واحدة من أبرز ما يميز الإسلام في رأيي أنه نجا من الميول البشرية الطبيعية لتجسيد التجريد ومحاولة التشبث بالمألوف في التعامل مع ما لم يختبره قبلًا. يتمثل هذا أكثر ما يتمثل في تقديس الصالحين ووضعهم في منزلة بين البشر والإله، يشبع ذلك الحاجة النفسية البشرية الطبيعية لمحاولة جعل ما لا يفهمه من جنس ما يفهمه.
Читать полностью…Listen to عبدالباسط عبدالصمد _ تلاوة نادرة وخاشعة by أبو مريم الحنبلي on #SoundCloud
https://on.soundcloud.com/pKo7u
معنى قوله إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ أي: أن تُظهروا الصدقات فتكون علانية يطلع عليها الناس فذلك شيء محمود وحسن فنعم ما تصدقتم به فَنِعِمَّا هِيَ، أي: فنعم شيء هي، فهذا مدح لهذه الصدقة البادية المُظهرة المُعلنة وليست بذاهبة الثواب وليست إلى البطلان وإنما هي محفوظة عند الله -تبارك وتعالى- ممدوحة.
فمن أهل العلم من قال: بأن الأفضل في الزكاة أن تكون معلنة من أجل إظهار هذه الشعيرة، والعبادة ومن أجل الاقتداء به فيتتابع الناس على إخراج الزكاة ومن أجل دفع التهمة عنه، يعني: يعرف الناس أن عنده أموال ولكن لا يرون شيئًا فهو يُخرجها سرًا فقد يُتهم أنه لا يُخرج الزكاة.
ولهذا ذهب طوائف من أهل العلم إلى أن إخراج الزكاة علانية أنه أفضل، قالوا: لاسيما أنها واجبة ولا منة له فيها ولا فضل، هي واجبة وهي غسيل لماله.
وقد يقتضي المقام إظهار ذلك علانية من أجل أن المقام اقتضاه وجدت الحاجة أمام الناس بحضرة الناس.
فالنبي ﷺ حينما يدعوا إلى الصدقة ويأتي رجل بصدقته ويطلع على ذلك الآخرون، أبو بكر جاء بصدقته، عمر جاء بصدقته، الأول أبو بكر جاء بكل ماله، عمر جاء بشطر ماله، هذا مقام لا مجال فيه للإخفاء، الرجل الذي جاء بصُرة كادت يده أن تعجز عنها.
فإذا دعا النبي ﷺ إلى الصدقة دُعي إلى الصدقة فلا مجال للإسرار يتتابع الناس.
فهذا من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها.
وفي الآية: الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
وروي عن ابن عباس أنه قال: نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، كانت معه أربعة دراهم فتصدق بدرهم ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم جهرا.
ويُروى أيضًا عن ابن عباس - رضِي الله عنهما - أنَّه قال: "جَعَل اللهُ صدقةَ السِّر في التطوع تفضل على علانيتها سبعين ضعفًا، وجعل صدقةَ الفريضة علانيتها أفضل من سِرِّها بخمسة وعشرين ضعفًا".
وقال الحسن: إظهار الزكاة أحسن، وإخفاء التطوُّع أفضل.
وقال ابن العربي: "أَمَّا صَدَقَةُ الْفَرْضِ فَلا خِلافَ أنَّ إظْهَارَهَا أَفضَلُ، كَصَلاةِ الفَرْضِ وَسَائِرِ فَرَائِضِ الشرِيعَةِ؛ لأَنَّ المَرءَ يُحْرِزُ بِهَا إسلامَهُ، وَيَعصِمُ مَالَهُ".
وقد قيل: إنَّ "الاقتداء في الصَّدَقَة على الطباع أغلب".
وقال زكريا الأنصاري من فقهاء الشافعيَّة: "وأمَّا الإمامُ فالإظهارُ له أفضلُ مُطلقًا".
وقال الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ: الصدقةُ في الشريعة ليست الصدقةَ بالمالِ، والصدقةُ بالمال نوعٌ من أنواع الصدقة، فالصدقةُ هي: إيصالُ الخيرِ والنَّفْعِ للغير.
وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الصدقةُ بغير المال...ما فيه تعدية الإحسان إلى الخَلْق، فيكون صدقة عليهم، وربما كان أفضلَ من الصَّدَقةِ بالمال، وهذا كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه دعاءٌ إلى طاعةِ الله، وكَفٌّ عن معاصيه، وذلك خيرٌ من النفعِ بالمال، وكذلك تعليمُ العلم النافع، وإقراءُ القرآن، وإزالةُ الأذى عن الطريق، والسعيُ في جَلْبِ النَّفْعِ للناسِ، ودَفْعُ الأذى عنهم، وكذلك الدُّعاءُ للمسلمين، والاستغفارُ لهم.
أسمار هي جمع (سمر)، والسمر هو حديث الليل في مجلس المتسامرين.
عم يتحدث الناس في الليل إذن؟
هل يتحدثون عن الغرام المنقطع؟ عن الملاحم الخالدة؟ عن النكات المازحة؟ أم عن دفء نيران الحنين؟
أتراهم يتحدثون عن القمر؟ عن الأطياب من الثمر؟ عن عذوبة الشتاء؟ عن نجوم السماء؟ عن رائحة البَكور من الندى؟
هل هم من المتأملين؟ هل يتساءلون عن سر الوجود؟ عن غموض لغز الروح؟ عن آلام السؤال؟ عن حدود المعنى والمآل؟
هل نحن بصدد أسمار الوجع؟ هل يتحدثون عن الحب؟ عن حسرات الندم؟ عن أذيّة الأمل؟ عن برد الشكوك بعد لذيذ اليقين؟
هل هم من النوع الذي يتساءل عن الحياة؟ عن مآسيها؟ عن مآثرها؟ عن الجمال الكامن في الناس؟ عن تخبطات البِشر والإياس؟
أسمار هي جمع (سمر)، والسمر هو كل ما تثيره شجون الليل في أفئدة المتسامرين..!
الإنسان الأحب إلى قلبك سوف يموت، والجمال الناضر في وجه حبيبتك سوف يذبل، والعزيمة المتقدة بداخلك قد تنكسر قريبًا مع موجة فشل أكبر من قدرتك على الثبات. ملابسك الجديدة البرّاقة سوف تبلى ألوانها، الألوان في حد ذاتها خدعة من الضوء الذي هو في حقيقته أبيض، اللون الأبيض سوف يتلوث بذنوب الصدّيقين. الصدق سوف تنساه مع خطايا الزمان، والزمان سوف يتبدل وسوف يبدلك معه. الحياة سوف تخدعك مجددًا، والخدع لن تكون بهذه المهارة. مهاراتك أقل في الحقيقة من أحلامك، أحلامك قد تنحصر في حلم واحد من شدة يأسك، وهذا الحلم الواحد قد لا يتحقق أبدًا، وحين تبكي قد يطلب منك الناس أن تخفض صوت بكائك لأن بهم ما يكفيهم.
براءتك سوف تتلوث مع الأماني المحرّمة، المحرّمات سوف تصبح أكثر لذة مع إيمانك الضعيف، الضعف سوف يصل إلى صحة والديك، وحين تتناقص أيام صحتهما سوف تدرك أن كل ما مررت به من الأحزان لم يكن شيئًا، وأن الحزن الأكبر سوف يبدأ بعد قليل. على عتبات المستشفيات سوف تموت أمانيك الصغيرة، على أبواب المقابر سوف تتوارى في خجل كل أحزانك التافهة، والتفاهة في حد ذاتها سوف تفقد معناها. المعاني سوف تدور حول رأسك للأبد عاجزة عن الدخول، عاجزة عن الخروج. سوف تقضي بقية عمرك على حدود المادة والمعنى، ليس لديك من المادة ما يكفي كي تنغمس فيها، ليس لديك من المعنى ما يكفي للزهد في الحياة.
الحماسة سوف تبرّدها رياح الممكن القادمة من جهة لم تشملها الجهات الأربعة المعتادة، والممكن نفسه لربما يضيق مع الأيام. الأيام سوف تمر إلى أن تنتهي، النهاية سوف تأتي في آخر المطاف. المطاف متعب لقدميك، قدماك سوف تؤلمك في آخر اليوم حين تعود إلى سريرك متعبًا من عناء العمل، والعمل لن ينتهي. النهاية لن تكون نهاية سعيدة، ولا حتى مفاجئة، النهاية حرقتها مئات الحكايات من قبلك. حكايات أفراحك ستصبح مملة بعد فترة، وحكايات أحزانك سوف تصبح أكثر مللًا. الملل سوف يعتادك ثم يحبك، الحب سوف يعذبك ثم يموت، الموت سوف يكون بعد كل هذا هناك دائمًا في انتظارك.
لا تبال بالصغير من الأشياء إذن، لا تبال بمن رمقك بنظرة استهزاء أو ألقى إليك تعليقًا سخيفًا في لحظة كنت تتشكك فيها عن ذاتك، لا تبال بذاتك كثيرًا. لا تبال بمدى رضاك عن نفسك، أو بذكرياتك عن الفشل، أو حجم انكساراتك هذا الصباح، لا تبال بالانكسارات في وسط روعة الصباح. لا تبال بالمواقف المحرجة التي تعرضت لها بالأمس، أو بالمواقف البطولية التي خضتها بالأمس. لا تبال بأي شيء حدث بالأمس، لا تبال بالغد أيضًا، أتعلم؟ ولا حتى باليوم! لا تبال بالزمن وتقسيماته وأفعاله، لا تبال بظروف المكان والزمان والأحوال ولا بالمفعولات المطلقة. لا تبال بسعادتك قصيرة العمر ولا بأحزانك الأقصر عمرًا. لا تبال بالألم، لا تبال بالشفاء كذلك. لا تبال بالانتصار، لا تبال بالهزيمة، لا تبال بأن تبالغ، ولا تبال بأن تتقلل.
كن بسيطًا في لحظتك الصغيرة بهدوء روحك الساكنة وبسمة من يعلم ألّا شيء يستحق العبوس لأنه لا شيء يستحق الابتسامة..!
أعلم أنك تكره مواقع التواصل الاجتماعي ولكنك لا تقدر على فراقها، أعلم أنك لا تحب ألعاب هاتفك المحمول كثيرًا ولكن من حولك يرونك دائم العكوف عليها، أعلم أنك لا تحب حقًا قراءة الروايات الطويلة بقدر حبك لشيء ينتشلك من هذا الواقع، أعلم أنك لا تحب أن تخلد للنوم إلا مقتولًا من التعب، أعلم أنك تخاف كثيرًا أن تذهب إلى سريرك نصف واعٍ فتقضي عدة دقائق مرعبة تحدق في السقف.
أعلم أنك تهرب من نفسك اللزجة، من أفكارك الرديئة، من ذكرياتك العالقة، من أصواتك الداخلية الصاخبة.
نعم، أنا أعلم كل شيء عن أصواتك الداخلية الصاخبة.
أعلم نظرة الحزن التي تكسي وجهك في كل مرة تودع أصحابك فيها وأنت عائد إلى بيتك بمفردك، إنها نظرة من ينتظر عدوًا سيفتك به في اللحظة التي ينفرد فيها به بعيدًا عن هؤلاء الذين يقومون بحمايته.
أعلم أن أسوأ كوابيسك هي الوحدة، أن ألد أعدائك هو الفراغ، أن أكثر نظرات الكراهية تجدها في مرآتك صباحًا قبل أن تتمرّن على ابتسامتك الواسعة التي ستقابل بها الناس.
سرعان ما ستفطن يا صاحبي إلى أنك لن تستطيع الفرار إلى الأبد، سرعان ما ستعلم أنك طالما كنت أنت عدوّك فلا يوجد أي ستر قد يخفيك، أو ظهر قد يجيرك، أو ظل قد يظلّك.
سرعان ما ستفطن إلى أن مهاراتك في الفرار سوف تقل، وأن عدوك سوف يدركك على أشد لحظات ضعفك..! سرعان ما ستفطن إلى أن جدراك السميك العازل الذي وضعته بينك وبين العالم سوف يتآكل، سوف يبدأ الناس في التساؤل: هل أنت بخير؟ لماذا تغيرت؟ ماذا أصابك؟ هم لا يعلمون أنه لا يوجد جديد بخصوصك، هم لا يعلمون أنه أنت الذي أصابك..!
حط لدمية زي دي صوت سيري وشريحة كمبيوتر عليها شات جي بي تي ووصلها بداتا جوجل وميتا ويبقى معاك أفلام رعب الخيال العلمي اللي كنا فاكرين أنها هتحصل بعد ألف سنة.
Читать полностью…في البرنامج التليفزيوني (Brain Games) على قناة (ناشيونال جيوجرافيك) تم عرض تجربة اجتماعية مثيرة بعنوان (غرفة الانتظار).
في هذه التجربة تكون السيدة موضع التجربة في غرفة مزدحمة، وعند صوت صافرة معينة يقوم كل من بالغرفة من مقعدهم. تراقب السيدة موضع التجربة هذا، وسرعان ما تشاركهم في ذلك حيث تقوم من مقعدها معهم عند كل مرة تدوي الصافرة دون أن تعلم لماذا تفعل ذلك!
بالتدريج ينسحب كل من بالغرفة رويدًا رويدًا حتى تصبح المرأة وحدها تمامًا، والغريب أنها استمرت في القيام من مقعدها مع كل صافرة تدوي، في النهاية أدخلوا المزيد من الأفراد إلى الغرفة ولم يكونوا يعلمون بما يحدث، ومع ذلك عند الصافرة قاموا معها أيضًا من مقعدهم باستثناء واحد فقط لم يقم.
عند سؤال المرأة بعد انتهاء التجربة عن سبب مشاركتها الجموع في هذا الفعل دون أن تعلم السبب أجابت أنها كان يجب عليها أن تتابعهم لأن الجميع كانوا يفعلون ذلك!
من وجهة نظر البروفيسور (Jonah Berger) فقد كانت هذه هي الطريقة التي نتعلم بها ونحن صغار، يكافئنا عقلنا في كل مرة نوافق الجموع فيها لأن هذه هي الطريقة التي يضمن بها الطفل أن يحصل على أكبر قدر ممكن من الحماية واجتناب الأخطاء. وكما يقول المثل الياباني: (المسمار الذي يبرز لأعلى سوف يُدق للأسفل)!
يقودنا ذلك مباشرة للتجربة الكلاسيكية الهامة التي قام بها في ١٩٣٥ عالم النفس الاجتماعي التركي الأمريكي (مظفر شريف) أحد مؤسسي علم النفس الاجتماعي الحديث.
تجربة (شريف) اعتمدت على وهم بصري، يدخل الممتَحَنون إلى غرفة مظلمة وأمامهم شاشة يُضاء عليها نقطة صغيرة من الضوء. النقطة لا تتحرك بتاتًا، ولكن يتم إيهامهم بسبب الظلام والخداع البصري بأنها تفعل.
في الجزء الأول من التجربة يدخل كل فرد إليها وحده، ويتم سؤاله: ما المسافة التي تحركتها نقطة الضوء؟
كانت إجابات الجميع تتراوح ما بين ٢٠ سم إلى ٨٠ سم، وجميع الإجابات خاطئة.
في الجزء الثاني المثير من التجربة قام (شريف) بإدخالهم في مجموعات ثلاثية، كل مجموعة تتكون من اثنين ممن أجابوا بإجابات قريبة من بعضهما البعض، وشخص ثالث إجابته بعيدة تمامًا عنهما. ثم تُعَاد التجربة على أن يجيبوا ثلاثتهم بصوت عال أمام بعضهم البعض، للغرابة كان الشخص الثالث صاحب الإجابة المختلفة يغير من إجابته ليوافق الشخصين الآخرين في الغالبية العظمى من الحالات!
لقد كانت موافقة المجموعة أولى وأهم لدى معظم الناس من التعبير عن القناعات الخاصة!
لم يحب (سولومون آش) عالم النفس البولندي الأمريكي نتائج تجربة (شريف)، كان يرى أنها تفتقر إلى شيء أساسي ومهم جدًا: أنه لا توجد إجابة صحيحة في الأساس، فكيف يمكننا قياس مدى القابلية للموافقة المجتمعية لدى البشر على حساب الصواب إن لم يكن هناك صواب من الأساس؟!
لذلك قام (آش) بتجاربه الخاصة، وفي ١٩٥١ قاد تجربة كلاسيكية شهيرة لقياس الضغط الاجتماعي للأغلبية الجماعية.
في تجربة (آش) كان الفرد موضع الاختبار يدخل إلى غرفة ومعه سبعة أشخاص آخرون. أخبرهم (آش) أن هذا اختبار نظر، حيث يجلسون في صف بالعرض وأمامهم على الحائط خط على اليسار وبجانبه على اليمين ثلاثة خطوط مختلفة في الطول. واحد فقط من هذه الخطوط بنفس طول الخط على اليسار. وعليهم أن يذكروا أي الخطوط الثلاثة مساو في الطول للخط على اليسار.
لقد كانت الإجابة في منتهى الوضوح، تعمد (آش) ذلك، حيث لا مجال للخطأ ولا وجهات النظر، هناك خط أقصر من اللازم، وآخر أطول من اللازم، وواحد فقط هو الصواب الذي لا صواب غيره مساو لطول الخط الآخر تمامًا!
ولكن الخدعة هنا أن (آش) كان قد اتفق مسبقًا مع الأشخاص السبعة أنهم سوف يجيبون بالإجابة الخاطئة عمدًا، وسوف يجيب الجميع قبل الشخص موضع الاختبار الذي يجيب في النهاية بعد أن يرى السبعة وقد أجمعوا على الإجابة الخاطئة دون أن يدري أنهم جزء من التجربة.
هنا، هل تظن أن الشخص سوف يجيب بشكل خاطئ ويكذب عينيه اللتين في رأسه لمجرد أن يوافق الأغلبية؟! في الحقيقة، نعم! لقد قام ٣٢% منهم بذلك!
في الواقع، هناك ما هو أغرب. فقد قام (آش) بهذه التجربة ١٢ مرة، ٧٥% منهم أجاب بشكل خاطئ حين ضللته الأغلبية مرة واحدة على الأقل، في مقابل أقل من ١% فقط من أجاب بشكل خاطئ دون أن تضلله الأغلبية.
حين تم سؤال الأشخاص موضع التجربة بعد ذلك عن السبب الذي دفعهم للجواب بشكل خاطئ أجاب معظمهم بأنهم لم يظنوا حقًا أن هذا الجواب صحيح ولكنهم خافوا أن ينظر إليهم بشكل سخيف من الآخرين الذين أجمعوا على تلك الإجابة.
بينما أجاب بعضهم أنه ظن بالفعل أن هذا الجواب صحيح لأنهم افترضوا أن الآخرين يعلمون ما هو أكثر منهم!
تخيلْ معي أننا نعيشُ في عالمٍ مختلفٍ، في هذا العالمِ كلُّ البشرِ يستطيعون الطيرانَ.
نقدرُ على التحركِ من مكانٍ إلى آخرَ باستخدامِ أجنحتِنا، فقط نفردُها ونطيرُ مع الريحِ.
هذا شيءٌ عامٌّ، يقدرُ عليه كلُّ الناسِ. يولدون وهم كذلك، يستطيعُ الجميعُ الطيران.
والآن، ولمرضٍ نادرٍ وُلِدَ رجلٌ بدونِ جَناحين!
لا يقدرُ على الطيرانِ مثلَ الجميعِ، ولكنَّه يمشي فقط على أقدامِه.
يراقبُ الجميعَ وهم يتحركون في سهولةٍ وسرعةٍ تامةٍ، بينما يضطرُّ هو إلى أن يسيرَ على قدميْه ويركبُ وسائلَ المواصلاتِ!
في رأيك، أليس هذا الرجلُ في وسطِ كلِ هؤلاء البشرِ القادرين على الطيرانِ... محرومًا؟!
إليك سؤالٌ آخر..
لماذا لا نرى الأشياءَ البعيدةَ بوضوحٍ؟!
إن الضوءَ المنعكسَ من حبةِ قمحٍ في الحقلِ البعيدِ يصلُ إلى العينِ حاملًا معلوماتِه البصريةَ تمامًا كذلك المنعكسِ من هاتفِكَ الذي تحدِّقُ فيه الآنَ.
ولكنَّ المشكلةَ أنك كيْ ترى شيئًا وتدركَ أنه موجودٌ أمامَك تحتاجُ أن ترى حوافَّه كنقطتين منفصلتين على الأقلِّ. أي تحتاجُ أن ترى النقطةَ الأولى ثم فاصلَ ثم النقطةَ الثانيةَ.
هذا يعني أنك تحتاجُ إلى تحفيزِ خليتين مخروطتين للضوءِ Cones في شبكيةِ عينِك وبينَهما مخروطُ ضوءٍ غيرُ محفَّزٍ، ولأن مخروطَ الضوءِ طولُه حواليْ واحدٍ ونصفِ 1,5 ميكرومترٍ، فَلِكَيْ ترى شيئًا بوضوحٍ يجبُ أن يسقطَ على شبكيةِ عينِك بطولِ أربعةٍ ونصفِ 4,5 ميكرومترٍ على الأقلِّ.
هذا يعني أن يأتيَ شعاعُ الضوءِ بزاويةٍ لا تقلُّ عن (دقيقةٍ) بوحدةِ قياسِ الزوايا. بدونِ ذلك تسقطُ حزمةُ الضوءِ الآتيةُ من بعيدٍ على مخروطٍ واحدٍ لا يكفي لإدراكِ حوافِّ هذا الشيءِ.
ألم يكنْ بإمكانِ اللهِ وقدرتِه أن يخلقَ مخروطَ ضوءٍ أصغرَ من ذلك؟ كان بإمكانِنا حينَها أن نرى الأشياءَ الأبعدَ بوضوحٍ تامٍّ.
يمكنُ بتغييرِ بعضِ القيمِ الرياضيةِ الخاصةِ بفسيولوجيا ومكوناتِ العينِ، أن تنتجَ عينًا تستطيعُ أن ترى ذبابةً تطيرُ على بعدِ كيلومتراتٍ أمامَك.
هل يمكنُنا أن ندعيَ إذن أننا (محرومون) من إدراكِ الرؤيةِ البعيدة؟!
بل، هل يمكنُنا تخيلُ حاسةٍ جديدةٍ لا نعرفُها كانت من الممكنِ أن يتمَّ تثبيتُها في أدمغتِنا وتجعلَ الحياةَ رائعةً بحيثُ يمثلُ فقدُها حرمانًا يوازي -وقد يفوقُ- الحرمانَ من حاسةِ البصرِ، فقط نحن لا نعرفُ ذلك لأنه لم يجربْها أحدُنا بعد؟
هل كان هذا ظلمًا من اللهِ ألا يفعلَ لنا ذلك؟!
الإجابةُ ستكونُ: بالطبعِ لا، وتفسيرُ الإجابةِ سيكونُ: لأنَّ هذا ليس من المفترضِ له أن يحدثَ!
هل تذكرُ ذلك الرجلَ المحرومَ من الطيرانِ في عالمٍ يقدرُ كلُّ من فيه على ذلك والذي بدأنا به الحديث؟
في نظرِك، قد نقدرُ على أن نصفَ هذا الرجلَ بأنه محرومٌ، ولكن في حالتِنا نحن، نحن الذين لا نقدرُ على الطيرانِ جميعًا في عالمٍ لا يفترضُ فيه أن يطيرَ أحدٌ، لا نوصفُ بأننا محرومون!
نتقبلُ ألا نستطيعَ الطيرانَ لأنه ليس من المفترضِ أن نطيرَ، لكننا نجدُ صعوبةً في تقبلِ أن نجدَ رجلًا أعرجَ، نقولُ: لماذا جعلَه اللهُ يعرجُ؟ من المفترضِ له أن يتحركَ بسهولةٍ مثلَنا.
لحظة.. ولكنْ جميعُنا كنَّا سنتحركُ بسهولةٍ أكبرَ لو كنَّا جميعًا نطيرُ! أوتعلمُ ماذا؟ لم يكنْ أحدٌ منا سيتساءلُ أيضًا عن موقعِ رحمةِ اللهِ من عرجةِ الرجلِ لو كنا جميعًا نعرج!
كيف نقيسُ الحرمانَ إذن؟
هل نقدرُ على أن نزعمَ أننا نقيسُ الحرمانَ بشكلٍ موضوعيٍّ تامٍّ دونَ النظرِ لأيةِ سياقٍ؟
أم أننا نقيسُه فقط بناءً على حالةِ البقيةِ، واعتمادِ ما هو طبيعيٌّ وما هو استثناءٌ.
بينما لو كنا نتعاملُ مع (محدَّدَاتٍ) عامةٍ تَطالُ الجميعَ وليست (محدَّدَاتٍ) خاصةً طالت هذا وذاك بالذاتِ -لما نظرَ أحدٌ إلى صاحبِ بلاءٍ فوقعَ في قلبِه أن اللهَ قد ظلَمَ!
لا يشكلُ علينا أن اللهَ يحرمُ أحدًا، ما يشكلُ علينا حقًا هو أنه أعطى ما حرَمَ ذلك الرجلَ منه لآخرينَ!
ما يشكلُ علينا حقًا أننا قارنَّا حالَه بما هو مفترضٌ له أن يحدثَ!
بينما في الحقيقةِ لا يوجدُ شيءٌ من (المفترضِ) له أن يحدثَ.
من ذلك الذي استحقَ على اللهُ شيئًا يجبُ أن يكونَ له بمجردِ أن وُجِِدَ في هذه الدنيا؟!
هل يمكنُنا أن نفرضَ على الإلهِ الذي خلقَنا وخلقَ أرزاقَنا أن يخلقَ لنا أيضًا كلَّ سبلِ الراحةِ والتيسيرِ وإلا فقد حُرِمْنا من حقٍ مكتسبٍ؟!
كان يعلمُ اللهُ ذلك مِنَّا حينَ أجابَنا وذكَّرَ وقررَ وكررَ: ﴿قُلْ إِنَّ الفضل بِيَدِ الله يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ والله وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾.
كلُّ ما في حياتِنا نعمٌ، وكلُّ النعمِ محضُ (تفضلٍ)، يتفضلُ اللهُ بها على من يشاءُ، دونَ من يشاءُ، وما زالَت خزائنُه ملأى، وما زال سيفيضُ غدًا على من تجاوزَه اليومَ، لأنه واسعٌ لا يزالُ لديه الكثيرُ، ولأنه عليمٌ بما هو مفترضٌ له أن يحدثَ!
أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ
Читать полностью…مسجد ال٩٩ قبة التى تمثل عدد أسماء الله الحسنى ال99 بجنوب جزيرة سولاويزي الإندونيسية
Читать полностью…كان شيئًا يشبه (الخناقة) هو ما قام بين علماء الرياضيات من جهة وعلماء الأحياء التطوريين من جهة، وذلك في عشاء ودّي جمعهم في (جنيف) في بيت الفيزيائي (فيكتور ويسكوف) في منتصف الستينات. حيث أبدى الرياضيون تعجبهم من الثقة المفرطة التي يتحدث بها البيولوجيون عن قدرة الطفرات العشوائية على تجميع المعلومات الجينية اللازمة لتطوير بنى حيوية جديدة.
كانت فكرة الرياضيين أنه طالما تتحدثون عن (لعبتنا) نحن بحساب الاحتماليات والأرقام فاسمحوا لنا بأن نصارحكم أنكم عدم المؤاخذة مجموعة من الحمقى.
قرر الرياضيون استكمال (الخناقة) في 1966 حين أقاموا مؤتمرًا ضخمًا لهم في معهد (ويستار) في فيلادلفيا وعرضوا فيه المشكلة الحسابية الهائلة، حيث هناك 10 أس 130 تسلسل ممكن للأحماض الأمينية لتشكيل بروتين طوله 100 حمض أميني، لذلك كانت الإجابة في نظر أغلبية فيزيائيي ورياضيي المؤتمر في منتهى الوضوح: لا توجد أية إمكانية عقلانية لحدوث هذا بشكل عشوائي.
بحلول أواخر الستينات كانت الثقة العلمية في الداروينية الجديدة تتراجع مع الكشوفات التي كانت تتوالى في عدة فروع علمية أخرى، علم المستحاثات، وعلم تصنيف الأحياء وتسميتها، وعلم الأحياء الجزيئي، والوراثة.
لاحظ (فيليب جونسون) أن هناك تناقضًا بين الشكوك التي كان يبديها البيولوجيون التطوريون في دراساتهم الاختصاصية، وبين الخطاب التوبيخي المتعالي الوعظي الذي يصدرونه للعامة! كانوا يتعاملون بشيء من الحيطة فيما يتعلق بـ (سمعة) الداروينية، أو على حد تعبير (جونسون): "شيئًا ما حول الأسلوب الخطابي للداروينيين يخبرني أنهم يخفون شيئًا"!
وبحلول الثمانينات بدأت التشققات في الظهور في الـ (تابوو). فكتب (مايكل دنتون) كتابه: (التطور، نظرية في أزمة) في 1986، وكتب (سوران لاڤتراب) كتابه: (الدراوينية، تفنيد الخرافة) في 1987، وكتب (ستيوارت كاوفمان) كتابه (أصول النظام) في 1993، وكتب (براين جودوين): (كيف غير الفهد بقعه) في 1995، وفي نفس السنة كتب (نايلز إلدريدج): (إعادة تصميم داروين)، وكتب (رودوولف راف): (شكل الحياة) في 1996، وهو نفس العام الذي كتب فيه (مايكل بيهي) كتابه الشهير (صندوق داروين الأسود)، وكتب (والاس آرثر): (أصل بنى الجسد الحيواني) في 1997، وختم (جيفري شورتس) القرن العشرين بكتابه: (الأصول المفاجئة، الحفريات والجينات وظهور الأنواع) في 1999.
تحولت الحيطة إلى نوع من الهلع، ثم إلى شراسة ولامعقولية أحيانًا، مثل حين رفضوا نظرية علمية تمامًا مثل نظرية التصميم الذكي بدعوى أنها نظرية (متدينة) لأنها تفترض وجود (تصميم) وهو ما يمكن أن يجرنا -والعياذ بالله- إلى افتراض وجود خالق مثلًا.
وفي ديسمبر 2004 أطلق الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية دعوى قضائية للمطالبة بمنع مدرسة (دوڤر) في بنسلفانيا من مجرد إعلام طلبتها بوجود كتاب عن التصميم الذكي في مكتبتها يمكنهم الرجوع إليه!
ربما لا يوجد كبير شبه بين بدو قريش الهمج الذين كانوا يصرخون في ضعفائهم ومتبوعيهم: "لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ". وبين السادة العلماء المتحضرين الذين يقبعون في أكاديمياتهم الأنيقة ويقررون ما الذي يجب وما الذي لا يجب أن يعلمه عامة الناس من أمثالنا.
لكن بنظرة ثانية متأنية أكثر مع بعض التجرد والتأمل، ربما يمكنك أن تسمع بأذن الخيال تلك الصرخة اليائسة: "رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا".
وهذه المرة، فلربما نجد كبير شبه فعلًا بين أهل البدو وأهل مانهاتن.
جدير بالذكر أن الفيلم دة من أجمل وأمتع ما يكون.
12 angry men
أنصح الجميع بمشاهدته. خصوصًا أنه ولله الحمد مافيهوش angry women لا بحجاب ولا بدون حجاب
هو الفيلم كله مشهد واحد ل 12 راجل قاعدين يتكلموا في أوضة ساعة ونص.
أستأذن حضراتكم. هاخد إن شاء الله أجازة مطولة من النشر سواء على فيسبوك أو هنا.
إن شاء الله لما ييسر الله خروج برنامج ألوان العين السبعة هيكون على منصات فطرة في فيسبوك ويوتيوب وتليجرام.
أراكم على خير إن شاء الله ❤️
ولكن لماذا؟ لماذا تمنى البط أن يظل أسود؟ ولماذا انتحب الرجل الذي لا يستطيع الطيران؟ وكم عدد الملايين المحبوسة في الكهرمان؟ وما سبب هلع ليلة الكسوف؟ ولو سألوا الشامبانزي عن أهم ما يميز الإنسان، فكيف سيجيب في رأيك؟
ماذا عليك أن تفعل إن كنتَ لطخة طين تعيش في مستنقع ملوث، أو إن وجدتَ نفسك وحيدًا في كونك الخاص؟ وما الطريقة المثلى كي لا تلتصق عوامات الإنقاذ بأسنانك أثناء مكافحة الغرق؟ ولماذا قرر الجميع فجأة أن يتحدثوا عن لبس الستات؟
لماذا الآخر دائمًا وغد؟ ومن هو متحرش شرودنجر؟ وكيف تقايس الزنا؟ وما هي سفينة ثيسيوس الخاصة بك؟ وكيف تنجو من دوار الصورة الكبيرة؟ وكيف تأخذ حذرك من أن تتزوج من سمكة الرنجة، أو أن تصيبك لعنة الإنسان الجمهور؟
ربما هذه أسئلة مهمة، ربما تشتمل على بعض الحكمة مختلطة بالقليل من الهراء، ربما ستغير من طريقة تفكيرك في الحياة، أو ستجعلك تعايش الكون الواسع بنفس قد صارت أوسع من ذي قبل. وربما تساعدك على أن تقترب أكثر من ذلك الذي لو اقتربتَ منه لاقترب منك كل شيء آخر.
ولكن المؤكّد أنك لن تتفق مع جميع الإجابات..!
قال له في حماس حقيقي: "كثير من الناس مثلك يحبون نضارة وجه الأطفال الممتلئة بالدهون الناتجة عن حلوى النعناع عن جمود وجه الكبار الخالي من الدهون ومن الحلوى أيضًا..! لكني عن نفسي أفضل على كليهما تجعدات وجوه العُجُز والعجائز الممتلئة بتضاريس من عاشته الحياة أكثر مما عاشها".
رد عليه: "تجاعيد وجه العجائز جميلة طبعًا، لكن ماذا عن البراءة؟ لا يمكنك أن تقارن شيئًا بجمال براءة الأطفال الذين لم يتعرفوا بعد على شجرة الحياة المحرمة، ولم يأكلوا بعد من ثمارها الملعونة شيئًا".
قال: "بل يمكنني، براءة العجائز أجمل..! إنها براءة من عفّ الثمرة بعد أن خبرها، واستبرأ من خبائثها بثلاثة أحجار منقّيات، الزهد والورع ومفارقة المألوف"..!
غمغم صاحبه: "فماذا عن النقاء؟ كيف تدعي أن نقاء العجوز أكبر من نقاء الطفل؟ وماذا فعل الطفل في حياته كي يتقذّر؟ إنه كحَلْبة اللبن الأولى، كندى الصباح المبكر، كهواء البحر الآتي من جزر لم تسكنها البشر".
قال:"نقاء العجوز أجمل، إنه نقاء المهاجر الذي قد سئم ما كان فيه من خبث ريح البلدة القديمة، نقاء من غرق ثم نجى، من مرض ثم عوفي، نقاء من اجتاز الضفة إلى الجهة الأخرى فخرج منها وقد ابتل بالماء، سرعان ما سيجف، بينما الطفل الذي لم ينزل إلى الماء بعد، فسرعان ما يبتل"..!
رد عليه: "وضحكة الأطفال الرفيعة"..؟
قال: "بديعة بالفعل، ولكن هل سمعت من قبل ضحكة العجوز الخشنة سريعة الخفتان؟ إنها مرآة روحه بحق، يخبرك من خلالها بآلامه التي بداخله والتي لن يزعجك بها أبدًا".
قال:"وماذا عن سهولة خداع الأطفال؟ يمكنك أن تخدع الطفل بسهولة، فتشعر بأنه ضعيف بحق ويحتاج إليك، حينها لا تعدله بأي شيء في العالم".
قال: "سهولة خداع العجوز أجمل، إنه ينخدع لك لا عن حمق، ولكن عن إذعان. إنه قد تنازل عن كبرياء البشر، وأودع ثقته في من هو أقل منه، لا لشيء إلا لأنه يحب لك أن تقوده وتدله، فهو قد علم من نفسه أنه لا يستطيع الاستقلال بالقيادة فعلًا.. أرأيت جمال الضعف"..؟!
سكت صاحبه ثم قال له: "نحن نحب الطفل والعجوز حقًا لأنهما ليسا مثلنا، أليس كذلك"..؟!
ابتسم ابتسامة حزينة وقال له: "بلى يا صديقي..
أنا وأنت من المُلوّثين"..!
"أنت إنسان بشع"..! هكذا ردت واحدة من أعضاء المجموعة التي يتعالج فيها نفسيًا على الطريقة الأمريكية حين صارحهم بواحدة من شناعاته.. الحقيقة التي كانت تؤلمه أن له أفعالًا أكثر شناعة بكثير.. هو فقط سرّب أقلهم سوءًا ليختبر ردود فعل الناس عليه.
طوال حياته كان يقابل هؤلاء الذين يحاولون إقناعه أنه شخص طيب وأن كراهيته لنفسه ليس لها مبرر حقيقي، في أحد المرات فقط قابل شخصًا حكيمًا حقًا، رآه ذلك الشخص وهو يسب نفسه في المرآة، فقال له: "إذن أنت حمار آخر من الذين يظنون أن هذا السب كافٍ لما يستحقونه، على الأرجح أنت أسوأ كثيرًا حتى مما تعتقد" ثم رحل..!
حين يتحدث مع صديق له ليخبره أنه إنسان سيء، كان صديقه يؤكد له أن كل الطيبين يظنون ذلك، لم يشأ أن يصارحه بحقيقته، الأفعال التي يرتكبها حين لا ينظر أحد، الأفكار التي يحملها، أمنياته السوداء والتي لا يمنعه عنها إلا العجز عن الوصول لها.. بعد فترة من تكرار كلام صديقه له أخذ يفكر أن لربما كان على حق، ربما هو فقط قاسٍ مع نفسه أكثر من اللازم..! صدق ما كان يقوله له صديقه دون أن ينتبه إلى أن صديقه قال ذلك فقط لأنه لا يعلم ما الذي كان يفعله البارحة..! مع الوقت كوّن اعتقادًا، هو إنسان شنيع بالفعل، الآخرون فقط ليس عندهم مقدار كافٍ من العلم كي يدركوا ذلك.
في الحقيقة هو كان يحتاج إلى شخص واحد يستطيع أن يصارحه بكل شيء سيء بخصوصه، كل أفعاله الحمقاء، كل آثامه الخفيّة، كل أمنياته المخجلة، يريد من هذا الشخص أن يعرف عنه كل هذا، ثم ينظر له في عينيه بثبات ويسأله: والآن، هل تستطيع أن تسامحني..؟ لربما لو استطاع أن يسامحه، لربما لو استطاع أن يظل لطيفًا معه، لربما وقتها يعقد السلام مع نفسه أخيرًا، لربما حينها فقط يقدر على أن ينظر لنفسه في المرآة دون أن يتذكر كلمة الرجل الحكيم: "أنت أسوأ كثيرًا حتى مما تعتقد".
ولكنه يعلم أنه لن يستطيع أبدًا أن يفعل ذلك مع أي شخص.. كانت هذه أسوأ فكرة حملها عن نفسه يومًا، أنه أسوأ من أن يستطيع أن يكون صريحًا حقًا مع أحد.. هو في الحقيقة جاوز في شناعته حدود المسامحة البشرية المعتادة، يعلم أن حقيقته التي يخفيها عن الجميع خارجة عن قدرة البشر عن التفهم والقبول.
دي أمي 😅
وربنا ابتلاها بيا.
زي دلوقتي من شوية كدة، كان فيه مشوار غاية في الأهمية للعائلة أني أروح البنك النهاردة. كلمتني الساعة ٣ إلا ٥ سألتني رحت ولا لأ.
قلتلها في الطريق.
قالتلي ليه هو البنك بيقفل امتى.
قلتلها ٣.
قالتلي الساعة ٣ إلا ٥.
قلتلها لأ ٣ إلا سبع دقايق، دقيقتين هاكون وصلت، ٣ دقايق أركن، دقيقة مشي لباب البنك، هيكون فاضل لي دقيقة احتياطي كمان.
أنا والله بتكلم بجد.
وهي والله هتتنقط مني 😅
بحسب النظرية الحديثة في علم النفس الاجتماعي فهذان هما بالظبط أنواع التأثير الاجتماعي للأغلبية.
النوع الأول هو ما يعرف باسم (Normative Influence) في الحالة الأولى للأشخاص الذين خافوا أن يُنبَذوا من المجموع لو خالفوهم.
والنوع الثاني هو ما يعرف باسم (Informative Influence) في الحالة الثانية للأشخاص الذين تضللت معلوماتهم ذاتها بافتراضهم أنهم لا بد على صواب طالموا أجمعوا عليه.
في السنوات الخمسة التالية. وفي الفترة من ١٩٥٢ إلى ١٩٥٦، تابع آش تجاربه بعد ذلك واضعًا في الاعتبار بعض عناصر التأثير المثيرة الأخرى.
على سبيل المثال: العدد! هل يختلف الأمر لو كنت أواجه أغلبية مكونة من شخصين، أو خمسة؟
وجد آش في ١٩٥٦ أنه في حالة كان هناك شخص واحد غيري في الغرفة يجيب بالإجابة الخاطئة، كانت نسبة الإجابة بشكل خاطئ هي ٣%، وفي حالة كان هناك شخصان، كانت نسبة الإجابة بشكل خاطئ هي ١٣%، وفي حالة ثلاثة أشخاص كانت نسبة الإجابة بشكل خاطئ هي ٣٢%
وذات النتائج أكدتها لاحقًا تجارب (Brown & Byrne) في ١٩٩٧، ومن قبلهما (Hogg & Vaughan) في ١٩٩٥.
من الواضح إذن أننا نتأثر بالأغلبية كلما زاد عددهم وهذا منطقيّ ومفهوم تمامًا، ولكن الأكثر إثارة ما فعله (آش) في ذات السنة حين أعاد تجاربه مع تعديل: سوف يُدخل حليفًا (Ally) ليجيب معه بالإجابة الصحيحة، هل سيؤثر ذلك على التجربة؟!
في الحقيقة، وجد (آش) أنه حتى بإدخال (حليف) واحد يجيب إجابة صحيحة في مقابل (سبعة) يجيبون بإجابة خاطئة كان ذلك يخفض نسبة من يوافقون الأغلبية على حساب الصواب من ٣٢% إلى ٥%، أي انخفضت نسبتهم بنسبة ٨٠%..!
وفي ١٩٦٨ قام (Allen & Levine) بجعل هذا الحليف يلبس نظارة سميكة توحي بضعف بصره، وبرغم ذلك، وبرغم كون هذا الحليف من المفترض ألا تثق بإجاباته، انخفضت نسبة من وافق الأغلبية من ٩٧% إلى ٦٤% في تجاربهما.
ماذا يخبرنا كل ذلك عن العيب الخطير والخلل الكبير الذي هو متوطن ومتأصل في أدمغتنا؟ تلك الطريقة البدائية التي تعلمنا بها الصواب والخطأ حين كنا صغارًا نحبو قد تركت في أذهاننا أثرًا بالغ الخطورة قد يقودنا إلى تكذيب أعيننا حرفيًا لمجرد أن الآخرين قد قالوا ذلك!
وإذا أنزل الله من فوق سبع سماوات رسالة ختامية إلى البشر تبقى حتى قيام الساعة، فكم مرة برأيك سوف يذكرنا فيها بذلك؟!
الدين -ولأنه صواب من لدن الله عز وجل- كان يفطن لهذه الحقيقة حين أخبرك أن تكفر بالطاغوت قبل أن تؤمن بالله، ترفض الإلهة قبل أن تثبت الإله الواحد، وإذا قال لك أحدهم أنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون، تخبره أن: "أو لو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم"؟!
هذا الدين الذي يدعوك للثبات على ما أنت عليه من الحق فقط لأنه حق وليس لأنه يحب أي ثبات! يخبرك أن تبقى على الدين الصحيح لأنه صحيح وليس لأن أباك قد أخبرك بذلك! يخبرك أن تكون مع جموع المؤمنين لأنهم أولياء الله وليس حبًا في الجموع. وفي الآية يقول أبناء يعقوب: "نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق إلها واحدا ونحن له مسلمون"، لم يعبدوه لأنه إلهه وإله آبائه ولكن لأنه إله واحد، حُق أن نكون له جميعًا مسلمين!
ذلك الدين الذي نصر الشباب، ونصره الشباب، حين دعانا ألا نتوقف أبدًا عن الاندهاش بالكون، عن الذهول بحقائق الوجود، عن السؤال عن كل شيء، عن الثورة على قيود الآباء، عن التمرد على ما هو سائد، عن الانعطاف نحو الصواب وإن خالف الجميع، عن الملة الحنيفية المائلة عن كل أكثريتهم الخاطئة، وأغلبيتهم المضللة! دينا قيما ملة أبينا إبراهيم، بذلك أُمِرنا ولو حتى كنا أول المسلمين!
مع السُنّة:
لقد قلت لك المرة السابقة أن تجلس وتهدأ وتسمعني، وها أنت ذا. هل تأخذ سيجارة؟ ما زلت لا تدخن؟ عجيب! أريد يا سيدي أن أطرح عليك أمرا أعلم أنك لم تسمعه من قبل من غيري، أعرف أنه سيصيبك بالذهول. يا للهول! أنت لا تفهم، سوف يصاب عقلك بالقشعريرة بمجرد سماع ما لدي، الصراحة أخاف عليك أن تلحد أو تفقد وعيك أو تجن، اسمع يا سيدي هذه الفكرة المجنونة لم يفكر بها أحد من قبل، هل أنت مستعد لها؟ كيف... كيف ويا خوفك من كيف.. كيف يا سيدي تقول أن الله ينزل في الثلث الأخير من الليل، رغم أننا الآن نعلم أنه قد يكون ليل في بلد ونهار في بلد آخر؟؟!!!! ها.. كيف؟ ههههههه لا بأس عليك، أعرف أن المفاجأة شديدة لو أردتَ أن تبكي أنا موجود.
في راس السنة:
عشرة، تسعة، تمانية، سبعة، ستة، خمسة، أربعة، تلاتة، اتنين، واحد. أوه ماي جاااااااد هابي نيو ييييييييير.
أظن أنه شعور ثابت هناك تختبره كل نفس بشرية في يوم من الأيام، حين يشعر كل واحد منا في يوم من الأيام بأنه كائن دخيل غريب غير منتمي، مثل الشعور الذي لابد بأن القطة تشعر به في حديقة الحيوان، تسير وسط أقفاص الحيوانات دون أن يعيرها أحد انتباهه أو يعتبرها واحدة من هذه الحيوانات، وهي بالقطع ايضًا ليست واحدًا من البشر.. هي مجرد شيء غير مهم..!
وبرغم أنه شعور ثابت لدى الجميع، إلا أنه خاطئ تمامًا، على الأقل في نظر القرآن..! حيث يقول الله عز وجل: "لقد أحصاهم وعدهم عدا، وكلهم آتيه يوم القيامة فردا".. "هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم".. أنت رقم عند الإله، يعرفك منذ أن كنت في بطن أمك كتلة من الخلايا غير المهمة، ويعرف كل شيء عنك..
أنت على مقدار كبير من الأهمية وأنت لا تدري، أنت معدود، أنت مراقب، أنت معتنى بك، أنت لست بدخيل ولا غريب، بل الله هو من أراد بأن يأتي بك هنا، وعلى هذا الوجه بالذات..!
أنت تنتمي إلى ملكوت الإله..!
مع كتب السنة:
من فضلك دعنا نتحدث قليلًا، اجلس واهدأ واسمعني، سوف أقول كلامًا هامًا، هل تريد سيجارة؟ لا تدخن؟ لا بأس، اسمع. أنا أعلم أنكم لا تحبون مثل هذا الكلام ولكن الحقيقة يجب أن تذكر، اعذرني الحقيقة يجب أن تقال، وكما قال أوسكار وايلد، فالحقيقة لا تكون بسيطة أبدًا. ياااه! انظر لعمق العبارة. لا تكون بسيطة أبدا يا سيدي. الآن، عليك أن تقنع عقلي هذا، عقلي ماذا؟ عقلي هذا، بأن رجلا مثل أبي هريرة مثلا لم نره ولم نجلس معه من قبل أبدا من المستحيل أن يختلق الكذب ويقول قال النبي كذا فتصدقه أنت بكل هذه البساطة. ربما يقبل عقل مثل عقلك ذلك. لكن صدقني من الصعب إقناع عقلي أنا بهذا. سامحني، أعرف أنكم لا تحبون هذا الكلام ولكن الحقيقة يجب أن تذكر. هل ذكرتُ لك كلام أوسكار وايلد؟
مع الآثار التاريخية:
- ياه! بيقولك فيه جماعة بتاع عشرين شخص كدة هزمت جيش بحاله.
= فعلًا؟! شيء لا يكاد يصدق، هل هناك دليل على ذلك؟
- آه والله، فيه حد كتب الكلام دة على الحيطة اللي هناك دي من ٦٠٠٠ سنة.
= واو! ما أجمل العلم.