كما لو كنتَ غيرك سادراً ،لم تنتظر أحداً
مشيتَ على الرصيف مشيتُ خلفك حائراً
لو كنتَ أنت أنا لقلتُ لكَ :
انتظرني عند قارعة الغروب
ولم تقل : لو كنتَ أنتَ أنا
لما احتاج الغريب إلى الغريب.
الشمس تضحك للتلال . ونحن نضحك
للنساء العابرات . ولم تقل إحدى النساء :
هناك شخص ما يُكَلِّم نفسه...
لم تنتظر أحداً مشيتَ على رصيفك سادراً
ومشيتُ خلفك حائراً والشمسُ غابت خلفنا...
ودَنوْتَ مني خطوةً أو خطوتين
فلم تجدني واقفاً أو ماشياً
ودَنوتُ منك فلم أجدك...
أكنتُ وحدي دون أن أدري
بأني كنت وحدي؟ لم تقل
إحدى النساء : هناك شخصٌ ما يطارد نفسَهُ!
— محمود درويش
عندما تريدون الرحيل، إرحلوا ..
لكنّ لا تعودوا أبدًا،
كونوا للرحيل أوفياء ..
لعلَّنا نكونُ أيضًا لنسيانكم مخلصين .
— محمود درويش
في آخر الأشياء نطلبُ كُلَّ شيء يمنع الثمرَ الأخيرَ من السقوطْ
لكننا نمضي إلى حتفِ الفواكهِ في مكابرة المحبِّين الجُدُدْ
في آخر الأشياء ندرك كم سيذبحنا وينكرنا القمرْ
فى آخر الأشياء ينكسر الكلامُ على أصابعنا
ونُخفي ما اختفى منّا ولمْ نعلمْ
ونرحمُ وردةَ البيتِ الأخيرهْ
في آخر الأشياء نعلم أننا كنا نحبُّ لكي نحبّ... وننكسرْ!
— محمود درويش
ذهبَ الذينَ تُحبهم ذهبوا، وكأنَ شيئًا لم يكُنْ وها أنا وحدي ملء هذا الكون .
— محمود درويش
قطعوا يدي وطالبوني أن أدافع عن حلب
واستأصلوا مني خطاي وطالبوني أن أسير إلي صلاة الغائبين
أشعلت معجزتي وسرت فحاصروني حاصروني حاصروني
"قالوا: انتظر فنظرت "لا تكسر موازين الرياح مع العدو
ووقفت قالوا: لا تقف فمشيت ثانية فقالوا :لا تسر
الحرب فن لاتحارب خارج الكلمات" قلت: من العدو"
"إرفع شعارك وانتظره واعتذر عما فعلت"
"ماذا فعلت؟" بحثت وحدك عن خطاك ولم تبلغ سيدك
ومن سيدي؟ قالوا: "الشعار علي الجدار" فقلت: لا
لا سيد إلا دمي المحروق في جسدي يفتش عن يدي....
— محمود درويش
دائماً’
أسمعُ في الليل خُطًى مقتربة
وتصيرين منافيَّ
تصيرين سجوني...
حاولي أن تقتليني
دفعةً واحدة
لا تقتليني
بالخطى المقتربة !.
— محمود درويش
ورغبتُ فيك، رغبت عنك. رغبت بالآتي
من الماضي. ستتسع الدروب لنا.
ستأخذنا الحياة إلى طبيعتها. سننسى
ظلّنا تحت الصنوبرة القديمة جالساً
في ظلِّه. وسيبزغ اليوم الجديد على
طريقينا. لنا ظلان منفصلان لا
يتعانقان ولا يردان التحيَّة للسنونو.
((فكري بالظل كي تتذكري)) قلتُ.
قالت: ((كن قوياً واقيعاً وانس
ظلّي)). في طريقين ستأخذنا الحياة
إلى طبيعتها الجديدة. لن تباشرنا الحمامةُ
بالسلام وبالسلامة. لن نكون كما أردنا
أن نكون. وكلما نام الحنين استيقظ
الغد. سوف نشفى من قيامتنا الصغيرة
عندما تقف الظلالُ على الحياد، ولا
يكون البدرُ حمَّى. عندما تقف الظلال
على الحياد...
— محمود درويش
بعيداً، وراء خطاه
ذئابٌ تعضُّ شعاع القمرْ
بعيداً، أمام خطاه
نجوم تضيء أَعالي الشجرْ وفي القرب منه
دمٌ نازفٌ من عروق الحجرْ
لذلك، يمشي ويمشي ويمشي
الى أن يذوب تماماً
ويشربه الظلّ عند نهاية هذا السفرْ
وما أنا إلاّ هُوَ وما هو إلاّ أنا في اختلاف الصّوَرْ!
— محمود درويش
سأحلم ، لا لأصْلِح أيٌ معني خارجي .
بل كي أرمٌِم داخلي المهجور من أثر
الجفاف العاطفيٌِ . حفظت قلبي كلٌه
عن ظهر قلبي : لم يعدْ متطفٌِلا
ومدلٌلا . تكْفيهِ حبٌة أسبرين لكي
يلين ويستكين . كأنٌه جاري الغريب
ولست طوْع هوائِهِ ونسائِهِ . فالقلب
يصْدأ كالحديدِ ، فلا يئنٌ ولا يحِنٌ
ولا يجنٌ بأوٌل المطر الإباحيٌِ الحنينِ ،
ولا يرنٌ ٌكعشب آب من الجفافِ .
كأنٌ قلبي زاهد ، أو زائد
عني كحرف الكاف في التشبيهِ...
— محمود درويش
لعلي صرت منسياً
لديك
كغيمة في الريح
نازلة إلى المغربْ..
و لكني إذا حاولتُ
أن أنساك..
حطّ على يدي كوكبْ...
— محمود درويش
أيها الساهرون
ألم تتعبوا من مراقبة الضوء في ملحنا؟
ومن وهج الورد في جروحنا
ألم تتعبوا أيها الساهرون
واقفون هنا. قاعدون هنا. دائمون هنا.
خالدون هنا. ولنا هدف واحد واحد: أن نكون.
— محمود درويش
شعرك سقفي، و كفاك صوتان
أقبّل صوتاً و أسمع صوتاً
و حبك سيفي و عيناك نهران
و الآن أشهد أن حضورك موت
و أن غيابك موتان
و الآن أمشي على خنجر و أغني
فقد عرف الموت أني أحبك
أني أجدد يوماً مضى لأحبك يوماً و أمضي....
— محمود درويش
وليسَ لنا في الحنين يد، وفي البعدِ كان لنا ألف يد سلامٌ عليك، افتقدتك جداً وعليّ السلام فيما أفتقد .
— محمود درويش
أَمشي الهوينى على نفسي ويتبعني
ظلِّي وأَتبعه، لا شيء يرجعني
لا شيء يرجعُهُ
كأنني واحدٌ مني يودِّعني
مستعجلاً غَدَهُ: لا تنتظر أحداً
لا تنتظرني، ولكن لا أُودِّعُهُ
كأنَّهُ الشعرُ: فوق التل تخدعني
سحابةٌ غزلت حولي هُويتها
وأَورثتني مداراً لا أضيِّعُهُ....
— محمود درويش
لنا الذكرياتُ، وللغزوِ ترجمةُ الذكرياتِ إلى أسلحهْ
ومستوطناتْ.
أما زلت تؤمن أن القصائد أقوى من الطائراتْ؟
إذن، كيف لم يستطع امرؤ القيسِ فينا مواجهة المذبحهْ؟
سؤالي غلطْ
لأنَّ جروحي صحيحهْ
ونطقي صحيحٌ، وحبري صحيحٌ، وروحي فضيحهْ
أما كان من حَقِّنا أن نكرّس للخيل بعضَ القصائد قبلَ انتحار القريحهْ؟
سؤالي غلطْ
لأني نمطْ...
هنا نستطيع انتظارَ البرابِرة المؤمنين بجحشٍ توقف في أرضنا قبل ميلاد عيسى
عليه السلام،
وأسَّس دولته بعد ألفي سنهْ.
أتحسب أن الزمانَ يُضَيِّعُ حَقَّ الحمير بقتلِ العربْ..
— محمود درويش
دائماً نسمعُ في الليل خطى مقتربة
ويفرُّ البابُ من غرفتنا دائماً,
كالسُحُب المغتربة ظلُّكِ الأزرقُ من يسحبُهُ
من سريري كُلَّ ليلهْ الخطى تأتي , وعيناك بلاد
وذراعاك حصارٌ حول جسمي والخطى تأتي
لماذا يهرب الظل الذي يرسمني
يا شهرزاد والخطى تأتي ولا تدخلُ
كوني شجرا لأرى ظلَّك
كوني قمرا لأرى ظلك كوني خنجرا
لأرى ظلك في ظلّيَ ورداً في رماد !...
— محمود درويش
سيري ببطءٍ، يا حياةُ ، لكي أراكِ
بِكامل النُقصان حولي. كم نسيتُكِ في
خضمِّكِ باحثاً عنِّي وعنكِ. وكُلَّما أدركتُ
سرَاً منكِ قُلتِ بقسوةٍ: ما أّجهلَكْ!
قُلْ للغياب: نَقَصتني
وأنا حضرتُ ... لأُكملَكْ!
— محمود درويش