مِنَ الصعبِ أَنْ أَتذكَّر وجهي في الْمَرايا فكنْ أَنتَ ذاكرتي كَي أَرى ما فَقدْت.
— محمود درويش
سأمدحُ هذا الصباح الجديد، سأَنسى اللّيالي، كل اللّيالي وأَمشي إلى ورْدةِ الجار، أَخْطفُ منها طريقتها في الفرحْ .
— محمود درويش
خضراءُ ، أَرضُ قصيدتي خضراءُ ، عاليةٌ …
على مَهَلٍ أُدوِّنُها ، على مَهَلٍ ، على
وزن النوارس في كتاب الماءِ . أَكتُبُها
وأُورِثُها لمنْ يتساءلون : لمنْ نُغَنِّي
حين تنتشرُ المُلُوحَةُ في الندى …
خضراءُ ، أكتُبُها على نَثْرِ السنابل في
كتاب الحقلِ ، قَوَّسَها امتلاءٌ شاحبٌ
فيها وفيَّ . وكُلَّما صادَقْتُ أَو
آخَيْتُ سُنْبُلةً تَعَلَّمْتُ البقاءَ من
الفَنَاء وضدَّه : (( أَنا حَبَّةُ القمح
التي ماتت لكي تَخْضَرَّ ثانيةً . وفي
موتي حياةٌ ما …..
— محمود درويش
أنا المتكّلم الغائب
سأنتظر انتظاري.. كنت أعرفني
لأن طفولتي رجل أحبّ..
أحب إمرأة تمرّ أمام ذاكرتي ونيراني
ولا تبقى ولا تمضي..
— محمود درويش
كأنّ يديك على جبهتي لحظتان أدور أدور
و لا تذهبان أسير أسير و لا تأتيان
كأن يديك أبد آه، من زمن في جسد !
إلى أين أذهب ؟
إن الجداول باقية في عروقي
و إن السنابل تنضج تحت ثيابي
و إنّ المنازل مهجورة في تجاعيد كفي
و إن السلاسل تلتفّ حول دمي
و ليس الأمام أمامي
و ليس الوراء ورائي كأن يديك المكان الوحيد
كأن يديك بلد آه من وطن في جسد !
— محمود درويش
حالة حصار یقیس الجنود المسافة بین الوجود وبین العدم بمنظار دبَّابةٍ، نقیسُ المسافة مابین أجسادنا والقذیفة بالحاسَّة السادسة.
— محمود درويش
أزهارٌ صفراء توسِّع ضوء الغرفة. تنظر
إليّ أكثر مما أنظر إليها. هي أولى رسائل
الربيع . أهْدَتنِيها سيِّدةٌ لا تشغلها الحرب
عن قراءة ما تبقَّى لنا من طبيعة
متقشفة. أغبطها على التركيز الذي يحملها
إلى ما هو أبعد من حياتنا المهلهلة...
أغبطها على تطريز الوقت بإبرة وخيط
أَصفر مقطوع من الشمس غير المحتلة.
أُحدِّق إلى الأزهار الصفراء ، وأُحسّ
بأنها تضيئني وتذيب عتمتي ، فأخفّ
وأشفّ وأجاريها في تبادل الشفافية .
ويُغويني مجاز التأويل : الأصفر هو
لونُ الصوت المبحوح الذي تسمعه الحاسة
السادسة. صوت مُحايدُ النَّبرِ ، صوت
عبّاد الشمس الذي لا يغيِّرُ دِينَه .
وإذا كان للغيرة – لونِهِ من فائدة ،
فهي أن ننظر إلى ما حولنا بفروسية
الخاسر، وأن نتعلم التركيز على تصحيح
أخطائنا في مسابقاتٍ شريفة ..
— محمود درويش
نحن الضحية التي جُربتْ فيها كل أنواع القتل حتى أحدث الأسلحة لكننا الأعجوبة التي لا تموت ولا تستطيع أن تموت .
— محمود درويش
تُنسى، كأنَّكَ لم تَكُنْ
تُنْسَى كمصرع طائرٍ
ككنيسةٍ مهجورةٍ تُنْسَى،
كحبّ عابرٍ
وكوردةٍ في الليل .... تُنْسَى
— محمود درويش
يا امرأتي إنّ قلبيَ يائسٌ
ويأسيَ يسترقُ السمعَ ملءَ غيابِكِ،
تأتينَ... تأتينَ.. تأتينَ زهرةَ ليلكْ
تجْعَلُكِ روحي. خذيني إلى اليأس
كي أعبرَ النهرَ فيكِ... وأهلَكْ
فما الحبُّ إلّا الرحيلُ الطويلُ
الطويلُ إلى الحبِّ، يا صاحبي،
ولا يستطيعُ الرحيلَ الطويلَ سوى عاشقٍ....
— محمود درويش
لا أَحنُّ إلى أيِّ شيءٍ
فلا أَمس يمضي , ولا الغَدُ يأتي
ولا حاضري يتقدِّمُ أَو يتراجَعُ
لا شيء يحدث لي !
ليتني حَجَرٌ ـ قُلْتُ ـ يا ليتني
حَجَرٌ ما ليصقُلَني الماءُ
أَخضرُّ ، أَصفَرُّ ... أُوضَعُ في حُجْرَة
مثلَ مَنْحُوتةٍ ، أَو تمارينَ في النحت...
أو مادَّةً لانبثاق الضروريِّ
من عبث اللا ضروريّ ...
يا ليتني حجرٌ
كي أَحنَّ إلي أيِّ شيء!.
— محمود درويش
لا نريد أن نكون أبطالاً أكثر، لا نريد أن نكون ضحايا أكثر، لا نريد أكثر من أن نكون بشراً عاديين.
— محمود درويش
غريبان شعرك سقفي، و كفاك صوتان
أقبّل صوتا و أسمع صوتا
و حبك سيفي و عيناك نهران
و الآن أشهد أن حضورك موت و أن غيابك موتان .....
— محمود درويش
لا بأس من أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا.و لكن الشقاء الكامل أن يكون حاضرُنا أفضل من غدنا.يا لهاويتنا كم هي واسعة....
— محمود درويش
وَنَسْرِقُ مِنْ دُودَةِ القَزِّ خَيْطاً
لِنَبْنِي سَمَاءً لَنَا وَنُسَيِّجَ هَذَا الرَّحِيلاَ
وَنَفْتَحُ بَابَ الحَدِيقَةِ كَيْ يَخْرُجَ اليَاسَمِينُ
إِلَى الطُّرُقَاتِ نَهَاراً جَمِيلاَ ..
نُحِبُّ الحَيَاةَ إِذَا مَا اسْتَطَعْنَا إِلَيْهَا سَبِيلاَ ..
— محمود درويش
يقولُ على حافَّة الموت:
لم يَبْقَ بي مَوْطِئٌ للخسارةِ
حُرٌّ أَنا قرب حريتي. وغدي في يدي.
— محمود درويش
القتلى هم الذين يتجدّدون. يُولدون كلّ يوم. وحين يحاولون النومَ يأخذهم القتلُ من نعاسهم إلى نومٍ بلا أحلام. لا قيمة للعدد. ولا أحد يطلبُ عوناً من أحد. أصواتٌ تبحث عن كلماتٍ في البريّة، فيعودُ الصدى واضحاً جارحاً: لا أحدْ.
— محمود درويش
لا ينظرون وراءهم ليودِّعوا منفى،
فإنَّ أمامهم منفى
لقد ألِفوا الطريق الدائريَّ
فلا أمام ولا وراء
ولا شمال ولا جنوب
"يهاجرون" من السياج الى الحديقة
يتركون وصيةً في كل مترٍ من فناء البيت:
"لا تتذكروا من بعدنا إلا الحياة"...
— محمود درويش
لِنَذْهَبَ كما نَحْنُ:
سيِّدةً حُرَّةً
وصديقاً وفيّاً’
لنذهبْ معاً في طريقَيْنِ مُخْتَلِفَيْن
لنذهَبْ كما نحنُ مُتَّحِدَيْن
ومُنْفَصِلَيْن’
ولا شيءَ يُوجِعُنا
لا طلاقُ الحمام ولا البردُ بين اليَدَيْن
ولا الريح حول الكنيسة تُوجِعُنا....
لم يكن كافياً ما تفتَّح من شَجَر اللوز
فابتسمي يُزْهِرِ أكثرَ
بين فراشات غمازَتَيْن..
— محمود درويش
إن النهاية أخت البداية
فاذهب تجد ما تركت هنا
في انتظارك ...
لم أنتظرك ولم انتظر أحدا ...
كان لا بد لي ان أمشط شعري
على مهلٍ أسوة بالنساء الوحيدات في ليلهن ..
وأن أتدبر أمري وأكسر
فوق الرخام زجاجة ماء الكولونيا
وأمنع نفسي من الانتباه إلى نفسها في الشتاء
كأني أقول لها : دفئيني
أدفئك يا امرأتي و واعتني بيديك ,
فما هو شأنهما بنزول السماء إلى الأرض
أو رحلة الأرض نحو السماء
اعتني بيديك لكي تحملاكِ " يداكِ هما سيداكِ "
كما قال إيلور .. . فاذهب اريدك أو لا أريدك ...
لم انتظرك ولم أنتظر احدا ..
كان لا بد لي أن أصب النبيذ
بكأسين مكسورتين
وأمنع نفسي من الانتباه إلى نفسها
في انتظارك ......
— محمود درويش
يغنّي المغنّي عن النار والغرباء
وكان المساء مساء وكان المغّني يُغَنّي
ويستجوبونه لماذا تغّني يردُّ عليهم
لأنُي أُغنّي وقد فتَّشوا صدرَهُ
فلم يجدوا غير قلبهْ وقد فتشوا قلبَهُ
فلم يجدوا غير شعبهْ وقد فتَّشوا صوتَهُ
فلم يجدوا غير حزنهْ وقد فتَّشوا حزنَهُ
فلم يجدوا غير سجنهْ وقد فتَّشوا سجنَهْ
فلم يجدوا غير أنفسهم في القيود ..
— محمود درويش
أنا من هناك. ولي ذكرياتٌ .
ولدت كما تولد الناس. لي والدة
وبيتٌ كثير النوافذِ. لي إخوةٌ. أصدقاء.
وسجنٌ بنافذة باردهْ.
لي موجةٌ خطفتها النوارس.
لي مشهدي الخاص لي عشبةٌ زائدهْ
ولي قمرٌ في أقاصي الكلام ورزقُ الطيور وزيتونةٌ خالدهْ
مررتُ على الأرض قبل مرور السيوف
على جسدٍ حوّلوه إلى مائدهْ.
أنا من هناك. أعيد السماء إلى أمها
حين تبكي السماء على أمها،
وأبكي لتعرفني غيمةٌ عائدهْ.
تعلّمتُ كل كلام يليقُ بمحكمة الدم
كي أكسر القاعدهْ
تعلّمتُ كل الكلام، وفككته كي أركب مفردةً واحدهْ
هي: الوطنُ
— محمود درويش