أَتباطأ في احتساء قهوتي لأحافظ
على صحبة مفترضة مع ما حولي، فليس للغريب إلا اختراع أُلفة ما مع مكان ما...
— محمود درويش
لو كان لي قلبان لم أَندم على
حبّ، فإنْ أَخطَأتُ قُلْتُ: أَسأتَ
يا قلبي الجريحَ الاختيارَ وقادني
القلبُ الصحيحُ إلى الينابيع....
— محمود درويش
واليوم أخطو برفق أكثر بعد أن ركضت لوقت طويل خوفًا من أن يفوتني شيء وفاتني كل شيء.
— محمود درويش
قف على ناصية الحلم وقاتل
فلك الأجراس مازالت تدق
ولك الساعة مازالت تدق
فأنت الان … حر … وحر … وحر
— محمود درويش
الحب هو أن لا أعزلك عن العالم ، الحب هو أن أتركك بالزحام و أعلم تمامًا إن قلبك لي.
— محمود درويش
صحا من النوم دفعةً واحدة. فتح النافذة على ضوء فاتر و سماء صافية و هواء معافى. تحسَّس جسده، عضواً عضواً، فوجده سليماً. نظر إلى الوسادة ولم يرَ شعراً تساقط في الليل. نظر إلى الملاءة ولم يرَ دماً. فتح جهاز الترانزستور ولم يسمع خبراً عن قتلى جدد في العراق و غزة و أفغانستان. ظنَّ أنه نائم، فَرَكَ جفنيه أمام المرآة و تعرَّف إلى وجهه بسهولة. هتف: أنا حيّ. مشى إلى المطبخ لإعداد القهوة. وضع ملعقةً من العسل في كأس الحليب الخالي من الدَّسَم. رأى على الشرفة كناريّاً زائراً يقف على حوض زهور نسي أن يسقيها. قال للكناريّ: صباح الخير، و نثر حوله فتات خبز. طار الكناريّ وحطَّ على فَنَنِ شجيرة وغنَى. مرة أخرى، ظن أنه نائم. نظر إلى المرآة ثانية و قال: أنا هو. استمع إلى نشرة أخبار جديدة. لا قتلى جدداً في أي مكان. فرح بهذا الصباح الشاذ. قاده الفرح إلى طاولة الكتابة وفي باله سطر واحد: "أنا حي بالرغم من أنني لا أشعر بالألم". كان ممتلئاً بشغف الإنشاد لصفاءٍ بِلَّوْريّ هبط عليه من مكان بعيد: من مكانه هذا! وحين جلس إلى طاولة الكتابة وجد السطر مكتوباً على ورقة بيضاء: "أنا حيٌّ على الرغم من أنني لا أشعر بالألم". لم يظن هذه المرة من أنه نائم. كان متأكداً من ذلك ..
— محمود درويش
إذا قطعوا الماء عن بيته قال : لا بأس
إن الشتاء قريب
وإن أوقفوا ساعة الكهرباء تثاءب : لا بأس
فالشمس تكفي
وإن هدّدوه بتخفيض راتبه قال : لا بأس
سوف أصوم عن التبغ شهراً
وإن أخذوه إلى السجن قال : لا بأس
أخلو قليلاً إلى النفس في صحبة الذكريات
وإن أرجعوه إلى بيته قال : لا بأس فالبيت بيتي
وقلت له مرة غاضباً : كيف تحيا غداً ؟
قال: لا شأن لي بغدي .. إنه فكرة لا تراودني
وأنا هكذا هكذا :
لن يغيرني أي شيء ..كما لم أغير أنا أي شيء
فلا تحجب الشمس عني
فقلت له : لستُ اسكندر المتعالي ولستَ ديوجين
فقال : ولكن في اللامبالاة فلسفة
إنها صفة من صفات الأمل.
— محمود درويش
وبكيتَ كما لم تفعل من قبل ، بكيتَ من كل الحواس، بكيتَ كأنك لا تبكي بل تذوب دفعة واحدة وتمطر .
— محمود درويش
ماذا... لماذا كلُّ هذا
يُسَلِّي نفسه، وهو يمشي وحيداً، بحديث
قصير مع نفسه. كلمات لا تعني شيئاً،
ولا تريد أن تعني شيئاً
ماذا … لماذا كل هذا
لم يقصد أن يتذمر
أو يسأل، أو يحكَّ اللفظة باللفظة لتقدح
إيقاعاً يساعده على المشي بخفَّةِ شاب.
لكن ذلك ما حدث. كلما كرَّر: ماذا...
لماذا كل هذا؟ أحسَّ بأنه في صحبة
صديق يعاونه على حمل الطريق. نظر
إليه المارة بلا مبالاة. لم يظن أحد أنه
مجنون. ظنّوه شاعراً حالماً هائماً يتلقّى
وحياً مفاجئاً من شيطان. أما هو، فلم
يَتَّهم نفسه بما يسيء اليها. ولا يدري
لماذا فكَّر بجنكيزخان. ربما لأنه رأى
حصاناً بلا سرج يسبح في الهواء، فوق
بناية مُهَدَّمة في بطن الوادي. واصل
المشي على إيقاع واحد ،
ماذا... لماذا كل هذا ..؟
— محمود درويش
سلام على من يشاطرني الانتباه إلى
نشوة الضوء، ضوء الفراشة، في
ليل هذا النفق!
سلام على من يقاسمني قدحي
في كثافة ليل يفيض من المقعدين:
سلام على شبحي .!
— محمود درويش
لي حُرِّية القولِ
وللكاهن حَقُّ القتل
لي حقُّ العصافير
وللقاضي حُدُودُ الأُّفق الوارفِ
لي شرعيَّةُ الحُلْمِ
وللجلاَّدِ أن يسمعني أو يفتح الباب لكي تهرب أحلامي
ولي حُرَّيتي حريتي أن أكتب الحاء كما شئتَ
وأن أقفز من حرف إلى حرفٍ
وأن أقطع كفّي كي أُسمِّي زمني
لا موتَ في الموت الذي يتبعني كالظلِّ,
أو ينزلقُ الآن على جسمي كأنثى حرمتني لذّة الحرمانِ,
لاَ يَخْرُجُ مِني حُلُمٌ إلاّ لكي يُضْحِكَني
أو يُضْحِكَ الناس علَى شخص يَجُرُّ الحُلْمَ كالنَّاقَةِ في سوق الغواني ليس هذا الموت موتاً لا ولا أَعرفُ شيئاً عن بداياتي لهذا أتمني أن أُحاذي النهر حتى أصبحَ النهرَ ولا لا أستطيعُ الموت في الموتِ الذي لا موت فيهِ
حَجَرٌ روحي ,
وأُنثايَ وَحُلْمي حَجَرٌ
لا أشتهي أن اشتهيهِ
حَجَرٌ لا لونَ فِيه
حَجَرٌ ليلي ,
وظلِّي حَجَرٌ يندسُّ ما بيني وبيني
حَجَرٌ خبزي
نبيذي حَجَرٌ
لا أستطيعُ الموتَ في الموت الذي
لا موت فيه الآن....
— محمود درويش
لديّ ما يكفي من الذكريات لأشرب قهوتي وحدي في مقهى يظنّه الجميع فارغًا، لكنّه يغصُّ بالغائبين.
— محمود درويش
لا تنظر إلى نفسك في ما يكتب عنك. ولا تبحث عن
الكنعانيّ فيك لتثبت أنك موجود. بل اقبض على واقعك هذا، واسمك هذا، وتعلّم كيف تكتب برهانك. فأنت أنت، لا شبحك، هو المطرود في هذا الليل....
— محمود درويش