وأمسك هذا البهاء الرخاميّ،
أمسك رائحةً للحليب المخبّأ
في خوختين على مرمر
ثم أعبد من يمنح البرّ والبحر ملجأ
على ضفّة الملح والعسل الأوّلين
سأشرب خرّوب ليلك ثم أنام على
حنطةٍ تكسر الحقل، تكسر حتى الشهيق فيصدأ
أراك، فأنجو من الموت. جسمك مرفأ
_محمود درويش
عطر البنفسج يجرحني
أوّل البحر يجرحني آخر البحر يجرحني
ليتنى لا أحبّك
يا ليتنى لا أحبّ ليشفي الرخام
يطير الحمام يحطّ الحمام
أراك، فأنجو من الموت.
جسمك مرفأ
بعشر زنابق بيضاء، عشر أنامل تمضي السماء
إلى أزرقٍ ضاع منها
_محمود درويش
أنا لا أُحبُّكِ.
كَمْ أُحبُّكِ، كم أُحبُّكِ، كَمْ سَنَةْ
أَعطيتني وأَخذتِ عمري؟
كَمْ سَنَةْ؟
وأنا أُسمِّيكِ الوداعَ، ولا أُودِّع غير نفسي.
كم سَنَةْ؟.
تحمّلني موجتين وتكسر ضلعين، تشربني
ثم توقدني، ثم تتركني فى طريق الهواء إليك
حرامٌ... حرام يطير الحمام يحطّ الحمام
- لأنى أحبك، خاصرتي نازفه
وأركض من وجعي فى ليالٍ يوسّعها الخوف مما أخاف
تعالى كثيرًا، وغيبي قليلاً تعالي قليلاً، وغيبي كثيرًا
تعالي تعالي ولا تقفي، آه من خطوةٍ واقفه
_محمود درويش
رأيت على البحر إبريل
قلت: نسيت انتباه يديك
نسيت التراتيل فوق جروحي
فكم مرّةً تستطيعين أن تولدى فى منامي
وكم مرّةً تستطيعين أن تقتلينى لأصرخ
إنى أحبّك كى تستريحي أناديك قبل الكلام
أطير بخصرك قبل وصولى إليك فكم مرّةً تستطيعين
أن تضعى فى مناقير هذا الحمام عناوين روحي
_محمود درويش
وأنت الهواء الذى يتعرّى أمامي كدمع العنب
وأنت بداية عائلة الموج حين تشبّث بالبرّ حين اغترب
وإنى أحبّك، أنت بداية روحي، وأنت الختام
يطير الحمام يحطّ الحمام
أنا وحبيبي صوتان فى شفةٍ واحده
أنا لحبيبي أنا. وحبيبى لنجمته الشارده
وندخل فى الحلم، لكنّه يتباطأ كى لا نراه .
_محمود درويش
أمّا أنا، فسأدخل في شجر التوت حيث
تحوّلني دودة القزّ خيط حرير، فأدخل في إبرة امرأة من نساء الأساطير، ثمّ أطير كشال مع الريح.
_محمود درويش
حين ينتهي الحب، أدرك أنه لم يكن حباً،
الحب لا بدّ أن يعاش، لا أن يتذكر.
_محمود درويش
أتعلم عيناك أني انتظرت طويلا
كما انتظر الصيف طائر
ونمت كنوم المهاجر فعين تنام لتصحو
عين طويلا وتبكي على أختها
حبيبان نحن إلى أن ينام القمر
ونعلم أن العناق وأن القبل طعام ليالي الغزل
_محمود درويش
كان عشاؤنا، كُلٌّ على حِدَةٍ،
شهيّاً كان صَوْتُ الليل أزْرَقَ
لم أكن وحدي، ولا هي وحدها
كنا معاً نصغي إلى البلَّوْرِ [ لا شيءٌ يُكَسِّرُ ليلنا]
هِيَ لا تقولُ: الحبُّ يُولَدُ كائناً حيّا ويُمْسِي فِكْرَةً.
وأنا كذلك لا أقول: الحب أَمسى فكرة .
_ محمود درويش .
" شكراً لكل واحدة ولكل واحد وجد وقتا للاستماع
الى ماهو مضاد لطبيعة حياتنا الحالية وهو الشعر "
هي في المساء وحيدةٌ،
وأًنا وحيدٌ مثلها...
بيني وبين شموعها في المطعم الشتويِّ
طاولتان فارغتان [ لا شيءٌ يعكِّرُ صًمْتًنًا]
_ محمود درويش
على هيئة الجنّتين أحكّ جروحي بأطراف صمتك.. والعاصفه أموت، ليجلس فوق يديك الكلام
يطير الحمام يحطّ الحمام
لأنى أحبّك (يجرحني الماء) والطرقات إلى البحر تجرحني
والفراشة تجرحني وأذان النهار على ضوء زنديك يجرحني
يا حبيبي، أناديك طيلة نومي، أخاف انتباه الكلام
أخاف انتباه الكلام إلى نحلة بين فخذي تبكي
لأنى أحبّك يجرحني الظلّ تحت المصابيح، يجرحني طائرٌ فى السماء البعيدة،
_محمود درويش
أحبّك إذ أشتهيك أحبّك إذ أشتهيك وأحضن
هذا الشعاع المطوّق بالنحل والوردة الخاطفه
أحبك يا لعنة العاطفه
أخاف على القلب منك، أخاف على شهوتي أن تصل
أحبّك إذ أشتهيك
أحبك يا جسدًا يخلق الذكريات ويقتلها قبل أن تكتمل
أحبك إذ أشتهيك أطوّع روحى على هيئة القدمين
_محمود درويش
وأن تختفى كالمدى فى السفوح
لأدرك أنّك بابل، مصر، وشام
يطير الحمام يحطّ الحمام
إلى أين تأخذني يا حبيبي من والديّ
ومن شجري، من سريري الصغير ومن ضجري،
من مراياي من قمري، من خزانة عمري
ومن سهري، من ثيابي ومن خفري
إلى أين تأخذني يا حبيبي
إلى أين تشعل فى أذني البراري
_محمود درويش
وحين ينام حبيبي أصحو لكي أحرس الحلم مما يراه
وأطرد عنه الليالي التي عبرت قبل أن نلتقي
وأختار أيّامنا بيدى كما اختار لى وردة المائده
فنم يا حبيبي ليصعد صوت البحار إلى ركبتيّ
ونم يا حبيبي لأهبط فيك وأنقذ حلمك من شوكةٍ حاسده
ونم يا حبيبي عليك ضفائر شعري، عليك السلام
يطير الحمام يحطّ الحمام
_محمود درويش
يطير الحمام
يحطّ الحمام
أعدّى لى الأرض كى أستريح
فإنى أحبّك حتى التعب
صباحك فاكهةٌ للأغانى وهذا المساء ذهب
ونحن لنا حين يدخل ظلٌّ إلى ظلّه فى الرخام
وأشبه نفسى حين أعلّق نفسى على عنقٍ
لا تعانق غير الغمام .
_ محمود درويش
لا أحد يتغير فجأة ولا أحد ينام ويستيقظ متحولاً من النقيض للنقيض ! كل ما في الأمر ! أننا في لحظة ما ! نغلق عين الحب ونفتح عين الواقع! فنرى بعين الواقع من حقائقهم ما لم نكن نراه بعين الحب! في عين الحب.
_محمود درويش
وأن الصباح ينادي خطاي
لكي تستمرّ على الدرب يوما جديداً
صديقان نحن فسيري بقربي كفا بكف
معا نصنع الخبر والأغنيات لماذا نسائل
هذا الطريق لأي مصير يسير بنا
_محمود درويش
كما ينبت العشب بين مفاصل صخرة
وجدنا غريبين يوما
وكانت سماء الربيع تؤلف نجما ونجما
وكنت أؤلف فقرة حب
لعينيك غنيتها
_محمود درويش
هي وَحْدها، وأَنا أمامَ جَمَالها وحدي.
لماذا لا تًوَحِّدُنا الهَشَاشَةُ؟ قلت في نفسي
لماذا لا أَذوقُ نبيذَها؟ حين ترفًعُ ساقها عن ساقِها...
وأَنا كذلك لا أراها، إذ تراني حين أَخلَعُ معطفي...
لا شيء يزعجها معي لا شيء يزعجني،
فنحن الآن منسجمان في النسيان...
_ محمود درويش
هي لا تراني، إذ أراها حين تقطفُ وردةً
من صدرها وأنا كذلك لا أراها،
إذ تراني حين أًرشفُ من نبيذي قُبْلَةً...
هي لا تُفَتِّتُ خبزها وأنا كذلك لا أريق الماءَ
فوق الشًّرْشَف الورقيّ [لا شيءٌ يكدِّر صَفْوَنا]
_ محمود درويش
أنساك أنساك وأنساك كثيرا
لو تأخّرنا قليلا عن قطار الواحدة.
لو جلسنا ساعة في المطعم الصيني ،
لو مرّت طيور عائدة.
لو قرأنا صحف الليل
لكنّا رجلا وامرأة يلتقيان .
_ محمود درويش .