يا لَيْلَةَ الوَصْلِ هَلْ تُحْكِينَ أَسْرَارِي
حِينَ الْقَمَرُ سَاهَرَ وَالنَّجْمُ فِي الْمَسَارِي
فَاقْتَرَبَتْ مِنِّي حَبِيبَتِي وَفِي يَدِهَا
رَاحَةُ الْعِطْرِ تَفُوحُ كَالنَّدَى فِي الْأَزْهَارِ
قَالَتْ: أَيَا قَلْبِي الَّذِي بَاتَ فِي وَلَهٍ
هَلْ مَا زِلْتَ تَذْكُرُ حُبِّي وَهَوَانِي؟
قُلْتُ: وَكَيْفَ أَنْسَى جَمَالَكِ يَا مَلَكِي
وَعَيْنَاكِ تَسْبِي الرُّوحَ وَالْفُؤَادَ فِي أَسْرَارِ
لَيْتَ اللَّيَالِي تُطِيلُ مِنْ لِقَائِنَا
وَتُخْبِرُ النَّاسَ كَيْفَ الْحُبُّ يَحْيَا بِنَارِي
أَمَا تَتَّقُونَ اللهَ فِي قَتْلِ عَاشِقٍ
يَبِيتُ يُرَاعِي النَّجْمَ وَالنَّاسُ نُوَّمُ
فَبِاللهِ يَا قَوْمِي إِذَا مِتُّ فَاكْتُبُوا
عَلَى لَوْحِ قَبْرِي: إِنَّ هَذَا مُتَيَّمُ
لَعَلَّ فَتًى مِثْلِي أَضَرَّ بِهِ الْهَوَى
إِذَا مَا رَأَى قَبْرِي عَلَيَّ يُسَلِّمُ
فُؤادُكَ خَفّاقٌ ، وَبَرقُكَ خافِقُ
وَأَعياكَ في الدُنيا خَليلٌ مُوافِقُ
تَخَيَّر؛ فَإِمّا وَحدَةٌ مِثلُ مَيتَةٍ
وَإِمّا جَليسٌ في الحَياةِ مُنافِقُ
- أبُو العَلاءِ المَعَرِّي
أرسلَ الشَّيخ باقِر الجَدي إلى أحدِ الفُضلاءِ والأدباءِ أبياتاً سمّاها -حفظه الله- بالـ"التلغيز الرشيق"، فقالَ فيها:
ما حَيرَةٌ رُدِّدَتْ في الصَّدرِ قَلَّبَها
مِن الرِّجالِ حَميدٌ غيرُ مَذمومِ
للأُنسِ مِنها سَميرٌ غَيرُ مُنقَطِعٍ
لِلهَمِّ مِنها عبوسٌ جِدُّ مَهمومِ
يُعافُها الغِرُّ إن تَرمي مَقاتِلَهُ
ولِلطَّبينِ بِها طِبٌّ لِمَحمومِ
تُعطيكَ مِن نَفْسها ما كُنتَ آخِذَهُ
حتّىٰ الثِّيابِ وَما أضحىٰ بِمَكتومِ
باقر
فأجابَهُ الأديبُ الفاضِلُ الألمَعيّ والناقِدُ الفَذ، السيِّد محمَّد العَمْدي -حفظه الله-:
هِيَ الدُّخينَةُ -يا مَولايَ- قَلَّبَها
في صَدرِه كلُّ ذي غمٍّ وَمَهمومِ
تَنَفَّسُ اثنينِ في أنفاسِها، وَلَها
مِن بعدِ هاذاكَ عشقٌ غيرُ مَكظومِ
لَسْباتُها الجَمرُ يَحكيها وَليسَ لَها
مِن كيِّها غيرُ رَسمٍ غيرِ مَرسومِ
يالَيتها مثلُ ما في هذِهِ استَعَرَت
أيضاً بهٰذيكَ تُورىٰ لا بِيَحمومِ
وَكَيفَ أُطيقُ الصَبرَ عَمَّن أُحِبُّهُ
وَقَد أُضرِمَت نارُ الهَوى في أَضالِعي
- عنترة بن شداد
طافَ الهَوى بِعِبادِ اللَهِ كُلِّهِمُ
حَتّى إِذا مَرَّ بي مِن بَينِهِم وَقَفا
إِذا جَحَدتُ الهَوى يَوماً لِأَدفِنَهُ
في الصَدرِ نَمَّ عَلَيَّ الدَمعُ مُعتَرِفا
لَم أَلقَ ذا صِفَةٍ لِلحُبِّ يَنعَتُهُ
إِلّا وَجَدتُ الَّذي بي فَوقَ ما وَصَفا
وَمَنْ أَطَاعَ هَوَاهُ غَيْرَ مُكْتَرِثٍ
بِمَا يَكُونُ فَعُقْبَى أَمْرِهِ؛ نَدَمُ!
مَحْمُود البَارُودِيُّ
أفتدي ارتباك عيونٍ وهي تقتلني
كالنار تأكل حقلًا وهي ترتعشُ
وفي يدي نقشوا همي وما قدروا
أن يقرأوا خطهم من هولِ ما نقشوا
مهما أصح وجعًا لا يسمعوا وأنا
أُصغِ لصوتِ رموش العينِ إن رمشوا
وأول الحب لا يُنبي بآخره
كغولةٍ طفلةٍ في خدها نَمَشُ
كم دون وصلِك من جيش وطاغيةٍ
تقول أبرهةٌ والفيلُ والحبشُ
يا دهرُ لي عندك ثأر سأدركه
حتى ونابُك في ضلعي ينتهشُ
لولا الشدائدُ لم يسمع بنا أحدٌ
والسبعُ كالهِرِّ لولا الجوعُ والعطشُ
تميم البرغوثي
من عادات العرب في أخلاقهم أنّهم يُتمّمونَ المعروف إذا بَدَؤوه، ويَرَوْنَ في الصّنيعة إما إتمامَها أو قَطْعَها وتَرْكَها.
يقول أبو مُحَسّد:
ولَلـتركُ للإحـسـانِ خَـيرٌ لـمحسنٍ
إذا جَـعَـلَ الإحـسـانَ غـيرَ ربيـبِ!
ويقول عليّ بن العبّاس:
لا تــصـنَـعَـنّ صـنـيـعـةً مـبــتـورةً
وإذا اصطنعتَ إلى الرّجالِ فتمِّمِ!
إِذا نَطَقَ السَفيهُ فَلا تَجِبهُ
فَخَيرٌ مِن إِجابَتِهِ السُكوتُ
فَإِن كَلَّمتَهُ فَرَّجتَ عَنهُ
وَإِن خَلَّيتَهُ كَمَداً يَموتُ
أَقَمْتُمْ غَرَامِي فِي الْهَوَى وَقَعَدْتُمُ
وَأَسْهَرْتُمُ جَفْنِي الْقَرِيحَ وَنِمْتُمُ
وَعَاهَدْتُمُونِي أَنَّكُمْ لَنْ تُمَاطِلُوا
فَلَمَّا أَخَذْتُمْ بِالْقِيَادِ غَدَرْتُمُ
عَشِقْتُكُمُ طِفْلًا وَلَمْ أَدْرِ مَا الْهَوَى
فَلَا تَقْتُلُونِي إِنَّنِي مُتَظَلِّمُ
وَلَو قَلَّدوا الموصىٰ إِلَيهِ زِمامَها
لَزُمَّت بِمَأمونٍ مِنَ العَثَراتِ
أَخا خاتِمَ الرُسلِ المُصَفّى مِنَ القَذى
وَمُفتَرِسَ الأَبطالِ في الغَمَراتِ
فَإِن جَحَدوا كانَ الغَديرُ شَهيدَهُ
وَبَدرٌ وَأُحدٌ شامِخُ الهَضَباتِ
- دِعبِل بن علي الخُزاعي (٢٤٨ هـ)
إنَّ العُيونَ الَّتي في طَرفِها حَوَرٌ
قَتَلنَنا ثُمَّ لَم يُحيِينَ قَتلانا
يَصرَعنَ ذا اللُبِّ حَتّى لا حِراكَ بِهِ
وَهُنَّ أَضعَفُ خَلقِ اللَهِ أَركانا
وَلَمّا اِلتَقَينا بِالثَنِيَّةِ أَومَضَت
مَخافَةَ عَينِ الكاشِحِ المُتَنَمِّمِ
أَشارَت بِطَرفِ العَينِ خَشيَةَ أَهلِها
إِشارَةَ مَحزونٍ وَلَم تَتَكَلَّمِ
فَأَيقَنتُ أَنَّ الطَرفَ قَد قالَ مَرحَباً
وَأَهلاً وَسَهلاً بِالحَبيبِ المُتَيَّمِ
نَهْجُ العُلا يُنْضِي الرِّكابَ، وكُلُّنا:
كَسْلانُ دُونَ المَجْدِ، أو مُتكاسِلُ
- أبو العلاء
صَفحَتُنا الجَديدة، بَعدَ أَن قامَ أَحَدُهم بِالإِبلاغ عَن صَفحَتِنا القَديمَةِ وتَهكيرِها، ولَيسَ هَذا بِالجَديد، والحَمدُ للهِ دائِمًا.
https://www.instagram.com/al_zkhrof1?igsh=MWo1bnQzM2pqMW55MA==
وسَأكونُ شاكِرًا لِمَنْ يُعينُنا عَلى نَشرِها لِتُقِرَّ الأَعيُنَ مِنْ جَديد ♥️.
ألا كم كريمٍ عدَّه الدهرُ مُجرِما
فلمَّا قضَى صلَّى عليه وسلَّمَا
أبو القاسمِ المنفِيُّ عن دارِ أهلِه
وموسَى بنُ عمرانٍ وعيسَى بن مَريمَا
أتعرفُ دينًا لم يُسَمَّ جريمةً
إذا ضبطَ القاضي بها المرءَ أُعدِمَا
صَليبٌ وقتلٌ في الفِراش وعسكرٌ
بمصرَ وأُخدودٌ بنجرانَ أُضرِمَا
وطفلٌ وديعٌ بين أحضانِ أُمِّه
يراوغُ جَيشًا في البلادِ عَرمرَمَا
وقلَّ نبيٌّ لم تلاحِقْه شُرطةٌ
وأشباهُها في كلِّ دهرٍ تصرَّمَا
فمِن جوهرِ التوحيدِ نفيُ ألوهةِ الـ
ـمُلوكِ؛ لذا ما زالَ دينًا مُحرَّمَا
ولم يُؤمنِ الأملاكُ إلا تَقيةً
وفي المُلك شِركٌ يُتعبُ المُتكتِّمَا
وفرعونُ والنُّمرودُ لم يَتغيَّرَا
بقَرنينِ أو رَبْطاتٍ عُنْقٍ تهنْدَمَا
ونحنُ لعَمري نحنُ منذُ بدايةِ الـ
ـخَليقةِ يا أحبابَنا وهُما هُمَا
نعظِّمُ تاجَ الشَّوكِ في كلِّ مرةٍ
ولسنا نرَى تاجًا سواهُ مُعظَّمَا
ونرضَى مِرارًا أن تُرضَّ عِظامُنا
عَطاشَى ولا نرضَى دَعِيًّا مُحكَّمَا
مُسيَّرةٌ في شُرْفة البيتِ صادفَتْ
وحيدًا جريحًا يَكتسِي شطرُه دَمَا
قد انقطعتْ يُمناهُ وارتُضَّ رأسُه
فشدَّ ضِمادًا دونَه وتعمَّمَا
وأمسكَ ياليُسرَى عصًا كي يرُدَّها
فكانتْ ذُبابًا كُلما ذُبَّ حوَّما
وما أُرسلَتْ إلا لأنَّ كتيبةً
من الجُندِ خافتْ نِصفَ بيتٍ مُهدَّمَا
وقد وجَدُوه جالسًا في انتظارِهم -
أظنُّ - ومِن تأخيرِهم مُتبرِّمَا
ولو صوَّرتْ تحتَ اللِّثامِ لصَوَّرتْ
فتًى ساخرًا ردَّ العُبوسَ تبسُّمَا
تلثَّمَ كي لا يَعرفُوه لأنَّهم
إذا عرَفوه فضَّلوا الأَسْرَ رُبَّمَا
ولو أسَرُوه قايَضُوه بعُمرِه
لِذاكَ رأى خَوضَ المنيَّةِ أحزَمَا
فلم يتلثَّم كَي يَصُونَ حياتَه
ولكنْ لزُهدٍ في الحَياة تلثَّمَا
فقُل في قِناعٍ لم يُلَثْ لسَلامةٍ
ولكنْ شِعارًا في الحُروب ومَعلمَا
وقُل في جُموع أحجَمتْ خوفَ واحدٍ
وفي جالسٍ نحوَ المُشاةِ تقدَّمَا
أتى كُلَّ شيءٍ كي يَسُوء عدُوَّه
ولم يأتِ شيئًا في الحَياة ليسلَمَا
رمى بالعَصا جيشَ العَدُو وصيةً
لمَن عِنده غَيرُ العِصيِّ وما رمَى
رمَى بالعَصا لم يَبقَ في اليدِ غيرُها
ومَن في يديهِ العَسكرُ المَجْر أحجَمَا
غدا مَضرِبَ الأمثالِ منذُ رمَى بها
لكلِّ فتًى يحمِي سِواهُ وما احتمَى
جُلوسًا على الكُرسيِّ مثلَ خليفةٍ
يُبايعُه أهلُوه في الأرضِ والسَّمَا
فذلكَ عرشٌ يَرتضِيه ذَوو النُّهَى
وذاكَ إمامٌ قِبلةَ السَّعدِ يمَّمَا
هُنا يُصبحُ الإنسانُ دينًا مُجرَّدًا
ويُصبحُ دينُ الناسِ شَخصًا مُجسَّمَا
أتعرفُ؟ إنَّ الموتَ راويةُ الفتَى
يقولُ لحقٍّ أمْ لباطلٍ انتمَى
يعيشُ الفتَى مَهما تكلَّم ساكتًا
فإن ماتَ أفضَى موتُه فتكلَّما
تميم البرغوثي
أَنسِل أَوِ اِعقُم فَالتَوَحُّدُ راحَةٌ
سَيّانَ نَجلُكَ وَالخَبيثُ الناسِلُ
وَالشَرُّ أَغلَبُ عُصبَةٌ جَمَعَت
لَنا أَقذاءَ دُنيانا وَفَذٌّ غاسِلُ
أَبُو العَلَاءِ المَعَرِّي
وَالخَامِس التَّعقِيْب لا مَحصُورَا
بَل قَد أتَى مُطَوّلاً كَثِيرَا
أقَلّهُ التَّسبِيحُ لِلزّهرَاءِ
وَفضلُهُ زَادَ عَلى الإحصَاءِ
- تَقِي الدّين الحِلّيّ، الجَوهَرةُ فِي نظمِ التَّبصرةِ، |ص٣٨.
طُبِعَت عَلَى كَدرٍ وَأَنتَ تُريْدُهَا
صَفوًا مِنَ الأَقذاءِ وَالأَكدارِ
وَمُكَلِّف الأَيامِ ضِدَّ طِباعِها
مُتَطَّلِب فِي المَاءِ جَذْوَةَ نَارِ
أَبُو الحَسَنْ، التَهَامِيُّ