حين تبدو السماءُ رماديّةً
وأَرى وردة نَتَأَتْ فجأةً
من شقوق جدارْ ..
لا أقول : السماء رماديّةٌ
بل أطيل التفرُّس في وردةٍ
وأَقول لها : يا له من نهارْ ..
— محمود درويش
ينام المغنّي على أسطوانة
يخبئ أقماره في الخزانة
و ينسى زمانهْ
و ينسى مكانهْ
و يحلم خارج أرض اللغات
و كان مغنّيك يحترف الابتسام
و يؤمن بالسيف
إن كان غمد السيوف عقيدهْ
و يحتقر الحبّ ،
إن كان مسألةً في قصيدهْ
و كان ربابة كل الخيامْ.
أراد مرايا جديدهْ
فلم يجد الصورة المقنعهْ
أراد ميادين واسعةً
فتاهتْ بها الزوبعهْ.
وحنَّ إلى قيده
كي يفّر من الظلّ و القبّعهْ
دعيه يقل ما لديه
من الصمت و التجربهْ
لقد صدئتْ شمسه المتعبهْ
و نام على أسطوانهْ
و خبأ أقماره في خزانهْ
— محمود درويش
المستحيــل هـو الممكـن الطمــوح، يخـرج إلـى الشــارع شـاهـراً مقصـاً لتقليــم الأغصـان اليـابســة والأفكــار، وتعليــم الحـالــم إدارة النهــار علـى وتـيرة مـا يـرى.
— محمود درويش
كنت أرغب في الحديث طويلًا دون توقف، ولكنني في نهاية المطاف أدركت بأن لا شيء يستحق أن اتحدث عنه، أخترت أن أصمت و أستمع إلى الموسيقى.
— محمود درويش
وإذا جاءك الفرح، مرّة أخرى، فلا تذكر
خيانته السابقة، أدخل الفرح .. وانفجر..
— محمود درويش
مَطَر ناعمٌ في خريف بعيدْ
والعصافير زرقاءُ.. زرقاءُ
والأرض عيد
لا تقولي أنا غيمة في المطارْ
فأنا لا أريدْ
من بلادي التي سقطتْ من زجاج القطار
غير منديل أُمي
وأسباب موت جديد
— محمود درويش
في الأيام الحاضره
أجد نفسي يابساً
كَـ الشجرِ الطالع من الكُتب
والريحُ مسألةٌ عابره .
— محمود درويش
الحنين ندبة في القلب ، وبصمة بلد على جسد، لكن لا أحد يحن إلى جرحه، لا أحد يحن إلى وجع أو كابوس، بل يحن إلى ماقبله، إلى زمان لا ألم فيه سوى ألم الملذات الأولى التي تذوّب الوقت كقطعة سكر في فنجان شاي،
— محمود درويش
لم ينتظر أحداً ولم يشعر بنقصٍ في الوجود
ونور الشمس يملأ قلبه بالصحو والأشجار عالية، لم ينتظر شيئاً.
— محمود درويش
وأنا الغريب بكلٌِ ما أوتيت من لغتي . ولو أخضعت عاطفتي بحرف الضاد ، تخضعني بحرف الياء عاطفتي ، وللكلمات وهي بعيدة أرض تجاوِر كوكبا أعلي . وللكلمات وهي قريبة منفي . ولا يكفي الكتاب لكي أقول : وجدت نفسي حاضرا مِلْء الغياب . وكلٌما فتٌشْت عن نفسي وجدت الآخرين . وكلٌما فتٌشْت عنْهمْ لم أجد فيهم سوي نفسي الغريبةِ ، هل أنا الفرْد الحشود
— محمود درويش
لا ينظرون وراءهم ليودِّعوا منفى،
فإنَّ أمامهم منفى
لقد ألِفوا الطريق الدائريَّ
فلا أمام ولا وراء
ولا شمال ولا جنوب
"يهاجرون" من السياج الى الحديقة
يتركون وصيةً في كل مترٍ من فناء البيت:
"لا تتذكروا من بعدنا إلا الحياة"...
— محمود درويش
لا جديد ، الفصولُ هنا اثنانِ :
صَيْفٌ طويل كمئذنة في أقاصي المدى.
و شتاءٌ كراهبةٍ في صلاة خشوعْ. وأَمَّا الربيعْ
فلا يستطيع الوقوف على قدميه
سوى للتحية: أَهلاً بكم في صعود يسوعْ.
وأَمَّا الخريف، فليس سوى خُلْوةٍ
للتأمُّل في ما تساقط من عمرنا
في طريق الرجوعْ.
فأين نسينا الحياةَ ؟ سألت الفراشةَ
وهي تحوِّم في الضوء فاحترقتْ بالدموع ..
— محمود درويش
قلت لي :أوصيكَ بك ، فقد خانني الكثيرون ممن أحببت " خانوني كالغدير " وحسدوني على جرحي البليغ ، لأنه عثر على ما يشبه الوصف البليغ لسطوة الغياب الحاضر في كلامي . لذلك اعفيتهم من حرج النفاق فلن تبلغ القلوب الحناجر إن كانت ثقيلة واعفيتُهم من دموع تذرفها رائحة الفلفل .....
— محمود درويش
جُرْحي وَرْدَةٌ بيضاءُ إنجيليَّةٌ ..
ويدايَ مثل حمامتَيْنِ على الصليب
تُحلِّقان وتحملان الأرضَ ..
لا أمشي، أَطيرُ، أَصيرُ غَيْري في التجلِّي ..
— محمود درويش
الحنين وجع لا يحن إلى وجع
هو الوجع الذي يسبه الهواء النقي
القادم من أعالي جبال البعيدة
وجع البحث عن فرح سابق
لكنه وجع من نوع صحي
لأنه يذكرنا بأننا مرضى بالأمل، وعاطفيون ..
— محمود درويش
و الذكريات تمرّ مثل البرق في لحمي و ترجعني إليك إليك إن الموت مثل الذكريات كلاهما يمشي إليك إليك ...
— محمود درويش
وأصعد من جفاف الخبز و الماء المصادَرِ
ومن هواء البحر أصعدُ
من شظايا أدْمَنَتْ جسدي
أصعدُ من صناديق الخضارِ
و قوّة الأشياء أصعدُ
أنتمي لسمائي الأولى وللفقراء في كل الأزقّة
ينشدون :
صامدون وصامدون وصامدون
— محمود درويش
ثم تنهد: خُذْ بيدي أيها المستحيل
وغاب كما تتمنَّى الأساطيُر
لم ينتصر ليموت، ولم ينكسر ليعيش
فخذ بيدينا معاً، أيها المستحيل
— محمود درويش
لمْ ينتظر أحداً
ولمْ يشعُر بـِ نقصٍ في الوجودِ
ونورُ الشمس يملأ قلبهُ بـِ الصحو
والأشجار عالية
لمْ ينتظر شيئاً .
— محمود درويش