خوف من تداعيات ذلك، بل في تحدٍ صارخٍ لقوى الهيمنة والاستعمار، وغواصاتها وحاملات طائراتها وأساطيلها وقواعدها العسكرية، وما يتضمنه ذلك الفعل البطولي الشجاع، من إمعان في كسر وإذلال قوى الاستكبار، التي لم يجرؤ زعماء وملوك وأمراء التبعية والتطبيع، على إدانة جرائم الإبادة الشاملة، التي تنفذها ربيبتها دويلة الكيان الصهيوني الغاصب، بحق أبناء قطاع غزة المستضعفين، الذين عجزت وفود القمة العربية الطارئة، عن إعلان التضامن معهم، ودعمهم بالمال والسلاح، أو على الأقل بالمال والمواد الغذائية والمشتقات النفطية والأدوية، أو تأمين أبسط ضروريات ومقومات الحياة لهم، بينما أعلن الشعب اليمني بموقفه المتقدم، بلسان حاله وضمير قائده، ولسان الناطق الرسمي للقوات المسلحة، أن هذه العملية وما سبقها وما سيتلوها، تأتي في سياق نصرة إخواننا المجاهدين في غزة، وأن العمليات العسكرية مستمرة، إلى أن يوقف العدو الصهيوني، عدوانه وجرائمه ومجازره وحرب الإبادة الجماعية الوحشية، التي ينفذها بدعم أمريكي غربي، بحق أهالي غزة وفلسطين عموما.
http://www.almasirahnews.com/118777/
أمَّا السفينةُ.. فكانت لوعدِ سيد القول والفعل منقادةً غصبًا
أما السفينة.. فكانت لوعد سيد القول والفعل منقادة غصبا
https://althawrah.ye/archives/844298
إن من قتل وحاصر أبناء الشعب اليمني بالأمس، ومن أيده ودعمه وسانده، هو اليوم من يقتل ويحاصر أطفال غزة وكل فلسطين، فالجرائم هي ذاتها، ومجازر الإبادة الجماعية هي نفسها، وتآمر منافقي الأعراب هو عينه، وتواطؤ الأمم المتحدة ومجلس أمنها، لم يختلف عن مألوفه، وطبيعة المعركة القائمة، لا تختلف إلا من حيث الجغرافيا فقط، الأمر الذي يجعلنا نوقن بحقيقة الطرح الفلسفي، الذي قدمه سماحة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، بخصوص هذه المعركة الفاصلة، وتداعياتها ونتائجها الحتمية، وتحذيره المتكرر لقوى الشر والاستكبار العالمي عامة، وكيان العدو الصهيوني الغاصب خاصة، من الإقدام على هذه الحماقة، ليثبت #رجل_القول_والفعل - كما هي عادته - صدق تحذيراته ووعيده، وأن الشعب اليمني لن يقف مكتوف الأيدي، بينما أخواننا في فلسطين يذبحون ويبادون، معلنا بقوة الحق ومنطق القوة، عن تلبية نداء الواجب الديني، وتحقيق رغبة الجماهير المليونية، التي خرجت أكثر من مرة، مفوضة لقائدها، ومسلِّمة له مطلقا، ومؤكدة جاهزيتها القصوى، واستعدادها الكامل، لتنفيذ كل ما يأمر به، ولولا مقتضيات التسليم والطاعة، للسيد القائد العلم المجاهد يحفظه الله، لتقافز أبناء الشعب اليمني، إلى أرض فلسطين الحبيبة، كما تتقافز صواريخهم الباليستية وطائراتهم المسيرة، للمشاركة في واجب الجهاد المقدس.
* طوفان الأقصى.. السقوط المخزي لأساطير القوة
طالما أرعد الأمريكي وأزبد، وطالما هدد البريطاني وتوعد، وطالما أعلن الغرب الاستعماري، وقوفه إلى جانب الكيان الصهيوني الغاصب وأيد، وطالما أعلنوا تأييدهم ومساندتهم المطلقة، لجرائم الإبادة والمجازر الوحشية، التي يرتكبها ذلك الكيان اليهودي الغاصب، بحق أبناء قطاع غزة، وطالما أطلقوا تحذيراتهم من تدخل أي قوة في محور الجهاد والمقاومة، وتأكيدا لتهديداتهم تلك، أرسلوا بوارجهم ومدمراتهم وحاملات الطائرات، إلى البحر الأبيض المتوسط، والبحر الأحمر والبحر العربي، كخطوة استباقية، تلجم أي تحرك يساند الشعب الفلسطيني، لكن حامل المشروع القرآني، #رجل_القول_والفعل لم يأبه لتلك التهديدات الفرعونية، حيث أعلن - كما أمره كتاب الله - عن دخول الجيش اليمني رسميا، على خط الجهاد والمواجهة، ضد الكيان الصهيوني الغاصب، وقوى الغرب الاستعماري، مؤكدا الحضور الريادي الفاعل، في معادلة الصراع العالمي، وعمق الارتباط الدائم والاتصال المستمر والتنسيق العالي، مع فصائل الجهاد والمقاومة الفلسطينية، وأحزاب وحركات وأنظمة محور الجهاد والمقاومة عامة، ليفاجئ العالم أجمع، بهذا الموقف الجريء، وأن عملية السادس عشر من ربيع الآخر المعلن عنها، هي العملية الثالثة، التي تضرب فيها الصواريخ الباليستية والمسيرات اليمنية، أهدافا استراتيجية حساسة، في عمق الكيان الصهيوني المحتل.
* طوفان الأقصى.. طوفان الأمة.
إن التناغم العالي، في أداء فصائل الجهاد والمقاومة في الداخل، وقوى الجهاد والمقاومة في المحور، واستمرارها في توجيه الضربات المتلاحقة الموجعة، بزخم ناري كثيف، ومسار تصاعدي متعالي، وأهداف عسكرية واستراتيجية بالغة الأهمية، قد أصاب الكيان الصهيوني، ومن خلفه قوى الاستكبار الغربي الإمبريالية، في مقتل، وأسقطها سقوطها مدويا، فوقعت صريعة هزيمتها النكراء، متخبطة في مواقفها وتصريحات مسئوليها، أسيرة عجزها المهين وفشلها الساحق، وسقوط وهم قوتها التي لا تقهر، تحت أقدام ثلة من المجاهدين الغزاويين، لذلك لجأ الكيان الصهيوني الغاصب، ومن خلفه الغرب الاستعماري المجرم، إلى فعل ما ألفوه، واعتادوا القيام به، عبر تاريخهم الاستعماري، في إشباع نزعتهم الانتقامية الإجرامية، من خلال استهداف المدنيين الأبرياء، وارتكاب أبشع جرائم ومجازر الإبادة الشاملة بحقهم، ظنا منهم أن أنهار الدماء، وجبال الخراب والدمار الشامل، قد تجبر المجاهدين الفلسطينيين على الاستسلام، والتوقف عن مشروعهم الجهادي التحرري، غير مدركين أن سنن الله تعالى ثابتة، لا تتبدل ولا تتحول، وأن الزوال المحتوم، هو مصير المجرمين المستكبرين الظالمين.
* طوفان الأقصى.. تساؤلات على حافة النهايات المغلقة
مهما تكن تداعيات الموقف المشرف البطولي، الذي أمر به رجل القول والفعل السيد القائد يحفظه الله، وترجمه - ومازالوا - أبطال القوات المسلحة اليمنية، ومهما تعددت التحليلات والقراءات والتوقعات، فإن ذلك لن يقدم أو يؤخر شيئا، كما أن حضور حاملات الطائرات والمدمرات والسفن الحربية الصهيونية والأمريكية والبريطانية وغيرها، لن تزيد اليمنيين قيادة وجيشا وشعبا، إلا إصرار على المضي في معركة الشرف والبطولة، حتى تحقيق النصر الموعود، وتحرير كل المقدسات الإسلامية، من دنس الصهاينة الغاصبين، ومن على شاكلتهم، بعون الله وتأييده وتمكينه، وإذا كان الغرب الاستعماري المتعجرف، قد نظر إلى ما يجري في أرض غزة، بعين موشي دايان الأعور المجرم، فإن اليمن قد غرز صواريخه الباليستية المجنحة، في تلك العين القذرة، وفقأها إلى
سبحان من سنته في الكون ما تُكسر
ووعده الحق بالتأييد لانصاره
بالطافه الله يكفيهم حشود الشر
ويكف عنهم قوى طغيان جباره
الطايرات فوقهم تمطر بموت احمر
وحولهم قاذفات بالنار فواره
وفوقهم رحمة الله بالأمان تنشر
وغارة الله مابش فوقها غارة
#إبراهيم_محمد_الهمداني
بعد وصول قوى تحالف العدوان إلى مرحلة العجز، مقابل تنامي استراتيجيات الجيش اليمني في الرد والردع، سارعت الأمم المتحدة لإنقاذ نصفها الإجرامي الآخر، والتوسط بفرض هدنة إنسانية في اليمن، تكون مقدمة لحل شامل، لكنها كانت هدنة صفرية، لأنها بلغت نهاية عمرها، ولم تحرك ساكناً أو تحرز تقدماً، وكان الاقتراح الأممي مجدداً بتمديدها ثلاثة أشهر أخرى، ولكنها مضت كسابقتها، وقبل انتهائها بأيام، أقبل المبعوث الأممي، بمقترح جديد لتمديد الهدنة ستة أشهر، لكن حكومة صنعاء رفضت ذلك، لأن الهدنة منذ البداية، كانت مشروطة - من قِبَل حكومة صنعاء - بصرف المرتبات، وفتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء، وإيقاف العدوان ورفع الحصار، لكي تدخل الهدنة حيز التفعيل الحقيقي، والخطوات الجادة نحو حل شامل، لكن الأمم المتحدة - كعادتها - لم تفِ بما التزمت به ووافقت عليه مسبقا، وظلت تراوح بين المماطلة والتسويف، إلى أن انتهت مدة الهدنة الأولى، فسارعت بإرسال مبعوثها إلى اليمن، للبحث عن تمديد ثانٍ للهدنة، مطلقا الوعود والتأكيدات بتحقيق مطالب الشعب اليمني كاملة، دون انتقاص أو تجزئة، على طريق الحل الشامل، وإنهاء العدوان والحصار وآثارهما نهائيا، ولكن تلك الوعود السرابية، كانت خدعة استعمارية لكسب مزيد من الوقت، وإبقاء الشعب اليمني في المنطقة الرمادية، بين اللاسلم واللاحرب، ليفقد ما تبقى من عزمه وحماسة، ويموت ببطء في ظل استمرار الحصار الخانق، واستمرار كل مظاهر الحرب والتحشيد، والخروفات المتواصلة من الطرف الآخر.
قبل انتهاء مدة الهدنة الثانية بأيام، أقبل المبعوث الأممي إلى اليمن، حاملا أحلام جديدة، وأوهام أممية في هيئة وعود كاذبة أخرى، في سبيل الحصول على هدنة ثالثة، أو تمديد ثالث للهدنة، لكن القيادتين الثورية والسياسية، رفضتا تلك المهزلة الأممية الاستعمارية، التي تسعى إلى قتل الشعب اليمني بأكمله، من خلال اللعب على عامل الوقت، والإيهام بهدنة صفرية معطلة سلفا، وقد رجع المندوب الأممي خائباً، ليقول في إحاطته في مجلس الأمن، إن مطالب حكومة صنعاء - تسليم مرتبات جميع موظفي الدولة، من إيرادات النفط والغاز، وفتح الميناء والمطار، وإيقاف العدوان وإنهاء الحصار - مطالب تعجيزية ومستحيلة، لتتوالى بعده بيانات البيت الأبيض، والاتحاد الأوروبي، وغيرها من الكيانات في ذات الفلك الإمبريالي، المنددة بمطالب الشعب اليمني المحقة، في تماهٍ مخزٍ مع النوايا والأطماع الاستعمارية.
وفي ظل عدم تجديد الهدنة، والدخول في الحالة الصفرية، من اللاسلم واللاحرب، بما تنطوي عليه من خطورة هائلة، تحركت في الجانب الآخر الوساطات العمانية وغيرها، ما أدى إلى تجميد الوضع في تلك المنطقة الرمادية، في ظل حراك دبلوماسي واسع، وتحذيرات من قادة الجيش اليمني، لدول العدوان، بأن الوضع لن يستمر كما هو، وأن اللعب على عامل الوقت، من أجل إخماد روح المواجهة والتضحية، وإشعال الغضب الشعبي وتفجير الوضع داخلياً، لن ينجح هذه المرة، لأن الجيش اليمني في كامل الجهوزية وأتم الاستعداد، ولم يعد الشعب اليمني ذلك المغفل، الذي تنطلي عليه خدع أبواق العدوان وعملائه، الساعية إلى تأجيج غضب الشارع، تحت مسميات زائفة وقضايا تافهة، وقد بات الغضب الشعبي بأكمله متجهاً نحو قوى تحالف العدوان وعملائه ومرتزقته.
إن استمرار الحصار في حالتي الهدنة واللاهدنة، في ظل المطالبة الأممية بتمديد تلك الهدنة الهشة، هو دليل كاف على النوايا المبيتة، الرافضة لأي حلول سلمية، من قبل قوى العدوان، التي تسعى إلى استثمار الوقت في إعادة ترتيب أوراقها وخططها الإجرامية، وتوسيع قاعدة تحالفاتها التآمرية، وعلاوة على تعنتها ورفضها حقوق الشعب اليمني المشروعة، ووصفها بالتعجيزية والمستحيلة، فإن الحصار لا يعدو كونه الوجه الآخر للعدوان، ولا معنى للهدنة المصحوبة بالحصار، ومادام الأمر كذلك، فإن الواجب الديني والوطني، يفرض على الجيش اليمني، المضي في تنفيذ المزيد من عمليات الردع، والحسم الميداني وتحرير كل التراب اليمني، وتوجيه أقسى الضربات الموجعة والمؤلمة لعمق دول تحالف العدوان، وشل قدراتها العسكرية والاقتصادية، وإفشال المخطط الإسرائيلي الأمريكي، الذي يهدف إلى الزج بالجيش المصري وحلفائه في مواجهة مفتوحة مع الجيش اليمني،
لأن نتائج تلك المواجهة ستكون كارثية على الطرف الآخر، وسيتجنى الجيش المصري على شعبه كثيرا، ويتوجب عليه أن يكون أكثر وعيا، بحقيقة ما يحاك ضده، وأن يقف - كعادته - موقفا مشرفا، ويربأ بنفسه أن يكون حطبا في مواقد التدفئة الإمبريالية، ويرفض دور الضحية المجانية، الذي فرضته الإدارة الأمريكية عليه، وليس له في ذلك لا ناقة ولا جمل.
ترقبوووووووا. دراسة نقدية أدبية في قصيدة قاطع التضليل للشاعر المجاهد الشهيد عبدالمحسن النمري السبت القادم إن شاء الله على صفحات صحيفة المسيرة الغراء
Читать полностью…التطوع والمبادرة في الخطاب القرآني 1
مغايرة الطرح
إبراهيم محمد الهمداني
طالما ارتبط مفهوم التطوع بصورة أعمال الخير، ذات المعاني والمجالات المتعددة، سواء على العبادات الدينية، أو السلوكيات والمعاملات بين الناس، كما ارتسمت صورة المتطوع في الذهن الجمعي، في ذلك الشخص الذي يكثر من أعمال الخير والإحسان إلى من حوله، دون انتظار مقابل منهم، كما ارتبط فعل التطوع في التصور الجمعي، بالكثير من أعمال الطاعات، وصور التقرب إلى الله تعالى، بنوافل الصلوات والصيام والصدقات، علاوة على أداء الواجب بتمامه، سواء أكان ذلك في مناسبات مخصوصة، مثل شهر رمضان المبارك، وأيام الحج، والأشهر الحرم وغيرها، لما لها من عظيم الفضل، وما فيها من عظيم الأجر والثواب، أو كان ذلك في سائر أيام العام، كما هو شأن قرناء القرآن، وأئمة الحق وأعلام الهدى، الذين طوعوا أنفسهم لله تعالى، وألزموها بصلوات وأذكار وصيام وصدقات، وأعمال خير وبر وإحسان، قاموا بها وواظبوا عليها، متجاوزين نطاق الواجب والمفروض منها، إلى اجتراح فعل الزيادة والإحسان، وبذلك يصبح جزاؤهم هو المنصوص عليه في قوله تعالى:- "للذين أحسنوا الحسنى وزيادة"، ورغم اجتهاد الكثير من المفسرين، في تحديد معنى الحسنى، ومقاربتهم لها من خلال القرائن النصية الدالة عليها، إلا أن الزيادة تظل لغزا مبهما، وبابا مفتوحا على احتمالات لا نهائية، يعجز عندها الخيال، عن بلوغ معرفة حقيقة وعظيم ذلك الأجر، والفضل الإلهي العظيم.
يمكن القول إن التطوع هو:- فعل الزيادة فوق محددات الواجب، وأكثر من منصوصات المفروض والمكتوب، حبا لله، وطمعا في جزيل أجره وعظيم ثوابه، وقد اقتران فعل التطوع بمفهوم الخير، في معناه الشامل، ومدلولاته الواسعة، "فمن تطوع خيرا فهو خير له"، إذ يعود عليه ذلك الخير بالاختصاص والملكية "له"، "ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم"، حيث يكافئه الله جل وعلا، بشكر صنيعه وإعلان مدحه، والثناء على عمله، وهذا أيضا باب مفتوح من المعاني اللانهائية، لعظيم فضل الله وكرمه، وبما أن التطوع في ذاته هو خير، أي زيادة من الخير، وكذلك نتيجته تؤدي إلى خير وزيادة في الأجر والثواب، فإنه يستلزم المبادرة والمسارعة إلى فعل الخيرات، كما يفعل أولئك الذين امتدحهم الله تعالى بقوله:- "ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله أناء الليل وهم يسجدون (113) يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات أولئك من الصالحين (114)" آل عمران، وفي قوله تعالى:- "وزكريا إذ نادى ربه رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين (89) فاستجبنا له ووهبنا له يحيى وأصلحنا له زوجه إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين (90)" الأنبياء، وفي قوله جل ثناؤه:- "والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون (60) أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون (61)" المؤمنون.
بذلك تتجلى دلالة الربط في الخطاب القرآني، بين مفهوم التطوع، وما ينطوي عليه من أعمال الخير/ الخيرات، في حال المسارعة والمبادرة في أدائها والقيام بها، ليصبح التطوع صورة من صور تسخير النفس برغبة ذاتية، في فعل الخير وأعمال البر والإحسان، في صورها المتعددة، والمبادرة والمسارعة إلى تنفيذها، ابتغاء وجه الله تعالى، وتحقيقا لما فيه المصلحة العامة، حسب مقتضى الإحسان، وكل تطوع – مهما كان ضئيلا – هو كبير بمعناه وأثره، ولا ينبغي الاستخفاف أو الاستهانة بالقليل من الجهد أو المال أو كليهما، المبذول طوعا من الذات أو من الآخرين، كما لا ينبغي الإحجام عن التطوع، بالمتوفر والمتاح، بسبب ضآلته وقلته، بل يجب المسارعة إلى بذل ذلك القليل، لأن قيمته في قصديته ومقاصده، الرابطة بين العبد وربه جل وعلا، في حال المسارعة إلى الخير ابتغاء وجهه، ومادام الأمر كذلك، فلا يجوز احتقار القليل المبذول طوعا – من الخير – في سبيل الله، لما لذلك من خطورة على المجتمع المسلم، حيث يتراجع الكثير منهم عن المبادرة إلى فعل الخير، ويحجمون عن بذل القليل من الجهد والمال، خجلا واستنكافا من الظهور بذلك القليل، إلى جانب أصحاب الدثور، ذوي الأنفاق الكبير، وفي هذا السياق يحذر الله جل وعلا من مغبة ذلك الفعل، ويذم أولئك "الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم (79) التوبة.
العمل الطوعي في الخطاب الإمبريالي
إبراهيم محمد الهمداني
طالما حمل الخطاب الإمبريالي عدداً من المفاهيم والسلوكيات الإنسانية، ليقدم نفسه من خلالها، ويجعلها دليلاً على سبقه الحضاري ورقيه الإنساني، ولعل التطوع والمبادرات والأعمال الطوعية، أبرز تلك المفاهيم والسلوكيات، التي بلغ بها مرتبة الترف الحضاري، متجاوزاً سلم القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية، مدعياً حالة متقدمة جداً من المثالية، لم يجرؤ أفلاطون - نفسه - على التفكير فيها.
كان التطوع في الخطاب الإمبريالي، صورة أخرى من صور الهيمنة، وإعلاء شأن الذات، وتكريس دونية الآخر مطلقاً، ولم تتوقف ممارسة التطوع، في مجالات التنمية والوعي المجتمعي، والارتقاء بالفرد والمجتمع فكرياً واقتصادياً، نظراً لتحقق السيادة الاقتصادية التنموية والفكرية، مسبقاً حسب زعم تلك القوى الإمبريالية، التي وجهت الأعمال الطوعية والمبادرات الفردية والجمعية، نحو الاهتمام بحقوق الحيوانات، والمبادرة في تأمين السكن والغذاء اللائقين، للقطط والكلاب المشردة، والعمل على توفير كل أسباب السعادة والرفاهية لها، وتجنيبها سماع الأخبار التي قد تؤثر سلباً على نفسيتها، أو المشاهد الصادمة، التي قد تحتوي على العنف أو العنصرية ضدها، وكل ما من شأنه تعكير مزاجها أو إصابتها بحالة اكتئاب لا سمح الله.
ذلك لأن كل حقوق الإنسان لديهم، أصبحت من البديهيات المفروغ منها، وكل وسائل الراحة والرفاهية للإنسان، قد حصل عليها وزيادة، ولم يعد في بال الإنسان الغرب أوروبي، ما يقلقه غيرإسعاد تلك الحيوانات، والتطوع في مجال المطالبة بحقوقها، وضمان حياة كريمة لها ولأولادها، ليكتمل بذلك النموذج الحضاري الإمبريالي المتعالي، والغريب أن تلك الخدعة الإمبريالية، قد انطلت على كثير من الناس، في المجتمعات المتحضرة والمجتمعات المتخلفة على السواء، حيث سارع كثير من الأغبياء إلى تبني تلك المبادرات، والقيام بتلك الأعمال، لإثبات التفوق الحضاري لديهم، ولاكتساب المعطى الحضاري، في مجتمعاتهم، وبذلك أثبت الفكر الإمبريالي، أنه مازال قادراً على قيادة القطيع، وإحكام سيطرته وهيمنته على جميع الشعوب، وخاصة الشعوب العربية والإسلامية، من خلف البحار والمحيطات، متجاوزاً لآلاف الأميال، والجغرافيا الشاسعة الفاصلة، ليعود عدو الأمس في ثياب صديق اليوم، ويمارس من خلال مشروعه الحضاري المزعوم، وتفوقه التكنولوجي الزائف، مهنة القتل والتسلط ذاتها، التي لا يجيد سواها، ومن خلال استراتيجية التحكم والتلاعب بالعقول، استطاع لفت الأنظار عن جرائمه ومخططاته الاستعمارية، وتحويل الاهتمام الجمعي نحو القطة (لوسي) التي بلغت سن الزواج، واحتارت في اختيار الزوج المناسب، بين عشيقها (بسبس) الوسيم، وابن خالها (نونو) الجميل، وقد نتج عن حيرتها أنها فكرت في الهروب والتشرد مجدداً.
وبهذا المستوى من التسفل والانحطاط، صنعت قوى الهيمنة والاستكبار، مسارات اشتغال العقل وأطر التفكير، التي لا يُسمح لأحد بتجاوزها.
بوصلة النصر
إبراهيم محمد الهمداني
كهذا المدى لا شيء قد يبلغ المدى
ولا في طريق الأمس من يسلك الغدا
وما عاد باسم الليل لليل رهبة
فأخباره قد صرن للفجر مبتدا
تساءل تاريخ من الحزن قاتم
وإرث الأسى أقعى ذهولا إلى الصدى
ألن ننحني- حقا - لريح هزائم
(يموسمهما) طاغ لتغدو له يدا
أحقا كؤوس الذل غارت نجومها
وكيف مدى الطغيان خوفاً تبددا
وأين طغاة العصر؟:- حتماً تساقطوا
وقبل يهود يرتمي من(تيهودا)
ولكن متى.. بل أين.. كيف.. ألم يكن
- كعادته - الخذلان سجنا وموقدا
أما عُصر الزيتون ظلما؟!.. دماؤنا
وأرواحنا ضاعت وأحلامنا سدى.
* * * *
يعانقك الآتون يا نهر أمسنا
وفي يومنا مازلت للنصر موردا
بزيتونها ثكلى الحقول.. شموخها
يذيب فؤاد الموت رعبا تسرمدا
هنا الأرض.. كل الأرض.. إعصار ثورة
لجلادها قالت:- هنا حربنا ابتدا
هنا الأرض.. أحرار الشعوب.. إرادة
ولم يثنها خوف.. ولا أستعظمت فدى
شعوب من الأحرار.. بالله أصبحت
جحيما على كل الطواغيت موصدا
(تبوصل) نحو القدس غاياتها.. ارتوى
حياةً بها الزيتونُ والفجرُ والندى
* * * *
فلسطين ما عادت فصول هزيمةِ
ولا القدس طُعماً سائغاً في فم الردى
إليها يحج العارفون قضيةً
لنصرتها كُلٌ إلىٰ اللّٰهِ عاهدا
فلسطين كل الأرض.. والقدس قد غدتْ
شعوباً.. ومعيارا لمن ضل واهتدى
ولن يصبح الأقصى ضحية نكبة
يلوذ بخذلان السقوط مجددا
فما عاد في فصل الجنون مخوفةٌ
إذا الصمتُ يرجوا للخيانةِ مقعدا
يظاهر (بعرانُ) النفاق توحشاً
ولن يصلح (الأعراب) ما أفسد العدا
ولله أنصارٌ وحزبٌ.. عصائبٌ
فيالق حشدٍ.. زادهم ربُهم هدى
(عرين أسود)..كلُهم جندُهُ.. بهم
قضى الله حتما بالزوال وموعدا
إلى القدس قد شدوا الرحال.. قلوبُهم
مصلى لها - أضحت - صلاةً ومسجدا
دروعا لها صاروا.. سهاما.. أسنة
وللقدس سيفٌ لن يُفَل ويغمدا
على اليمن، ونزعتها الاستعمارية إلى استعباد الشعب اليمني، وإعادته إلى حضيرة الطاعة، أو محوه عن الوجود.
تصدرت أمريكا مشهد العدوان على اليمن، ومضت علناً تحشد الجيوش المرتزقة، والمواقف السياسية، وتعلن التعبئة العامة، في غطرسة وصلف وحقد، لم يشهد لها العالم مثيلاً، حيث جَسَّد الرئيس الأمريكي السابق (دونالد ترامب)، فصولاً من تلك المشاهد الإجرامية، والصلف والقبح والانحطاط الاستعماري، وهو الذي أعلن غير - متحرج - أكثر من مرة، أن الحرب على اليمن يأتي في سياق تفعيل المشروع الإمبريالي الصهيوني، وليس أمام الشعب اليمني، سوى الانصياع والتطبيع، أو الاستمرار في تجرع الموت البطيء حتى آخر نفس في مشروع الحرية.
اليمنُ.. آخرُ محطاتِ سقوطِ الهيمنة (2)..بقلم/ إبراهيم محمد الهمداني
http://www.almasirahnews.com/92759/
منظمة الأمم المتحدة (الأمريكية).. ومفارقة الحرب والسلام في اليمن. (1)
إبراهيم محمد الهمداني
طالما كانت - ومازالت - الحرية هاجسا جمعيا متوقدا، وحقا إنسانيا مطلقا، لا يُستجدى ولا يُوهب، وإنما يُنتزع انتزاعا، بعد تسديد ثمنه المستحق، من الدماء والتضحيات والمواقف والبطولات، ومواجهة المستعمر بكل قوة، مهما كانت ضخامة وفتك آلته القمعية، التي يحرص على استعمالها - ضد الشعوب - إلى آخر لحظة، وحين لا يجد بدا من الخضوع لإرادة الشعوب، يسارع إلى تغطية وجهه الإجرامي بقناع من الإنسانية المزيفة، مبديا تفهمه مطلب الشعوب، مؤكدا حقها في الحرية، ليمنحها بموجب ذلك الدور المخادع، استقلالا مغلما ومفخخا، ظاهره الحرية وباطنة تبعية أقبح واستلاب أنكى، تديره وتكمل طريقه، أيادٍ وطنية محسوبة على الشعب والثورة، من مواقع قيادية عليا، لصالح سلفها المستعمر الخارجي، مقابل ما تحصل عليه من دعمه ومساندته، على كافة المستويات والأصعدة، وحرصه على ضمان بقائها في كرسي الحكم، كاستحقاق مطلق للحاكم الأبدي، وعند ذلك يتوجب على الشعوب دفع ثمن الحرية باهظا، مرة أخرى، للتخلص من مستعمر وطني عميل، ومستبد أكثر توحشا وإجراما من سلفه، ومتسلط يرى الوطن أرضا وإنسانا ملكية خالصة، والسلطة حقا إلهيا محضا، والمحكومين مجرد أرقام، لا فرق بين البشر والحيوانات الأليفة، إلا بمقدار ما تقدمه من خدمات لمالكها، وقد تكون الأخيرة أفضل، كونها تخدم بصمت.
كان ما سمي "الربيع العربي"، محطة هامة، في سياق التحولات السياسية العميقة، واستراتيجية القوى الاستعمارية الكبرى، في عملية صناعة وإعادة إنتاج الأنظمة العربية، الموالية للإمبريالية الأمريكية، والعالمية بشكل عام، ناهيك عن الأنظمة غير المتعاونة، حسب وصف وزير الخارجية الأمريكي، كونداليز رايس، (2005 - 2009م)، التي تسلمت ملف مشروع (الشرق الأوسط الجديد)، من إدارة الرئيس الأمريكي بوش الإبن، وكانت رائدة هذا المشروع، في كل المحافل الدولية، مبشرة بولادة (شرق أوسط جديد)، يقوم على مبادئ الحرية والعدالة والديمقراطية، التي ستنشرها أمريكا - على طريقتها الخاصة - في سبيل تحرير شعوب الشرق الأوسط، من هيمنة وتسلط أنظمتها الحاكمة الديكتاتورية، واستبدالها بأنظمة أكثر انفتاحا وتفهما ومرونة، في مواقفها من الولايات المتحدة الأمريكية، وأخواتها من القوى الاستعمارية الكبرى.
هدف هذا المشروع التفكيكي صراحة، إلى التخلص من الأنظمة العربية الحاكمة، التي لم تشفع لها عمالتها، وارتهانها للقوى الاستعمارية، وخدمتها في البلاط الإمبريالي، على مدى عقود من الزمن، ورغم ذلك لم تحاول الأنظمة الحاكمة، العودة إلى جادة الصواب، وتحسين علاقتها بشعوبها، بل ازدادت تسلطا وفجورا وتوحشا، الأمر الذي جعل إسقاطها مطلبا شعبيا، ورغبة جمعية عارمة، خاصة وقد اندلعت ثورات (الربيع العربي)، من أجل تحقيق هذا الهدف أولا وقبل كل شيئ، وليكن بعد ذلك ما يكون، وكان هذا هو الجو المناسب لتدخل القوى الاستعمارية، في رسم مسار الثورات الشعبية، وتوجيهها ضمن مدارات مصالح المشروع الإمبريالي، حيث وقفت تلك القوى الاستعمارية إلى جانب الشعوب، مباركة ثورتها ومؤكدة مشروعية مطالبها، ومعلنة دعمها الكامل، وقد صدرت قرارات مجلس الأمن، وتوصيات منظمة الأمم المتحدة، بما يعزز حضورها في هذا السياق، لتضع سيناريوهات متعددة، لنهايات تختلف تفاصيلها، في تصوير المشاهد الختامية، في حياة الزعماء والرؤساء والقادة العرب، الذين أمضوا عقودا من الزمن في خدمتها، لينتهي بهم المطاف، ما بين لاجئ سياسي، ومعتقل في السجن، وقتيل بأيدي الثوار، ورابع مُنح حصانة أممية، ليس من قبيل مكافأة نهاية الخدمة، وإنما من أجل مهمة خيانية قادمة، يختم بها سجل عمالته وارتهانه وإجرامه.
استطاعت منظمة الأمم المتحدة الاستعمارية، عبر أقطابها الخمسة الفاعلين، وعملائها وأدواتها ومرتزقتها، تحويل ثورات (الربيع العربي) 2011م، إلى مجرى نهر مصالحها الكبير، واغتالت إرادة الشعوب، في غمرة الاحتفال بها، وما بين غمضة عين وانتباهتها، أصبح الواقع أكثر مأساوية، وعلاوة على الفساد والبطالة والقمع والظلم و.......إلخ، الذي كان سائدا سابقا، برزت مظاهر مرعبة من الانفلات الأمني، والاضطراب السياسي، والصراع المدمر على كافة المستويات، في ظل غياب الدولة (فراغ إداري)، وانتشار ثقافة الفيد، وتصفية الحسابات والثارات القديمة، وأصبحت مؤسسات الدولة عبارة عن جهاز كبير مفرغ، بحجة شروط الوفاق حينا، وعدم الاتفاق حينا آخر، وكون الفترة (انتقالية)، لم يكن مشجعا للأطراف المتقاسمة لكعكة الحكم، في التقارب فيما بينها وتقريب وجهات النظر، بما يخدم الصالح العام، نظرا لضيق الوقت، وأولوية تحقيق المصالح الشخصية، وفي ظل فشل طروحات الحكم التقدمية من ناحية، وفشل مشروع الإسلام السياسي الإخواني في عالميته، عن إنتاج مشروع سياسي ناجح، من ناحية ثانية، احترقت آخر آمال الشعوب في اجتراح ثورة أخرى، ومات الإسلام كمشروع حياة في نفوسهم
أما السفينة.. فكانت لوعد سيد القول والفعل منقادة غصبا
إبراهيم محمد الهمداني
ما لم تجرؤ على فعله، أكثر من خمسين دولة عربية وإسلامية مجتمعة، فعلته دولة واحدة بمفردها، رغم ما تعانيه من ويلات عدوان عالمي، وحصار أممي مطبق، على مدى تسع سنوات، نتج عنها أبشع وأكبر مأساة إنسانية، وأسوأ كارثة في تاريخ البشرية، حسب تقارير منظمات الأمم المتحدة نفسها، المشاركة فعليا في قتل وحصار شعب بأكمله.
لكن ذلك لم يحل دون قيام ذلك الشعب العظيم، بواجباته الدينية والأخلاقية والإنسانية، تجاه دينه وقضايا أمته.
ما لم تجرؤ على التفكير فيه، الأنظمة العربية والإسلامية، في قمة الجامعة العربية الطارئة، المنعقدة في الرياض، بعد أكثر من ثلاثين يوما، على العدوان الصهيوني الغربي، على المدنيين الأبرياء في قطاع غزة، فعلته وأقدمت عليه - بكل جرأة وشجاعة - القوات المسلحة اليمنية باقتدار، وحين عجز بيان تلك القمة الهزيلة، عن صياغة مخرجاتها، بلغة حازمة نوعا ما، استطاع سيد القول والفعل، إعلان بيان قمته الجهادية المشرفة، بلغة الصواريخ الباليستية الغاضبة، ونبرة الطائرات المسيرة اليمنية الثائرة، التي بلغت عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأسمعت صرختها من به صممُ.
في زمن ساد فيه ظلام الهيمنة الاستعمارية الاستكبارية، وفي جغرافيا مترامية الأطراف، غلبت عليها أنظمة العمالة والارتهان، ظهر من أقصى جنوب الجزيرة العربية، قائد رباني، آتاه الله الحكمة وفصل الخطاب، ومكَّنه من أسباب القوة والبناء، وعصم به شعبا كريما، كان على شفا حفرة، من نيران التطبيع والخضوع، وكان قاب قوسين أو أدنى، من إعلان عبوديته المطلقة، لقوى الكفر والشر والطاغوت.
وجاء من أقصى الجزيرة رجل يسعى، قال يا شعب اليمن العزيز، اثبتوا واصبروا ورابطوا، ولكم من الله النصر والتمكين، ومن أوفى بوعده من الله؛ كان نطقه القرآن، وكان هدى الله يترقرق من بين ثناياه، منهلا عذبا، يروي ظمأ الأرواح، ويشفي غليل القلوب، وهو يهذب النفوس ويزكيها، وبمنطق الحكمة وقوة اليقين، اختصر معادلات الصراع، في الحتميات الثلاث، فاجتمعت إليه أقوام آمنوا بربهم، وزادهم هدى وزكاء، فخاضوا معه معركة المصير، ضد قوى تحالف العدوان الصهيوسعوأمريكي الإجرامي، وفقا للتوجيهات والاستراتيجيات الإلهية، التي تمخضت عن انتصارات إعجازية مذهلة.
استطاع سيد القول والفعل، قيادة شعبه إلى مراتب متقدمة من الانتصارات والقوة والبناء، وأصبح اليمن قوة إقليمية، يتمتع بكامل الحرية والسيادة والاستقلال، وما بين مرحلة الصمود الأسطوري، ومرحلة كسر فاعلية قوة العدوان، استطاع القائد الرباني، من خلال المنهج القرآني، بناء أمة عظيمة، حرص - رغم انشغاله بمواجهة العالم، على كافة المستويات - على تأهيلها وتزكيتها وتربيتها وتهذيبها، وتهيئتها لتحمل مسئولية القيادة والاستخلاف، في إطار المشروع الإلهي، ومهمة إنقاذ البشرية، من تسلط وهيمنة قوى الطاغوت والإجرام.
لم تشغله مواجهة قوى العدوان وتحالفاته، على كافة المستويات، عن تلبية نداء استغاثة أبناء غزة المستضعفين، وهم يُذبحون جماعات وفرادى، بصواريخ وقنابل الاحتلال الصهيوني الغاصب، المدعوم من أمريكا، ومعظم دول الغرب، ولما كانت تلك - هي أيضا - رغبة شعب بأكمله، عبَّر عنها بمظاهرات مليونية حاشدة، مفوضا سماحة السيد القائد، باتخاذ كل ما يراه مناسبا، من وسائل الرد المشروع، على جرائم ومجازر الإبادة الجماعية، بحق إخواننا الفلسطينيين، كما أبدت تلك الجماهير استعدادها للمشاركة الفعلية، في نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، والقتال جنبا إلى جنب مع إخوانهم مجاهدي المقاومة، إن أذن سيد القول والفعل بذلك.
قالها سيد القول والفعل وفعلها، وأعلن موقف الشعب اليمني - الثابت والمبدئي - إلى جانب الشعب الفلسطيني، وقضيته العادلة، فصدقته عمليات القوات المسلحة اليمنية، التي استهدفت - بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة - أهدافا استراتيجية حساسة، في عمق الأراضي المحتلة، أصابت الكيان الصهيوني المحتل، إصابات بالغة قاتلة، ثم ما لبث سيد القول والفعل، أن هدد باستهداف سفن الكيان الصهيوني في البحر الأحمر، وحذرها من المرور من باب المندب، والمياه الإقليمية اليمنية، وصدَّقت أفعالُه أقوالَه، وجاءت ترجمة ذلك الموقف العظيم، على يد القوات المسلحة اليمنية، التي سارعت بالاستجابة لأمر السيد القائد، وأعلنت استيلاءها على سفينة إسرائيلية، واقتيادها إلى السواحل اليمنية، رغما عن أنف الأساطيل الأمريكية، والبوارج الحربية الغربية، وأكثر من ذلك، فقد كسرت هذه العملية، كل قواعد الهيمنة الصهيونية الغربية، وفرضت معادلات جديدة للصراع، مع قوى الاستكبار الغربي العالمية، حيث تجنبت القوات المسلحة اليمنية، استهدافها بالقصف الصاروخي المباشر، وإصابتها وإغراقها، بل تعمدت الاستيلاء عليها واقتيادها، بما يحمله موقف الاستيلاء عليها، واقتيادها قسرا، إلى السواحل اليمنية، التي أصبحت محرمة على قوى الهيمنة الأمريكية الغربية، دون
الأبد، كما أن قوى الجهاد والمقاومة في الداخل والخارج، لم تتوان في توجيه أقسى الصفعات، على وجه ذلك المعتدي الأعمى، الذي يخط مسار نهايته بيده، فكلما أوغل الصهاينة في ارتكاب المزيد من عمليات القتل والتدمير الشامل، اتسعت رقعة وجغرافيا المعركة، وفُتحت جبهات جديدة، داخليا وإقليميا، وكلما اتسعت جغرافيا المعركة، تضاءلت خيارات خروج الكيان الصهيوني، والغرب الإمبريالي منها سالمين، وبالتالي تنعدم فرص بقائهم وبقاء مصالحهم، في كامل المنطقة العربية.
إن المدمرات والبوارج والسفن الحربية، التي عجزت عن حماية نفسها، من ضربات الصاروخية اليمنية، هي أعجز عن حماية الكيان الصهيوني الوظيفي، وبقية الكيانات الوظيفية المطبعة، التي هرولت إلى التطبيع، بدافع وهم الحماية الإمبريالية، غير مدركة أنها لا تعدو كونها في نظر الكيان الصهيوني والغرب الاستعماري، مجرد أدوات وكيانات وظيفية، تعمل بنظام الارتزاق، على تنفيذ مخططات، وحماية مصالح القوى الاستعمارية، التي سرعان ما ستتخلى عنها، وتتركها تواجه مصيرها المحتوم، عندما تشعر أنها أصبحت غير مجدية، من منظورها المادي البحت، كما فعلت في أفغانستان وغيرها.
والتساؤلات التي لابد من طرحها هنا هي؛ ما هي الخطوة الأخيرة، التي قد يلجأ إليها المستعمرون المهزومون؟ ما هي رهاناتهم للخروج من هذه المعركة؟ هل يدفع الكيان الصهيوني الغاصب - ومن خلفه الغرب الاستعماري - بأنظمة التطبيع والعمالة، إلى محرقتهم الأخيرة، في مواجهة مباشرة مع اليمن خاصة، ومحور المقاومة عامة؟ هل يتخلى الجيش المصري - مثلا - عن شرفه العسكري ورصيده الوطني، وينجر إلى المواجهة المخزية، ضد محور الجهاد والمقاومة، إرضاء للسيسي العميل، والعدو الصهيوني المحتل؟.
يجب على الشعوب أن تقول كلمتها، وأن تثور ضد أنظمتها الحاكمة العميلة، انتصارا لدينها وشرفها وكرامتها، وأن تجبر حكوماتها على المقاطعة الدبلوماسية والاقتصادية، وتطرد سفراء الكيان الصهيوني، وكل من أيده وسانده وساعده، من دول الغرب الاستعماري، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، وبهذا سيتوقف حكام العمالة والنفاق والتطبيع، عن ارتكاب أي حماقة محتملة، كما أن العدو الصهيوني والغرب الاستعماري، سيفقد الكثير من أوراقه ورهاناته، وتضيق مساحات خياراته، وسيكونون أمام خيارين أحلاهما مرَّ، ونهاية مخزية محتومة واحدة.
http://www.almasirahnews.com/117323/
في معركة #طوفان_الأقصى
بالستيات ومسيَّرات يمنية.. تترجم عظمة المشروع وصدق القائد
إبراهيم محمد الهمداني
إن من الإجحاف الحديث عن معركة طوفان الأقصى، في لحظتها الزمنية الراهنة، كحدث انفجاري مفاجئ، منقطع عن سياقه الزمني الماضوي، الذي جمع في مجراه، كل الأحداث الجزئية، المتفرقة مكانيا والمتواترة زمنيا، التي تفاعلت فيما بينها، وتمخضت عن عدد من العوامل والأسباب القاهرة، التي أنتجت معركة طوفان الأقصى، في سياقيها الزماني والمكاني، وأنساقها السياسية والعسكرية والاستخبارية والشعبية، وتداعياتها الاقتصادية إقليميا وعالميا، ذلك لأن الأحداث الكبرى، إنما هي عصارة أحداث جزئية، في متوالية السيرورة الزمنية والمكانية، تفاعلت فيما بينها وتلاقحت، لتنفجر - بعد نضجها - أحداثا كبرى، تصبح - فيما بعد - أيقونة التحولات التاريخية الكبرى، وعلامة فارقة في مسيرة التاريخ الإنساني.
* معركة طوفان الأقصى في سياقها الطبيعي
كذلك الحال بالنسبة لمعركة #طوفان_الأقصى، التي كانت نتاجا طبيعيا، لصورة تفاعلها الإيجابي، مع أحداث محيطيها الإقليمي والعالمي، بوصفها فعل الضرورة القصوى، المتشكل من انتصارات محور الجهاد والمقاومة، سياسيا وعسكريا واستخباريا، من ناحية، ومن محاولات تصفية القضية الفلسطينية، إقليميا وعالميا، من ناحية ثانية، واستهدافها علنا، من خلال صفقات التطبيع المتلاحقة، على المستوى العربي، وتبني الغرب الحضاري، عملية التصفية والمحو تلك، على كافة المستويات والأصعدة، رغم تعارض ذلك الفعل الاستعماري الصريح، مع شعارات مشروع الغرب الحضاري المزعوم.
* طوفان الأقصى.. طوفان اليمن
يمكن القول إن العدوان الصهيوسعوأمريكي على اليمن، بكل مظاهره وجرائمه ومجازره، كان بمثابة الثمن الباهظ، الذي دفعه اليمنيون على مدى تسعة أعوام، نظير موقفهم المبدئي والثابت، مع قضية فلسطين أرضا وإنسانا، ذلك لأن ارتباطهم بالقضية المركزية المحورية، لم يعد من قبيل التعاطف الإنساني، أو التعصب القومي فقط، وإنما هو من باب الواجب الديني أولا وقبل كل شيء، كونها الركيزة الأساس في المشروع القرآني العظيم، الذي أعاد الشعب إلى مساره الإيماني الأصيل، وأعاد للدين قيمته الاعتبارية والروحية، وأكد على طبيعة المسئولية، وحقيقة الاستخلاف الإلهي، وطبيعة الصراع الأزلي، ضد قوى الشر والاستكبار والضلال، الذين نص عليهم الله سبحانه وتعالى بقوله - "والله أعلم بأعدائكم" - وحذرنا من اليهود والنصارى وأوليائهم، وأوجب علينا الجهاد ضدهم، بمختلف الوسائل والطرق، وصولا إلى المواجهة الميدانية المسلحة، نظرا لما يمثلونه من خطر وجودي على الإنسانية جمعاء.
* القدس في المشروع القرآني الحضاري
تلك هي ركيزة المشروع القرآني الحضاري، الذي تشرَّبه اليمنيون واعتصموا به، فاستعادوا هويتهم الإيمانية، ودورهم الريادي، وحققوا به انتظارهم الخالد، على قوى تحالف العدوان والحصار العالمي، حيث ترجموا مفردات ذلك المشروع العظيم، اعتقادا وسلوكا، ولم ينسوا القدس أو يتخلوا عنها، حتى وهم يخوضون أشرس المعارك، ويقاسون أسوأ الظروف والصعوبات، مؤكدين في كل مناسبة وموقف وحادثة، أن القدس هي البوصلة، وأن الكيان اليهودي الصهيوني الغاصب، هو العدو الأول، ومن خلفه أمريكا وأخواتها، وأن تحرير القدس وفلسطين قاطبة، هي مسئوليتهم الأولى، وغايتهم العظمى، التي لا يثنيهم عنها أي شيء.
* عظمة المشروع وصدق السيد القائد
ذلك هو ما أكده سماحة السيد القائد العلم المجاهد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي - يحفظه الله - في أكثر من مناسبة، وترجمته الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة اليمنية، التي استهدفت كيان العدو الصهيوني، في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقطعت أكثر من 2000 كم، لتعبِّر عن قضية الشعب اليمني المركزية، واشتياقه الكبير للمشاركة الفعلية، والجهاد بالنفس لتحرير كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة.
إن هذا الموقف السياسي العسكري المتقدم، الذي أعلنه الناطق الرسمي للقوات المسلحة اليمنية، بتاريخ 16 ربيع الآخر 1445، الموافق 31 أكتوبر 2023م، بعد أربعة وعشرين يوما، من بداية معركة #طوفان_الأقصى، معلنا انضمام اليمن رسميا، إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم، مؤكدا على وحدة الساحات، وواحدية القضية والمصير المشترك، وأن القوات المسلحة اليمنية، وهي تستهدف عمق هذا الكيان الصهيوني الغاصب، بأعداد كبيرة من الصواريخ الباليستية المجنحة والطائرات المسيرة اليمنية، تؤكد استمرارها في نصرة الشعب الفلسطيني الأعزل، وتنفيذ المزيد من العمليات الصاروخية النوعية، استجابة لمطالب الشعب اليمني، وكافة شعوب الأمة، حتى يتوقف هذا العدوان الإجرامي، على إخواننا في غزة وفلسطين عموما.
* من اليمن إلى غزة.. واحدية العدو وواحدية المظلومية.
https://youtu.be/BUqZHkfTlhc?si=2ssJ7qoaBV1Cv19F
إبراهيم محمد الهمداني #طوفان_الأقصى قناة الهوية الفضائية
إن الخروج الشعبي المليوني، الذي غصت به ساحات المحافظات الحرة، ليس إلا تفويضا مطلقا، للقيادة الثورية والجيش اليمني، باتخاذ كل الخيارات الممكنة، اللازمة للخروج من الحالة الصفرية المفرغة، التي تريد قوى تحالف العدوان والأمم المتحدة، فرضها على الشعب اليمني بالتوازي مع استمرار استراتيجية الحصار القاتل، والكرة الآن في ملعب قوى تحالف العدوان، وفي حال استمرت في طغيانها وإجرامها، بحق الشعب اليمني، فإن الأيام القادمة كفيلة برواية رد القيادة الثورية، المفوضة مطلقا من الشعب، وللجيش اليمني بصواريخه ومسيراته كلمته الفاصلة، فهل تجازف الأمم المتحدة وأمريكا، بالاستمرار في المراوغة والتحايل، أم أننا سنشهد انفراجا جزئيا، لتفادي حصول الأسوأ، وما لا تُحمد عقباه إقليميا وعالميا، وتأجيل المعركة البحرية العالمية الحاسمة، إلى أجل مسمى، كونها حدثا مفصليا ومحتوما، لا مناص عنه ولا مفر منه.
Читать полностью…الحصار حرب... والحرب عدوان
وعلى الباغي تدور الدوائر
إبراهيم محمد الهمداني
حفلت كتب التاريخ على مدار العصور، بتوثيق وقائع الحروب وأحداث المعارك، واستراتيجيات الصراعات العسكرية والسياسية، التي دارت رحاها بين القوى المتصارعة، في مختلف الأزمنة والأمكنة، ومادام المنتصر هو من يكتب، فهو بلا شك سيسعى إلى تجميل إجرامه وتوحشه بمساحيق فعل الضرورة، وبراعة وذكاء التخطيط، ومبررات الحرب خدعة، وتصوير انتصاره على خصومه، بأنه تأييد إلهي ونصر سماوي، صادر عن إرادة الله المدبر لكل أمر، وبذلك يتم تمرير توحش وبربرية وإجرام المنتصر بحق المغلوب، تحت غطاء الإرادة الإلهية، ولا راد لمشيئة الله وقدره، ولو لم يشأ الله ذلك لما حدث أصلا، وبهذا التبرير الساذج والطرح المتهالك، لا يتوقف الأمر عند إقناع المغلوب بتقبل ما حصل بحقه، بوصفه قدراً محتوماً، لا يجوز رفضه أو استنكاره، وإنما تتم في المقابل - أيضاً - تبرأة ساحة المجرم/ المنتصر، من كل جرائمه، كونه مجرد أداة لتنفيذ المشيئة الإلهية، بلا حول منه ولا قوة، في تغيير القدر المحتوم، الأمر الذي أعطى أولئك الطغاة المنتصرون، مساحة تسلطية أكبر زمانياً ومكانياً، ورغم إجماع الأمة على طغيانهم وفجورهم وفسقهم، فقد أوجبت طاعتهم وحسابهم على الله.
تكررت نماذج الإجرام والظلم والطغيان، والمجازر وحروب الإبادة عبر التاريخ، إلَّا أن أيَّاً منها، لم يبلغ - حسب اعتقادي - درجة ظلم وطغيان وفجور تحالف العدوان الإجرامي على الشعب اليمني، الذي تعرض على مدى ثمان سنوات، لأبشع حرب إبادة جماعية، وأقذر تحالف عالمي همجي متوحش، وأحقر مؤامرة اغتيال بتواطئ أممي، غاية في الانحطاط والابتذال، في أخزى عملية انسلاخ وتنصل عن القيم والمبادئ الإنسانية، وتنكر علني فاضح لكل ما زعمت حمايته ورعايته من حقوق الإنسان، والحفاظ على الأمن والسلم العالمي، والعمل على تكريس العدالة والمساواة والحرية والسيادة والاستقلال، والتعايش السلمي بين جميع شعوب العالم.
ثمان سنوات من عمر قوى تحالف العدوان بما حملته من مشاريع الموت والتدمير الممنهج، والحرب الخشنة والناعمة والبيولوجية، والموت بالجملة في مجازر إبادة جماعية، والموت البطيئ بالتقسيط غير المريح، بالحصار الوحشي المطبق براً وبحراً وجواً، والإجهاز على شعب بأكمله، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، على وقع سيمفونية الأطماع الاستعمارية، ويتجرع مرارة التواطؤ الأممي، على وقع أنغام معزوفة المصالح الإمبريالية المشتركة.
ثمان سنوات من الإجرام العالمي، قابلتها ثمانية أعوام من الصمود اليماني والمواجهة، واستراتيجيات الرد والردع، وصولاً إلى امتلاك زمام المبادرة، وفرض قواعد اشتباك جديدة، في سياق حق الدفاع عن النفس، أوصلت قوى تحالف العدوان إلى مرحلة العجز التام، رغم ترسانتها العسكرية المرعبة، وخزينتها المالية الضخمة، واستراتيجياتها العدوانية الواسعة، وتحالفاتها المسنودة بالمواقف السياسية والدبلوماسية، التي تؤيدها وتدعمها بشكل مطلق؛ غير أن سقوط العملاء والأدوات، قد جر خلفه سقوط أركان الطغيان وقادة الاستبداد والإجرام، الذين حاولوا إدارة العدوان على اليمن، من خلف ستار، العملاء، وتحت قناع الأدوات المحلية والإقليمية، أطول وقت ممكن.
مع بداية العام الثامن، تغير ميزان القوى، وتغيرت معادلة الصراع، لصالح الجيش اليمني، الذي استطاع بفضل حكمة قيادته الثورية ومثابرة قيادته السياسية، فرض معادلة السيادة على الأرض اليمنية، وحماية الثروات النفطية من عمليات النهب والسرقة المنظمة، التي تقوم بها قوى تحالف العدوان، بدعم وحماية القوى الإمبريالية، ذات الطابع التسلطي والعقلية اللصوصية المحضة، ومن خلال عمليتي ميناء الضبة وميناء قنا النفطيين، قام الجيش اليمن بدوره في حماية ثروات الشعب، من النهب والعبث والفساد، وقطع أيدي وأطماع القوى الاستعمارية، التي جن جنونها، وسارعت إلى إدانة واستنكار ذلك الفعل، واصفة فرض سيادة الجيش اليمني، على ثرواته ومنع نهبها وسرقتها، بأنه عمل إرهابي يهدد أمن الملاحة العالمية، غير عابئة بتساقط أقنعتها الحضارية المزعومة، وظهور حقيقتها اللصوصية الإجرامية، ودورها الاستعماري التسلطي، الذي كانت عليه بالأمس، خاصة وقد تزامن فرض السيادة اليمنية على الثروات الوطنية، مع أزمة الطاقة العالمية، وتطورات الحرب الروسية الأوكرانية، وتداعيات ذلك على الاقتصاد العالمي، ومعادلات الصراع العالمي، والتحالفات السياسية الجديدة، التي بدأت تتشكل، مؤذنة بسقوط وانهيار وتفكك القوى الكبرى واتحاداتها وتحالفاتها، التي بلغت مرحلة الشيخوخة، كالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها.
التطوع والمبادرة في الخطاب القرآني 2
منهجية ذي القرنين.. ريادة وإنجاز.
إبراهيم محمد الهمداني
"قالوا يا ذا القرنين إن يأجوج ومأجوج مفسدون في الأرض فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا (94) قال ما مكني فيه ربي خير فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما (95) أتوني زبر الحديد حتى إذا ساوى بين الصدفين قال انفخوا حتى إذا جعله نارا قال أتوني أفرغ عليه قطرا (96) فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا (97)".
يقدم الخطاب القرآني – من خلال البنية السردية السابقة – أسس المنهجية الرائدة، والرؤية الثاقبة والبصيرة النافذة، الخاصة بكيفية تفعيل القوة الجمعية، وتوحيد وتكثيف الجهود والطاقات الفردية، في إطار العمل الجمعي، ويمكن القول إن ذا القرنين – بما مكَّنه الله من قوة وألهمه من حكمة – قد وضع المرتكزات الرئيسة، لأول مبادرة مجتمعية في التاريخ البشري، حيث ارتبط فعل التمكين وحكمة التوجيه، بالعامل المساعد والمساند والمعين، ممثلا في القوة الجمعية، في تكامل مذهل وناجح بامتياز، بين معطيات التخطيط وآليات التنفيذ، لترتسم أمام المتلقي، مبادرة مجتمعية تكاملية، ناجحة ومتميزة على كافة المستويات.
بالرغم من التمكين الإلهي لذي القرنين، وتهيئة أسباب كل شيئ له، إلاَّ أنَّ بذل السبب البشري كان ضرورياً ولازماً ولا بد منه، ولذلك اتبع ذو القرنين سبباً ووسيلة، لتحقيق مقتضى التمكين الكامل، ولأنَّ ذا القرنين قد بلغ من التمكين والقدرة والاستطاعة، مالم يبلغه غيره ولم يتوفر لسواه، لجأ إليه قوم بين السدين – بمجموعهم الكلي – مؤمِّلين في إمكاناته – وهو فرد – القدرة على دفع الضرر عنهم، وتحقيق خلاصهم من عواقب فساد يأجوج ومأجوج، ومقابل ذلك سيدفعون له "خرجاً" من أموالهم، كمقابل وأجر لتلك المنفعة والمصلحة، التي سيحققها لهم، لكنه أعرض عن ذلك الأجر المادي قائلاً "ما مكَّني فيه ربي خير" من أموالكم، التي وإن كانت وسيلة من وسائل الحياة، وجزءً من التمكين الإلهي للبشر، إلا أنَّ ذا القرنين علَّمهم أنَّ المال ليس كل شيئ، وهناك تمكين إلهي أكبر وأهم، وهو الإلهام والحكمة واستعمال العقل، فأرشدهم ذو القرنين إلى أهمية وعظمة العمل الجمعي، وأن قوة الجماعة يجب أن يرافقها العقل والحكمة، حيث قال لهم:- "ٌفَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا"، ومن خلال استغلاله لقوة المجتمع – بوصفهم الثروة البشرية – استطاع تحقيق حلمهم، وكف أذى وشر يأجوج ومأجوج عنهم، بعد أن تحمَّلوا ذلك الشر والأذى فترة من الزمن، ليكتشفوا بعد ذلك أنَّهم قد بنوا ذلك الحاجز الهائل، بسواعدهم وجهودهم الذاتية، ولم يكن من ذي القرنين، إلا أن رسم الخطة، ووزع الأدوار، ثم وجههم لتنفيذها، وبهذا يمكن القول إن ذا القرنين قد جسَّد ومثَّل معهم، حقيقة التمكين المجتمعي بمفهومه المعاصر، مؤكداً أنَّ المجتمعات قوة لا تقهر ولا تعرف المستحيل، وأنَّ الثروة البشرية هي الثروة الحقيقية، التي يعوَّل عليها في تحقيق التنمية الحقيقية، وإنجاز المشاريع التنموية، ومواكبة عجلة التطور والتقدم والازدهار، من خلال استغلال الثروة البشرية والقوة الجمعية، وتظافر الجهود وتكاتفها، وتوجيهها التوجيه السليم، من قبل إدارة حكيمة، ذات معرفة وخبرة في هذا المجال.
التطوع على الطريقة الأمريكية الإمبريالية
إبراهيم محمد الهمداني
لم تقتصر مفردات التطور والترف الحضاري الإمبريالي، في جانب إنسانيته المزعومة، على قصة القطة الحزينة، أو الكلب المدمن، أو الدجاجة التائهة، بل وصلت إلى مراحل شعورية ونفسية متقدمة، محذرة من تداعيات تلك الحالات، وهو ما جعل الناشطين الناعقين في هذا المجال، يتطوعون لإيجاد الحلول، ويطالبون علماء نفس الحيوان، بدراسة تلك الحالات دراسة مستفيضة، وتقديم المعالجات اللازمة، في أسرع وقت، تفاديا لتداعيات الموقف المحرج، وفي الوقت ذاته يروج الإعلام الإمبريالي، لصورة أخرى من الترف الحضاري، حيث الكلبة الهولندية التي هجرها حبيبها الإسكندنافي، وتزوج أخرى بولندية،وحين أخبرها الكلب الأمريكي القادم من إيطاليا، حزنت كثيرا بينما كانت ترضع جراءها، وقد حذر خبراء متطوعون، من عواقب انتقال الحزن إلى الجراء، وتأثيره عليها مستقبلا، بما من شأنه تعزيز نزعة الانتقام لديها، وقد تتحول إلى عالم الإجرام، ولا يتوقف تضليل الماكينة الإعلامية الإمبريالية، عند قضية تعرض المثليين في دول العالم الثالث للاضطهاد والقمع، الأمر الذي جعل متطوعين أوروبيين وأمريكيين، يتطوعون لتنفيذ حملة مناصرة حقوق المثليين، في إطار أعمال ومشاريع التنمية البشرية، وبناء الإنسان ورعاية حقوقه.
والأشد من ذلك والأنكى، أن القوى الإمبريالية قد صدرت الكثير من مشاريعها التطوعية الحضارية، إلى عدد من الشعوب العربية المترهلة، ذات الأنظمة الحاكمة العميلة المتآكلة، وبذلك انتشرت الكثير من المبادرات والأعمال الطوعية، الخاصة برعاية القطط والكلاب، وأنجزت الكثير من اللوائح والقوانين المنظمة لاقتنائها، والتعريف بحقوقها، ومعاقبة من يخالف ذلك، وربما كانت أقرب مبادرة إلى روح تلك المجتمعات المتهالكة، هي تعريفها كيفية غسل اليدين، حفاظا على صحة الكلب السلوقي والهرة المنغولية؛ وبهذه الأساليب الأكثر قذارة وتضليلا، عملت القوى الاستعمارية على تغييب العقل العربي نهائيا، وتوصيف من يقف ضد تلك التفاهات، أو يتبنى مشاريع تنموية فكرية أو اقتصادية حقيقية، بأنه متخلف ورجعي، ولا يستحق مكرمة الترف الحضاري القادم من الغرب.
في الجانب الآخر، كانت جميع المشاريع التنموية، ومشاريع البنية التحتية، والمشاريع النهضوية الجادة، كلها في حالة غيبوبة وموت سريري، على يد الأنظمة العربية الحاكمة، التي استجابت لأوامر القوى الإمبريالية، حيث تعهدت بدورها للأنظمة العميلة، بتوفير كل مقومات المشروع الحضاري النهضوي، إلى كل البلدان العربية والإسلامية مجانا، وبتصدير الترف الحضاري والرفاهية، إلى كل الشعوب النامية، والوصول بها - بين ليلة وضحاها - إلى مصاف الدول المتقدمة الصناعية الكبرى، فأتقنت الأنظمة الحاكمة فلسفة الانتظار المصطنع، وقمع العقول وتعطيل القوة الجمعية، وجعل المجتمع رهينة فتات مشاريع تنموية حكومية فاشلة متعثرة، وأسير وعود المنظمات ومشاريعها الهدامة.
التطوع سبيل المحسنين
إبراهيم محمد الهمداني
يعد التطوع من أسمى القيم الدينية، وأرقى السلوكيات الحضارية، إذ تتجلي في القائمين به الملتزمين بنهجه، مجموع الصفات الحميدة، وخلاصة مكارم الأخلاق، فعلاوة على كونهم قد ألزموا أنفسهم طواعية، بما هو أكثر من الواجب عليهم، فإن ما تخلقوا به من عظيم الإيثار، قد أظهر مقدار إحساسهم العالي بالمسئولية، وشغفهم بالبذل والعطاء، سواء بالجهد أو المال أو غيره، دون منٍّ أو انتظار مقابل من أحد، سوى الله تعالى، الذي طالما أثنى عليهم، وشكر لهم صنيعهم، بجزيل ثوابه، وعظيم حبه، الذي خصهم به بقوله:- "والله يحب المحسنين".
طالما ارتبط التطوع بمفهوم المبادرات، في معناها الواسع الدال على المسارعة في أعمال الخير والبر والإحسان، سواء أكانت تلك الأعمال في جانب العبادات كصيام التطوع وصلاة النوافل والصدقات وغيرها، أو في جانب المعاملات بين الناس، بما من شأنه تعزيز العلاقات والروابط الأخوية بينهم، ويأتي الإيثار في مقدمة تلك السلوكيات الإنسانية، التي تخلص الإنسان من رذيلة الطمع وحب التملك، ونزعة الأنانية المفرطة، وما تنطوي عليه من مخاطر تغلغل الشح في النفس البشرية، حتى يصل الإنسان إلى مرحلة الجشع في حب المال، وسوء الظن بالله تعالى.
بينما الإيثار والبذل والعطاء، يقود الإنسان إلى أعلى مراتب السمو والفضيلة، عند الله تعالى وعند الناس، وفي هذا السياق مدح الله تعالى الأنصار، وأثبت لهم هذه الفضيلة بقوله:- "وَٱلَّذِينَ تَبَوَّءُو ٱلدَّارَ وَٱلۡإِيمَٰنَ مِن قَبۡلِهِمۡ يُحِبُّونَ مَنۡ هَاجَرَ إِلَيۡهِمۡ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمۡ حَاجَةٗ مِّمَّآ أُوتُواْ وَيُؤۡثِرُونَ عَلَىٰٓ أَنفُسِهِمۡ وَلَوۡ كَانَ بِهِمۡ خَصَاصَةٞۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفۡسِهِۦ فَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ"، الحشر/ ٩.
إن التطوع في تموضعه السلوكي الأخلاقي والممارسة الواقعية، يحمل في طياته كل معاني الإيثار والعطاء، والمسارعة في أعمال البر والإحسان، وبذل وتسخير الجهد والمال في خدمة المجتمع، بنفس راضية، وسعادة بالغة، وهو ما جسَّده المتطوعون - أحفاد الأنصار - في واقعنا اليمني اليوم، من خلال المبادرات والأعمال الطوعية، التي قاموا بتنفيذها في مختلف المجالات، وكانت بمثابة الصخرة الصماء، التي تحطمت عليها آمال تحالف العدوان، في نزعته الإجرامية، حين لم يكتفِ بهدم وخراب الأوطان، وحرب الإبادة ومجازر القتل الجماعي، بل سعى إلى هدم بنيان المجتمع وكيان الإنسان، من الداخل، بكافة الوسائل والطرق الوحشية، على مدى ثمان سنوات، لكنه لم يبلغ غايته، فقد مُنِي بأقسى الهزائم، في مختلف الميادين والجبهات، ومثلما سقط مرغما كسيرا في ميادين المواجهة العسكرية، سقط كذلك في ميادين المواجهة الاجتماعية والاقتصادية التنموية.
كان المتطوعون هم المجاهدون المحسنون، الذين أسهموا في صناعة النصر، من خلال إعادة بناء الروابط والعلاقات بين أبناء المجتمع، وتحصينهم ضد مشاريع العدوان الهدامة، وتعزيز قيم التكافل والتكاتف والتراحم، إضافة إلى قيادتهم لعملية بناء الوعي الجمعي بأهمية العمل الطوعي، وتنفيذهم الكثير من المبادرات المجتمعية، التي تصب في خدمة المجتمع، وكان لجهودهم ومبادراتهم الأثر الكبير، في تحقيق ذلك الصمود الأسطوري، الذي أذهل العالم، وقلب الموازين والمعادلات في ميادين المواجهة العسكرية، التي انعكست بدورها على مستوى الساحة السياسية العالمية، الأمر الذي جعل قوى العدوان السعوأمريكي وتحالفها العالمي، تفقد الكثير من أوراقها، وتقف عاجزة أمام أمرين أحلاهما مرُّ؛ فإما أن ترضخ لمتغيرات الواقع، وتعلن نهاية حربها وعدوانها على اليمن، وبذلك تعلن هزيمتها النكراء، وإما أن تستمر في حربها وعدوانها ومكابرتها إلى ما لا نهاية، وحينها ستكون العواقب وخيمة، والتداعيات أكثر خطورة على أمن واستقرار المنطقة، ناهيك عن التكلفة الباهظة لاستمرار الحرب، وتداعياتها على اقتصاد تحالف العدوان، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، التي أصيب اقتصادها في مقتل، جراء بعض ضربات الطيران المسير والصواريخ الباليستية اليمنية، حيث وصل بها الأمر إلى أن يتوقف نصف إنتاج شركة أرامكو من النفط، وهو ما انعكس سلبا على السوق العالمية، وبالتالي الاقتصاد العالمي الإمبريالي.
في الجانب الآخر، كانت اليمن تشهد نموا اقتصاديا لا بأس به، ونهضة تنموية صاعدة، وإن كانت بطيئة نوعا ما، فذلك لأنها نشأت من تحت الصفر، بجهود أولئك المتطوعين الأبطال، الذين بلغوا أعلى مراتب العطاء ومنازل الإحسان، حين بذلوا جهدهم ومالهم ووقتهم، وكل ما يمكن بذله وتقديمه، ولأنهم تلذذوا بقيمة العطاء شعوريا وأخلاقيا، وأدمنوا البذل والإيثار، وحين لم يبق لديهم غير أرواحهم، العارية من غواية الطمع ورذيلة الشح، جادوا بتلك الأرواح الطاهرة عن رضى وطواعية، مختارين ما عند الله من جزيل الأجر والثواب، على ما كان في أيديهم من النعم الزائلة، فاستحقوا رضى الله وحبه، "والله يحب المحسنين".
منظمةُ الأمم المتحدة (الأمريكية) ومفارقةُ الحرب والسلام في اليمن (2) .. بقلم/ إبراهيم محمد الهمداني
http://www.almasirahnews.com/92830/
منظمة الأمم المتحدة(الأمريكية) ومفارقة الحرب والسلام في اليمن 2
إبراهيم محمد الهمداني
استطاع اليمن أن يخرج من مسار الهلاك والضياع والاستلاب، الذي وضعته القوة الاستعمارية، بمنظمتها المتحدة ومجلس أمنها، وذلك بفضل ثورة ال21 من سبتمبر 2014م، في صيغتها الشعبية الخالصة، التي لم ترتهن لأي قوى خارجية، لا توجيهاً ولا تمويلاً ولا ولاءً، وبفضل قيادتها الحكيمة الربانية الملهمة، ممثلة بالسيد القائد العلم المجاهد السيد/عبدالملك بدر الدين الحوثي، يحفظه الله، الذي اختط للشعب نهجاً ثورياً ناجحاً وراقياً وحضارياً بامتياز، فكان نجاحها محققاً، ورؤيتها وفلسفتها مثار إعجاب ودهشة الصديق والعدو، ونهجها المتفرد بتعاليه على الجراح وإيمانه بالشراكة والإخاء والمسئولية الجمعية، وابتعاده عن الإلغاء والتهميش والإقصاء، موضع اعتراف وإجلال وتقدير العالم بأكمله، وهو ما أعلنت عنه الأمم المتحدة ومجلس أمنها، وأشادت به صراحة، بوصفه نموذج حكم فائق المثالية والإنسانية، لكنها سرعان ما انقلبت عليه وتنكرت له، وأدانت ما باركته بالأمس من إرادة الشعب وحريته واستقلاله، لتعود إلى سالف سياستها، وظلالها القديم، وهوايتها في ممارسة تدجين الشعوب، وتعميم الاستلاب والتبعية، لكن اليمن استطاع مرة أخرى، الانتصار لإرادته وثورته، وكان له حكاية مع منظمة الأمم (الاستعمارية) المتحدة، ماتزال تفاصيلها تروى سجالاً من الأحداث والتداعيات حتى كتابة هذه الأسطر في سياق مسيرة التحولات السياسية العالمية، التي يمثلها في الطرف الأول الإمبريالية، بزعامة وإدارة أمريكا وبريطانيا، وتنفيذ المملكة السعودية وأخواتها، ضد الطرف الثاني، الشعب اليمني الذي رسم بصموده الأسطوري، مسارات انتصاره العظيم، وبتضحياته الجليلة، وعظمة قيادته ومشروعه، استقلالا وسيادة وحرية، لا يمكن ان تنتزعها منه أعتى القوى على وجه الأرض، وهي بالفعل قد عجزت عن ذلك وتوالت هزائمها التصاعدية، وتساقطت رهاناتها وأقنعتها، وقطعت أذرعها، بداية من أدواتها وعملائها المحليين، ووصولا إلى منظماتها واتجاهاتها ومراكزها العظمى، التي أصبحت أوهن من بيوت العنكبوت.
لم تعد الأمم المتحدة ولا أمريكا ولا غيرها ممن تسمى بالقوى العظمى، هي صاحبة القرار في حاضر ومستقبل اليمن، ولم يعد في رصيد الولايات المتحدة الأمريكية، من مقومات الهيمنة والاستبداد، ما يؤهلها للقفز على إرادة الشعب، من خلال إعادة فرض ذات الهدنة المفرغة، التي رفضها اليمنيون مسبقاً، أو من خلال تبني وإعلان مشروع قرار حرب شاملة، قد تقودها أمريكا بنفسها، غير أن ترجيح صدور أكثر الخيارين (الهدنة أو الحرب) احتمالاً، عن الإرادة الأمريكية حالياً، بما هي عليه في وضعها الراهن، يعد أمراً في غاية الصعوبة، لأن أمريكا - بما هي عليه في تموضعها الوجودي والسياسي - قد أفلست سياسياً وعسكرياً ودبلوماسياً وإمبريالياً، وبلغت مرحلة متقدمة من الشيخوخة والضعف، والانهيار التدريجي والموت البطيء، ولم يعد في جعبتها من إرثها الاستعماري، سوى حق (الفيتو)، الذي أسرفت في استخدامه - لصالح الكيان الصهيوني لأكثر من ٤٣مرة، حتى فقد قيمته وهيبته، وأصبح رمزاً لعقلية التخلف والهمجية والتسلط، التي تختلف تماماً عن طبيعة المشروع الحضاري الذي تدعي حمله، خاصة وقد تحولت من لاعب أساس، في صياغة ورسم المشروع الإمبريالي الغربي، إلى أداة رخيصة بيد المشروع الإمبريالي الصهيوني.
مما لا شك فيه أن الحرب على اليمن - في إعلانها الأول 26مارس 2014م - كانت رغبة أمريكية خالصة في المقام الأول، مهما حاولت تقديمها في قوالب الشرعية الدولية، ورغبة المجتمع الدولي، ضمن صلاحيات مجلس الأمن المجمع عليها أممياً، ذلك لأن تنفيذ قرار الحرب، كان سابقاً لعملية استصداره، وصدوره عن مؤسساته المعنية، وكان الدفع بوزير الخارجية السعودي (عادل الجبير)، لإعلان الحرب على اليمن من واشنطن، باللغة الإنجليزية، تصرفاً في منتهى الغباء والحماقة والرعونة، نظراً لما انطوى عليه من المفارقات المتناقضة، المنتهكة لكل القواعد والأعراف والمبادئ السياسية والعسكرية والدبلوماسية، عكس حالة من التخبط والسقوط والابتذال السياسي، في شخص المعلن السعودي (الجبير) ومنصبه، ومنطوق الإعلان (اللغة الانجليزية)، ومكانه (الأمم المتحدة)، فلا شخص المعلن ولا منصبه، يمنحه حق صلاحية إصدار الإعلان، ولا لغة الخطاب/ الإعلان (الإنجليزية)، مناسبة لسياق حرب عربية/ عربية، ولا مجلس الأمن/ الأمم المتحدة، المكان المناسب لمثل ذلك الإعلان، لأنها لو كانت حرباً سعودية يمنية، فالمعني بإعلانها هو وزير الدفاع السعودي، ولو كانت عربية/ يمنية، لكانت الجامعة العربية هي المعنية بإصدار القرار، وإعلانه على لسان أمينها العام، ولو كانت حرباً دولية على اليمن، لكان مجلس الأمن وأمينه العام، موضع تلك الصلاحيات، ولا يوجد مبرر لغباء (الجبير)، وحماقة الإدارة الأمريكية التي باركت قراره، سوى تماهي الرغبة الأمريكية الاستعمارية، مع مشروع العدوان العالمي
وثقافتهم، وأيقنوا عجزه عن تلبية متطلبات المرحلة، أو ملائمته للتطبيق كنظام حكم، على أرض الواقع، مستسلمين لمقولات الغرب الاستعماري، بوجوب التفريق بين الإسلام الخاص بطقوس العبادة، والسياسة الخاصة بتصريف أمور الحكم، وأن ذلك هو أساس النهضة ومرتكزها الأول، وبذلك أصبحت الشعوب العربية، الضحية الأكبر على مذبح السياسة الإمبريالية، تلعن نفسها إن هي فكرت مرة أخرى بالحرية والعدالة والديمقراطية والسيادة والاستقلال.
كانت ثورة ال 21 من سبتمبر 2014م، نقطة التحول السياسي الكبرى، لأنها الثورة الشعبية السلمية الوحيدة، التي تجاوزت شباك المؤامرات الإمبريالية، وانتصرت لإرادة الشعب بالشعب، ولا شيئ غير الشعب، وأسقطت مشروع الوصاية الاستعمارية في اليمن، إلى غير رجعة، وألحقت بالولايات المتحدة الأمريكية، وأممها الاستعمارية في الغرب والشرق وما بينهما، هزيمة نكراء ساحقة، جعلتها تجرجر أذيال غطرستها المهينة، وهي تخرج من اليمن صاغرة ذليلة، معلنة أن لا سلطة لسفاراتها ولا مندوبيها ولا عملائها، في اليمن بعد اليوم، وهي تعي حقيقة ذلك الوضع، وخطورته الكبيرة عليها مستقبلا، على مستوى المنطقة والعالم، وجوديا وسياسيا، فاليمن هي فاتحة المشروع التحرري العالمي حاليا، وهي قائدته وحاملة لوائه عربيا وعالميا، وهو ما تؤكده مدلولات الشعار (الصرخة)، كمرتكز أيديولوجي مكثف، وتشهد به مفاعيل المشهد العسكري الميداني، وطروحات المفاوض السياسي، ومبادرات القيادة الثورية والسياسية، التي تصب معظمها في خدمة القضية (الفلسطينية) المركزية، وقضايا محور المقاومة، والقضايا الإنسانية عامة، وغير ذلك من الشواهد الحية، المؤكدة لعالمية الثورة اليمنية، ومسيرة الحرية والسيادة والاستقلال، في تشكلها الجمعي العام.
لذلك وغيره.. كان للأمم المتحدة الإمبريالية، وزعيمتها الأمريكية، وأخواتها الأقطاب الاستعمارية، موقفا معاديا مطلقا، تجاه الشعب اليمني وثورته ومسيرته التحررية العالمية، وهو ما يجعلنا نتساءل:- هل كان هناك من سبيل لتفادي هذا العداء الإمبريالي العالمي؟، وما طبيعة المطالب التي حملتها ثورة ال 21 من سبتمبر 2014م؟، وما حالها اليوم بعد ثمانية أعوام من العدوان، هل جرى التنازل عن أجزاء منها أو بعض تفاصيلها، أم أنها مازالت حاضرة بكل قوتها وتمامها، حتى الآن؟ وكيف يمكن قراءة وتحليل، صورة ثورة ال 21 من سبتمبر 2014م، وصدى نجاحاتها وانتصاراتها العسكرية والسياسية والتنموية، في منظور الإعلام الآخر، سواء المعادي أو الصديق؟.
منظمة الأمم المتحدة (الأمريكية) ومفارقة الحرب والسلام في اليمن(1)
إبراهيم محمد الهمداني | اليمن
https://worldofculture2020.com/?p=87000