لا تغضبي مني ولا تغضبْ من الذكرى
ومن صدأٍ على ريش الحمامِ
في آخر الأشياء ندرك كم سيذبحنا وينكرنا القمرْ
فى آخر الأشياء ينكسر الكلامُ على أصابعنا ونُخفي
ما اختفى منّا ولمْ نعلمْ .
ونرحمُ وردةَ البيتِ الأخيرهْ
إن جئتِ أُغنيتي ولم تجدي حذاءَك
فاعلمي أني كذبتُ على المدى.
إن جئتِ أُغنيتي ولم تجدي صراخك
فاعلمي أني كذبتُ على الصدى
إن جئتِ أُغنيتي ولم تجدي نهايتها
أحبِّيني قليلاً كي تحبيِّني سدى
إن جئتِ أُغنيتي ولم تجدي بدايتها
أعيدي زهرةَ البيت الأخيرة للندى.
في آخر الأشياء نعلم أننا كنا نحبُّ
لكي نحبّ...وننكسرْ....
— محمود درويش
وبسرعة تكبر على وقع الكلمات الكبيرة، وعلى الحافة بين عالم ينهار خلفك، وعالم لم يتشكل بعد أمامك، عالم مرميّ كحجر طائش في لعبة أقدار. تسأل نفسك: من أنا؟ ولا تعرف كيف تعرّف نفسك. مازلتَ صغيراً على سؤال يحيّر الفلاسفة. لكن سؤال الهوية الثقيل قد أقعد الفراشة عن الطيران.
— محمود درويش
إذا قطعوا الماء عن بيته قال :
لا بأس ! إن الشتاء قريب
وإن أوقفوا ساعة الكهرباء تثاءب :
لا بأس ، فالشمس تكفي
وإن هددوه بتخفيض راتبه قال:
لا بأس ! سوف أصوم عن التبغ شهراً
وإن أخذوه إلى السجن
قال : ولا بأس ، أخلو قليلاً إلى النفس
في صحبة الذكريات
وإن أرجعوه إلى بيته قال :
لا بأس ! فالبيت بيتي
وقلت له مرة غاضباً : كيف تحيا غداً
قال: لا شأن لي بغدي
إنه فكرة لا تراودني
وأنا هكذا هكذا : لن يغيرني أي شيء
كما لم أغير أنا أي شيء
فلا تحجب الشمس عني
فقلت له : لستُ اسكندر المتعالي
ولستَ ديوجين
فقال : ولكن في اللامبالاة فلسفة
إنها صفة من صفات الأمل ...
— محمود درويش
ليس المكان هو الفخ إذ يصير في صورة، ففي الذاكرة ما يكفي من أدوات التجميل لتثبيت المكان في مكانه، لا لأنه فينا وإن لم نكن فيه، بل لأن الأمل هو قوة الضّعيف المستعصية على المقايضة. وفي الأمل ما يكفي من العافية لقطع المسافة الطويلة من اللامكان الواسع إلى المكان الضيق، أما الزمان الذي لم نشعر به الا متأخرين، فهو الفخ الذى يتربص بنا على حافة المكان الذى جئنا اليه متأخرين، عاجزين عن الرقص على البرزخ الفاصل بين البداية و النهاية...
— محمود درويش
من حسن حظِّيَ، أَني أنام وحيدًا فَـأصغي إلى جسدي، وأُصدِّقُ موهبتي في اكتشاف الألمْ .
— محمود درويش
وأنتِ معي، لا أَقول: هنا الآن
نحن معاً. بل أَقول: أَنا، أَنتِ،
والأَبديةُ نسبح في لا مكانْ
هواءٌ وماءٌ . نفكُّ الرموز. نُسَمِّي،
نُسَمَّى، ولا نتكلّم إلاّ لنعلم كم
نَحْنُ نَحْنُ... وننسى الزمانْ
ولا أَتذكَّرُ في أَيَّ أرضٍ وُلدتِ،
ولا أَتذكر من أَيّ أَرض بُعثتُ.
هواءٌ وماء، ونحن على نجمة طائرانْ
وأَنتِ معي يَعْرَقُ الصمتُ, يغرورقُ
الصَّحْوْ بالغيم، والماءُ يبكي الهواء،
على نفسه كلما اُتَّحد الجسدانْ
ولا حُبَّ في الحبِّ،
لكنه شَبَقُ الروح للطيرانْ.....
— محمود درويش
سوف أرضى بحظِّ الطيورِ وحرية
الريح. قلبي الجريح هو الكون .
والكون قلبي الفسيح. تعالي معي
لنزور الحياة، ونذهب حيث أقمنا
خياماً من السرو والخيزران على
ساحل الأبدية. إن الحياة هي اسم
كبير لنصر صغير على موتنا. والحياة
هي اسمك يطفو هلالاً من اللازورد
على العدم الأبيض، استيقظي وانهضي،
لن نموتَ هنا الآن، فالموت حادثةٌ
وقعت في بداية هذي القصيدة، حيث
التقيت بموت صغير وأهديته وردة،
فانحنى باحترام وقال: إذا ما أردتك
يوماً وجدتك /
فلنتدرب على حب أشياء ليست
لنا، ولنا... لو نظرنا إليها معاً من علٍ
كسقوط الثلوج على جبلٍ
سيغنّي لك الغجري، كما لم يغن :
أقولُ لها
لن أُبدلَ أوتار جيتارتي
لن أبدلها
لن أحملها فوق طاقتها
لن أحملها
لن أقولَ لها
غير ما تشتهي أن أقول لها
حملتني لأحملها
لن أبدل أوتارها
لن أبدلَها.....
— محمود درويش
هُوَ الوقْتُ يفعل ما تفعل الشمسُ
والريحُ: يَصْقُلُنا ثم يقتلُنا حينما
يحمل العقلُ عاطفةَ القلبِ , أَو
عندما يبلُغُ القلبُ حكمتَهُ...
— محمود درويش
هُناك من يرَى الحبَّ حيَاة، وهُنَاك منْ يَراه كِذبة
كِلاهما صَادق فالأوَّل التَقى بروحِه, والثانِي فقدهَا.
— محمود درويش
في البال أُغنيّةٌ تتأرجح بين الحضور
وبين الغياب، ولا تفتح الباب إلَّا
لكي توصد الباب... أغنيةٌ عن
حياة الضباب، ولكنها لا تُطيع سوى ما
نسيتُ من الكلمات!
— محمود درويش
أَنا اُمرأةٌ , لا أَقلَّ ولا أكثرَ
أَنا مَن أَنا , مثلما
أَنت مَنْ أَنت : تسكُنُ فيَّ
وأَسكُنُ فيك إليك ولَكْ
أُحبّ الوضوح الضروريَّ في لغزنا المشترك
أَنا لَكَ حين أَفيضُ عن الليل
لكنني لَسْتُ أَرضاً
ولا سَفَراً
أَنا اُمرأةٌ , لا أَقَلَّ ولا أكثرَ....
— محمود درويش
لعلكم أحياء
لعلكم أموات
لعلكم مثلي بلا عنوان
ما قيمة الانسان
بلا وطن
بلا علم
ودونما عنوان .!
— محمود درويش
اشرب قهوتك، واعتنق الصمت، ولا تأخذ الناس على محمل الجد، لا تأخذ الحياة على عاتقك، ولا تبالغ في عاطفتك، ولا تُرضي أحدًا رغمًا عنك.
— محمود درويش
إذا كان لا بُدَّ من قمرٍ
فليكن كاملاً، ووصيّاً على العاشقة!
وأمّا الهلال فليس سوى وَتَرٍ
مُضمرٍ في تباريح جيتارةٍ سابقة!
— محمود درويش
قلتُ: الوداع لما يأتى ولا يصلُ
ورحتُ أبحثُ عمّا غابَ من قمري.
دعْ عنكَ موتكَ، وارحل أيها الرجلُ
وارحل وهاجرْ وسافرْ داخلَ السَفَرِ.....
— محمود درويش
ورغبتُ فيك، رغبت عنك. رغبت بالآتي
من الماضي. ستتسع الدروب لنا.
ستأخذنا الحياة إلى طبيعتها. سننسى
ظلّنا تحت الصنوبرة القديمة جالساً
في ظلِّه. وسيبزغ اليوم الجديد على
طريقينا. لنا ظلان منفصلان لا
يتعانقان ولا يردان التحيَّة للسنونو.
((فكري بالظل كي تتذكري)) قلتُ.
قالت: ((كن قوياً واقيعاً وانس
ظلّي)). في طريقين ستأخذنا الحياة
إلى طبيعتها الجديدة. لن تباشرنا الحمامةُ
بالسلام وبالسلامة. لن نكون كما أردنا
أن نكون. وكلما نام الحنين استيقظ
الغد. سوف نشفى من قيامتنا الصغيرة
عندما تقف الظلالُ على الحياد، ولا
يكون البدرُ حمَّى. عندما تقف الظلال
على الحياد...
— محمود درويش
نسيانُ أمرٍ ما صعودٌ نحو باب الهاويهْ هذا أنا أنسى نهاياتي وأصعدُ ثم أهبطُ. أين يُمْتَحنُ الصوابْ هل في الطريق، أم الوصولِ إلى نهايات الطريق المُفْرحَهْ.
— محمود درويش