كامرأةٍ سألتني يومًا من أيامِ الحربِ الأولىٰ: هل أستطيع أن أتبرع بمبلغ بسيط (على أدي)؛ فأجبتها: لكنه عظيمٌ عند الله؛ فإذا هي حتى اليوم قائمة علىٰ التبرع بنفس المبلغ كلَّ يومٍ!!
امرأة بسيطة جدًا، ربما لم تقرأ في حياتها مَتنًا واحدًا من المتون التي نتباهىٰ بدراستها فضلًا عن حفظها!
في كل صباح، تقول لي: هذا تبرع اليوم!
وكأنها عقدت مع الله عقدًا بأنَّ عليها لله كل يومٍ هذا المبلغ!
﴿إنَّ اللّٰهَ اشترىٰ من المؤمنين أنفسَهُم وأموالَهُم بأنَّ لَهُم الجنَّة﴾
طوبىٰ لِمَن باع!
صراحةً؛ أنا لا أُحِب التعصُّبَ لقوميةٍ، والفخرَ بانتسابٍ لبلدٍ دونَ آخر.
لكنِّي أشهدُ للّٰهِ وباللّٰهِ، أنَّ أهلَ مصرَ كرامٌ في البذلِ والعطاء، ويؤثرونَ علىٰ أنفسِهم ولو كان بهم خَصاصةٌ.
دعواتُهم طيّبة، ومشاعرُهم تكادُ من الصدقِ تُرىٰ، ولقد وجدتُ في شأنِ (حملة التبرع) عِبَرًا وفوائدَ، ما كنتُ لأجدَ أثرها في ألف كتابٍ!
لسنا ملائكةً، وكثيرٌ مِنَّا ظلمةٌ فُجَّار، ولا تزِرُ وازرةٌ وِزرَ أُخرىٰ..
تذكرونَ أولَّ قصفٍ جويّ في هذه الحرب، وأولَ استهدافٍ لمستشفى، وأولَّ اقتحامٍ، وأوَّلَ شهيدٍ، وأوَّلَ بيتٍ دُمِّر، وأوَّلَ صورةٍ وصلتنا لنازحينَ يحملون فُتاتَ ذكرياتهم، وأوَّلَ صدمتنا
حين أُعلِنَ: ألف شهيدٍ!!
وأوَّلَ غَضَبِنا!!
"لا يؤلمُ الجرحَ إلَّا مَن بهِ ألَمُ!“
--
عن أبِي هُرَيرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ النَّبِيَّ -صلىٰ الله عليه وسلم- قَالَ:
(مَا مِن يَومٍ يُصبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعطِ مُنفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعطِ مُمسِكًا تَلَفًا).
ومعنى: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا: عوضًا عما أنفقه بالبركة في ماله وأهله وعمره وصحته.
﴿وَمَا أَنفَقتُم مِن شَيءٍ فَهُوَ يُخلِفُهُ وَهُوَ خَيرُ الرَّازِقِين﴾
هل يهزمُ الحربَ جمعُ الأحبِّةِ، أم تقصمُ ظهورَ المُبعَدين!
ما هولُ الحربِ إن كانت أرواحُ المحبينَ تُستلُّ جميعها؛ فلا يبقىٰ فاقِدٌ مكلوم!
إنَّما البكَاءُ علىٰ المُخَلَّفين!
إنَّما البكاءُ علىٰ المُخَلَّفين!
لا إلهَ إلا اللّٰه..
كم واحدٍ منَّا هيَّأ اللّٰهُ له ثغرًا، ليبتليه في صدقِه؛ فأعرضَ وتولَّىٰ، وكم واحدٍ أقامَ وثبت!
Читать полностью…عن الشعورِ بالجوع!
نزفُ الأبوَّةِ العاجزة، وذبولُ الأمومة!!
حكايةُ الألمِ الذي يتوارىٰ خلفَ جسدٍ يأكلُ نفسَهُ!
/channel/baraagk/1625
"بائعُ البرتقال" الذي غزا مشهدُه منصات التواصل، رجلٌ بسيطٌ، رأى فجأةً شاحناتٍ علمَ أنها في طريقها لأهلنا في غزة، ففعل ما فعل بغلبة الصدق والنبل والمرحمة..
"بائعُ البرتقال" إنما كان يرمي بأشواقه الملتهبة، ورحمته الغالبة لأهله، وعند غلبةِ الأشواق وصدق الشعور، لا فرصة لأن تدخل عليه الفلسفةُ الفارغةُ بسؤالها البارد: هل ستكفي عشرُ برتقالاتٍ مليونَ جائع؟!
غزة في ميزان الإيمانِ لا النفاق.
الشيخ/ فايز الكندري.
-
https://youtu.be/SZHOV_dCrzQ?si=INl1KXgwq1AxA6mt
فإذا لم يخذل بعضُنا بعضًا؛ فإنّا قادرون علىٰ كسره، وإذا انكسرَ في هذهِ فلا جبرَ لهُ بعدها!
- تميم البرغوثي
وإنِّي لأعجَبُ لِتميم، هل كانَ يعلمُ أنَّ بعضَنا سيخذل بعضًا، أم كان يرجو ألَّا نفعل!!!
سيظلُّ الإنسانُ غيرَ مُكتَفٍ بشيءٍ ما لَم يرضَ، وستظلُّ دُنياهُ ضيقةً عليه ما لم يفتح لها نافذةً علىٰ الآخرة!
وسيظلُّ التنافسُ مُهلِكَنا ما لم يَكُن مسارعةً في الخيرات ببذلٍ وإيثارٍ واحتساب!
أنتَ ما أعطيت، كُلَّ ما أعطيت..
أصبحنا وأصبح الملكُ للّٰه، والأمرُ بيديه، والخلقُ جميعًا إليه، يفعلُ ما يشاء، وهو اللطيفُ في حُكمِه، الخبيرُ الذي لا يخفىٰ عليه شيءٌ في الأرضِ ولا في السماء.
Читать полностью…