في ظلمة الليل
حيث يتهطل الخشوع
تتفتح أبواب السماء كأنها تنتظر
بوحا منبعث من قلب يرتجف شوقا.
وتمتد يدي الروح نحو البعد اللامرئي.
حيث كل دعاء يسمع
وكل تسبيحة تُبذر
في حقل الآخرة لتغدو زرعا اخضر.
ترتدي الأرض صمتها
تنفض عنها صخب النهار
وتشرق بالطمأنينة
في السجود
نذوب في كنف الغيب
كقطرة ماء تعود إلى المحيط
لا وزن لنا سوى صدق الانحناء
ولا صوت يسمع الا التسبيح
المتصاعد من الأعماق كزفرة رجاء
إنها لحظة انعتاق
لحظة ينهار فيها الحد
بين ما يسمو بنا وما يشدنا إلى
الجحيم.
نبحرُ في الآيات
كما لو أننا نبحث عن مرفأ
النجاة الأخير
تأخذنا كقارب صغير
نتحرر من الأوهام
حتى نصل إلى النور
فيحل بنا إحساس بالنقاء
يشابه نقاء الفجر في أول بزوغة.
نحن المؤمنون
لا نعرف النهايات التعيسة
ولا نخشى الدروب الوعرة
المزروعة بالأسى
ولا نضيع في متاهات العمر
قلوبنا تستند إلى السماء
إليها نلجأ
بيقين يبدد الضلال
ونور لا يحجبه الظلام.
لذا لا ينادمنا اليأس
ولا نسكب دموع الحزن
على اضرحة الأوجاع
نواجه المحن بابتسامة نصر
دون شعور بالوهن.
لأن لنا ربًا يقول:
"هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ".
نحن من نملك اليقين
أن كل خطوة تكلل بعونه
و كل جرح يلتئم بلمسة رحمته.
فإذا ضاقت السُبل على الأرض
تسعنا السماء
وإذا تاهت الخطوات
يأخذنا برفق إلى حيث لا ضياع.
نحن المؤمنون
يقال عنا:
"مستحيل أن تُسحقهم الدنيا"،
لأننا نعلم يقينا
أن الله معنا
وأن الدنيا مسافة عبور
وما عنده أوسع وأجمل
مما يحتويه هذا العالم.
قبلك لم أكن أكثر من ظل هائم،
أتجول بين أوهام وأحلام خافتة،
كائن عابر في سراب الوجود،
أخطو على أرض خالية من الحياة.
لكن حين حطت عصفورة عينيك
على غصن قلبي في صباح حبك،
اشتعلت في داخلي شمس لا تخبو،
كنافذة انفتحت على نور الحقيقة.
كنتِ دهشة أطاحت بصمت المشاعر،
عاصفة قلبت موازين السكون.
لم يعد للظل مأوى في أعماقي،
ولم تعد تسحرني ظلال الأشجار،
ولا تساقط الأوراق في خريف العمر.
بساتين كلماتك زُرعت في روحي،
فأزهرت حدائق لا تعرف الذبول.
هناك، على ضفاف قلبك،
استراحت مشاعري كمسافر أرهقته الرحلة،
تغطت بلحاف لطفك،
واقتبست من كأس حبك اللؤلؤي
ما يروي عطش الحياة.
أهيم بك شوقًا يأبى أن يتركني وحيدًا،
وأغرق في عشق يتجاوز حدود الكلمات.
أسكن تفاصيلك كما يسكن النهر مجراه،
وأعيش فيك حبًا لا يعرف النهاية.
هي الدنيا
سرابٌ في صحراء الأماني
يلتمع في أعين العابرين،
لكنها لا تروي عطش القلب
ولا تشبع حاجة الروح للنقاء
الأحمق وحده يستظلّ بظلها
مستكينًا لأمانيها الزائفة
ولا يعلم أن أمانيها سرابٌ يذبل مع الريح.
كن في الحياة كطيف الصباح
يأتي بخفّة لكنه يملأ الكون بالضياء
واكتب إحسانك في الهواء
فما من ذرة إلا وهي شاهدة
ولا يدٍ امتدت
إلا وتبقى في ميزان السماء.
لا مناصب تبقى
ولا ألقاب تحمي من زوال
لكن ذكرك العطر يبقى
كزهرة تعاند فناء الحقول
تفوح بأريجها رغم عواصف الزمن.
فلا شيء يعادل عافية الروح
فهي سراج ينير الظلمة
وسكينة تهزم تقلبات الحياة،
وهي الجسر الذي يعبر بنا إلى الفرح.
جمعتكم مباركة🌹
فراغ شاحب
نهار مطفي
سماء غائمة
لحظات متشحة بالسواد
كيف نرثي قطعة من الروح؟
كيف نواسي قلب يأكله الحزن؟
كان هنا
وكنا نرتشف الضحكة منه
ونرتدي ابتسامته حين تهزمنا الهموم
كان الصوت الذي يكلل تعبنا بالارتياح
يملأ زوايا الحياة المنحنية بالبهاء
يناغي الاماكن الموحشة فتبتسم
ثم غاب...
وغابت معه فسحة الألوان
وباتت الحياة بلا ألوان
تمتهن الصمت
تراقب وجوها أثقلها الفقد.
نحاول ردم فجوة القلب بالصمت،
صمت ينزف وجعًا
نغسل الألم بالدمع
دمع يذرف أنينا
هل يكفي الصمت ليواسي قلب مكلوم؟
هل تطفيء الدموع هذا الحزن الصاخب؟
رحل وترك باقة من الذكريات الضاحكة
مع صور تنظر إلينا بشوق
كيف يمضي هكذا بلا وداع؟
ويترك كل هذا البرد
كل هذا الخواء
ها نحن على أطراف الحنين
نمضي بخطوات مثقلة
نحمل في قلوبنا بقايا حديث لم يُكتمل،
وشذرات من حكاية بترت قبل ان تنمو
ها نحن نهوى بلا قرار
يا وجع الايام
يا فاجعة العمر.
يا غائبًا ارهق حضورنا
ياقطعة الروح الشاردة
سنلتمسك
كلما جاء الصباح
كلما تبسمت السماء
كلما هطل المطر
كلما همست الازهار واينعت بالشذى
رحلت
وبقت روحك
تسكن فينا
تضيء ظلمة الأيام.
إنَّ القلب ليحزنُ
والعينُ تدمعُ
وإنّا على فِراقكَ لمحزونون...
الفِراقُ صعبٌ،
وحين يكونُ أبديًّا،
يزدادُ ثقلا في الروحِ
لكنَّ عزاءَنا في وعدِ اللقاءِ الأكبر،
حين تتلاقى الأرواحُ،
في فرحةٍ لا يشوبُها الفقدُ،
ولا يعكّرها الحُزنُ.
لقد رحلتَ...
من دارِ الفناءِ، من ألمِ الأيامِ، من وجع.البلاء
إلى دارِ البقاءِ،
إلى نورٍ لا يخبو،
وسعادةٍ أبديةٍ.
كم تألّم بصمت وكم عانى بصبر
لكنَّ الله كانَ معه في كلِّ حالٍ،
يمتحنُ إيمانَه،
يمحّصُ قلبَه،
حتى يلقاهُ طاهرًا،
مطهّرًا...
لا نستطيعُ أن نمنعَ الحُزنَ من أن يعتصرَ القلبَ،
ولا أن نكفَّ دمعةً تنسابُ من عمقِ المحبّة،
ولا أن نوقفَ الأسى، وهو يحزُّ في النفسِ حزًّا،
لكننا نثقُ...
نثقُ أنّه الآنَ في موضعٍ أجمل،
في جوارِ ربٍّ لطيفٍ رحيمٍ،
حيث لا ألمَ ولا وجعَ.
أيُّ مكانٍ أرحبُ من قربِ الله؟
أيُّ رحلةٍ محفوفةٌ بالسعادةِ كرحلتِه الأخيرة؟
نسألُ الله أن يتغمّدَه برحمتِه،
أن يلبسَه من حللِ النقاءِ والنورِ،
وأن يكونَ مع أحبّائِهِ،
مع من ظلّلَهم بلطفِهِ،
في دارٍ لا عينٌ رأت،
ولا أذنٌ سمعت،
ولا خطرَ على قلبِ بشرٍ.
سلامٌ عليه...
سلامٌ عليه في وداعِنا،
وسلامٌ عليه في لقائنا،
حين يكونُ اللقاءُ الأبدي
الذي لافراق بعده ابدا
لو أنك تستقبل كل صباح بالشعور الذي أشرق به، لسمعت العصافير وهي تغرد على أغصان روحك، لرأيت الشمس تنسج لك حلماً من خيوط النور.
لعانقت النهار كأنه صديق حميم، لشممت في أنفاسه عبير الأمل، ولرأيت الزهور تبتسم لك بألوانها الندية.
لأ صغيت لصمت الكون وهو يغني لك ترنيمة عذبة أنغامها منسوجة من خفقات القلوب المحبة وامنيات المارة على خطك الزمني الممتليء بالفرح والسعادة.
لا مسّكت يد الغيم، لتروي عطشك المخفي للحياة العبقة بالانجازات المميزة.
كل صباح يحمل وعداً جديداً، على شكل قصيدة، تنتظر منك أن تنسجها بأحلامك، أن تُزهرها بشغفك، أن تُضيئها بابتسامتك.
فلا تدع شيئاً يعكّر صفو روحك، ولا تدع ظلال الأمس تسرق منك بهاء هذا النور، لأن في كل شروق فرصة جديدة للسلام وللحب..
صباح الخير 🌹
الحب لا يأتي بملامسة الأيدي
بل هو نبض يتسلل عبر الصمت
كطيف لا يُرى، لكنّه يُملأ الوجدان
هو لمسة خفيفة على شغاف القلب
لا تجد الحواس تفسيرا لها
سلاما
لمن طرقوا أبواب الرواح دونَ استئذان
تغلغلوا في الضلوع
كنورٍ يبدد عتمة الأيام
سلاما لهم...
لأنهم سكنوا التفاصيل الهاربة
حتى باتت أصواتهم موسيقى امل
ونظراتهم قصائد تكتب في الصباحات المشرقة.
هم عطر اللحظات الفاتنة
وبهجة لا تباع ولا تشترى
هم بسمة تشع بالنور
حيث الفجر ينمو في العيون
ويروي الورد فينا حلما أخضر.
فجمعتهم خير
كنور يبقى رغمَ تبدّل الفصول.
جمعة حب
لمن لامسوا القلب
وعانقوا الروح بنبل أخلاقهم
فأصبحوا ببساطة...
أجمل ما في الحياة.
جمعة مباركة🌹
الجمعة ذلك الكهف الذي نأوي إليه
هروبا من تجاعيد الأيام
تنهض الروح من الأعماق
متجاوزة هشاشة الجسد المرهق
والذات الهاربة في متاهات العمر
تتواجد بعد نفي طويل.
يتوهج الجزء المنطفئ في داخلنا
كنور يشق الظلام المستقر
تبدو الحياة خيرة وجميلة.
يقفز الأمل من بين تعرجات اليأس
كأن الكون يهمس:
مرحبا بك في عوالم النور.
الأثقال تتلاشى
الغبار يتناثر
نشعر بخفة كنسمة
تنساب برقة دون قيد
الصمت الذي كان يأسرنا
ينفجر فرحاً
والمشاعر الباردة
تشتعل وهجاً ودفئاً.
هنا
في هذا اليوم
نصبح جزءاً من الكون
لا نسمع سوى نبض الحياة
يهتف في زوايا القلب
ولا نشعر سوى بنشوة النقاء
نقاء الإيمان.
كأن الجمعة صارت بوابة
إلى عالمٍ من النور .
جمعة مباركة🌹
لا تتعجب هذا الوضوح
إنّه اختياري الحرّ.
إنه مرآة شفافة تعكس ندباتي بجرأة،
تكشف ضعفي كما هو
وتمنحني قوة لا تخشى اللمس.
أفتح يدي لمن يقرأ خطوطها
بلا شعور بالخوف
من أن تُرى آلامي
فليس لدي أسرار
لا أخشى الأيدي التي تفتح لي،
ولكنني أسمح لها أن تخفف ندوبي
أن تحوّلها إلى خرائط شفاء،
وتبدل جرحي إلى قصيدة
تتنفس الشمس.
لم أعد أرتجف من الحقيقة،
فالألم حين يعرى يتحول إلى درس،
والضعف حين يُكشف يصبح صلبا
قوتي ليست في ما تراه
في ظاهر ملامحي
بل في قدرتي على أن أبدو هشّا
و أكون أنا كما أنا.
لا أقمع اللطف ،
ولا أمحو اثر دمعة قديمة
أترك حروفي تشهد
لا على هزيمة
بل على انتصارٍ صغير،
على وهم الضعف الذي هزمته
باحتوائي لنفسي.
الجمعة هذا اليوم المميز بإطلالته الغير عادية.
حيث يصبح الزمن نافذة تطل بها على النهايات السعيدة.
تتساقط الأقنعة التي اثقلت ملامحك
طوال الأسبوع.
ويغدو اللجو إلى الذات اسلوب يعمق تواصلك مع جذورك
بلغة الروح لغة تفهمها بلا كلمات،
كأن الروح تلامس نورًا خفيًا يسري في كيانك كله.
فتدرك أن ما كنت تبحث موجود هناك
في ذلك البعد الغير مرئي منك.
الجمعة لحظة تشبه انحناء الغيم على الأرض، لتجد نداوة الشعور بالسكينة تعانق قلبك.
الأفق يبتسم وكأنه يكشف لك سرا من اسرار السعادة.
تشعر بأن العالم الذي كان يأخذك نحو الفوضى، يفسح المجال لك أن تكون
بكل هشاشتك، بكل قوتك، بكل ما لا تستطيع وصفه، اقرب الى السماء،
الجمعة ليست يوم عادي
بل أغنية خافتة في قلب الحياة،
نداء لا يسمعه إلا من تجرأ على الصمت،
ومنح روحه فرصة الانعتاق
لتسافر بلا وجهة
وتكتشف أن الوجهة الوحيدة
التي يكمن فيها الخير و الجمال والحب هي الله.
جمعة مباركة🌹
وهل يموت الحب لحظة غياب؟
هل تندثر الوجوه في العتمة؟
بل تُطاردني ملامحك كظلٍّ يتنفس
كن شبحًا،
كن وهما،
كن صوتًا يتردد في خواء المساء،
كن ريحًا تعبرني،
كن موجا في بحر مسافر
لا تتركني هنا،
في هذه الهوّة الخالية،
حيث لا تشرق كلمات أناملك
ولا يتكئ قلبي على بقاياك.
كن أي شيء،
أي شيء إلا الغياب.
دعني أجنّ بحضورك الخفي
أصارع أطيافك الحية في خيالي
أناديك في صمت الحكايات
التي تُكتب بلا صوت
وحدك تعلم،
أن الهوة ليست موتًا،
بل غيابك الذي لا يحتمل.
لطالما اخترت الصمت على صدى الكلمات ،
ودفنت الموقف في التغافل
قبل أن تزهر أشواكه،
تجاوز إساءة الشخص،
ليس عجزا بل حكمة،
وتجاهل الإساءة ينم عن قدرة،
كمن يغسل يديه من غبار الطرقات.
أعرف أن الغل سجن
وأغلاله تثقل الروح
كما تثقل الحجارة صدر النهر.
والضغينة
عتمة تأكل ألوان الرؤى،
تطفيء شموع الأحلام،
وتغلق نوافذ السماء.
وكلما أبتغيه صدرا صافيا
لا يجتر وجع السوء،
ذاكرة خفيفة، لا تثقلها تداعيات،
ولا تحكمها أصابع الماضي.
لمست ذلك كله،
حين خضت في بحر التجاوز،
حين أغمضت عين النسيان
على وجه الإساءة.
سلام داخلي
لا يشترى،
بل يصنع من صبر وحكمة،
ومن قلب يتقن أن يغفر،
لأجل نفسه،
لأجل أيامه التي يهوى أن تبقى مضيئة.
أعشق ذلك الفراغ
بين الإجابة والسؤال
حيث تنمو احتمالاتٌ لانهائية
وحيث أعيش كلّ شيء دفعة واحدة.
التخمين هو فن الحياة،
اليقين ليس إلا قيدًا،
انه استسلام مبكر
أفضِّل ان أجازف في وحل الشك
لأنه يبقي روحي مستيقظة،
تلك الحيرة التي تجعلني
أرى العالم بألف فكرة.
الغموض يلون أيامي
يتركني أتوه في الاحتمالات
حتى أجد نفسي في إحدى الممرات
الأمور المرتدية ثوب اليقين مملة.
أما الغموض
فهو رقصة الأرواح
حين تحلق في كل الابعاد
لتكتشف الحقيقة
المخاطرة
إنها أوسمة على قلبٍ عاش حقا
على روحٍ أبحرت بلا خريطة
واكتشفت شواطئ لم ترسم بعد
في عمق وجودك
تبحث عن السعادة والحب
لكن الحياة لا تهدِيك دوما
اللحظات الرائعة.
لا تتعجب إذا ما تكسرت أجنحتك
وأنت تحاول أن تحلق أبعد مما ترى
إذا خذلتك الوجوه بينما كانت
تبتسم لأجلك.
فكل خيبة هي فرصة نارية
تُعيد تشكيل مسار قلبك
لتجعل من كل جرح
جسرًا نحو الشفاء.
عندما تظلم السماء،
تذكر أن الفجر لا يتأخر،
وأن الفرص تتجدد مع كل شروق.
أنت هنا لتشيد عالماً من الأمل،
لأنك في جوهر وجودك
صانع المعحزات
لتزرع الزهور في بستان الحياة،
ولتنثر الألوان في قلوب من حولك.
تجاوز أولئك الذين خيبوا آمالك،
فكل روح تحتاج إلى الحرية،
تعلم أن لا تقف عند كل خيبة
لتأكل يأسك
فكل قلب يستحق أن يُحِبَ ويُحَب
بلا حدود.
اصنع من الألم قوة،
ومن الضعف سبيلاً نحو العظمة.
فلتكن أنت المبادر
وليكن قلبك هو الدليل.
يأخذ بيد أفكارك نحو السمو
في النهاية، الحياة ليست هدية،
بل هي تجربة تُنسَجُ بخيوط الإرادة
دربا مضيئا بجمال الشعور
لتصنع من كل لحظة قصة رائعة
حين تأتي الجمعة،
يتبدد صخب الأيام، وتغمر اللحظات السكينة
ويهبّ في الصدر نسيمٌ اخضر،
كمن يتنفس الربيع بعد خريف قاحل
السماء تلقي شراعًا من نور،
يجمع شتات الروح
ليعلو همسٌ خاشع،
همسٌ يغسل جدب النفس
كما يغسل المطر وجه الأرض العطشى.
الجمعة ليست يوماً
بل.غيمةٌ تُظلّل الروح
من فراغ الزيف،
هي نافذة نطل منها
على وجه الحياة الحقيقي
وجهٌ بلا أقنعة
نراه صافياً كجدول ماء يعكس ضوء القمر.
الجمعة هي النداء
نداءٌ لا يسمعه إلا من أصغى بروحه،
نداءٌ يخرجك من وهم الأيام،
ويعيدك إلى ما خُلقْت لأجله،
إلى غايتك الأسمى
تأتي كنور يتسلل من الأفق البعيد،
ويقول لك: "هنا الطريق، هنا الأمان."
ثمة نصر،
تخسر فيه نفسك،
تظل تبحث به في ثنايا الأضواء وهي تتوهج حولك،
ولكنك تجد نفسك أكثر تلاشيًا،
أكثر فراغًا،
أكثر ضياعًا.
ذاك نصر يبهر العيون،
لكنه يبقى القلب موحوعا
لا يلتئم جرحه مهما طالت الأيام.
نصر يقتلك أكثر من الهزيمة،
لأنك لا تجد فيه روحك
ولا تجد فيه حقيقتك.
ثمة إنسحابات،
تأخذك بعيدًا عن كل شيء،
بعيدًا عن ضجيج الحياة،
بعيدًا عن كل ما اعتقدت أنه فوز
تخسر كل شيء،
لكنك تجد نفسك،
تعود إليها بعد أن غسلتك اللحظة.
بعد أن انفصلت عن ذلك العالم الزائف،
وتدرك أنك قد ربحت أكثر مما خسرت،
لأنك لا تنتصر إلا عندما تجد قلبك حيًا،
أنت لا تنتصر إلا حينما تعود إلى نفسك،
إلى روحك الطاهرة،
إلى ما يربطك بالله،
حتى وإن بدت لك تلك الهزيمة،
كأنها آخر مسار.
وتلك الهزيمة،
هي في الواقع الفتح الأكبر.
لأنك في كل إنسحاب،
تربح السلام الذي لا يستطيع أحد أن يمنحه لك.
إلا أنت
جمعة مباركة🌹
عليّ أن أتحاوز حدود اللغة
أن أحفر في روحي أخدوداً أعمق
حيث لا تصل يد الذاكرة
أن أُعلّم نفسي كيف أكون شمسا
تشرق كل يوم من أفق مختلف.
علي أن أتوسّع داخلي ككون يبني نفسه
وأسمح لمزيد من النجوم أن تولد
لأجد المعنى
لأنظر إلى الأشياء بعمق
واتلمسها بعين تكشف الأسرار
وأظهر الوجه الحقيقي للحياة
دائم الفرح.
واتساءل
كيف يمكن للخطوات أن تجد دربها؟
كيف يمكن أن يعبر الفتى شوارع الألم
دون أن ينكسر؟
دون أن يحمل عبء الطريق
كيف يمضي بذاكرة مثقلة دون أن تعيق سيره؟
ودون أن يسمع ضجيج الازقة المظلمة فيها
ربما كنا وهماً متفقا عليه
ربما لم نكن يوماً سوى شتات
تجمّله الامنيات الفارغة
لكننا كذبنا كثيراً،
ببراعة من يحترف الخسارة
حتى اضعنا الحقيقة
ابتلعناها بلا رجاء.
رفضت هذا الدرب
ها أنا
غارق في حبٍّ الوجود،
ازرع الضوء في عتمة الفكرة
اسحب الرداءة من عمق الأشياء
كأنها خيطٌ يتقطّع بين يدي
وأعيد للريح حريتها
حين يُنهكها الغياب.
الحياة
ليست حرباً
ليست اتفاقٌ ضمنيّ على الوجع
ولا تقاسمٌ للمأساة
هي سؤال له عدة خيارات
وعليك أن تختار
ما يجعلك اجمل
ما يجعل اثرك كشجرة دائمة الربيع
واكثر من مجرد عابر على اطرافها
تهمس بيأس وتذرف الألم
عليك أن تكون نفس تطلقه روح
ترتدي حريتها.
لا أحد سيجبرك أن تأكل ما لا تحب،
ولا أن تشرب من ماءٍ آسن،
وإن سكبه لك في كأسٍ من ذهب.
الحياة ليست قيدا
بل سرابيل حلم تطرزها بخيوط يدك.
فالطيور، رغم جهلها بالخريطة
تحلق
لتجد طريقها الخاص في اتساع السماء
والنهر في جريانه، لا يستأذن الصخور.
الحياة تستمر بالتنفس رغم البلاء
فامنح الزهرة في قلبك طقسها
دعها تكبر بلا خوف، بلا حسابٍ للرياح.
واجعل الشعلة في روحك
تزيح الظلمة عن دروبك.
لتشعل فيها صباحات جديدة
اختر لون الضوء، لا ما يُفرض عليك،
كن أنت من يرسم ألوان السماء
بلا حد بلا نهايات
أَمشِ دربك، ولو كان شائكا
فالأمل ينبت حتى في أديم الأرض القاحل
والسنابل تنحني فقط لتبارك يد الحاصد.
كل لحظةٍ هي لك اكتبها بانامل قلبك
كل نسمةٍ تخبرك أنك أكثر من جسد يمضي.
كن فكرة، كن جسر، كن عاصفة.
كن طائرًا بلا أفق، كن نهرا بلا حافة.
لا تنتظر إذنا لتكون ما تحب.
ولا تخش أن تنزف لتنمو.
هكذا تصنع من رماد الألم
حياة زاخرة بالحب
هكذا تكتب اسمك على صفحات الخلود
لا كبقايا شخص عابر،
لا كأثر باهت
بل كصانع ضوء.
مشرق بالجمال.
القوةُ ليست في صخب الانتصار
ولا في رايةً ترفرفُ فوقَ الهزائم
القوة تتجلى في الصمت العميق
حين تحدّق في فراغ يبتلع النور،
ثم تختارُ أن تمضي رغمَ الظلمة
أن تمشي وحدك في متاهة بلا خارطة
أن تزرع زهراً في صحراء
وأن تطفيء حرائق نشبت في احلامك
لتبني بيتاً جديداً فوق رمادها.
القوة عزيمة تتحدى الانكسار
صبر على قسوة الأيام
دون أن تُطيلَ النظرَ وأنت تنتظر
يد تنقذك.
القوة ثروة الروح التي لا تشترى.
معنى يُولد من أعماق الألم
ونورٌ ينبعثُ من رحم الظلام.
ليضيء لك عتمة الطريق
لتنحني لك الحياة
أمام بهاء عزيمتك
كلما سقطت نهضتَ
وأكملتَ المسير بلا شعور باليأس
أو الضجر .
تلهمني الأقدار بتقلباتها
بتلك المرونة التي تنسلّ بها
من قبضة سوء الظن.
أن
"كل ما هو بعيداً سيقترب،
وكل ما كان مستحيلاً
سيغدو ممكنا.
أرى السعي
ذلك الجسر الذي نسير عليه بأقدام مرتجفة
يمتد وسط العدم
يمضي رغم الشك
ويصل، ولو تأخر
أدرك أن الأحوال تتغير
كما تتغير الظلال
وأن الأرض التي تصرخ عطشا
سوف تنبض بالحياة في لحظة مباغتة
حين تهبط السماء على شقوقها
فتخضر
كأنها لم تعرف يوماً معنى الجفاف.
يعلمني القدر أن يوما
ما ستقطف الثمار
وأن الليل، مهما طال،
يحمل في طياته فجراً
لم يكن في الحسبان.
لا أحد كالله جل في علاه
يمسح على قلبي
يراني في أضعف لحظاتي
دون أن يقارن وجعي بوجع غيري.
لا يقول: انظر، هناك من هو أشد ألمًا منك.
لا يضع أوجاعي في ميزان المفاضلة،
ولا يطلب مني أن أقدم الأسباب التي تجعلني أستحق رحمته.
الله يسمع الشكوى، مهما كانت هامسة،
ويستجيب لها وكأنها الوحيدة في الكون.
لا يهمل دموع العين الصغيرة،
ولا يقلل من شأن الآه التي تصعد بصمت.
يُعنى بالكسر، ولو كان هينا.
ويُربت على القلب، ولو كان ألمه مجرد خدش في الذاكرة.
الله لا يضجر من كثرة النداء،
ولا يتعب من أنين المتعبين.
يفهم تماما كيف يكون الخاطر هشا،
وكيف يكون الجرح صغيرًا في أعين الناس، لكنه واسع كالمحيط في قلوبنا.
ربي عليم بما تحمله الأرواح،
يفهم ثقل نظرة، وحدّة كلمة،
يعلم كيف تسقط القلوب بفعل لحظة واحدة.
فقط الله قادر أن يجعلنا نشعر
أن وجعنا مرئي
ومحبوب، ومستحق للعناية.
هو الوحيد الذي يضمد كل الجراح،
بالحب الذي لا يَنفد، وبالرحمة التي لا تنقطع.
لطالما مشيت على دروب الورد
حيث ينزف العطر
ويتسلل الشذى إلى روحي كأغنية
تراقص شعاع الشمس.
لطالما تشبثت بالنبع الأخضر
كي أروي عطش أيامي بحلم خجول
وأحمل قلبي كقنديل في مهب الريح
يقاوم الانطفاء بشعلة اشتياق
تهمس بالخير والجمال
وتعزف على أوتار الحياة قصائد حب
أخطو في فراغ
أملأه بملامحي الربيعية
أرسم ابتسامةً تكسو شحوب الواقع
وأعيد تشكيله
ليصير حضنا
يحتوي ذاكرة ملأى
بالأمنيات الدافئة
وفي المساء
أبدو كنجمةٍ تائهة
أبحث عن جذوري بين أزقة السماء
أتسلق حبال الضوء الخافتة
وأرتشف بهاء النور
بينما ابحر في اعماق وجودي.
أحيا في عتمةٍ تقودني نحو الضوء.
وأبحث في كل لحظة عن كيانٍ
يتسع لشغفي، لنزقي، ولوجعي العتيق.
كلما تناثرت، أعود من جديد
كزهرة تولد من رمادِ الكون.
صديقي رفقا بنفسك
أن التعمق في الأحزان
عبئاً لا ضرورة له
والغضب وهماً يزيد الظلمة ثقلاً.
صديقي
إن الصفح ليس ضعفاً،
بل هو شفاءٌ للروح،
وفي منح التسامح
نورٌ يخترق أعماق الظلمة
يُعيد التناغم بين القلب والروح،
ويحرر المشاعر من قيود الكراهية.
صديقي
جنة الإنسان ليست مكاناً بعيداً،
بل هي قلبٌ يفيض طيبة
صدرٌ ينعم بالانشراح
وأفكارٌ تزهّر بالمحبة.
غير ذلك ليس سوى جحيم
يحرق الروح ويصيب الجسد بالذبول.
يا صديقي
عليك أن تمتن لأرضٍ
تحملك على ظهرها بلطف
لهواءٍ يعانق أنفاسك بكرم
لحياة تدعوك أن تكون أعظم
مما تظن أنه أنت
هذا العالم يا صديقي
مختبر عظيم
يصقل روحك في نار التألم
كي يضفي عليك بهاء الحكمة
يقودك نحو دروبا موحشة
لتنمو فيها ذاتك كي تكون
ذاتا أقوى وأبهى.
لقد جئت إلى هنا
حيث القلب يحمل أسرار الخصب
والأفكار تزرع حقول بالازهار
حيث الأيدي تمتد لتبني
والألسن تغني أغاني الأمل
يا صديقي
شرفٌ للقلب أن يحمل هذا العبء
أن ينكسر ليتعلم
أن يتذوق الأيام بأشواكها
كما يتذوق ورودها.
ليغتسل بالمطر
وهو تحت انفاس الشمس
اجعل همّك الأول
أن تعبر هذا العالم
وأنت تزرع النور في ظلاله
وأنت ترسم ملامح وجهك
في مراياه
بقلبٍ تجرع مرارات شتى
لكنه لا يستسلم
بقلبٍ يشتاق للحب.
لأنه يرى فيه سر الجمال.
ساتلقيك بجنون الاشتياق،
سارتمي بين احضان عينيك
والثم انفاسك
سأصغي إلى قصائد صوتك.
سألوي البعد،
كي ازرع عيني في ملامحك،
واملأ تقاسيمي بندبات نظراتك
سأحمل اليك باقة قلبي
واهديك كل مساحاته
كي تملئيها بسحائب اشتيافك
ليغرق فيك.
وحين اصل
سأقتني حلة حب
واعطر نظراتي بالحنين
سأزرع في كلماتي وردا
واقطرها بين شفتي قلبك
لينبت فيه الربيع.
اللحظات اليتيمة ستجد أمها
والقلب المختنق بالمسافات
سيتنشق قربك.
الجمعة، موعدٌ مع الذات المخبأة خلف أروقة الهموم، تعيد فيها اكتشاف وجهك في مرآة الروح، تلك المرآة التي ظلت معتمة تحت غبار الأيام.
الضوء الذي يلامسك فيها ليس ضوءًا عابرًا، إنه نور الحقيقة يتسلل من بين شقوقك، يُخرجك من كهفك الداخلي،
ويمنحك فرصة أن ترى نفسك،
لا كما يراك العالم، بل كما هو أنت.
الأثقال التي حملتها تتساقط واحدة تلو الأخرى، كأنك تحررت من قيد لا مرئي،
وحلق قلبك لأول مرة بلا خوف، بلا تردد.
لتسري فيك حياة من نوع خاص،
حياة لطالما كنت تبحث عنها و لم تكن تدري أنها ممكنة، كأنك غصن جاف عاد فجأة للنبض بالمطر. اللحظات فيها نقية، بلا شوائب، بلا أصوات تعكرها، بلا أوجاع تضغط عليك.
كل لحظة تمر تجد فيها خفة، انسياب، وانسجام مع الكون، كأنك جزء من نغمة سماوية تصنع الحياة.
الجمعة ليست يومًا عاديا
بل فسحة أمل، مساحة يتيحها الله لترمم روحك، لتكتشف أن العالم رحبا وأنت من تضيق مساحاته.
الصمت الذي كان يثقل صدرك
يصبح موسيقى هادئة تعزف بين أضلعك، والمشاعر الثلجية تذوب، تغدو شلالًا من الحب والامتنان تغمر قلبك، وتملأك لطفا
لأنك هنا، لأنك الآن، لأنك أنت.
جمعة مباركة🌹
كنتُ أهربُ
من شعورٍ يتسللُ إلى أعماقي
فيغرقُني في بحرِ من التوجع
وأنا أُنصتُ لكل آه رسمت ظلال شاحبة على الاصوات المتعبة،
ظننت أن التبلد نعمة،
أن أفقد حدَّةَ روحي،
وأكتفي بالمرور كظلٍّ عابر.
مذا لو نزعتُ هذا العبء عن قلبي،
ما الذي سيبقى مني؟
ربما راحةٌ فارغة،
عينٌ لا ترى إلا ظواهر الأشياء،
وصدرٌ لا يحملُ إلا هواءً باردًا.
خذ حساسيتي تجاه الأشياء والناس ، وستأخذ معها كل ألواني،
وضميري وتعاطفي.
.
لن أسمع همسات النجوم وهي تنادم الليل،
لن أفهم لغة الأوراق حين تهمس للشجر،
ولا وقع دمعة تنسكبُ في عتمةٍ حزينة
خذها وسأصبح حجرًا أملس،
ساكنًا كليلٍ بلا قمر،
جامدًا كوجهٍ بلا حكاية.
الحياةُ نعيشها بحوافِّ الروح
الحواف التي تؤلم،
لكنها، في الوقت ذاته
تُضيئ العتمة فينا.
أكتبك بكل ما أملك من شوق
بحروف تربت على فجوة هذا البعد
أغزل من الحنين وشاحًا
اضمد به ارتجاف غيابك في داخلي
لم تعد تكفي اللقاءات الهاربة
ويدي لا تزهر في بساتين يديك.
و لم تعكس ملامحك أنفاسي.
كيف أُروّض هذا الاشتياق
وهو ينهشني بالغياب
أحتاجك ضوءًا
يضرم عتمة روحي،
أحتاجك نهرًا
يغسل جدب مشاعري.
فما عادت النظرات تمسك بي
حين أتعثر بالحنين إليك
ولا القصائد تهدهد اللهفة
المتربصة بأطراف قلبي.
اللحظات العابرة خائنة
تُضيء للوهلة الأولى
ثم تنطفئ كشمعة
مع أول عواصف الوداع
فكيف أعبر إليك ؟
كيف أبني لك عشا اخضر
على غصن يدي؟
وأنت بعد كل مساء ترحلين
وتأخذين الربيع معك.
في داخلي صوت
يحدثني عن الأمل
في قرية لا تشرق عليها الشمس،
يحكي لي قصة ربيع
في احدى المدن الثلجية.
في داخلي طير يغرد
يبحث عن عشب أخضر
قي غابة خريفية
كي يبني عشا
في داخلي صبر يقاوم الآهات،
وفرح يحاول أن يقيم
حفلة أعراس في قرية أحزان.
أسير بثبات على جسر
معلق بالأحلام،
إلى عالم مزروع بالحب.
أعدو نحو الأفق المشرق،
ادفن هذيان الليالي المؤلمة
في مراثي الذكريات
واترك مدينتي القديمة،
ليأكلها النسيان
واخطو بلا اثقال
بقلب ترويه قطرة مطر
نحو مدينة بلا آلام