ومصيره المشؤوم، إذ لم يعد يملك خيار "شمشون الأسطوري"، ولم يعد بإمكانه هدم معبد غزة، على رؤوس اعدائه الفلسطينيين وهو معهم، لأن ساحة المعبد قد اتسعت، وأصبحت فوق طاقته، وأكبر من أن يُسقط سقفها حلفاؤه، كما أن الفلسطينيين قد خرجوا من المعبد، ولم يعد جوار "شمشون الأحمق"، مبتور الظفائر مسلوب القوة، غير حلفائه الغربيين وعملائه العرب، ولذلك عليه أن يعي حقيقة موقفه المزري، وحالته الميؤوس منها، إذ لم تعد قائمة خياراته متاحة، وليس أمامه إلا أن يعترف أنه أصبح بين حمارين أحلاهما مرُّ؛ وعليه أن ينوب عنهما معا بالتساوي، بين تداعيات اعتراف "حمار إسرائيل المهزوم" بالسقوط، وما يجب على "حمار غزة"، من الاستسلام وإيقاف الحرب، على شروط حماس والمحور، وفي حال أراد المضي مع الأسطورة إلى النهاية، في سياق الانتقام الأحمق، فعليه أن يحفظ عبارة الختام جيدا، في صيغتها الجديدة، وطبيعة الانتقام المختلفة، التي تطال الأصدقاء دون الأعداء، في خيار صفري أكثر بؤسا وفشلا، ليقول:- "عليَّ وعلى حلفائي"، إذ لم يعد بجواره سواهم، ناهيك عن أن معظمهم، قد سقطوا اقتصاديا وعسكريا، في قبضة الإسناد اليمني، ومثلث السيطرة البحرية سلفا.
...
ومصيره المشؤوم، إذ لم يعد يملك خيار "شمشون الأسطوري"، ولم يعد بإمكانه هدم معبد غزة، على رؤوس اعدائه الفلسطينيين وهو معهم، لأن ساحة المعبد قد اتسعت، وأصبحت فوق طاقته، وأكبر من أن يُسقط سقفها حلفاؤه، كما أن الفلسطينيين قد خرجوا من المعبد، ولم يعد جوار "شمشون الأحمق"، مبتور الظفائر مسلوب القوة، غير حلفائه الغربيين وعملائه العرب، ولذلك عليه أن يعي حقيقة موقفه المزري، وحالته الميؤوس منها، إذ لم تعد قائمة خياراته متاحة، وليس أمامه إلا أن يعترف أنه أصبح بين حمارين أحلاهما مرُّ؛ وعليه أن ينوب عنهما معا بالتساوي، بين تداعيات اعتراف "حمار إسرائيل المهزوم" بالسقوط، وما يجب على "حمار غزة"، من الاستسلام وإيقاف الحرب، على شروط حماس والمحور، وفي حال أراد المضي مع الأسطورة إلى النهاية، في سياق الانتقام الأحمق، فعليه أن يحفظ عبارة الختام جيدا، في صيغتها الجديدة، وطبيعة الانتقام المختلفة، التي تطال الأصدقاء دون الأعداء، في خيار صفري أكثر بؤسا وفشلا، ليقول:- "عليَّ وعلى حلفائي"، إذ لم يعد بجواره سواهم، ناهيك عن أن معظمهم، قد سقطوا اقتصاديا وعسكريا، في قبضة الإسناد اليمني، ومثلث السيطرة البحرية سلفا.
...
فلسفة الإرهاب الإجرامي وعقيدة التطرف الإمبريالي
إبراهيم محمد الهمداني
رغم التباين الشديد والتناقض الحاد، بين أيديولوجيا التدين اليهودي المتطرف/ المتشدد، وأيديولوجيا الصهيونية العلمانية الانتقامية المنحلة، إلا أنهما قد اجتمعتا على واحدية نزعة التطرف والإرهاب الإجرامي وممارسة العنف، سواء أكان في مرجعيته العنصرية الدينية، بوصفه أمرا إلهيا مقدسا، موجها إلى "شعب الله المختار" ـ شعب إسرائيل خاصة، واليهود عامة ـ يوجب عليهم ممارسة "العنف المقدس"، ضد الآخرين الأغيار "الغوييم"، بدون ضوابط أو حدود، أو كان في مرجعيته الصهيونية العلمانية العدائية، بوصفه فعل الضرورة المنطقي، الذي تفرضه طبيعة دور الكيان الوظيفي الاستيطاني، وبذلك تلاشت مكامن الصراع بين الديني والعلماني، حيث اتحدت إرادة "يهوه/ أدوناي"، مع أحلام وأطماع "هرتزل"، وأصبح "إسرائيل" صهيونيا، وأصبحت القومية "اليهوديّة"، هوية الشعب وشعار الكيان، دينيا وبراغماتيا، وبعد عشرات السنوات، من العداء والقطيعة التاريخية، انصهر تدين "إسرائيل" مع مادية "يهوذا"، على أرض فلسطين العربية، في كيان وظيفي استيطاني عنصري واحد، أسهمت الأيديولوجيا الإمبريالية ـ ممثلة في بريطانيا العظمى ـ في إنضاج ملامحه العنصرية المتعالية، من خلال إعلان "وعد بلفور"، وتهيئة البيئة الخصبة لنمو وتعاظم نزعته الاستعلائية الأنانية، تحت شعار "الحق الإلهي" و"أرض الميعاد"، وتمكينه من ممارسة أنشطته العدائية، وسلوكياته الإجرامية التوحشية، بتقديم الدعم العسكري تسليحا وتدريبا، لعصابات المستوطنين المغتصبين، وتوفير الغطاء السياسي اللازم، في منظمة الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي.
يمكن القول إن سلوكيات التطرف الإسرائيلي، والعنف والإجرام والتوحش، وتنفيذ المجازر وحرب الإبادة، بحق أبناء الشعب الفلسطيني الأعزل، وعمليات الإذلال والقهر، واغتصاب الأرض والعرض، والسعي لاستئصال الآخر/ الفلسطيني من الوجود، كان ترجمة فعلية لحقيقة العدو الإسرائيلي، وطبيعته الإجرامية التوحشية، التي لا تقبل التعايش مع الآخرين مطلقاً، ولا ترى فيهم غير حيوانات بشرية، خلقوا لخدمة اليهودي وإيناسه، لذلك يجب عليه أن يبقي وجودهم محدودا، حسب ما تقتضيه الحاحة إلى خدماتهم، والانتفاع بهم وتسخيرهم، وما زاد عن ذلك، يجب القضاء عليه، والتخلص منه، قبل أن يصبحوا مصدر قلق وإزعاج لليهود، ولا فرق بين أن تكون عمليات إبادتهم، استجابة لأمر "رب الجنود" الدموي المتوحش، الذي قال لهم ـ حسب زعمهم ـ حين دخلوا مدينة أريحا:- "اقتلوا كل من في المدينة من رجل وامرأة، من طفل وشيخ، حتى البقر والغنم بحد السيف"، أو أن تكون تطبيقا لطروحات فلسفية وضعية، ارتكزت على مبدأ القوة، في صناعة التاريخ، كما في قول جابوتنسكي - فيلسوف العنف اليهودي - "أنت عندما تضرب الفولاذ بمطرقة، فإن الجميع يتهيبون صوت الدوي، وعندما تستعمل القفاز، فإن أحدا لا ينتبه إلى وجودك... إن الأحذية الثقيلة هي التي تصنع التاريخ"، وهو ما يؤكد ما ورد في "بروتوكولات حكماء صهيون"، بالقول:- "يجب أن يكون شعارنا كل وسائل العنف والخديعة.. والعنف والحقد هما وحدهما العاملان الرئيسيان في قوة الدولة"، وعلى ذلك الأساس، وضع "بن غوريون" حكمة الخلاص، بقوله:- "إسرائيل لا يمكن أن تعيش إلا بقوة السلاح"، واستلهم "موشيه دايان" - وزير الحرب الأسبق - روعة الحرب، في أنها "تكمن في إبادة الرجل الضعيف"؛ ذلك لأن "إله إسرائيل"، وآباء الصهيونية والماسونية، قد آمنوا بالحرب، بوصفها التعبير الفعلي الوحيد، لتحقيق قيمة الوجود، وبدونها لا معنى لوجودهم، وأن القوة هي السبيل الوحيد، لتحقيق الهيمنة وإخضاع الشعوب، "لأن العالم لا يشعر مع المذبوح، ولكنه يحترم الذين يحاربون"، كما يقول "بيغن"، تلميذ جابوتنسكي.
لم تعد فلسفة العنف والإرهاب الإجرامي والعنصرية، هي القاسم المشترك بين اليهودي المتدين والصهيوني العلماني، ممثلا في كيان الاحتلال الإسرائيلي الغاصب، بل قد امتدت مقولاتها، إلى ما هو أبعد من ذلك، حتى أصبحت الدين الرسمي للقوى الاستعمارية في الشرق والغرب، ولا فرق بين دور أمريكا وأخواتها، وشراكتها الإجرامية الفعلية، في حرب الإبادة والمجازر الجماعية، بحق أبناء غزة ولبنان، وعمليات الاغتيالات والعربدة الإسرائيلية، ودور روسيا وأخواتها في تحالف "البريكس"، في صمتها وتغاضيها، عن كل ذلك الإجرام، وعدم اتخاذها موقفا إنسانيا، على المستوى السياسي، على الأقل، في مجلس الأمن الدولي.
لم يكن المعسكر الغربي الرأسمالي، الملاذ الآمن للشعوب العربية، من تبعية المعسكر الشرقي الاشتراكي، ولن تكون روسيا الحليف المخلِّص، من هيمنة أمريكا وعربدة إسرائيل، كما أن انتصار روسيا في أوكرانيا، لن يوقف آلة القتل والإجرام والإبادة، بحق أبناء غزة ولبنان واليمن، لأن أطماع المعسكرين واحدة، وتفانيهما في خدمة الكيان الإسرائيلي الغاصب، شاهدة على عمق ارتباطهما به، وحرصهما على استمرار دوره الوظيفي القذر، هو
تبعثرت على لسانه بقايا حوار متهالك، من مسرحية خلاص مزعوم، تعفنت خلف سردها، أوهام قوة بطل أسطوري، عجز الخيال اليهودي، عن تجميل قبح نهايته المأساوية، ودوزنة ألحان قوته المتنافرة، وتشذيب نشاز أغاني جرائمه، التي صيغت لإشباع نزعة الحقد والعداء والانتقام اليهودي، ليس إلا.
ربما استطاع شمشون العصر، ممارسة الانتقام والتدمير والقتل والإبادة، لفترة زمنية ما، خاصة في ظل الإسناد والشراكة الأمريكية الغربية، لكنه لن يستطيع - بعد الآن - القضاء على أعدائه بضربة واحدة، ولا وضع العالم، بين قوسي خضوع قهري، وخط تبعية مذلة، ولا إزاحة السابع من أكتوبر، من مسرد التاريخ الإنساني، ولا محو بطولات قادة وأبطال فصائل ومحور الجهاد والمقاومة، بعمليات اغتيالات متوحشة دنيئة، ولن يجني من توسيع جغرافيا المعركة، غير المزيد من الهزائم النكراء، لأن ثورة الطوفان، لن تخمدها مجازر العدوان، وعلى الكيان الإسرائيلي الوظيفي - ومن خلفه الغرب الاستعماري - أن يعي جيدا، أن الجهاد والمقاومة عقيدة إيمانية متأصلة، ومشروع نهضوي تتوارثه الأجيال، ومن المحال أن تهزمه أعتى القوى، أو تجتثه أشد الصواريخ والقنابل فتكا وتدميرا، بينما وجود هذا الكيان الوظيفي الإجرامي وحلفائه، وجود مؤقت، وزواله أمر حتمي، آتٍ لا محالة.
.
نصر الله والذين معه
إبراهيم محمد الهمداني
بوحٌ من العطر فيه النور يغتسلُ
أم شهقة الورد بالألوان تحتفلُ
أم بهجة الضوء...؟ بل من طهره شربت
حباً.. فمنه جنان الخلد تنهملُ
أعجوبة الله..، لا يأسٌ يطوف به
ولا عناءٌ ولا بؤسٌ ولا مللُ
عليه يهمي (سلامُ الله).. يلثمُهُ
همساً.. فيشرقُ فيه الحبُّ والأملُ
يفيض نصرا.. ونصرُ الله آيتُهُ
وفي بطولاته الأمجادُ تكتملُ
وفتيةٍ حوله، شعُّوا... تقرُّ بهم
عينُ الوجودِ - إذا فاضوا - وتكتحلُ
مشارقُ الشمسِ تعمى في مطالعهم
وعن مغاربهم كم يقصرُ الأزلُ
إن قال يوما - أبو هادي - لهم... وقفوا.
وإن أشارَ.. مضوا كالشهب واشتعلوا
به اكتفوا... واكتفى منهم بما زرعوا
للفجر...، لمَّا به عن غيره انشغلوا
وأمطروا قلبه حباً، وما طلبوا
سوى الخلود.. ففاضوا ثَمَّ...واكتملوا
تهفو إليه السماواتُ العُلى...وَلَكَم
تدعو بمحرابه شوقاً وتبتهلُ
يا جنة الله قد حجت ملائكةٌ
إليكَ..واسترسلت في هديهاالقبلُ
في وحي عينيكَ ألقى الله معجزةً
فما الذي عنكَ قال اللهُ والرسلُ؟!
“إسرائيلُ” والغربُ الاستعماري.. فاتورةُ جنون العشاء الأخير
https://www.almasirahnews.com/138902/
في عشريتها الأولى..
ثورة ال 21 من سبتمبر
من مكاسب النصر إلى الريادة العالمية
إبراهيم محمد الهمداني
لم تكن ثورة ال 21 من سبتمبر 2014م، حدثا تاريخيا فارقا، في تاريخ اليمن الحديث فحسب، وإنما كانت منعطفا تاريخيا كبيرا، في صناعة حاضر ومستقبل المنطقة والعالم؛ فعلى مدى عشرة أعوام، استطاعت تداعيات أحداثها، الدخول مباشرة في صناعة التحولات العالمية، على كافة المستويات والأصعدة، وهو ما لم تصنعه ثورة مشابهة، أو حراك شعبي تحرري، على مستوى المنطقة بأسرها، ذلك لأنها امتلكت أهم عناصر قوتها، التي حصنتها ضد الاختراق الخارجي، وضمنت عدم انحرافها أو احتوائها، بيد القوى الاستعمارية الكبرى، التي تكسرت مشاريعها وأحلام هيمنتها، وسقطت أساطير قوتها، وشراسة إجرامها ودمويتها، تحت أقدام الصمود الشعبي الأسطوري، الذي أذهل العالم أجمع؛ ذلك لأن هذه الثورة المباركة، امتلكت كل مقومات القوة والبقاء، وإمكانات التقدم والاستمرار، من خلال وضوح منهجها القرآني، ومرجعيتها الدينية، ومنطلقاتها الإيمانية، التي ترجمتها القيادة الثورية الربانية، ممثلة في شخص السيد القائد العلم المجاهد، عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، ثم القيادة السياسية الحكيمة المساندة، بالإضافة إلى حضور الوعي الجمعي، المحصن بالثقافة القرآنية، في التفافه الشعبي الجامع حول ثورته، وتسابق جميع أبناء الشعب اليمني، بكل أطيافه ومكوناته، إلى جبهات العزة وميادين الشرف والكرامة.
لعل من أهم منجزات ثورة ال 21 من سبتمبر - وقد بلغت عامها العاشر - تحقيق السيادة واستقلال القرار اليمني، بعيدا عن إملاءات الوصاية، وتوجيهات السفارات الأجنبية، وتحقيق هذا الأمر بالذات، كان أبعد من الخيال، وكذلك تحقيق حالة الأمن والاستقرار المجتمعي، الذي بلغ أعلى مستوياته، وأرقى وأبهى مظاهره وصوره، وإحباط كل محاولات التخريب، وإقلاق الأمن والسكينة المجتمعية، وإسقاط شبكات التجسس الأمريكية الإسرائيلية، بكل جرأة واقتدار، وقطع كل أذرع العمالة والخيانة، دون تلكوء أو خوف أو تهاون، وفضح أمريكا وأخواتها، وربيبتهم إسرائيل، بلسان عملائهم وجواسيسهم، على مرأى ومسمع العالم أجمع، بالإضافة إلى إسقاط شبكات الدعارة، والمخدرات والحرب الناعمة، وعصابات النصب والاحتيال والسرقة، وجماعات داعش التكفيرية، وأعمال القتل الجماعي والتفجير والتفخيخ، ولا ننسى جهود القيادة وممثليها، في تحصين أفراد المجتمع اليمني، ضد اختراقات الحرب الناعمة، ومحاولات الاستقطاب والتخابر، والوقوع في فخ المنظمات اليهودية، المقنعة بالأعمال الإغاثية والإنسانية، وغير ذلك من مظاهر البناء المجتمعي الداخلي، التي أسهمت في تكوين قاعدة بنيوية مجتمعية عامة راسخة، ارتكزت عليها عمليات البناء الشامل، والنهضة التنموية، والتغييرات الجذرية، التي أسفرت عن تشكيل حكومة التغيير والبناء، وكانت التغييرات القضائية، أولى بشارات نضجها وفاعليتها، ولم تتوقف ثمار انتصارات ثورة ال 21 من سبتمبر، عند صورة هزيمة تحالف العدوان الصهيوسعوأمريكي على اليمن، أو تحصين وحدة الصف الداخلي، أو تنفيذ مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة، الذي أطلقه الشهيد الرئيس صالح الصماد، رضوان الله عليه، تحت شعار "يدٌ تبني ويدٌ تحمي"، وصولا إلى ما أعلنه سماحه السيد القائد يحفظه الله، في خطابه بمناسبة العيد العاشر، لهذه الثورة المباركة، أن بلدنا حقق فائضا للتصدير، في عدد من المحاصيل الزراعية، والفواكه والخضروات، رغم أنه محاصر ومحارب.
حافظت ثورة ال 21 من سبتمبر، على إنجازاتها ومكتسباتها، وانتقلت من المستوى المحلي، إلى المستوى الإقليمي ثم العالمي، وحققت الحضور السياسي والعسكري الرائد والفاعل، في المشهد السياسي الإقليمي، ومعادلة الصراع العالمي، من خلال ثباتها على نهجها الإيماني الأصيل، وهوية شعبها الإيمانية المتفردة، ودوره الإنساني الحضاري، من خلال تبني قضايا الأمة الإسلامية، والوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المظلوم، ونصرته في قضيته وقضية كل المسلمين العادلة، وما فرضته عمليات القوات المسلحة اليمنية، من معادلات السيطرة والسيادة، ومنع السفن التجارية الإسرائيلية والأمريكية والبريطانية، وكل الشركات المتعاملة معهم، من المرور من البحر الأحمر والبحر العربي، وتنفيذ عمليات صاروخية على الموانئ، التي يسيطر عليها الكيان الغاصب، في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من ميناء أم الرشراش إلى الموانئ الواقعة في البحر الأبيض المتوسط، وإسقاط أسطورة أسياد البحار، حيث فرت حاملات الطائرات والأساطيل والبارجات والسفن الحربية، أمام ضربات صواريخ ومسيرات القوات المسلحة اليمنية، كما سقطت أسطورة التفوق الجوي، بإسقاط عشر طائرات تجسسية مقاتلة، متعددة المهام، نوع MQ9، التي تعد فخر الصناعة الجوية الأمريكية.
يافا صباح المولد النبوي
إبراهيم محمد الهمداني
سبحان من أسرى إلى يافا بيافا.. سبَّحتْ في لجَّةِ الكلماتِ أنفاسُ المسافة.. بالمقدس علَّقتْ أنظارَها.. والقدسُ؛ عينٌ تنبشُ التاريخَ.. والأخرى بيافا تحتفي.. سبحان من أسرى.. ومن رفع المكانة للمكانْ.
سبحان من أسرى إلى يافا بيافا.. كيف مدَّ الظلَّ.. قوتُه العظيمةُ.. مجمعُ البحرين.. طغيان السفينة.. حين تخرقه وتغرقه دماءُ الأبرياءِ.. مسيَّراتٌ سبَّحتْ.. سبحان من بجلاله البركان سبَّحَ.. حين من (رأس الرجاء).. أزال هيمنة الصراعْ.
سبحان من أسرى إلى يافا بيافا.. إذ تنفَّسَ صبحُ يافا ضاحكا.. والذعر من يافا على يافا تنزَّلَ.. زاغت الأبصارُ.. أُتخمت الملاجئ.. لا مفرّ.. استوطن المستوطنات الرعبُ.. والجدرانُ والطرقات أسرى في يد الطوفان.. يافا تقتفي أثر الفرارِ.. الرعبُ يحتضنُ الجهاتِ.. تبعثرتْ أقدامُ قطعان اللصوص الغاصبين.. المتخمين حقارةً.. جبنا.. وذلَّاً.. هكذا حتى النخاعْ.
سبحان من أسرى إلى يافا.. وأسقطَ وهم يافا.. (حيتسَ والمقلاعَ) والحلفاءَ.. والحقراءَ في منظومة التطبيعِ.. أنظمة العمالة والخيانة والتفاهة والدفاعْ.
سبحان من أسرى.. وأسقط خلف يافا جوقة التهويل والتضليل والتطبيل.. أحذية التخاذل والخضوعِ.. حمير (إسرائيل).. أبواق النفاق المحضِ.. ينحدرون من سقط المتاعْ.
سبحان من أسرى.. وفي سبحان من يافا ألوفٌ.. ترقبُ الإسراءَ - تسبيحا - إلى يافا.. تؤمُ الفجرَ في أيدي رجال الله.. تتلو سورة الإسراء والفتح المبين.. لوعدها تمضي.. ونصرِ الله والفتحِ الذي... لا (القوة الكبرى) ولا لغة المجازر والتوحش والإبادةِ.. تمنعُ الإسراءَ من سبحانه.. ولأمره سجدتْ.. وأفواجا تساقط - كالهباء - المجرمونَ.. سماءُ يافا بالأذان تزينتْ.. والمولدُ النبوي - من صنعاء - باركَ غزة الأطهارِ.. أشرق في سماء القدس.. واتشحت بخضرته المدائنُ والمزارعُ والبقاعْ.
#المولد_النبوي_الشريف
#سيد_القول_والفعل
#لستم_وحدكم
#إبراهيم_محمد_الهمداني
10/9/2024
...
إن تحي أمةُ طه نهجه انتصرت
فالنصر من بركات المولد النبوي
تقدم الجملة الشرطية في البيت السابق، صورة الإجابة الفعلية، المتحققة على أرض الواقع، وطريقة تنفيذها، التي لا تخرج عن ما بين فعل الشرط وجوابه، كون سبيل نصر هذه الأمة، مرهون بمدى إحيائها والتزامها نهج نبيها، لأنه الحصانة الوحيدة لها، والحصن الذي فيه عزتها ومنعتها وقوتها، وهو الضامن لتحقق وحدتها، والتفافها حول نهجه القويم، وتبدأ بشارات النصر الإلهي، من إعادة اتصال الأمة بنبيها ودينها، وإظهار محبتها وإجلالها وإعزازها له، واحتفائها بسيرته العطرة، واحتفالها وفرحتها به في كل مناسبة تخصه، وخاصة ذكرى ميلاده الشريف، "فالنصر من بركات المولد النبوي"، الذي "عاد بالنصر في ميعاده السنوي"، حيث تتعانق وتتعالق البدايات بالنهايات، على المستوى النصي بالتوازي مع المستوى الواقعي، وهو ما يعطي النص فاعلية دلالية كبيرة، وحضورا يتجاوز حدود الزمن والجغرافيا.
استطاع الشاعر إعادة إنتاج أساسيات الخطاب الديني والإنساني، في فضاء إبداعي مفعم بالشعرية، غاية في التميز والإبداع، سواء من حيث توظيف مفردات اللغة، بمهارة وتمكن منقطع النظير، أو من حيث القافية الأكثر من متفردة، بحداثيتها وبساطتها وعمقها، أو من حيث توظيف الاقتباسات والإحالات الدلالية بأنواعها؛ الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية والثقافية والتاريخية، بما تحمله من دلالات ومضامين، ورسائل قيمية وإنسانية، تخاطب العقل والوجدان الجمعي، وتستنهض كل قواه الفاعلة، علاوة على حيوية النص وديناميته المتصاعدة، دلاليا وتصويريا وفاعلية دائمة، ورغم قصور هذه القراءة المتواضعة، عن بلوغ شواهق الإبداع النصي، إلا أنه يمكن القول – بكل ثقة – إن هذا النص يعد إضافة نوعية، في مكتبة الشعر الجهادي المقاوم، على مستوى الإقليم والعالم، في مثالية صدقه الشعوري، وإنسانية مضامين خطابه الشعري، ورقي لغته في سهولتها الممتنعة.
ولذلك لابد لتحقيق نهضة الأمة وقوتها ومنعتها، أن يكون لديها أعلام حق يقودونها، ومنهج قرآني يسيرها، وبدون هذين الشرطين، لن تفلح ولن تنتصر أبدا.
شرُّ المسيئين للمختار من زعموا
أن السكوت على الطغيان عنه رُوي
باسم التدين أو باسم التحضر لم
يسلم لنا فهمنا الفطري والعفوي
تظاهر طغاة (الوحل الأموي) مع فقهاء السلطان عبيد الدنيا، واغتالوا في أعماق الوجدان الجمعي للأمة، روح الدين الحنيف، وجوهر الملة السمحاء، الذي جاء به الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ومنذ ذلك الحين، ضُرِبتْ علاقة الأمة بنبيها، وفصلت عن كتابها، وجهلت ربها خالقها ومالك أمرها، وكان لفقهاء البلاط الدور الكبير، في تزييف المفاهيم والانحراف بالأمة، لأنهم هم من طوعوها وأخضعوها، للطغاة الغواة المستكبرين، من أئمة الجور والضلال، بحجة أن ذلك من الدين، وأنه روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، أنه قال:- (أطع الأمير وإن جلد ظهرك وأخذ مالك و.......)، وحرَّموا وجرموا الخروج على الوالي الظالم، ليعطلوا بذلك جوهر الدين الإسلامي، في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولهذا كانوا شر المسيئين للمختار، بافترائهم الكذب عليه، ومخالفة وتزييف نهجه.
لم يعد "التدين" يمثل النقيض لعلمانية "التحضر"، ولم يعد العقل ساحة لصراعهما المزعوم، لأن كلا منهما قد أصبح جزءا لا يتجزأ من صاحبه، ولا فرق بين تدين محرف أو تحضر علماني، مادام يجمعهما مبدأ الانحراف والانحلال، وتوحدهما غاية استهداف العقل والروح، واغتيال "فهمنا الفطري والعفوي"، وبهذا يمكن القول إن التدين المنحرف، المستقى من الوحل الأموي، وما تلاه وصولا إلى المستنقع الوهابي، قد سهل مهمة انصياع الأمة، لمشاريع "التحضر" الحداثية الهدامة، وهو ما نجد شواهده ماثلة، في حالة المجتمع السعودي، الذي انقلب من وضع التدين المتشدد المتزمت، إلى وضع الترفيه والانفلات والانحلال المطلق.
فقوله (جاهد الكفار) يفهمه
العالمُ الفذُّ والأمي والبدوي
(اغلظ عليهم) بيانٌ فهمه سلسٌ
دون التعمق في قاموسنا اللغوي
(اغلظ عليهم) يقول الله، وهو بهم
أدرى، وتبيينه كافٍ لكل سوي
(اغلظ عليهم) ليُنهوا عن تجبرهم
(اغلظ عليهم) ليحيا العالم الأخوي
ليمشي الصبح حرا في مدائنه
ولا يخاف الردى في القرية القروي
ربما كان اغتيال الخطاب الديني، على مستوى التلقي، أحد أهم أهداف مشروع الانحراف السياسي الأموي، فبواسطته تم تجميد عملية الفهم الجمعي، وردم منافذ العقل والتفكير، وتقديم قراءات للخطاب الديني – على أساس نفعي بحت – في سياق واحدية المنظور المهيمن، في تموضعه السلطوي الوظيفي، وقد أنتجت تلك القراءات النفعية، خطابا دينيا تراكميا هائلا، مترهلا محشوا بالتشوهات والتناقضات، مفعما بالاختلافات اللانهائية، التي أصبحت ساحة مفتوحة للاشتغال العقلي، وبيئة خصبة للصراع الفكري، وتكريس الفرقة والشتات والاختلاف، الذي لم يتوقف عند قضية النصب على التوهم والاشتغال في النحو، أو أحكام الحيض والنفاس في الفقه، أو التعصب للحقيقة ونفي المجاز عند الفقهاء والبلاغيين الأصوليين، أو القول بالجبر والاختيار عند المعتزلة والمتكلمين، بل وصل إلى مستويات متقدمة، وبلغ الصراع الفكري ذروته، عند قضية علاقة اللفظ بالمعنى، هل هي إلزامية أم اعتباطية، لينتج عنه اختلافات أكثر حدة وتطرفا، رغم أن قوله تعالى:- (وعلم آدم الأسماء كلها)، كافٍ للإقرار بواحدية نظرية المعرفة، في مصدرها ومنتجها، لكن غلبة الأهواء والمصالح، قد حكمت المنتج المعرفي والفكري الديني، وأنتجت خطابا دينيا وظيفيا، يمسخ المعنى الحقيقي، ويقيم المعاني المموهة، ويقذف بالعقل في متاهات مظلمة، الأمر الذي يجعله يتحاشى التفكير في أبسط المعاني، كي لا يقع ضحية المعنى الغائب والتشتت الدلالي.
لذلك كان من الضرورة بمكان، إحياء أبجديات التفكير الأساسية، والعودة بالعقل إلى مدار التلقي الجامع، الذي تلتقي عنده مدارك الاستيعاب الجمعي، ومستويات الأفهام المختلفة، من "العالم الفذ" إلى "الأمي والبدوي"، الذين لا يمكن أن يختلفوا، في فهم قوله تعالى:- (جاهد الكفار)، في سياق الأمر الصريح، والكيفية المفهومة الواضحة، بما يترتب على ذلك، من ضرورة اتخاذ موقف العداء، تجاه الكفار ومن في فلكهم، وإخلاص فعل الجهاد لله تعالى وفي سبيله، ليعطي ثماره العظيمة، وأولها استحقاق النصر والتأييد الإلهي، أو نيل الشهادة والفوز العظيم.
يأتي ذكر الجهاد في هذا النص، بوصفه أبرز أبجديات الخطاب الديني، الذي لا غنى للمسلمين عنه، خاصة في وضعنا الحاضر، وقد طغى الكيان الإسرائيلي الغاصب، في عدوانه الظالم، على إخواننا المستضعفين في غزة، وعموم فلسطين المحتلة، على مدى ما يقرب من عام، مرتكبا أبشع الجرائم والانتهاكات الفظيعة، وحرب الإبادة الجماعية الوحشية الشاملة، بدعم وإسناد رسمي أمريكي بريطاني أوروبي، في ظل صمت وتواطؤ عربي إسلامي مخزٍ، ناتج عن تدجين العقل الجمعي، وفصله عن حقيقة تدينه، بالنماذج
الفعل المطلق "دوي"، تأكيدا لصورة الكثرة العددية في "المجرمين"، والمبالغة التكرارية لاستمرار حدوث الفعل.
تعكس الصورة الأولى، عظمة الانتماء والتماهي، بهذا الرسول الكريم، الذي أصبح اسمه دواء وذكره شفاء، بينما تعكس الصورة الثانية، عمق العداء والكراهية، للرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، من قبل المجرمين والكافرين، ليتحول الصراع بين الولاء والعداء، من المستوى الداخلي النفسي، إلى المستوى الكتابي والدلالي، في التلاعب اللفظي والتشكيل الكتابي، بين كلمتي "يداوي" و"يدوّي"، وما توحي به دلالات الثنائيات المتناقضة، من حركية الصراع الدائم، وتصاعد مشهديته المستمرة.
فوق القياس ولانا للنبي فيا
دنيا الهوان خذي مقياسك المئوي
يلعب الجناس الناقص، في كلمتي "القياس" و"مقياسك"، دورا محوريا في إدارة مشهدية الصراع، بين مضامين الولاء المطلق، وحضور الانتماء المطلق، في موقف الذات المتكلمة، في تموضعها الجمعي، مقابل موقف الآخر الغائب، المسكوت عنه في النص، ليدل عليه نقيضه الإيجابي، الذي ارتبط بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ارتباطا وثيقا، بلغ حد التماهي في توليه وحبه، حتى صار بالنسبة لمحبيه "الأسوياء"، "أكسجين" رئاتهم، متغلغلا في أعماقهم، مختلطا بدمهم وكل عناصر تكوينهم، علاوة على أنه أصبح سر بقاء واستمرار حياتهم، ولا حياة لهم بعيدا عنه.
هو أكسجين رئات الأسوياء به
تنفس النور في شريانها الرئوي
وكل جين من الجينات في دمنا
مفاعل فيه تخصيب الإبا النووي
ندوس أنف القوى الكبرى ونجدعها
لأن قوة ربي فوق كل قوي
تتصاعد وتيرة الصراع وحدته، بشكل قوي ومتسارع، حيث يتحول العيد إلى معركة حامية الوطيس، ضد جحافل الباطل والإجرام، ويصبح المولد النبوي قوة نووية ربانية مدمرة، تدوس – بصيغة الفعل الجمعي الحاضر – كل القوى الكبرى، وتجدع أنفها إمعانا في إذلالها واحتقارها، اعتمادا على قوة الله تعالى، التي يمنحها أولياءه وأنصار نبيه، ليتجلى مشهد الصراع المحتدم، من المستوى اللفظي والتشكيل الكتابي، في توظيف مدلولات الجناس الناقص، بين كلمات "القوى" و"قوة" و"قوي"، وما تعكسه من حدة وتوتر الصراع العالمي.
مما لا شك فيه أن موقف اليمن المشرف، قيادة وشعبا، الداعم والمساند لفلسطين، بوصفها القضية المركزية للأمة، وعمليات الجيش اليمني البحرية والبرية، ضد إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وأخواتهما، ما كان لها أن تكون بهذا القدر من الأثر والفاعلية، لولا هذه القيادة الربانية الحكيمة، ممثلة بسماحة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، الذي أعاد للشعب اليمني، هويته الإيمانية الأصيلة، وارتباطه الحقيقي بدينه، وانتماءه المتفرد بنبيه الأكرم، محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الأمر الذي جعل الشعب اليمني، يقف هذا الموقف المتقدم، على مختلف الشعوب العربية والإسلامية، وجعل الجيش اليمني رقما صعبا، في معادلة الصراع العالمي، في زمن ذلت فيه معظم الأنظمة والشعوب، لقوى الهيمنة والاستكبار العالمية، التي تسمي نفسها قوى كبرى، وهنا يأتي السؤال الأكثر صدمة وإحراجا، لبقية الأنظمة والشعوب.
هل ذنبنا العز في عصر المذلة أم
أنَّا نبذنا الربا في عالم ربوي
يأتي الاستفهام الاستنكاري هنا، ليكشف عن عمق الهوة التي سقط إليها المجتمع الإنساني، وحدة صراع الثنائيات المتناقضة، التي تكاد تبتلع ما تبقى من قيم الخير والإنسانية والفضيلة، حين ساد عصر المذلة والهوان، وهيمن الربا في عالم ربوي محض، ولما أصبح الذل حالة جمعية مألوفة سائدة، تحول صاحب العز إلى صوت نشاز، ومذنب يستحق العقاب، على قاعدة (أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناسٌ يتطهرون)، وبالتالي فإن من يطلب العز في زمن الهوان، ومن ينبذ ويرفض الربا في عالم ربوي، هو في منظور قوى الشر والطغيان، لا يقل جرما عن ذلك الشخص الذي ينشد الطهارة، ويسعى للحفاظ على زكاء نفسه، في مجتمع قوم لوط.
وأننا ليس في أضوائنا - وكفى -
نخضرُّ، بل في ميادين الفدا العلوي
يستمر التساؤل الاستنكاري المرير، في إلقاء دوامغ حججه، وسواطع براهينه، على أولئك الذين ساروا على طريق الانحراف الاستكباري، نهجا لا تراجع عنه، ولا خيار دونه، الذين لم يتورعوا عن انتقاد المحتفلين بمولد الرسول الأعظم، من خلال تعميم الشارات والألوان الخضراء، دلالة على النهج المحمدي المعطاء، خاصة وأن حبهم وتوليهم له، لا يتوقف عند شكليات اخضرار الأضواء، بل يتجاوز ذلك إلى مضامين الفعل، ومقامات التضحية والشهادة، "في ميادين الفدا العلوي"، المنسوب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، بما يمثله من امتداد حقيقي، وتجسيد صادق، لحقيقة الانتماء للدين، والارتباط المطلق بسيد الأنبياء والمرسلين.
الميداني، وصدقته أحداث ومجريات المعركة، وتجلت مصاديقه في هؤلاء المجاهدين الصادقين الصابرين، على مستوى الفصائل والمحور، الذين تولوا الله ورسوله والذين آمنوا، وتمسكوا بالرسول الأعظم نهجا ومنهجا، والتزموا سيرته ومواقفه تصديقا واقتداء، فكان من أمرهم ما كان، من صور الثبات العظيم والصمود الأسطوري، الذي أذهل العالم، وزلزل عروش الطغاة المستكبرين، والفراعنة الغاصبين المحتلين، الذين لم يعد أمامهم سوى الهزيمة، والزوال الحتمي، مهما كابروا وتصنعوا القوة والثبات.
Читать полностью…مستقبل الكيان الوظيفي ورعاته الإمبرياليين
إبراهيم محمد الهمداني
إن هزيمة الكيان الإسرائيلي أمام عملية طوفان الأقصى، وفشله وعجزه عن تحقيق أي من أهدافه، في عدوانه على قطاع غزة، على مدى أكثر من مئتي يوم، قد تحولت إلى خطر وجودي عليه، ينذر بسوء مصيره، وزواله الحتمي، خاصة وأن هزيمته، لم تقتصر على تمثيله الفردي، في تموضعه الوجودي الجغرافي الاستعماري، وإنما شملت تمثيله الوظيفي الاستعماري، فكانت هزيمة ساحقة، طوت في لعنتها كل القوى الاستعمارية العالمية، التي سارع قادتها - بكل قبح وصلف واستكبار - إلى المجاهرة بصهيونيتهم، وإعلان دعمهم وإسنادهم، وشراكتهم الفعلية، إلى جانب جيش الكيان الإسرائيلي، في عدوانه وجرائمه ومجازره في قطاع غزة، على كافة المستويات والأصعدة، لكن سقوط أسطورة الجيش (الإسرائيلي) الذي لا يقهر، قد أسقط معه أساطير الهيمنة والقوة الأمريكية الغربية الأوروبية، التي تجرعت ذل الهزيمة وعار السقوط في غزة، أكثر وأمرَّ مما تجرعته ربيبتها "إسرائيل"، وبالتالي يمكن القول إن شركاء العدوان الإجرامي على غزة، هم شركاء في الهزيمة والمصير المحتوم، ولن تكون صورة مستقبل وجودهم في المنطقة، أقل قتامة وسوداوية، من صورة مستقبل بقاء كيانهم الوظيفي (إسرائيل).
مما لا شك إن حتمية زوال الكيان الإسرائيلي الصهيوني الغاصب، وانتهاء هيمنته على الأراضي الفلسطينية المحتلة، قد حملت في طياتها، حتمية زوال الهيمنة الإمبريالية بأكملها، ونهاية زمن العربدة الأمريكية الغربية، من المنطقة العربية والإسلامية خصوصا، وبقية دول العالم عموما، خاصة وأن أمريكا – حاملة لواء الهيمنة الغربية – قد انكسرت سياسيا وعسكريا واستخباريا واقتصاديا، ومُنيت نخبة قواتها، وأقوى وأحدث ترسانتها العسكرية والتكنولوجية، بأخزى وأنكر وأقبح الهزائم المتوالية، التي لم تتوقف عند عجزها عن حماية ربيبتها "الكيان الإسرائيلي"، بل وصلت إلى عجزها عن حماية نفسها وقواتها وأساطيلها، حيث أصبحت مدمرات وسفن وحاملات وفرقاطات، من يسمون أنفسهم "أسياد البحار"، هائمة على وجهها فرارا، في أقاصي المحيطات، بحثا عن ملاذ آمن، ينجيها من رعب موت محقق، تترصدها وتلاحقها ويلاته وأهواله، التي ذاق جزءا منها، على يد القوات المسلحة اليمنية، في الدفاع الجوي، والدفاع الساحلي، والطيران المسير، بضرباتها القاضية المؤلمة، المستمرة نصرة لإخواننا المستضعفين في قطاع غزة، وكل الأراضي المحتلة.
لم تتورع الولايات المتحدة الأمريكية، يوما من الأيام، عن استخدام حق النقض "الفيتو"، لخدمة وتعزيز موقف وحضور هذا الكيان الإجرامي، دون خجل أو مواربة، أو وضع أدنى اعتبار لمشاعر مليار ونصف مسلم، أو يزيدون، غير مكترثة بعواقب انعكاس ذلك سلبا على حضورها السياسي، ومستقبل تحالفاتها ووجودها في المنطقة، وقد شجعها على ذلك، ضعف وانقسام وتخاذل وعمالة، الأنظمة العربية الحاكمة من جانب، ورسوخ قوة وتسلط ونفوذ، القبضة العسكرية الأمريكية الاستعمارية، على المنطقة من جانب آخر، إلى حد أن تصريح أصغر ضابط أو مسؤول أمريكي، كان كفيلا أن يقيم الدنيا ولا يقعدها، ناهيك عن رعب الفيتو الأمريكي، حين كان بمثابة حكم الإعدام، الذي لا مرد له، ولا طاقة لأحد بمخالفته، أو الاعتراض عليه.
إن سقوط عامل القوة العسكرية، قد أسقط معه عامل الهيمنة السياسية، ولم يعد للفيتو الأمريكي الإمبريالي، قيمة ولا معنى، سوى ما تكشف عنه يد الإجرام والتوحش الاستعماري، التي ترتفع مثقلة بدماء وأشلاء الضحايا الأبرياء، داعية إلى استمرار آلة الحرب والتدمير، وعمليات القتل والمجازر الجماعية والإبادة الشاملة، وهو ما يسقط عنها - بالتالي - مزاعم التفوق الحضاري، لينتهي بها الأمر إلى قبح صورة الشيخوخة الاستعمارية، الغارقة بين أضلاع مثلث السقوط، تتجرع كؤوس الذل والهوان والعار، في رحلتها الأخيرة إلى الزوال والمصير الحتمي.
نمذجة "القاتل الإمبريالي"..
من إنسانية الصورة إلى قذارة المشروع.
إبراهيم محمد الهمداني
اعتمدت ماكينة الإعلام الإمبريالي، وأبواقها النفاقية العميلة، على الكثير من أساليب التضليل والخداع والزيف والكذب، عند تقديم الغرب الاستعماري، "القاتل الإمبريالي" الهمجي المتوحش، إلى الشعوب العربية والإسلامية، في صورة غاية في المثالية والإنسانية، بوصفه صديقا مخلصا ودودا متواضعا، لم يستنكف - رغم علو مكانته - من مصادقة شعوب العالم الثالث، والعمل على انتشالها، من مستنقعات تخلفها، وإلحاقها بركب مشروعه الحضاري، دفعة واحدة، وإذا كانت الشعوب، قد سهلت مهمة الإعلام الإمبريالي، وتواطأت ضمنيا مع سياسة حكامها العملاء، في قبول خداع صورة "القاتل المثالي"، فلأنها كانت تبحث عن أنموذج حكم مؤسسي إنساني، لم تجده في أنظمتها الحاكمة، التي سعت - بدورها - إلى إثبات فشل النموذج الإسلامي والنموذج القومي، لتفتح أنظار الشعوب على اتساعها، نحو أنموذج الحكم الرأسمالي المادي النفعي، بما يخدم مصالح ومشروع القوى الاستعمارية، في صورة مقززة من الانبطاح والخضوع والعمالة، أوصلت الشعوب إلى اليأس المطلق، من احتمال صلاح أو زوال حكامها، وبالتالي عدم جدوى الحلم، بالتغيير نحو مستقبل مشرق، لذلك مارست التواطؤ الضمني عمدا، ضد نفسها، من أجل تسهيل عملية "خداع العقل الجمعي"، وتنفيذ مشاريع الهدم المجتمعي، خطوة بخطوة، بهدف تعجيل الوصول إلى النهاية، مهما كانت نتائجها كارثية، على وجود واستقرار الكيان البشري، وتداعياتها عالية الخطورة، بحجم التهديدات الكبرى، التي تلحق بنية المجتمع البشري، في أصل تكوينها، بعد زرعها بمعطيات المشروع الحداثي الغربي، بوصفه بوابة الوصول، إلى المستقبل الحضاري المنشود، عن طريق اجتراح ثقافة الرفض والاختلاف، وتعزيز السلوكيات الأنانية والتسلطية، وتعليب المصلحة الشخصية، والنظرة المادية النفعية، كمبدأ أساس في الحياة.
علاوة على إشاعة حالة من السخط الشعبي، وتحويله إلى إعصار مدمر، في جميع الاتجاهات، وشحن الوجدان العام، بمشاعر الاستعلاء والحقد والكراهية، ونزعة العداوات والانتقامات البينية، والميل نحو الإجرام والتوحش والبهيمية، وصولا إلى تشجيع حالات التمرد والعصيان، والمجاهرة بالكفر بالله سبحانه وتعالى، ونسف كل الثوابت والمبادئ والقيم والأخلاق، واعتناق مشروع "الحداثة الغربية" نهجا وعقيدة، في سبيل الوصول إلى المشروع الحضاري الخاص، وتحقيق حلم الخلاص، القادم من الغرب، الأمر الذي جعل معظم الشعوب، تتحول إلى فريسة سهلة بين أنياب النفعية الإمبريالية، والتسلط والطغيان الاستعماري.
لم ولن تكون الأنظمة الحاكمة، هي سبيل الخلاص المنتظر، وإنما التعويل على صحوة الشعوب، التي بدأت تتنامى يوما بعد يوم، لإسقاط هذا المشروع الإمبريالي التسلطي الهدام في عقر داره.
الجهاد في معادلة الصراع العالمي
من مربع الإسناد إلى فضاء المواجهة المباشرة والتصعيد الشامل
إبراهيم محمد الهمداني
في خطابه المتلفز، على قناة المسيرة الفضائية - وعدد من القنوات الفضائية العالمية - الذي لم يتجاوز نصف ساعة من الزمن، بتاريخ الخميس 26 محرم 1446، الموافق 1 أغسطس 2024م، قدم سماحة السيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله تعالى - كعادته في إطلالته الأسبوعية - إحاطة شاملة ومقتضبة، لمجريات ومتغيرات وحصيلة الأحداث الميدانية والسياسية، وما تمخضت عنه تداعيات العدوان الإسرائيلي - المدعوم من الغرب وأوروبا - على أبناء قطاع غزة، مستعرضاً طبيعة المجازر الوحشية الإجرامية، وحرب الإبادة الشاملة، بحق المدنيين المستضعفين، التي عكست طبيعة العدو الإسرائيلي العنصري المتغطرس، ونزعته الإجرامية الوحشية المتأصلة، ونفسيته الحاقدة الخبيثة، وكشفت زيف الوجه الحضاري للغرب وأوروبا، وسقوطهم القيمي والأخلاقي والإنساني، وشراكتهم الفعلية في كل جرائم الكيان الوظيفي، بحق أبناء فلسطين خاصة، والعرب والمسلمين عموماً، وأنهم لا يقلون عن الكيان الغاصب، إجراماً وحقداً وعنصريةً وانحطاطاً، كما فضحت حقيقة بعض الأنظمة العربية، التي اختارت العمالة والنفاق والتطبيع، ووقفت سراً وعلانية، إلى جانب الكيان الإسرائيلي المحتل، وقدمت له كل وسائل الحماية والمساعدة والإسناد، وحالت دون تعجيل سقوطه، وكسرت الحصار الاقتصادي، الذي فرضته عليه القوات المسلحة اليمنية، وقامت بتغطية وتلبية كل احتياجاته، الغذائية والتموينية والعسكرية، عبر جسور برية وبحرية وجوية، وفي المقابل نفذت حصاراً حديدياً مطبقاً، على أبناء قطاع غزة، وأقامت الجدران الفاصلة الشاهقة دونهم، ونقاط الحراسة والمراقية المشددة عليهم، لتمنعهم - بذلك - حتى من حقهم الإنساني، في اللجوء إلى دول الجوار، هرباً من جحيم الحروب والصراعات، وهو الحق المؤكد والمكفول، في قوانين ومواثيق وأعراف واتفاقيات الأمم المتحدة.
كان مفهوم الجهاد، هو المرتكز الأساس، في كلمة سماحة السيد القائد/ عبدالملك بدر الدين الحوثي - يحفظه الله - حيث استطاع توظيفه، في أبعاده الدينية والتاريخية والقيمية والإنسانية - بحكمة واقتدار - وتقديمه بوصفه الحل الوحيد والأخير، وفعل الضرورة الذي لا بديل عنه، سواء في سياقه المرجعي، بوصفه أمراً إلهياً، وما يترتب عليه من الثواب والعقاب، او في سياقه الوظيفي، بوصفه نهجاً عملياً، أثبت التاريخ فاعليته ونجاحه المؤكد، أو في سياقه الواقعي، بوصفه الخيار الوحيد، والطريقة الأمثل والأنسب، لردع وكسر جموح وتوحش وإجرام، العدو الإسرائيلي الأزلي، بعد سقوط كل الخيارات، وانسداد كل الآفاق، وفشل نظريات السلم والسلام، المخدوعة بوهم السلامة، والمخدرة بأحلام المفاوضات والمعاهدات والاتفاقيات، مع عدو نكث عهوده مع الله تعالى، ولم يرع مقام أنبيائه، بل سارع إلى قتلهم ظلماً وعدواناً.
ومن خلال الربط المنطقي والتسلسلي المنهجي البديع، في الطرح والتناول، خلص السيد القائد عبدالملك الحوثي - يحفظه الله - إلى نتيجة مطلقة، تؤكد حتمية الجهاد، كونه الخيار الأول والأخير، في مواجهة عدو أزلي، والاستراتيجية الوحيدة الكفيلة بحسم الصراع الأزلي، حسب الوعود الإلهية الضامنة لذلك، ومصاديق الأحداث التاريخية الشاهدة بذلك، مؤكدا بنا لا يدع مجالا للشك، أن النهج الجهادي القرآني، هو المصداق الرئيس لحقيقة وتحقق الحتميات الثلاث.
إن إعادة ربط الأمة بربها ودينها ونبيها، وربط ماضيها بحاضرها، بذلك الأسلوب الراقي، ينعكس إيجاباً على عملية تهيئتها النفسية، ويكسبها الطمأنينة والثقة والقوة، في مواجهة عدوها، والسعي إلى قطع شره وخطره ومكره، انطلاقاً من الإيمان الراسخ واليقين المطلق، بوعد الله تعالى لعباده وجنوده، بالنصر والغلبة، على عدوه وعدوهم.
يمكن القول إن هذه الكلمة/ الخطاب السياسي، يعد بمثابة البيان التمهيدي، المؤسس لصورة المرحلة القادمة، من المعركة الكبرى، بما يعكس طبيعة التصعيد القادم، الذي سينتقل من مربع الإسناد والدعم، لفصائل الجهاد والمقاومة في فلسطين، إلى إعلان تبني المواجهة المباشرة، الفعلية الجمعية الشاملة، ودعوة كافة الشعوب العربية والإسلامية، إلى النفير العام، والجهاد في سبيل الله، كونه فرض عين، واجب على كل مسلم، استجابة لأمر الله تعالى، القائل:- "وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل"، والقائل سبحانه وتعالى:- "انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون"، والقائل جل وعلا:- "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين"، خاصة وأنه سبحانه وتعالى، قد وعد جنده بالنصر، وضمن فوز وفلاح المجاهدين في سبيله، وعلى أساس الدعوة العامة إلى الجهاد، سيكون فرز الناس في مواقفهم، بوصفه سنة إلهية لا بد منها، ليميز الله الخبيث من
نتنياهو.. شمشون الأحمق
بلا ظفائر بين حمارين
إبراهيم محمد الهمداني
تقول الأسطورة إن شمشون بن منوح اليهودي، قد أثار غضب ملك الفلسطينيين، نظرا لانتهاكه قانون حظر دخول اليهود إلى غزة، وجرأته على طلب يد دليلة (ابنة غزة المقدسة) للزواج، فأصدر الملك أمرا بالقبض عليه ومعاقبته، وحين كان الجنود يلاحقونه، لم يفكر شمشون سوى في الهرب، محاولا عدم الاشتباك معهم، لكنهم - ذات مرة - أدركوه وحاصروه، إلى جوار صخرة ملساء شاهقة، يستحيل تسلقها، وعندما أحاط به الجنود، لم يجد بدا من المواجهة، لكنه لا يحمل سلاحا، فتلفت حوله بحثا عن عصى أو حجر، يدافع بها عن نفسه، فرأى فك حمار مغروسا في منتصف الصخرة، فقفز إليه وانتزعه بقوة، وبدأ يضرب به الجنود الفلسطينيين، مسقطا في كل ضربة العشرات، ولم تغرب شمس ذلك اليوم، إلا وقد أردى المئات منهم قتلى، بينما فر البقية إلى الملك، حاملين خبر هزيمتهم النكراء، أمام شخص يهودي وضيع أعزل، وصمهم بعار الموت بضربة فك حمار - وليس بسيف أو عصى أو ما شابه - إمعانا في إذلالهم واحتقارهم.
ومرة أخرى يحضر "فك الحمار"، بوصفه مصدر الحياة، والمنقذ للبطل اليهودي شمشون، من الموت المحقق، بعد أن كاد يموت عطشا، حيث جرى الماء متدفقا، من فك الحمار، الذي كان يحمله معه، حتى أنه تفاجأ من هذه المعجزة، التي تعللها الأسطورة اليهودية، بأن نبي الله إبراهيم - عليه السلام - هو من ثبت فك الحمار هذا، في الصخرة الملساء، وهو من باركه، ليبقى طريا وقويا ومعجزا، إلى أن يأتي البطل اليهودي المخلِّص شمشون، ليكون له مصدر قوة ونسغ حياة، وبرهان ساطع على قداسة "بطل وحمار إسرائيل".
إن تصورات العقلية اليهودية، المسكونة بحلم القوة والهيمنة، المشبعة بوهم الخرافات والأساطير، الغارقة في التحريف والانحراف والإجرام، قد انعكست على سلوكياتها الإفسادية، وخبث نفسيتها الحاقدة، وطبيعة أدوارها التآمرية الانتقامية، لينضم إليها في ذلك المسار المنحرف، طائفة المنافقين ومرضى القلوب، في كل زمان ومكان، لتمثل العلاقة الجدلية بين اليهود والمنافقين، طبيعة الترابط الوثيق والتلازم الحضوري بينهما، كما هو الحال في عصرنا الراهن، حيث برز الدور الإسرائيلي اليهودي الإجرامي، بإسناد ودعم وحماية منافقي العرب، وفي مقدمتهم قائد التطبيع، محمد بن سلمان، وصنوه الصهيوني الإماراتي محمد بن زايد، وبقية قطيع التطبيع، الحكام في مصر والأردن والمغرب، الذين سخروا ثرواتهم ومقدراتهم، وإمكاناتهم العسكرية ومجالهم الجوي، لخدمة الكيان الإسرائيلي الغاصب، في عدوانه الإجرامي على قطاع غزة وجنوب لبنان، وحرب الإبادة الجماعية الوحشية الشاملة، بحق المدنيين من النازحين، وتدمير البنية التحتية والمربعات السكنية، وتحويلها إلى كومات ركام، وعمليات الاغتيالات الإجرامية، التي طالت عشرات القادة المجاهدين العظماء، في فصائل ومحور الجهاد والمقاومة.
لم يكن نتنياهو "شمشون العصر"، أقل حمقا وسفها وطيشا، من سلفه الأسطوري، وطالما اعتقد نتنياهو الخلاص اليهودي على يديه، حتى أنه تقمص الدور والشخصية، واستبدل "فك الحمار"، بالصواريخ والقنابل المحرمة دوليا، وبتفجيرات البيجر ووسائل الاتصال المدنية، ليقضي على مئات المدنيين، ويمسح عائلات بأكملها، من السجل المدني، بضغطة زر واحدة، كما اعتمد استراتيجية الأرض المحروقة، لتحقيق مشروع التهجير والحصار والتجويع، كما فعل سلفه، حين أحرق حقول القمح الخاصة بأهالي غزة، ورغم تفوق "شمشون العصر"، على قدوته الأسطوري، بعمليات الاغتيالات الدنيئة الوحشية، إلا أنه لم يحظ بنشوة النصر المؤقت، ولذة إرغام غزة على تزويجه من ابنتها العزيزة "دليلة"، لكن عاما كاملا من الجرائم والهزائم، لم يمنع نتنياهو "شمشون الأحمق"، من الاستمرار في تمثيل دور البطل المنتصر، المزهو بعد كل عملية إبادة جماعية أو اغتيال.
ربما عجز نتنياهو "شمشون الأقرع"، عن استيعاب عاقبة هزيمة سلفه، وانتقام غزة منه، بعد أن قصت ظفائره، وسمَّلت عينيه، وسلبته بركة وقوة "فك حمار إسرائيل"، ومنحته دور "حمار طاحونة غزة"، لينعم "حمار غزة" بإجازة مفتوحة، بعد إسناد وظيفته المهينة المرهقة، إلى "حمار إسرائيل الأعمى"، وبذلك غرق البطل اليهودي، عاجزا ذليلا، في رمال غزة، يجر ثقل وخزي طاحونتها طوال اليوم، نيابة عن حمارها الوطني، على أمل أن تنمو ظفائره ذات يوم، لكي يستعيد قوته وينتقم، وهو ما لن يتحقق لشمشون الأحمق، الغارق في محيطات الهزائم النكراء، من غزة إلى لبنان إلى العراق إلى اليمن إلى إيران، ليس لأنه لم يملك قوة "فك الحمار"، وإنما لأنه لم يستوعب حقيقة التحولات، ورفض قبول هزائمه، واستمر في الهروب إلى الأمام، وإدارة الحرب بحمق وغباء "عقلية الحمار"، بلا أمل في نمو أدنى ظفائر، ينتشل بقوتها حضوره الغارق في مستنقع الهزائم، المثقل بعار الجرائم والانتهاكات الفظيعة والإبادةالجماعية، وحتمية النهاية المخزية، كونه لا يملك رأسا صالحة لإنبات أدنى فكرة أو طريقة، يتفادى بها "لعنة غزة"،
الضامن لاستمرار تقاسم المصالح والهيمنة، ولذلك فإن الموت بقنابل حلف الناتو، لا يختلف عن الاستلاب لتحالف البريكس، ما دمنا نحن الضحية، وميدان ممارسة الهيمنة الإمبريالية، في كلا الحالتين.
.....
مرجعية الإرهاب الإجرامي
من وضع سيف يهوذا في يد المسيح
إبراهيم محمد الهمداني
ارتبط السلوك الإجرامي - عبر التاريخ - بالوجود اليهودي/ الإسرائيلي، ارتباطا تلازميا جدليا، فلا يكاد يحضر اليهودي في مكان، إلا وعصفت به نيران الحروب والصراعات، ولا تكاد تخلو حرب شاملة، أو عملية إبادة جماعية، من بصمات عقيدة الإجرام اليهودي، سواء من خلال الفعل المباشر، أو التدخل غير المباشر، الأمر الذي جعلهم موضع كراهية المجتمعات، كونهم أعداء الإنسانية، ومصدر الشر المطلق، بإجماع الشعوب البشرية قاطبة.
يمكن القول إن عقيدة الإبادة وأيديولوجيا الإرهاب الإجرامي، التي يمثلها الكيان الإسرائيلي الغاصب اليوم، قد تشكلت من اجتماع مرجعيتين متناقضتين تمام التناقض؛ تتمثل أولاهما في المرجعية الدينية التوراتية (المحرفة)، المتضمنة نصوص (العنف المقدس)، التي تبيح لليهودي الآخرين الأغيار مطلقا، كونهم حيوانات بشرية، لا أكثر، وهو ما أكدته أحداث وشخصيات السردية التاريخية، التي اجتهد في تنميقها ونمذجتها المخيال اليهودي، ودمجها في بنية النص التوراتي (المقدس)، بوصفها التمثيل الفعلي لشخصية البطل اليهودي الجبار، الذي اختاره إله إسرائيل (رب الجنود)، قائدا لشعبه ومعاركه ضد أعدائه.
وبإضافة ذلك التاريخ القومي الأسطوري، إلى أسفار التوراة، امتزج الديني المحرف بالتاريخي الأسطوري، وتم دمجهما في سياق أيديولوجي واحد، اكتسب طابع القداسة الدينية، والهوية التاريخية القومية معا.
بينما تمثلت ثاني المرجعيتين، في فكر الصهيونية العلمانية، ومرتكزات أيديولوجيا العنف والإجرام، التي استندت عليها رؤيتها الاستعمارية الاستيطانية الإحلالية، إذ لم تتوقف عند مقولة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض"، بل ذهبت إلى ضرورة إبادة ومحو هذا الشعب، وتنظيف الأرض من تلك المخلوقات الطفيلية، تمهيدا لإقامة وطن قومي لليهود، أسوة بغيرهم من القوميات والشعوب، وقد نفذت عصابات "الهاجناه" الصهيونية الإجرامية، أبشع المجازر الجماعية، وعمليات القتل والإبادة والتهجير، بحق الفلسطينيين العزل، وهكذا قامت دويلة الكيان الإسرائيلي المحتل، على رصيد تراكمي هائل، من المجازر الوحشية والإبادة الجماعية، التي غطت كل جغرافيا الأراضي الفلسطينية، على مدى ما يقارب قرن من الزمان، أسفر عن أقبح وأبشع مؤامرة عبر التاريخ، حملها قادة القوى الاستعمارية (الأباء المؤسسون) فكرة ومشروعا، وتلقفتها الأجيال من بعدهم عملا وتنفيذا، حيث تكاتفت جهودهم وتكاملت إسهاماتهم، في تمكين اليهود من وطنهم القومي، وكأنه دين في أعناقهم جميعا، تسابقوا في الوفاء به لليهود، رغم تباين أيديولوجياتهم، واختلاف توجهاتهم، وتعارض مواقفهم، فقد ذابت كل الخلافات والعداوات بينهم، والعجيب في الأمر أن الكيان اليهودي الوظيفي، قد بلغ من الإفساد الفكري والقيمي، أنه عمم ثقافته وعقيدته وفكره الإجرامي، وتصوراته العدائية الانتقامية، على جميع الشعوب المسيحية، التي كانت تؤمن بثقافة المحبة وسلام المسيح، وحملوا جميعا سيف يهوذا، وعقيدة انتقام رب الجنود.
بعد عام من ثورة الطوفان..
كيف سقط "شمشون" العصر، في فخ سلفه الأسطوري
إبراهيم محمد الهمداني
مما لا شك فيه أن توقيت عملية طوفان الأقصى، كان ذا أهمية بالغة، وحساسية كبيرة جدا، لأنها عكست حالة متقدمة جدا، من التفوق الاستراتيجي والاستخباري والعسكري، وأرست معادلة جديدة، غير مسبوقة في الصراع، ومواجهة العدو الإسرائيلي الغاصب، وعلاوة على ذلك، فقد كان عامل السبق الزمني - واستراتيجية المبادرة والمباغتة - أحد أهم أسباب نجاحها، وتحقق انتصارها وبقائها واستمرارها، بهذا العنفوان والقوة والقدرة والمرونة، حتى أصبحت عصية على الاجتثاث والمحو، وقد اجتمعت عليها أعتى القوى الاستعمارية العالمية، بكل إمكاناتها الوحشية والتدمير ية والإجرامية، على مدى عام كامل، لتغرق - ومعها ربيبتها إسرائيل - في رمال غزة، تطوقها أغلال هزيمتها الأبدية.
قبل عملية طوفان الأقصى، كانت القوى الاستعمارية العالمية، قد منحت الكيان الإسرائيلي الغاصب، دور البطولة، في مسرحية صناعة الشرق الأوسط الجديد، وكان المخرج الأمريكي، يلقن "البطل اليهودي"، الكلمات الأخيرة في خطاب النصر، ويضع اللمسات الفنية الأخيرة، على إطلالة نتنياهو "شمشون العصر"، الذي فضَّلَ ممارسة الانتقام والتدمير والقتل والإبادة الجماعية، على طريقة مخلص إسرائيل، البطل "شمشون" اليهودي الأسطوري، الذي احتفت أسفار التوراة، بتخليد أسطورته، بوصفه بطلا من أبطال الخلاص اليهودي.
إن أهمية وخطورة مشروع إبادة ومحو المقاومة، في أبعادها الثلاثة (الزمان والمكان والإنسان)، تحتم على القوى الاستعمارية الكبرى، اختيار بطلها (الإسرائيلي/ اليهودي) حامل المشروع، بعناية فائقة، وفق أعلى المواصفات والمعايير، لتصبح شخصية رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي - بنيامين نتنياهو - المرشح الأول، لتنفيذ هذا المشروع الإمبريالي، التسلطي الإحلالي الغاصب، فعلاوة على ما تمتلكه هذه الشخصية، من رصيد إجرامي توحشي وتدميري استعماري سابق، فإن نزعتها العنصرية العدائية، وتوقها لممارسة العنف والتوحش، على طريقة المخلص المتعالي، أوضح وأكبر من أن تستر قبحها، شعارات إنسانية مزعومة، أو تفوق حضاري زائف.
ولأن الموهبة وحدها لا تكفي - كما يقال - فقد رأت القوى الاستعمارية، أن تلك المؤهلات والخبرات الإجرامية، لم تكن مقنعة لتحقيق التفرد، ولا كافية للقيام بالدور المستقبلي، الذي يتطلب شخصية يهودية فارقة، هي شخصية "اليهودي الجريء"، الذي يمتلك الجرأة للتنكيل بأعدائه، دون أن يرف له جفن، والقدرة على قتل عشرات الآلاف منهم، بضربة واحدة، والشجاعة على مواجهتهم وحيدا أعزلا، دون أدنى تهيب أو خوف، غير أن "اليهودي الجريء"، المتباهي بقوته الإلهية، قد سقط في عقوبة التيه، ولعنة الخذلان والضلال، وأغلال الذلة والمسكنة والغضب، والاحتقار والمسخ إلى قردة وخنازير، ولذلك كانت محاولات استعادة اليهودي الجريء، من أعماق هذا الكم الهائل، من مستنقعات الانحطاط، والعار والذل والقبح والجبن، ومساوئ الأخلاق، بمثابة الإنجاز الخارق للعادة، لأن الوضعية العامة لليهود، كانت هي الضعة والذل والاحتقار دائما، ولإخراجها من تلك الوضعية المنحطة، يجب مراعاة أمرين؛الأول:- تحفيز خبث وعنصرية وعدوانية وإجرام النفس اليهودية، وشحنها إلى أقصى درجات الغيظ والحقد، والثاني:- تمكين تلك النفس سلطويا، ودعمها وإسنادها بالقوة العسكرية اللازمة.
ذلك ما فعلته الماسونية العالمية - بواسطة قوى الاستكبار العالمي - في عملية إعادة بناء شخصية نتنياهو، وإخراج اليهودي الجريء/ شمشون العصر من داخله، وهو ما وافق هوى في أعماقه، وهو المفتون بحكايات ونبوءات الخلاص، في الموروث الديني والتاريخي اليهودي، المشغوف بأسطورة المخلص شمشون، الغارق في تفاصيل شخصية البطل اليهودي، المتشبع بكل كلمة في سردية الخلاص، منطلقا من محاكاة شخصية شمشون الأسطوري، إلى تقليد سلوكياتها وتصرفاتها وحضورها وسكناتها وحركاتها، تقليدا حرفيا مرآويا، حتى وصل به الأمر، إلى تسمية نفسه "مخلص اليهود"، و"مخلص إسرائيل"، و"شمشون العصر"، معلنا خروج "اليهودي الجريء"، ليلعب دور الخلاص المزعوم، على طريقة سلفه القاتل المثالي، شمشون اليهودي، وبينما كان نتنياهو يتهيأ للقيام بذلك الدور القيادي التسلطي، حيث يقضي على جميع أعدائه، في عملية خاطفة قاتلة، ويضع بقية شعوب العالم، بين قوسي خضوع مهين، وخيار تبعية مذلة، وبينما كان يتهيأ للظهور، على مسرح الأحداث السياسية الإقليمية - بعد نجاحه في تجارب الأداء خلف الكواليس - متباهيا بقوته العسكرية والتكنولوجية، وإسناد رعاته في الغرب الاستعماري، جاءت عملية السابع من أكتوبر 2023م، متقدمة عليه خطوات كبيرة، من الجرأة والشجاعة والتخطيط والإنجاز، وصعدت فصائل الجهاد والمقاومة الفلسطينية، على مسرح الأحداث الإقليمية والعالمية، الذي كان مهيأً لشمشون العصر، وقد تلقى صفعات مدوية، بكفي المقاومة الباسلة، من خلف الستار، ليسقط مبهوتا، غير قادر على استيعاب، حقيقة ما يحدث، وقد
إسرائيل والغرب الاستعماري
فاتورة جنون العشاء الأخير
إبراهيم محمد الهمداني
سقطت كل تموضعات الهيمنة الإمبريالية، من الكيان الإسرائيلي المحتل، إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وأخواتها في أوروبا الإمبريالية، وأصبحت تلك القوى مجرد أوراق ذاوية، متساقطة في خريفها الحتمي.
سقطت أساطير القوة، والتفوق العسكري البحري والجوي الأمريكي، وسقطت مزاعم التفوق الحضاري، وأقنعة السمو والرقي الإنساني الأوروبي، كما تهاوت عنجهية الكيان المدلل، المغرم بهواية ممارسة التوحش والإجرام، والمولع بإراقة الدماء وحروب الإبادة الشاملة، دون أن يجرؤ أحد على منعه.
رغم مرور عام كامل، لم تستطع أقوى الترسانات العسكرية، وأحدث المنظمات التكنولوجية، أن تجتث قوة وفاعلية، فصائل الجهاد والمقاومة الفلسطينية، ومازالت هذه الأخيرة، تلحق بأعتى جيوش الإمبريالية، أخزى وأنكى الهزائم، رغم الفوارق الهائلة بينهما، على كافة المستويات، ورغم ذلك فإن الفعل المقاوم اليوم، لم يعد ما كانه بالأمس، سواء في غزة أو في الضاحية اللبنانية، علاوة على ظهور جبهات جهاد وإسناد جدیدة، في العراق واليمن وإيران، الأمر الذي جعل الغرب الإمبريالي، يتخلى عن وقاره المصطنع، وعطف أبويته المزعومة، ويقفز إلى حلبة الصراع والمواجهة، معلنا موقفه الاستعماري وشراكته الإجرامية، وهمجيته ونزعته التوحشيه، الموغلة في دماء وأشلاء المدنيين الأبرياء العزل، في قطاع غزة وعموم فلسطين والضاحية الجنوبية، واليمن والعراق وأفغانستان، و..... و...... إلخ.
كانت القضية الفلسطينية - وما زالت - الجرح الغائر، في جسد الأمة العربية والإسلامية، غير أن خروج صورة المعركة وطبيعة المواجهة، من ضيق التصور القومي الخاص، إلى فضاء الواجب الديني، الملزم لجميع المسلمين، قد أعاد لها قوتها وزخمها الحقيقي، وأعادها إلى سياق الاستجابة للأمر الإلهي، وأصبحت المسألة أكبر من مصير مشترك، عرقيا أو قوميا أو جغرافيا، لتشمل المصير الحياتي، والمصير الأخروي معا.
مما لا شك فيه أن وعد الله حق، وسنته ثابتة مؤكدة، لا تتبدل ولا تتغير، وفي كل زمان وفي كل مكان، لا بد أن يعلو جبروت فرعون، لتسقطه عصى موسى، ورغم إمكانات القوة والهيمنة الاستكبارية، في تموضعها المادي، إلا أن أبسط الأدوات (العصى)، وأقل الإمكانيات (ضرب البحر)، كفيلة بمشيئة الله بإسقاط أعتى القوى، وطي أزمنة الهيمنة والطغيان، إلى الأبد.
إن المارد الذي انطلق من عقاله، في السابع من أكتوبر 2023م، لا يمكن أن ينكسر، بعد عام كامل من عنفوانه، والطوفان الذي مازال يعصف بأعتى القوى، على مدار عام كامل، لا يمكن أن ينطفئ، بحيلة سياسية أو مؤامرة عالمية، كما أن ما عجزت قوى الاستكبار الإمبريالية العالمية، أن تقضي عليه مجتمعة، على مدى عام كامل، هي أعجز من أن تنال منه، مثقال ذرة بعد ذلك، مهما راهنت على عامل الزمن.
كان صدور أقل تصريح، عن أصغر ضابط أمريكي، كافيا لأن يقلب العالم، رأسا على عقب، وكانت مجزرة واحدة بحق الفلسطينيين، كافية لفرض الاستسلام، على شروط العدو، وكانت تكاليف العمليات الاستشهادية، باهظة التنكيل والقمع والإبادة، بحق المدنيين الأبرياء، لكن الوضع اليوم قد تغير، ولم يعد لحاملات الطائرات الأمريكية، أي قيمة وجودية، بعد أن عجزت عن حماية نفسها، أمام الصواريخ الباليستية والمسيرات اليمنية، ولم يعد للمجازر والإبادة والتوحش، أي أثر إرهابي، لردع المجاهدين الفلسطينيين واللبنانيين، عن خيار الجهاد والمقاومة، والسباق الجمعي في ميادين التضحية والكرامة، ولم تعد العمليات الاستشهادية، باهظة الثمن أو عبثية الجدوى، كما أن الاغتيالات الإجرامية الإسرائيلية، لم ثؤثر على موقف الجهاد والإسناد، أو تضعفه تكتيكيا أو عسكريا أو ميدانيا، وهو ما أثبت مرة أخرى، الكفاءة العالية والأداء المتفوق، لدى فصائل الجهاد والإسناد، التي مازالت تضرب بكل قوة وفاعلية، في عمق الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد اختارت أهدافها بدقة وعناية، في ظل امتلاكها زمام المعركة، وقدرتها على تحقيق النصر، بخطوات ثابتة ومدروسة.
لم يعد من مصلحة إسرائيل وأمريكا وأخواتهما، ارتكاب المزيد من المجازر، والقتل والتدمير والإبادة، لأنها أصبحت بلا فاعلية ولا جدوى، ولم يعد في جعبة القوى الاستعمارية والاستكبار، غير الزوال الحتمي، والسقوط الكبير المدوي، وحتى الرهان على عامل الزمن، لن يخدم تلك الكيانات الوظيفية الإجرامية، التي تآكلت من الداخل تماما، وفقدت شرط التفوق العسكري، وعامل البقاء الاقتصادي، الذي يتهاوى بشكل متسارع، تزامنا مع السقوط القيمي والأخلاقي والإنساني الشامل.
.
بالإضافة إلى العمليات النوعية الفعالة، التي بلغت عمق الكيان الإسرائيلي الغاصب، واستهداف مدينة يافا، المسماه إسرائيليا "تل أبيب"، بالطيران المسير والصاروخ الفرط صوتي، الذي قطع مسافة 2040 كيلومتر، في زمن قياسي جدا، لم يتجاوز أحد عشرة دقيقة ونصف الدقيقة، في سرعة تفوق سرعة الصوت، مخترقا كل أنظمة الدفاع الجوي المتعددة، وهو ما يعد هزيمة نكراء ساحقة، ليس فقط للكيان الإسرائيلي المحتل، بل ولرعاته وشركائه أمريكا وأوروبا، بكل ما يمتلكونه من ترسانة أسلحة متطورة، ومنظومات دفاع جوي متقدمة جدا، الأمر الذي جعل قوى الاستكبار العالمي، تعيد حساباتها ألف مرة، وتعلن عجزها وفشلها وهزيمتها، أمام التفوق العسكري والتكنولوجي اليمني، خاصة وقد بلغ التصنيع الحربي اليمني، من امتلاك التقنية والتطوير والتصنيع، ما جعله متقدما عليها عشرات السنين.
ببركة ثورة ال 21 من سبتمبر، امتلك الشعب اليمني القرار، وامتلك القوة بالله ومن الله، وخرج من عدوان وحصار عالمي، لمدة عشر سنوات، مجللا بأكاليل النصر، ومحاطا بهالات الإعجاب والتقدير، وهو يتدفق عطاءً وإيثارا، رغم خصاصة الحاجة، وخساسة العدوان والحصار، لتصبح عمليات الجيش اليمني، في إسناد غزة، في قلب المشهد ومركز الحدث، ومحل اهتمام ودراسة وتحليل، كبريات مراكز ومؤسسات صناعة القرار في العالم، التي عجزت تأويلاتها المادية، وتفسيراتها النفعية البراجماتية، عن فهم واستيعاب حقيقة الموقف الإيماني والإنساني، الذي خطه هذا الشعب العظيم، في ظل ثورته الشعبية الخالصة، تحت قيادة هذا القائد القرآني الكريم، الذي جسد المشروع القرآني الحضاري، وأرسى دعائمه ومرتكزاته، لينقل الشعب اليمني من هوامش الإقصاء والإلغاء، إلى مصاف الريادة العالمية والارتقاء الحضاري.
.......
في عشريتها الأولى..
ثورة ال 21 من سبتمبر
إرادة الشعب العصية على الاحتواء والمحو
إبراهيم محمد الهمداني
استطاعت ثورة ال 21 من سبتمبر 2014م، الحفاظ على هويتها وطبيعة دورها، بوصفها الناطق الأمين الصادق، عن إرادة الشعب اليمني، وضميره الجمعي العام، لتصبح أول ثورة تحررية عربية، تكسر طوق التبعية الإمبريالية، وترفض كل أشكال الوصاية الاستعمارية، متجاوزة كل محاولات الاحتواء والتدجين الأمريكي الغربي، واستراتيجيات التدخل الإمبريالي السافر، تحت قناع الحقوق والحريات أو إحلال السلام، أو حماية الشعب من بطش النظام، ومساندة الشعوب في تقرير المصير، وغيرها من الأقنعة والحجج والذرائع، التي اعتمدتها (الأمم المتحدة) الاستعمارية - عبر شرعية منظمتها الإرهابية المزعومة - في ممارسة وظيفتها الاستعمارية الاستبدادية التسلطية، في ثوبها الحداثي المنمق بالشعارات الإنسانية، المطرز بمغريات وهم التفوق الحضاري، وهو ما لم تسلم منه معظم - إن لم نقل كل - الانتفاضات والثورات التحررية الشعبية، على امتداد جغرافيا ما يسمى العالم الثالث، على مدى قرنين من الزمان، حتى أصبح حضور أمريكا وأخواتها، في حياة الشعوب المستضعفة، قدرا لا مفر منه، واحتياج (سياسي) لا غنى عنه، في تموضعه الأبوي البطريركي، وصيغة سلطته المرجعية المطلقة، وصولا إلى تقرير مستقبل ومصير الشعوب، بما يخدم مصالح ومشاريع الهيمنة الأمريكية الاستعمارية.
سقطت ثورة 11 فبراير، اليمنية الشعبية السلمية - كغيرها من ثورات الربيع العربي 2011م - في دائرة الاحتواء الاستعماري، الذي أعاد إنتاج النظام الحاكم، في نموذج أكثر ديكتاتورية وعمالة وانحطاطا، على مبدأ المحاصصة وتقاسم الكعكعة، بين فرقاء العمل السياسي، الذين تسابقوا على خدمة، ونيل رضى البيت الأبيض، وتنافست القوى السياسية، في التضحية بالشعب، على مذبح المصالح الأمريكية الاستعمارية، وتسريع انهيار وتدمير كل مقومات الحياة، لجميع أبناء الشعب اليمني، حتى وصل الاضطراب الأمني والتفكك المجتمعي والاختلال الإداري، إلى مراحل متقدمة وغير مسبوقة، من التحلل والسقوط.
لذلك كانت ثورة ال 21 من سبتمبر 2014م، هي فعل الضرورة القصوى، لإنقاذ الشعب اليمني من النهاية المأساوية، التي رسمها الإجرام الأمريكي، وسعى لتنفيذها العملاء النافذون علنا، بكل جرأة وقبح وصلف، دون وضع أدنى اعتبار لمشاعر وموقف الشعب، الذي كانت ثورة ال 21 من سبتمبر، آخر نوافذ الخلاص - بالنسبة له - من الموت المحقق، لذلك سارعت الجماهير الشعبية الغفيرة، إلى الاحتشاد في ميادين ثورتها المباركة، غير متهيبة من المواجهة المصيرية، مهما كانت عواقبها، أو مترددة عن التضحية، مهما عظمت أثمانها، ولسان حالها يتمثل قول الشاعر:-
"إذا لم يكن إلا الأسنة مركبا ... فما حيلة المضطر إلا ركوبها".
نجحت ثورة ال 21 من سبتمبر 2014م، في تجاوز كل العوائق والمؤامرات، رغم شراسة وضراوة أعدائها، المتكالبين في رسم وتنفيذ مشاريع ومخططات القضاء عليها، التي انتقلت من مرحلة التدجين والاحتواء، إلى مرحلة الاستهداف والاعتداء، لكنها كانت الصخرة الصماء، التي تحطمت عليها استراتيجيات الهيمنة الاستكبارية، والحصن المنيع، الذي حفظ للشعب حريته وعزته وكرامته، وكل حقوقه الإنسانية، الأمر الذي أفشل كل محاولات الاحتواء والتدجين والتشويه والاستهداف المباشر، بحق الشعب وثورته وقيادته، من قبل أمريكا وأخواتها وعملائها المحليين والإقليميين، وكل أعداء الشعب اليمني، الذين باركوا ثورته - 21 سبتمبر 2014م - وأشادوا بعظمة أخلاقها المتعالية على الجراح، وإنسانية مسارها المتسامح، وشمولية نهجها ورؤيتها السياسية، التي جسدها "اتفاق السلم والسراكة"، وتميز منظورها للتعايش السلمي، وغير ذلك من إيجابياتها، التي أذهلت العالم، بما فيه القوى الاستعمارية العالمية، ممثلة بالولايات المتحدة الأمريكية، ومنظمة الأمم المتحدة، التي سرعان ما انقلبت على موقفها الإيجابي السالف، واستعادت دورها الاستعماري، ونزعتها الاستبدادية التسلطية، ورغبتها في فرض هيمنتها وتسلطها، بمختلف الوسائل والطرق، وصولا إلى شن حروب الإبادة الشاملة، والمجازر الجماعية الوحشية، مباشرة أو عن طريق العملاء.
.. ..
جماليات الصورة وبلاغة المعجم في قصيدة “عيد المولد النبوي” للشاعر/ عبدالسلام المتميز
https://althawrah.ye/archives/904404
المعرفية المتناقضة، والأعلام القيادية المشوهة المنحرفة، وهو ما أدى إلى بروز مظاهر الصراع، بين أنظمة العمالة وبداية صحوة الضمير الجمعي، الذي يجب أن يكسر رهاب المعنى، ليرى أن فهمه الفطري المتحقق، لقول خالقه جل وعلا:- (جاهد الكفار)، هو الوسيلة الأمثل والأنسب، لمواجهة الأعداء، وقطع شرورهم وعدوانهم.
تكرر الاقتباس القرآني، لنص الأمر الإلهي، في قوله تعالى:- (اغلظ عليهم) أربع مرات متتالية، تحمل في تواليها، مستويات تحليلية تصاعدية، من المعنى المباشر، بوصفه "بيانٌ فهمه سلسٌ"، سهل التصور، ممكن التحقيق، إلى معنى المعنى، في مرجعية الأمر "يقول الله"، وعمق الدلالة المتضمنة حكمة الله تعالى، التي يجب أن نتوقف عند بيانها، لأنه "كافٍ لكل سوي"، وصولا إلى ما وراء المعنى وباطن الدلالة، المترتبة عن تكرار "اغلظ عليهم"، للمرة الثالثة والمرة الرابعة، اللتان ترسمان بدلالتيهما الغائيتين، المعللتين باللام، مشهدية الصراع المتحركة، التي تصل بين "لينهوا عن تجبرهم"، والنتيجة المترتبة عليها، "ليحيا العالم الأخوي"، بكل ما تحمله مدلولات "تجبرهم"، الذي يكاد يقضي على كل مظاهر الإخاء والتعايش، مقابل مدلولات الفعل المعلل "ليحيا"، في استمرارية تنامي صور الحياة والنماء والخير، وما يشير إليه "العالم الأخوي"، كفاعل إيجابي فعلي، في تحقيق الانسجام والتوائم والتكامل، وعمق الروابط الأخوية، الحاملة لكل مبادئ العدالة والمساواة والندية، والاحترام المتبادل بين جميع أبناء المجتمع الإنساني، ترجمة لمعنى قول أمير المؤمنين علي عليه السلام، في بيان طريقة التعامل مع الناس، على قاعدة (أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق).
وعند هذا المستوى من النضج والرقي، المتحقق للمجتمع الإنساني، تجسد حركة "الصبح حرا في مدائنه"، أبهى مشاهد الحرية والكرامة، وهو يتمشى ويتنقل بين المدن، ويقابله في تجسيد مظاهر الخير والأمان، القروي في أقصى المناطق النائية، وقد عمها الأمان والسعادة والاستقرار، بالتساوي بين الحضر والأرياف، فلا هيمنة لمدينة، ولا تهميش لبادية.
فما أحط وأشقى أمةً هجرت
هداه حتى أماتت دورها الحيوي
صورة مشهدية متحركة، تعكس كمَّا هائلا من الجمود والشقاء والانحطاط والسقوط، ليصبح الإعراض عن هدى الله وطاعة نبيه، والتخبط في الضلال والانحراف، جالبا للشقاء والغياب الحتمي، والحياة في مضمون موت قسري، وعبثية الوجود التائه.
وأين من ذبحوا أبناء أمتهم
وجردوا الأب من إحساسه الأبوي
دواعش لبني الإسلام غلظتهم
لكن صوتهم ضد اليهود طُوي
يأتي الاستفهام الاستنكاري، عن دور تلك الجماعات التكفيرية الوهابية المسلحة، التي برزت على المشهد السياسي والاجتماعي، تمارس الذبح والقتل والسحل والإجرام، بحق عموم المسلمين، بدعوى إقامة الدين، والانتصار لشريعة سيد المرسلين، معلنة رغبتها الجهاد في فلسطين، ولكن ما إن اشتعلت الحرب العدوانية الإسرائيلية، على إخواننا في قطاع غزة، وكل الأراضي الفلسطينية المحتلة، حتى غاب دورهم، وتلاشى حضورهم، وتحولت غلظتهم ضد المسلمين الموحدين، إلى مداهنة وملاطفة لليهود، وانسجاما وتوافقا مع موقفهم المعادي لفصائل الجهاد والمقاومة الفلسطينية، حيث سارعت الجماعات التكفيرية الوهابية، إلى تكفيرها وتبديعها، وتحميلها مسؤولية الجرائم والمجازر وحرب الإبادة الإسرائيلية، بحق قطاع غزة.
أليس إيغال إسرائيل في دمنا
يكفي لنخرج من تمزيقنا الفئوي
متى يكون جهاد المسلمين متى؟
إن لم يكن ضد هذا المجرم الدموي
تتوالى حجج المتكلم الساطعة، التي تصدم المتلقي بحقائق الواقع المزري، وتعيد عقله إلى مسار التفكير الصحيح، بما يمكّنه من القيام بدوره الريادي، الذي استخلفه الله تعالى من أجله، ويأتي الاستفهام بالهمزة قبل النفي، ليلزم المتلقي بالإجابة ب بلى، إن ذلك كافٍ وأكثر، لكي تتحد الصفوف، وتجتمع الفرق، وتذوب الاختلافات، والخلافات والصراعات المذهبية والسياسية، التي أفرزها التدين على طريقة "الوحل الأموي" المنحرف القذر، والعودة إلى المسمى الإسلامي الجامع.
ويأتي التساؤل المرير مرة أخرى، ليقيم آخر بلاغات الاحتجاج، من خلال "متى"، التي كررت دلالتها الزمانية، المستفهمة عن مدى إمكانية حصول فعل الجهاد، في الزمن الراهن، ضد هذا العدو، المتطرف في عدوانه وإجرامه وتوحشه، وهذه الصورة في مشهديتها المتحركة، تتفاعل فيها دلالات المجرم/ الإجرام الدموي، المسرف في القتل والتوحش والإجرام، يقابله في الطرف الآخر من المشهد، صورة "المسلمين" في جمودها وثباتها، المقيد بحلم ميلاد الزمن المأمول، الذي أصبح ضرورة وجودية، لتحقيق فاعلية الصراع الحتمي.
بحب (طه) نظمنا كل واقعنا
من قبل ينظم مدحا فيه حرفُ روي
نقول (لبيك) تصنيعا به انبهرت
تقنية العصر من صاروخنا اليدوي
تتجاوز عاطفة الحب - كقيمة شعورية - المستوى العاطفي الذاتي، إلى مستوى تمثيل النموذج والقدوة، وتجسيد مشاعر الحب سلوكيا، في الواقع الميداني الفعلي، لتصل ترجمة (حب طه)، في الاهتداء والاقتداء، إلى إنتاج نظام حياتي شامل، بوصفه أولوية تنفيذية قصوى، قبل نماذج التعبير الشعري، التي جاءت تالية للتعبير عن مدى الحب لهذا النبي العظيم.
ولذلك طالما يترافق القول والفعل، في سياق الحب النبوي، فقول (لبيك) يرافقه – وينبثق عنه – تصنيع حربي، وإعداد عسكري، بهت منه الذي كفر، وأذهل العالم، رغم بساطة الإمكانيات، ومحدودية القدرات، ليرتسم مشهد الصراع، بكل أبعاده ومستوياته، في أقصى توتره المتصاعد، بين "تقنية العصر"، بكل ما تمتلكه من قدرات وإمكانات هائلة، وأموال طائلة، وتقنيات متقدمة، و"صاروخنا" في حضوره المفرد، "اليدوي" في تأكيد بساطته وبدائيته، وشتان ما بين عصر الآلة والتقنية، وعصر التصنيع اليدوي البدائي، ولكن رغم كل ذلك، فقد أثبت هذا الأخير كفاءته وقوته وفاعليته، التي شلت كل التقنيات المتطورة، وفاقت كل الآلات والمصانع، وكسرت كل حسابات القوى العالمية، وأرست قواعد جديدة في ميادين الصراع والمواجهة الحتمية، حتى انعكس الصراع على المستوى الحياتي، بين تقنية فاشلة، وجهود ذاتية ناجحة، وبين حضارة زائفة، وقيم أصيلة.
والعرب إبداعها في صنع فرقتها
من مذهب الفقه حتى المذهب النحوي
وأمة الصمت للحكام عابدةٌ
منذ استقت دينها من وحلها الأموي
إن أوليات الانحراف، التي أصابت الأمة الإسلامية، ما زالت تداعياتها وآثارها، حاضرة في صميم بنية تكوين الأمة، ضعفا وهوانا وذلا واستلابا، سواء للحكام أو للأعداء، ولن يرتفع ذلك البلاء والسقوط والخذلان، عن هذه الأمة، مادامت مستمرة في السير على نهج الوحل الأموي، الذي جعلته مرجعا أساسا لدينها، ولم تجن منه سوى المزيد من الفرقة والاختلاف، وتشتيت وحدة المسلمين، وتحويل بوصلة العداء عن العدو الإسرائيلي والأمريكي الاستعماري، إلى داخل الساحة الإسلامية، واستثمار مشاريع التفرقة، من مذهب الفقه، حتى المذهب النحوي، بما يخدم مصالح ومشاريع أعداء الأمة الإسلامية.
وهل بسنة (طه) يدعي صلة
من طوعوا أمة (الهادي) لكل (غوي)
وهل سنهدى إلى النهج السواء بمن
يبغونه عوجا في الناس غير سوى
تعود مشاهد الصراع إلى أوج توهجها واحتدامها، من خلال تكرار بنية الاستفهام الاستنكاري التقريري، وأيضا من خلال لعبة التضاد والجناس، والتلاعب بمفردات اللغة على أكثر من مستوى، بما يخلق فضاءات دلالية واسعة، حيث يجدد التساؤل إطلاق سخريته، من أولئك الذين يدعون صلة برسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ويزعمون انتماءهم لهذا الدين، بينما دعواهم ساقطة، وانتماؤهم كاذب، وهم الذين خالفوا الرسول الكريم، نصا وروحا، نهجا ومنهجا، وهو الذي جاء لتحرير البشرية، وتحقيق كرامتهم، وإخراجهم من عبودية الطغاة المستكبرين، إلى شرف عبادة الله تعالى وحده، بينما عمل أولئك المدعون صلة به، أو انتماء لسنته، على تدجين الناس، وإخضاعهم لحكام الجور والضلال، ليرسم التضاد الأيديولوجي والوظيفي، بين مدلولات وتمثلات كلمتي "الهادي"، في سياقها المعرفي الإيجابي، و"كل غوي" في سياقها الإفسادي السلبي، مشاهد ذلك الصراع وتوتراته.
ويبلغ الاستفهام الاستنكاري ذروة تهكمه وسخريته، وإنكاره وتشنيعه على أولئك الذين يرتجون الهداية إلى النهج السواء/ السوي، على يد أضل وأشقى الخلق، الذين "يبغونه عوجا في الناس غير سوى"، يطلبون الطريق الأعوج، والنهج غير السوي علنا، فكيف يرتجى منهم خير، أو يؤمل فيهم صلاح، ولذلك فإن هؤلاء وأمثالهم، من المحال والمستبعد، أن تتحقق على أيديهم هداية، أو أدنى خير للبشرية، مهما ادعوا ذلك، ومهما طبل لهم المطبلون.
وهل سيُرغمُ عصرَ الأقوياءِ على
احترامِ أمتِنا تثقيفُنا الرخوي
إن من انحرفوا بالأمة الإسلامية، عن طريق الهدى الى شعاب الضلال، ومن زعموا أنهم سيقودون الناس إلى النهج السوي، رغم اعوجاج سبلهم، وانحراف توجهاتهم، لا يمكن لكل ذي فطرة سليمة، وعقل راجح أن يركن إليهم، أو يثق بهم أو يسلم لهم، مهما كانت المغريات أو التهديدات، وهؤلاء يمثلون القيادة الشيطانية، من أعلام الباطل وأئمة الضلال، ولهم منهج ثقافي رخوي، يطوعون الأمة من خلاله، ويسقطونها في الاستلاب والتبعية المطلقة، لأسيادهم من اليهود والنصارى، ولهذا جاء الاستفهام هنا "هل"، دالا على الإنكار ثم التهكم والسخرية، وصولا إلى المبالغة في استبعاد حصول المُستفهم عنه، وتحقيق إقرار المتلقي بالجواب، الذي يريده المتكلم، وهو النفي المطلق طبعا، لأنه من البديهي أن الثقافة الرخوة الهشة، لن تصنع أمة عظيمة متمكنة، لديها من أسباب القوة، ما يرغم أعداءها (عصر الأقوياء)، على احترامها، وكف شرهم عنها.
جماليات الصورة وبلاغة المعجم
في قصيدة "عيد المولد النبوي"
للشاعر/ عبدالسلام المتميز
إبراهيم محمد الهمداني
إذا كان الشعر قفل أوله مفتاحه، فإن العنوان/ عتبة النص، هو ذلك المفتاح اللغوي/ الدلالي، الذي يجب أن لا يفارق ذهن المتلقي، في مسار عملية القراءة والتحليل، بداية بتفكيك بنية العنوان، وقراءتها في تشكل عناصرها الصغرى، (عيد + المولد + النبوي)، تركيبيا ودلاليا؛ فكلمة "عيدُ"، في الوضع النحوي، خبر لمبتدأ محذوف تقديره هذا، مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة على آخره، وهو مضاف، و"المولدِ"، مضاف إليه مجرور بالإضافة، وعلامة جرة الكسرة الظاهرة في آخره، وهو مضاف، و"النبويِّ"، مضاف إليه مجرور بالإضافة، وعلامة جره الكسرة الظاهرة في آخره، ومنه نصل إلى المستوى الدلالي، لبنية العنوان، المتشكلة في المركب الاسمي، المبدوء بكلمة "عيدُ"، في صيغة النكرة، وهي أقرب إلى المعرفة – حتى في وضعها المفرد – نظرا لشهرتها المناسباتية بين الناس، ودلالتها على السعادة والفرحة والابتهاج، بوصفها طقوسا فرائحية جمعية، مرتبطة بالعودة الزمنية المتكررة الثابتة، لمناسبة بعينها، وهذه هي الدلالة العرفية أو التواضعية، لكلمة "عيد" في العرف المجتمعي، لكنها في النص – موضوع الدراسة – تتجاوز ذلك المعطى الدلالي التواضعي، إلى محمولات المعطى الدلالي الوضعي/ التركيبي، في مدلولات التركيب المتضايف، حيث قامت الإضافة الأولى، "عيدُ المولدِ"، بنسبة النكرة (عيد)، إلى المعرفة (المولد)، لتفيد التعريف بالعيد أكثر، وتربط الطقوس الفرائحية، بالطقوس الدينية، التي تحملها مدلولات المولد، كمناسبة مرتبطة في العرف الجمعي، بمولد الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما أفادت الإضافة الثانية، "المولد النبوي"، معنى التخصيص والتعيين، وأن المقصود بالمولد، هو ذلك الحدث المعروف بنسبته إلى صاحبه، في مقامه "النبوي" الخاص، لا يدخل فيه غيره ولا يشاركه سواه.
رغم بساطة العنوان – في بنيته التركيبية المتضايفة – وتلقائيته، وسهولة فك شفراته، إلا أن أعماق تلك البساطة والسهولة، قد اكتظت بالغموض والحيرة، والتساؤلات المفتوحة على الأنساق المعرفية الكبرى، حيث يصبح "عيد المولد النبوي"، محتشدا بضجيج تساؤلات ملحة، يثيرها غموض الماهية، وجهل الكيفية، وعجز إدراك الغاية، مثل:- ماذا عنه؟ ماذا بشأنه؟ ماذا يراد منه؟، كيف هو؟ هل من جديد عنه؟؟؟، إلى غير ذلك من التساؤلات اللانهائية، التي تربط المناسبة، "عيد المولد النبوي"، بسياقاتها؛ الاجتماعية والثقافية والدينية والتاريخية والسياسية والفكرية، وصولا إلى سياقها الإنساني العام، في اتساعه وشموليته المطلقة، الأمر الذي يجعل المتلقي، ينتقل من البحث عن الكيفية، التي قيل بها النص، إلى ماهية المعنى المراد فهمه، ثم أخيرا؛ إلى المسكوت عنه، الذي لم يقله النص.
يجمع "عيد المولد النبوي"، بين طقوس الاحتفال المناسباتية في العيد، وفرحة الذكرى المتجددة، في حدث المولد وبشاراته، واختصاص قداسته، في تموضع مقامه النبوي، الأمر الذي يجعل هذه المناسبة، تحتل مكانة عالية جدا، في الوجدان الجمعي الإسلامي عموما، واليمني خصوصا، على كافة المستويات والأصعدة الحياتية.
يستهل الشاعر قصيدته، بقوله:-
بالسعد أشرق عيد المولد النبوي
وعاد بالنصر في ميعاده السنوي
تجتمع الروافد الدلالية، الكامنة في محمولات "السعد" و"أشرق" و"عيد" و"المولد النبوي"، لتصب في نهر صور ومشاهد، طقوس الفرحة الغامرة، والسعادة الباذخة، المرتبطة بقداسة مقام النبوة، بما تحمله من مدلولات الهدى والاستقامة، والفرحة (بفضل الله وبرحمته)، ممثلة بمقام الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لتعود تلك المناسبة العظيمة، على المحتفلين بها، نصرا وعزا وكرامة، كل عام.
ولا تقف خيرات إحياء هذه المناسبة، على المنتمين إليها، بفضل استحقاق النصر الإلهي الدائم فقط، وإنما تتجلى عظمة هباتها، بما وحدت من القلوب، وجمعت من الأشتات، تحت أعظم وأقدس رباط جمعي، هو رباط الأخوة الإيمانية.
نأتي بذكراه أمواجا يمانية
قد وحد المصطفى وجدانها الأخوي
فكم يداوي اسم (طه) من مواجعنا
وكم يُدوّي بسمع المجرمين دوي
تتجاوز (كم) في هذا السياق دلالتها الاستفهامية، إلى دلالات الكثرة العددية، المبالغة في تكرار الحدث وتداعياته ونتائجه، ويرسم مشهد "اسم طه"، موقفين متناقضين تمام التناقض، حيث أصبح في أولهما بلسما شافيا، "يداوي" باستمرار لانهائي، انطلاقا من راهنيته في الزمن الحاضر، وتضمنه الزمن الماضي، وانطلاقه إلى الزمن المستقبل المفتوح، بما يستوعب من جموع المفعول به "مواجعنا"، سواء من حيث الكثرة العددية، من ناحية، او من حيث تكرار حدوث الفعل، من ناحية ثانية، بينما تحول "اسم طه"، في ثانيهما خوفا وهلعا ورعبا، "يدوّي بسمع المجرمين دوي"، بما تحمله دلالات الفعل المزلزل، في راهنيته الزمنية، المتضمنة للماضي، والممتدة من الحاضر إلى المستقبل المفتوح، تسندها مدلولات
لواء الرسول الأعظم
يقود معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس
إبراهيم محمد الهمداني
طالما حاولت قوى الشر والطغيان، من اليهود والنصارى، إبعاد المسلمين عن نبيهم، وفصلهم عن نهجه وسيرته، وتقديمه في صورة باهتة، غاية في السذاجة والسطحية، وإظهاره في مقام النقص والسهو والخطأ، مستعينين في ذلك بعملائهم من الأنظمة الحاكمة، منذ نظام الحكم الأموي، وصولا إلى أنظمة العمالة والتطبيع والنفاق، في السعودية ودول الخليج والمغرب، وطوق فلسطين المحتلة، في ظل سيادة الفكر الوهابي التكفيري، الذي تخصص في نسف عصمة وقداسة الرسول الأعظم - محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وهو الذي أرسله الله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، وينقذهم من ظلمات الشقاء، ونير العبودية للطاغوت، وليهديهم إلى الصراط المستقيم.
إن إحياء هذه المناسبة العظيمة، واستشعار أهميتها وقداستها، يجب أن يتجاوز شكليات الطقوس الاحتفالية التقليدية، التي قد نؤديها في المناسبات الاعتيادية، إلى مستويات متقدمة أكثر، يتجلى فيها إحساسنا الكبير، بعظمة وقداسة ومكانة شخصية النبي الأكرم - محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم - واستحضارنا لمقامه العظيم عند الله، وعظمة دوره ومهمته، وأن نجعله في موضع النموذج الأرقى والقدوة العليا، في جميع جوانب حياتنا، كونه يمثل أرقى مظاهر الكمال البشري، ويجسد الكمال الإنساني المطلق، الذي حَمِدَ اللهُ صفاتَه، وأثنى على كماله، وأشاد بجماله وبجلاله، وشكر له سعيه وصبره وثباته وجهاده، ولذلك عرَّفنا به في محكم الذكر، بصفته "رسول الله" و"رسوله"، مضافا إلى الذات الإلهية المقدسة، وسماه في موضع آخر "فضل الله" و"رحمته"، التي غمر الله بها عباده، وفضله الذي تفضَّل به على البشرية، وأمرنا في ذات السياق، أن نفرح بهذه الرحمة، وهذا الفضل الإلهي العظيم، في صيغة الأمر الإلهي الملزم، في قوله تعالى "فليفرحوا"، ليصبح الاحتفال والفرح والسعادة، "بفضل الله وبرحمته"، تكليفا شرعيا ملزما واجب الأداء، بوصفه فرض عين - في صميم التدين - على كل مسلم ومسلمة.
إن من أجل وأعظم نعم الله علينا، أن عصمنا بتوليه وتولي رسوله وأعلام دينه، وشرفنا بانتمائنا الإيماني الأصيل، وهويتنا الإيمانية المباركة، التي جسد فيها شعبنا اليمني العظيم، ارتباطه العميق والمتين، بهذا الدين العظيم، والنبي الكريم، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، في مقام اقتفاء نهجه، والسير على طريقه، والاقتداء بسيرته، والتزام أعلام الهدى، من آل بيته الأطهار، صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.
إننا ونحن نعيش هذه التحولات التاريخية الكبرى، والصراعات والحروب على مختلف الجبهات، وقد تحزبت علينا أحزاب الباطل، وتألبت ضدنا قوى الشر والطغيان، من اليهود والنصارى وأوليائهم وحلفائهم وعملائهم، وقد اجتمع لقتلنا وإبادتنا طواغيت الأرض وأولياء الشيطان، نعيش أخطر مراحل الصراع الوجودي الحتمي، بين حزب الشيطان أمريكا وإسرائيل ومن معهم، وحزب الله من مجاهدي فصائل ومحور الجهاد والمقاومة، ولم يعد خافيا على أحد، حجم الاستهداف الشيطاني، الذي تعرضت له الأمة الإسلامية، وأصابها في صميم تدينها، ونال من جوهر معتقدها، فزعزع إيمانَها وزلزل إسلامها، بصور مشوهة كسرت كل مبادئ القداسة، واكتفت من الدين بالشكليات والقشور، فسقطت فريسة سهلة لأعدائها، رغم تعدادها الهائل.
ولو نظرنا إلى واقعنا اليوم، ومن حولنا الشعوب العربية والإسلامية، في إطار قضيتنا الكبرى، ومعركتنا المصيرية، ضد العدو الإسرائيلي الغاصب، والأمريكي المتعجرف الصلف، والأوروبي الاستعماري المجرم، وقمنا بتحديد مواقعنا - ملياري مسلم - على جغرافيا دعم وإسناد ونصرة إخواننا المستضعفين في غزة، والدفاع عن كل المقدسات، استجابة لأمر الله تعالى، فإننا لن نجد من تلك الجموع المليونية البشرية العائلة، سوى ثلة قليلة من المؤمنين الصادقين، يتقدمهم أبطال مجاهدي الفصائل الفلسطينية، في حماس وعزالدين القسام، ويساندهم جموع من رجال حركات المقاومة الإسلامية، المؤمنين المرابطين على طول خط جبهات محور القدس والجهاد، الممتد من لبنان إلى العراق واليمن وإيران، وهؤلاء في مجموعهم يشكلون نسبة ضئيلة جدا، في مجموع أمة الملياري مسلم، وهو ما يجعلنا نتساءل:- لماذا لم يتحرك إلا هؤلاء القلة القليلة، بينما تنكرت الكثرة الغالبة لدينها ومقدساتها وقضيتها المركزية، وسقطت في مستنقع الهروب والصمت، إن لم تتحول إلى العمالة في صف العدو الإسرائيلي وحلفائه، كما هو حال أنظمة العمالة والتطبيع، الحاكمة في جغرافيا الطوق الفلسطيني، بالإضافة إلى الأنظمة العميلة في السعودية ودول الخليج، وبناء على هذه المعطيات المخزية، يمكننا القول إن الرسول الأعظم - محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم - كان ومازال وسيظل، حصن هذه الأمة الإسلامية، ومصدر قوتها وعزتها وكرامتها وسيادتها، وأول أسباب استحقاقها النصر على عدو الله وعدوها، والشاهد على ذلك، قد أثبته الواقع
أين الراتب يا موسى
إبراهيم محمد الهمداني
بنو إسرائيل صبروا على فرعون يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم ويسومهم سوء العذاب، لكنهم لم يصبروا مع موسى على طعام واحد، المسألة ليست مسألة حق من حقوقهم وإنما هي مسألة نفسيات خبيثة.
كذلك قضية الراتب ومقولة أين الراتب يا حوثي، بينما كان الصمت هو سيد الموقف على مدى تسعة أعوام، منذ بداية العدوان، رغم أن الثروات والمرتبات بيد حكومة المرتزقة والسعودية والإمارات وأمريكا وبريطانيا.
وحين فرض الجيش اليمني قرار منع تصدير النفط، إلا مقابل صرف المرتبات، ارتفعت أبواق بني إسرائيل هذه الأمة بالعويل، أين الراتب يا حوثي؟، ولماذا لم تسلموا الرواتب، واين رواتب المعلمين، والمعلمون يموتون جوعا، وكأن المعلمين وحدهم هم أصحاب المرتبات، من بين جميع موظفي الدولة، وكأنهم وحدهم من يموتون جوعا، أما بقية فئات المجتمع اليمني، فهم يعيشون في النعيم، وكأن عوائد الثروات النفطية قد سُلمت للبنك المركزي في صنعاء، بينما الحكومة أو أنصار الله أو الحوثي، هم من امتنعوا عن التسليم.
بشرنا السيد القائد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، بحكومة تغيير وبناء، وقال في كلمته أن معيار هذه الحكومة، هو خدمة الناس، وأن من يثبت تقاعسه أو تخاذله أو تفريطه، فسيتم استبداله فورا، أي أن سماحة السيد القائد، هو الرقيب على سير عمل هذه الحكومة، وهو الضامن لجودة أدائها، غير أن نفسية "لن نصبر على طعام واحد"، لم يسلموا تسليما مطلقا، ولم يعرفوا للقائد قدره، ولم يعجبهم أن تكون في صنعاء، حكومة تغيير وبناء حقيقي، فانبرت أبواقهم بالاتهامات والتخوين المسبق، والدعوة إلى الاقتداء بالرئيس الشهيد صالح الصماد رضوان الله عليه، بينما هم لم يرضوا عن الصماد، ولن يرضوا عن المشاط.
لم نسمع من حماة الحق ورعاة الفضيلة أولئك، منشورا أو حتى كلمة واحدة، تدين العدوان الصهيوسعوأمريكي، وتطالبه رفع يده عن ثرواتنا، وكف فساد مرتزقته في حكومة الفنادق، كما لم نسمع صوتا واحدا، يقول أين الراتب يا رشاد العليمي، لماذا لا يخرج الاحتلال السعودي الإماراتي الأمريكي البريطاني من أرضنا، يا حكومة الفنادق.
لم نسمع ولم نر، ولن نسمع ولن نرى شيئا من هذا القبيل، لأن المشغل الخارجي سيغضب عليهم، وأوامره واضحة إليهم، بالحديث عن الشفافية والموازنة، ومقدار المبالغ التي يتم جمعها، وكذا وكذا، بما يفيد مخططات تحالف العدوان، والأمم المتحدة الأمريكية وأخواتها، كما حصل في حادثة تسريب الموازنة من مجلس النواب، إلى الأمم المتحدة سابقا، وعواقب ذلك على الشعب وعلى الحكومة السابقة.
الشعب بأكمله يطالب بالراتب ويطالب بكافة حقوقه، وليس فقط المعلمون.
الشعب بأكمله يطالب بتحرير أرض الوطن كاملة.
الشعب بأكمله يطالب بثرواته.
الشعب بأكمله يطالب برفع وصاية البنك الأهلي السعودي، والبنوك الإماراتية، عن ثرواتنا وخيراتنا.
الشعب بأكمله يطالب بإنهاء العدوان ومعالجة ملفاته.
الشعب بأكمله يموت حصارا وأمراضا، ويطالب بفتح كافة المطارات والموانئ والمنافذ اليمنية، دون قيد أو شرط كحق إنساني، لا تنازل عنه، ولا تفاوض عليه.
الشعب اليمني بأكمله يريد الحياة الكريمة والعيش الرغيد.
الشعب اليمني الحر الكريم، ضحى من أجل حريته وكرامته وعزته، ورفعته بين الشعوب، وهاهو اليوم يتصدر أشرف المواقف، ويقدم أغلى التضحيات، في موقفه الإيماني الأصيل، والإنساني المشرف إلى جانب إخوانه المستضعفين الفلسطينيين، وانتصاره لله ولرسوله ولدينه، وإن القائد الحكيم والعلم المجاهد الرباني، السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي يحفظه الله، الذي قاد الشعب اليمني في صموده ومواجهته قوى الكفر والشرك والنفاق والطغيان، وبلغ به أعلى مراتب الكرامة، والحرية والشرف الإنساني، لكفيل بضبط أداء الحكومة، وتوجيه وإرشاد المسؤولين، إلى ما فيه خدمة هذا الشعب العظيم، وتحقيق كل ما يصبو إليه، وتلك هي ثقتنا ويقيننا بهذا القائد العلم، الذي أنعم الله به علينا، وأقل ما يجب علينا في مقام شكر النعمة، هو التسليم المطلق والطاعة، والنصيحة لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
الطيب، ويمتاز طرفي معادلة الصراع، بين حدي الحق والباطل، وتصبح المواجهة حتمية ومصيرية، لا مجال لأي هدنة أو حلول وسطية فيها، ولا يمكن إيقافها إلّا بالحسم المطلق، أي أن المرحلة القادمة ستشهد تصعيداً مفتوحاً، ومعركة واسعة النطاق، شاملة لكل فضاءات العمران والحياة، بين معسكري الحق والباطل، حيث تُغلق فيها أبواب المفاوضات الترقيعية، والهدن الزائفة، والاتفاقيات الكاذبة، ليشهد العالم - في أيام معدودة وميادين متعددة - أعنف وأقسى ضربة ضد الباطل، لأن إعلان الجهاد، معناه انتهاء وقت إقامة الحجة، وانقضاء زمن الفرصة الأخيرة، وكذلك ستكون نهاية بني إسرائيل، لكنها لن تكون نهاية التاريخ، كما روَّج لذلك فكرهم المريض، ونفسيتهم المصابة بعقدة النقص المركبة، وإنما ستكون فاتحة لسيادة الحق والعدل والسعادة، والخير والصلاح والفلاح، وفي نفس الوقت، لن تغلق أبواب عودة المواجهة المتوقعة، وستبقى معادلة الصراع الحتمي، مرهونة بمدى عودة بني إسرائيل، إلى صدارة المشهد، بأجرامهم وعلوهم مرة أخرى، عندها سيكون الله تعالى لهم بالمرصاد، خاصة بعد رفضهم عرض الفرصة الأخيرة من رحمته، لتكون نهايتهم الحتمية، متحققة في قوله تعالى:- "وإن عدتم عدنا وجعلنا جهنم للكافرين حصيراً". صدق الله العلي العظيم.
.
ثأرُ الله
إبراهيم محمدالهمداني
طافت بقدسِكَ بكرةً وأصيلا
وإليكَ حجَ ضياؤها تبجيلا
وعلى صعيدك - ياحسينُ - مشاعرٌ
والكون في "لبيك" بات نزيلا
"لبيك" يانُسُكَ الكمالِ... طهارةٌ
لبَّتكَ عرفاناً وأقومَ قيلا
"لبيك" يا نوراً تقدسَ سرُهُ
يمحو الظلامَ ويُزهقُ التظليلا
"لبيك" ياسبط النبي... تسابقت
ترجو نداك الكائناتُ ظليلا
لبيك... كيف بيوم نحرك أهدروا
حُرَمَ النبيِّ.. وأمعنوا التنكيلا
هل باسم دين الله - سبطُ نبيه -
أضحى غريباً في الطفوف قتيلا
أم باسم هندٍ قد وصلتَ بذبحه
- من كبدِ حمزةَ - يا دعيُّ فصولا
* * ***
"أنا من حسينٍ"... قالها من نطقُهُ
وحيٌ... وأصدقُ من تحدث قيلا
"وحسينُ مني" فيه نورُ محمدٍ
وبه تجسَّدَ جدُّهُ تمثيلا
ومقامُه بعد الوصيِّ... كلاهما
قولٌ تنزَّل في الأنام ثقيلا
"أنا من حسينٍ" فيضُ نورِ مكارمٍ
"وحسين مني" فاشهدوه مثيلا
لحمي أكلتم...في كؤوسِكِمُ دمي
صدري وطأتم...تطلبون ذحولا
ركز الدعيُّ ابن الدعي سفاهة...
والموتُ أرغبُ للكرام سبيلا
ولبدر اقتص الدعيّ بكربلا
وشفى لأشياخ الضلال غليلا
وتطيب جدته- البغيُّ - ببغيه
نفساً...ويُشبعُ حقدها تدليلا
ثملتْ كؤوس البغي من أحقادهم
ولهم أقام وليمةً ومقيلا
وأدار نخبَ الذبحِ في أحفاده
ليكون نهجاً بعده ودليلاً
* * ***
هيهاتَ منا يا ابنُ هندَ مذلةً
أظننتَ بغيَكَ يدحضُ التنزيلاً
أنَّى لطرفكَ في بلوغ شواهقٍ
عنها تراجع خائباً وذليلاً
حاشا لنور الله - يا أشقى الورى -
مهما تحاول أن يصير كليلا
وحسين فرقان يهيمنُ نورُهُ
ليصدّق التوراة والإنجيلا
* * ***
* يا حمرةَ الراياتِ أيُّ فضيلةٍ
لمن اعتلاها العابرون طويلا
بل أيَّ مجدٍ يافتى آباؤه
بنزاعهم حُشِروا إليه قبيلا
كل يرى في ماء وجهِك ماءَهُ
فاختر لهندٍ ياابنُ هندَ خليلا
كزياد جاء يزيدُ لعنةَ فاسقٍ
فأقمت في مجهولك المجهولا
وتكاثرت لغة الفجورِ وأوردت
للطهرِ معنىً منكراً ودخيلا *
* * ***
يا كربلا الطفِّ إن بكربـــــــلا
"مرانَ" من وجعِ الحسينِ فضولا
فهنا حُسينُك يا حسينُ مصدقٌ
هيهاتَ...لا يرضى سواك بديلا
خرج (ابنُ بدر الدين) لا أشراً ولا
بطــراً... يُرتلُ روحَـه ترتيــــلا
يمضي وفي"هيهات"... مثلُك رأسُهُ
يهمي عليهم بالزوال رحيـــلا
ضاقت قلوب الظالمين... وأنبتت
رعباً... وأمطرها الشقا سجيلا
وهناك (حزبُ الله) يحكي قائداً
شهماً شجاعاً ملهماً ونبيلا
في فتيةٍ وهبوا الحسين نفوسَهم
لم يرغبوا عن قدسِهم تحويلا
* * ***
لم يُمحَ ذكرُكَ يا حسينُ... فهاهنا
"هيهاتَ" تُشعلُ في الكرام فتيلا
فيها "حُسينُ العصرِ" فَسَّرَ نهجَهُ
وبها (أبو جبريلَ) صارَ كفيلا
وبها أقام الوحيَ... أضحى نورُهُ
قرآنَها والذكرَ والتأويلا
في فتيةٍ نسفوا حشودَ تحالفٍ
خزياً تسرمدَ في الطغاةِ وبيلا
هم فتيةُ الكهفِ الذين بربهم
يذرون أسرابَ الطغاةِ مهيلا
فيهم (أبو جبريلَ) عصمةُ أمرهم
يتقلدون ولائَهُ إكليلا
من ( حسبُنا اللهُ) استمدوا نصرَهُم
وكفى بربك ناصراً ووكيلا