يمناً بذكرى ولادة الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) وإيماناً من 🍀 مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) 🍀
بأهمية التطور الهائل في وسائل الاتصالات وضرورة تسخيرها في خدمة القضايا العقدية وإيضاحها للناس قام المركز بافتتاح
⬅️ أول وأكبر مكتبة مهدوية مختصّة على (التيليجرام)
📱قناة 👈 المكتبة المهدوية المختصّة 👉
حيث تحتوي القناة على الكتب المهدوية بلغات متعددة منها العربية، والفارسية، والانجليزية، وغيرها. وأيضاً تحتوي على مجلات وصحف مهدوية، وقصص أطفال، ومخطوطات مهدوية.
💠 للإشتراك بالقناة من خلال الرابط التالي: /channel/AlimamAlmahdiLibrary
💠 أو كتابة معرف القناة في مربع البحث في التيليجرام:
@AlimamAlmahdiLibrary
💠 أو كتابة اسم القناة في مربع البحث في التيليجرام (المكتبة المهدوية المختصّة)
ما هي الكلمة في القرآن الكريم التي تعبّر عن الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بأنه تالي المعصومين في الأرض؟
✍🏼 الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ﴾ [التوبة: 36]،
روى العلامة الكبير السيد هاشم البحراني (قدّس سرّه) في كتاب (غاية المرام) عن أبي الحسن الفقيه محمد بن علي بن شاذان في (المناقب المائة من طريق العامة)
قال: عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول -في حديث طويل-: معاشر الناس: من سره ليقتدي بي، فعليه أن يتوالى ولاية علي بن أبي طالب والأئمة من ذريتي، فإنّهم خُزّان علمي.
فقام جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: يا رسول الله ما عدّة الأئمة؟ قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يا جابر سألتني -رحمك الله- عن الإسلام بأجمعه، عدّتهم عدّة الشهور وهي ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ﴾ [التوبة: 36].
ثم قال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): فالأئمة يا جابر اثنا عشر إماماً، أوّلهم علي بن أبي طالب وآخرهم (القائم). [غاية المرام: ص244]
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
رحلة رقم (40) و الاخيرة
واليوم دعونا نتكلم عن عنصر التنفيذ الذي هو مهمة الأُمة، فكيف تنفذ الأُمة مشروع الانتظار؟
إن ذلك يتم عبر عدة مراحل:
المرحلة الأولى: معرفة خلفيات الانتظار: ويمكن تلخيصها بـ:
1. إن الانتظار يمثل عملاً عبادياً مهماً، فإذا اقترن بالنية الخالصة ترتب عليه الثواب العظيم، وما يستتبعه من لطف إلهي خفي وظاهر، وتوفيق للعمل وفق فطرة الدين.
2. والانتظار - حاله في ذلك حال بقية العبادات - يصب في عملية بناء الفرد بناءً متكاملاً، وليس الفرد فقط بل والمجتمع، فإن الدين عموماً جاء من أجل هذه الغاية، خصوصاً عندما تعرف المعنى الصحيح للانتظار.
3. والانتظار - بمعناه الصحيح - يمثل شعلة أمل تبث في النفس قوة العمل، وهو وهج نور ينير الطريق بالاتجاه الصحيح، ذلك أن المؤمن المنتظر لابد وأن يتعايش مع المجتمع المنحرف، ذلك المجتمع الذي يكون المؤمن فيه (كالقابض على جمرة بيده)، والكل يعرف حالة من يقبض على جمرة! خصوصاً إذا علمنا أنه لا يمكنه الاستغناء عن تلك الجمرة، إذ إنه لا يرى وجوده وكيانه إلّا بالقبض عليها.
ورد عن يمان التمار قال: كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) جلوساً فقال لنا: «إن لصاحب هذا الأمر غيبة، المتمسك فيها بدينه كالخارط للقتاد - ثم قال هكذا بيده - فأيكم يمسك شوك القتاد بيده» ؟ ثم أطرق ملياً، ثم قال: «إن لصاحب هذا الأمر غيبة فليتق الله عبد وليتمسك بدينه». (الكافي - ج1 - ص335-336).
وإنسان بهذه الصفة يعيش حالة من الاضطراب والألم، وصراعاً نفسياً عظيماً، بين اتجاهين في وجوده، اتجاه يناديه: ألق ما في يدك، وعش بحرية مع الناس، وفق مبدأ (حشر مع الناس عيد)، واتجاه يناجيه: اثبت على مبدئك، ولا تخش الناس، إن الله معك. في صراع كهذا، يأتي الانتظار ليلقي بالصبر والأمل في قلب المؤمن، ليجعله ليس فقط يتحمل أذى الجمرة، وإنما يجعله يعيش حالة من اللذة والفرح بقبضه عليها، ذلك عندما يرى كثرة الساقطين في الطريق، وهو يرى نفسه ثابتاً في خطواته على طريق الحق.
إن من الآثار المهمة للاعتقاد بوجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) هو شحن طاقات الأُمة وبعث روح الأمل فيها، ففرق بين من يسير وليس له هدف مرجو ومحدد، وبين من يسير ويحدوه الأمل الكبير بأن نهاية النفق الطويل المظلم هو النور والفلاح، ومن هنا تأكد الأمر بانتظار الفرج وأنه أفضل الأعمال، ومن الواضح أن المراد بانتظار الفرج هو تهيئة الأسباب لقدوم من ننتظر فرجه، وإلّا فمجرد الشوق لا يعد من مصاديق انتظار الفرج.
الكاتب: الشيخ حسين عبد الرضا الأسدي
رحلة رقم (38) ،، تتمة الرحلة
الأمر الثالث: إن الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) سيعمل على فتح منافذ التكامل الوجودي للمؤمنين على أوسع مدياتها، وكما تذكر الروايات الشريفة أن المؤمن سينفتح قلبه على الحقائق الملكوتية نتيجة التكامل الذي يحصل عليه من رعاية الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) المباشرة، تلك الرعاية التي عبّرت عنها الروايات الشريفة بتعبيرات مختلفة، مثل ما روي عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (عليه السلام) أنه قَالَ: إِذَا قَامَ قَائِمُنَا وَضَعَ اللَّه يَدَه عَلَى رُؤُوسِ الْعِبَادِ فَجَمَعَ بِهَا عُقُولَهُمْ وكَمَلَتْ بِه أَحْلَامُهُمْ. (أي زاد الله في دماغهم فأكمل شعورهم وفكرهم بقدرته الكاملة)
من هذا ينتج: أن التواصل مع الملائكة -بالحديث معهم مثلًا- هو أمر ممكن في حدّ نفسه، ولا يلزم منه تناقض عقلي حتى يُقال بامتناعه، ولا يوجد مانع شرعي يمنع من ذلك،إنما المانع هو عدم تطور مدارك الإنسان في طريق التكامل، وتعلّقه بالبدن، والبدن لا إمكانية عنده للتواصل المباشر مع المجردات، فإذا تكاملت الروح، أمكنها أن تتحرّر قليلًا أو كثيرًا من قيود البدن، حينها يمكن أن تطالع عالم المجردات وتتواصل مع موجوداته المجردة.
وهذا ما أشارت له بعض الروايات الشريفة، فقد روي عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) قال: إذا قام القائم، يأمر الله الملائكة بالسلام على المؤمنين، والجلوس معهم في مجالسهم، فإذا أراد واحد حاجة أرسل القائم من بعض الملائكة أن يحمله، فيحمله الملك حتى يأتي القائم، فيقضي حاجته، ثم يرده.
ومن المؤمنين من يسير في السحاب، ومنهم من يطير مع الملائكة، ومنهم من يمشي مع الملائكة مشيًا، ومنهم من يسبق الملائكة، ومنهم من تتحاكم الملائكة إليه، والمؤمنون أكرم على الله من الملائكة، ومنهم من يصيره القائم قاضيًا بين مائة ألف من الملائكة.
وفي رواية المفضل بن عمر الطويلة مع الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال له: يا سيدي وتظهر الملائكة والجن للناس؟ قال (عليه السلام): إي والله يا مفضل، ويخالطونهم كما يكون الرجل مع جماعته وأهله.
فتبين مما تقدم: أن التواصل المباشر مع الملائكة –فضلًا عن الجن- أمر ممكن في حدّ نفسه، وأن المانع منه عندنا هو أحكام المادة، فإذا استطاع أحد أن يتكامل حتى تتجاوز روحه المادة، أمكنه التواصل مع الملائكة بلا إشكال، إنما الكلام في كيفية التكامل الذي يوصل إلى تلك الحال، ونحن نجزم أن المؤمنين يمكنهم أن يصلوا إلى تلك المرتبة التكاملية زمن ظهور الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) حيث سيكونون تحت رعايته المباشرة.
الكاتب: الشيخ حسين عبد الرضا الأسدي
رحلة رقم (36)
عالم الجن وغيبة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
استحوذت قضية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) على اهتمام خاص من قبل الباحثين باعتباره المنقذ والمخلص للعالم من الظلم والعذاب، والناشر للعدل والطمأنينة. ومدار البحث هذه المرة في كون الإمام (عجّل الله فرجه) غائباً عن الإنس والجن على حدٍ سواء، أم أنه غائب عن عالم الإنس وظاهر لعالم الجن؟!
إن أهم ما يميز الجن أنهم يماثلون الإنس في التكليف؛ وذلك لأن الآيات الدالة على تكليفهم بشريعة نبينا (صلى الله عليه وآله وسلم) جاءت عامة في كل شيء فإذا ثبت إرساله إليهم هو كإرساله للإنس لزمهم على هذا الأساس كل تكليف وجد في شريعة الإسلام إلّا أن يدل دليل على التخصيص بتكليفهم بغير تكاليف الإنس أو ببعضها ولم يرد مثل هذا الدليل.أو تكون هناك قرينة صارفة باعتبار الفوارق الفسلجية بين الإنس والجن.
وعند مراجعة الروايات الواردة عن الأئمة (عليهم السلام) نجد أن من الجن من يؤمن بإمامتهم (عليهم السلام) ويقر بها وأنه من شيعتهم والموالين لهم، ومن تلك الروايات ما ورد عن أبي حمزة الثمالي أنه قال: (كنت أستأذن على أبي جعفر (عليه السلام)، فقيل إن عنده قوماً فاثبت قليلاً حتّى يخرجوا، فخرج قوم أنكرتهم ولم أعرفهم، ثم أذن فدخلت عليه (عليه السلام)، فقال: «يا أبا حمزة هؤلاء وفد شيعتنا من الجن جاءوا يسألوننا عن معالم دينهم».
وبناءً على ذلك يتَّضح أنَّ الجن فيهم من يوالي ويشايع أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وكذلك يراجعونهم في معرفة أحكام دينهم، ومن المعروف أنّ الإمام الثاني عشر (عجّل الله فرجه) غائب عن الإنس وغير ظاهر لهم، فكيف يرجع له الجن في غيبته لمعرفة الأحكام؟ ولأن المقام لا يتَّسع لذكر الأحاديث نكتفي بذكر ما استخلصناه منها:
أولاً: إنَّ الجن خلق مكلفون بالتكاليف الشرعية كما هو حال الإنس، وعليهم حساب ولهم ثواب إن أحسنوا وعقاب إن أساؤوا.
ثانياً: خصائص وأحوال عالم الجن تؤكد أنه من الممكن أن يستعين بهم الإنس لمعرفة الغيبيات، ولذلك لو كان الإمام (عجّل الله فرجه) ظاهراً بينهم لأمكن بعض الإنس من معرفة مكان وجود الإمام (عجّل الله فرجه) من خلال إخبار الجن لهم. وهناك حادثة ينقلها صاحب (إلزام الناصب في إثبات الحجة الغائب) في الجزء الثاني منه في باب (أخبار أهل العرفان والحساب والكهنة بظهوره وعلائمه (عليه السلام)) تؤكد أن بعض الإنس يُسخّر الجن لمعرفة الأخبار والغيبيات.
ثالثاً: أحاديث غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) عامة ولا يوجد فيها ما يخصص غيبته عن عالم الإنس من دون الجن، فلذلك هو غائب عن كل منهما على حدٍ سواء.
رابعاً: للجن علماء يمكن الرجوع إليهم في غيبة الإمام (عجّل الله فرجه) كما هو كائن لدى الإنس.
خامساً: إن القول بأن الإمام (عجّل الله فرجه) غائب عن الناس لا يعني أنه غائب عن آحادهم، وهذا واضح في حالات التشرف باللقاء به، كذلك فإن القول بأن الإمام (عجّل الله فرجه) غائب عن الجن لا يعني أنه غائب عن آحادهم.
بقلم / نور مهدي كاظم الساعدي
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
رحلة رقم (35)،، تتمة الرحلة
تحقق المطلبين في الصديقة الزهراء (عليها السلام) من خلال بعض ما جاء في سيرتها:
1/ تحقق الطاعة والتسليم:
إن العلم المؤدي للمعرفة ثمرته الطاعة -كما ذكرنا- إي أن يكون الإنسان مستعدًا لقبول الأوامر الإلهية من دون قيد أو شرط، بل هو في حالة انتظار أي استعداد وتأهب لتلقيها ليعمل بها ووفقها، وهي تتجسد بطاعة الله ورسوله وولي أمره لا نفسه أو هواه!
فعن ابن شهر أشوب في المناقب: دخل الحسن بن صالح بن حي على الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) فقال: يا ابن رسول الله ما تقول في قوله تعالى: {أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}، من أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم، قال: العلماء. فلما خرجوا قال الحسن: ما صنعنا شيئاً، ألَا سألناه : من هؤلاء العلماء؟ فرجعوا إليه فسألوه فقال: الأئمة منا أهل البيت(3).
وهذا ما تجسد في الصديقة الزهراء (عليها السلام)، فمعرفتها بمقام الإمام علي (عليه السلام) كإمام منصب من قِبل الله تعالى تجلى في طاعتها التامة، حيث قال رسول الله (صل الله عليه وآله): "إن ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيماناً ويقيناً إلى مشاشها، ففرغت لطاعة الله"(4). علمًا أننا عندما نذكر هذه الصفات للعارفين بالإمام، ونقيسها بالزهراء (عليها السلام) نحفظ المقام العالي لسيدتنا البضعة الطاهرة، وإنما هو قياس لنتعرف نحن على بعض هذه المراتب لا لنسلط الضوء على حقيقة ما كان عندها (صلوات الله عليها).
ويمكن أن نقول: إن الطاعة نوعان: طاعة فرض، وطاعة حب وولاء؛ فطاعة الحب تجسد الطاعة الحقيقية، وهي أعلى مرتبة من طاعة الفرض (أي عن خوف من عقاب أو عن رغبة في ثواب) والله تعالى يريد منا أن ننمي في داخلنا الطاعة المثلى وهي طاعة الحبيب لمن يحب، وهذه المرتبة العالية قد جسدتها الصديقة؛ فان طاعتها لإمامها هي كانت امتدادًا لطاعتها لربها كما في قولها (عليها السلام): "رضيت بالله ربا وبك يا أبتي نبيا وبابن عمي بعلا ووليا"(5).
وكما في قول إمامنا علي (عليه السلام) فيها (سلام الله عليها): "أنتِ أعلم بالله وأبر وأتقى وأكرم وأشد خوفاً من الله، من أن أوبخك بمخالفة" (6). وكما صرح في مورد أخر حيث إن الإمام (عليه السلام) يظهر مدى رضاه عن الزهراء (عليها السلام) ومدى طاعتها له، بقوله :" ولا عصيت لي أمراً"(7).
2/ استشعار غربة الإمام ومظلوميته:
وهذا الجانب من المعرفة لدى الزهراء (عليها السلام) كان متحققًا أيضاً فهي كانت مستشعرة لعظيم غربة الإمام (عليه السلام) كما ورد في رواية عن أخر يوم في حياتها، حيث قالت فاطمة (عليها السلام) في جواب أم سلمة (رضي الله عنها) حين قالت لها: "كيف أصبحت يا بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟ فقالت: "أصبحت في كمد وكرب: فقد النبي وظلم الوصي"(8).
فالزهراء (عليها السلام) قدمت التفكير بألآم إمامها وغربته على آلامها ومصابه، وفي رواية عن الإمام الصادق عن آبائه (عليهم السلام) أنه قال: "لما حضرت فاطمة الوفاة بكت، فقال لها أمير المؤمنين(عليه السلام) يا سيدتي ما يبكيك؟ قالت: ابكي لما تلقى من بعدي"(9). بل ولطالما كانت مصدر بهجته، والمؤنسة له، المدخلة للسرور على قلبه، وبلسماً لجراحاته، كما أن الإمام علي (عليه السلام)، صرح بذلك في ما روي عنه أنه قال :"ولقد كنت انظر لها فتنكشف عني الهموم والإحزان"(7).
ونحن نعيش في وقت يعيش فيه إمامنا غربتين كما يُعلق صاحب كتاب مكيال المكارم في معنى الغربة التي يعيشها إمام زماننا "أن للغربة معنيين: أحدهما البعد عن الأهل والأوطان والديار، والثاني قلة الأعوان والأنصار وهو روحي له الفدى غريب بكلى المعنيين" (10). لذا فواجبنا تجاه هذه الأسوة العظيمة (صلوات الله عليها)، وتجاه إمام زماننا (عجل الله تعالى فرجه) هو أن نسعى لبلوغ درجة من العلم توصلنا لمعرفة مقامه. تلك المعرفة التي يترتب عليها أثر وهو الطاعة واستشعار غربته وآلامه بل والسعي لنكون سبباً لإدخال السرور على قلبه (عجل الله تعالى فرجه).
بلى! فكما إن النبي (صلى الله عليه وآله) والإمام علي (عليه السلام) كانوا يطرقون باب دار مولاتنا الطاهرة لأنها مسكن راحة وانس. كذلك من الوفاء إن يسعى كل منتظر منا أن يجعل من قلبه دار راحة لإمامه في غيبتهِ، وموطن سعادة له في غربتهِ؛ لا دار ألم وزيادة في جراحاته، وبالتالي يكون سبباً لتأخر فرجه.
بقلم: فاطمة الركابي
رحلة رقم (33)،، تتمة الرحلة
13/ الزهراء(ع) والمهدي(ع) كلاهما كوكب درّي:
سأل أبو هاشم العسكري عن الإمام العسكري(ع): لِم سُمّيت فاطمة الزهراء؟ فقال: كان وجهها يُزهر لأمير المؤمنين(ع) من أوّل النهار كالشمس الضاحية، وعند الزوال كالقمر المنير، وعند غروب الشمس كالكوكب الدرّي.(29) قال رسول الله(ص): المهدي رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدريّ.(30)
14/ الزهراء(ع) المنصورة والمهدي(ع) المنصور:
روى الإمام الصادق(ع) عن رسول الله (ص)(في حديث) أنّه(ص) سأل جبرئيل عن نور ساطع شاهده، فقال جبرئيل: إنّ ذلك النار للمنصورة في السماء وفي الأرض فاطمة. قال رسول الله(ص): حبيبي جبرئيل، ولم سمّيت في السماء المنصورة، وفي الأرض فاطمة؟ قال: سُمّيت في الأرض فاطمة لأنها فُطمت وشيعتها من النار، وفُطم أعداؤها من حبّها. ثم قال: وهي في السماء المنصورة، وذلك قوله عز وجل: «وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ».(31) يعني نصر الله لمحبيها.(32)
أمّا الإمام المهدي(ع) فقد ورد عن الإمام الصادق(ع) في تفسير قوله تعالى:«الم * غُلِبَتِ الرُّومُ»،قال:هم بنو أميّة؛ «وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ»: عند قيام القائم.(33) وروي عن الإمام الباقر(ع) في تفسير قوله تعالى: «وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً»(34) قال:(مَن قُتل مظلوم): الحسين(ع)؛ (إنّه كان منصور): سمّى اللهُ المهديّ المنصور كما سمّى أحمد ومحمّد ومحمود، وكما سمّى عيسى المسيح.(35)
وجاء في زيارة عاشوراء "فأسأل اللهَ الذي أكرم مقامك وأكرمني بك أن يرزقني طلب ثارك مع إمامٍ منصور من أهل بيت محمّد (ص)".(36) وروي عن الإمام الباقر(ع)، قال: القائم منّا منصور بالرعب، مؤيَّد بالنصر.(37)
الهوامش:
(1) يوم الخلاص 1:72، نقلاً عن البيان: 63، وعيون الأخبار 2: 130؛ سنن ابن ماجة 4: 151.
(2) من هو المهدي(ع): 90 نقلاً عن عشرة من مصادر العامّة.
(3) يوم الخلاص 1: 77، نقلاً عن أكثر من عشرة مصادر.
(4) بحار الأنوار 36: 352، ح224.
(5) وقد أوردنا مورد الحاجة من الحديث المفصل أنظر كمال الدين 1: باب 27 و28.
(6) كشف الغمّة 3: 267.
(7) كامل الزيارات: باب 16، ح 8.
(8) سورة الأحزاب: 21.
(9) فاطمة بهجة قلب المصطفى، نقلاً عن عدّة مصادر عامية.
(10) فاطمة بهجة قلب المصطفى: 185، نقلاً عن عدّة مصادر عامية.
(11) الغيبة للطوسي: 173؛ بحار الأنوار 53: 180.
(12) تفسير البرهان: 4: 487، ح 24.
(13) بحار الأنوار 8: 109، فاطمة بهجة قلب المصطفى: 365.
(14) النجم الثاقب: 29.
(15) سورة هود: 86.
(16) الهداية الكبرى للخصيبي: 363.
(17) فاطمة من المهد إلى اللحد: 116، نقلاً عن بحار الأنوار.
(18) يس: 52.
(19) فروع الكافي 8: 207/ ح 346.
(20) فاطمة من المهد إلى اللحد: 121 نقلاً عن ذخائر العقبى.
(21) بحار الأنوار 52: 212.
(22) بحار الأنوار 43: 79، 80.
(23) كشف الغمة 3: 297.
(24) أصول الكافي، باب ما جاء في الاثنى عشر والنصّ عليهم.
(25) بحار الأنوار 40: 44.
(26) الغيبة للطوسي 467/ ح 484.
(27) بحار الأنوار 43: 2.
(28) كمال الدين 1: 42-427/ ح2.
(29) الجنّة العاصمة: 72، نقلاً عن بحار الأنوار.
(30) كشف الغمة 3: 269.
(31) الروم: 4.
(32) بحار الأنوار 43: 4/ ح 3.
(33) تفسير البرهان 3: 258، ح6.
(34) الإسراء: 34.
(35) بحار الأنوار 51: 30.
(36) مفاتيح الجنان، زيارة عاشوراء.
(37) كشف الغمّة 3: 324.
رحلة رقم (31)،، تتمة الرحلة
4/ ذِكر المهدي(ع) سلوة قلب الزهراء(ع):
علي بن هلال عن أبيه، قال: "دخلت على رسول الله(ص) وهو في الحالة التي قُبض فيها، فإذا فاطمة عند رأسه؛ فبكت حتّى ارتفع صوتُها؛ فرفع رسول الله(ص) إليها رأسه وقال:حبيبتي فاطمة ما الذي يُبكيك؟ فقالت:أخشى الضيعة من بعدك. فقال: يا حبيبتي! أما علمتِ أن الله عز وجل اطّلع على أهل الأرض اطلاعة فاختار منها أباكِ فبعثه برسالته، ثم اطّلع اطّلاعة فاختار منها بعلكِ وأوحى إليّ أن أُنكحك إيّاه. يا فاطمة! ونحن أهل بيت قد أعطانا الله عز وجل سبع خصال لم يُعط أحداً قبلنا ولا يعطي أحداً بعدنا: أنا خاتم النبيين وأكرم النبيين على الله عز وجل وأحبّ المخلوقين إلى الله عز وجل وأنا أبوكِ؛ ووصيّي خير الأوصياء وأحبّهم إلى الله عز وجل، وهو بعلك؛
وشهيدنا خير الشهداء وأحبّهم إلى الله عز وجل، وهو حمزة بن عبد المطلب عمّ أبيك وعمّ بعلك؛ ومنّا من له جناحان يطير في الجنة مع الملائكة حيث يشاء، وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك؛ وسبطا هذه الأمة، وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيّدا شباب أهل الجنة، وأبوهما (والذي بعثني بالحق) خير منهما. يا فاطمة! والذي بعثني بالحق إنّ منهما مهدي هذه الأمة. إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً وتظاهرت الفتن وانقطعت السبل وأغار بعضُهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقّر كبيراً؛ فيبعث الله عند ذلك منهما مَن يفتح حصون الضلالة وقلوباً غلف".(6)
عن أبي عبد الله(ع) قال: دخلت فاطمة(ع) على رسول الله(ص) وعيناه تدمع، فسألته: مالك؟ فقال: إن جبرئيل(ع) أخبرني أنّ أمّتي تقتل حسيناً، فجزعتْ وشقّ عليها، فأخبرها بمن يملك من ولدها، فطابت نفسُها وسكنت.(7)
5/ فاطمة(ع) أسوة المهدي(ع) وقُدوته:
لقد جعل الله تبارك وتعالى نبيّه القدوة والأنموذج الكامل الذي يجب أن تقتدي به أمّته وتسير على هدى نهجه، فقال عزّ من قائل: «لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ».(8) وكانت فاطمة(ع) مرآةً لأبيها، تُحاكيه _كما لم يُحاكِهِ أحد_ في سمته وهديه وحديثه وسيرته، حتّى أنّها(ع) أشبهته في مشيته ونُطقه. روي عن عائشة قالت: ما رأيتُ أحداً أشبه سمتاً ودلاًّ وهدياً برسول الله(ص) في قيامه وقُعوده من فاطمة.(9)
وقد صرّح رسول الله(ص) في حقّ ابنته الزهراء(ع) أنّ الله تعالى يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها. روي عنه(ص) أنّه قال لفاطمة(ع): إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك؛ مَن آذاها فقد آذاني، ويُريبني ما رابها ويؤذيني ما آذاها.(10)
ونجد إمامنا المنتظر(ع) يقول: "في ابنة رسول الله(ص) لي أُسوة حسنة".(11)
6/ فاطمة(ع) والمهدي(ع) في سورة القدر:
يروي السيد البحراني عن الإمام الصادق(ع) في تفسير سورة القدر، قال: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» يعني فاطمة، في قوله تعالى: «تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها...» «والرُّوحُ»، روح القدس وهي فاطمة عليها السلام ، ـ «حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ» يعني: حتّى يقوم القائم(ع).(12)
7/ الزهراء(ع) بقية النبوة، والمهدي(ع) بقية الأنبياء وسلالة النبوة وبقية الله:
بعد أن ألقت الزهراء عليها السلام خطبتها المشهورة في قصة فدك وعادت أدراجها إلى بيتها، خاطبها أمير المؤمنين(ع) بكلمات جاء فيها: "يا ابنة الصفوة وبقية النبوة".(13) روت السيدة حكيمة قصّة ولادة الإمام المهدي(ع)، وجاء فيها أنّ المهدي(ع) لمّا وُلد وجاءت به إلى أبيه الإمام العسكري(ع)، قال له: "تكلّم يا حجّة الله وبقية الأنبياء ونور الأصفياء وغوث الفقراء وخاتم الأوصياء ونور الأتقياء".(14)
روي عن الإمام العسكري(ع) (في حديث) أنّه قال في وصف الإمام المهدي(ع): "الذي تجتمع فيه الكلمة، وتتمّ به النعمة، ويُحقّ الله الحقّ ويُزهق الباطل، فهو مهديّكم المنتظر، ثم قرأ: بسم الله الرحمن الرحيم «بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ»(15) ثم قال لنا: واللهِ هو بقيّة الله.(16)
رحلة رقم (29)
اين قبر السيدة الزهراء? وماعلاقة اخفاء القبر حتى ظهور الامام المهدي؟!
جاء في جواب المركز عن سبب بقاء القبر الشريف للسيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) إلى حين ظهور الإمام الى عدة احتمالات هي:
1- ليكون دليلاً على صحة ظهور الإمام الحجة (عجل الله فرجه) باعتبار أن موقع القبر لا يعرفه إلا هو (عجل الله فرجه).
2- لأن الرسالة التي أرادتها السيدة الزهراء (عليها السلام) من حكمة الإخفاء للقبر قد انتقت مع الظهور الشريف للإمام المهدي (عجل الله فرجه) .
3- لتكون هذه الآية حجة على من لم يتبع الإمام (عجل الله فرجه) أو المردد في الإتباع وعدمه حتى إذا علم ذلك منه (عجل الله فرجه) قطع أمره في الإتباع أو ثبتت عليه الحجة في عدمه.
4- ليثير بذلك عواطف الأتباع له (عجل الله فرجه) فيرون أنفسهم أصحاب ثأر عليهم أن لا ينسوه فيزدادون حماساً وولاءاً وانطلاقاً.
5- ليؤكد أن الزهراء (عليها السلام) لا ترضى أن يكون ثأرها إلا بهذا المستوى من العمل العالمي والجهد الأممي وهذا يحقق هدفها في رغبتها بهداية العالم وانقاذ الهيئة البشرية من مظاهر الظلم التي ثارت عليها وانتفضت ضدها.
واما بخصوص اخفاء قبرها عليها السلام أشار المركز الى وجود عدد من الاحتمالات هي:
1- إن الزهراء (ع) قد أوصت أميرالمؤمنين (عليه السلام) في أن يخفي قبرها (عليها السلام) ، حيث روي عن الإمام الحسين (عليه السلام) قال: ( لما مرضت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وصّت إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) أن يكتم أمرها ويخفي خبرها, ولا يؤذن أحداً بمرضها, ففعل ذلك وكان يمرضها بنفسه وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رضي الله عنها على الاستسرار بذلك كما وصّت به. فلما حضرتها الوفاة, وصّت أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يتولّى أمرها, ويدفنها ليلاً ويعفي قبرها, فتولى ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) ودفنها وعفى موضع قبرها) (أمالي المفيد ص 281 ح 7 , أمالي الطوسي ح 1 ص 107).
2- هناك بعض الروايات تعرضت لبعض وجوه الحكمة من دفن الزهراء (عليها السلام) سراً واخفاء قبرها (عليها السلام)، منها: عن ابن نباتة قال: سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن علة دفنه لفاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسلم ليلاً؟ فقال (عليه السلام): ( إنها كانت ساخطة على قوم كرهت حضورهم جنازتها وحرام على من يتولاهم أن يصلي على أحد من ولدها ) (أمالي الصدوق ص 523).
3- ان دفن الزهراء (عليها السلام) سراً واخفاء قبرها يكشف عن أكثر من حقيقة:
أ- أن يتساءل المسلمون عن السبب الذي لاجله لم تحظ الزهراء (عليها السلام) بما حظيت به نساء عصرها من أن يكون لها قبر مع أنها المرأة الاولى في الكون فضلاً وتقوى وهدى.
ب- موقفها تجاه الذين ظلموها وغصبوا حقها وباعوا آخرتهم بدنياهم.
ج- التعبير الحقيقي عن مرارة الأحداث التي تجرعتها ممن ظلمها.
مركز الابحاث العقائدية
رحلة رقم (27)
ما علاقة السيدة فاطمة الزهراء عليها السلام مع المهدي عليه السّلام ووجه التشابه بينهما ؟
1/ لا يوجد بيعة لأحد في عنقهما.
2/ القوة والحزم في طلب الحق والوقوف بوجه الطواغيت والباطل .
3/ احد التفاسير (السر المستودع في الزهراء عليها السلام) هو الإمام المهدي عليه السلام .
4 / وَمَن قُتِلَ مَظلُوماً فَقَد جَعَلنَا لِوَلِيِّهِ سُلطَاناً فَلاَ يُسرِف فِّي القَتلِ إِنَّهُ كَانَ مَنصُوراً (الإسراء:33) إن الامام المهدي (عليه السلام) يقوم بأخذ الثأر من ظالمي السيدة الزهراء (عليها السلام) وسائر الأئمة(عليهم السلام)الذين قتلوا ظلماً وعدوناً من قبل الطغاة والظالمين. ويؤيده ما ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى ( وَمَن قُتِلَ مَظلُوماً) ، قال: ذلك قائم آل محمد.
5/ ان الرسول صلى الله عليه وآله بشر السيدة فاطمة عليها السلام بالإمام المهدي عليه السلام حيث قال: سبطا هذه الأمة، وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيّدا شباب أهل الجنة، وأبوهما(والذي بعثني بالحق) خير منهما، يا فاطمة! والذي بعثني بالحق إنّ منهما مهدي هذه الأمة، إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً وتظاهرت الفتن وانقطعت السبل وأغار بعضُهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً ولا صغير يوقّر كبيراً؛ فيبعث الله عند ذلك منهما مَن يفتح حصون الضلالة وقلوباً غلف".
6/ فاطمة (عليها السلام) والمهدي (عليه السلام) في سورة القدر: يروي السيد البحراني عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير سورة القدر، قال: لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، يعني فاطمة، في قوله تعالى: تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيها ،(والرُّوحُ) روح القدس وهي فاطمة (عليها السلام) ، حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ يعني: حتّى يقوم القائم (عليه السلام).
7/ الزهراء (عليها السلام) بقية النبوة، والمهدي (عليه السلام) بقية الأنبياء.
8/ الزهراء (عليها السلام) والمهدي (عليه السلام) كلاهما تحدّث في بطن أمّه.
9/ أن السيدة فاطمة عليها السلام سُمّيت بالزهراء لأنّ نورها زهرت به السماوات"، وفي رواية المفضّل بن عمر عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: إذا قام قائمنا أشرقت الأرض بنور ربّها واستغنى العباد عن ضوء الشمس وذهبت الظلمة ،وفي رواية سأل أبو هاشم العسكري عن الإمام العسكري (عليه السلام): لِم سُمّيت فاطمة الزهراء؟ فقال: كان وجهها يُزهر لأمير المؤمنين عليه السلام من أوّل النهار كالشمس الضاحية، وعند الزوال كالقمر المنير، وعند غروب الشمس كالكوكب الدرّي، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): المهدي رجل من ولدي، وجهه كالكوكب الدريّ.
10/ الزهراء (عليها السلام )المنصورة والمهدي (عليه السلام) المنصور ،روى الإمام الصادق (عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)أنّه(صلى الله عليه وآله) سأل جبرئيل عن نور ساطع شاهده،فقال جبرئيل:إنّ ذلك النار للمنصورة في السماء وفي الأرض فاطمة، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حبيبي جبرئيل، ولم سمّيت في السماء المنصورة، وفي الأرض فاطمة؟ قال: سُمّيت في الأرض فاطمة لأنها فُطمت وشيعتها من النار، وفُطم أعداؤها من حبّها، ثم قال: وهي في السماء المنصورة،وذلك قوله عز وجل:وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ ، يعني نصر الله لمحبيها ، أمّا الإمام المهدي (عليه السلام) فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) في تفسير قوله تعالى: الم * غُلِبَتِ الرُّومُ، قال: هم بنو أميّة؛ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ: عند قيام القائم.
صفحة في الفيس بوك للمنشورات المهدويه (سوالف مهدوية)
رحلة رقم (26)
ما هي الصفة المشتركة بين فاطمة الزهراء (سلام الله عليها) وبين الحجة المنتظر (عجّل الله فرجه)؟
له أُسوة بالزهراء (عليها السلام):
إنَّ من أهمّ أنظمة الحياة التربوية هو نظام الأُسوة والقدوة الحسنة، وهو نظام دعا له القرآن الكريم بقوله عزَّ من قائل: ﴿لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً﴾ [الأحزاب: 21]، وقال تعالى: ﴿قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ﴾ [الممتحنة: 4]. والإمام المهدي (عجّل الله فرجه) اتَّخذ من جدَّته الطاهرة الزهراء (عليها السلام) أُسوة حسنة، فقد ورد في أحد توقيعاته (عجّل الله فرجه): وفي ابنة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لي أُسوة حسنة. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص286، ح 245]
فما هو وجه التأسّي بها (عليها السلام)؟
إنَّ التأسّي بها (عليها السلام) من عدَّة وجوه:
الأوَّل: إنَّها (عليها السلام) قد غُصِبَ حقُّها وإرثها في حياتها، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه) كذلك، غُصِبَت حقوقه، وقُسِّم إرثه في حياته. عن أحمد بن إبراهيم، قال: دخلت على حكيمة بنت محمّد بن عليٍّ الرضا (عليهما السلام) سنة اثنتين وستّين ومائتين، فكلَّمتها من وراء حجاب، وسألتها عن دينها، فسمَّت لي مَنْ تأتمُّ بهم، قالت: فلان ابن الحسن، فسمَّته. فقلت لها: جعلني الله فداكِ، معاينةً أو خبراً؟ فقالت: خبراً عن أبي محمّد (عليه السلام) كتب به إلى أُمِّه، قلت لها: فأين الولد؟ قالت: مستور، فقلت: إلى من تفزع الشيعة؟ قالت: إلى الجدَّة أُمّ أبي محمّد (عليه السلام)، فقلت: (أقتدي) بمن وصيَّته إلى امرأة. فقالت: اقتدِ بالحسين بن عليٍّ (عليهما السلام) أوصى إلى أُخته زينب بنت عليٍّ (عليه السلام) في الظاهر، وكان ما يخرج من عليِّ بن الحسين (عليهما السلام) من علم يُنسَب إلى زينب ستراً على عليِّ بن الحسين (عليهما السلام). ثمّ قالت: إنَّكم قوم أصحاب أخبار أمَا رويتم أنَّ التاسع من ولد الحسين (عليه السلام) يُقسَّم ميراثه وهو في الحياة. [الغيبة للشيخ الطوسي: ص230، ح 196]
الثاني: إنَّها (عليها السلام) لم تتَّق من الأعداء عندما طالبت بحقِّها، فوقفت أمام السلطات العاتية، وفي مسجد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لتطالب بحقوها ولتكشف أباطل المبطلين من دون أيَّة تقيَّة. وكذلك الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) سيطالب بالحقِّ ويُطبِّقه عندما يأذن الله تعالى من دون أيَّة تقيَّة، بل سترتفع التقيَّة في زمن ظهوره حتَّى عن الشيعة.
الثالث: إنَّها المدافعة عن الولاية وإمام زمانها في زمن قلَّ فيه الناصر، وهي التي أبرزت هذه العقيدة الإيمانية أمام الملأ. والإمام المهدي (عجّل الله فرجه) سيكشف للناس هذه الحقيقة الإيمانية، وستكون الدولة إسلاميَّة محمّدية علوية لا غير.
الرابع: إن مولاتنا الزهراء (عليها السلام) قد تم تغييب قبرها، فلا أحد يصل إليه، والإمام المهدي (عجّل الله فرجه) أيضاً غاب فلا أحد يصل إليه اليوم.
الخامس: إن الناس لم يعرفوا حق فاطمة (عليها السلام) بل جهلوا حقها واستخفّوا بحرمتها، وكذا حصل مع الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) حيث جهله الكثير واستخفّوا بحرمته.
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
رحلة رقم (24) ،، تتمه الرحلة
ويبدو - والله العالم - أن إطلاق اسم الموعود على الإمام المهدي هو باعتبارين:
الاعتبار الأول: ما روي عَنْ دَاوُدَ بْن أبِي القَاسِم، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْن عليًّ الرَّضَا فَجَرَى ذِكْرُ السُّفْيَانِيَّ وَمَا جَاءَ فِي الرَّوَايَةِ مِنْ أنَّ أمْرَهُ مِنَ المَحْتُوم فَقُلْتُ لأبِي جَعْفَرٍ :هلْ يَبْدُو للهِ فِي المَحْتُوم؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْنَا لَهُ: فَنَخَافُ أنْ يَبْدُوَ لله فِي القَائِم ، قالَ:القَائِمُ مِنَ المِيعَادِ.
قال العلامة المجلسي: بيان: لعلَّ للمحتوم معان يمكن البداء في بعضها، وقوله: «من الميعاد» إشارة إلى أنَّه لا يمكن البداء فيه لقوله تعالى:إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ المِيعاد َ(آل عمران: 9؛ الرعد: 33). والحاصل: أنَّ هذا شيء وعد الله رسوله وأهل بيته، لصبرهم على المكاره التي وصلت إليهم من المخالفين، والله لا يخلف وعده.
الاعتبار الثاني: أن ظهوره، وانتصاره، وملأه الأرض قسطاً وعدلاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً، هو أمر من وعد الله تعالى، وهذا الوعد متعلق بالإمام المهدي، فيصدق عليه أنه الموعود.
تنبيه: إطلاق (الموعود) على السفياني لم يرد في رواية، وليس صحيحاً في حدّ نفسه، لأن الرواية المتقدمة عبّرت عنه بالمحتوم لا الموعود، ولا يصدق عليه أنه وعد لأن الوعد أمر مرغوب فيه، والسفياني أمر غير مرغوب فيه، فهو على أكثر تقدير من الوعيد. وهكذا فإن إطلاق (الموعود) على اليماني لم يرد في رواية، وإن كان هو وعداً، وليس كالسفياني.
الكاتب: الشيخ حسين عبد الرضا الأسدي
رحلة رقم (22) ،، تتمه الرحلة
إذا تبين هذا نقول:
أولاً: لم نجد رواية صحيحة تدل على وقوع السبي زمن الظهور على يدي الإمام المهدي (عليه السلام)،نعم، هناك رواية ذكرها المقدسي في عقد الدرر، حيث روى: (ثم إن المهدي يبعث جيشاً إلى أحياء كلب، والخائب من خاب من سبي كلب..) وهي رواية عامية –وليست شيعية- وضعيفة السند، ولا تصح للاستدلال أو الجزم بوقوع مضمونها.وقال الشيخ الكوراني معلِّقاً على هذا الحديث: (لم نجد أصلا لهذا الحديث الطويل في مصادر الفريقين إلا مرسلة عقد الدرر).
ثانياً: إن وقوع السبي عند الحرب ليس أمراً لازماً، يعني أنه لا يجب على الحاكم أن يسبي الكفار، وإنما هو أمر تابع لولي الأمر، وقد روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يسْبِ المشركين في معركة أحد، وإنما اتبع قوله تعالى (حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها)، فلم يكن الرسول (صلى الله عليه وآله) ملزماً بالسبي، وإنما كان مخيراً بين المنّ عليهم وإطلاق سراحهم بعد أسرهم وسبيهم، وبين أن يفدي الأسير نفسه بشيء معين من مال أو غيره.
وفي هذا المجال قال الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: وتبين الجملة التالية حكم أسرى الحرب الذي يجب أن يقام بحقهم بعد انتهاء الحرب ، فتقول : فإما منا بعد وإما فداء وعلى هذا لا يمكن قتل الأسير الحربي بعد انتهاء الحرب ، بل إن ولي أمر المسلمين - طبقا للمصلحة التي يراها – يطلق سراحهم مقابل عوض أحياناً ، وبلا عوض أحياناً أخرى ، وهذا العوض – في الحقيقة - نوع من الغرامة الحربية التي يجب أن يدفعها العدو .
طبعاً يوجد حكم ثالث في الإسلام فيما يتعلق بهذا الموضوع ، وهو استعباد الأسرى ، إلا أنه ليس أمراً واجباً ، بل هو راجع إلى ولي أمر المسلمين ينفذه عندما يراه ضرورة في ظروف خاصة ، ولعله لم يرد في القرآن بصراحة لهذا السبب ، بل بينته الروايات الإسلامية فقط .
يقول فقيهنا المعروف (الفاضل المقداد) في كتابه (كنز العرفان): إن ما روي عن مذهب أهل البيت ( عليهم السلام ) أن الأسير لو أسر بعد انتهاء الحرب فإن إمام المسلمين مخير بين ثلاث : إما إطلاقه دون شرط ،أو تحريره مقابل أخذ الفدية ،أو جعله عبداً ، ولا يجوز قتله بأي وجه.
ثالثاً: لو فرضنا وقوع السبي آنذاك، فلا شك أنه يكون وفق الحكم الشرعي الذي يعرفه الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه) أكيداً، لأنه معصوم، وهو يعرف الملاكات الواقعية للأحكام، فيكون وقوع السبي موافقاً لما يريده الله تبارك وتعالى.
رابعاً: على أنه يظهر من بعض الروايات أن الإمام المهدي (عليه السلام) سيعمل على إعتاق كل المماليك والعبيد في كل الأرض، فقد روي عن عبد الله بن شريك ، عن أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام ، أنه قال : لا تكون حرب سالمة حتى يبعث قائمنا ثلاثة أراكيب في الأرض ركب يعتقون مماليك أهل الذمة ، وركب يردون المظالم .
الكاتب: الشيخ حسين عبد الرضا الأسدي
رحلة رقم (20)
هل يمكن للإنسان العادي رؤية الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)؟
أمّا من حيث الرؤية على وفق المصلحة التي يحدِّدها الإمام نفسه (عجّل الله فرجه) فهو أمر ممكن ولا توجد استحالة عقلية في ذلك. ولكن لابد أن يعلم أنه لم نكلَّف في عصر الغيبة الكبرى بطلب رؤية الإمام (عجّل الله فرجه) والمطلوب منّا هو السعي الحثيث لتحصيل رضاه (عجّل الله فرجه) ولنكن على حذر ممن يدّعون الرؤية للوصول إلى مآربهم باستغلال هذه المسألة ذات الزخم العاطفي في قلوب شيعة أهل البيت (عليهم السلام) وقد حذّرت الروايات من أمثال هؤلاء.
عن أبي محمد الحسن بن أحمد المكتب قال:كنت بمدينة السلام في السنة التي توفي فيها الشيخ علي بن محمد السمري (قدس الله روحه) فحضرته قبل وفاته بأيام فأخرج إلى الناس توقيعاً نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم يا علي بن محمد السمري أعظم الله أجر إخوانك فيك فإنك ميت ما بينك وبين ستة أيام فاجمع أمرك ولا توصِ إلى أحد يقوم مقامك بعد وفاتك، فقد وقعت الغيبة الثانية فلا ظهور إلّا بعد إذن الله (عزَّ وجلَّ) وذلك بعد طول الأمد وقسوة القلوب، وامتلاء الأرض جوراً، وسيأتي شيعتي من يدّعي المشاهدة، ألا فمن ادّعى المشاهدة قبل خروج السفياني والصيحة فهو كاذب مفتر، ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم. [كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: ص516، ب45، ح44]
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
رحلة رقم (18)
هل هناك ما يدل على أن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) سيستغني عن كل العلماء في كل الاختصاصات ويقوم هو بإعطاء النتائج الجاهزة في كل العلوم؟
يتضح الجواب من النقاط التالية:
النقطة الأولى: إن عالمنا عموماً هو عالم الأسباب والمسببات، لا عالم المعجزات، إلا نادراً وفي حالات خاصة..ولذا، كان على الناس القيام بما عليهم من تأليف الأسباب وتحصيلها للوصول إلى النتائج. وفي ذلك روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنَّه قال: «أبى الله أنْ يجري الأشياء إلَّا بأسباب، فجعل لكلِّ شيء سبباً، وجعل لكلِّ سبب شرحاً وجعل لكلِّ شرح علماً، وجعل لكلِّ علم باباً ناطقاً، عرفه من عرفه، وجهله من جهله».
النقطة الثانية: نحن نؤمن بأن المعصوم (عليه السلام) لديه من العلوم اللدينة ما ينكشف له معها الواقع، وأنهم على اطلاع كامل بعلوم الكون. عن الإمام الحسين (عليه السلام) قال: لما أنزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله): (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) قام أبو بكر وعمر من مجلسهما فقالا: يا رسول الله، هو التوراة؟ قال: لا. قالا: فهو الإنجيل؟ قال: لا. قالا: فهو القرآن؟ قال: لا. قال: فأقبل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هو هذا، إنه الامام الذي أحصى الله تبارك وتعالى فيه علم كل شيء. وقال أَبُو جَعْفَرٍ الباقر (عليه السلام): والله، إِنَّا لَخُزَّانُ الله فِي سَمَائِه وأَرْضِه، لَا عَلَى ذَهَبٍ ولَا عَلَى فِضَّةٍ إِلَّا عَلَى عِلْمِه.
النقطة الثالثة: لا توجد قاعدة عقلية أو عقلائية توجب أن يعطي العالم كل علومه للغير، وإنما هو يُعطي وفق الحكمة. ولذا كان أمير المؤمنين يقول:(هَا إِنَّ هَاهُنَا لَعِلْماً جَمّاً (وأَشَارَ بِيَدِه إِلَى صَدْرِه) لَوْ أَصَبْتُ لَه حَمَلَةً) .وروي عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال:إنما علينا أن نلقي إليكم الأصول، وعليكم أن تفرعوا. وروي عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال: علينا إلقاء الأصول إليكم، وعليكم التفريع.
السؤال : ما هو الدليل القطعي على ولادة الإمام الحجة (عجّل الله فرجه)؟ وكيف نثبته للمخالفين؟
الإجابة:
بسم الله الرحمن الرحيم
إن كان المراد إقناع المعاند والمجادل فلا يمكن ذلك ولو جئنا له بعشرات الأدلة القطعية، أمّا إذا كان القصد هو تعريف الجاهل البسيط وغير المعاند، فالأمر أسهل بكثير،
فيكفي في الولادة اعتراف الأب، وقد اعترف الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) في أكثر من مجال ومكان وزمان بولادة ابنه (عجّل الله فرجه)،
كما أن أحد الأدلة هو إقرار القابلة، أي المرأة القائمة على الولادة، وقد اعترفت هي كذلك كما في رواية السيدة حكيمة عمة الإمام العسكري (عليه السلام)،
والدليل الثالث هو عدم خلو الأرض من الحجة مضافاً إلى الخلافة في اثني عشر إماماً كما جاء في الروايات،
فمن خلال المقدمة الأولى والثانية نقطع بضرورة أن الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) مات ولديه ولد وهو الحجة (عجّل الله فرجه) من بعده وإلّا -أي لو مات ولم يخلف -لكان ذلك تكذيباً للحديثين السابقين وهما عدم خلو الأرض والخلافة في اثني عشر إماماً، وهنالك أدلة أخرى كثيرة قطعية على ولادته (عجّل الله فرجه).
ودمتم برعاية المولى صاحب العصر والزمان (عجّل الله فرجه)
رحلة رقم (39)
كيف تنفذ الأمة مشروع الانتظار؟
إدارياً، لابد في كل دولة ناجحة من ثلاث سلطات، تتحمل مهمة التقدم بالدولة شعباً ومسؤولية، هذه السلطات هي:
1- السلطة التشريعية: وهي سلطة إعطاء الأوامر، ومهمتها النظر في أمور الدولة، ومعرفة ما تحتاجه من مشاريع ضرورية للحياة، فتصدر أوامرها بتنفيذها.
2- السلطة التنفيذية: وهي سلطة تنفيذ أوامر السلطة التشريعية، ومهمتها تحويل الأوامر النظرية للسلطة التشريعية إلى أعمال مرئية على أرض الواقع، ولابد لها من الاعتماد على أصحاب الاختصاص كما في السلطة التشريعية كذلك.
3- سلطة المراقبة: وهي سلطة متابعة أعمال السلطة التنفيذية، ومهمتها متابعة الأعمال التي تقوم بها السلطة التنفيذية ومعرفة مدى مطابقتها للأوامر التي أصدرتها السلطة التشريعية، ومدى مطابقة المشاريع للشروط الموضوعية للمشروع.
وهنا فإن أكثر ما نحتاجه هو النزاهة والإخلاص، لأنه مهما كانت المشاريع التشريعية كثيرة، فإنه من دون مراقبة نزيهة لن نضمن مشروعاً مفيداً مطابقاً للمواصفات الواقعية! ولا أعتقد أن هذا الأمر يحتاج إلى أكثر من النظر إلى الواقع المعاش!
وانتظار الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) مشروع حيوي كبقية المشاريع الحياتية، وإذا أريد له أن يكتمل فلابد أن تكتمل عناصره الثلاثة: التشريعية والتنفيذية والمراقبة، أمّا التشريع فقد تقدم الكلام عنه وهو أن هدف رسالات السماء كان التمهيد والدعوة للقضية المهدوية، وآخرها الجهود المركزة التي بذلها النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في ذلك، فالتشريع من هذه الجهة قد اكتمل على أحسن وجه، خصوصاً وإن القائم به معصوم.
رحلة رقم (37)
هل يمكن للإنسان المؤمن أن يباشر الحديث مع الملائكة؟
حتى تتضح الصورة نذكر الأمور التالية:
الأمر الأول: إن في شخصية الإنسان جزئين أساسيين: جزءًا ماديًا هو البدن، وجزءًا معنويًا مجردًا الروح، والبدن في الحقيقة هو عبارة عن سجن للروح، وهذا أحد معاني ما روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أنَّ الدنيا سجن المؤمن، ولذلك فإن الروح تحتاج في عالم الدنيا إلى البدن وآلاته من أجل التكامل. فالروح لا تستطيع أن تفعل أفعالها إلا من خلال البدن، فأنت تفعل بيدك وتتكلم بلسانك وتمشي برجلك وهكذا.
الأمر الثاني: إن للإنسان مشروعًا في هذه الحياة، هو التكامل الوجودي، والتكامل الوجودي يعني فيما يعنيه أن تسمو الروح في مدارج الكمال والقرب الإلهي حتى تصل إلى مرحلة تتجاوز الحدود المادية.كما روي عَنْ رَسُول اللَّه (صلى الله عليه وآله): قَالَ اللَّه عَزَّ وجَلَّ مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيّاً فَقَدْ أَرْصَدَ لِمُحَارَبَتِي، ومَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدٌ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْه، وإِنَّه لَيَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّافِلَةِ حَتَّى أُحِبَّه، فَإِذَا أَحْبَبْتُه كُنْتُ سَمْعَه الَّذِي يَسْمَعُ بِه، وبَصَرَه الَّذِي يُبْصِرُ بِه، ولِسَانَه الَّذِي يَنْطِقُ بِه ويَدَه الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، إِنْ دَعَانِي أَجَبْتُه، وإِنْ سَأَلَنِي أَعْطَيْتُه.
وهذا يعني: أن الإنسان عندما يتكامل فإنه يبدأ بالتحرر عن قيود البدن شيئًا فشيئًا، حتى تتمكن الروح من التعامل مع المجردات واللا مرئيات، حيث تنفتح عين الروح أوسع مما تنفتح به عين البدن، ولذلك كان الأولياء يرون الملائكة ويسمعون حديثهم، وليس هناك أوضح من الإيحاء إلى أم موسى (عليهما السلام) والسيد مريم (عليها السلام) وتحديث الملائكة للسيدة الزهراء (عليها السلام) وغيرهن من الرجال كثير.
ومن الشواهد على ذلك أيضًا: أن القرآن الكريم يحكي بكل صراحة أن الملائكة والجن والشياطين كانت تحت إمرة النبي سليمان (عليه السلام)، أن هناك عفريتًا من الجن تحدّث مع النبي سليمان (عليه السلام) في أن يأتيه بعرش بلقيس قبل أن يقوم من مقامه، ولا شكّ أن من الموجودين ضمن هذه الجلسة كانوا من البشر، بل إن الذي عنده علمٌ من الكتاب امتثل لأمر سليمان (عليه السلام) في أن يأتيه بعرش بلقيس قبل أن يرتدّ إليه طرفه. وهو من البشر أيضًا.
(1) المناقب لابن شهرا شوب ج3، ص321.
(2) ضياء الصالحين، ص221.
(3) في رحاب النبي وآل بيته الطاهرين - محمد بيومي ص 39.
(4) الفضائل الخمسة من الصحاح الستة : 3 / 181، دلائل الإمامة للطبري: 139:47.
(5) إحقاق الحق لسيد نور الله الحسيني المرعشي التستري: ج5، ص117.
(6) الخصال لشيخ الصدوق: ص588، ح12
(7) كشف الغمة للاريلي: ج1، ص363، وبحار الأنوار: ج43، ص134.
(8) بحار الأنوار للمجلسي ج34، ص156- 157.
(9) بحار الأنوار للمجلسي ج43، ص218، ح49.
(10)مكيال المكارم في فوائد الدعاء للقائم للحاج ميرزا محمد تقي الموسوي ج1، ص149.
رحلة رقم (34)
السيدة فاطمة (عليها السلام) قدوة العارفين بإمام كل زمان
إن الصديقة الزهراء (عليها السلام) لها من مقام علمي عالي تام،لكونها من أهل بيت العصمة الراسخين في العلم، وهذا ما ليس لأحد منا أن يبلغه لأنه مقام إلهي يُعطى للمصطفين من خواص خلقه، لذا نحن لن نتكلم عن الاقتداء وفق هذا المستوى لأنه خاص -كما قلنا-.
فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "إن الله تعالى أعطى عشرة أشياء لعشرة من النساء...إلى أن قال: والعلم لفاطمة زوجة المرتضى"(1). ولكن نحن نتكلم عن جانب العلم الاكتسابي الذي يُمكن أن يُحصله كل فرد منا ليكون عارفاً بإمام زمانه وبمقدار ما ينشرح صدره له، ويستضئ بنور العلم الإلهي ليهتدي بهداه، ويثبت بذلك على صراط الله.
فالعلم بالإمام هو على مراتب:
1- فهناك مرتبة العلم العامة تلك المرتبة التي يحملها عوام الناس، كمعرفة الاسم والنسب وغيرها من الأمور العامة، وهذه المرتبة في الغالب لا يترتب عليها أثر بحيث تجعل حامليها من العارفين، ولكنها تكون مقدمة للارتباط به ومعرفته.
2- وهناك مرتبة كمعرفة شيء من مقامات الإمام الإلهية، وتتبع سيرته ومنهجه الإلهي والعمل وفقها، وهذه مرتبة أعلى من تلك لما لها من أثر طيب بمقدار ما.
3- وهناك مرتبة علم أعلى وهي للخواص ويترتب على أثرها درجة معرفة عليا تجعل الإنسان يعيش حالة الفناء والحب التام لإمامه، وهي المرتبة التي وصلت إلى أعلى مراتبها الصديقة الزهراء (عليها السلام)؛ ذلك العلم الموجب لحالة التسليم والطاعة التامة والانقياد، والعمل بمنهجه، ونصرته والدعوة إليه وتعريف الآخرين به.
يمكن أن نتوصل لشيء حول حقيقة المعرفة بالإمام حينما نقرأ ما نُقل عن إمامنا الصادق (عليه الصلاة والسلام) لما سئل (وجواب السؤال هنا يشمل معرفة جميع الأئمة، وإن كان وارداً في زيارة إمامنا الثامن الضامن فقط) حيث قال: " من زاره عارفاً بحقه، قِيل له ما عرفان حقه؟ قال:العلم بأنه إمام مفترض الطاعة غريب شهيد"(2)
ويعلق أحد الفضلاء حول هذه الفقرة بهذه الالتفاته بقوله: "إن الإمام يُشير إلى مطلبين يجب أن يتحققا بالموالي وهما الانقياد على المستوى الجوارحي (الفعلي) بالعمل بمنهج الإمام الذي عبر عنه بوجوب الطاعة،وعلى المستوى الجوانحي (القلبي) أي حالة الارتباط المشاعري الوجداني بذلك الإمام من خلال استشعار مظلوميته وغربته، فهذان من أهم المقومات الموجبة للاتصال بالإمام وبتالي معرفته".
رحلة رقم (32)،، تتمة الرحلة
8/ الزهراء(ع) سيّدة النساء والمهدي(ع) سيّد الخلق:
لقّب رسول الله(ص) بضعته الزهراء(ع) بلقب (سيدة نساء العالمين) في موارد كثيرة، منها: ما رواه ابن عباس، أن رسول الله(ص) قال: وأمّا ابنتي فاطمة فإنّها سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين.(17)
أمّا المهدي المنتظر فقد لقّب بـ (سيّد الخلق).روى الحسن بن شاذان الواسطي قال: كتبتُ إلى أبي الحسن الرضا(ع): (أشكو جفاء أهل واسط وحملهم عليّ) وكانت عصابة من العثمانية تؤذيني، فوقّع بخطّه: "إنّ الله تبارك وتعالى أخذ ميثاق أوليائنا على الصبر في دولة الباطل، فاصبر لحكم ربّك، فلو قد قام سيّد الخلق لقالوا: «يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ».(18)،(19)
9/ الزهراء(ع)الطاهرة والمهدي(ع)الطاهر:
فاطمة الزهراء(ع) إحدى أجلى مصاديق آية التطهير بنصّ القرآن الكريم وباعتراف المؤالف والمخالف، نصّ الحقّ تبارك وتعالى على أنّه أذهب عنها الرجس وطهّرها من الدنس وجعلها في بيوت أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمُه.روت أسماء بنت عميس أن رسول الله(ص) قال لها (في حديث): "أما علمتِ أنّ ابنتي فاطمة طاهرة مطهّرة؟".(20)روي عن الإمام الصادق(ع) أنّه قال (في حديث):"إذا كان ذلك فكونوا أحلاس بيوتكم حتّى يظهر الطاهر بن المطهّر ذو الغيبة".(21)
10/ الزهراء(ع) المُحدَّثة والمهدي(ع) المحدَّث:
وردت روايات كثيرة تصف الزهراء(ع) بالمحدَّثة التي تحدّثها الملائكة، سُئل الإمام الصادق(ع) عن مصحف فاطمة(ع)، فسكت(ع) مليّاً ثم قال: "إنّكم لتبحثون عمّا تريدون وعمّا لا تريدون. إن فاطمة مكثت بعد رسول الله(ص) خمسة وسبعين يوماً، وكان دخلها حزنٌ شديد على أبيها، وكان جبرئيل يأتيها فيُحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها ويُخبرها عن أبيها ومكانه، ويُخبرها بما يكون بعدها، وكان عليّ(ع) يكتب ذلك، فهذا مصحف فاطمة.(22)
أما المهديّ المنتظر(ع) فقد وردت روايات كثيرة تصفه بالمحدّث مع باقي الأئمّة الطاهرين المعصومين(ع). روي عن الإمام الباقر(ع): منّا اثنا عشر محدَّثاً،السابع من ولدي القائم.(23) روى الإمام الجواد(ع) أنّ أمير المؤمنين(ع) قال لابن عبّاس (في حديث): "أنا وأحد عشر من صُلبي أئمّة محدّثون".(24)
11/ الزهراء(ع) نور أهل السماء والمهدي(ع) نور أهل الأرض:
روي عن النبي(ص)(في حديث طويل) قال: "... ثمّ أظلمت المشارق والمغارب، فشكت الملائكة إلى الله تعالى أن يكشف عنهم تلك الظلمة، فتكلّم الله جلّ جلاله كلمة فخلق منها روحاً، ثم تكلّم بكلمة فخلق من تلك الكلمة نوراً، فأضاءت النور إلى تلك الروح وأقامها مقام العرش فزهرت المشارق والمغارب،فهي فاطمة الزهراء(ع)، ولذلك سُمّيت الزهراء لأنّ نورها زهرت به السماوات".(25) يروي المفضّل بن عمر عن الإمام الصادق(ع) قال: إذا قام قائمنا أشرقت الأرض بنور ربّها واستغنى العباد عن ضوء الشمس وذهبت الظلمة.(26)
12/ الزهراء(ع) والمهدي(ع) كلاهما تحدّث في بطن أمّه:
روى المفضل بن عمر عن الإمام الصادق(ع) أنه قال (في حديث): إنّ خديجة(ع) لمّا تزوّج بها رسول الله(ص) هجرتها نسوة مكّة فكنّ لا يدخلن عليها ولا يُسلّمن عليها ولا يتركن امرأة تدخل عليها، فاستوحشت خديجة لذلك، وكان جزعها وغمّها حذراً عليه(ص)، فلمّا حملت بفاطمة كانت فاطمة عليها السلام تحدّثها من بطنها وتصبّرها.(27)
روت السيدة حكيمة قصّة ولادة الإمام المهدي(ع) (وهي رواية مفصّلة جاء فيها): "حتّى إذا كان آخر الليل وقت طلوع الفجر وثبت (نرجس) فزعةً، فضمتها إلى صدري وسمّيتُ عليها، فصاح أبو محمّد (العسكري)(ع) وقال: اقرأي عليها: «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ»، فأقبلتُ أقرأ عليها وقلت لها: ما حالك؟ قالت: ظهر الأمر الذي أخبركِ به مولاي. فأقبلتُ أقرأ كما أمرني، فأجابني الجنين من بطنها يقرأ مثل ما أقرأ، وسلّم عليّ. قالت حكيمة: ففزعتُ لما سمعتُ، فصاح بي أبو محمد(ع): لا تعجبي من أمر الله عزّ وجل، إنّ الله تبارك وتعالى يُنطقنا بالحكمة صغاراً، ويجعلنا حجّة في أرضه كباراً.(28)
رحلة رقم (30)
فاطمة الزهراء والمهدي المنتظر الامتداد والتجلي
الإمام المهدي(ع) امتداد للزهراء البتول(ع) ومرآة تتجلّى فيها الزهراء(ع) بكامل صفاتها، فأهداف المهدي(ع) هي أهداف فاطمة (ع)، ونهجه نهجها، وسلوكه سلوكها.الزهراء(ع) تبتهج إذا ورد ذكرٌ لولدها المهدي(ع)، ويسلو عنها حزنها اذا طرق سمعَها اسمه، إذ بدون المهدي(ع) الثائر الطالب بدم الحسين(ع) تشتدّ وطأة شهادة القتيل بكربلاء على أمّه الزهراء(ع)، وبدون البشارة بظهور المهدي(ع) تبقى رسالة أبي الزهراء(ع): محمّد المصطفى(ص) ورسالات الأنبياء ثماراً غير مقطوفة.
ولا يمكن للفرد المسلم التعرّف على المهدي(ع) من دون التعرّف على أمّه الزهراء(ع).الأم التي تفتخر بولدها، والولد الذي يُباهي بأمّه.وقد رأينا أنّ من المناسب التطرّق إلى بعض أوجه الارتباط والتشابه الموجودة بين هاتين الشخصيّتين العظيمتين في الآيات والروايات.
1/ المهدي(ع) من وُلد فاطمة(ع):
ورد في روايات الفريقين العامة والخاصّة أنّ رسول الله(ص) قال:"المهدي من عترتي من وُلد فاطمة".(1)وروي عن الإمام الحسين(ع)أنّه قال: قال رسول الله(ص) لفاطمة:"أبشري يا فاطمة، فإنّ المهدي منك".(2)وجاء في حديث اللوح المشهور: "وأعطيتُك يا محمّد مَن اُخرج من صُلبه (يعني عليّاً) أحد عشر مهديّاً،كلّهم من ذريّتك من البِكر البتول، آخر رجلٍ منهم اُنجي به من الهلكة".(3)
2/ المهدي(ع) في بيان الزهراء (ع):
يقول محمود بن الوليد: لمّا توفّي رسول الله(ص) كانت فاطمة(ع) تأتي قبور الشهداء وتأتي قبر حمزة وتبكي. قلتُ: يا سيدة النسوان! قد _واللهِ_ قطّعتِ نياط قلبي من بكائك. فقالت: يا أبا عمرو! لحقٌّ لي البكاء؛ فلقد اُصبت بخير الآباء رسول الله، واشوقاه إلى رسول الله.
قلتُ: هل نصّ رسول الله على عليّ بالإمامة؟ قالت: واعجباً! أنسيتم يوم غدير خم؟ قلت: قد كان ذلك؛ لكن أخبريني بما أشير إليك. قالت: أُشهد الله تعالى لقد سمعته يقول: عليّ خير من أخلّفه فيكم، وهو الإمام والخليفة بعدي، وسبطاي وتسعة من صلب الحسين أئمة أبرار؛ لئن اتّبعتموهم وجدتموهم هادين مهديين؛ ولئن خالفتموهم ليكون الاختلاف فيكم إلى يوم القيامة. قلت: يا سيدتي! فما باله قعد عن حقه؟ قالت: يا أبا عمرو! لقد قال(ص): مثل الامام مثل الكعبة؛ إذ تُؤتى ولا تأتي. ثم قالت: أما والله لو تركوا الحق على أهله واتّبعوا عترة نبيّه لما اختلف في الله اثنان، ولورثها سلف عن سلف وخلف بعد خلف، حتّى يقوم قائمنا التاسع من ولد الحسين.(4)
3/ المهدي(ع) في صحيفة الزهراء(ع):
حديث اللوح والصحيفة حديث مفصّل رواه الشيخ الصدوق في كتابه (كمال الدين) عن جابر بن عبد الله الأنصاري، جاء فيه: " فقال جابر: أشهد بالله أني دخلت على أمّك فاطمة في حياة الرسول(ص) أهنّئها بولادة الحسين؛ فرأيت في يدها لوحاً أخضر ظننت أنّه زمرد؛ ورأيت فيه كتاباً أبيض شبه نور الشمس؛ فقلت لها: بأبي وأمي يا بنت رسول الله(ص)! ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا اللوح أهداه الله جل جلاله إلى رسول الله(ص)؛ فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابني وأسماء الأوصياء من وُلدي؛ فأعطانيه أبي ليبشّرني بذلك. قال جابر: فأعطتنيه أمك فاطمة، فقرأتُه وانتسختُه:
بسم الله الرحمن الرحيم؛ هذا كتاب من الله العزيز (الحكيم) لمحمد نوره وسفيره وحجابه.إنّي لم أبعث نبياً فأكملتُ أيّامه وانقضت مدته إلاّ جعلتُ له وصيّاً؛ وإنّي فضّلتك على الأنبياء، وفضّلت وصيّك على الأوصياء، وأكرمتك بشبليك بعده وسبطيك حسن وحسين؛ فجعلت حسناً معدن علمي بعد انقضاء مدّة أبيه، وجعلت حسيناً خازن وحيي وأكرمته بالشهادة. بعترته أُثيب وأعاقب؛ أوّلهم (علي) سيّد العابدين وابنه شبيه جدّه المحمود محمّد الباقر لعلمي. سيهلك المرتابون في جعفر وانتجبت بعده موسى إن المكذّب بالثامن مكذّب بجميع أوليائي حق القول منّي لأقرنّ عينه بمحمد ابنه وخليفته من بعده وأختم بالسعادة لابنه علي وليه وناصري وأُخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن، ثم أكمل ذلك بابنه رحمة للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيّوب".(5)
رحلة رقم (28)
العلاقة بين غيبة الامام المهدي وتغيب قبر الزهراء (عليهما السلام)
تغيب قبر الزهراء وغيبة المام المهدي(عليهما السلام) اشارة لغياب الحق وأهله ،الزهراء تلك المرأة التي شاء الله أن يصطفيها ، ويذهب الرجس عنها ويطهرها تطهيرا من بين نساء العالمين ، وان يختار لها والدا كمحمد (صلى الله عليه واله وسلم) وزوجا كفؤا لها كعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) وابناءا كالحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنة (عليهما السلام) ، فكانت كما أرادها الله سبحانه وتعالى أن تكون مفخرة للأنبياء والمرسلين وأماً لكتاب الله المبين ، كما أشار إلى هذا المعنى الحديث الشريف (فاطمة أم أبيها) ،
وإذ لم يكن هذا الاصطفاء إلا بوجود الاستحقاق العالي الذي أهلها لتكون سيدة نساء العالمين ، فهي المؤمنة التقية ، والطاهرة الزكية ، والمجاهدة القوية ، والصابرة الممتحنة ، التي واجهت بهمة عالية وعزم لا يلين ، ويقين ثابت اعتى وأشرس هجمة بربرية ومؤامرة دنية تقودها عصابة من الجهل والظلام عاندت وكابرت وأصرت على زعزعت الرسالة عن رواسيها ، فما كان منها إلا أن تتصدى بنفسها وبإيمانها الراسخ ، وبيانها الواضح ، نصرة للحق وكشفا لمظلوميته بالرغم من أن أوصالها ترتعد ، وأحشاؤها تذوب خوفا وحذرا من عبث العابثين ، وغدرة المنافقين والافاكين ،
ولما لم تجد في ذلك المجتمع الذي ساده الجهل المطبق ، ناصرا ولا معين ، آلت على نفسها بدمعة غزيرة ، وأنة ثقيلة ، وحسرة كسيرة ، أن تتخذ مكانا قرب قبر أبيها ، معلنة بذلك ثورتها وغضبها بعد أن نفذت جميع وسائل النصرة والانتصار والتي كان المسبب الرئيسي لعدم نجاحها ، هو خذلان الأمة لها وتخلفها عن تعاليم نبيها فلم تبقى إلا أسلوبا آخر في سبيل الانتصار للحق وأهله الأسلوب الذي حاولت من خلاله إثارة وتأجيج مشاعر الأمة لا لأستعطافها ، وإنما للقيام بها في مواجهة الانحراف والمنحرفين والكفار والمنافقين ، والعود بها الى صراط الله المستقيم المتمثل بولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) .
أعلنت هذه الثورة وهي تحمل على كتفيها الشعار الخالد الذي أطلق عليه (بيت الأحزان) هذا البيت الذي اقلق وأزعج طواغيت زمانها ، وأجبرهم على اتخاذ وسائل الهدم والتسقيط لما رأوا أن لهذا البيت مصدرا للقوة والثبات على الحق ، إذ لم يكن نعي فاطمة (عليها السلام) يستهدف شخص أبيها وفقدانه أو يستهدف شيئا آخر ، وإنما كانت الغاية من المبالغة في النعي ، هي قيام الثورة والانتفاضة في وجه الظلم منذ أول وهلة لوقوعه على الأمة ، هذا من جانب ، ويستهدف المستقبل القريب للإسلام وأهله الأطهار وما يجري على المستضعفين من أبنائه من جانب آخر ،
ولما لم تجد من يدرك هذه الحقائق ، عمدت أن توصي زوجها علي (عليه السلام) بإعفاء قبرها وتغييبه عن الأنظار ، غضبا وأسفا وحزنا على هذه الأمة ، فجعلت من هذه الوصية إعلانا وإشارة الى غيبة ولدها الإمام المهدي (عليه السلام) الذي غيبته الأمة ، مواسية له بآلامها وحزنها ومظلوميتها ، وكأن المراد من هذه الأمة أن تشعر بالشعور الحقيقي تجاه مظلومية الزهراء (عليها السلام) منذ شهادتها والى يوم الظهور المقدس ، وما جرى عليها وعلى ذريتها من قتل بالسم والسيف ، وما وقع عليهم من ظلم وحيف ،
حتى وقعت الغيبة الكبرى التي كانت الزهراء (عليها السلام) تشير الى هذه الحقيقة من خلال إخفاء قبرها ، وكأنها أقرنت الماضي وأهله ، وما يقع على إمامنا المهدي (عليه السلام) بسبب موقف الأمة السلبي أتجاهه في المستقبل ، حيث أن الأمة أن لم تعي الأسباب التي أدت الى إعفاء قبر الزهراء (عليها السلام) فهي من المؤكد لا تعي أسباب غيبة الإمام المهدي (عليه السلام) وستبقى على هذا الجهل المطلق في عدم معرفتها إمامها المهدي (عليه السلام) فيحق للزهراء (عليها السلام) أن تنعى غيبته ،
وذلك لأن المجتمع الذي يعيش في وسطه الإمام المهدي (عليه السلام) ويجهلون معرفته ، هو نفس المجتمع الذي كان يحيط بالزهراء (عليها السلام) ويجهلون معرفتها ، وبالتالي عدم نصرتها ، وانقياده خلف أصحاب البدع والأهواء.
فمتى تعي الأمة هذه الحقيقة التي لابد منها ، ويأتي اليوم الذي نقف فيه على معالم ذلك القبر الذي درست آثاره وعفيت معالمه ، لنرفع بذلك حجاب الجهل والظلام ولننعم برؤية صاحب العصر والزمان ، إذ أن المعادلة واضحة ولا تحتاج الى برهان ، أن وقوفنا على قبر الزهراء المغيب يعني رفع الغيبة عن إمامنا المهدي (عليه السلام) والانتصار الحقيقي له.
منتديات موقع الميزان
رحلة رقم (25)
لقد دلّ القرآن الكريم على أخبار مستقبلية كثيرة، فهل يوجد في القرآن الكريم ما يشير إلى الغيبة الصغرى أو الكبرى للإمام الحجة (عجّل الله فرجه) نظراً لأهمية الموضوع عند المؤمنين خاصة وعند المسلمين عامة؟
لابد أن يعلم أولاً أن مصادر التشريع عديدة وأولها القرآن الكريم، ولكن هذا لا يعني أن كل أمر مهم لابد أن يذكر في القرآن الكريم وذلك لأنه يوجد مصدر ثان للتشريع لا يقل أهمية عن القرآن الكريم وهي السُنة الشريفة، وهي قد تكفّلت ببيان أكثر الأمور البالغة في الأهمية.
وثانياً: إن مفهوم الغيبة العامة قد ذكر في مواضع عديدة في القرآن الكريم منها ما جرى على نبي الله يونس (عليه السلام) قال تعالى: فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنْ المُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنه إلى يَوْم يُبْعَثُون [الصافات: 143-144] ،فإنه تصريح بأن نبي الله يونس (عليه السلام) قد غاب عن قومه في بطن الحوت فإن بقاءه في بطن الحوت لا هو موت ولا هو رفع من عالم الدنيا، إنما هو انقطاع عن قومه وغيبة عنهم، وكذلك نبي الله موسى (عليه السلام) فقد ذكر غيبته عن قومه في القرآن الكريم وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى المَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ * فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ [القصص: 20-21] ،فإن خروجه من قومه غيبة عنهم، وهكذا في نبي الله يوسف حيث غاب عن إخوته وأبيه سنين عديدة، وهكذا غيبة الخضر (عليه السلام).
وكذلك نبينا محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقد ذكر غيبته عن قريش عند الهجرة قال تعالى: ِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها [التوبة: 40].إذن مفهوم الغيبة العامة مصرح بها في القرآن الكريم.
أمّا الغيبة الخاصة بالإمام المهدي (عجّل الله فرجه) فيمكن أن نستدل عليها بسورة القدر وذلك من خلال الآتي:
أوّلاً: إن الملائكة تنزل في كل عام، ولابد من وجود الكيان المقدس الصالح لاستقبال الأوامر الإلهية التي تتنزل بها الملائكة، ولابد أن يكون هذا الكيان إماماً معصوماً، والإمام المعصوم بعد الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) هو الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) لحديث الثقلين وللأدلة النقلية الأخرى إذاً ثبت وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه).
ثانياً: إذا ثبت وجود الإمام المهدي (عجّل الله فرجه) بحسب النقطة الأولى فنقول: إنه إمّا أن يكون ظاهراً مشهوراً أو غائباً مستوراً، فقد أخبر أمير المؤمنين (عليه السلام) بذلك في حديث لكميل ابن زياد النخعي (رضوان الله عليه) (أن الأرض لا تخلو من قائم لله بحجة إمّا ظاهراً مشهورا أو خائفاً مغموراً لئلا تبطل حجج الله وبيناته) أمّا الأول (أي كونه ظاهراً مشهوراً) فهو باطل بالوجدان، فإن الوجدان حاكم على عدم ظهوره فيثبت الثاني وهي غيبته، وهو المطلوب.
مركز الدراسات التخصصية في الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)
رحلة رقم (23)
من الأسماء التي تتداول كثيراً في الإمام المهدي هو اسم الموعود
والموعود من الوعد، وهو الأمر المحبوب الذي يقع في المستقبل، ويكون تركه قبيحاً من الحكيم.ولذلك قالوا: بأن الوعد يجب على الحكيم أن ينفذّه، لأن خلافه قبيح، وعدم تنفيذه مما يُلام عليه العاقل، دون الوعيد، فإنه الإخبار بشيء غير مرغوب فيه في المستقبل، كالعقاب، فلو تركه صاحب الحق، من باب المنّة أو التسامح، لم يكن عليه لوم من العقلاء.
وحتى تتبين حقيقة الحال في هذه الاسم نذكر الأمرين التاليين:
الأمر الأول: أن الموعود هو أمير المؤمنين : صرحت بعض الروايات بأن الموعود هو أمير المؤمنين، حيث إنه الذي سيرجع في آخر الزمان، وينتقم من أعدائه، وعداً من الله تعالى.. فقد رَوَى الحَسَنُ بْنُ أبِي الحَسَن الدَّيْلَمِيُّ بِإسْنَادِهِ إِلَى مُحَمَّدِ بْن عَلِيًّ، عَنْ أبِي عَبْدِ اللهِ فِي قَوْلِه:أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ (القصص: 61). قالَ: «المَوْعُودُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَالِبٍ، وَعَدَهُ اللهُ أنْ يَنْتَقِمَ لَهُ مِنْ أعْدَائِهِ فِي الدُّنْيَا، وَوَعَدَهُ الجَنَّةَ لَهُ وَلأوْلِيَائِهِ فِي الآخِرَةِ»
الأمر الثاني: المهدي هو الموعود أيضاً:إن اسم (الموعود) هو مما كثر استعماله في الإمام المهدي، ولذلك نجد العديد من الكتب والمجلات والمقالات كُتبت حول الإمام المهدي بعنوان (الموعود)، بل نجد التعبير عنه بالموعود أمراً متعارفاً عليه حتى من المخالفين. فهذا ابن أبي الحديد يقول: إن قيل: من هذا الرجل الموعود؟ قيل: أمَّا الإمامية فيزعمون أنَّه إمامهم الثاني عشر وأنَّه ابن أمَة اسمها نرجس، وأمَّا أصحابنا فيزعمون أنَّه فاطمي يولد في مستقبل الزمان لأُمّ ولد، وليس بموجود الآن...
ويبدو - والله العالم - أن إطلاق اسم الموعود على الإمام المهدي هو باعتبارين:
رحلة رقم (21)
هل هناك سبي في دولة الإمام المهدي (عليه السلام)؟
بدايةً، لا بد أن يُعلم:أن هذا السؤال لا يُثار فقط فيما يتعلق بالإمام المهدي (عليه السلام)، وإنما هو سؤال أثير على أصل تشريع الاستعباد والاسترقاق عند الحروب في الدين الإسلامي، وقد كتبت كتب عديدة في بيان الرد على هذه الشبهة من قبل علمائنا، وكان الجواب المشهور هو: أن الرق كان حالة سائدة في ذلك الزمان، خصوصاً وأن الطرف الآخر كان يستعبد المسلمين لو ظفر بهم، واتخذ الإسلام طريقة التدرج لنفي الرق لا بطريقة فجائية، إذ يصعب اتباع الناس لهذا النفي بصورة مفاجأة، وذلك عبر تشريع عتق الرقبة كفارة للعديد من الذنوب، كالإفطار عمداً،وحنث اليمين، وما شابه، بالإضافة إلى تشريع استحبابه في حد نفسه.
هذا فضلاً عن الحقوق الإنسانية التي شرعها الإسلام للعبد من إسكانه وإطعامه واحترامه... وعلى كل حال، نلفت نظركم إلى الأمور التالية:
الأمر الأول: أن الإمام المعصوم عموماً لديه من العلم ما يكشف له الواقع، مما يعني أن قوله وفعله دائماً مصيب للواقع ولا يُحتمل فيه الخطأ. وقد ثبت في علم الكلام أن لأئمتنا (عليهم السلام) العلم اللدني والعصمة، وقد صرّحت العديد من النصوص بذلك، من قبيل ما روي عن الإمام الحسين (عليه السلام) قال: لما أنزلت هذه الآية على رسول الله (صلى الله عليه وآله): (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) قام أبو بكر وعمر من مجلسهما فقالا: يا رسول الله، هو التوراة؟ قال: لا. قالا: فهو الإنجيل؟ قال: لا. قالا: فهو القرآن؟ قال: لا. قال: فأقبل أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): هو هذا، إنه الامام الذي أحصى الله تبارك وتعالى فيه علم كل شيء.
فلاحظ كيف أن النبي (صلى الله عليه وآله) أوضح أن أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الإمام الذي حوى علم كل شيء، وهذا لا يكون إلا بعلم لدني خاص.
الأمر الثاني: نعتقد أن الله تعالى حكيم، ومن حكمته أنه لا يأمر ولا ينهى إلا وفق مصالح ومفاسد واقعية،على أساسها يكون الحكم الشرعي على الرأي المشهور، فما فيه مصلحة يأمر به تعالى، وما فيه مفسدة ينهى عنه.
نعم، تلك الملاكات الواقعية ليست متاحة دائماً لنا، ولذا لم نُكلف بمعرفتها، لأنها خارج قدرتنا. وهذا يعني: أن أي حكم شرعي يُكلِّف به اللهُ تعالى عباده، فإنما هو لمصلحة أو مفسدة ترجع عليهم هم، لا أنه هو تعالى محتاج إلى تلك المصلحة والمفسدة، غاية الأمر، أن الناس قد لا يكتشفون المصلحة من الأمر ببعض التكاليف، أو المفسدة من النهي عن بعضها الآخر، ولكن عدم العلم لا ينفي الملاك الواقعي للحكم.
وهذا من الأمور الواضحة التي لا تحتاج إلى إثبات.وقد أشارت النصوص إلى هذا الأمر، ومنه ما أشار له أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: «إِنَّ اللهَ سُبْحَانَه وتَعَالَى خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ غَنِيّاً عَنْ طَاعَتِهِمْ آمِناً مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ، لِأَنَّه لَا تَضُـرُّه مَعْصِيَةُ مَنْ عَصَاه، وَلَا تَنْفَعُه طَاعَةُ مَنْ أَطَاعَه».
الأمر الثالث: في قانون التشريع الإسلامي –كما هو الحال في التشريعات البشرية والعقلائية- توجد تشريعات ثابتة لموضوعات معينة بالحكم الأولي، ولكن لظرف موضوعي معين يتغير حكمها إلى آخر يُسمى بالحكم الثانوي، مما يعني أن بعض الأحكام الشرعية تابعة للظرف الموضوعي.
فأكل الميتة حرام بالحكم الأولي، ولكنه عند الضرورة يجوز وقد يجب، والغيبة حرام، ولكنها تكون جائزة في بعض الأحيان، كالسؤال عن عفاف امرأة يريد الزواج بها، بل قد تكون لازمة في بعض الأحيان. ومعرفة الظرف الموضوعي المناسب للحكم، وكون اللازم هو تطبيق الحكم الأولي أو الثانوي ليس في متناول يد الجميع، وإنما يحتاج إلى تفقه ودراية عالية في أحكام الدين، ولا أعلم ولا أدقّ ولا أصدق من الإمام المعصوم في تحديد ذلك كما هو واضح.
رحلة رقم (19) ،،تتمه الرحلة
وعَنْ أَبِي عَبْدِ الله (عليه السلام) قَالَ: ما كَلَّمَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله)الْعِبَادَ بِكُنْه عَقْلِه قَطُّ، وقَالَ: قَالَ رَسُولُ الله (صلى الله عليه وآله):إِنَّا مَعَاشِرَ الأَنْبِيَاءِ أُمِرْنَا أَنْ نُكَلِّمَ النَّاسَ عَلَى قَدْرِ عُقُولِهِمْ. مما يعني أن إعطاء العلوم للغير يرتبط بالحكمة أو بمستوى قابلية الفرد الذي يُراد إعطاؤه العلم.
ومما يتقدم ينتج:
أننا وإن كنا نعتقد بأن الإمام المهدي (عجل الله فرجه) مطلع على جميع العلوم، وأن له القدرة على الاستغناء عن كل العلماء في كل المجالات. ولكنه لا يفعل ذلك، لحكمة، باعتبار: أنه (عجل الله فرجه) يريد من الناس أن يصلوا بجدهم واجتهادهم إلى النتائج، وهو يدخل على الخط كمعلِّم لهم ومرشد نحو النتائج الصحيحة.
ولذلك نجد أنه (عجل الله تعالى فرجه) يفتح أشبه بالمدراس العلمية التي يديرها علماء من أصحابه لتعليم الناس العلوم القرآنية، مما يعني أن العلم ما زال يأتي للفرد بطريقة كسبية لا إيحائية. فقد روي أنَّه «إذا قام قائم آل محمّد (عليه السلام) ضرب فساطيط لمن يُعلِّم الناس القرآن على ما أنزل الله عز وجل، فأصعب ما يكون على من حفظه اليوم، لأنَّه يخالف فيه التأليف» ،وهذا الحديث فيه دلالة واضحة على أن الأمة لا بد أن تعتمد على الطرق العلمية لتحصيل العلوم المتعارفة.
أو قل: إن العلم الإلهي والوحياني لا يقوم مقام الجهد الإنساني في تحصيل العلوم، وتطوير الحياة، بل إن الدين عموماً ترك مساحة واسعة في الحياة لجهد الإنسان نفسه، لعمله، ولجدِّه، وكسبه، وتجاربه. ومن يقل: إن على الدين أن يقوم بكل شيء نيابة عنه، فإنما هو كسول لا يريد أن يحرك ساكناً، أو متوهم مشتبه، والواقع خير برهان.
الكاتب: الشيخ حسين عبد الرضا الأسدي
الهوامش :
(1) البقرة: 3?.
(2) لاحظ: بحار الأنوار 24: 94/ الباب 35.
(3) الصافات: 11.
(4) القيامة (75): 37.
(5) المؤمنون (23): 15.
(6) النحل: 78.
(7) الذاريات: 56.
(8) لاحظ: تفسير القرآن الكريم لابن كثير 4: 255 عن ابن جريح؛ شرح أصول الكافي للمازندراني 4: 2?8؛ الرواشح الروية/ المحقق الداماد: 22؛ شرح الأسماء الحسني 1: 189، و2: 23؛ فوائد الأصول 1: 559؛ اللمعة البيضاء: 411؛ وفي غيرها.
(9) روى الشيخ المفيد في الاختصاص بالإسناد إلى عليّ عليه السلام أنه قال: (ضاقت الأرض بسبعة بهم ترزقون، وبهم تنصرون، وبهم تمطرون منهم سلمان الفارسي، والمقداد، وأبو ذر، وعمار، وحذيفة رحمهم الله)، وكان عليّ عليه السلام يقول: (وأنا إمامهم، وهم الذين صلّوا على فاطمة عليها السلام).
ورواه الكشي في (رجاله): 33، ورواه الصدوق في الخصال: 361/ باب 7؛ وفرات بن إبراهيم الكوفي في تفسيره: 57?/ في تفسير سورة (الضحى)/ تحت الرقم الخاص 5/ وتحت رقم 733؛ والأردبيلي في جامع الرواة 1: 182؛ والسيد عليّ بن معصوم في الدرجات الرفيعة: 2?9، وفي: 285؛ والسيد بحر العلوم في (رجاله) 3: 344؛ والمجلسي في البحار 22: 2?9.
(10) آل عمران: 144.
(11) الخرائج والجرائح للراوندي 2: 839؛ بحار الأنوار 52: 335/ ح 68.
(12) كتاب الغيبة للنعماني: 317/ الباب 21/ ح 2.
(13) الخرائج والجرائح للراوندي 2: 841/ ح 59.
(14) إكمال الدين وإتمام النعمة: 673/ الباب 58/ ح 26.
(15) روى النعماني في الغيبة: 374/ الباب 14/ ح 53 بإسناده عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: (ما يكون هذا الأمر حتّى لا يبقى صنف من الناس إلاّ وقد ولوا على الناس حتّى لا يقول قائل: إنا لو ولينا لعدلنا، ثمّ يقوم القائم بالحق والعدل).
(16) المائدة: 3.