أدركنا منذُ زمن طويل أنهُ لم يعد بالإمكان قلب هذا العالم، ولا تغييره إلى الأفضل، ولا إيقاف جريانه البائس إلى الأمام، لم يكن هناك سوى مقاومة وحيدة ممكنة، ألا نأخذه على محمل الجد .
Читать полностью…إن القيمة الذاتية المرتفعة، والقيمة الذاتية المُتدنية، تبدوان مختلفتين عند النظر إليهما من الخارج، لكنهما وجهان لعملة واحدة مزيفة، فسواءً كنت ترى أنك أفضل من بقية الناس، أو أسوأ من بقية الناس، فإن الأمر نفسه يظّل صحيحاً: أنت تتخيل نفسك شيئاً خاصاً، شيئاً مُنفصلاً عن بقية العالم، فالشخص الذي يكون مُقتنعاً بأنه يستحق مُعاملة خاصة لأنه شخص عظيم ليس مُختلفاً كثيراً عن شخص يرى أنه يستحق معاملة خاصة لأنه سيء ووضيع، إنهما شخصان نرجسيان يظن كل منهما أنهُ حالة خاصة، ويظن كل من هذين الاثنين أن العالم يقبل استثناءهما، وأنهُ يجب أن يستجيب لقيمهما ومشاعرهما بصرف النظر عن قيم الآخرين ومشاعرهم، وهذا وهم واستثناء خاطئ يُربك صاحبه ويضعه في متاهة لا يستطيع الخروج منها .
Читать полностью…في الحقيقة نحنُ لا نقفُ على أقدامنا، نحنُ نقف على قلوبنا، لذلك الكلمة الطيبة ترفعنا إلى السماء كالطيور، والكلمة السيئة تدفننا في الأرض كالموتى، لم تكن الكلمة الطيبة صدقة عبثاً، بعض الكلمات تُعيد روحك من حافة السقوط، لذلك أحسنوا اختيار كلماتكم، فأثرها يدوم في القلوب طويلاً .
Читать полностью…لا شيء يُعذب الإنسان مثل انطفاء الشغف،
كأنما انطفأت النجوم في سماء روحه،
فغدت الليالي سوداء، لا ضوء فيها،
ولا همسات عابرة تثير في قلبه الحنين.
منذ زمن طويل، أعيش في فراغٍ قاتم،
أفتقد تلك الشرارة التي كانت تُشعل الأمل،
كأنني عابر في صحراء جرداء،
تبتلعني رمالها دون رحمة،
وأنا أبحث عن سرابٍ قد يُعيد لي الحياة.
أشتاق إلى تلك اللحظات التي كنتُ فيها طائرًا،
أُحلّق في فضاء الأفكار،
أُثير عواطفي،
وأشعر بتلك الحيوية المُفرطة
التي تجعلني أرقص مع الرياح،
وأن أكتشف كل زاويةٍ جديدة،
دون خوف من السقوط.
أين ذهبت تلك المرونة،
تلك العذوبة التي كانت تُعانق قلبي؟
أرى نفسي الآن كغيمةٍ محملةٍ بالأحزان،
تتجول في سماءٍ مُلبدّة،
تبحث عن مطرٍ يُعيد لها الألوان،
لكنها تبقى عالقة،
تسقط ببطء،
دون أن تُحسّن من حالتها.
أحتاج إلى شغفٍ يُعيد لي الروح،
إلى شيءٍ يُشعل في قلبي نارًا،
تُدفئني في ليالي الوحدة،
وتزرع في داخلي الأمل من جديد،
لأستطيع القفز من جديد،
والخطو بخفّة،
في دروب الحياة،
دون أن أخشى السقوط .
تُوجد أحاسيس هي بذاتها منامات، تحتلّ مثل الضباب كلّ مساحات الروح، لا تدعنا نفكر، لا تدعنا نعمل، تحُولُ بيننا وبين أن نكون ما نُريد .
Читать полностью…أكتب لك اليوم بدافع ضرورة شعورية ـ توق مؤلم إلى أن أتحدث معك - بكلماتٍ أُخرى ليس لديّ أي شيء محدد أقوله، سوى هذا : أنا اليوم في قاع اكتئاب لا قاع له، تُعبّر عبثية هذهِ الجملة عن حالتي، هذا هو واحد من تلك الأيام التي لم يكن لي فيها مستقبل قط، يوجد حاضر راكد فقط، يحوطه جدار كبير من القلق .
Читать полностью…أُمارس احساساً هائلاً بالسأم والضياع داخل غرفتي، فأنا لا أصنع الأحداث أو أعيشها، انها فقط تعبر فوقي كما تعبر الرياح فوق سطحٍ من الرمال الراكدة، فتُخلّف فوقها بعض الآثار ثم تأتي رياح جديدة فتطمس معالم الرياح القديمة وتتلاشى، ويتلاشى معها كل شيء .
Читать полностью…كل منّا يفقد شيئاً عزيزاً عليه، فرصاً، إمكانيات، مشاعر لا يُمكننا استعادتها أبداً، كل هذا جزء من معنى كوننا نعيش، ولكن في داخل رؤوسنا - أو هذا ما أتصوره أنا- نحنُ نُخزّن الذكريات في غرفةٍ صغيرة هناك، غرفة يوجد بها رفوف كرفوف المكتبة، ولنعيّ ونفهم الأعمال التي كتبتها قلوبنا، علينا أن نُصنفها وننظمها ببطاقات، ونُزيل عنها الغبار من حين لآخر، ونُجدد لها الهواء، ونُغير الماء في أواني الزهور، بكلماتٍ أخرى، تعيش معنا إلى الأبد في مكتبتنا الخاصة ولا تموت .
Читать полностью…أحيانًا لا نفكر ونحنُ نسلك طريقًا مُختلفًا، بأن أحبتنا يخسرون الشخص الذي يعرفونه .
Читать полностью…كان الفارق كبيرًا جداً بين أن تعتذر لأنك أغضبتني وبين أن تعتذر لأنك خذلتني (خيبت ظني)، الغضب يكفيه الإعتذار، وأحياناً يكفيه فقط مساحة من الوقت والصمت، لكن الخذلان لا يخفّف منه الإعتذار، ولا الوقت ولا الصمت، كل الآمال تسقط دفعةً واحدة وبشدة، ويسقط معها كل شيء .
Читать полностью…أظن أنني عُجنت بالمُحاولات، أنا الذي ما كنتُ أُقدّر قيمة الأشياء إلا لو كنت في سبيل قطفها جرحت يدي، لكنني مُتعب وأريد أن أقول الآن، أن هذا يكفي، وأن الغنائم ما كانت بمقدار تلك الحروب، وقدماي لا تُريدان أن تحملاني إلا لمكانٍ أضع رأسي فيه ولا أفكر .
Читать полностью…أُريد أن أتخفّف من الحياة لكي تصير الحياة مُمكنة، أُريد أن أتخفّف من الحياة لكي أحيا، أريد أن أقول لهذا العالم كن أقل، كن أخف، كن أبسط، أريد أن أطالب بحقوقنا نحن المُرهقين بالعيش والمنشغلين بفهم العالم ومنطقة خباله، أُريد أن أُطالب بحقنا في أن نرقص كالأغبياء، وأن نلعب لعبة الكراسي، وأن نتصعلك في الأسواق بلا جدوى، يجب أن ندافع عن التوافه التي تكاد تنقرض في هذا العالم المختنق بجديته، يجب أن نُدافع عن الأغنيات العبثية، والقصائد العشوائية التي نكتشفها عن طريق الصدفة وتتصدر قائمتنا المُفضلة، وعندما نمضي قرابة الساعة في اختيار كوب قهوة، فهذا ليس مضيعة للوقت، نحتاج أن نُدافع عن حقنا بإجتراح الفوضى، جرب أن ترسم وجهاً يمد لسانه، يسخر من تجهّم الأفكار وثقلها، يجب أن نُدافع عن سخافة الحياة لأنها ما فتأت تنأى وتصير أكثر تعذراً للعيش فيها، تريد أن تقبض على الحياة بيديك؟ أطلقها حرة ودعها تركض في جنبات المكان مثل قطة شوارع، دع الحياة تحيا فيك قبل أن تقتلنا جميع الأشياء التي تمنعنا من فعل ذلك .
Читать полностью…بطريقةٍ غامضة، كانت توقعاتي دائماً في محلها، وإحساسي صائب، وشعوري الأول لا يخيب، حتى في المرات التي تمنيت فيها أن يخيب، كان كل شيء حولي يثبت لي مدى صدق احساسي وتوقعي .
Читать полностью…أُحدّق في خيوط الضوء المُعلّق في الفضاء الصامت، مُكافحاً من أجل رؤية ما في قلبي، ماذا كنت أُريد؟ وماذا أراد الآخرون مني؟ لكني لم أجد الأجوبة أبداً .
أحياناً أكون على شفا الوصول وأحاول الإمساك بخيوط الضوء، لكن أصابعي لا تُلامس شيئاً، فأتوه في الفراغ ولا أستطيع الوصول .
أنا أيضاً لا أُريد أن أكون بهذا الحزن، لكننا لا نختار مشاعرنا، ولا يسعنا تغييرها، إنها ملتصقة بي، كروحي، كشخصيتي، كهويتي، إنها جزء مني، وأنا أتقبّل كل جزءٍ مني مهما كان، ولا يهمني إن كان يعجب الآخرين أم لا، يكفي أن أكون مُتعايشاً مع ذاتي، راضياً بكل تقلباتها الشعورية، بعيداً كل البُعد عن قمع ما أشعر به .
Читать полностью…بيد أنهُ يا عزيزي لا يُمكنك استعجال الحياة أو تجاهلها مهما كنت على عجلة من أمرك، ومهما أردت أن تطوي شهوراً أو سنيناً من الجهد والضياع والتخبط، إن أهم الأشياء تحتاج وقتها ورحلتها الكاملة، وتتطلّب انتباهنا الكامل، بل أنها تتطلّب أخطاءها وحيرتها وتعثرها حتى تصبح ذات قيمة ومعنى، لا يُمكنك أن تتعلم كل شيء دفعةً واحدة، ولا أن تفهم رسالتك في الحياة في أول العمر، لا يُمكنك اختزال حكمة سنين في عامٍ واحد أو تجربتين، ولا أن تتعجّل التعافي عبر الأدوية، أو تتجاهل الألم على أمل أن يتلاشى، عش كل شيء حتى آخره، عشه بتردده وهزائمه وخوفه وتعبه، دعه يأخذ كل الوقت الذي يحتاجه حتى ينضج، هكذا يُراد لنا أن نعيش، لا غشّ في التوقيت .
Читать полностью…أعاني من لعنة العقل، الإفراط في التفكير، إنه يجرح كقطع من الزجاج والأسلاك الشائكة السابحة في الهواء، لا أستطيع إيقاف دماغي، أو إبطاء إيقاعه، أشعر وكأنني قطار، قطار قديم يُسرع على سكة حديدية ولا يُمكنه التوقف أبداً، لأن العالم هو المُحرك الذي يمنحهُ طاقته التي يتحرك بها، وهذهِ الطاقة تفوق قدرته فلا يستطيع التوقف .
Читать полностью…أُريد ذلك الوقت الذي لا يُداهمنا ونحنُ في منتصف الأشياء، وقتاً نتحرك فيه بحريّة الأقوياء، فنمشي بين الأيام والناس والأماكن والأحداث دون أن نُوقظ شيئاً من سباته، أُريد أن يتوقف التاريخ عن تأبيننا أو تمجيدنا أو الحكم علينا لمدةٍ ما، حتى نتمكن من ترتيب هذهِ الفوضى، أن نركض في طريق الصواب بشجاعة الإنسان الذي لا تُخيفه أخطاؤه، بل يجمعها ويصنع منها قلادة أصداف تُذكره بنفسه كلما أحدثت خشخشة لافتة أنه صغير وبسيط ومُغرق في عاديته، لكنّه متجه بكلّيته إلى إصلاح الأيام ورتق ثقوبها التي يتسرّب منها الأمل، أُريد ألا يفوت العمر ونحن نتبصّر المعنى أو نستوحش الطريق أو نخذل صورنا القديمة أو نخدش بهاء أحلامنا، أُريد وقتاً شاسعاً حتى أفهم كل هذا .
Читать полностью…إن الهدف من الإصغاء هو اكتشاف ما يدور في أذهان الأشخاص الآخرين وفي قلوبهم، إذا فهمنا السبب الذي يدفع الناس إلى فعل ما يفعلونه، يُمكننا الحصول على أجوبة أكثر ملاءمةً من التساؤلات العشوائية، والتي قد تسلبنا الكثير من الوقت والجهد للتفكير فيما حدث، وسيكون المشهد دائماً ناقصاً وغير مفهوم، وذلك لأننا لم نُصغي للصمت والإيماءات وما وراء الأحرف والكلمات .
Читать полностью…الذكرى جزء من تشكيلة الإنسان النفسية، لولا الذكرى ما كنا تعلمنا ولا تهذبنا ولا انتقلنا من طورٍ إلى آخر، تخيّل لو أن الآلام تُمحى والتجارب تُطمس، لكان من الجنون أن نتعرّض يومياً لنفس الألم ونختبر نفس التجربة مراراً وتكراراً، تخيل لو مددتُ يدي لوعاءٍ معدني على النار فلسعني واحترقت، من ثم تألمت بشدة وتقرّحت يدي وتضررت، وبعدما تعافت طُمست ذكراها وانمحى ما حدث في ذاكرة الألم، فمددتُ يدي مرةً أخرى إلى وعاءٍ ساخن آخر، وخضت تجربة الإحتراق مُجدداً !
لكن لأن الله أرحم منّا علينا وأعلم بقدرات احتمالنا منّا، كل الذي سيحدث حينها أنني سألتفت لكفّي، سأبصر ندبة الحرق القديم، وسأتذكر الحكاية وكم تألمت في ذلك اليوم، ثم سأسحب يدي مُمتنعة عن تكرار إيذائها من جديد، الماضي في ذاكرتنا يُنقذنا من براءتنا في الحاضر، ومن اندفاعنا وعفويتنا في المستقبل، نعم خُلقنا من طين ولكن تصقلنا الذكريات .