق صغيرة، تلتحم مع العدو عند الضرورة، وتشغله في أغلب الأوقات مما يقلل في عدد الشهداء أثناء المعارك ويلحق الخسائر الفادحة بالأعداء وفق التكتيك الجديد لحرب العصابات (اهجم في الوقت المناسب وانسحب عند الضرروة).
لمح عمر المختار بنظره الثاقب ملامح السياسة الفاشستية الجديدة وهي الإبادة والتدمير (للمصالح والرجال)، فاتخذ إجراءات ترحيل النساء والأطفال والشيوخ إلى السلوم لحمايتهم من الغارات الجوية الايطالية، وتيسيرًا لسهولة تحرك المجاهدين وفق ما يتطلبه الموقف الجديد.
كما سُمَحَ لأحد الأخوين بالهجرة للمحافظة على وريث لهما فيما بعد حتى يكون دائمًا هناك من يطالب بحقوقه ويزعج المستعمرين الطليان، وللتعريف بالقضية الليبية بتلك البلدان ونتج عنه فيما بعد تشكيل الجاليات الليبية في الخارج
أيقن الايطاليون أنه لا جدوى من الاستمرار في العمليات العسكرية ضد المجاهدين، مما كان سببًا في توقفها طلية سنة 1928م. لقد تحققت لموسليني ما قاله من قبل: (إننا لا نحارب ذئابًا كما يقول غراتسياني بل نحارب أسودًا يدافعون بشجاعة عن بلادهم..إن أمد الحرب سيكون طويلاً)[7].


📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

وقف مشايخ الإرجاء أمام موسوليني الكافر وأفتوا له بقتال الخارجي عمر المختار!!!
هكذا مشايخ السوء في كل زمان!!!

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸محمد الفاتح رجل دولة:

إنَّ هناك فارقًا ضخمًا بين قيادة الجيوش وقيادة الشعوب، وعادةً لا يُجيد العسكري الذي عاش عمره في ساحات القتال قيادةَ الشعوب، كما لا يستطيع المدنيون عادةً أن يقودوا الجنود والجيوش، أمَّا أن يجمع قائدٌ بين مَلَكَات القيادة العسكريَّة، ومَلَكَات الإدارة السياسيَّة فإنَّ هذا نادرٌ جدًّا في التاريخ والواقع! إنَّ شخصيَّةً كهذه لَشخصيَّةٌ محيِّرةٌ حقًّا! ولهذا يقول المؤرِّخ الأميركي كينيث سيتون: «إنَّ شخصيَّة الفاتح ظلَّت لغزًا لمعاصريه»[43]! فالجمع بين الملكات العسكريَّة والمهارات السياسيَّة يعني الجمع بين المتناقضات؛ أي الجمع بين الشدَّة واللين، والصلابة والمرونة، والقدرة على الإصرار والحسم، مع إمكانيَّة التفاوض والوصول إلى حلٍّ وسط! إنَّها تركيبةٌ عجيبةٌ لا تتوفَّر في كثيرٍ من القادة، ولهذا يقول المؤرِّخ الأميركي تيموثي جريجوري Timothy Gregory: «إنَّ شخصيَّة وسياسات محمد الفاتح من الأمور التي تناولها المؤرِّخون باستفاضةٍ واسعة، فمِنَ الواضح أنَّ أعماله لها من التَّبعات ما تجاوز حدود زمنه، وليس المقصود فقط فتحه للقسطنطينية؛ إنَّما في المؤسَّسات التي ظلَّت تحكم البلقان لأكثر من أربعمائة سنة»[44].
ولقد ظهرت صفات رجل الدولة بوضوح في شخصية الفاتح رحمه الله، فمنها مثلًا امتلاكه لرؤيةٍ مستقبليَّةٍ واضحة لنفسه ولأمَّته؛ فقد كان يرى مستقبل الدولة العثمانيَّة كإمبراطوريَّةٍ وليس كدولةٍ عاديَّة، وعَمِل بجدِّيَّةٍ من أجل تحقيق هذه الرؤية، وكان يرى أن الدولة العثمانيَّة سترث كلَّ أملاك الدولة الرومانيَّة الشرقيَّة القديمة، وسعى بجدِّيَّةٍ من أجل تحقيق هذه الرؤية، وكان يرى أنَّ جيوشه ستدخل روما فاتحة، وسعى من أجل تحقيق هذه الرؤية بكلِّ جدِّيَّةٍ كذلك.
ومن صفات «رجل الدولة» -أيضًا- القدرة على التفكير المنهجي؛ بمعنى أنَّه لا عشوائيَّة في قراراته أو أعماله، إنَّما يُفكِّر بشكلٍ منطقي يُمكِّنه من وضع خطواتٍ محدَّدةٍ مرتَّبةٍ بشكلٍ بديعٍ للوصول إلى الهدف النهائي، فعلى سبيل المثال كان الفاتح يُريد تحقيق النصر على استيفين الثالث أمير البغدان، ولم تكن قوَّة الفاتح تسمح بذلك، فكان الحلُّ هو ضمُّ قوَّة خانات القرم المسلمين إلى القوَّة العثمانيَّة، فعندها يُمكن أن يتحقَّق الهدف، ولكن قوَّة خانات القرم مرتبطةٌ بقوَّة جمهوريَّة چنوة التي تُسيطر على موانئ القرم، وهي قوَّةٌ متمكِّنةٌ في الجانب البحري، ولن يهزمها إلَّا أسطولٌ متمكِّنٌ، فكان التفكير المنهجي يقضي بإعداد أسطولٍ قويٍّ أوَّلًا، ثم الصدام مع چنوة ثانيًا، وبعد الانتصار عليها تُضَمُّ خانيَّة القرم ثالثًا، ثم رابعًا وأخيرًا تُحَارَب إمارة البغدان بمساعدة خانات القرم، فعندها يُمكن تحقيق النصر! وهذا ما حدث تمامًا من خلال هذه النقاط الأربع المنهجيَّة، وبها انتصر الفاتح على البغدانيِّين في معركة الوادي الأبيض عام 1476م.
ومن صفات رجل الدولة -أيضًا- أنَّه لا يُسْتَدرج إلى خطواتٍ مفتوحةٍ له، لعلمه أنَّ هذا الاستدراج قد يُضيع على الدولة نجاحاتٍ تحقَّقت، مع أنَّ إغراءات الاستدراج قد تكون كبيرةً للغاية، والأمثلة على ذلك كثيرةٌ جدًّا في حياة الفاتح رحمه الله؛ فقد وجدناه يُحقِّق النصر على دراكولا الثالث أمير الإفلاق في عام 1462م، فيهرب دراكولا إلى الحدود المجريَّة، ومع رغبة الفاتح الحثيثة في الإمساك بدراكولا لكونه ارتكب عددًا كبيرًا من المذابح ضدَّ المسلمين إلَّا أنَّه يكبح هذه الرغبة التي قد تُفقده نتائج النصر، وفعل الشيء نفسه مع السلطان أوزون حسن؛ فقد انتصر عليه انتصارًا ساحقًا في عام 1473م، ومع أنَّ الطريق كان مفتوحًا لإيران إلَّا أنَّ الفاتح لم يُسْتَدرج للوقوع في هذا المستنقع؛ ليس فقط لتجنيب قوَّاته معارك خاسرة، ولكنَّه -أيضًا- لتجنُّب الدخول في معارك مع المسلمين تُشغله عن فتوحات أوروبا.
ولا يتَّسع المجال حقيقةً لذكر صفات الفاتح السياسية والإدارية؛ فقد كانت كلُّ مواقف حياته دالَّةً على تميُّزه في هذا المجال، ولكن أختم هذه النقطة بشهادتين غربيَّتين جميلتين تشهدان بالتميُّز الإداري للفاتح، أمَّا الأولى فهي للمؤرخ الإنجليزي اللورد كينروس Lord Kinross حيث يقول: «إن السلطان الشاب الذي امتلك موهبة الإدارة من خلال تجاربه السابقة، وتمتَّع بسعة الأفق من خلال الاطلاع على المؤلفات التاريخية، وتميَّز بالقدرة على الإنجاز، امتلك -أيضًا- مقوِّمات الغازي العالمي مثل الإسكندر الأكبر والقياصرة العظام»[45]. وأمَّا الشهادة الثانية فهي للمؤرخة الأميركية ماري باتريك Mary Patrick التي تقول: «كان الفاتح يُظهر حذقًا كبيرًا، وإدارةً طيِّبةً في تسيير مقدَّرات البلاد، وكان جيشه مدرَّبًا ومجهَّزًا أحسن تجهيز، وهو فوق هذا كان يُفكِّر في مصالح شعبه أكثر ممَّا كان يُفكِّر أيُّ سلطانٍ آخر؛ فقد بنى المساجد، والمستشفيات، والكلِّيَّات الإسلاميَّة»[46].

📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸أهم صفات نور الدين زنكي الشخصية

حرصه على تطبيق الشريعة

كان نور الدين محمود يقول: «نحن شحن (شرطة) الشريعة نمضي أوامرها» وقال أيضاً: «نحن نحفظ الطريق من لص وقاطع طريق والأذى الحاصل منهما قريب أفلا نحفظ الدين ونمنع عنه ما يناقضه، وهو الأصل».
قال عنه ابن كثير: «كان يقوم في أحكامه بالمعاملة الحسنة واتباع الشرع المطهر.. وأظهر ببلاده السنة وأمات البدعة».[9]
أمر بإلغاء كل الضرائب والمكوس التي كانت تؤخذ من الشعب وذلك عندما قص عليه وزيره موفق الدين خالد بن محمد بن نصر القيسراني الشاعر أنه رأى في منامه كأنه يغسل ثياب الملك نور الدين، فأمره بأن يكتب مناشير بوضع المكوس والضرائب عن البلاد، وقال له: «هذا تأويل رؤياك». وكتب إلى الناس ليكون منهم في حل مما كان أخذ منهم، ويقول لهم: «إنما صرف ذلك في قتال أعدائكم من الكفرة والذب عن بلادكم ونسائكم وأولادكم». وكتب بذلك إلى سائر ممالكه وبلدان سلطانه، وأمر الوعاظ أن يستحلوا له من التجار، وكان يقول في سجوده: «اللهم ارحم المكاس العشار الظالم محمود الكلب».[9]

عدله

عند نهاية عهد نور الدين زنكي.
يقول عنه ابن الأثير في عدل نور الدين: «قد طالعت سير الملوك المتقدمين، فلم أر فيهم بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن من سيرته، ولا أكثر تحريا منه للعدل».[91]
وصف ابن الأثير نور الدين بأنه: «كان يتحرى العدل وينصف المظلوم من الظالم كائناً من كان، القوي والضعيف عنده في الحق سواء، فكان يسمع شكوى المظلوم ويتولى كشف ذلك بنفسه، ولا يكل ذلك إلى حاجب ولا أمير، فلا جرم أن سار ذكره في شرق الأرض وغربها».[92]
قال ابن الأثير: «وهو أول من ابتنى داراً للعدل، وكان يجلس فيها في الأسبوع مرتين، وقيل: أربع مرات، وقيل: خمس. ويحضر القاضي والفقهاء من سائر المذاهب، ولا يحجبه يومئذ حاجب ولا غيره، بل يصل إليه القوي والضعيف، فكان يكلم الناس ويستفهمهم ويخاطبهم بنفسه، فيكشف المظالم، وينصف المظلوم من الظالم».[9]
كان سبب ذلك أن أسد الدين شيركوه بن شاذي كان قد عظم شأنه عند نور الدين، حتى صار كأنه شريكه في المملكة، واقتنى الأملاك والأموال والمزارع والقرى، وكان ربما ظلم نوابه جيرانه في الأراضي والأملاك العدل، وكان القاضي كمال الدين ينصف كل من استعداه على جميع الأمراء إلا أسد الدين هذا فما كان يهجم عليه، فلما علم نور الدين بذلك ابتنى نور الدين دار العدل تقدم أسد إلى نوابه أن لا يدعوا لأحد عنده ظلامة، وإن كانت عظيمة، فإن زوال ماله عنده أحب إليه من أن يراه نور الدين بعين ظالم، أو يوقفه مع خصم من العامة، ففعلوا ذلك.[9] فلما جلس نور الدين بدار العدل مدة متطاولة ولم ير أحداً يستعدي على أسد الدين، سأل القاضي عن ذلك فأعلمه بصورة الحال، فسجد نور الدين شكرا لله، وقال: «الحمد لله الذي أصحابنا ينصفون من أنفسهم».[9]

تدينه وزهده

كان نور الدين يصلي كثيرا بالليل وحكي عنه أنه يصلي فيطيل الصلاة، وله أوراد في النهار، فإذا جاء الليل وصلى العشاء نام، ثم يستيقظ نصف الليل، ويقوم إلى الوضوء والصلاة والدعاة إلى بكرة، ثم يظهر للركوب ويشتغل بمهام الدولة.[9]
قال عنه ابن كثير في البداية والنهاية: «وقد كان حسن الخط كثير المطالعة للكتب الدينية، متبعاً للآثار النبوية، محافظاً على الصلوات في الجماعات، كثير التلاوة، محباً لفعل الخيرات، عفيف البطن والفرج، مقتصداً في الإنفاق على نفسه وعياله في المطعم والملبس، حتى قيل: إنه كان أدنى الفقراء في زمانه أعلا نفقة منه من غير اكتناز ولا استئثار بالدنيا، ولم يسمع منه كلمة فحش قط، في غضب ولا رضا، صموتاً وقوراً».[9][93]
قال ابن الأثير: «لم يكن بعد عمر بن عبد العزيز مثل الملك نور الدين، ولا أكثر تحرياً للعدل والإنصاف منه، وكانت له دكاكين بحمص قد اشتراها مما يخصه من المغانم، فكان يقتات منها، وزاد امرأته من كراها على نفقتها عليها، واستفتى العلماء في مقدار ما يحل له من بيت المال فكان يتناوله ولا يزيد عليه شيئاً، ولو مات جوعاً، وكان يكثر اللعب بالكرة فعاتبه رجل من كبار الصالحين في ذلك فقال: إنما الأعمال بالنيات، وإنما أريد بذلك تمرين الخيل على الكر والفر، وتعليمها ذلك، ونحن لا نترك الجهاد».[9]
وكان لا يلبس الحرير، وكان يأكل من كسب يده بسيفه ورمحه. وكان نور الدين يستقرض من الشيخ عمر الملا من الموصل -وكان من الصالحين الزاهدين- في كل رمضان ما يفطر عليه، وكان يرسل إليه بفتيت ورقاق فيفطر عليه جميع رمضان. وكان يدعو قائلاً: «اللهم انصر دينك ولا تنصر محموداً، من الكلب محمود حتى ينصر»، وكان يدعو أيضاً: «إنك يا رب إن نصرت فدينك نصرت، فلا تمنعهم النصر بسبب محمود إن كان غير مستحق للنصر».[9

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸 الفقهاء والقضاة واستجابتهم لمقاومة الغزو الصليبي:

أيقظت صدمة سقوط القدس غفوة العديد من الفقهاء والقضاة, وأدركوا حقيقة ذلك الغزو بعد أن هدد وجودهم ومكانتهم في مدن تلك البلاد فضلاً عن الأرض والعقيدة الإسلامية. ولذلك بادر فقهاء وقضاة الشام من دمشق وحلب وطرابلس للاستنجاد بالسلطة المركزية ببغداد، والإمارات المحلية باعتبارها تملك القوة العسكرية القادرة على مواجهة ذلك الغزو [1].
1 - استنجاد فقهاء وقضاة دمشق بخلافة بغداد: لم تكن دمشق في البداية هدفاً لذلك الغزو، ولكن فقهاءها وقضاتها أدركوا خطورته على مدينتهم التي كانت لا تختلف عن القدس، فهي ملتقى لطلاب العلم والفقهاء والقضاة من أقاليم الخلافة الإسلامية كافة، وخاصة عندما عرفوا ما حل برفاقهم هناك، ولذلك اتفقوا على إرسال وفد من قبلهم (عام 492هـ/1098م) برئاسة قاضي دمشق زين الإسلام محمد بن نصر أبو سعد الهروي (ت 519هـ) إلى مركز الخلافة الشرعية بغداد، وكان اختياره إشارة واضحة لضخامة المخاوف والآمال التي كانت تجول بأذهان فقهاء الشام وقضاتها [2]، وقد استقبله الخليفة العباسي المستظهر بالله (486 - 512هـ /1091 - 1118م) مع جماعته, وأورد في الديوان كلاماً في حال المسلمين في القدس والشام، والتهديدات الصليبية لوجودهم، ولكن دون جدوى، ولذلك فكر القاضي الهروي في خطة ذكية لإثارة السكان في بغداد كوسيلة للضغط على الخليفة حتى يرغمه في التفكير جدياً بطلبهم ودعوتهم عن طريق استخدام الجوامع في بغداد مركز الرأي العام الإسلامي هناك, وهذه هي المرحلة الثانية [3] من مهمتهم, وقال ابن الأثير في ذلك: وورد المستنفرون من الشام في رمضان إلى بغداد - صحبة القاضي أبي سعد الهروي - فأوردوا في الديوان كلاماً أبكى العيون وأوجع القلوب، وقاموا بالجامع يوم الجمع، فاستغاثوا، وبكوا وأبكوا، وذكروا ما داهم المسلمين بذلك البلد الشريف المعظم من قتل الرجال, وسبي الحريم والأولاد، ونهب الأموال، فلشدة ما أصابهم أفطروا فأمر الخليفة أن يسير القاضي أبو محمد الدامغاني، وأبو بكر الشاشي, وأبو القاسم الزنجاني، وأبو الوفاء بن عقيل، وأبو سعد الحلواني (1)
إلى السلطان السلجوقي بركياروق في أصفهان مقر السلطة السياسية والعسكرية الفعلية لمساعدة فقهاء دمشق في طلبهم، ولكي يتخلص من عبئهم، ويحمله مسئولية تلك المهمة حتى أن اختياره لأولئك الفقهاء كان ذكياً هو الآخر، لأن البعض منهم تشير ألقابهم إلى أن أصولهم من مناطق فارس وبلاد ما وراء النهر - دامغان - ميافارقين - زنجان, وأنهم لربما بإمكانهم التأثير في سلاجقة فارس، لإمدادهم بالقوة العسكرية، فالدامغاني ولي قضاء نيسابور، والشاشي ولد بميافارقين, ودامغان لم تبعد كثيراً من أصفهان ولكن هدف الوفد كان بعيداً عن التحقيق، وعند وصول ذلك الوفد إلى مدينة حلوان علم بمقتل الوزير السلجوقي مجد الملك البلاساني، واختلاف سلاطين السلاجقة ببلاد فارس حول حكم المنطقة, وبذلك عاد الوفد من بغداد دون أن يكمل نجاحاً [2]، وعاد القاضي ورفقته بغير نجدة ولا قوة إلا بالله [3]، ودافعت دمشق عن نفسها ما استطاعت إلى ذلك سبيلاً كما سيأتي بيانه بإذن الله. وفي عام 513هـ/ 1120م عندما حاصر الصليبيون دمشق أرسل أميرها وفداً آخر للخلافة العباسية في بغداد لطلب نجدتها مرة أخرى.
وترأس هذا الوفد القاضي عبد الوهاب بن عبد الواحد الشيرازي الدمشقي -الذي كان آنذاك شيخ الحنابلة بالشام- إلى الخليفة المسترشد بالله (512 - 529هـ) وذلك لمكانة العائلة الشيرازية بدمشق آنذاك لكونها تحتل زعامة الفقه الحنبلي في تلك المدينة، وتدير العديد من المؤسسات الدينية في القضاء والوعظ والتدريس، وإمامة الجوامع وعلى الرغم من أن القاضي الشيرازي قد تمكن من مقابلة الخليفة العباسي في بغداد الذي خلع عليه ووعده بالإنجاد إلا أن مهمته لم تؤت بالشيء الجديد كما هي الحال بالنسبة لمهمة زميله الهروي، ويبدو أن الخلافة العباسية كانت عاجزة لا تملك شيئاً غير الوعود بالمساعدة. ولعل القاضي الشيرازي أدرك هو الآخر عجز السلطة السياسية والشرعية في بغداد فلجأ للاعتماد على النفس والعودة إلى دمشق وتعبئة سكانها للدفاع عنها، حيث كان له مجلس يعظ فيه للجهاد، ويلقى تأييداً من حكام المدينة حتى وفاته عام 536هـ [4].

[2] - القاضي الأمير فخر الملك بن عمار والاستنجاد بالإمارات المحلية وخلافة بغداد: في بداية الغزو الصليبي لبلاد الشام هادن فخر الملك الغزاة وأمدهم بالمال والمرشدين ليبعدهم عنه, لكن ما أن تحقق هدفهم في أخذ بيت المقدس حتى تفرغوا له وحاصروا طرابلس. وتوجه ابن عمار في طلب النجدة من الإمارات المحلية في مدن الشام والجزيرة، واستطاع أن يقاوم الحصار، وراسل السلطان السلجوقي محمد بن ملكشاه شارحاً له حالة طرابلس وأحوال بلاد الشام أمام مخاطر ذلك الغزو [1].

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

وأنشئت بالزهراء مجالات فسيحة للوحوش فسيحة الفناء، متباعدة السياح، ومسارح للطير مظللة بالشباك، واتخذ فيها دارا لصناعة آلات من آلات السلاح للحرب والحلي للزينة وغير ذلك من المهن، وأمر بعمل الظلة على صحن الجامع وقاية للناس من حر الشمس[7].

قصر الزهراء الذي لم يبن مثله

وابتنى عبد الرحمن الناصر في حاضرته الجديدة الزهراء قصرًا منيف الذرى، لم يدخر وسعًا في تنميقه وزخرفته، حتى غدا تحفة رائعة من الفخامة والجلال، تحف به رياض وجنان ساحرة، وأنشأ فيه مجلسًا ملوكيًا جليلا سمي بـقصر الخلافة.

صنعت جدرانه من الرخام المزين بالذهب، وفي كل جانب من جوانبه ثمانية أبواب، قد انعقدت على حنايا من العاج والأبنوس المرصع بالذهب والجوهر، وزينت جوانبه بالتماثيل والصور البديعة، وفي وسطه صهريج عظيم مملوء بالزئبق، وكانت الشمس إذا أشرقت على ذلك المجلس سطعت جوانبه بأضواء ساحرة.
وزود الناصر مقامه في قصر الزهراء، وهو الجناح الشرقي المعروف بالمؤنس بأنفس التحف والذخائر، ونصب فيه الحوض الشهير المنقوش بالذهب، الذي أهدي إليه من قيصر القسطنطينية، والذي جلبه من هنالك إلى قرطبة ربيع الأسقف، وجلب إليه الوزير أحمد بن حزم من الشام حوضًا ثانيًا رائعًا، يقوم عليه اثنا عشر تمثالا من الذهب الأحمر المرصع بالجواهر، وهي تمثل بعض الطيور والحيوانات وتقذف الماء من أفواهها إلى الحوض.

وقد دون هذه الروايات والأوصاف العجيبة، التي تشبه أوصاف قصور ألف ليلة وليلة المسحورة، عن قصر الزهراء، أكثر من مؤرخ معاصر وشاهد عيان، وأجمعت الروايات على أنه لم يبن في أمم الإسلام مثله في الروعة والأناقة والبهاء.

وذُكر أن عدد الفتيان بالزهراء ثلاثة عشر ألفًا وسبعمائة وخمسين فتى، وعدد النساء والحشم بالقصر ستة آلاف وثلاثمائة، يصرف لهم في اليوم ثلاثة عشر ألف رطل من اللحم، سوى الدجاج والحجل وغيرها [8].

مسجد الزهراء

وفضلًا عن القصر فقد بنى في الزهراء مسجدًا، طوله من القبلة إلى الجوف -عدا المقصورة- ثلاثون ذراعًا، وعرض البهو الأوسط من الشرق إلى الغرب ثلاثة عشر ذراعًا، وزوده بعمد وقباب فخمة، ومنبر رائع الصنع والزخرف، فجاء آية في الفخامة والجمال، تم بناؤه وإتقانه في مدة ثمانية وأربعين يومًا، وكان يعمل به أكثر من ألف عامل منهم ثلاثمائة بناء، ومائتا نجار والبقية من الأجراء وبقية العمال المهرة [9].
واستمر العمل في منشآت الزهراء طوال عهد الناصر، أي حتى وفاته في سنة 350هـ، واستمر معظم عهد ابنه الحكم المستنصر، واستغرق بذلك من عهد الخليفتين زهاء أربعين سنة [10]؛ ولكنها غدت منزل الملك والخلافة مذ تم بناء القصر والمسجد في سنة 329هـ، وبذا كانت -إلى جانب قرطبة- أول منزل للخلافة الإسلامية بالأندلس.

والخلاصة أن الناصر أراد أن يجعل من الزهراء قاعدة ملوكية حقة، تجمع بن فخامة الملك الباذخ، وصولة السلطان المؤثل، وعناصر الإدارة القوية المدنية والعسكرية.

📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

استطاع عبد الرحمن أيضًا أن يجمع بين شخصية القائد العسكري المحنك والسياسي الداهية ورجل الدولة والإدارة اللبيب، وهي الصفات التي لم يسبق أن اجتمعت في حاكم للأندلس منذ عهد جده الأمير عبد الرحمن الداخل.[6]
وقد وصفه ابن الأثير بأنه : «رجل أبيض أشهل حسن الوجه عظيم الجسم قصير الساقين.[112]»، وأضاف ابن حزم أنه كان أشقرًا هو وكل بنيه.[113]ورغم شخصيته الجادة الحازمة، إلا أنه كان أديبًا يهوى نظم الشعر، ويقربالشعراء والأدباء، شغوفًا باقتناء نفائس الكتب.[114]
كما قال عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء: «كان لا يمل من الغزو، فيه سؤدد وحزم وإقدام، وسجايا حميدة. أصابهم قحط، فجاء رسول قاضيه منذر البلوطي يحركه للخروج، فلبس ثوبا خشنًا، وبكى واستغفر، وتذلل لربه، وقال: ناصيتي بيدك، لا تعذب الرعية بي، لن يفوتك مني شئ. فبلغ القاضي، فتهلل وجهه، وقال: إذا خشع جبار الأرض، يرحم جبار السماء، فاستسقوا ورحموا. وكان - رحمه الله - ينطوي على دين، وحسن خلق ومزاح.[115]»

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸 إمرأة عراقية و عمر بن عبد العزيز

قدمت امرأه من العراق على الخليفة  الأموي : عمر بن عبد العزيز ، فلما صارت إلى بابه قالت: هل على أمير المؤمنين حاجب ؟

فقالوا : لا ولكن  إدخلي إن أحببت على زوجة أمير المؤمنين ، فدخلت المرأة على فاطمة زوج عمر بن عبد العزيز وهي جالسة في بيتها، وفي يدها قطن تعالجه

فسلمت فردت عليها السلام وقالت لها : أدخلي، فلما جلست المرأة رفعت بصرها ولم تر شيئاً في البيت عليه قيمة !
فقالت : إنما جئت لأعمر بيتي من هذا البيت الخرب !

فقالت لها فاطمة : إنما خرب هذا البيت لعمارة بيوت أمثالك

فأقبل عمر حتى دخل الدار، فمال إلى بئر في ناحية الدار
فانتزع منها دلاء فصبها على طين كان بحضرة البيت وهو يكثر النظر إلى فاطمة زوجته فقالت لها المرأة: استتري من هذا الطيّان فإني أراه يديم النظر إليك !

فقالت : ليس هو بطيان، إنما هو زوجي أمير المؤمنين .

ثم أقبل عمر بن عبد العزيز  فسلم ودخل بيته، فمال إلى مصلى
كان له في البيت يصلي فيه، فسأل فاطمة عن المرأة، فقالت :
هي هذه  ثم أقبل عليها
وقال : ما حاجتك ؟

فقالت : امرأة من أهل العراق لي خمس بنات كُسْلٌ كٌسْد، فجئتك أبتغي حسن نظرك لهنَّ

فجعل يقول: كسل كسد، ويبكي، فأخذ الدواة والقرطاس فكتب إلى والي العراق
فقال : سمي كبراهنّ، فسمتها ففرض لها، فقالت المرأة : الحمد لله
ثم سأل عن الثانية والثالثة والرابعة، والمرأة تحمد الله ففرض لها، فلما فرض للأربعة استفزها الفرح فدعت له فجزته خيراً، فرفع يده وقال :
كنا نفرض لهنّ حيث كنت تولين الحمد أهله، فمري هؤلاء الأربع يفضنّ على هذه الخامسة.
فخرجت بالكتاب حتى أتت به العراق بعد مدة فدفعته إلى والي العراق، فلما ذهبت إليه بالكتاب بكى واشتد بكاؤه، وقال : رحم الله صاحب هذا الكتاب،
فقالت : أمات ؟
قال : نعم
فصاحت وولولت، فقال: لا بأس عليك، ما كنت لأرد كتابه في شيء، فقضى حاجتها وفرض لبناتها.
معاني الكلمات :
بنات كسل كسد :  اي بناتها اصبح الناس لا يرغبون الزواج منهن

المصدر : كتاب سيرة عمر بن عبد العزيز -ابن  عبد الحكم

/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

 
📝‏ من خطيب جمعة إلى حارس أحذية !

من خطيب جمعة إلى حارس أحذية نسأل الله السلامة والعافية

قال الله تعالى: ﴿‏ وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ ۚ إِنَّ الله يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾،

ذكر العلامةُ المحدثُ أحمد محمد شاكر رحمه الله: عن أحد خطباء مصر وهو محمد المهدي خطيب مسجد عزبان، وكان فصيحًا متكلمًا مقتدرًا، وأراد ذلك الخطيب أن يمدح أحد أمراء مصر، عندما أكرم ( طه حسين ) الأديب الأعمى بإرساله للدراسة في فرنسا..

فقال الخطيب في خطبته: 

(ما عبس وما تولى لما جاءه الأعمى)..

أي: أن الملك فؤادًا الأول أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم عبس وتولى عندما جاءه الأعمى ( ابن أم مكتوم ) لكن هذا: ما عبس ولا تولى، بل بعثه إلى فرنسا، فأخذ الدكتوراة وأتى..

وكان الشيخ محمد شاكر، والد الشيخ أحمد شاكر حاضرًا لخطبة الجمعة، فلما سمع هذه الكلمة ما تحملها، فما كان منه إلا أن قام بعد صلاة الجمعة، وقال: "أيها الناس!،

أعيدوا الصلاة فإن صلاتكم باطلة!،

والخطيب كفر! بما شتم الرسول صلى الله عليه وسلم.."

أي: تعريضًا لا تصريحًا، وأمرهم أن يعيدوا الصلاة، فأعادوها ظُهرًا..

يقول العلامة أحمد شاكر: لكن الله لم يدع لهذا المجرم جرمه في الدنيا، قبل أن يجزيه جزاءه في الآخرة، فأُقسم بالله لقد رأيته بعيني رأسي بعد بضع سنين، وبعد أن كان عاليًا منتفخًا مستعزًا بمن لاذ بهم من العظماء والكبراء، رأيته ذليلاً خادمًا على باب مسجد من مساجد القاهرة يتلقى نعال المصلين، يحفظها في ذلة وصغار، حتى خجلت أن يراني، وأنا أعرفه وهو يعرفني، لا شفقة عليه فما كان موضعًا للشفقة، ولا شماتة فيه، فالرجل يسمو على الشماته ولكن لما رأيت من عبرة وعظة..

📖 المصدر: [سرعة العقاب لمن خالف السنة والكتاب ص322]

/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

من القمح والأغذية تكفي حاجة الناس مدَّة نقص المياه؛ فقد واجه بيبرس مجاعة قاسية في عام 664هـ برباطة جأش، وباستعدادٍ سريعٍ ينطوي على كثيرٍ من التعقل، فنظم مكيال القمح، وعمل على إيجاد ما يكفي المعوزين من القوت لمدَّة ثلاثة أشهر[21].
ولم تقتصر جهود الظاهر بيبرس على هذه الأعمال التكافليَّة والإغاثيَّة فحسب؛ بل امتدت -أيضًا- لتشمل كذلك المقدَّسات الإسلامية والأعمال الخيريَّة الأخرى؛ فقد جدَّد بناء قبة الصخرة في القدس بعد أن تداعت أركانها، وأعاد الضياع الخاصَّة بوقف الخليل في فلسطين بعد أن دخلت في الإقطاع، ووقف عليها قرية تُسمَّى بإذنا[22].

د.راغب السرجاني

📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸 الحروب الصليبية عبر التاريخ

حاول الباحثون الغربيون تحديد سبب معين لاندلاع نار الحروب الصليبية القديمة، وذهبوا في ذلك مذاهب شتى، فمنهم من زعم أن هذه الحروب قد جاءت نتيجة استيلاء الأتراك السلاجقة على بلاد الشام، وسيطرتهم على طريق حج الفرنج إلى القدس، ومنهم من زعم أن ما ظهر من ضعف دولة الروم البيزنطيين في معركة ملاذكرد والتي انتصر فيها السلطان ألب أرسلان السلجوقي على امبراطور الروم أرمانوس سنة 463هـ= 1070م كان هو السبب في استثارة الغرب لتجريد الحملات الصليبية.
 
وحاول آخرون إيجاد هذا السبب في وسط الغرب ذاته، فالفقر والجهل وسيطرة الكنيسة والانغلاق الفكري مقابل ما كان يعيشه العالم الإسلامي من تقدم فكري ورفاه اقتصادي وتطور اجتماعي قد استثار شهوة النهب والتدمير في وسط قيادات الغرب، ومارست الكنيسة دورها لتوجيه الجهود ضد المسلمين، وقد لا تكون هناك حاجة لدحض هذه المزاعم، أو إقرار بعضها ودحض بعضها الآخر.
 
والحقيقة أن منطق التاريخ لا يقبل مثل هذا التجديد الزمني والمكاني للأحداث، فتيار التاريخ المتدفق، ونسيجه المتصل يرفض الانقطاع ويمتنع عن التجزئة، فلقد كانت الأماكن المقدسة تحت حكم العرب المسلمين منذ قرون، وحاصر العرب المسلمون عاصمة الروم مرات كثيرة، ولم تكن قضية حفنة من الحجاج – حتى لو وجدت مثل هذه القضية- جديرة بتجريد مثل هذه الحملات الضخمة، ولو كان الأمر كذلك أيضًا لما كانت للفرنج حاجة لإقامة أماراتهم ومملكتهم في بلاد الشام، ولما أوغلوا في عمق البلاد فحاولوا الوصول إلى بغداد والأماكن المقدسة في الجزيرة العربية، ولما حاولوا احتلال مصر ودمشق.
 
يظهر استعراض النسيج التاريخي المتصل أن أرض الأندلس، وجزائر البحر الأبيض المتوسط، كانت هي المهد المبكر للحروب الصليبية، وقد عملت الكنيسة – روما – باستمرار على توجيه الجهد وحشد القوى ضد المسلمين، غير أن انتصارات المسلمين على الجبهات كافة، دفعت قوى الفرنج الصليبيين لمهادنة المسلمين أحيانًا، أو اتخاذ سياسة دفاعية في مواجهتهم في أحيان أخرى، حتى إذا ما أحرز الفرنج، حتى إذا ما أحرز الفرنج انتصارهم الكبير على المسلمين فانتزعوا منهم طليطلة سنة 478هـ= 1085م.
 
وجدت الكنيسة أن الفرصة قد باتت مناسبة أو مواتية للانتقال إلى الهجوم الشامل، وضرب المسلمين في عقدر دارهم بالاستيلاء على بلاد الشام، ووقف البابا ايربان الثاني في مجمع كليرمونت بفرنسا سنة 489هـ= 1095م، فأعلن بندائه الشهير بداية الحروب الصليبية عندما قال: "فلينهض الغرب لنجدة إخوانه المسيحيين في الشرق".
 
هكذا لم يكن إعلان البابا للحرب الصليبية إلا ثمرة مخاض طويل، وإلا نتيجة جهود مستمرة عبر أزمنة متتالية، بدأت بمسرح الصراع الرئيسي على أرض أندلس المسلمين، وامتدت إلى جزائر البحر الأبيض المتوسط، وانتهت على أرض بلاد الشام، حيث القاعدة الأساسية لانطلاق جيوش الفتح العربي الإسلامي.
 
اصطدمت جحافل الفرنج الصليبيين بجند المسلمين في كل مكان، وهبت جيوش المدن الإسلامية لمقاومة قوات الغزو، وظهرت منذ البداية محاولات لتنسيق التعاون بين جيوش المدن الإسلامية، واصطدمت هذه المحاولات بعقبات كثيرة حتى استطاع الزنكيون الانطلاق من الموصل إلى حلب ومنها إلى دمشق ثم مصر، فأمكن تشكيل جبهة إسلامية متماسكة أوقفت مد الفرنج، وانتزعت منهم بعض إماراتهم (الرها)، مما دفع الفرنج لتجريد حملة صليبية ثانية، وجاء الأيوبيون في أعقاب الزنكيين الذين مهدوا لهم سبيل الحكم، فتابعوا حمل راية الجهاد في سبيل الله، ووصلوا اوج قوتهم في معركة حطين وإعادة فتح القدس، وتبع ذلك تحول حاسم، حيث ظهر وجود الفرنج في بلاد الشام بأنه وجود ضعيف، مما دفع الفرنج لتجريد حملة صليبية ثالثة، وجاء بعد المماليك فتابعوا السير على درب الجهاد، وقد اتضحت معالمه وتحددت أهدافه، فقادوا جموع المسلمين لخوض أكبر معركة ضد المغول – التتار (عين جالوت)، وتبع انتصار المسلمين هجوم عاصف على بقايا الفرنج، ولم تنجح الحملات المتتالية إلا في إطالة أمد الحرب وإلا في التعرض للمزيد من الخسائر على طرفي جبهات الصراع المسلح.
 
فقد شرع الأتراك العثمانيون في ممارسة دورهم برفع راية الجهاد، وانطلقوا من شمال بلاد الشام وآسيا الصغرى، فأمكن لهم نقل الصراع المسلح إلى أوروبا، وجابهوا هناك الحملات الصليبية المتتالية ودمروها، ولم يكن فتح القسطنطينية، إلا ثمرة من ثمار تحول مسرح الصراع المسلح من بلاد الشام إلى شرق أوروبا.
 
هكذا اشتركت الشعوب الإسلامية من عرب وبربر وكرد وترك وديلم وفرس وسواهم من أمم الأرض في احباط الحملات الصليبية ودحرها، وقد اجتهد الباحثون والمؤرخون في تصنيف هذه الحملات - في إطارها الزمني- فكان منها التصنيف التالي:

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸 الباطنية..المنهاج والتاريخ

ازدهرت الحركات الباطنية نتيجةً للمذهبية والركود اللذين ضربا الفكر الإسلامي السُّني ومؤسساته، ونتيجةً للمظالم الاجتماعية والاقتصادية التي كانت تمارسها السلطات القائمة وقتئذٍ.
وكان المناخ مناسبًا لهذه الحركات لتنفث سمومها في عصر ضعف الخلافة العباسية؛ حيث سقطت هيبة المسلمين، واستشرت الأدواء الفكرية الخبيثة لهذه الحركات السرية الهدامة، وتعرَّض سلاطين المسلمين ووزراؤهم وقادتهم العسكريون وعلماؤهم للاغتيال وهم على أسرَّتهم، إلى غير ذلك من الظواهر المفجعة التي امتلأت بها كتب التاريخ قاطبة، وكانت أكبر عوامل نجاح الحملات الصليبية والمغولية.
وجدير بالذكر أن الفكر الباطني في الأصل هو حَلْقة في سلسلة المحاولات التي قامت بها سلالات الأرستقراطيات الفارسية التي فقدت امتيازاتها بانهيار حكم الأكاسرة، وهي ترمي إلى استعادة ذلك المجد الغابر.
ولتحقيق هذا الهدف لجأتْ إلى أساليب وشعارات جديدة، تتفق مع المنعطف العقائدي والحضاري الذي تحوَّل إليه الشعب الفارسي بعد الفتوحات الإسلامية، وهذه الأساليب الجديدة تتجلى في الشعوبية والباطنية والتشيُّع الغالي، وإحياء اللغة الفارسية.
على أن بداية ظهور الفكر الباطني كانت في القرن الثاني الهجري، ثم نشطت الحركات الباطنية في القرن الرابع الهجري وما تلاه؛ حيث ضمَّت بين صفوفها جماعات مختلفة، يجمعها هدف مشترك؛ هو إفساد العقيدة الإسلامية وتدمير المؤسسات العلمية والحكومية السُّنية التي تمثل هذه العقيدة؛ فقد ضمَّت فلاسفة ومفكرين كإخوان الصفا، وشعراء كأبي العلاء المعري، وعلماء كأبي حيان التوحيدي وابن سينا. كما أفرزت دولاً كالعبيديين والصفويين، وحركات كالقرامطة والحشاشين.
ولا نبالغ حين نقول بأن من الفرق الخطيرة جدًّا التي ابتليت بها الأمة الإسلامية عبر تاريخها المديد وإلى يوم الناس هذا -إن لم تكن هي أخطر الفرق على الإطلاق- الفرق الباطنية بمختلف أطيافها.
ولا نشك لحظة واحدة بأن هذه الطوائف الخارجة عن الدين وتحمل فكرًا متناقضًا مضطربًا هدامًا، هي طوائف مخذولة وفئات مرذولة، وهي مأوى لكل من أراد هدم الإسلام، بل كانت في بعض مراحل التاريخ الإسلامي عونًا للصليبيين والوثنيين التتار الذين جاءوا لغزو المسلمين في عُقر دارهم.
والمعروف عن الفرق الباطنية تدبير المؤامرات وتهييج الفتن وحَبْك الدسائس في طول البلاد وعرضها، وقد ابتلي أهل السُّنة خاصة بها بلاءً عظيمًا، وكانت أفكارها وأفعالها عبر التاريخ الإسلامي شاهدة على زيغها وضلالها وسوء اعتقادها، وأسست دولاً في المغرب والمشرق الإسلاميَّين سامت خلالها المسلمين صنوف الاضطهاد والتنكيل؛ بفرض الأفكار الدخيلة والبدع عليهم وتفضيل النصارى، ومصادرة أموالهم، واستباحة دمائهم، كدولة العبيديين في بلاد المغرب والدولة الصفوية في بلاد فارس.
كما قامت حركتا (القرامطة والحشاشين) بكثير من الغارات وأعمال السلب والنهب وترويع الآمنين وقتل الأبرياء، وظهرت من بين هذه الفرق جماعة إخوان الصفا التي لبست لَبُوس العلم لخداع الناشئة وعوام المسلمين والتلبيس عليهم، فنشرت بينهم الفكر الوثني الفلسفي باسم الحكمة.
وفي العصر الحديث برزت كيانات سياسية من هذه الفرق كالنصيرية والدروز، مكَّن لها الاستعمار الغربي واستعملها كوسيلة لإضعاف كيان الإسلام من الداخل، وعرقلة جهود المسلمين في الوحدة والبناء والتنمية.
وعندما نمعن النظر في أسلوب عمل هذه الفرق جميعًا، نلاحظ أن القواسم المشتركة بينها كثيرة، ومقاطع الاتفاق بينها جلية، كأنها تسير على منهاج واحد.
خصائص منهاج الفرق الباطنية:
- السرية والتكتم في حالة الاستضعاف، وعند الظهور والغلبة ينادون بآرائهم جهارًا، ويعلنون ما كانوا يخفون. كما كان المستجيب لهم المنضوي تحت لوائهم لا يعرف شيئًا عن الدرجة التي تلي درجته، ولا يعرف أصحابَ الرتب الأخرى في الدعوة.
- الاستدراج والحيلة: فهم يُظهرون الإسلام، وحبَّ آل البيت، والعفاف والتقشف، وترك الدنيا، والإعراض عن الشهوات؛ وذلك لاستمالة الناس إليهم. ويخاطبون كل فريق بما يوافق رأيه بعد أن يظفروا منه بالانقياد والموالاة لهم. ويتوسل دعاتهم بوسائل وحيل كثيرة لاصطياد الأتباع، وهي: التفرس، والتأنيس، والتشكيك، والتعليق، والربط، والتدليس، والتلبيس، والخلع، والسلخ.
- انتهاز الفرص: وذلك باستغلال ظروف الناس المعيشية المتدنية، وعواطفهم الملتهبة للإصلاح، برفع شعارات براقة، واتخاذ الدين مطية لبلوغ أهدافهم.
- التلبيس على العوام: بطرح أسئلة محيرة عليهم، ثم إشعارهم بأنهم في حاجة إلى التسليم وقبول كلِّ ما يعرض عليهم؛ لأنهم كالطفل يغذى باللبن، ثم بعد ذلك بما أقوى منه.

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸 الدول المستقلة عن الخلافة العباسية

▪️دولة الأدارسة

تُعَدّ دولة الأدارسة أول دولة علوية هاشمية تقوم في التاريخ الإسلامي. وتعود نسبتها إلى مؤسسها إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، الذي هرب مع مولاه راشد إلى مصر ثم إلى المغرب الأقصى بعيدًا عن أيدي العباسيين؛ وذلك بعدما تمكّن العباسيون من القضاء على ثورة الحسين بن علي بن الحسن في معركة فخ.

وبعد أن استقر إدريس في وَلِيلَى المغربية، اتصل بإسحاق بن محمد بن عبد الحميد زعيم قبيلة "أوربة" البربرية. وقد خلع إسحاق بن عبد الحميد طاعة بني العباس حيث كان من ولاتهم، وتنازل لإدريس عن الحكم، وذلك بعد تعرُّفه على نسب إدريس وقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم وكرمه وأخلاقه وعلمه.

استقرت الأمور لإدريس بن عبد الله، ودانت له معظم قبائل البربر، وبدأ يطمح إلى مدِّ نفوذه وسلطانه إلى القبائل التي تعترف بحكمه، ونشر الإسلام بين القبائل التي لا تزال على المجوسية أو اليهودية أو المسيحية، فدخل كثيرٌ من أهل هذه البلاد الإسلام.

وبعد وفاة إدريس بن عبد الله مسمومًا، تولى الحكم مولاه راشد وصيًّا على ابنه إدريس الثاني الذي كان جنينًا في بطن أمه، فلما قُتِلَ راشد كفل إدريسَ أبو خالد يزيد بن إلياس العبدي -أحد شيوخ البربر- حتى كَبُر إدريس، واستقل بالحكم بنفسه في سنة 192هـ/ 808م.
بنى إدريس بن إدريس عاصمة جديدة لدولته سميت (فاس)، وتوسع في فتوحاته، وضمالمغرب الأوسط (الجزائر)، وسعى للقضاء على نفوذ الخوارج، ووصلتالدولة إلى قمتها في عهده. وحكم بعده ثمانية من الأدارسة، كان أعظمهم قوة وأعلاهم قدرًايحيى الرابع بنإدريس بن عمر، الذي امتد ملكه إلى جميع بلاد المغربالأقصى.

أخذ الضعف يتسرب إلى هذه الدولة في عهد خلفاء إدريس الثاني؛ وذلك بسبب تشرذم الدولة وتقسيمها بين الأبناء من ناحية، وبسبب القتال بين أبناء إدريس والخوارج من ناحية أخرى. ومن ثَمَّ عاشت دولة الأدارسة في فوضى واضطراب، وساءت الحالة الاقتصادية والاجتماعية للدولة؛ مما أدى إلى استعادة الخوارج لنفوذهم، وعملوا على تقويض الدولة.
وأخيرًا جاءت الضربة القاضية على يد الدولة العبيدية (الفاطمية) والدولة الأموية الأندلسية، لتغلق الستار على دولة الأدارسة التي استمرت نحو قرنين من الزمان.

وبالجملة فدولة الأدارسة ساعدت في تعريب المغرب، وقامت بنشر الإسلام في غرب إفريقيا، وتثبيت البربر على الإسلام، وحاربت الخوارج وأفكارهم.

دولة الأدارسة.. أول دولة علوية هاشمية

دولة الأدارسةسميت الدولة بالأدارسة نسبة إلى مؤسسها إدريس بن عبد الله بن حسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب.
قامت بالمغرب الأقصى، ومذهبها هو الزيدية أقرب مذاهب الشيعة إلى أهل السنة1.
أما الدكتور/ حسين مؤنس فيرى أنها دولة سنية حيث يقول: "من الأخطاء الشائعة القول بأن دولة الأدارسة دولة شيعية؛ لأن مؤسسيها وأمراءها كانوا من آل البيت، والحقيقة أن الأدارسة رغم علويتهم لم يكونوا شيعيين، بل لم يكن أحد من رجال دولة الأدارسة أو أتباعهم شيعيًا فقد كانوا سنيين، لا يعرفون الآراء الشيعية التي شاعت على أيام الفاطميين، ولم يعرفوا في بلادهم غير الفقه السني المالكي، ومن البديهي أن آل البيت لا يمكن أن يكونوا شيعة لأحد، أما الشيعة فهم أنصارهم، والوصف الصحيح لهذه الدولة هو أنها كانت دولة علوية هاشمية، وهي أول تجربة نجح فيها أهل البيت في إقامة دولة لأنفسهم"2.

فلم تنقطع ثورات العلويين بعد تولي أبناء عمومتهم العباسيين الخلافة، وإعلانهم أنهم أحق بها منهم، وقابل العباسيون ثورات أبناء العمومة بكل شدة وقسوة، ونجح أبو جعفر المنصور في القضاء على ثورة "محمد النفس الزكية"، واستشهاده سنة (145هـ = 762م)، ولم تكن ثورة أخيه إبراهيم أفضل حالاً من ثورته، فلقي مصرعه في السنة نفسها، واطمأن أبو جعفر المنصور على سلطانه، واستتب له الأمر3.

معركة فخ بالقرب من مكة

وبعد فشل هاتين الثورتين قامت حركات لبعض العلويين في اليمن وخراسان، لكنها لم تلقَ نجاحًا، وأصابها ما أصاب سالفاتها، وعاش من بقي من آل البيت العلوي في هدوء، وربما استخفوا حتى يتمكنوا من إعداد العُدَّة للخروج وهم مكتملو القوة والعدد، وظلت الأمور على هذا النحو من التربص والانتظار حتى حدث نزاع صغير بين والي المدينة المنورة وبعض رجال من آل البيت أساء التعامل معهم، وأهانهم وأغلظ القول لهم، فحرك ذلك مكامن الثورة في نفوسهم، وأشعل الحمية في قلوبهم، فثار العلويون في المدينة بقيادة الحسين بن علي بن الحسن، وانتقلت الثورة إلى مكة بعد أن أعلن الحسين البيعة لنفسه، وأقبل الناس عليه يبايعونه.

ولما انتهى خبر هذه الثورة إلى الخليفة العباسي موسى الهادي، أرسل جيشًا على وجه السرعة للقضاء على الثورة، قبل أن يمتد لهيبها إلى مناطق أخرى؛ فيعجز عن إيقافها، فتحرك الجيش العباسي إلى مكة، والتقى بالثائرين في (8 من ذي الحجة 169هـ =11 من يونيو 786م) في معركة عند مكان يسمى "فخ" يبعد عن مكة بثلاثة أميال، وانتهت

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

النظام السياسي والإداري للدولة العباسية

أ- الخلافة:

وقد أقام العباسيون دولتهم سنة (132هـ= 749م)، وتولى أول خلفائهم أبو العباس عبدالله بن محمد السلطة بناءً على وصية أخيه إبراهيم الإمام بعد وقوعه في قبضة الأمويين، وقد حكم أبو العباس أربع سنوات، وقبيل وفاته عهد إلى أخيه أبي جعفر المنصور بولاية العهد من بعده، ومن بعد أبي جعفر، عيسى بن موسى، وكتب العهد بهذا وصره في ثوب وختم عليه بخاتمه وخواتم أهل بيته وسلَّمه إلى عيسى بن موسى.
ومن هنا نلاحظ أن الحكم قد بدأ وراثيًّا في عهد الدولة العباسية منذ اللحظة الأولى، واقتصر على أهل البيت العباسي، كما أن أكثر الخلفاء كان يُوصي بولاية العهد إلى أكثر من شخص؛ ممَّا أدَّى إلى صراعات ساعدت على تصدُّع الدولة العباسيَّة.
وحين تولَّى أبو جعفر المنصور الخلافة واجه اعتراضًا من عمِّه عبد الله بن علي الذي رفض مبايعته، ودعا لنفسه بالخلافة مدَّعيًا أنَّه ولي عهد أبي العباس، ممَّا دعا المنصور إلى توجيه جيشٍ له بقيادة أبي مسلم الخراساني تمكَّن من القبض عليه والقضاء على دعوته.
وقد نقل المنصور ولاية العهد من ابن أخيه عيسى بن موسى إلى ابنه محمد، الذي تولى الخلافة بعد أبيه المنصور سنة (158هـ= 775م) ولُقِّب بالخليفة المهدي، واستمرَّ في منصبه حتى تُوفِّي سنة (169هـ= 785م)؛ حيث تولَّى ابنه موسى الملقَّب بالخليفة الهادي، ولم يمكث سوى سنةٍ واحدة في الحكم؛ حيث تولَّى من بعده أخوه هارون الرشيد، ومنذ عهد الرشيد أصبح الصراع السياسي على السلطة إحدى السمات المميِّزة للعصر العباسي الأول، وكان الصراع بين الأمين والمأمون من الأمثلة المعبِّرة عن هذه السمة، وقد انتهى بقتل الأمين وتولية المأمون الخلافة.

ب- الوزارة:

تُعدُّ الوزارة المنصب الثاني بعد الخلافة في الدولة العباسية، وقد قسَّم فقهاء المسلمين الوزارة إلى نوعين:

- وزارة التفويض:

حيث يفوض الخليفة الوزير في تدبير أمور الدولة برأيه واجتهاده، فتكون له السلطة المطلقة في الحكم والتصرف في شئون الدولة.

- وزارة التنفيذ:

حيث يكون الوزير وسيطاً بين الخليفة والرعية والولاة، ومجرد منفذ لأوامر الخليفة.
وقد أحدث العباسيون نظام الوزارة في بداية دولتهم متأثرين في ذلك بالنظم الفارسية، ولم تكن مسئوليات الوزير في بداية الأمر تبعد كثيرًا عن مسئوليات الكاتب، وقد حصر أبو جعفر المنصور مهمة الوزير في التنفيذ وإبداء الرأي والنصح، ولم يكن له وزير دائم، ومن وزرائه: الربيع بن يونس الذي اشتهر باللباقة والذكاء وحسن التدبير والسياسة.
وقد ظهرت شخصية الوزراء إلى حدٍّ كبير في عهد الخليفة المهدى، لما ساد الدولة من هدوء نسبى، ومن هؤلاء الوزراء الأقوياء يعقوب بن داود، ثم صار للوزارة شأن كبير في عهد الرشيد والمأمون لاعتماد الأول على البرامكة، والثاني علي بني سهل، فمُنِحَ يحيى البرمكي وزير الرشيد، والفضل بن سهل وزير المأمون صلاحيات وسلطات واسعة، جعلت نفوذهما يمتد إلى جميع مرافق الدولة، ولكن سرعان ما تم التخلص منهما.

ج- الكتابة:

كانت طبقة الكُتَّاب ذات أهمية كبيرة في الدولة العباسية، وكان الكاتب ذا علم واسع وثقافة عريضة؛ لأنه يقوم بتحرير الرسائل الرسمية والسياسية داخل الدولة وخارجها، كما يتولَّى نشر القرارات والبلاغات والمراسيم بين الناس، ويجلس على منصة القضاء بجوار الخليفة لينظر في الدعاوى والشكاوى ثم يختمها بخاتم الخليفة.
ومن أشهر الكُتَّاب في العصر العباسي الأول يحيى بن خالد بن برمك في عهد الرشيد، والفضل والحسن ابنا سهل، وأحمد بن يوسف في عهد المأمون، ومحمد بن عبدالملك الزيات والحسن بن وهب، وأحمد بن المدبر في عهد المعتصم والواثق.

د- الحجابة:

وهي وظيفة تقوم بمساعدة الحكام في تنظيم الصلة بينهم وبين الرعية، فالحاجب واسطة بين الناس والخليفة، يدرس حوائجهم، ويأذن لهم بالدخول بين يدي الخليفة أو يرفض ذلك إذا كانت الأسباب غير مقنعة؛ وذلك حفاظًا على هيبة الخلافة وتنظيمًا لعرض المسائل حسب أهميتها على الحاكم الأعلى للبلاد.
وقد اقتدى العباسيون بالأمويين في اتخاذ الحُجَّاب، وأسرفوا في منع الناس من المقابلات الرسمية، ولعل هذا هو السبب المباشر في نشأة ما أسماه ابن خلدون"الحجاب الثاني"، فكان بين الناس والخليفة حاجزان عبارة عن دارين، أحدهما يُسمَّى دار الخاصة والآخر دار العامة، وكان الخليفة يقابل كل طائفة حسب حالتها وظروفها في إحدى هاتين الدارين تبعًا لإرادة الحُجَّاب على أبوابها.

هـ- ولاية الأقاليم:

المقصود بالأقاليم: المناطق التي تتكون منها الدولة. وقد كان النظام الإداري في الدولة العباسية نظامًا مركزيا؛ حيث صار الولاة على الأقاليم مجرد عمال للخليفة، على عكس ما كانوا عليه في الدولة الأموية.

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸كسرى يطلب العون من ملك الترك وملك الصين

كان كسرى يزدجرد قد أقام معاهدات مع الممالك المحيطة بالدولة الفارسية؛ فأرسل خطابًا إلى ملك الصين، وخطابًا إلى ملك الصُّغْد، وخطابًا إلى ملك الترك؛ أما ملك الروم فكان يعيش في الحروب التي تدور في مملكته، غير الحروب الطاحنة التي كانت بين الفرس والروم مما أثَّر على علاقتهما.

ووصلت رسائله إلى الملوك، فأجابه ملك الترك بإرسال جيش لنجدته، وقد دخل الجيش الإسلامي في بلاد الترك، وكان أول من دخل سيدنا عبد الرحمن بن ربيعة الباهلي، فوجدها ملك الترك فرصة ليتحد مع ملك الفرس في حرب ضد الجيش الإسلامي، لعله يستطيع إخراجه من بلاده، وتوجه جيش الترك بالفعل تجاه بلخ.

ووافق ملك الصُّغْد على طلب يزدجرد وأرسل جيشًا لمساعدة كسرى فارس.

رد ملك الصين على رسول كسرى :

أما ملك الصين فكان أحكمَ من ملكي الترك والصغد؛ فقد حاور رسول كسرى، وقد سُجِّلَ هذا الحوارُ؛ لأن كثيرًا ممن سمعوا هذا الحوار قد أسلموا، ويقال: إن رسول يزدجرد نفسه أسلم.
ابتدأ ملك الصين قائلاً للرسول: إن حقًّا على الملوك إنجادُ الملوك على من غلبهم؛ فصِفْ لي هؤلاء القوم الذين أخرجوكم من بلادكم، فإني أراك تذكر قلةً منهم وكثرةً منكم، ولا يبلغُ أمثالُ هؤلاء القليل الذين تصف منكم -مع كثرتكم- إلا بخير عندهم وشرٍّ فيكم.

فقال الرسول: سلني عما أحببت. فقال ملك الصين: أيوفون بالعهد؟ قلت: نعم. قال ملك الصين: وما يقولون لكم قبل القتال؟ قال الرسول: يدعوننا إلى واحدة من ثلاث: إما دينهم، فإن أجبنا أجرونا مجراهم، أو الجزية والمنعة، أو المنابذة. ويتضح من أسئلة ملك الصين أنه كان يتابع الحروب الإسلامية، فالحروب تدور رحاها في المملكة المجاورة واستمرت اثني عشر عامًا، فهو يسأل عن أمور محددة يريد أن يستوثق منها من رسول يزدجرد. قال ملك الصين: فكيف طاعتهم أمراءهم؟ قال الرسول: أطوع قوم لمرشدهم. وهذه هي مفاتيح النصر، يجيب بها رسول كسرى على أسئلة ملك الصين.

قال ملك الصين: فما يُحِلُّون وما يحرِّمون؟ فعدَّد عليه الرسول بعض الأمور، وقد أثَّر ما ذكره في ملك الصين، لكن ما يهمّ هو السؤال التالي الذي طرحه ملك الصين على الرسول فقال له: هل يحلون ما حرم عليهم، أو يحرمون ما حلل لهم؟ قال الرسول: لا. قال ملك الصين: فإن هؤلاء القوم لا يزالون على ظَفَر حتى يحلوا حرامهم أو يحرموا حلالهم.

وإذا كنا نعيش في وضع من الضعف والهزائم غير الوضع الذي عاش فيه المسلمون من قبل، فقد يكون ما ذكر ملك الصين هو السبب، والحكمة ضالة المؤمن أنَّى وجدها فهو أحق الناس بها، ولو كان قائلها ملك الصين.

ثم قال ملك الصين: أخبرني عن لباسهم؟ فيشرح له الرسول بساطة ثيابهم. ثم قال ملك الصين: أخبرني عن مطاياهم؟ فقال الرسول: الخيلُ العِرَابُ الأصيلة، ووصفها له، والإبلُ العظيمة ووصفها له.

فكتب ملك الصين إلى يزدجرد: إنه لم يمنعني أن أبعث إليك بجند أوله بمرو وآخره بالصين الجهالة بما يحِقُّ عليَّ، ولكن هؤلاء القوم الذين وصف لي رسولُك لو يطاولون الجبال لهدوها، ولو خلا لهم سربهم أزالوني ما داموا على ما وصف، فسالمهم وارضَ منهم بالمساكنة، ولا تهْجُهُم ما لم يهجوك.

ورفض ملك الصين أن يرسل إليه بمدد ينجده خوفًا من حرب المسلمين.

وحوى هذا الحوار حِكمًا كثيرةً من الممكن أن نستفيد منها فالتاريخ يعيد نفسه، ونحن الآن في وضع يدعونا لاستخراج الحكمة والبحث عنها، والحكمة كاملة في ديننا، وسيتضح هذا الأمر في نهاية الدرس في مقولة لسيدنا عمر بن الخطاب .

/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸أهم المعارك التي شارك فيها عمر المختار ودوره فيها

لقد شهدت صحراء ليبيا المعارك التي خاضها عمر المختار وسطر عليها بدماء الشهداء أروع آيات العزة والجهاد، لقد كبد المجاهدون المحتلين خسائر لا تحصى في الأرواح والعتاد، وثبتوا أمام عدوهم مع أنهم لا يمتلكون سلاحًا كما يملك عدوهم من السلاح، لقد حارب عمر المختار الطائرة بسيفه حتى امتلك الخوف قلوبهم بمجرد سماع اسم عمر المختار. ومن معاركه التي خاضها مع الطليان المحتلين:
معركة فزان
كانت القيادة الايطالية حريصة على الاستيلاء على فزان فخرجت في أواخر يناير 1928م قوتان.. احدهما من غدامس والأخرى من الجبل الأخضر، وكان الجيش بقيادة غراسياني والتحم المجاهدون مع ذلك الجيش في معركة دامية استمرت خمسة أيام بتمامها، انهزم فيها الطليان شر هزيمة فتقهقروا تاركين ما لديهم من مؤن وذخائر ثم ما لبث أن خرجت قوة أخرى قصدت فزان مباشرة، فعلم المجاهدون بأمرها بعد خروجها بثلاث أيام وانسحبوا إلى الداخل، حتى إذا وصل هذا الجيش الجديد إلى مكان يقع بين جبلين يعرفان بالجبال السود انقض المجاهدون على الطليان وأرغموهم على التقهقر، فعمل قواد الحملة إلى الفرار بسياراتهم تاركين وراءهم الجيش، الذي وقع أكثره في قبضة المجاهدين، فاستأصلوهم عن آخرهم، وعندئذ لم يجد الطليان مناصا من أن يجددوا محاولتهم فخرجت هذه المرة قوات عظيمة من جهات متعددة غير أن الطليان ما لبثوا أن انهزموا في هذه المعارك وتركوا وراءهم غنائم وأسلابًا كثيرة[6].
معركة أم الشافتير (عقيرة الدم)
يقول الأستاذ علي الصلابي عن هذه المعركة ونتائجها لقد استمر المجاهدون في الجبل الأخضر يشنون الهجمات على القوات الإيطالية وحققوا انتصارات رائعة من أشهرها موقعة يوم الرحيبة بتاريخ
28مارس 1927م جنوب شرقي المرج قرب جردس العبيد ووقعت بعد معركة الرحيبة معارك ضارية في بئر الزيتون 10 محرم 1335هـ/ 10 يوليو 1927م، وراس الجلاز 13 محرم 1335هـ/ 13 أكتوبر 1927م.
أراد الإيطاليون أن ينتقمون لقتلاهم في معركة الرحيبة، فشرعت تعد العدة للانتقام لقتلاها الضباط الستة وأعوانهم المرتزقة البالغ عددهم (312) في محاولة لإعادة معنوياتهم المنهارة نتيجة لتلك الهزيمة الساحقة تمّ إعداد الجيوش الجرارة، لتتخذ من الجبل الأخضر قاعدة لها على النحو التالي:
1- الجنرال مازيتي القائد العام للقوات الإيطالية قائدًا لإحدى الفرق فوق الجبل الأخضر 8 يوليو من مراوة: أربع فرق أرترية - فرقة ليبية - أربع فرق - خيالة - بطارية أرترية.
2- الكورنيل اسبيرا إنذائي: 8 يوليو من الجراري (جردس الجراري) أوجردس البراعصة أربع فرق أرترية - فرقة ليبية - بطارية ليبية - فرقة غير نظامية.
3- الكورنيل منتاري: 8 يوليو من خولان - فرقة أرتريا - فرقة غير نظامية.
4- الماجور بولي: 9 يوليو غوط الجمل - فرقة مهما ريستا - فرقة سيارات مصفحة - نصف فرقة ليبلير - فصيلين قناصة على الدبابات.
ويضاف إلى تلك الاستعدادت سلاح الطيران الذي انطلق من قواعده بالمرج ومراوه وسلنطة.
لقد كانت قوات الايطاليين ضخمة مما تدلنا على خوفهم ورهبتهم من قوات المجاهدين.
كان عدد المجاهدين مابين 1500 إلى 2000 مجاهدًا منهم حوالي 25% من سلاح الفرسان ويرفقهم حوالي 12 ألف جمل وما يثقل تحركاتهم من النساء والأطفال والشيوخ والأثاث علمت ايطاليا بواسطة جواسيسها بموقع المجاهدين في عقيرة أم الشفاتير فأرادت أن تحكم الطوق على المجاهدين فزحفت القوات الايطالية نحو العقيرة بعد مسيرة دامت يومين كاملين واستطاعت أن تضرب حصارًا حول المجاهدين من ثلاث جهات، وبقوات جرارة تكونت من حوالي (2000) بغل و5000 جندي، 1000 جمل بالإضافة إلى السيارات المصفحة والناقلة.
علم المجاهدون بذلك وأخذوا يعدون العدة لملاقاة العدو فأعدوا خطة حربية وقاموا بحفر الخنادق حول أطراف المنخفض ليستتر بها المجاهدون وخنادق أخرى لتحتمي بها الأسر من نساء وأطفال وشيوخ، وتم ترتيب المجاهدين على شكل مجموعات حسب انتمائهم القبلي ووضعت أسر كل قبيلة خلف رجالها المقاتلين، وكان قائد تلك المعركة التقي الزاهد الورع الشيخ حسين الجويفي البرعصي وكان عمر المختار من ضمن الموجودين في تلك المعركة.
كان الشيخ حسين الجويفي ممن تجرد للجهاد في سبيل الله وطلب رحمة الله تعالى وكان يقول: (أنا لا أريد قيادة ولا منصبًا بل أريد جهادًا رغبة في ثواب الله تعالى).
كان ذلك الصنديد محل تقدير من قبل إخوانه قال في حقه قائده الأعلى عمر المختار عقب استشهاده: أتذكر حسين الجويفي عند اللقاء مع العدو أو عند قراءة القرآن الكريم وقت الورد.
كما عرف عنه انه لم يبرح فرسه يومًا أثناء المعركة لينال من أسلاب العدو، بل يتركها للمجاهدين لعفته وقناعته بما يملك من أموال ومواشي.

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸نماذج من مجازر ومذابح الاحتلال الفرنسي ضد الشعب الجزائري

1- مجازر 8 مايو 1945م

تُعرف هذه القضية في الجزائر باسم "مجازر 8 ماي 45". ففي هذا اليوم خرج الآلاف في ولايات (سطيف والمسيلة وقالمة وخراطة وسوق أهراس)، ابتهاجاً بنهاية الحرب العالمية الثانية، آمِلين أن تفي فرنسا بالوعد الذي قطعته لهم وهو الاستجابة لمطلب الاستقلال بشرط أن يشارك الجزائريون مع الفرنسيين في الحرب العالمية الثانية.
تحمس الجزائريون لما وعدت به قوات الاحتلال الفرنسي وكان الجنود الجزائريون في الصفوف الأولى في الحرب، بل كانوا بمثابة الدروع البشرية للجنود الفرنسيين.
وعقب انتهاء الحرب العالمية الثانية خرج الشعب الجزائري في مظاهرات سلمية للتعبير عن فرحه، لكن قوبلت هذه المظاهرات بالعنف الشديد من قبل الاحتلال الفرنسي الذي قتل أكثر من 45 ألف ضحية، حسب تقديرات جزائرية بالرغم من أن أعداد القتلى قد تصل لضعف هذا العدد، والسبب هو أن السلطات الفرنسية كانت ترفض كتابة سبب الوفاة في شهادات وفاة ضحايا هذه المجازر.

2- مذبحة نهر السين

هي مذبحة وقعت ضد الجزائريين في فرنسا في 17 أكتوبر 1961م، حيث إن حاكم الشرطة "موريس پاپون" كان قد أصدر أوامره بمنع خروج الجزائريين في تظاهرات داخل باريس.
وفي 17 أكتوبر 1961م نظم جزائريون من جبهة التحرير الوطني مظاهرة سلمية بلغ عدد المشاركين فيها 30 ألف شخص للتنديد بقرار "پاپون"، فما كان من "پاپون" إلا أنه أصدر أوامره للضباط الفرنسيين بالتصدي للمتظاهرين الجزائريين مما أدى إلى وفاة أكثر من 400 شخص نتيجة للضرب المُبرح، وغرق 400 شخص بإلقائهم في نهر السين، وجرح ما لا يقل عن 2500، وفقدان أكثر من 1000 شخص، هذا بالإضافة إلى آلاف المعتقلين الجزائريين
.
3- جماجم رجال المقاومة الجزائرية

تُعتبر قضية جماجم المقاومين الجزائريين من الشواهد الحيّة على الجرائم التي ارتكبتها فرنسا خلال فترة استعمارها للجزائر.
قامت فرنسا بإنشاء ما يُسمى بـ"متحف الإنسان" في العاصمة باريس عام 1937م، والذي يُعد وصمة عار في تاريخ الإنسانية حيث يحتفظ المتحف بآلاف الجماجم البشرية التي تصل إلى نحو 18 ألف جُمجمة.
وحسب الوثائق الجزائرية فإن عدد جماجم المقاومين الذين بحوزة فرنسا قد يصلوا إلى أكثر من 600 جمجمة من بينهم جماجم لـ 37 قائداً شعبياً حيث تم قتل كل هؤلاء على يد قوات الاحتلال الفرنسي في الجزائر وقامت قوات الاحتلال الفرنسي بقطع رؤوسهم ليرهبوا بها المدنيين، وإرسال هذه الجماجم إلى فرنسا كغنائم عسكرية، ولتكون دليلاً على انتصار القوات الفرنسية.
ظهرت قضية جماجم قادة المقاومة الجزائرية سنة 2011م، وكان المؤرخ وعالم الأنثروبولوجيا الجزائري (علي فريد بلقاضي) هو أول من فجَّر قضية الجماجم عندما اكتشفها صدفة في رحلة بحث علمية في أرشيف المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي بباريس.
أثار تفجير قضية الجماجم جدلاً كبيراً بين الجزائر وفرنسا، وطالبت الجزائر السلطات الفرنسية بإعادة الجماجم، وبالفعل تمكنت الجزائر من استرداد 24 جمجمة، وذلك في أوائل يوليو 2020م.
ويرى مؤرخون أن تسليم فرنسا "جماجم الشهداء" للجزائر قد يكون مجرد ذر للرماد، وتعمية عن الملفات الأخرى المسكوت عنها مثل ملفات الجرائم ضد الإنسانية، وملفات التجارب النووية...

بعد هذا العرض اليسير للجرائم التي قامت بها فرنسا في حق الشعب الجزائري لا يجب أن تنطلي علينا طنطنة السلطات الفرنسية عن الحريات وحقوق الإنسان، ولا عن حق الشعوب في تقرير مصيرها... الخ، لأنه عندما تتحدث العاهرة عن الشرف فما عليك إلا أن تبتسم فأنت في حضرة أوكار الدعارة الفكرية ومواخير البغاء السياسي

/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

بعد سقوط مصر في أيدي الزنكيين، بعث الملك عموري رسله لإرسال حملة صليبية جديدة شارحًا خطورة الأمر والتغير في ميزان القوى في المنطقة، فاستجاب البابا إسكندر الثالث وبعث رسائل إلى ملوك أوروبا، لكنها لم تجد أذنًا صاغية.[40] في حين نجح الرسول المرسل إلى القسطنطينية بسبب إدراك الإمبراطور عمانوئيل كومنينوس اختلال توازن القوى في المنطقة. فعرض تعاون الأسطول الإمبراطوري مع حملة عموري الأول، الذي وجد الفرصة مناسبة بسبب انشغال الملك نور الدين زنكي في مشاكله الداخلية، إضافة إلى وفاة أسد الدين شيركوه وتعيين صلاح الدين خلفًا له والذي كان الملك عموري يراه شخصًا غير محنك.[41]
.
استعد صلاح الدين بشكل جيد، فقد استطاع التخلص من حرس قصر الخليفة الفاطمي العاضد لدين الله واستبداله بحرس موالين له.[42] وكان ذلك لتأخر الحملة الصليبية ثلاث أشهر منذ انطلاقها في 13 شوال سنة 564 هـ، الموافق فيه 10 يوليو سنة 1169م، بسبب عدم حماسة الأمراء والبارونات الصليبيين للمعركة بعد المعارك الأخيرة التي هُزموا فيها، [41] استهل الصليبيون حملتهم بحصار مدينة دمياط في 1 صفر سنة 565 هـ، الموافق فيه 25 أكتوبر سنة 1169م، فأرسل صلاح الدين قواته بقيادة شهاب الدين محمود وابن أخيه تقي الدين عمر، وأرسل إلى نور الدين زنكي يشكو ما هم فيه من المخافة ويقول: «إن تأخرت عن دمياط ملكها الإفرنج، وإن سرت إليها خلفني المصريون في أهلها بالشر، وخرجوا من طاعتي، وساروا في أثري، والفرنج أمامي؛ فلا يبقى لنا باقية»، [43] وقال نور الدين في ذلك: «إني لأستحي من الله أن أبتسم والمسلمون محاصرون بالفرنج».[44] فسار نور الدين إلى الإمارات الصليبية في بلاد الشام وقام بشن الغارات على حصون الصليبيين ليخفف الضغط عن مصر.[45] وقامت حامية دمياط بدور أساسي في الدفاع عن المدينة وألقت سلسلة ضخمة عبر النهر، منعت وصول سفن الروم إليها، وهطلت أمطار غزيرة حولت المعسكر الصليبي إلى مستنقع فتهيؤوا للعودة وغادروا دمياط بعد حصار دام خمسين يومًا، بعد أن أحرقوا جميع أدوات الحصار. وعندما أبحر الأسطول البيزنطي، هبت عاصفة عنيفة، لم يتمكن البحارة - الذين كادوا أن يهلكوا جوعًا - من السيطرة على سفنهم فغرق معظمهم.[46]
لاحق صلاح الدين وجيشه فلول الجيش الصليبي المنسحب شمالاً حتى اشتبك معهم في مدينة دير البلح سنة 1170م، [47] فخرج الملك عموري الأول وحاميته من فرسان الهيكل من مدينة غزة لقتال صلاح الدين، لكن الأخير استطاع تفادي الجيش الصليبي وحوّل مسيرته إلى غزة نفسها حيث دمّر البلدة التي بناها الصليبيون خارج أسوار المدينة.[48] تفيد بعض الوثائق أنه خلال هذه الفترة، قام صلاح الدين بفتح قلعة إيلات التي بناها الصليبيون على جزيرة صغيرة في خليج العقبة في 10 ربيع الآخر 566 هـ، [49] على الرغم من أنها لم تمثل تهديدًا للبحرية الإسلامية، إلا أن فرسانها كانوا يتعرضون في بعض الأحيان للسفن والقوارب التجارية الصغيرة.[47]
بعد هذا الانتصار، ثبّت الزنكيون أقدامهم في مصر، وأصبح من الواضح أن الدولة الفاطمية تلفظ أنفاسها الأخيرة،

/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

وتتابعت المكاتبات إلى السلطان محمد بن ملكشاه من فخر الملك بن عمار صاحب طرابلس بعظيم ما ارتكبه الإفرنج من الفساد في البلاد، وتملك المعاقل والحصون بالشام والساحل والفتك في المسلمين، ومضايقة طرابلس، والاستغاثة إليه والاستصراخ والحض على تدارك الناس بالمعونة، ولم يكن من أمر ذلك السلطان إلا أن يبادر بالكتابة إلى أميريه في الحلة حيث الأمير سيف بن صدقة، وجكرمش أمير الموصل وحثهما على نجدة ابن عمار وتقويته بالمال والرجال على الجهاد، وأنه سيمنحهما منطقتي الرحبة وما على الفرات إن هما ساعداه [2]، وأرسل السلطان محمد حملة بقيادة «جاولي سقاوة» بحجة أنها متجهة لنجدة ابن عمار في طرابلس، فاستولى على الموصل بدلاً من نجدة طرابلس، التي لم يتوجه إليها إطلاقاً [3]. وأدرك القاضي ابن عمار عجز القوى الإسلامية المحلية كلها عن نجدته، وقرر التوجه بنفسه إلى بغداد مقر الخلافة العباسية, ووصل الأمير محملاً بالهدايا والتحف الثمينة [4]، ورغم الحفاوة التي استقبل بها في بغداد إلا أن رحلته لم تحقق نجاحاً في الأهداف التي سعى من أجلها، كما هو الحال لمدينة دمشق وقاضييها الهروى والشيرازي [5].

📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸 أسلحة الجيش السلجوقي

أولاً: الأسلحة الفردية الخفيفة:

أ - الترس: وهو من أسلحة الوقاية من ضرب الوجه وما حوله، ويُسمى الجُنة وتتخذ من الحديد والجلد، وله أصناف متعددة كل صنف منها يصلح لاستعمال معين [6].

ب - الدرع: وهو جبّة من الزَّرد المنسوج يلبسه المقاتل للوقاية من السيوف والسهام وله أنواع متعددة [7].

ج - البيضة: وهي خوذة من الحديد أو الفولاذ تُبطَّن بالمواد اللينة كالقطن وغيره لحماية الرأس [8].

ثانياً: الأسلحة الجماعية الثقيلة:

1 - المنجنيق والعرادة: المنجنيق آلة من خشب لها دفّتان قائمتان بينهما سهم طويل رأسه ثقيل وذنبه خفيف، وفيه تجعل كفّة المنجنيق التي تحمل الحجر، يجذب حتى ترفع أسافله على أعاليه، ثم يرسل فيرتفع عموده الذي فيه الكفة فيخرج الحجر منه فما أصاب شيئاً إلا أهلكه [9]، وهو من أعظم آلات الحصار فعالية ونكاية, وله أنواع وأحجام متعددة، ويرمى به الحجارة والنفظ وغيرها، ويشبه المنجنيق المدفعية الميدانية الثقيلة في عصرنا الحاضر، وقد استخدمه الجيش السلجوقي [1] وأما العرادة: فهي منجنيق لطيف أصغر حجماً
من المنجنيق [2] فما يقذف الحجارة الثقيلة، هو المنجنيق وما يقذف الحجارة الخفيفة نسبياً
يقال له عرَّادة [3].

2 - الدبابة والبرج ورأس الكبش: الدبابة آلة ساترة تتخذ من الخشب وتغلف باللبود أو الجلد المنقوع بالخل لمنع النار من أن تحرقها، وتركّب على عجل مستدير وتحرك، وربما جعلت برجاً من الخشب فيدفعها الرجال وهي عريضة من أسفل دقيقة من أعلى على شكل مربع مضلّع تدفع إلى السور، وتكون أعلى منه فيصعد الرجال أعلاها فيسيطر به على سور المدينة [4].

وكانت تلبَّس بصفائح الحديد [5]، وهي من أسلحة الهجوم الجماعية، وتختلف في أحجامها كبراً وصغراً بحسب الحاجة [6]، ويستخدم في الدبابة أو البرج رأس الكبش, وهو عبارة عن عمود خشبي طوله عشرة أمتار أو أكثر يركب في نهايته مما يلي السور رأس من الحديد أو الفولاذ يشبه رأس الكبش تماماً يعلق بالبرج للأمام والخلف حتى يتأرجح، فيصطدم بالسور حيث تعاد الكرة مرات عديدة حتى تنهار أمامه حجارة السور [7]، وتحتل الأبراج التي يُزحف بها على الحصون [8]والبرج المتحرك منها مكان الصدارة في الأسلحة الثقيلة المستخدمة في حصار المدن المحصنة [9] فقد قام السلاجقة ببناء الأبراج لإضعاف مقاومة المدن المحاصرة، وكذلك القيام من خلالها بعمليات الحراسة والمراقبة. كان ذلك في عهد طغرل بك وألب أرسلان وملكشاه [10].

ثالثاً: أسلحة العرض والزينة:

وهي الأسلحة المرصعة بالجواهر وغيرها، والتي يحتفظ بها في الخزانة ويتم إخراجها وقت الاحتفالات أو وصول رسل إلى السلطان، الذي يأمر باتخاذ مظاهر الزينة ومنها الأسلحة المحلاة بالذهب والفضة أو الجواهر [11]، وفي عهد ملكشاه اقترح نظام الملك أن يكون عدد أسلحة الزينة عشرين قطعة لعشرين غلاماً يلبسون الألبسة الجميلة ويقفون بها حول سرير الملك مراعاة لهيبة السلطان وزينة مجلسه [1]، وكان من رأي نظام الملك أن تكون لأمير الحرس أحسن الوسائل وأدوات الزينة والتجمل وأبهاها [2].

📙 دولة السلاجقة..علي الصلابي

📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸مدينة الزهراء أعجوبة الأندلس

مدينة الزهراء أعجوبة الأندلس التي بناها عبد الرحمن الناصر عاصمة لخلافته، فما تاريخ زهراء الأندلس؟ وما أهم معالمها وحضارتها؟

تعد المنشآت المعمارية مظهرًا متقدمًا من مظاهر الحضارة، ومن ثم فهي تعد دلالة على الرخاء الاقتصادي، ولقد امتلكت الأندلس في عهد الخلافة الأموية كل المقومات المؤهلة لأن تكون بحق وليدة عصر الخليفة عبد الرحمن الناصر، وأن تصبح العاصمة قرطبة صورة حقيقية لمظاهر ازدهار وبذخ ذلك العصر، فقد كانت من أكبر وأجمل عواصم العالم آنذاك.

ولعل من أهم آثار عبد الرحمن الناصرالمعمارية، مدينة الزهراء التي تعد مأثرة مهمة من مآثره، بنيت على مسافة 8 كم شمال غربي العاصمة قرطبة على سفح جبل العروس [*].

قصة بناء مدينة الزهراء

يذكر المؤرخون رواية قصصية مفادها أن الخليفة الناصر لدين الله ماتت له سريَّة، وتركت مالًا كثيرًا، فأمر أن يفك بذلك المال أسرى المسلمين، وطلب في بلاد الإفرنج أسيرًا فلم يوجد، فشكر الله تعالى على ذلك، فقالت له جاريته الزهراء -وكان يحبُّها حبًّا شديدا: اشتهيت لو بنيت لي مدينة تسميها باسمي، وتكون خاصة لي.

فبناها تحت جبل العروس من قبلة الجبل وشمال قرطبة ..، وأتقن بناءها، وأحكم الصنعة فيها، وجعلها مستنزها ومسكنًا للزهراء وحاشية أرباب دولته، ونقش صورتها على الباب، فلمَّا قعدت الزهراء في مجلسها نظرت إلى بياض المدينة وحسنها في حجر الجبل الأسود، فقالت: يا سيِّدي، ألا ترى إلى حسنهـذه الجارية الحسناء في حجر ذلك الزنجي؟ فأمر بزوال ذلك الجبل، فقال بعض جلسائه: أعيذ أمير المؤمنين أن يخطر له ما يشين العقل سماعه، لو اجتمع الخلق ما أزالوه حفرًا ولا قطعًا، ولا يزيله إلاّ من خلقه، فأمر بقطع شجره وغرسه تينًا ولوزًا، ولم يكن منظر أحسن منها، ولا سيِّما في زمان الإزهار وتفتُّح الأشجار" [1].

وأسباب بناء مدينة الزهراء تتحدد بالدوافع الآتية:

1- أريد لهذه المدينة أن تكون مقرًا للخلافة الجديدة.

2- الابتعاد عن صخب العاصمة قرطبة بعد أن ضاقت مرافقها نتيجة الزخم السكاني الذي كان يزداد سنويًا.

3- بناء المدن صفة وصف بها الخلفاء والسلاطين العظماء تخليدًا لعصورهم المجيدة.

4- عرف عن الناصر كلفه ببناء القصور والاعتناء بتنميقها وتزيينها وصرفه الأموال الكثيرة في هـذا المجال [2].

بناء مدينة الزهراء

وبدأ ببناء الزهراء في محرم سنة 325هـ/ نوفمبر سنة 936م، وخوَّل الناصر ولي العهدالحكم المستنصر بمهمة الإشراف على بنائها، وقد عمل في بناء الزهراء جيش من العمال والمهرة، أشرف عليهم خيرة المهندسين والمعماريين في ذلك الوقت، ولا سيما من بغداد والقسطنطينية.
يذكر المؤرخون أنه كان يتصرف في عمارة الزهراء كل يوم من الخدم عشرة آلاف رجل، ومن الدواب ألف وخمسمائة دابة، وكان من الرجال من له درهم ونصف ومن الدرهمان والثلاثة، وكان يصرف فيها كل يوم من الصخر المنحوت المعدل ستة آلاف صخرة سوى الأجر والصخر غير المعدل [3].

وقامت مدينة الزهراء على مسطح من الأرض طوله من الشرق إلى الغرب ألفان وسبعمائة ذراع، وعرضه من القبلة إلى الجنوب ألف وخمسمائة ذراع [4]. وقدرت النفقة على بنائها بثلاثمائة ألف دينار كل عام طوال عهد الناصر، هذا عدا ما أنفق عليها في عهد ولده الحكم، وانتقل إليها الناصر بحاشيته وخواصه وخدمه في سنة 336هــ [5].

وصف مدينة الزهراء

وصف ابن خلكان مدينة الزهراء، بقوله: "والزهراء من عجائب أبنية الدنيا، أنشأها أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الملقب الناصر أحد ملوك بني أمية بالأندلس، بالقرب من قرطبة، في أول سنة خمس وعشرين وثلاثمائة، ومسافة ما بينهما أربعة أميال وثلثا ميل، وطول الزهراء من الشرق إلى الغرب ألفان وسبعمائة ذراع، وعرضها من القبلة إلى الجنوب ألف وخمسمائة ذراع، وعدد السواري التي فيها أربعة آلاف سارية وثلثمائة سارية، وعدد أبوابها يزيد على خمسة عشر ألف باب.

وكان الناصر يقسم جباية البلاد أثلاثًا، فثلث للجند وثلث مدخر وثلث ينفقه على عمارة الزهراء، وكانت جباية الأندلس يومئذ خمسة آلاف دينار (أربعمائة ألف وثمانين ألف دينار)، ومن السوق والمستخلص سبعمائة ألف وخمسة وستون ألف دينار، وهي من أهول ما بناه الإنس وأجله خطرًا وأعظمه شأنًا" [6].

فقد اشتملت مباني مدينة الزهراء على أربعة آلاف سارية ما بين كبيرة وصغيرة حاملة ومحمولة، جلب بعضها من روما والبعض الآخر من القسطنطينية، ومصاريع أبوابها كانت تزيد على خمسة عشر ألف باب، ملبسة بالحديد والنحاس المموَّه.

وجلب الرخام المستخدم في بنائها من مدن اشتهرت بهذه المادة، فمنه ما جلب من مدينة المرية ورية وأصناف منه جلبت من المغرب العربي ومن مدينتي صفاقس وقرطاجنة، واجتهد الناصر باختيار التحف النادرة من الشام والقسطنطينية.

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

📝 أبو جعفر المنصور.. الحاكم الجاد

💠 بيت الحكمة :

ومن الأعمال الجليلة التي تُذكر للمنصور عنايته بنشر العلوم المختلفة، ورعايته للعلماء من المسلمين وغيرهم، وقيامه بإنشاء "بيت الحكمة" في قصر الخلافة ببغداد، وإشرافه عليه بنفسه، ليكون مركزًا للترجمة إلى اللغة العربية.

وقد أرسل أبو جعفر إلى إمبراطور الروم يطلب منه بعض كتب اليونان فبعث إليه بكتب في الطب والهندسة والحساب والفلك، فقام نفر من المترجمين بنقلها إلى العربية.

وقد بلغ نشاط بيت الحكمة ذروته في عهد الخليفة المأمون الذي أولاه عناية فائقة، ووهبه كثيرًا من ماله ووقته، وكان يشرف على بيت الحكمة قيّم يدير شئونه، ويُختار من بين العلماء المتمكنين من اللغات.

وضم بيت الحكمة إلى جانب المترجمين النسّاخين والخازنين الذين يتولون تخزين الكتب، والمجلدين وغيرهم من العاملين, وظل بيت الحكمة قائمًا حتى داهم المغول بغداد سنة (656هـ = 1258م).

💠 شخصية أبي جعفر المنصور :

كان الخليفة أبو جعفر المنصور رجل عمل وجد، لم يتخذ من منصبه وسيلة للعيشة المرفهة والانغماس في اللهو والاستمتاع بمباهج السلطة والنفوذ، يستغرق وقته النظر في شئون الدولة، ويستأثر بمعظم وقته أعباء الحكم.

وكان يعرف قيمة المال وحرمته، فكان حريصًا على إنفاقه فيما ينفع الناس؛ ولذلك عني بالقليل منه كما عني بالكثير، ولم يتوان عن محاسبة عماله على المبلغ الزهيد، ولا يتردد في أن يرسل إليهم التوجيهات والتوصيات التي من شأنها أن تزيد في دخول الدولة، وكان يمقت أي لون من ألوان تضييع المال دون فائدة، حتى اتهمه المؤرخون بالبخل والحرص، ولم يكن كذلك فالمال العام له حرمته ويجب إنفاقه في مصارفه المستحقة.

ولذلك لم يكن يغض الطرف عن عماله إذا شك في أماناتهم من الناحية المالية بوجه خاص؛ لأنه كان يرى أن المحافظة على أموال الدولة الواجب الأول للحاكم.

وشغل أبو جعفر وقته بمتابعة عماله على المدن والولايات، وكان يدقق في اختيارهم ويسند إليهم المهام، وينتدب للخراج والشرطة والقضاء من يراه أهلاً للقيام بها.

وكان ولاة البريد في الآفاق يكتبون إلى المنصور بما يحدث في الولايات من أحداث، حتى أسعار الغلال كانوا يطلعونه عليها وكذلك أحكام القضاء.

وقد مكنه هذا الأسلوب من أن يكون على بينة مما يحدث في ولايات دولته، وأن يحاسب ولاته إذا بدر منهم أي تقصير.

ولم يكن المنصور قوي الرغبة في توسيع رقعة دولته ومد حدوده؛ لأنه كان يؤثر توطيد أركان الدولة والمحافظة عليها وحمايتها من العدوان والقلاقل والثورات الداخلية، لكنه اضطر إلى الدخول في منازعات وحروب مع الدولة البيزنطية حين بدأت بالعدوان وأغارت على بلاده.

وقد توالت حملاته على البيزنطيين بعد أن استقرت أحوال دولته سنة (149هـ = 766م) حتى طلب إمبراطور الروم الصلح فأجابه المنصور إليه؛ لأنه لم يكن يقصد بغزو الدولة البيزنطية الغزو والتوسع بقدر إشعارهم بقوته حتى يكفوا عن التعرض لدولته.

وعلى الرغم من الشدة الظاهرة في معاملة المنصور، وميله إلى التخلص من خصومه بأي وسيلة، فقد كان يقبل على لقاء العلماء الزاهدين ويرحب بهم ويفتح صدره لتقبل نقدهم ولو كان شديدًا.

وتمتلئ كتب التاريخ والأدب بلقاءاته مع سفيان الثوري وعمرو بن عبيد وابن أبي ذئب والأوزاعي وغيرهم.

ويؤخذ عليه شططه في معاملة الإمامين الكبيرين: أبي حنيفة النعمان، ومالك بن أنس؛ لاعتقاده أنهما يتفقان مع خصومه من آل البيت العلوي.

دامت خلافة أبي جعفر المنصور اثنين وعشرين عامًا، نجح خلالها في تثبيت الدولة العباسية ووضع أساسها الراسخ الذي تمكن من الصمود خمسة قرون حتى سقطت أمام هجمات المغول.

وبعد حياة مليئة بجلائل الأعمال توفي الخليفة العباسي في (6 من ذي الحجة 158هـ = 7 من أكتوبر 755م) وهو محرم بالحج والعمرة، ودُفن في مقبرة المعلاة (بئر ميمون) في أعلى مكة المكرمة.

انتهى

📖 المصدر: موقع هدي الإسلام.

📚 واحة التاريخ والحضارة 🔻
/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

على حدود الشام وقف العرب المسلمين يستعدون لمواجهة الروم بقيادة خالد بن الوليد - دار هذا الحوار بين خالد وبين أبو سفيان قبيل المعركة : كيف أصبحت يا أبا سفيان ؟!

‏- أصبحت أتعجل قتال الروم ، وأجول ببصري في عسكر المسلمين وفي هذه الناحية من أرض الشام وكنا نأتيها تجار في عهد قريش ، ولا نكاد نأمن على أنفسنا و أموالنا من سطوة الروم ، فنتألف سادتهم بالهدايا والمدائح ، ونحن في أنظارهم أعراب أجلاف لا يبلغ شريفنا قدر أدناهم !

ثم إذا رجعنا إلى قومنا تنافخنا وتفاخرنا حتي تَحْمَى أنوفنا ، ومضينا في الصد عن رسول الله حتى قاتلناه ، وهو يدعونا الى الحق و يقول : إتبعوني حتي تكونوا أمة واحدة ثم يفئ الله عليكم بملك فارس و الروم !

ونحن نقول أين نحن منهم ؟! ، وها نحن الآن هنا وقد خشي الروم لقائنا ونحن نستعجل لقائهم فما أقرب اليوم من البارحة و ما أبعده منها !

— #تاريخ

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

🔸الجيش العثماني يفتح البوسنة 1463م

قرَّر ملك البوسنة استيفين توماسيڤيتش Stephen Tomašević الامتناع عن دفع الجزية، وبالتالي من المتوقَّع أن يُوَجِّه ولاءه تجاه المجر بدلًا من الدولة العثمانية، ولا شَكَّ أنَّه سيحصل من البابا على دعمٍ نتيجة هذا السلوك العدائي ضدَّ الدولة العثمانية، وليس هذا فقط؛ بل عقد الملك البوسني اتِّفاقيَّة تحالفٍ مع إسكندر بك المنشقِّ الألباني[18]، وهذا يعني أنَّ احتمال الاشتراك في عملٍ عسكريٍّ ضدَّ الدولة العثمانيَّة صار قريبًا، وقد تزامن هذا مع نقض إسكندر بك للهدنة مع الفاتح بتحريض من البندقية[19]، ممَّا يعني أن هناك جبهة كبيرة من الأعداء تتكوَّن في منطقة البوسنة، تجمع ملك البوسنة، مع الألبان، والبنادقة، وقد ينضم إليهم ملك المجر والبابا، ولهذا أخذ الفاتح القرار الحاسم بالتوجه بحملةٍ همايونيَّة كبرى لفتح البوسنة، وجهَّز لذلك جيشًا عظيمًا بلغ تعداده مائة وخمسين ألف مقاتل[20].
أراد محمد الفاتح أن يحرم ملك البوسنة من الدعم الألباني، فدخل بجيشه الكبير إلى شمال شرق ألبانيا مرهبًا إسكندر بك، ثم عرض عليه الهدنة فوافق، وكان ذلك في يوم 27 أبريل عام 1463م، وعُقِدت الهدنة في مدينة سكوبيه المقدونيَّة، ولذلك تُعْرَف بسلام سكوبيه (Peace of Skopje)[21].
 بعدها انطلق الفاتح بجيشه إلى البوسنة قاصدًا أحصن مدنها، وهي مدينة بوبوڤاك Bobovac[22]. فرَّ ملك البوسنة من العاصمة إلى مدينة يايسي Jajce[23]، فسقطت بوبوڤاك في أيَّامٍ معدودات [24]! هرب ملك البوسنة مرَّةً أخرى من يايسي، ولكن تمكَّن الجيش العثماني من اعتقاله، وأُعدم في يوم 25 مايو 1463م[25]، وبإعدامه انهارت معنويَّات المقاومين، ومِنْ ثَمَّ سقطت المدن والقلاع في يد محمد الفاتح في غضون أسابيع قليلة، ووصل محمد الفاتح بجيوشه شمالًا إلى مدينة شاميتس Šamac أقصى شمال البوسنة[26]، وبذلك فُتِحت البوسنة في أقلَّ من شهرين!
كان سقوط البوسنة في يد العثمانيِّين من الأحداث المهمَّة في التاريخ؛ لأنَّ الأمر لم يتوقَّف عند التَّبعيَّة السياسيَّة؛ إنما دخل معظم شعب البوسنة في الإسلام، وهذا الأمر غيَّر كثيرًا من خريطة البلقان الديموجرافيَّة والسياسيَّة، وقد يرجع السبب في ذلك إلى رؤية الشعب لنموذجٍ فريدٍ من القيادة الإسلامية؛ حيث أظهر السلطان الفاتح احترامه البالغ لأهل البوسنة، وأظهر قبوله الكامل لأنْ يَعبُدَ هذا الشعبُ ربَّه على المذهب الذي يُريد، وكان أهل البوسنة يدينون بمذاهب خاصة غير منتشرة في البلقان، مثل الفرنسيسكانية والبوجومولية، فكتب الفاتح فرمانًا أمَّن فيه الشعب على دينهم وأموالهم وأعراضهم، وما زال هذا الفرمان محفوظًا في دير فوينيتسا في البوسنة Fojnica Franciscan Monastery، في مدينة فوينيتسا Fojnica.
 وهذه الحرية الدينيَّة لم يعهدها البوسنيُّون في تاريخهم، حيث كانوا يُضطهدون من الأرثوذكس أو الكاثوليك على حدٍّ سواء، فهذا الذي دفعهم للتساؤل عن هذا الدين الذي يُحرِّك القيادة العثمانية، فصاروا إلى الإسلام، ولقد كان الفاتح حريصًا على بناء المساجد في كلِّ بلدٍ بوسنيٍّ يفتحه، وإمداد هذه المساجد بالوعَّاظ والعلماء ورجال الصوفيَّة[27]، فوجد الشعب البوسني مَنْ يشرح له الدين، ويُفَسِّر له العقيدة، بالإضافة إلى ذلك حرص الفاتح على تهجير عددٍ كبيرٍ من الأتراك المسلمين من الأناضول إلى البوسنة، حيث استوطنوا هذا البلد، سواءٌ في المدن التي أنشأها العثمانيُّون هناك، أم في المدن القديمة، وذلك دون تضييقٍ على أهل البلد أو أخذ ممتلكاتهم[28]، فكان هذا الوجود التركيُّ المكثَّفُ في البلد سببًا في تعرُّف البوسنيِّين على الطبيعة الحقيقيَّة لدين الإسلام.
تبعية الهرسك:
اقتنع استيبان ڤوكسيتش Stjepan Vukčić حاكم الهرسك أنَّه لا طاقة له بحرب العثمانيِّين؛ ومِنْ ثَمَّ تنازل لهم عن الأرض الواقعة بين مدينتي بلاجاي Blagaj، وكلاموج Glamoč، وهي مناطق تقع في غرب البوسنة الآن، وقريبةٌ جدًّا من حدود كرواتيا الغربيَّة، وظلَّ حاكم الهرسك يحكم المناطق الجنوبيَّة دافعًا الجزية إلى الدولة العثمانيَّة، ولتوثيق العهد بينه والعثمانيِّين سلَّم ابنه الأصغر -الذي كان يحمل اسم استيبان Stjepan أيضًا- رهينةً للسلطان محمد الفاتح! وكان يبلغ من العمر 33 سنة[29]، وقد تأثَّر هذا الابن بمحمد الفاتح إلى الدرجة التي تَحوَّل فيها للإسلام لاحقًا[30]، وصار اسمه أحمد باشا الهرسكي Hersekzade Ahmed Pasha، وصار من كبار القادة العثمانيِّين، حتى وصل به الأمر إلى تقلُّد منصب الصدارة العظمى في الدولة في عهد السلطان بايزيد الثاني ابن محمد الفاتح[31]!

📚 واحة التاريخ والحضارة
/channel/awaren

Читать полностью…

واحة التاريخ والحضارة

المؤرِّخون أنَّ هذه السنة هي أولى سنوات المحن التي خربت بسببها الديار المصرية، بسبب انخفاض النيل وغيره من الأسباب، وهو ما دفع "المقريزي" إلى تأليف كتابه "إغاثة الأمَّة بكشف الغمَّة"[7].
وممَّا زاد من سوء حال البلاد أنَّ النقص لم يقتصر على هذه السنة؛ بل استمرَّ بصورةٍ متقطِّعةٍ لمدَّة خمس عشرة سنة، "فشرقت الأراضي إلَّا قليلًا، وعظم الغلاء والفناء فباع أهل الصعيد أولادهم من الجوع وصاروا أرقَّاء مملوكين، وشمل الخراب الشنيع عامَّة أرض مصر وبلاد الشام"[8].
وقد توالت المحن على البلاد كما حدث في سنوات 827هـ، 830هـ، 837هـ وذلك في عهد "السلطان برسباي" فقط، وكذلك ما شهدته البلاد من انخفاض النيل في سنوات 852هـ، 853هـ، 854هـ على التوالي في عهد "السلطان جقمق" فأشرفت البلاد على الخراب، حيث خلت القرى من أهلها الذين وردوا على القاهرة، وصاروا أفواجًا في طرقات القاهرة مع الفقر، فمات منهم الكثير من شدة القحط[9].
على أنَّنا يجب أن نفهم أنَّ الكارثة لم تكن تحدث من عدم انخفاض النيل فقط؛ ولكن قد يحدث أن يوفي الفيضان، ثم ينقص كثيرًا بمجرَّد فتح السدود، أو أنَّ المياه لا تمكث على الأرض المدَّة اللازمة، وفي مثل هذه الحالات كان الفلاحون يعجلون بالزراعة، ممَّا كان يُؤدِّي إلى فساد الزروع بسبب زراعتها قبل أوانها، كما كانت تتعرَّض لمخاطر الفئران والديدان وغيرهما من الآفات، التي كان من المفترض أنَّ الفيضان يُطهِّر الأرض منها[10].
وبالنسبة إلى الفيضانات العالية، فلم يكن الحال بأحسن منه في الفيضانات المنخفضة؛ فعلى سبيل المثال زاد النيل أربع مرات في سلطنة الناصر محمد (ت 741هـ) إلى ثمانية عشر ذراعًا فحصل منه غاية الضرر، وتقطَّعت الجسور، وغرقت الطرقات والبلاد، فتلف كثيرٌ من الزراعات والغلال في الأجران والمطامير.
وكان الحل العملي السريع الذي يقوم به السلاطين هو الكتابة إلى جميع الولاة بفتح الترع والجسور في سائر الوجهين القبلي والبحري، وكذلك تصريف المياه إلى البحر ما أمكن ذلك[11].
وكان أشدُّ هذه الكوارث ما حدث في سنة 724هـ في عهد الناصر محمد، حين زاد النيل إلى تسعة عشر ذراعًا إلَّا قليلًا، فغرقت الأقصاب والمعاصر وكثير من شون الغلال، "وصارت المراكب لا تجد بَرًّا تضرب فيه الوتد من قوص إلى القاهرة، وغرقت الفيوم لانقطاع جسرها"[12]. كذلك حدث في سنة 761هـ في عهد السلطان الناصر حسن أن بلغ النيل إلى ما يقارب أربعة وعشرين ذراعًا، وهو مبلغٌ عظيمٌ انقلب منه جسر الفيوم، وتقطَّعت الطرقات وامتنع الناس عن السفر، وظنُّوا أنَّ الله أرسل عليهم الطوفان، وكان أكثر المضارِّين من هذا الفيضان الفلاحين نظرًا إلى تبحُّر الأراضي لطول مكوث المياه فيها[13].
وفي أواخر الدولة الأولى شهدت البلاد ثلاثة ارتفاعات للفيضان في عهد السلطان الأشرف شعبان بن حسين، فكان يحدث للفلاحين مثل ما ذكرنا، وممَّا يُظهر هلع جماهير الناس من هذه الزيادة، أنَّ السلطان عندما يعلم ببوادر هذه الزيادة المدمِّرة، كان يأمر بمنع المناداة اليوميَّة على مقدار زيادة النيل زمن الفيضان[14].
وفي أوَّل سنوات حكم "برقوق" سنة 784هـ ارتفع الفيضان حيث تجاوز عشرين ذراعًا، فغرقت مواضع كثيرة، وتهدَّم العديد من المنازل، وتقطَّعت الجسور كلُّها حتى عجز الفلاحون عن سدها، وقد وصف المقريزي ما حلَّ بالبلاد جرَّاء هذا الفيضان من تهدُّمٍ للدور واندثارٍ للعديد من القرى وتشرُّدٍ للفلاحين[15]، ثم تكرَّر ما حدث هنا في سنة 797هـ[16].
وفي سنة 825هـ زاد النيل عن الحدِّ فأغرق أكثر الأراضي والغيطان، فرسم السلطان "برسباي" للأمراء بالتواجد على الجسور لحفظها، خوفًا من أن يطرق البلاد الغرق على حين غفلة، على الرغم من كسر السدود قبل الأوان، ومع ذلك استمرَّ النيل في هذه السنة ثابتًا لمدَّةٍ أطول من المعتادة، فحصل بثباته غاية الضرر، وتعذَّر الزرع في ميعاده[17]، وكذلك حدث في سنة 829هـ في عهد "برسباي" ولم يختلف الأمر كثيرًا عما مرَّ بنا في الفيضانات التي أتت بعد ذلك[18].
ومع عظم الأضرار التي لحقت بالفلاحين من جراء الفيضانات المرتفعة عن الحدِّ اللازم، إلَّا أنَّها ظلَّت باستمرار أقل تأثيرًا من الحالات التي يقل فيها الفيضان؛ ففي حالات الزيادة ربَّما زرعت الأرض، وإن كان ذلك بعد فوات الأوان فإنَّه لم يمنع من نجاح بعض الزراعات، أمَّا في حالات النقص فإنَّ الأرض كانت تشرق ولا تجد سبيلًا إلى الزراعة، هذا فضلًا عن أنَّ حالات الغلاء كانت تتبع النقص في الغالب دون الزيادة[19].
مواجهة هذه الأزمات:
تنوَّعت الوسائل التي واجه بها المماليك هذه الأزمات الطاحنة وما يترتَّب عليها من مشكلاتٍ أرَّقت الشعوب في تلك الفترة؛ فقد بنى الظاهر بيبرس (658 – 678هـ) القناطر على جسر شبرمنت لتتلقَّى صدمة الماء الأولى، وشيَّد كذلك قناطر السباع[20] وذلك لمواجهة الفيضانات، أمَّا مشكلة نقص منسوب مياه النيل، الذي كان ينتج عنه المجاعات ونقص الأغذية، فكان هناك إجراءٌ جيِّدٌ لمواجهته، وهو توفير مخزون

Читать полностью…
Subscribe to a channel