لَيتَ شِعرِي هذا العَناءُ لِمَنْ
هذِهِ الدُّنيا مَا بِها غَيرَ الشَجَنْ
قَلْبًا قَاتَلَتهُ النَّائِباتُ بِشِدَّةٍ
حَتّىٰ شَيَّعَتهُ المَشَاعِرُ وَاِندَفَنْ
وَطَرْفًا كَانَ لِلأَنامِ مُبتَهِجَاً
فَلَمّا نَابَهُ ما صَارَ فِي القَلبِ ضَنْ
فَصَارَ كَالسَّيفِ المُهَنَّدِ فِي الحُرو
بِ وكَالعَقلِ إِنْ هُوَ فَطَنْ
وَلُبَّاً كَابَد كُلَّ الصِّعابِ بِجُرأَةٍ
فجَالَ العَنَتُ فيهِ بِأضنَى المِحَنْ
فَيا حَسرَةً عَلى الشَّبابِ فَما
خِلتُ أنَّ الشَّبابَ بِأَكْمَلِهِ شَجًى
-المُغتَمُّ
ما سرتُ مِيلًا ولا جاوزتُ مرحلةً
إلَّا وذِكركِ يٙثني دائمًا عُنُقي
ولا ذكرتُكِ إلَّا بِتُّ مُرتٙفِقًا
أرعى النُّجومٙ كأنَّ الموتٙ مُعتٙنِقي
وأخاف من ثقلي عليك فأنثني
عن طرق بابك، والفؤاد مولَّهُ
ضدّان شوقُك وافتعالُ كرامةٍ
نخفي الهوى، والحبّ يعرف أهلهُ
إِذَا الْكُمَاةُ تَنَحَّوَا أَنْ يَنَالَهُمُ
حَدُّ الظُّبَاةِ وَصَلْنَاهَا بِأَيْدِينَا
وَلَا تَرَاهُمْ وَإِنْ جَلَّتْ مُصِيبَتُهُمْ
مَعَ البُكَاةِ عَلَى مَنْ مَاتَ يَبْكُونَا
وَنَرْكَبُ الكُرْهَ أَحْيَانًا فَيَفْرِجُهُ
عَنَّا الْحِفَاظُ وَأَسْيَافٌ تُوَاتِينَا
سَلَبَ النومَ خيَالٌ مَرَّ بي
فِي فؤادِي لحَبيبٍ غائبِ
فاستَثارَ الطَّيفُ قلبًا مُثقَلاً
أضرمَ الحُبَّ فأهوىٰ جَانِبي
يا خَلِيلَ الروحِ هلاّ زُرتَنَا
في شروقِ الشمسِ أو فِي المَغربِ
أَو فزُرني في مَنَامِي علَّنا
نَلتقِي لَو فِي زَوايا الحُجُبِ
إني لاسألُ قادةً أُذُناً
يتخارسون بحجَّةِ الصَّمَمِ
فيمَ الحياة تُرى إذا عَرِيَتْ
من أخذ ثَأرِ عن دمٍ بِدَمِ؟
الجواهري
بِيضٌ مَفَارِقُنَا تَغْلِي مَراجِلُنَا
نَأْسُو بِأَمْوَالِنَا آثَارَ أَيْدِينَا
إِنِّي لَمِنْ مَعْشَرٍ أَفْنَى أَوَائِلَهُمْ
قَوْلُ الْكُمَاةِ أَلَا أَيْنَ الْمُحَامُونَا
لَوْ كَانَ فِي الْأَلْفِ مِنَّا وَاحِدٌ فَدَعَوْا
مَنْ فَارِسٌ خَالَهُمْ إِيَّاهُ يَعْنُونَا
إِنْ تُبْتَدَرْ غَايَةٌ يَوْمًا لِمَكْرُمَةٍ
تَلْقَ السَّوابِقَ مِنَّا وَالْمُصَلِّينَا
ولَيْسَ يَهْلِكُ مِنَّا سَيِّدٌ أَبَدًا
إِلا افْتَلَيْنَا غُلَامًا سَيِّدًا فِينَا
إِنَّا لَنُرْخِصُ يَوْمَ الرَّوْعِ أنْفُسَنَا
وَلَوْ نُسَامُ بِهَا فِي الأَمْنِ أُغْلِينَا
إِنَّما الدُنيا مَتاعُ بُلغَةٍ
كَيفَما زَجَّيتَ في الدُنيا زَجَت
رَحِمَ اللَهُ امرَأً أَنصَفَ مِن
نَفسِهِ إِذ قالَ خَيرًا أَو صَمَت
- أبو العتاهية
أَسِيرُ وَمَا أَدْرِي إِلَى أَيْنَ يَنْتَهِي
بِيَ السَّيْــرُ لَكِنِّي تَلَقَّفُنِي السُّبْلُ
فَلا تَـــــسْأَلَنِّي عَنْ هَوَايَ فَإِنَّنِي
وَرَبِّكَ أَدْرِي كَيْفَ زَلَّتْ بِيَ النَّعْلُ
البارودي
"خِيامُك بيتُ الله"
رفيقاكَ يومَ الحربِ بـأسٌ وصارمُ
وفـي السلمِ محرابٌ وذِكرٌ ملازِم
يمينُـك كـهـفُ البائسينَ ومفـزعٌ
وتفـزعُ يومَ الرَوعِ منهُا الضراغمُ
أبـا الفضـلِ يـا أنت الوجودُ بكلِّـهِ
فإنـك مبديٍ فـي الامـور وخـاتِـمُ
سخاءُك غاظَ الحاسدينَ محيطُهُ
يُرى البحرُ من حُسّـادِهِ والغمائمُ
إذا شاحت الدنيا على الحر أو جَفَتْ
فـخـيركَ مـوصولٌ وفضُـلـكَ دائِـمُ
خـيامُـكَ بيـتُ الله والـكـعـبـة التـي
ذُرى المجد طافت حولها والمكارمُ
قـواعدُها فـتـيـانُ (آلِ مـحـمـدٍ)
وسمـرُ الـقـنـا أركـانُـها و الصوارمُ
شياطينُ سـفيانٍ تنـادت لـهدمِـها
فأوسـعتَهُم رجماً و سيفُكَ راجِمُ
نشرتَ لواءَ الحمدِ والسيفُ دونه
ذوو البأسِ تخشى وقعَهُ والأعاظمُ
لأنـتَ إمـامُ الحـربِ بـل و نبـيـهـا
لـخُمٍّ بَـدَتْ عـنـد الفـراتِ علائِـمُ
فبلَّـغتَ عن وحي الحسينِ رسالةً
كـما بـلَّـغ المـختـارُ واللهُ عاصِـمُ
وآيـاتُ نـصـرٍ بالطـفوفِ تنـزَّلـتْ
عليـكَ ، بـأنَّ الفتـحَ لاشـكَ قـادِمُ
وها أنت عباسٌ إذا الحربِ ألهِبَتْ
و ثـغـرُكَ للـنصـر المـؤزرِ بـاسـمُ
فسجَّرتها شـعواءَ ذاكٍ جحيـمُها
تُرينا شواءَ الطيرِ ، والرمحُ جاحمُ
فاللـموتِ أمـرٌ في يديـكَ مـودَعٌ
بأسرارِ غيبِ الحربِ بأسُكَ عالـمٌ
رفعتَ حساماً فيهِ أمرٌ أن اقدِمي
فجِئنَ بهِم صوبَ الهلاكِ الصلادِمُ
فأرديـتَ فرسـاناً فـررنَ خيولُـهُم
و بادَرنَ فـي إنـقاذِهِنَّ الهزائِـمُ
و تتـرى السـرايا يـممتْكَ لعلها
تخـطُّ ثبـاتاً فـي الوغى وتُصادِمُ
فخـيَّرتَـها بيـنَ الهـدى أو كريـهةٍ
تطـيح الايادي عندها والجماجمُ
وَلَجتَ قتـالاً يُرهبُ الوحشَ وقعُهُ
ومن صخْبـهِ رعـباً تـفرُّ الضـياغِمُ
وحـيداً وأشـباحُ المنايا تهـافَـتتْ
تُـواري ضفافَ النهرِ والنهرُ واجِمُ
مشـيتَ إزاءَ النـهرِ مشـيةَ حـيدرٍ
غداةَ (ابـنِ وِدٍ) جاءهُ وهـو نـاقِـمُ
فـأكرمـه بسـمِ الـمُهـيمنِ ضربـةً
وليسَتْ سوى عَـمرو ابنِ ودٍ تلائمُ
وأنت كـذا لـلـطـفِّ كـنـتَ كريمَهُ
وقـد أخفقَت عـمّا وهـبتَ الأكارمُ
سناءك والتكوير والشمس والضحى
و طــه و نـــوحٌ و الـبـروجُ تـوائـمُ
وجسمك فوق الأرض سورة فصلت
وبيـضُ الـضبا للشارحين مـعاجمُ
عليك سلام ( الله ) مـا رفَّ طـائرٌ
وما حرَّكَتْ غصنَ الوجود نسائم
جابر الكاظمي
هَيَّجَ القَلبَ مَغانٍ وَصَيَر
دارِساتٌ قَد عَلاهُنَّ الشَجَر
وَرِياحُ الصَيفِ قَد أَزرَت بِها
تَنسِجُ التُربَ فُنوناً وَالمَطَر
ظِلتُ فيها ذاتَ يَومٍ واقِفاً
أَسأَلُ المَنزِلَ هَل فيهِ خَبَر
لِالَّتي قالَت لِأَترابٍ لَها
قَد خَلَونا فَتَمَنَّينَ بِنا
إِذ خَلَونا اليَومَ نُبدي ما نُسِر
فَعَرَفنَ الشَوقَ في مُقلَتِها
وَحَبابُ الشَوقِ يُبديهِ النَظَر
قُلنَ يَستَرضينَها مُنيَتُنا
لَو أَتانا اليَومَ في سِرٍّ عُمَر
بَينَما يَذكُرنَني أَبصَرنَني
دونَ قَيدِ المَيلِ يَعدو بي الأَغَر
قالَتِ الكُبرى أَتَعرِفنَ الفَتى
قالَتِ الوُسطى نَعَم هَذا عُمَر
قالَتِ الصُغرى وَقَد تَيَّمتُها
قَد عَرَفناهُ وَهَل يَخفى القَمَر
ذا حَبيبٌ لَم يَعَرِّج دونَنا
ساقَهُ الحَينُ إِلَينا وَالقَدَر
وَرُضابُ المِسكِ مِن أَثوابِهِ
مَرمَرَ الماءَ عَلَيهِ فَنَضَر
قَد أَتانا ما تَمَنَّينا وَقَد
غُيِّبَ الأَبرامُ عَنّا وَالقَذَر
-عمرو ابن ربيعة
عَجِبْتُ لَهُ والسُّمُّ خَالَطَ رِيقَهُ
أَمَا حِيْلَ شَهْداً وهيَ شَهْدٌ مَرَاضِبُهْ
بدر الدريع
ياخيرَ من وطئتْ ثرىً قدماهُ
وأضاءَ كل العالمينَ سناهُ
أنتَ الحبيبُ وأيُّ حبٍّ يرتقي
لمقامِ حبّكَ سيدي وذُراهُ
صلَّى عليكَ اللهُ ما نطقت على
مرّ الزَّمانِ مِنَ الورى أفواهُ
"دعِ المقاديرَ تجري في أعِنَّتِها
ولا تبيتَنَّ إلّا خاليَ البالِ
ما بينَ غمضةِ عينٍ وانتباهتِها
يُغَيِّرُ اللهُ مِن حالٍ إلى حالِ"
مَا عادَّ يحملُنِي الحنين فَإنني
أمسَيتُ مِن بعد الفُراق عليلا
قَلبِي على كَفِي وَهبتُك نبضهُ
ماكنتُ بالنبضِ البريء بخيلا
لو كُنتَ تسمعُ صوتَهُ لرحمتهُ
إنَّ المُتيم لايعِيشُ طويلا
خُذ مَاتشاء وعُد إليَّ فَإنني
سَأذوبُ حُزنًا إن رأيتُ بديلا
إِذَا الْكُمَاةُ تَنَحَّوَا أَنْ يَنَالَهُمُ
حَدُّ الظُّبَاةِ وَصَلْنَاهَا بِأَيْدِينَا
وَلَا تَرَاهُمْ وَإِنْ جَلَّتْ مُصِيبَتُهُمْ
مَعَ البُكَاةِ عَلَى مَنْ مَاتَ يَبْكُونَا
وَنَرْكَبُ الكُرْهَ أَحْيَانًا فَيَفْرِجُهُ
عَنَّا الْحِفَاظُ وَأَسْيَافٌ تُوَاتِينَا
وَهَمٌّ سَقَيتُ القَلبَ مِنهُ وَحاجَةٌ
رَكِبتُ إِلَيها غارِبَ اللَيلِ عارِيا
وَعارِيَةُ الأَيّامِ عِندي سَيِّئَةٌ
أَسَأتُ لَها قَبلَ الأَوانِ التَقاضِيا
أَرى الدَهرَ غَصّاباً لِما لَيسَ حَقَّهُ
فَلا عَجَبٌ أَن يَستَرِدَّ العَوارِيا
وَما شِبتُ مِن طولِ السِنينَ وَإِنَّما
غُبارُ حُروبِ الدَهرِ غَطّى سَوادِيا
وَما اِنحَطَّ أولى الشَعرِ حَتّى نَعَيتُهُ
فَبَيَّضَ هَمُّ القَلبِ باقي عِذارِيا
أَرى المَوتَ داءً لا يُبَلُّ عَليلُهُ
وَما اِعتَلَّ مَن لاقى مِنَ الدَهرِ شافِيا
1-إِنَّا مُحَيوكِ يَا سَلْمَى فَحَيِّيْنَا
وَإِنْ سَقَيْتِ كِرَامَ النَّاسِ فَاسْقِينَا
2-وَإِنْ دَعَوْتِ إِلَى جُلَّى وَمَكْرُمَةٍ
يَوْماً سَرَاةَ كِرامِ النَّاسِ فَادْعِينَا
3-إِنَّا بَنِي نَهْشَـلٍ لَا نَـدَّعِي لأَبٍ
عَنْهُ وَلَا هُوَ بِالأَبْنَاءِ يَشْرِينَا
ما جالَ بَعدَكِ لَحظي في سَنا القَمَرِ
إِلّا ذَكَرتُكِ ، ذِكرَ العَينِ بِالأَثَرِ
-ابن زيدون