متى يكون البعد خيرًا؟
إن كان في القرب وجع
وقال أحدهم:
لاقَيتُ خيرًا وسعدًا بعد هَجْرِكُمُ
كمْ كنتُ في حُبِّكُم من سادةِ النكَدِ
عَجِبتُ لِصَبري بَعدَهُ وَهوَ مَيِّتٌ
وَكُنتُ اِمرِءاً أَبكي دَماً وَهوَ غائِبُ
عَلى أَنَّها الأَيّامُ قَد صِرنَ كُلّها
عَجائِبَ حَتّى لَيسَ فيها عَجائِبُ
- أبو تمام
لقد كنتُ ذَا بَأسٍ شَدِيدٍ وَهِمَّةٍ
إِذَا شِئتُ لَمساً لِلثُّريَّا لَمَستُهَا
أَتَتنِي سِهَامٌ مِن لِحَاظٍ فَأرشَقَت
بِقَلبِيِ وَلَو أَسطِيعُ رَدّاً رَدَدَتُّهَا
للحُبِّ أَهلٌ، و لَسْنا أهلَهُ أبدا
نحنُ الظَّلامُ الَّذي ما زارَهُ قَمرُ
ننامُ ملءَ جُفونِ اللَّيلِ سَيِّدَتي
ولا يَليقُ الهوىٰ إلا بِمَنْ سَهِروا
يبدو كمن يحتَسي في صمتِهِ قلقَهْ
هل يشتكي جُرحَهُ أم يشتكي أرقَهْ
صلبًا كمن ليس يخشى أيَّ فاجعةٍ
كأنَّ كل الذي يخشاهُ قد لحِقَهْ
وبائسًا ووحيدًا مثلَ مئذَنَـةٍ
في دارِ كُفرٍ، تُثيرُ الحُزنَ والشفقهْ
مسافرٌ تهتدي كلُّ النُجوم بهِ
وحائِرٌ ضيَّعت أحلامُهُ طُرُقَهْ
وفي النّفس حاجاتٌ إليك كثيرَة ٌ
أرَى الشرحَ فيها وَالحديثَ يَطولُ
- بهاء الدين زُهير
لا يَختشي النارَ عبدُ حَيدَرَةٍ
إذ ليسَ في النّارِ مَن تَوَلّاهُ
- الحافظ رَجَب البُرسي الحِلّي (القرن التاسع)
وَكَيفَ شِفَاءُ مُختَبلٍ حَزِينٍ
بِشَبعَى الحِجْلِ جَائِعَةِ الوِشَاحِ!
- بشًار بن برد
يَموتُ المَرءُ والآثارُ تحيَا
ويَبقَىٰ ذِكرهُ طولَ الزمانِ
فَكنْ في النَّاسِ مثل الغيثِ نفعًا
ومِثلَ المسْكِ فوحًا في المَكانِ
سقى الله ما تحوي دمشقٌ وحيّاها
فما أطيب اللذات فيها وأهناها!
نزلنا بها واستوقفتنا محاسنٌ
يحنّ إليها كلّ قلبٍ ويهواها
ما كانَ بينَ لغاتِ الأرضِ من لغةٍ
فيها الجمالُ الذي في أَلْسُنِ العَرَبِ
يا منبعَ الضادِ أنتِ البحر في كرمٍ
وأنت كالطودِ في أصلٍ وفي نَسَبِ
لن تَنْمَحِيْ وصروفُ الدهرِ ماحِيَةٌ
الله حافظها فِي أحسن الكتبِ
#اليوم_العالمي_للغة_العربية
عَذَّبتِ قَلبي بِالعِتابِ فَكُلَّما
فَنِيَ العِتابُ بَدَأتِهِ، بِعِتابِ
-العباس بن الأحنف
وما أَدْرَاكَ أَنِّي لا أَحِنُّ؟
وَأَنِّي مِنْ لَظَى شَوْقِي أُجَنُّ؟
وَأَنِّي لَيْسَ يُضْنِينِي حَنِينِي
وَطَيْفُكَ فِي خَيَالِي لا يَعِنُّ
تَمَنَّيْتُ اللِقَاءَ وَكَانَ ظَنِّي
بِأَنْ تَأْتِيَ الْحَيَاةُ بِمَا أَظُنُّ
فَخَانَتْنِي الْحَيَاةُ وَتَاهَ دَرْبِي
وَظَلَّ الْقَلْبُ فِي صَدْرِي يَئِنُّ
الناسُ تُوقِدُ في بَرْدِ الدُّجَى حَطَبًا
وإن قَسَا البَرْدُ بي أَوْقَدْتُ أَشْوَاقي
نَفسي عَلى زَفَراتِها مَحبوسَةٌ
يا لَيتَها خَرَجَت مَعَ الزَفَراتِ
لا خَيرَ بَعدَك في الحَياةِ وَإِنَّما
أَبكي مَخافَةَ أَن تَطولَ حَياتي
ما هَبَّتِ الريحُ مِن تِلقاءِ أَرضِكُمُ
إِلّا وَجَدتُ لَها بَردًا عَلى الكَبِدِ
بشار بن برد