أنا أيضاً لا أُريد أن أكون بهذا الحزن، لكننا لا نختار مشاعرنا، ولا يسعنا تغييرها، إنها ملتصقة بي، كروحي، كشخصيتي، كهويتي، إنها جزء مني، وأنا أتقبّل كل جزءٍ مني مهما كان، ولا يهمني إن كان يعجب الآخرين أم لا، يكفي أن أكون مُتعايشاً مع ذاتي، راضياً بكل تقلباتها الشعورية، بعيداً كل البُعد عن قمع ما أشعر به .
Читать полностью…بيد أنهُ يا عزيزي لا يُمكنك استعجال الحياة أو تجاهلها مهما كنت على عجلة من أمرك، ومهما أردت أن تطوي شهوراً أو سنيناً من الجهد والضياع والتخبط، إن أهم الأشياء تحتاج وقتها ورحلتها الكاملة، وتتطلّب انتباهنا الكامل، بل أنها تتطلّب أخطاءها وحيرتها وتعثرها حتى تصبح ذات قيمة ومعنى، لا يُمكنك أن تتعلم كل شيء دفعةً واحدة، ولا أن تفهم رسالتك في الحياة في أول العمر، لا يُمكنك اختزال حكمة سنين في عامٍ واحد أو تجربتين، ولا أن تتعجّل التعافي عبر الأدوية، أو تتجاهل الألم على أمل أن يتلاشى، عش كل شيء حتى آخره، عشه بتردده وهزائمه وخوفه وتعبه، دعه يأخذ كل الوقت الذي يحتاجه حتى ينضج، هكذا يُراد لنا أن نعيش، لا غشّ في التوقيت .
Читать полностью…أعاني من لعنة العقل، الإفراط في التفكير، إنه يجرح كقطع من الزجاج والأسلاك الشائكة السابحة في الهواء، لا أستطيع إيقاف دماغي، أو إبطاء إيقاعه، أشعر وكأنني قطار، قطار قديم يُسرع على سكة حديدية ولا يُمكنه التوقف أبداً، لأن العالم هو المُحرك الذي يمنحهُ طاقته التي يتحرك بها، وهذهِ الطاقة تفوق قدرته فلا يستطيع التوقف .
Читать полностью…أُريد ذلك الوقت الذي لا يُداهمنا ونحنُ في منتصف الأشياء، وقتاً نتحرك فيه بحريّة الأقوياء، فنمشي بين الأيام والناس والأماكن والأحداث دون أن نُوقظ شيئاً من سباته، أُريد أن يتوقف التاريخ عن تأبيننا أو تمجيدنا أو الحكم علينا لمدةٍ ما، حتى نتمكن من ترتيب هذهِ الفوضى، أن نركض في طريق الصواب بشجاعة الإنسان الذي لا تُخيفه أخطاؤه، بل يجمعها ويصنع منها قلادة أصداف تُذكره بنفسه كلما أحدثت خشخشة لافتة أنه صغير وبسيط ومُغرق في عاديته، لكنّه متجه بكلّيته إلى إصلاح الأيام ورتق ثقوبها التي يتسرّب منها الأمل، أُريد ألا يفوت العمر ونحن نتبصّر المعنى أو نستوحش الطريق أو نخذل صورنا القديمة أو نخدش بهاء أحلامنا، أُريد وقتاً شاسعاً حتى أفهم كل هذا .
Читать полностью…إن الهدف من الإصغاء هو اكتشاف ما يدور في أذهان الأشخاص الآخرين وفي قلوبهم، إذا فهمنا السبب الذي يدفع الناس إلى فعل ما يفعلونه، يُمكننا الحصول على أجوبة أكثر ملاءمةً من التساؤلات العشوائية، والتي قد تسلبنا الكثير من الوقت والجهد للتفكير فيما حدث، وسيكون المشهد دائماً ناقصاً وغير مفهوم، وذلك لأننا لم نُصغي للصمت والإيماءات وما وراء الأحرف والكلمات .
Читать полностью…الذكرى جزء من تشكيلة الإنسان النفسية، لولا الذكرى ما كنا تعلمنا ولا تهذبنا ولا انتقلنا من طورٍ إلى آخر، تخيّل لو أن الآلام تُمحى والتجارب تُطمس، لكان من الجنون أن نتعرّض يومياً لنفس الألم ونختبر نفس التجربة مراراً وتكراراً، تخيل لو مددتُ يدي لوعاءٍ معدني على النار فلسعني واحترقت، من ثم تألمت بشدة وتقرّحت يدي وتضررت، وبعدما تعافت طُمست ذكراها وانمحى ما حدث في ذاكرة الألم، فمددتُ يدي مرةً أخرى إلى وعاءٍ ساخن آخر، وخضت تجربة الإحتراق مُجدداً !
لكن لأن الله أرحم منّا علينا وأعلم بقدرات احتمالنا منّا، كل الذي سيحدث حينها أنني سألتفت لكفّي، سأبصر ندبة الحرق القديم، وسأتذكر الحكاية وكم تألمت في ذلك اليوم، ثم سأسحب يدي مُمتنعة عن تكرار إيذائها من جديد، الماضي في ذاكرتنا يُنقذنا من براءتنا في الحاضر، ومن اندفاعنا وعفويتنا في المستقبل، نعم خُلقنا من طين ولكن تصقلنا الذكريات .
شيء ما يجعلني ألوذ بالكتابة كلّما غامت أجواء الروح، وتوجّستُ انهماراتها، وأوشكت الدروب أن تكتظّ بالفيض المُخيف، وكأن القلم هو عصاي التي أتوكأ عليها، وأهشّ بها على ألمي، أو أعزف عليها نغمي الذي لا يسمعهُ غيري .
Читать полностью…أُحاول ألا أنتبه للفراغ، أن أمتن للروتين الجيد، و ألا أفكر كثيرًا، لكن أحيانًا تمر ليالٍ مثل هذهِ الليلة، لا أتمكن فيها من مراوغة الوحدة، ولا أجد جدوى من أن أخبر أحدًا عن يومي، أمسك هاتفي وأكتب قصيدة مُتهالكة عن الوحدة، ثم أبكي كثيرًا حتى أنام .
Читать полностью…إعتاد أن يفقد كل شيء اهتم لأمره، حتى صار ثقيلاً عليه أن يُبدي اهتمامه بأي شيءٍ آخر .
Читать полностью…هُزمت لأن المشوار كان طويلاً، لأنك بدأت من نقطة مُتاخرة جداً، ولأنك حين بلغت خط النهاية أدركت أنهُ لم يكن إلا أول الطريق، وأنت عاجز عن البدء مرتين، والقتال مرتين، والموت مرتين .
Читать полностью…أكتب لك اليوم بدافع ضرورة شعورية ـ توق مؤلم إلى أن أتحدث معك - بكلماتٍ أُخرى ليس لديّ أي شيء محدد أقوله، سوى هذا : أنا اليوم في قاع اكتئاب لا قاع له، تُعبّر عبثية هذهِ الجملة عن حالتي، هذا هو واحد من تلك الأيام التي لم يكن لي فيها مستقبل قط، يوجد حاضر راكد فقط، يحوطه جدار كبير من القلق .
Читать полностью…أُمارس احساساً هائلاً بالسأم والضياع داخل غرفتي، فأنا لا أصنع الأحداث أو أعيشها، انها فقط تعبر فوقي كما تعبر الرياح فوق سطحٍ من الرمال الراكدة، فتُخلّف فوقها بعض الآثار ثم تأتي رياح جديدة فتطمس معالم الرياح القديمة وتتلاشى، ويتلاشى معها كل شيء .
Читать полностью…كل منّا يفقد شيئاً عزيزاً عليه، فرصاً، إمكانيات، مشاعر لا يُمكننا استعادتها أبداً، كل هذا جزء من معنى كوننا نعيش، ولكن في داخل رؤوسنا - أو هذا ما أتصوره أنا- نحنُ نُخزّن الذكريات في غرفةٍ صغيرة هناك، غرفة يوجد بها رفوف كرفوف المكتبة، ولنعيّ ونفهم الأعمال التي كتبتها قلوبنا، علينا أن نُصنفها وننظمها ببطاقات، ونُزيل عنها الغبار من حين لآخر، ونُجدد لها الهواء، ونُغير الماء في أواني الزهور، بكلماتٍ أخرى، تعيش معنا إلى الأبد في مكتبتنا الخاصة ولا تموت .
Читать полностью…أحيانًا لا نفكر ونحنُ نسلك طريقًا مُختلفًا، بأن أحبتنا يخسرون الشخص الذي يعرفونه .
Читать полностью…كان الفارق كبيرًا جداً بين أن تعتذر لأنك أغضبتني وبين أن تعتذر لأنك خذلتني (خيبت ظني)، الغضب يكفيه الإعتذار، وأحياناً يكفيه فقط مساحة من الوقت والصمت، لكن الخذلان لا يخفّف منه الإعتذار، ولا الوقت ولا الصمت، كل الآمال تسقط دفعةً واحدة وبشدة، ويسقط معها كل شيء .
Читать полностью…إننا نموت بشكل مُتجزئ، يموت الفرح، تموت الذاكرة، تنحني الأشواق، ندخل في الرتابة ثم ننسحب، نشيخ بسرعة، وبشكلٍ مُذهل شيئاً ما يتآكل يومياً في داخلنا ولا نشعر .
Читать полностью…ثمّة زرقة كانت في عينيه، توقًا نحو البحر، نحو شيءٍ بعيد ..
وكان سيمضي، كنت أعرف، لأن الحياة كانت تتهدل على كتفيه
وكان يجرها..
وفي عينيه، كنت ألمح دومًا ظل شيخ كبير
ومن حين لآخر، كان يهمس:
التعب، لم تبق كلمات لوصف هذا التعب..
مرةً رأيته يُنزّه حياته
وبدت متعبة مثل شيءٍ يحتضر
مرةً أخرى
رأيته جالسًا فوق تلّة من موت
وبخجلٍ كان يبكي
ويُقلّب بين يديه غُصنًا صغيرًا وطوقًا باليًا
وبخجلٍ مضيت
كمن اكتشف، دون عمد، سر الآخر
ولم يقل أحدنا شيئاً..
والبحر فيه، كان يهدأ حينًا، وحينًا، كان يعصف..
لكنه كان يظهر أحيانًا، وكنتُ أعرف
أي موج كان يتقلّب فيه البارحة
وحين كنا نُحدق سويةً نحو شيءٍ بعيد
كنتُ ألمح غرقى كثيرين
يرسون على شطآن قلبه
وكان ذاك الصمت يعلو وجهه
صمت صباح اليوم التالي للجنازة..
ولم نكن نعرف أحدًا
كنا نسير مهدلين
مثل ظل المساءات،
حين يمر تحت الشجر اليابس
وأحيانًا، كان الخوف يُرى مُرتعشًا
فوق شفاهنا..
حين يسطع ضوء المنارة
على وجوهنا..
و كان ثمّة بحر يفصل بيننا
ثمة بحر، يصل بيننا
ويُعيرنا شجنًا خفيًا
حين يهبط طير فوق أفراخه
و نتذكر، مرغمين، وحشة بيوتنا..
والبحر فينا، هو الذي كان يبكي..
ولم يكن لنا آباء
وفي الأيام المُمطرة
كانت أبواب منازلنا
ترتعد من الفقد
وكنا نرتعد أيضاً
تحت الشراشف
حين يُعيدنا الماء إلى طفولتنا
وحين تذكرنا لسعات النار في الموقد
وحين كنا نبكي، عندما نلمح الليل
يتسلل زاحفًا من الباب الموارب
لكن أحدنا، لم يكن يقول شيئاً..
والبحر فينا، هو الذي كان يبكي..
ولم نكن نتحدث
كان يجلس غائمًا
يتحسس برعدةً سكينًا صغيرًا في جيبه
ومن حين لآخر
كان يمضي نحو شيءٍ بعيد
وكنت أتبعه..
ذات مرة مضى نحو البحر
وعلا ذاك الصفير
الذي يشبه صفير قطار
يحمل الجنود إلى الجبهة
وكنتُ أعرف، قبل أن يمضي، أنه لابد سيمضي
لأن الحياة لم تكن على مقاسه
ولأنه الوحيد، الذي، حين ولد باكيًا، كان يعني بكاءه
لأنه الوحيد الذي- منذ الولادة- كان يبكي من تعب
ولم يكن في جنازته أحد..
لكن البحر- الذي هو صوته- كان يعصف
والحياة، مع ذلك، كانت تمضي في طريقها
وعلى جانب الطريق، كان شخص ما يعزف لحنًا حزينًا
و غدت أعراس المدينة غائمة
وكان البحر يصهل
والطيور تتساقط بتعب على زجاج النوافذ..
لكن الحياة، مع ذلك، كانت تمضي في طريقها
ولم يعرف الناس، أي حزن كانت المدينة تبكيه في تلك الليلة .
ثمّة تواطؤ جماعي على القبول بالأقنعة كملامح أصلية، لا أحد يبحث عمّا خلفها، الكل يقبل و يُصدق ما يراه .
Читать полностью…لا تدع يوماً يمر دون أن تضحك من أعماقك، هذا حق روحك عليك، وهذا منتهى الشجاعة في حياةٍ تُريدك كئيباً مُرهقاً على الدوام، لا تدع يوماً واحداً يمر دون أن تضحك من أعماقك، اذهب لذلك الشخص الذي يستطيع أن يمنحك الضحكة الصادقة، قل له اترك كل شيء جانباً وتعال نتحدث عن مواقفنا الطريفة، اذهب للأصدقاء الذين يعيشون ليلهم في استرجاع المقالب والمواقف الصعبة التي حدثت لهم، وشاركهم الضحك، لا تترك الشخص الذي تحبه جداً في دوامة الروتين والإرهاق، اخرج به من عزلته، اخطف كل يوم منه ضحكة غصباً عن همومه ومزاجه الكئيب، هذهِ أسمى رسالات الحياة .
Читать полностью…