رحم الله مَن عرف قدر نفسه في نفسه، وفي غيره؛ فصانها وحفظها من أن تهانَ أو تُنتَقَص، أو تُعطىٰ دونَ ما تستحق..
﴿ولقَد كرَّمنا بني آدم﴾
أحيانًا، أقول: هنيئا لمن ليس لهم قنوات وصفحات ومنابر، يحزنون ويفرحون ويتفاعلون مع كل ما يحدث دون أن يشعر بهم أحد، لا يكتبون فتُكشَفُ أرواحُهم، وتُشاعُ مشاعرُهم، لا يعالجون نيتهم في كل حرف وكلمة، لا يعرفهم أحد، والله يعلمهم..
وأقولُ حينًا؛ لعله فَتحٌ، وثغرٌ، وفي كُلٍّ.. ابتلاء، فلا أنت تملك أن تقبضَ يدَك، أو تبسطها كل البسطِ!
لا إله إلا الله
لا إله إلا الله
استشهد الشيخ، واستشهد الجميع..
كأنما كان يدعوهم إلى الجنة..
﴿ويتّخذ منكم شهداء﴾
أصبحنا وأصبح الملكُ للّٰه، والأمرُ بيديه، والخلقُ جميعًا إليه، يفعلُ ما يشاء، وهو اللطيفُ في حُكمِه، الخبيرُ الذي لا يخفىٰ عليه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماء.
Читать полностью…المتأملُ في آيات القرآن أوقات الأزمات والكربات؛ يجد معانٍ لم يكن مدركَها من قبل، ويستشعر لُطفًا لم يكن بالغَهُ إلا بالبلاء!
﴿إنَّ ربِّي لَطِيفٌ لِمَا يشاء﴾
اليوم، قام إخوان لنا نازحون بمدرسة التابعين في مدينة غزة يصلون الفجر، فقصفتهم العصابات الصهيونية. اشتعلت في أجساد المصلين النيران، والذين انتُشلت أجزاؤهم المبعثرة أكثر من 100 تقبلهم الله. والعدد المتوقع أكبر بكثير. والمشاهد أصعب ممن أن ننقلها.
يا كل كلب توالي الصهاينة، يا كل من تمكنهم من الاستفراد بإخواننا، يا كل من تعينهم بشكل من أشكال الإعانة، مقابل علَفٍ تعتلفه في هذه الدنيا كبالهائم، ألا أخزاك الله وحشرك معهم.
يا رب أعنا على نصرة إخواننا قبل أن تذلنا بخذلانهم.
#مذبحة_الفجر
الكتابة الآن استرضاء لبقية الضمائر فينا، ومحاولة خداعٍ للنفوس أن قد أدّينا ما علينا..
الكتابة تخفيف لثورة الغضب المشتعل في دواخلنا، وإطفاءٌ لنيران الغيرة والثأر..
هل نفعتنا الكتابة لعشرة أشهرٍ مضت، أو نفعتهم!
ما كانت أول المجازر، ولن تكون آخرها، ما دُمنا هنا.. نكتب!
ثم؛ هَبنا كتبنا جميعًا، هل تَردعُ عدوًّا كلمةٌ، متكئٌ صاحبُها علىٰ أريكته!
اللهم لا تجعل مبلغ غضبنا وحزننا دموعًا توشك أن تجف، وكلمات مكتوبات توشك أن تُنسىٰ، وهيىء لنا السبيل الذي تُحبّ أن ننصر به إخواننا، واهدنا إليه، ويسّرنا له، وأقِمنا عليه، ولا تستبدلنا..
Читать полностью…هذا البيع فيه قتلٌ وجراح، ومفارقةٌ للأهل والأحباب، وبذلٌ للمال والمتاع، ثم يكون الأمر من الله -بعد كل ذلك- بالاستبشار.
الاستبشار! ما أعجب هذه الكلمة في هذا المقام الشديد، وما أعجب أمر المؤمن في تعريفه لكل شيء، وفي زاوية نظره لأشد الابتلاءات والمصائب.
وما أشبه هذا الاستبشار بمثيله في آية الخوف والجوع والنقص { وَلَنَبلُوَنَّكُم بِشَیءࣲ مِّنَ ٱلخَوفِ وَٱلجُوعِ وَنَقصࣲ مِّنَ ٱلأَمۡوَ ٰلِ وَٱلأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَ ٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِینَ }
فالجسد هنا في قلب المصيبة، والروح هناك في فرحةٍ واستبشارٍ بالمبايعة مع الله عز وجل، وبالسلعة الكبرى التي فازوا بها، فما أسعدهم حينئذٍ بكل ما يقربهم إليها.
﴿فَرِحينَ بِما آتاهُمُ اللّٰهُ مِن فَضلِهِ وَيَستَبشِرونَ بِالَّذينَ لَم يَلحَقوا بِهِم مِن خَلفِهِم أَلّا خَوفٌ عَلَيهِم
وَلا هُم يَحزَنون﴾
غزَّة كأنَّها تحاربُ العالمَ كُلَّهُ،
بين عدوٍّ صريحٍ،
ومُنافقٍ مُستَتِرٍ،
وأخوةٍ تنكَّروا!
﴿إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كانَ مَشهودًا﴾ [الإسراء: ٧٨]
• في الحديث: "تَشْهَدُهُ مَلَائِكَةُ اللَّيْلِ وَمَلَائِكَةُ النَّهَارِ".
• وقيل: يشهده الكثير من المصلين في العادة.
• وقيل: من حقه أن تشهده الجماعة الكثيرة.
• وقيل: وتحضر فيه شواهد القدرة من تبدل الضياء بالظلمة والانتباه بالنوم الذي هو أخو الموت.
• واليوم: يشهده الشهداء المظلومون في حضرة من يشهده من الملائكة. تُرفَع صلاتُهم مع مظلمتهم وشهادتهم.
وإنّا لله وإنّا إليه راجعون..
﴿إِن يَمسَسكُم قَرحٌ فَقَد مَسَّ القَومَ قَرحٌ مِثلُهُ
وَتِلكَ الأَيَّامُ نُداوِلُها بَينَ النَّاسِ
ولِيَعلَمَ اللّٰهُ الَّذينَ آمَنوا
وَيَتَّخِذَ مِنكُم شُهَداء
وَاللّٰهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمين.
وَلِيُمَحِّصَ اللّٰهُ الَّذينَ آمَنوا
ويَمحَقَ الكافِرين.
أَم حَسِبتُم أَن تَدخُلُوا الجَنَّةَ ولَمَّا يَعلمِ اللّٰهُ الَّذينَ جاهَدوا مِنكُم ويَعلَمَ الصَّابِرين﴾
كان رسول الله -ﷺ- في مكة "مُكبّلا" في حركتِه كتكبيلنا أو ربما أشد، عاجزا كعجزنا؛ يمر بأصحابه -ومنهم نساء- وهم يعذبون أبشعَ ما يكون العذاب، ولا يعدو أن يقول لهم بلسان حاله (صَبرا آل فُلان.. فإن موعدَكم الجنة)، أو يقول لهم حين يشتدّ (لكنكم تستعجلون)..
كان عجزُه -بأبي هو وأمي- بقيدين: قوة تسلط الكفار عليه، وتأخّر إذْنِ الله له بالجهاد والدّفع.
ثم بعدها بسنوات، جاء الفرج، ونزل الوحي من سماء العزة مؤذنا له ولأصحابه بالهجرة، فكانت تلك لحظةً فارقة في تاريخ صناعة الملاحم.. إلى الآن!
الفارق الكبير بين واقعنا وواقع مجتمع الصحابة آنذاك في مكة -رغم ما يجمعنا وإياهم من أوجه الأسر والقيد والقهر- هو أنهم كانوا صادقين في سياق الاستضعاف دوننا؛ هذا هو مربط الفرس عندي.
نحن (خُنّا) الأمانة حين لم نحيا فلسفة الاستضعاف على حقيقتها؛ تلك الفلسفة التي يلزم منها:
١- الصدق في اللجوء والضراعة بين يدي الله برفع البلاء والتمكين للأمة.
٢- الاستعداد اليومي للأمر القدَري الذي يمكن تشبيهه -إذا عدنا إلى ما يزيد عن ١٤٠٠ سنة في المَوتى- بإذْنِ الله للصحابة بالهجرة؛ وأشكالُ الاستعداد باتت الآن معروفة، ليس يَجهلها جاهل بعد اليوم لِيُعذر، بل كاد لا يجهلها إلا مُجرم مستباح الدم، أو رجلٌ مَدخول الإسلام!
٣- معرفة الأعداء، وتمييزهم، واستعلانُ العداوة لهم بالقلب واللسان، وتحمل الأذى في ذلك رغم الأسر.
٤- وأضف ما شئت من دروس مكة التي لا تُعدّ.
فأجيبوني بصدق:
بأيّ واحدة مِن هاته أخذنا في أيام (استضعافنا)؟!
بل: أنحنُ نُدرك أنّا في (مكة) أصلا أم أننا نعيشُ في أوهام المدينة؟!
ألَا إن أسيرا يظنّ نفسَه حُرّا، والله وتالله، لا يمكن أبدا أن يهاجر.. فضلا عن أن يسُلّ سيفَه على الكلا*ب!
هذا؛ ورحمةُ الله على مَن أتتْه القذيفةُ في صلاتِه فكانت نجاتُه مِن دنيا الفجور والخذلان خيرَ نجاة، قد لا تختلف كثيرا عن طعنة (سُمَيّة)، أو قَتل ياسر بالموت البطيء في الرّمضاء..
صَبرًا حُماة #غزة.. فإن موعدكم الجنة!
والسلام.
#أمتي