"إذا ما الصبح رَفَّ له الضياءُ
وعين الكون أسعدَها اللقاءُ
وأشرقتِ الحياة بِلونِ حُب
وأورق في تحقُّقِه الرجاءُ
وعانقتِ السماءُ دعاءَ قلبٍ
وللرحمن قد رُفع الثناءُ
تبسَّمْ إن في الأقدار خيراً
سيملأُ خافقاً هذا الهناءُ"
يا قابَ شوقينِ بل أدنى بأعماقي
شوقٌ يزورُ وشوقٌ في الحشا باقِ
كأنما القلبُ كأسٌ قـد مُلئتَ بهِ
وفاض كأسيَ فارحم أيها الساقي !
"أتُريدُ طِفلكَ صالحًا فحْوَاه
وترومُ تبصرهُ كما تهواه؟
أقِم الشريعةَ فيكَ أنتَ وكُن لها
فالطِّفل ينشأُ مِثلَما أَبواه!"
"إِذا المَرءُ لا يَرعاكَ إِلّا تَكَلُّفاً
فَدَعهُ وَلا تُكثِر عَلَيهِ التَأَسُّفا
فَفي الناسِ أَبدالٌ وَفي التَركِ راحَةٌ
وَفي القَلبِ صَبرٌ لِلحَبيبِ وَلَو جَفا
فَما كُلُّ مَن تَهواهُ يَهواكَ قَلبُهُ
وَلا كُلُّ مَن صافَيتَهُ لَكَ قَد صَفا
إِذا لَم يَكُن صَفوُ الوِدادِ طَبيعَةً
فَلا خَيرَ في وِدٍّ يَجيءُ تَكَلُّفا"
وهل تظنين أن البُعد يقتلني؟
وأنّ قلبي لا يقواكِ منفردا ؟
أنا التلاشي واللاّشيء فانتبهِ!
أنا الوجود،وكل الناس لاأحدا
"أمرُّ على الديارِ ولستُ أدري
أتذكرني أتَعرفني الدِّيارُ؟
وكم قبَّلتُ جُدرانًا وبابًا
فلا بابٌ يَحِنُّ ولا جِدَارُ
جماداتٌ وأدري غيرَ أنِّي
أتوقُ لأهلِها والشَّوقُ نَارُ!
رحلتُم والفؤادُ لهُ لَهيبٌ
يُنادي في الديارِ لَهُ إستِعارُ"
"قَالَتْ: سَمِنْتَ فَأَيْنَ آثَارُ الهَوَى؟
لَوْ كُنْتَ تَعْشَقُنِي لَكُنْتَ نَحِيلَا
فَأَجَبْتُهَا: كَتْمَ الدُّمُوعِ عَنِ الوَرَى
قَدْ زَادَ مِنْ وَزْنِي فَصَرْتُ ثَقِيلَا"
"هذي الجميلةُ في مساء ظهورِها
جعلت عيونَ الناظرين تحارُ
الوقتُ ليلٌ غير أن ضياءها
أوحى لهم أن الزمان نهارُ"
ذلّ الّذي في يد الحسناءِ مهجتُه
ومن له في ذواتِ الخِدْرِ أوطارُ
وعزّ مَن لا هوىً منه وكان له
عنه مدَى الدّهر إقصاءٌ وإقصارُ
فما لعينيكَ إن قلتَ اكففا هَمَتا
ومَا لِقَلْبِك إنْ قُلْتَ اسْتَفِقْ يَهِمِ
أَيَحْسَبُ الصَّبُّ أنَّ الحُبَّ مُنْكتِمٌ
ما بَيْنَ مُنْسَجِم منهُ ومضطَرِمِ
لولاَ الهَوَى لَمْ تُرِقْ دَمْعاً عَلَى طَلَلٍ
ولا أرقتَ لذكرِ البانِ والعَلم ِ
فكيفَ تُنْكِرُ حُبَّا بعدَ ما شَهِدَتْ
بهِ عليكَ عدولُ الدَّمْعِ والسَّقَم
' البوصيري '
لم يبقَ شيءٌ من الذكرى نخبِّئه
إلَّا الحنين ودمعٌ في مآقينَا
كنَّا بوصلٍ فأمسى الوصلُ أمنيةً
متى سنبلغ يا قلبي أمانينَا؟