mohadratmktobh | Unsorted

Telegram-канал mohadratmktobh - خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

4038

Subscribe to a channel

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

.

💫 مشاهد الإحسان بعد شهر رمضان 💫

خطبة فضيلة الشيخ الدكتور /
صالح بن عبدالله العصيمي
- وفقه الله وسدد خطاه -

الجمعة: ٢ / شوال / ١٤٤٢

https://youtu.be/rpv37_8nMbI

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

والإيمانُ هو أنْ نُؤمنَ باللهِ وملائكتِه وكتبِه ورسلِه واليومِ الآخِرِ ونؤمنَ بالقدرِ خيرِه وشَرِّه ، ونؤمنَ بالغيبيَّاتِ وأصولِ الدينِ .
وكُلُّ آياتِ الوعْدِ بالنصرِ في الكتابِ تُعَلِّقُ النصرَ بوصفِ الإيمانِ ، كقوله تعالى : ﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ، ونَحْوِها .
الإيمانُ الصحيحُ يُمَثِّلُه اعتقادُ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ في مسائلِ الإيمانِ كُلِّها ، فيجبُ على المسلمين إنْ أرادوا النصرَ أنْ يعودوا لهذه العقيدةِ التي دوَّنَ أصولَها أئمةُ أهلِ السُّنَةِ في كتبِهم ، والتي أخذوها عن السلفِ الصالحِ ، صحابةِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم ومن تَبِعَهم بإحسانٍ ، وهم الفِرْقَةُ الناجيةُ والطائفةُ المنصورةُ ، ﴿ فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا﴾ ، فالإخلالُ بهذه العقيدةِ لها صُوَرٌ ، ومن ذلك أنْ نرى انحرافاً في الإيمانِ بأسماءِ اللهِ وصفاتِه لدى طوائفَ من المسلمين ، وانحرافاً في مسائلِ الإيمانِ بالغَيْبِيَّاتِ وبعضِ أصولِ الدينِ ، ونحوِ ذلك .
السببُ الثالثُ من أسبابِ النَّصْرِ عملُ الصالحاتِ ، موافقاً في عملِه السُنَّةَ ومجانِبَاً البدعةَ ، ففي الآيةِ : ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ﴾ .
فالعملُ لا يُسَمَّى صالحاً حتى يكونَ موافقاً للسُّنَّةِ مُجانباً للبدعةِ .
ومن أعظمِ الأعمالِ الصالحةِ التي تدخلُ بالأولويَّةِ شعائرُ الدينِ وفرائضُه الظاهرةُ ، ومنها إقامةُ الصلاةِ وإيتاءُ الزكاةِ والأمرُ بالمعروفِ والنهيُ عن المنكرِ ، يقولُ اللهُ تعالى : ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌO الَّذِينَ إِنْ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَـاةَ وَأَمَرُواْ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْاْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ﴾ .
ومن مقتضياتِ الإيمانِ وعَمَلِ الصالحاتِ تَرْكُ المعاصي والمحرَّماتِ وكبائرِ الذنوبِ ، فارتكابُها من أسبابِ الخُذلانِ والذُّلِّ والهَوانِ ، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ ‌سَلَّطَ ‌اللَّهُ ‌عَلَيْكُمْ ‌ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ» ، حديثٌ صحيحٌ أخرجه أبو داود .
فلا نصرَ ولا ارتفاعَ للذُّلِّ حتى نَرْجِعَ إلى دينِنا اعتقاداً وعَمَلاً.
السببُ الرابعُ من أسبابِ النصرِ ؛ الاجتماعُ والائتلافُ وعدمُ الاختلافِ وعدمُ التنازعِ والتفرُّقِ ، قال الله تعالى : ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ .
وقال : ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ﴾ .
ففي الاجتماعِ قوةٌ للمؤمنين ، وفي التنازعِ الفَشَلُ والخُذْلانُ ، ولا مزيدَ على كلامِ الرحمن.
أيها المسلمون ، قالَ اللهُ تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ ، وقال تعالى : ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ ، فنُصْرةُ اللهِ تكونُ بالأخذِ بأسبابِ النَّصْرِ المذكورةِ وبغيرِها مما جاءَ في الكتابِ والسُّنَّةِ .
فواجبُنا عبادَ اللهِ كأفرادٍ أنْ نَنْصُرَ دينَ اللهِ بإقامتِه في حياتِنا ، وتطبيقِه على أنفسِنا ومَنْ هم تحت أيدينا .
اللهم اجعلنا من أنصارِ دينِك ، باركَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي القُرآنِ الْعَظِيم ، وَنَفَعنِي وَإِيّاكُمْ بِمَا فِيِه مِنْ الآيَاتِ وَالذّكرِ الْحَكِيمِ ، أَقُولُ مَا تَسْمَعُون وَأسْتَغْفُرُ اللهَ لِي وَلَكُم وَلِسَائرِ الْمُسْلِمِين مِنْ كُلِّ ذَنبٍ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيم .
الخطبةُ الثانيةُ
الحمدُ للهِ الذي أَرْسَلَ رسولَه بالهدى ودينِ الحقِّ ليُظْهِرَه على الدينِ كُلِّه ، وكَفَى باللهِ شهيداً ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له إقراراً به وتوحيداً ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّداً عبدُه ورسولُه ، صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وسَلَّمَ تسليما مزيداً ، أما بعدُ :
عبادَ اللهَ ، من مقتضياتِ الإيمانِ أنْ نُحِبَّ أهلَ الإيمانِ ونواليهم ونرحمَهم وننصرَهم بِقَدْرِ الاستطاعةِ ، ونحزنَ ونغتَمَّ لظلمِهم وتشريدِهم وتقتيلِهم وإراقةِ دمائهم .
ومن مقتضياتِ الإيمانِ أيضا أنْ نكرهَ الكفرَ وأهلَه وخاصَّةً المعتدين منهم والظالمين .
أيها المؤمنون ، في أيدينا سلاحٌ عظيمٌ من أمضى أسبابِ النصرِ للمؤمنين ، ألا وهو إخلاصُ الدعاءِ للهِ والاستغاثةِ به مع الإكثارِ والإلحاحِ عليه سبحانه ، مع التوبةِ والاستغفارِ  .

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

هذه ثلاث خطب أختر أخي الخطيب ماشئت منها...وفقكم الله لمرضاته... ولاتنسوني من دعوة في ظهر الغيب...نسأل الله القبول... وكل عام وانتم بخير

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

الخطبة التي تلي رمضان 2/10/1442هـ
أَسْبَابُ قَبُولِ رَمَضَانَ
الخطبةُ الأولى
إنَّ الحمدَ لله ، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مُضِلَّ له ، ومَنْ يُضْللْ فلا هاديَ له ، وأشهدُ أنَّ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ، وَسَلُوهُ قَبُولَ الْأَعْمَالِ ؛ فَإِنَّ قَلِيلًا مُتَقَبَّلًا خَيْرٌ مِنْ كَثِيرٍ مَرْدُودٍ .
أَيُّهَا النَّاسُ : خُتِمَ رَمَضَانُ ، وَطُوِيَتْ صُحُفُهُ بِمَا أَوْدَعَ فِيهَا الْعِبَادُ مِنْ أَعْمَالِهِمْ ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَوْدَعَهَا عَمَلًا صَالِحًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَدَعُهَا غَيْرَ ذَلِكَ ، وَمِنْهُمُ الْمَقْبُولُ وَمِنْهُمُ الْمَرْدُودُ .
وَالْمُؤْمِنُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ ، يَرْجُو الْقَبُولَ وَيَعْمَلُ بِمُوجِبَاتِهِ ، وَيَخْشَى الرَّدَّ وَيُجَانِبُ أَسْبَابَهُ .
وَمِنْ أَسْبَابِ قَبُولِ رَمَضَانَ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ تَعَالَى ، كَمَا أَنَّ الرِّيَاءَ مِنْ أَسْبَابِ الرَّدِّ وَحُبُوطِ الْعَمَلِ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ ، وَفِي صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَقِيَامِهِ شُرِطَتْ مَغْفِرَةُ الذُّنُوبِ ؛ بِأَنْ يَكُونَ الدَّافِعُ لِلصِّيَامِ وَالْقِيَامِ الْإِيمَانَ وَالِاحْتِسَابَ ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْإِخْلَاصِ .
مِنْ أَسْبَابِ قَبُولِ رَمَضَانَ كَثْرَةُ الدُّعَاءِ بِالْقَبُولِ ؛ اقْتِدَاءً بِالْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ كَانَ يَبْنِي الْبَيْتَ الْحَرَامَ ، وَيَدْعُو بِالْقَبُولِ فَيَقُولُ : ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ ، وَنُقَلَ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَنْ يُبَلِّغَهُمْ شَهْرَ رَمَضَانَ ، ثُمَّ يَدْعُونَ اللَّهَ تَعَالَى سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَنْ يَتَقَبَّلَهُ مِنْهُمْ .
وَمِنْ أَسْبَابِ قَبُولِ رَمَضَانَ وَجَلُ الْقُلُوبِ بَعْدَ رَمَضَانَ ، وَحَمْلُ هَمِّ قَبُولِ الْأَعْمَالِ ، ﴿وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ﴾، وَفَسَّـرَهَا النَّبِيُّﷺ بِأَنَّهُ : «الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَتَصَدَّقُ وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لَا يُقْبَلَ مِنْهُ» .
كَمَا أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ الرَّدِّ وَعَدَمِ الْقَبُولِ الْغُرُورُ بِالْعَمَلِ وَالْإِعْجَابُ بِهِ ، مَعَ أَنَّ الْإِيمَانَ وَالْعَمَلَ الصَّالِحَ وَصِيَامَ رَمَضَانَ وَقِيَامَهُ مَا كَانَ إِلَّا مَحْضَ تَوْفِيقٍ مِنَ اللَّهِ لِلْعَبْدِ ، وَلَوْلَا تَوْفِيقُهُ سُبْحَانَهُ لَمَا آمَنَ الْعَبْدُ وَلَا صَامَ وَلَا قَامَ ، وَعَدَدُ الْكُفَّارِ أَكْثَرُ مِنْ عَدَدِ الْمُؤْمِنِينَ ، فَمَنْ لَحِظَ هَذَا الْمَعْنَى صَغُرَ عَمَلُهُ فِي نَفْسِهِ ، وَرَدَّ ذَلِكَ إِلَى تَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَلَهِجَ بِالشُّكْرِ لَهُ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى جَنْبٍ .
وَمِنْ دَلَائِلِ الْقَبُولِ فِي رَمَضَانَ الْبَقَاءُ عَلَى التَّوْبَةِ بَعْدَهُ ، كَمَا أَنَّ مَنْ عَادَ إِلَى الْمَعَاصِي بَعْدَ رَمَضَانَ فَيُخْشَى أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ مَرْدُودًا عَلَيْهِ ، وَيُحْمَدُ لِمَنْ أَقْلَعَ عَنِ الْمَعَاصِي فِي رَمَضَانَ تَعْظِيمُ حُرْمَةِ الشَّهْرِ ، وَالْإِقْبَالُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الشَّهْرِ الْكَرِيمِ ، وَهُوَ خَيْرٌ مِمَّنْ يَنْتَهِكُ حُرْمَةَ رَمَضَانَ ، وَيَعْصِـي اللَّهَ فِيهِ ، وَخَيْرٌ مِنْهُمَا جَمِيعًا مَنْ تَابَ وَصَدَقَ فِي تَوْبَتِهِ ، وَلَمْ يَعُدْ بَعْدَ رَمَضَانَ إِلَى ذَنْبِهِ ، بَلِ اسْتَقَامَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى : ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا﴾ .
وَمِنْ دَلَائِلِ الْقَبُولِ فِي رَمَضَانَ زِيَادَةُ الْعَمَلِ الصَّالِحِ بَعْدَهُ عَمَّا قَبْلَهُ ، فَإِنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ رَمَضَانَ قَدْ أَثَّرَ فِي قَلْبِ صَاحِبِهِ ، وَزَادَهُ إِيمَانًا وَاسْتِقَامَةً ، وَهَذَا الْمَعْنَى جَاءَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ﴾ ، وقَوْلِهِ : ﴿وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى﴾ ، فَهُمْ لَمَّا اهْتَدَوْا فِي رَمَضَانَ ، زَادَهُمُ اللَّهُ هُدًى بَعْدَ رَمَضَانَ ، فَكَانَ حَالُهُمْ بَعْدَ رَمَضَانَ أَفْضَلَ مِنْ حَالِهِمْ قَبْلَهُ .

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

المداومة على العمل الصالح


إنّ الحمدَ لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرورِ أنفسنا وسيّئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إلهَ إلا الله وحدَه لا شريك له ، أسبغ علينا نعمَه ظاهرةً وباطنة، وأشهد أنَّ نبينا محمّدًا عبده ورسوله وصفيه وخليله ، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ؛ فَإِنَّ التَّقْوَى أَكْرَمُ مَا أَسْرَرْتُمْ، وَأَجْمَلُ مَا أَظْهَرْتُمْ، وَأَفْضَلُ مَا ادَّخَرْتُمْ، اتَّقُوا اللهَ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ، وَاجْتَنِبُوا الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ؛ قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ:]يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تَتَّقُواْ اللّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ[.
 أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ الِمنَنِ عَلَى الإِنْسَانِ أَنْ يُرْزَقَ الاِسْتِقَامَةَ عَلَى دِينِ اللهِ، وَيُوَاظِبَ عَلَى طَاعَةِ خَالِقِهِ وَمَوْلاَهُ، وَإِذَا حُبِّبَ إِلى الْمَرْءِ الاِسْتِقَامَةُ عَلَى الإِيمَانِ، وَكُرِّهَ إِلَيْهِ الْكُفْرُ وَالْفُسُوقُ وَالْعِصْيَانُ؛ فَهُوَ الْمُوَفَّقُ التَّقِيُّ، وَمَنْ كَانَ عَلَى الْمَعْصِيَةِ عَاكِفاً، وَعَنِ الطَّاعَةِ نَاكِفاً، فَهُوَ الْمَحْرُومُ الشَّقِيُّ.
أَيُّهَا الأَحِبَّةُ: لَقَدْ فَارَقَنَا بِالأَمْسِ شَهْرُ رَمَضَانَ الْمُبَارَكُ، الذِي مَلأَ لَيَالِيَنَا نُوراً بِالْقِيَامِ، وعَمَرَ أَيَّامَنَا بَهْجَةً بِالصِّيَامِ وتلاوة القران والإحسان، وَعَلَّمَنَا الانْتِصَارَ عَلَى النَّفْسِ وَمُغَالَبَةَ الْهَوَى، وَدَلَّنَا عَلَى سُبُلِ الرَّشَادِ وَجَادَّةِ الْهُدَى.
وَقَدْ أَمَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ ﷺ وَالْمُؤْمِنِينَ بِالاِسْتِقَامَةِ عَلَى دِينِ اللهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ: ( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلاَ تَطْغَوْاْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ). وَوَصَّى اللهُ بِهَا جَمِيعَ عِبَادِهِ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِّلْمُشْرِكِينَ) ؛ قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ: أَعْظَمُ الْكَرَامَةِ لُزُومُ الاِسْتِقَامَةِ.
إِخْوَةَ الإِيمَانِ: كَيْفَ يَسُوغُ لِمَنْ ذَاقَ طَعْمَ الْعِبَادَةِ وَلَذَّةَ الطَّاعَةِ، وَارْتَدَى ثَوْبَ الْهُدَى أَنْ يَطْعَمَ مَرَارَةَ الذُّنُوبِ وَالْخَطَايَا، وَيَرْتَدِيَ بَعْدَهُ ثَوْبَ الضَّلاَلِ وَالْغَوَايَةِ؟!قَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ: (إِنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْ لِعَمَلِ الْمُؤْمِنِ أَجَلاً دُونَ الْمَوْتِ).
فَلَيْسَ الْمُؤْمِنُ الْحَقُّ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ فِي رَمَضَانَ وَيَعْصِيهِ فِي سَائِرِ الشُّهُورِ، وَإِنَّما الْمُؤْمِنُ الْحَقُّ هُوَ الذِي يَعْبُدُ رَبَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَتَّى يَأْتِيَهُ الْمَوْتُ ،كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) .
نعم قد لا يكون المسلمُ في إقبالهِ على الطاعةِ كما هو في شهرِ رمضانَ، فرمضانُ له روحانيتهُ ولكن المسلمَ لا يقطعُ العبادةَ بعد شهرِ رمضانَ خصوصاً ما أوجبهُ اللهُ تعالى عليهٍ من الواجباتِ كما يحافظُ على جوارحهِ من اقترافِ المحرمات.
عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ الثَّقَفِيِّ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ قُلْ ليِ فِي الإِسْلاَمِ قَوْلاً لاَ أَسْأَلُ عَنْهُ أَحَداً بَعْدَكَ.قَالَ: "قُلْ آمَنْتُ بِاللهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ "أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ .
وَعَنْ أَنَسٍ رضيَ اللهُ عنهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ  قَالَ:"لاَ يَسْتَقَيِمُ إيِمَانُ عَبْدٍ حَتَّى يَسْتَقِيمَ قَلْبُهُ، وَلاَ يَسْتَقِيمُ قَلْبُهُ حَتَّى يَسْتَقِيمَ لِسَانُهُ"
ثم اعلموا رحمكم الله أَنَّ الاِسْتِقَامَةَ عَلَى الطَّاعَةِ مِنْ صِفَاتِ الْمُتَّقِينَ، وَالْمُوَاظَبَةَ عَلَى الْعِبَادَةِ مِنْ خِصَالِ الْـمُؤْمِنيِنَ، وَلنْ يَعْدَمَ أَهْلُ الاِسْتِقَامَةِ تَوْفِيقاً وَنَجَاحاً فِي الدُّنْيَا، وَفَوْزاً وفَلاَحاً فِي الآخِرَةِ؛ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ( إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ* نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ* نُزُلا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيمٍ)

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

أول جمعة بعد رمضان
إنّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وأشْهَدُ أَنْ لَا إِلهَ إِلاّ اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيِكَ لهُ، وأشْهَدُ أنّ مُـحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صل الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفسٌ مَا قَدَّمَت لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بما تَعمَلُونَ)
أيها المسلمون: راكبٌ يقطعُ ظهر الأرضِ يمشي سريعاً يطوي الفيافي والقفار.. يُقْبِلُ على مَعْلَمٍ من معالمِ الأرضِ يبصِرُهُ أمامَه مِن بعيد،  فما يلبثُ أنْ يَبْلُغَهُ، حتى يتجاوزَه ثم يتورى عنه ويغيب.  يَمُرُّ بالمعالِمِ إقبالاً ثم إدباراً حتى يبْلُغ الغايةَ وينتهي المسير.
وكذا الإنسانُ في مسيرِهِ في الحياة.. يُقبِلُ على مواسمَ كان ينتظِرُها، وعلى أفراحٍ كان يَرْتَقِبُها، وعلى أيامٍ أو شهورٍ كان يأمُلُ إدراكها.  ثم ما تلبثُ أن تأتي عليه تلك المشاهِدُ ثم تَتَقَضَّى وتغيب.
أرأيتم كم كان المسلمون ينتظرون بلوغَ شهرِ رمضان.. يَعُدُّونَ دُوْنَ بُلُوغِه الشهورَ والساعاتِ والأيام.. فَغَشِيَهُم الشهرُ كسحابةِ غيثٍ مباركةٍ.. ثم انقضى الشهر بأيامِهِ ولياليه سراعاً.. وها هو اليومَ في عدادِ الذكريات.
 
إنها قِصَّةُ الـمَسِيْرِ إلى الآخرَةِ.. وفي كُلِّ يومٍ يُبسَطُ للعبدِ عمرٌ جديد.  أعمارٌ محدودةٌ.. ممدودةٌ بطولِ الآمال، فيها أعمالٌ تُدَوَّن، وصحائفُ تُطوى.   وستُنشَرُ الصحائفُ في يومٍ عصيب، لكل عاملٍ يوم الحسابِ صحيفةٌ مبسوطةٌ.. قد دونتها في الحياةِ جوارِحُه وخُطاه.. {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ  وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا* اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}  {وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ* وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ* ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ }
عباد الله: في شهر رمضان.. كمْ شَيَّدَ المسلمُ للطاعةِ بنياناً، وكم أقامَ لها صروحاً، وكم قَرَّبَ لِرَبِّهِ قُرباناً.. صَلَّى وتصدق، صامَ وقرأ القرآن، وقدَّمَ من أنواعِ القُرُباتِ ما يُسِّرَ لَه.
أعمالٌ يرجو المسلمُ أن يراها يومَ القيامةِ في كِفَّة الحسنات. تقبلَ الله من عبادِه صالح العمل، وتجاوز عنهم التقصير والخطأ والزلل، إن ربنا لغفورٌ شكور.
ومن تمام العقلِ وصحة الإدراك.. أن يحفظَ المسلمُ كُلَّ حسنةٍ يقترفُها.. فَمَن اجْتَهَدَ في جمعِ الحسنات.. فليضاعِفِ الجُهدَ في الحفاظ عليها. فإن خزينةً لا تحمي مال صاحبها لهي نقصٌ ووبال.  وإنَّ سيئةً يتعدى أثرُها إلى نقصان الحسنات لهي غبنٌ خُسران.   فَمِنَ السيئاتِ ما شؤمُها خطير، وضررُها مُستَطِيْر.. يتعدى أثرُها فيقضي على الحسناتِ فيمحقُها. قال ابن القيم رحمه الله : (ومحبطاتُ الأعمالِ ومفسداتُها أكثرُ من أن تحصر، وليس الشأن في العمل إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه) ا.هـ
فمن تعلم التقوى في رمضان يقفُ عند حدودِ الله لا يتجاوزُها في كل زمان،  فيُغضي عن كلِّ نظرةٍ حرام، ويمتنعُ عن كلِّ الذنوب والآثام. لأنه يعلمُ أن الله حرَّمها عليه، وأن الله مُطَّلِعٌ عالمٌ بحالِه ناظرٌ إليه، فكلما دَعَتْه النفسُ الغويةُ للهوى.. قال: ( إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ والسنة، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِما مِنَ الآياتِ وَالحكمة، أَقُولُ قولي هذا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ ولسائر المسلمين من كل ذنب، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
 الخطبة الثانية
الحمد الله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي الأمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين. 
أما بعد: عباد الله اتقوا الله تعالى  ثم  اعلموا رحمكم لئن انطوى رمضان وانصرم.. فإن عملَ المسلمِ.. لا ينطوي بانطواء شهرٍ.. ولا يتوقفُ برحيل مرحلة.  عَمَلُ المسلمِ لا ينقطعُ ولا يتوقفُ من مرحلة التكليفِ إلى أن يأتيه اليقين، قال عيسى عليه السلام حين تكلم في المهد: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا}
ما دامت الحياةُ تدب في الجسد.. فالوصية بالثبات على عمل الصالحات قائمة، وصيةٌ من الله رب العالمين.  وبها جاء التوجيه لنبينا الكريم صلى الله عليه وسلم {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

موعظة قصيرة للتذكير قبل انقضاء شهر رمضان

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ ([9]) .
أيُّها المسلمُ ، اجتنبْ كلَّ ما يثيرُ العداوةَ والبغضاءَ بينك وبين إخوانِك المسلمين , واعلمْ أنَّ الهَجْرَ والقطيعةَ إذا لم تكنْ للهِ فإنَّها من كبائرِ الذنوبِ , قالَ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ : «لا يَحِلُّ لمسلمٍ أنْ يَهْجُرَ أخاه فوقَ ثلاثٍ , فمَنْ هَجَرَ أخاه فوقَ ثلاثٍ فمات دَخَلَ النارَ» ([10]) , وقال صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ : «تُعرضُ الأعمالُ على اللهِ يومَ الاثنينِ والخميسِ فيُغْفَر لكُلِّ عبدٍ لا يشركُ بالله شيئاً إلا المتشاحِنَيْن ؛ يقولُ اللهُ أَنظِروا هذين حتى يصْطَّلِحا» ([11]) .
أيها المسلمون ، أكلُ الربا جريمةٌ كبيرةٌ وحَرْبٌ للهِ ورسولِه , فإيِّاكم وكُلَّ معاملةٍ يدخُلُها هذا الذنبُ العظيمُ .
أيها المسلمون ، إنِّ الأمرَ بالمعروفِ والنهيَ عن المنكرِ من خصائصِ هذه الأمةِ التي تميَّزَت بها عن غيرِها من الأممِ , فأحيُوا هذه الشعيرةَ وقومُوا بها كما أَمَرَكم اللهُ ، في بيوتِكم ومدارسِكم وأسواقِكم ومجالسِكم , ولا تضيِّعُوها , واعلموا إنَّ الأمرَ بالمعروفِ والنهيَ عن المنكرِ واجبٌ بحَسَبِ الاستطاعةِ ، فإنْ لم يستطعْ فيكفي أنْ يُنْكِرَ بقلبِه .
أيها المسلمون ، تذكَّروا قولَ اللهِ تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ ([12]) ، فأَلْزِمُوا أنفسَكم تقوى اللهِ , وأصْلِحُوا مَنْ تَعُولون في بيوتِكم , من زوجاتٍ وبنينَ وبناتٍ ، ومُرُوا أولادَكم بالصلاةِ لسبعٍ واضربوهم عليها لعشرٍ ضربَ تأديبٍ ، رَبُّوهم على البرِّ والصِّلَةِ وحُسْنِ الجوارِ , وحذِّرُوهم من العقوقِ والقطيعةِ وأذيَّةِ الناسِ ، وطَهِّرُوا بُيُوتَكم من الوسائلِ التي تُفْسِدُ عقيدةَ وأخلاقَ أولادِكم ، وإيِّاكم والتساهلَ في ذلك .
اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ ، لا إله إلا اللهُ واللهُ أكبر , اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدِ .
باركَ اللهُ لي ولكم في القرآن العظيم ؛ ونفعني وإيِّاكم بما فيه من الآياتِ والذِّكْرِ الحكيمِ ؛ أقولُ ما تسمعون وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المسلمين من كلِّ ذَنْبٍ إنَّه هو الغفورُ الرحيمُ .
 
 
 
الخطبةُ الثانيةُ
الحمدُ للهِ على إحسانِه , والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه ؛ وأشهدُ ألَّا إله إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيماً لشأنه ؛ وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه ؛ صَلَّى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه وسلَّمَ تسليماً كثيرا .
اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , لا إله إلا اللهُ واللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ .
أيها المسلم ، يا مَنْ ينتسبُ إلى الإسلامِ , ويعتزُّ بدينِه , ويا منْ يُهِمُّه أمرُ المسلمين , أيْقِنْ بنصرِ اللهِ لهذا الدينِ .
تذكَّر قولَ اللهِ تعالى : ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾ ([13]) , وقولَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ : «لَيَبْلُغَنَّ هذا الأمرُ ما بَلَغَ الليلُ والنهارُ , ولا يَتْرُكُ اللهُ بيتَ مَدَرٍ ولا وَبَرٍ إلا أَدْخَلَه اللهُ الإسلامَ بِعِزِّ عزيزٍ أو بِذُلِّ ذليلٍ , عِزَّا يُعِزُّ اللهُ به الإسلامَ وذُلَّاً يُذِلُّ اللهُ به الكفرَ» ([14]) .
ولكنْ لا بدَّ أنْ نعلمَ بأنَّ الإسلامَ يريدُ حَمَلَةً يحملونَه لأنَّ اللهَ تعالى قال : ﴿بالهُدَى ودِيْنِ الحَقِّ﴾ ، أيْ بالعلمِ والعَمَلِ.
إنّ دينَ اللهَ لا ينتصرُ بأُناسٍ متفرِّقين في مذاهبِهم ومَشَارِبِهم واتِّجاهاتِهم ونيَّاتِهم ، ولا ينتصرُ بتكوينِ الأحزابِ والجماعاتِ أو الانقلاباتِ ، وسَفْكِ الدماءِ وتحكيــمِ العواطفِ .
يا نساءَ المسلمين ، اتَّقِينَ اللهَ , وتذكَّرْنَ قولَ الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : «إذا صَلَّتِ المرأةُ خَمْسَها وصامت شهرَها , وحصَّنت فَرْجَها , وأطاعت زوجَها , قيل لها : ادخلي الجَنَّةَ من أيِّ أبوابِ الجَنَّةِ شِئْتِ» ([15]) .
فاتقينَ اللهَ , وقَرْنَ في بُيوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تبرُّجَ الجاهليةِ الأولى , وأَقِمْنَ الصلاةَ في وقتِها , وعليكُنَّ بالصَّدَقَةِ وعليكُنَّ بِغَضِّ البَصَرِ وحِفْظِ اللسانِ عن الغِيبةِ والسبِّ والَّلعْنِ , واحذرنَ من الألبسةِ المخالفةِ للشرعِ ، وإيِّاكُنَّ والتساهلَ في الخَلْوَةِ المحرَّمَةِ ، أو الاختلاطِ المحرَّمِ ، فإنَّ الشريعةَ لا تَنْهى عن شيءٍ إلا وفي وُلُوجِه شرٌّ على الفردِ والمجتمعِ  .
وإيِّاكُنِّ والتساهلَ في أمرِ الحِجَابِ الشرعيِّ والذي يُعتبرُ زينةَ المرأةِ المؤمنةِ وشِعَارَها الظاهرَ الذي تتميَّزُ به عن غيرِها من النساءِ .

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

طلبناكم تفاعلوا لأجل الأقصى والإضرار بهذه البرامج التي تحظر أي مشارك يشارك صور وفيديوهات تتعلق بالأقصى فمن كان عنده هذا البرنامج إليك الطريقة للإضرار بها بإذن الله ستكون ضربة موجعة ..ولاتنس أن تعمل مشاركة أو نسخ أي شيئ فهذا أقل شيئ نعمله والله المستعان وعليه التكلان ولاحول لنا ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

أَيُّهَا الصَّائِمُونَ، إِنْ كَانَ فِي النُّفُوسِ زَاجِرٌ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقُلُوبِ وَاعِظٌ، فَقَدْ بَقِيَتْ مِنْ أَيَّامِهِ بَقِيَّةٌ. بَقِيَّةٌ وَأَيُّ بَقِيَّةٍ، إِنَّهَا عَشْرُهُ الْأَخِيرَةُ. بَقِيَّةٌ كَانَ يَحْتَفِي بِهَا نَبِيُّكُمْ مُحَمَّدٌ أَيَّمَا احْتِفَاءٍ. فِي الْعِشْرِينَ قَبْلَهَا كَانَ يَخْلِطُهَا بِصَلَاةٍ وَنَوْمٍ، فَإذَا دَخَلَتْ الْعَشْرُ شَمَّرَ وَجَدَّ وَشَدَّ الْمِئْزَرَ. هَجَرَ فِرَاشَهُ، أَيْقَظَ أَهْلَهُ، يَطْرُقُ البَابَ عَلَى فَاطِمَةَ وَعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَائِلًا: ((أَلَا تَقُومَانِ فَتُصَلِّيَانِ))
يَطْرُقُ البَابَ وَهُوَ يَتْلُو: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلوٰةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ [طه: ١٣٢ ]، وَيَتَّجِهُ إِلَى حُجُرَاتِ نِسَائِهِ آمِرًا: ((أَيْقِظُوا صَوَاحِبَ الْحُجَر فَرُبَّ كَاسِيَةٍ فِي الدُّنْيَا عَارِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
أَلَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ إِذَا بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ عَشْرَةُ أَيَّامٍ لَا يَدَعُ أَحَدًا مِنْ أَهْلِهِ يُطِيقُ الْقِيَامَ إِلَّا أَقَامَهُ.بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُم فِي الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، وَنَفَعَنا بِمَا فِيهِمَا مِنَ الآيَاتِ وَالْحِكْمَةِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ تَعَالَى لِي وَلَكُم.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الحمدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، والشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لَشَأْنِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا. أَمَّا بَعْدُ
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ، اعْرَفُوا شَرَفَ زَمَانِكُم، وَاقْدُرُوا أَفْضَلَ أَوْقَاتِكُم، وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُم لَا تُضَيِّعُوا فُرْصَةً فِي غَيْرِ قُرْبَةٍ.
قَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُم وَجِدُّوا وَتَضَرَّعُوا. تَقُولُ عَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: يَا رَسُولَ اللهِ: أَرَأَيْتَ إِنْ عَلِمْتُ لَيْلَةَ القَدْرِ مَاذَا أَقُولُ فِيهَا ؟ قَالَ قُولِي: ((اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّى)).
نَعَم أَيُّهَا الْإِخْوةُ: الدُّعَاءَ الدُّعَاءَ. عُجُّوا فِي عَشْرِكُم هَذِهِ بالدُّعَاءِ. فَقَدْ قَالَ رَبُّكُم- عَزَّ شَأْنُهُ-: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنّي فَإِنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة: ١٨٦]. أَيُّهَا الْمُجْتَهِدُونَ، يَجْتَمِعُ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ أَوْقَاتٌ فَاضِلَةٌ وَأَحْوَالٌ شَرِيفَةٌ. الْعَشْرُ الْأَخِيرَةُ، جَوْفُ اللَّيْلِ مِنْ رَمَضَانَ، وَالْأَسْحَارُ مِنْ رَمَضَانَ، دُبُرُ الْأَذَانِ وَالْمَكْتُوبَاتِ، أَحْوَالُ السُّجُودِ، وَتِلَاوَةُ الْقُرْآنِ، مَجَامِعُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَجَالِسِ الْخَيْرِ وَالذِّكْرِ، كُلُّهَا تَجْتَمِعُ فِي أَيَّامِكُم هَذِهِ. فَأَيْنَ الْمُتَنَافِسُونَ؟؟؟.
سَلُوا وَلَا تَعْجَزُوا وَلَا تَسْتَبْطِئُوا الْإِجَابَةَ. فَيَعْقُوبُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَدَ وَلَدَهُ الْأَوَّلَ ثُمَّ فَقَدَ الثَّانِي فِي مُدَدٍ مُتَطَاوِلَةٍ، مَا زَادَهُ ذَلِكَ بِرَبِّهِ إِلَّا تَعَلُّقًا: عَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَنِى بِهِمْ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ [يوسف: ٨٣ ]، وَنَبِيُّ اللهِ زَكَرِيَّا عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ كَبِرَ سِنُّهُ وَاشْتَعَلَ بِالشَّيْبِ رَأْسُهُ وَلَمْ يَزَلْ عَظِيمَ الرَّجَاءِ فِي رَبِّهِ حَتَّى قَالَ مُحَقِّقًا: وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبّ شَقِيّاً [مريم: ٤ ]
أَيُّهَا الْإِخْوَةُ، وَيَجْمُلُ الدُّعَاءُ وَتَتَوَافَرُ أَسْبَابُ الْخَيْرِ وَيَعْظُمُ الرَّجَاءُ حِينَ يَقْتَرِنُ الْاعْتِكَافُ، فَقَدْ اعْتَكَفَ رَسُولُ اللهِ هَذِهِ الْأَيَّامِ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ.
ثُمَّ اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ أَمَرَكُم بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: ٥٦ ]
اللهمَّ صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ كمَا صلَّيت على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنك حميدٌ مجيد.
اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ والْمُسْلِمِينَ وَأَذِّلَ الشِّرْكَ والْمُشْرِكِينَ وَدَمِّرْ أَعْدَاءَ الدِّينِ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًا وَسَائِرَ بِلَادِ المسْلِمِينَ.

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

هَكَذَا، فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّاهَا الْمُؤْمِنُ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ جَمِيعِهِ)، فَاجْتَهِدُوا رَحِمَكُمُ اللهُ فِي طَلَبِهَا، فَهَذَا أَوَانُ الطَّلَبِ، وَاحْذَرُوا مِنَ الْغَفْلَةِ ؛ فَفِي الْغَفْلَةِ الْعَطَبُ.
وَاحْرِصُوا – رَحِمَكُمُ اللهُ تَعَالَى- عَلَى الْأخْذِ بِالنَّصَائِحِ وَالتَّوْصِيَاتِ الصِّحِّيَّةِ، وَالْتِزَامِ الْإِجْرَاءَاتِ الاحْترَازِيَّةِ، كَلُبْسِ الكِمَامَاتِ، وَتَعْقِيمِ الأَيْدِي عِنْدَ الدُّخُولِ إِلَى المَسْجِدِ وَالخُرُوجِ مِنْهُ، وَعَدَمِ مُصَافَحَةِ الآخَرِينَ، وَكَذَا التَّباعدُ بَينَ المُصَلِّينَ فِي الصُّفُوفِ.
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ والمُسْلِمَاتِ؛ الأَحْياءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ، وَاشْفِ مَرْضَانَا وَمَرْضَى المُسْلِمِينَ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا البَلَاءَ وَالوَبَاءَ وَالغَلَاءَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نسْألُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِنَا وَدُنْيَانا وَأهْلِنا وَمَالِنا، اللَّهُمَّ وَاجْعَلْ هَذا البَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ المُسْلِمينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

خطبة الجمعة
فَضْلُ العَشْرِ وَلَيْلَةِ القَدْرِ
إِنَّ الحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران 102].
عِبَادَ اللهِ:
هَا قَدْ مَضَى أَكْثَرُ رَمَضَانَ، وَأَقْبَلْـنَا عَلَى الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْهُ، فَهَلْ أَحْسَنَّا فِيمَا مَضَى مِنْ صَلَاتِنَا وَصِيَامِنَا، وَقِرَاءَتِنَا وَقِيَامِنَا؟، هَلْ كُنَّا مِنَ الْمُقْبِلِينَ عَلَى أَبْوَابِ الْخَيْرِ وَأَفْعَالِ الْبِرِّ؟ فَإِنْ كُنْتَ مُجْتَهِدًا فِيمَا مَضَى فَزِدِ اجْتِهَادًا، وَإِنْ كُنْتَ مِنَ الْمُقَصِّرِينَ فِي الطَّاعَاتِ، الْمُفَرِّطِينَ فِي الْخَيْرَاتِ ؛ فَبَادِرْ إِلَى الْإحْسَانِ فِيمَا بَقِيَ؛ يُغْفَرْ لَكَ مَا قَدْ مَضَى، فَهَا هِيَ الْعَشْرُ الأَوَاخِرُ عَلَى الْأَبْوَابِ، وَفِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي يُفْتَحُ فِيهَا الْبَابُ، وَيُقَرَّبُ فِيهَا الْأَحْبَابُ، وَيُسْمَعُ الْخِطَابُ، وَيُكْتَبُ لِلْعَامِلِينَ فِيهَا عَظِيمُ الْأَجْرِ وَالثَّوَابِ، فَهِي لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، قَالَ تَعَالَى:  وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26].
أَيُّهَا الْـمُسْلِمُونَ:
لَقَدْ خَصَّ اللهُ تَعَالَى لَيَالِيَ الْعَشْرِ الْأَخِيرَةِ مِنْ رَمَضَانَ بِالْأُجُورِ الْكَثِيرَةِ، وَالْفَضَائِلِ الْمَشْهُورَةِ: فَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ بِالْعَمَلِ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهَا، وَهُوَ اجْتِهَادٌ شَامِلٌ لِجَمِيعِ أَنْوَاعِ الْعِبَادَاتِ، وَمُخْتَلِفِ الْقُرُبَاتِ، مِنْ: صَلَاةٍ وَقُرْآنٍ وَذِكْرٍ وَصَدَقَةٍ وَغَيْرِهَا، فَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْيِي لَيْلَهُ بِالْقِيَامِ وَالْقِرَاءةِ وَالذِّكْرِ بِقَلْبِهِ وَلِسَانِهِ وَجَوَارِحِهِ ؛ اغْتِنَامًا لِشَرَفِ هَذِهِ اللَّيَالِي وَطَلَبًا لِلَيْلَةِ الْقَدْرِ فِيهَا؛ فَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْتَهِدُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، مَا لَا يَجْتَهِدُ فِي غَيْرِهِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]. وَعَنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ العَشْرُ شَدَّ مِئْزَرَهُ، وَأَحْيَا لَيْلَهُ، وَأَيْقَظَ أَهْلَهُ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]. فَمَا هِي إِلَّا لَيَالٍ مَعْدُودَةٌ تَمُرُّ سَرِيعًا عَلَى الْعَبْدِ، فَعَلَيْهُ أَنْ يَغْتَنِمَ تِلْكَ الْفُرْصَةَ الْعَظِيمَةَ وَالْغَنِيمَةَ الْكَبِيرَةَ، وَيَجْتَهِدَ فِيهَا غَايَةَ الاجْتِهَادِ، وَيُذَكِّرَ أهْلَهُ وَوَلَدَهُ بِفَضَائِلِ تِلْكَ اللَّيَالِي، وَيَحُثَّهُمْ عَلَى الْقِيَامِ وَطَلَبِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، عَسَى أَنْ تُصِيبَهُ وَأَهْلَهُ رَحْمَةٌ مِنَ اللهِ، فَـتَـكُونَ بِذَلِكَ سَعَادَتُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَنَعِيمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ.
عِبَادَ اللهِ:
فِي هَذِهِ الْعَشْرِ الْمُبَارَكَةِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي أَعْلَى اللهُ قَدْرَهَا، وَأَعْظَمَ شَأْنَهَا؛ لِكَثْرَةِ خَيْرِهَا، وَبَرَكَةِ وَقْتِهَا، فَمَنْ وُفِّقَ لِنَيْلِهَا بِالصَّلَاةِ وَالذِّكْرِ وَالْقِيَامِ وَفِعْلِ الْخَيْرِ؛ فَهُوَ السَّعِيدُ الرَّابِحُ، وَمِنْ حُرِمَهَا فَهُوَ الْمَغْبُونُ الْخَاسِرُ، وَقَدْ أَشَادَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ بِفَضْلِهَا فِي كِتَابِهِ الْمُبِيْنِ، فَقَالَ تَعَالَى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ [الدخان:3]، فَهِي لَيْلَةٌ مُبَارَكَةٌ لِكَثْرَةِ خَيْرِهَا وَبَرَكَتِهَا وَفَضْلِهَا، وَمِنْ بَرَكَتِهَا: أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ الْمُبَارَكَ أُنْزِلَ فِيهَا، وَوَصَفَهَا سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان:4]، يَعْنِي: يُفَصَّلُ مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ إِلَى الْكَتَـبَـةِ مَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ أَمْرِ اللهِ سُبْحَانَهُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ مِنَ الْأَرْزَاقِ وَالْآجَالِ وَالْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَنْ كُلِّ أَمْرٍ حَكِيمٍ مَنْ أَوَامِرِ اللهِ الْمُحْكَمَةِ الْمُتْقَنَةِ، ذَلِكَ تَقْديرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

الخطبة الأولى: العنوان: (فَرِيْضَةُ الزَّكَاةِ)


إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله..
أَمَّا بَعْدُ: فاتَّقوا اللهَ ربَّكم، واعمُروا أوقاتَكم بطاعتِه، وخُذوا ممَّا مضى من أعمارِكم عبرةً لما بقي، فحالُ ما بقيَ منها، سيكون كحالِ ما مضى.
أيها المسلمون: إذا أردنا أن نتعرَّفَ على مواطنِ اختبارِ الإيمانِ، وصدقِ الديانة، فإنَّ لها ميادينَ من أعظمها: بذلُ المحبوبِ لأمرٍ هو أحبُّ، وهكذا هم أولئك الذين رَغِبوا فيما عند الله، فأرخصوا ما بذلوا وأنفقوا، إنهم المزكُّون أموالَهم، الباذلون لها بطيبِ نفس، أولئك الذين حرصوا على هذه الشعيرة، وعرَفوا أنها ثالثُ أركانِ دينهم، وأنها لعظيمِ منزلتِها ومكانتِها عند الله افترضها على الأممِ من قبلنا، (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ)، قرأَ هؤلاء الباذلون كتابَ ربِهم، فوجدوا أن من أبرزِ صفاتِ المؤمنين: الإنفاقُ ابتغاءَ وجهِ الله، فأنفقوا أموالَهم عن طيبِ نفسٍ، ينتظرون موعود الله في قولِه: (وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا) وقولِه:(وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ). ويكفيهم شرفاً دعوةُ الملائكةِ لهم كلَّ صباحٍ: "اللهم أَعْطِ منفقًا خلَفًا". وأن للمتصدقين بابًا خاصًّا يُدعون منه يومَ القيامة، وما أهْنَأهُم في ذلك الموقفِ العظيم بقول النبي: (كلُّ امرئٍ في ظلِّ صدقته يوم القيامة، حتى يُقضى بين العباد). وفي الوقتِ نفسِه، بذلوها حذراً من مصير المانعين، الذين قال الله فيهم: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّـرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ* يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ) والمرادُ بالكنزِ هنا: هو المالُ الذي لا تُؤدَّى زكاتُه، قال عمرُ -رضي الله عنه-: "كلُّ مالٍ أدَّيتَ زكاتَه فليس بكنزٍ، وإن كان مدفوناً في الأرض".
عباد الله: إن مقامَ الزكاةِ في الإسلام عظيم، فهي أحدُ أركانِ الإسلام، ومبانِيه العظام، وهي قرينةُ الصلاةِ فِي أكثر من ثمانين موضعا من القرآن، وهي سببٌ للنَّجاةِ من كلِّ مرهوب، وطريقٌ للفوز بكلِّ مرغوب، (فَأَنذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لاَ يَصْلَاهَا إِلاَّ الأَشْقَى * الَّذِى كَذَّبَ وَتَوَلَّى * وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى * الَّذِى يُؤْتِى مَالَهُ يَتَزَكَّى). إن الزكاةَ تنقِّي باذلَها من الآثام، وتطهرُه من البخلِ والشُحِّ وغيرها من أخلاق اللئام، (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا). وكم في بذلِ الزكاةِ من صرفٍ للمصائبِ والكروب، وتطْهيرٍ للمالِ من أسباب تلفه وزواله، وهو من أسبابِ حلولِ البركة فيه، وكثرتِه ونمائِه، (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
ومما يدلُّ على أهمية منزلتِها في الإسلام: أنها شرعتْ في مكةَ قبل الهجرة، وتكرر ذكرُها في السورِ المكية، وحين توفي النبيُ، وارتدت بعضُ قبائلِ العرب، ومنعَ بعضُهم الزكاةَ عاملهم الصدِّيقُ -رضي الله عنه- بما دلَّت عليه النصوص، فسَيَّر الجيوشَ لقتالِهم، ولم يتهاونْ في أمرِهم، وأخبر أن الزكاةَ قرينةُ الصلاة.
فاتقوا الله -عباد الله-، وأدُّوا زكاةَ أموالِكم طيبةً بها نفوسُكم، تفوزوا بخيرِها وبركتِها وثوابِها في الدنيا والآخرة، واحذروا شؤْمَ منعِ الزكاة؛ فإنه عارٌ وشرٌ في الدنيا، وعذابٌ بالنار في الآخرة.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتِنانِه، وأشهد ألا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمد عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى صحبه وآله.. أما بعد: فاتقوا الله تعالى وأطيعوه، وجِدُّوا في شهركم هذا؛ فعمَّا قريبٍ سيفارقُكم بما استودعتم فيه من أعمالِكم.
عباد الله: اعتاد كثيرٌ من المسلمين إخراجَ زكاتِهم في رمضانَ؛ تحريًا لفضيلةِ الشهر، إلَّا أنَّ بعضهم لا يُوفقون في إيصالِ الزكاة لمستحقيها بسبب التفريطِ أو الجهل، ولو أن الأغنياءَ صرفوا زكاةَ أموالِهم كاملةً على المستحقين لها حقًا لما بقي في المسلمين فقيرٌ، غير أن بعضَهم مقصِّـرون في إخراجِ زكاتهم، أو يخرجون بعضها استعظامًا لها، ولم يستعظموا أموالَهم، وما الزكاةُ منها إلا جزءًا واحدا من أربعين جزءًا، (قُتِلَ الإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ).

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

ومن الأسبابِ المعينةِ على الخشوعِ والتدبُّرِ تعلُّمُ تفسيرِ القرآنِ ، فإنَّ الحكمةَ من إنزالِ هذا القرآنِ المبارَكِ أنْ يتدبَّرَ الناسُ آياتِه ويتَّعِظُوا بما فيها ، والتدبُّرُ هو التأمُّلُ في الألفاظِ للوصولِ إلى معانيها ، فإذا لم يكنْ ذلك فاتت الحكمةُ من إنزالِ القرآنِ وصارَ مجرَّدَ ألفاظٍ لا تأثيرَ لها ، ولأنَّه لا يمكنُ الاتِّعاظُ بما في القرآنِ بدونِ معانيه ، قال تعالى : ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ ، وقد وبَّخَ اللهُ أولئك الذين لا يتدبَّرون القرآنَ ، وأشارَ إلى أنَّ ذلك من الإقفالِ على قلوبِهم وعدمِ وصولِ الخيرِ إليها ، فقالَ سبحانَه: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ .
ولقد كان السلفُ يحرِصون أشدَّ الحرصِ على تعلُّمِ القرآنِ ألفاظِه ومعانيه ، لأنَّهم بذلك يتمكَّنون من العملِ بالقرآنِ على مُرَادِ اللهِ ، فإنَّ العَمَلَ بما لا يُعْرَف معناه غيرُ مُمْكِنٍ ، قال أبو عبدِ الرحمنِ السُّلَمِيُّ رحمه الله : (حدثنا الذين كانوا يُقْرِؤوننا القرآنَ كعثمانَ بنِ عفانٍ وعبدِ اللهِ بنِ مسعودٍ وغيرِهما ؛ أنَّهم كانوا إذا تعلَّمُوا من النبيِّ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ عشرَ آياتٍ لم يجاوزوها حتَّى يتعلَّموا ما فيها من العِلْمِ والعملِ ، قالوا : فتعلَّمْنا القرآنَ والعلمَ والعملَ جميعا) ، قال شيخُ الإسلامِ رحمه اللهُ : (والعادةُ تمنعُ أنْ يقرأَ قومٌ كتاباً في فَنٍّ من العلمِ كالطبِّ والحِسَابِ ولا يسْتَشْرِحوه ، فكيفَ بكلامِ اللهِ تعالى الذي هو عصمتُهم ، وبه نجاتُهم وسعادتُهم وقيامُ دينِهم ودنياهُم) .
اللهم عَلّمْنا ما ينفعُنا ، وانفعْنا بما علَّمْتنا ، واغفرْ لنا ولوالدينا ولجميعِ المسلمين ، إنك أنت الغفورُ الرحيمُ .
الخطبةُ الثانيةُ
الحمدُ للهِ على إحسانِه ، والشكرُ له على توفيقِه وامتنانِه ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه ، صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وأصحابِه وسلَّم تسليماً كثيراً ، أمّا بعدُ : عبادَ اللهِ :
اتقوا اللهَ تعالى ، واعلموا أنَّ المقصودَ الأعظمَ من إنزالِ القرآنِ هو العملُ به والتخلُّقُ بأخلاقِه لا مجرَّدَ إقامةِ حروفِه ، ولذلك كان خُلُقُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ القرآنُ ، وروى بنُ جريرٍ عن مجاهدٍ رحمه اللهُ في تفسيرِ قولِه تعالى : ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾ ، قال : (يَعْمَلُون به حقَّ عَمَلِه) ، وروى أبو نُعَيْمٍ في الحِلْيَةِ عن أبي مُوسى الأشْعَرِيِّ رضي اللهُ عنه قال : (إنَّ هذا القرآنَ كائنٌ لكم ذُخْرَاً وكائنٌ عليكم وِزْراً ، فاتَّبِعُوا القرآنَ ولا يَتَّبِعْكم ، فإنَّه من اتَّبَعَ القرآنَ هَبَطَ به على رياضِ الجَنَّةِ ، ومن اتَّبَعَه القرآنُ زُجَّ في قَفَاه فقُذِفَ في النارَ) ، وقال الحسنُ البصريُّ : (مَنْ أَحَبَّ أنْ يَعْلَمَ ما هو فَلْيَعْرِضْ نفسَه على القرآنِ) ، وفي التحذيرِ عن التَّجَافي عنه ما يَدُلُّ على فَضْلِ العملِ به ، قال صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ : «لَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ رَجُلَيْنِ أتَيَانِي فأخَذَا بيَدِي» ، فَسَاقَ الحديثَ ، وفيه : «انْطَلَقْنَا حتَّى أتَيْنَا علَى رَجُلٍ مُضْطَجِعٍ علَى قَفَاهُ ورَجُلٌ قَائِمٌ علَى رَأْسِهِ بفِهْرٍ - أوْ صَخْرَةٍ - ، فَيَشْدَخُ به رَأْسَهُ ، فَإِذَا ضَرَبَهُ تَدَهْدَهَ الحَجَرُ ، فَانْطَلَقَ إلَيْهِ لِيَأْخُذَهُ ، فلا يَرْجِعُ إلى هذا حتَّى يَلْتَئِمَ رَأْسُهُ ، وعَادَ رَأْسُهُ كما هُوَ ، فَعَادَ إلَيْهِ ، فَضَرَبَهُ... » ، فلمَّا سَأَلَ عنه الرسولُ صَلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ ، قالا : «أمّا الرَّجُلُ الذي أَتَيْتَ عليه يُثْلَغُ رأسُه بالحَجَرِ فهو الرَّجُلُ يأْخُذُ القرآنَ فيرفُضُه وينامُ عن الصلاةِ المكتوبةِ» ، وفي روايةٍ : قالا : «والذي رَأَيْتَهُ يُشْدَخُ رَأْسُهُ، فَرَجُلٌ عَلَّمَهُ اللَّهُ القُرْآنَ، فَنَامَ عنْه باللَّيْلِ ولَمْ يَعْمَلْ فيه بالنَّهَارِ، يُفْعَلُ به إلى يَومِ القِيَامَةِ» .
فاتَّقُوا اللهَ عبادَ اللهِ ، وعَظِّمُوا كتابَ ربِّكم ، واتلُوه وتدبَّروا آياتِه ، واعمَلُوا بما فيه ، وتَذَكَّروا قولَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ : «والقرآنُ حُجَّةٌ لك أو عليك» .
اللهم اجعلْنا لكتابِك من التَّالين ، ولك به من العاملين ، اللهم ارزقْنا تلاوتَه آناءَ الليلِ وآناءَ النهارِ على الوجهِ الذي يرضيك ، اللهمَّ اجْعَلْه حُجَّةً لنا لا علينا ، اللهم اجعلنا مِـمَّنْ يُحِلُّ حلالَه ، ويُحَرِّمُ حرامَه ، ويعملُ بحكمِه ويُؤْمِنُ بمتشابِهِه ، اللهم آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنَا عذابَ النارِ ، اللهم آتِ نُفُوسَنا تَقْواهَا ، وَزَكِّها أنت خيرُ مَنْ زَكَّاها , أنت وَلِيُّهَا ومولاها ، اللهم إنا نسألك الجَنَّةَ وما قَرَّبَ إليها من قولٍ أو عملٍ ،

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

.

🔻 تعظيم رمضان 🔻

خطبة فضيلة الشيخ الدكتور /
صالح بن عبدالله العصيمي
- وفقه الله وسدد خطاه -

الجمعة: ٤ / رمضان / ١٤٤٢

https://youtu.be/-JhSJG7myWw

════ ¤❁✿❁¤ ════

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

فلنجتهدْ عبادَ اللهِ فيما نملِكُ ، قال صلَّى اللهُ عليه وسلم : «أَعْجَزُ الناسِ مَنْ عَجَزَ عن الدعاءَ» ، حديثٌ صحيحٌ أخرجه البخاريُّ في الأدبِ المفردِ .
اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ ، سَرِيعَ الحِسَابِ ، هَازِمَ الأَحْزَابِ اهْزِمِ اليهودَ المحتلين الغاصبين ، اللهم كُنْ لإخوانِنا المستضعفين في فلسطين ، اللهُمَّ اكْفِهِم شرَّ اليهودِ ، واكْفِهِم شرَّ مَنْ يُتَاجِر بقضيَّتِهم ، اللهم احفظهم بحفظك .
اللهم وَحِّدْ كلمةَ المسلمين ، واعْصِمْهم من الفُرْقَةِ والتحَزُّبِ والاختلافِ ، اللهم اجْمَعْهم على كلمةِ التوحيدِ ، واجْمَعْهُم على كتابِك وسُنَّةِ نبيِّك صلَّى اللهُ عليه وسلم .
اللهم اكفنا شرَّ اليهودِ والرافضةِ والخوارجِ ومَنْ أرادَ سوءاً بالمسلمين .
اللهم آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنَا عذابَ النارِ ، اللهم آتِ نُفُوسَنا تَقْواهَا ، وَزَكِّها أنت خيرُ مَنْ زَكَّاها , أنت وَلِيُّهَا ومولاها ، اللهم إنا نسألك الجَنَّةَ وما قَرَّبَ إليها من قولٍ أو عملٍ ، ونعوذُ بك من النارِ وما قَرَّبَ إليها من قَوْلٍ أو عَمَلٍ .

اللهم احفظْ بلادَنا وجميعَ بلادِ المسلمين منْ كلِّ سوءٍ ومَكْرٍ وكَيْدٍ .
اللهم ارفعْ عنَّا الوباءَ والغلاءَ والفِتَنَ ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ .
اللهم اغفرْ لنا ولآبائِنا وأمهاتِنا ، وأَصْلِحْ قلوبَنا وذرياتِنا وأزواجَنا ، اللهم تُبْ علينا إنك أنت التوابُ الرحيمُ .
اللهُمَّ باركْ لنا في أعمارِنا وأعمالِنا وأرزاقِنا وذرياتِنا .
سبحانَ ربِّك ربِّ العِزَّةِ عما يصفون ، وسلامٌ على المرسلين ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين .

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

 
أسبابُ النَّصْرِ
الخطبةُ الأولى
إِنَّ الْحَمدَ للهِ نَحمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ ، وَنَعوذُ باللهِ مِنْ شُرُورِ أَنفُسِنا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا ، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلا مُضِلَّ لَه ، وَمَنْ يُضلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، صَلَى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَمَ تسلِيماً كَثِيراً ، أمّا بعد :
فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ ، واحذروا من الغفلةِ عن الآخرةِ ، فإنَّ الاستعدادَ لها فوزٌ وسعادةٌ ، وإنَّ الغفلةَ عنها خسارةٌ وندامةٌ .
أيها المؤمنون ، عندما يتلو المؤمنُ في الكتابِ العزيزِ قولَ اللهِ جلَّ وعلا : ﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ ، ويقرأُ قولَه تعالى : ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ﴾ ، ويتلو قولَه جلَّ جلالُه : ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ *إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ O وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ ، وقوله : ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ ؛ عندما يقرأُ المؤمنُ هذه الآياتِ وأمثالَها يستبشرُ بوعدِ اللهِ ، فاللهُ تباركَ وتعالى جَعَلَ على نفسِه حقَّاً ، وسَبَقَتْ كلمتُه وكَتَبها في اللوحِ المحفوظِ أنْ ينصرَ جندَه وعبادَه المؤمنين ويجعلَ العاقبةَ والغلبةَ لهم .
والمؤمنُ موقنٌ بأنَّ اللهَ لا يُخلفُ وعدَه ، وموقنٌ بأنَّ مَنْ ينصرُه اللهُ لا يُمكنُ أنْ يُغْلَبَ ، ﴿إِن يَنصُرْكُمُ اللّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ﴾ .
وعندما يرى المؤمنُ ما أصابَ المسلمين اليومَ من ضَعْفٍ يحزنُ ، ويعتصرُ قلبُه ألماً ، ويثورُ تساؤلٌ في أعماقِ وضمائرِ الكثيرين : لماذا لا ينتصرُ المسلمون ؟ ، أليسوا هم جندُ اللهِ المؤمنون ، وأهلُ دينِه الحقِّ ؟ ، وأعداؤُهم هم الكافرون؟ ، فلماذا لم يتحقَّقْ وعدُ اللهِ فينتصرون ؟ .
أيها المسلمون ، نصوصُ الكتابِ والسنَّةِ تجيبُنا عن هذا التساؤلِ فتبينُ بكلِّ وُضوحٍ وجلاءٍ أسبابَ النَّصْرِ ، وتبيِّنُ أوصافَ القومِ الموعودين بالنُّصْرَةِ والغَلَبَةِ من ربِّ البريَّةِ .
وإنَّ من أوضحِ النُّصوصِ القرآنيةِ في بيانِ أسبابِ النَّصْرِ والتمكينِ آيةُ سورةِ النورِ ، آيةُ الاستخلافِ والتمكينِ ، قال اللهُ تعالى : ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ .
فقد ذكرَ اللهُ في هذه الآيةِ ثلاثةَ أوصافٍ للموعودين بالنصرِ والتمكينِ :
أوَّلُ هذه الأسبابِ للنصرِ توحيدُ العبادةِ ، عبادةُ اللهِ وحدَه لا شريكَ له ، وتركُ عبادةِ ما سواه ، والبراءةُ من الشركِ وأهلِه ، ﴿يَعْبُدُونَنِي لاَ يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً﴾ ، فيجبُ أنْ تكونَ أبرزُ صفاتِ طالبي النصرِ ؛ إخلاصُ الدينِ والعبادةِ للهِ وحدَه ، القلبيَّةِ منها والعمليَّةِ والقوليَّةِ ، وتركُ عبادةِ ما سواه ، فهذه هي حقيقةُ دينِ اللهِ الذي بعثَ به المرسلين .
لكنَّ الناظرَ في واقعِ المسلمين اليومَ يجدُ أنَّ الشركَ في العبادةِ قد تفشَّى في مجتمعاتِهم إلا مَنْ رَحِمَ اللهُ ، ويرى الأضرحةَ والقِبَابَ التي تُقْصَدُ وتُعْبَدُ من دون اللهِ ، فهو أكبرُ أسبابِ الخُذْلانِ وتَخَلُّفِ النَّصْرِ .
ويندرجُ تحتَ هذا السببِ الأعظمِ والأهمِّ للنصرِ أعني : (التوحيدَ وتركَ الشركِ) ، يندرجُ تحتَه ويدخلُ فيه ؛ إخلاصُ القتالِ للهِ ، بأنْ يكونَ قصدُ المسلمِ نُصْرَةَ دينِ اللهِ ، وإعلاءَ كلمةِ اللهِ : (لا إلهَ إلا الله) ، قال صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ : «مَنْ قَاتَلَ لتكونَ كلمةُ اللهِ هي العليا فهو في سبيلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ» ، متَّفَقٌ عليه .
وعليه فإنَّ من أسبابِ الخُذلانِ أنْ يُقَاتِلَ المؤمنون لغرضٍ ومَغْنَمٍ دُنْيَويٍّ ، سواءٌ كان مالياً أو معنوياً أو سياسياً أو عصبيَّةً أو حَمِيَّةً لمصلحةِ حزبٍ أو جماعةٍ ، لا لمصلحةِ دينِ اللهِ ولا عبادِه المؤمنين ، فلقد ذَكَرَ اللهُ في أسبابِ هزيمةِ المؤمنين في غزوةِ أُحُد : ﴿وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْآخِرَةَ﴾ .
عبادَ اللهِ : ثاني أسبابِ النصرِ الإيمانُ بأصولِ الإيمانِ وأركانِه الستَّةِ ، وما يتبعُ ذلك من أصولِ الدينِ ، ففي الآيةِ : ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ مِنْكُمْ﴾ .

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

نَسْأَلُ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَقْبَلَ مِنَّا الصِّيَامَ وَالْقِيَامَ وَسَائِرَ الْأَعْمَالِ ، وَأَنْ يَتَسَلَّمَ مِنَّا رَمَضَانَ مُتَقَبَّلًا ، وَأَنْ يُعِيدَهُ عَلَيْنَا بِالْعَافِيَةِ وَالْأَمْنِ وَالرَّخَاءِ ، وَجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ .
اللهم عَلّمْنا ما ينفعُنا ، وانفعْنا بما علَّمْتنا ، واغفرْ لنا ولوالدينا ولجميعِ المسلمين ، إنك أنت الغفورُ الرحيمُ .
الخطبةُ الثانيةُ
 الحمدُ للهِ على إحسانِه ، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتِنانِه ، وأشهدُ ألَّا إله إلا اللهُ تعظيماً لشأنِه ، وأشهدُ أن َّمحمَّداً عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانِه ، صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ عليه ، وعلى صحبِه وآلِه ، أَمَّا بَعْدُ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ ، فَــــــــ ﴿ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ﴾ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : يَنْبَغِي لِأَهْلِ الْإِيمَانِ بَعْدَ رَمَضَانَ مُتَابَعَةُ الطَّاعَةِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُحِبُّ مِنْ عَبْدِهِ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى الْعَمَلِ الصَّالِحِ ، وَكَانَ ذَلِكَ هَدْيَ النَّبِيِّ ﷺ ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺإِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَثْبَتَهُ ، وَكَانَ إِذَا نَامَ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ مَرِضَ صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْـرَةَ رَكْعَةً» ، وَعَنْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ : سُئِلَ : أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ ، قَالَ : «أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ» .
وَمِنْ أَوَّلِيَّاتِ ذَلِكَ بَعْدَ رَمَضَانَ صِيَامُ سِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» ، وَكَذَا الْمُحَافَظَةُ عَلَى الْوِتْرِ ، وَشَيْءٍ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ ، وَالسُّنَنِ الرَّوَاتِبِ ، وَصَلَاةِ الضُّحَى ، وَغَيْرِهَا مِنَ النَّوَافِلِ ، وَالْمُدَاوَمَةُ عَلَى قِرَاءَةِ وِرْدٍ مِنَ  الْقُرْآنِ وَإِنْ قَلَّ ، فَمَا لَزِمَ عَبْدٌ الْقُرْآنَ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ لَهُ أَبْوَابًا مِنَ الْخَيْرِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ .
هذا وصلُّوا وسلموا على المبعوثِ رحمةً للعالمين ، كما قال ربُّكم في كتابِه : ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ .
اللهم صلِّ وسلِّمْ وباركْ على عبدِك ورسولِك محمَّدٍ ، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين ، وارضّ اللهُمَّ عن خلفائِه الراشدين وصحابتِه والتابعين ، ومَنْ تبعهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين .
اللهُمَّ أعِزَّ الإسلام والمسلمين ، وأذِلَّ الشـركَ والمشـركين ، ودمِّرْ أعداءَ الدين ، واجعل اللهُمَّ هذا البلدَ آمِنًا مُطمئنًّا رَخَاءً وسائرَ بلادِ المسلمين ، اللهُمَّ مَنْ أرادَ بالإسلامِ والمُسلمين سُوءً فأشغِله في نفسِه ، ورُدَّ كيدَه في نحرِه ، واجعَل دائرةَ السَّوء عليه يا رب العالمين .
اللَّهُمَّ اُنْصُـرِ الْمُجَاهِدِينَ في سبيلك في كلِّ مكانٍ ، وانصـر أخواننا المرابطين في الأقصى ، اللهُمَّ ثبِّتْ أقدامَهم ، وارْبِطْ عَلَى قُلُوبِـهِمْ وسَدِّدْ رميَهم ، وَانصُرْهُمْ عَلَى الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ .
ربَّنا آتِنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنا عذابَ النارِ .
سُبْحَانَ رَبِّنا رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ .
 

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

وَلَقَدْ  أوصى  ﷺ  بالمواضبة على الأعمال الصالحة وإن قلت وكَانَ قدوة لأمته في ذلك فإِذَا ما عَمِلَ عَمَلاً بأبي هو وأمي وَاظَبَ عَلَيْهِ وَلاَزَمَه ، وفي الحديث الصحيح "ياَ أَيُّهُا النَّاسُ عَلَيْكُمْ مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ؛ فَإِنَّ اللهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا، وَإنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ مَا دُووِمَ عَلَيْهِ وَإِنْ قَلَّ "
بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ والسنة، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِما مِنَ الآياتِ وَالحكمة، أَقُولُ قولي هذا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ ولسائر المسلمين من كل ذنب، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الخطبة الثانية
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرا.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ أيها الناس وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ وَطَاعَتِهِ، وَبِالْحَذَرِ مِنْ غَضَبِهِ وَمَعْصِيَتِهِ.
عِبَادَ اللهِ: إِنَّهُ لاَ يُقَصِّرُ فِي الْعَمَلِ إِلاَّ مَنْ خَدَعَهُ الأَمَلُ، وَلاَ يَدَعُ الاِسْتِقَامَةَ عَلَى الْخَيْرِ إِلاَّ عَبْدٌ مَغْرُورٌ.  وَإنَّ مَوَاسِمَ الْخَيْرِ مَا زَالَتْ مُتَوَالِيَةً، وَنَفَحَاتِ رَبِّناَ الْكَرِيمِ مَا بَرِحَتْ مَتَعَاقِبَةً، فَهَذَا شَهْرُ شَوَّالٍ؛ مَنْ صَامَ مِنْهُ سِـتًّا بَعْدَ رَمَضَانَ كَانَ فِيهِ تَمَامُ الصِّيَامِ مِنَ الأَعْمَالِ؛ فَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ  قَالَ:"مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ؛ كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ"[ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ].
فَاسْتَقِيمُوا عَلَى طَاعَةِ اللهِ وَلاَ تَسْتَبْدِلُوا الذِي هُوَ أَدْنَى بِالذِي هُوَ خَيْرٌ، وَاعْتَبِرُوا بِسُرْعَةِ انْقِضَاءِ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ، وَاتَّعِظُوا بِتَصَرُّمِ الشُّهُورِ وَالأَعْوَامِ.  ( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا رحمكم الله ُعلى مَنْ أُمِرْكم الله جل جلاله بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ:﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْـهِ وَسَـلِّمُوا تَسْـلِيماً ﴾
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ َالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَعَمَّنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدَّينِ. 
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، وَعَافِنَا وَاعْفُ عَنَّا، اللَّهُمَّ أَعْطِنَا وَلاَ تَحْرِمْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلاَ تُهِنَّا، وَزِدْنَا وَلاَ تَنْقُصْنَا، وَآثِرْنَا وَلاَ تُؤْثِرْ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيمَانَ وَزَيِّنْـهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِليْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُـوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا يَا رَبَّنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ.
اللَّهُمَّ اغْفِـرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْـلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ الأَحْيَاءِ مِنْهُـمْ وَالأَمْوَاتِ. وَوَفِّقِ- اللَّهُمَّ- وُلاَةَ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ
اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا ودعاءنا وتجاوز عن خطأنا وتقصيرنا  برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم وأعد علينا شهر رمضان ونحن في أمن وإيمان وسلامة وإسلام ياذا الاجلال والإكرام.
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
(رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه  يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

 فلا انقطاع عن عمل الصالحات دون الموت، وإن كان لمواسِم الخيرات جهدٌ مضاعفُ. 
وصيامُ ستةِ أيامٍ من شوالٍ بعدَ رمضان.. فضيلةٌ جاء النص فيها. فعن أَبي أيوب رضي الله عنه : أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ» رواه مسلم . وتلك غنيمةٌ فلا تُغْبَنُوها .
ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا رحمكم الله ُعلى مَنْ أُمِرْكم الله جل جلاله بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْهِ:﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْـهِ وَسَـلِّمُوا تَسْـلِيماً ﴾
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلِّمْ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ َالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَعَمَّنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدَّينِ. 
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا، وَعَافِنَا وَاعْفُ عَنَّا، اللَّهُمَّ أَعْطِنَا وَلاَ تَحْرِمْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلاَ تُهِنَّا، وَزِدْنَا وَلاَ تَنْقُصْنَا، وَآثِرْنَا وَلاَ تُؤْثِرْ عَلَيْنَا.
اللَّهُمَّ رَبَّنَا حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيمَانَ وَزَيِّنْـهُ فِي قُلُوبِنَا، وَكَرِّهْ إِليْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُـوقَ وَالْعِصْيَانَ، وَاجْعَلْنَا يَا رَبَّنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ.
اللَّهُمَّ اغْفِـرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْـلِمَاتِ، وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ؛ الأَحْيَاءِ مِنْهُـمْ وَالأَمْوَاتِ. وَوَفِّقِ- اللَّهُمَّ- وُلاَةَ أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَوَاصِيهِمْ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً مُطْمَئِنًّا سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ
اللهم تقبل منا صيامنا وقيامنا ودعاءنا وتجاوز عن خطأنا وتقصيرنا  برحمتك يا أرحم الراحمين.
اللهم وأعد علينا شهر رمضان ونحن في أمن وإيمان وسلامة وإسلام ياذا الاجلال والإكرام.
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
(رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ والإحسان وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه  يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.
 
 
 

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

معاشر الصائمين ونحن نودع شهرنا الفضيل يحسن أن نقف هذه الوقفات
الوقفة الأولى : أن ننظر في حالنا ونتأمل في واقع أنفسنا ما الذي حققناه من المكاسب طيلةَ شهر رمضان هل عمَّرنا قلوبنا بالتقوى ..هل صلحت منا الأعمال هل تحسنت الأخلاق.. هل أستقام السلوك هل زالت الضغائن والأحقاد وسُلت السخائم من النفوس هل إزددنا قرباً من الله تعالى ،،
فمن وجد من نفسه خيراً فليحمد الله تعالى وليستكثر من الطاعات.. ومن كان مُفرِّطاً فليتدارك فلا زال السوق قائماً و الفرصة سانحة ..وأبواب الجنة مشرعة
الوقفة الثانية : الأعمال بالخواتيم
فإياك يا عبدالله أن تسقط وتكسل.. فلم يبق إلا القليل ولكن لا زال أمامك فرصة للفوز بمغفرة الذنوب
فشد مئزرك وشمر عن ساعدك وأحي ما تبقى من الليالي ..كثف الطاعات وزد فيها .. فلعلك تظفر بنفحة ربانية تسعد بها في الدنيا والآخرة
الوقفة الثالثة : وأنت تودع شهر رمضان سل الله جل وعلا القبول
فإن العبرة ليست بكثرة العمل فرب صائم ليس له من صيامه الإ الجوع والعطش ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر والتعب فلا تغتر بكثرة العمل وكن على وجل واحسن الظن بربك واسأله القبول فـــالله تعالى يقول ـ (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ)
الوقفة الرابعة : يشرع لنا ونحن نودع شهرنا الفضيل أن نكثر من الإستغفار..ليجبر ما كان من خلل ويمحو ما كان زلل ..فقد أمر الله نبيه  أن يختم عمره الشريف بالإستغفار كما قال سبحانه ((فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً)
وقال بعد عبادة الحج ((ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

أيها المسلمون : ومازالَ العالَمُ يعاني من استمرارِ وَبَاءِ كُورونا ، نسألُ اللهَ أنْ يرفعَ عنا الوباءَ والبلاءَ ، فلا بُدَّ من بذلِ الأسبابِ التي ترفعُ هذا الوباءَ عنَّا بمشيئةِ اللهِ ، والتي أَوَّلُها : اللُّجُوءُ إلى اللهِ بِالتَّضَرُّعِ والدُّعاءِ لِرَفْعِ ما أَصابَنا ، قال تعالى : ﴿وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ .
والثاني : بَذْلُ الأسبابِ الحِسِّيَّةِ المُباحَةِ بَعْدَ التَوَكُّلِ عَلَى اللهِ ، وذلك بِالتِزامِ التَوجِيهاتِ الاحْتِرازِيَّةِ  وأَخْذِ لِقاحِ هذا المرضِ .
اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , لا إلهَ إلا اللهُ واللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ .
اللهم آتنا في الدنيا حَسَنَةً وفي الآخرةِ حسنةً وقِنَا عذابَ النارِ ، اللهم آتِ نُفُوسَنا تَقْواهَا ، وَزَكِّها أنت خيرُ مَنْ زَكَّاها , أنت وَلِيُّهَا ومولاها ، اللهم إنا نسألك الجَنَّةَ وما قَرَّبَ إليها من قولٍ أو عملٍ ، ونعوذُ بك من النارِ وما قَرَّبَ إليها من قَوْلٍ أو عَمَلٍ .

اللهم احفظْ بلادَنا وجميعَ بلادِ المسلمين منْ كلِّ سوءٍ ومَكْرٍ وكَيْدٍ .
اللهم ارفعْ عنَّا الوباءَ والغلاءَ والفِتَنَ ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ .
اللهُمَّ تقبَّلْ صيامَنا وقيامَنا ، اللهم اغفرْ لنا ولآبائِنا وأمهاتِنا ، وأَصْلِحْ قلوبَنا وذرياتِنا وأزواجَنا ، اللهم تُبْ علينا إنك أنت التوابُ الرحيمُ .
اللهم اجعلْ خيرَ أعمالِنا خواتيمَها ، اللهم اختمْ بالصالحاتِ أعمالَنا ، اللهم اغفرْ لنا ولوالدِينا وللمسلمين ، اللهم اجعلنا مِمَّنْ وفقْتَه لصيامِ وقيامِ شهرِ رمضانَ إيماناً واحتساباً ، اللهُمَّ باركْ لنا في أعمارِنا وأعمالِنا وأرزاقِنا وذرياتِنا .
اللهم صلِّ وسَلِّمْ وباركْ على نبيِّنا محمَّدٍ .
سبحانَ ربِّك ربِّ العِزَّةِ عما يصفون ، وسلامٌ على المرسلين ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين .


[1]() سورة إبراهيم (7) .

[2]() سورة النحل (97) .

[3]() سورة البقرة (257) .

[4]() سورة النور (36) .

[5]() رواه ابن ماجه وهو حديث صحيح رجاله على شرط مسلم .

[6]() رواه مسلم .

[7]() سورة الإسراء (23) .

[8]() رواه البخاري ومسلم .

[9]() سورة محمد (22) .

[10]() رواه أبو داوود في سننه ، وصححه الحافظ العراقي والنووي .

[11]() رواه أهل السنن وصححه جمع من أهل العلم .

[12]() سورة التحريم (6) .

[13]() سورة التوبة (33) .

[14]() رواه الإمام أحمد وهو حديث صحيح .

[15]() رواه الإمام أحمد وهو حديث صحيح .

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

خطبة عيد الفطر 1442هــ
الخطبةُ الأولى
إنَّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ؛ ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا وسيئاتِ أعمالِنا ؛ منْ يهده اللهُ فلا مضلَّ له ؛ ومنْ يضللْ فلا هاديَ له ؛ وأشهدُ أنَّ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ؛ وأشهدُ أنَّ محمَّداً عبدُه ورسولُه ؛ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلَّمَ تسليماً كثيراً  .
اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , اللهُ أكبرُ , لا إله إلا اللهُ واللهُ أكبر , اللهُ أكبرُ وللهِ الحمدُ ، اللهُ أكبرُ كبيراً , والحمدُ لله كثيراً , وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلا .
أيها المسلمون ، اتقُوا اللهَ تعالى واشكروه على عُمُومِ نِعَمِه , فقد تأذّن اللهُ سبحانه للشاكرين لِنِعَمِه بالزيادةِ , ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ ([1]) , وإنَّ من نعمةِ اللهِ علينا أنْ أَكَمَلَ لنا شهرَ الصيامِ والقيامِ , فنحمدُ اللهَ على ذلك , ونسألُه أنْ يُتِمَّ نِعْمَتَه علينا بالقَبُولِ , وأنْ يَغْفِرَ لنا ما حصلَ منا من خطأٍ وتقصيرٍ .
عبادَ اللهِ ، إنِّ السعادةَ لا تكونُ باللهوِ والـمَرَحِ وتحقيقِ الشهواتِ ورغباتِ النفسِ المحرَّمَةِ , وإنما تكونُ بتقوى اللهِ وطاعتِه .
﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً﴾ ([2]) , وعلى هذا فإنَّ السعيدَ في هذا اليومِ ؛ مَن اجتهدَ في شهرِ رمضانَ فصامَ وقامَ وأشْغَلَ وقتَه فيما يقرِّبُه إلى اللهِ , وانْكَفَّ عن معصيةِ اللهِ .
أيها المسلمون ، إنَّ الواجبَ علينا أنْ نعْتَزَّ بديننِا وأنْ نعلمَ بأنَّ اللهَ أَعَزَّنا بالإسلامِ فإنْ ابتغينا العِزَّةَ بغيرِه أَذَلَّنَا اللهُ , وما ذاك إلا لأنَّ الإسلامَ أعظمُ نعمةٍ أَنْعَمَ اللهُ بها علينا , فهو دينٌ كاملٌ في اعتقاداتِه وفي تشريعاتِه وفي أوامرِه ومنهياتِه وفي آدابِه وأخلاقياتِه ، وإذا أردتم يا عبادَ الله معرفةَ قَدْرِ نعمةِ الله علينا بالإسلامِ ؛ فانظروا ما عليه أُمَمُ الكفرِ اليومَ , وما تعيشُه مِنْ تخبُّطٍ في العقائدِ وفسادٍ في الأخلاق , وضياعٍ للأعراضِ وهمجيِّةٍ في النُّظُمِ والقوانين , واختلالٍ في الأمنِ , واضطرابٍ في السياسةِ ما بينَ دكتاتوريةٍ مُسْتَبِدَّةٌ تحكمُ شعوبَها بالحديدِ والنارِ , وما بين يهوديِّةٍ حاقدةٍ على البشريةِ تخطِّطُ لهلاكِها , وما بينَ نصرانيِّةٍ ضالَّةٍ متحيِّرَةٍ , ووثنيَّةٍ تعبدُ الأشجارَ والأحجارَ والحيواناتِ ، وهكذا كلُّ مَنْ حُرِمَ نورَ الإسلامِ ونورَ التوحيدِ والسُّنَّةِ , فإنه يتخبَّطُ في الظلامِ ، ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ ([3]) .
أيها المسلم ، إيِّاكَ أنْ تكونَ ممن لا يعرفُ اللهَ إلا في رمضانَ ، فبئسَ القومُ لا يعرفون اللهَ إلا في رمضانَ , وإنَّ من علامةِ قَبُولِ عَمَلِك الاستمرارُ على طاعةِ اللهِ وتحسُّنِ الحالِ .
أيها المسلمون ، إنَّ من أبرزِ صفاتِ المؤمنين المحافظةُ على الصلاةِ مع الجماعةِ , ﴿فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّـهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُـهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ﴾ ([4]) ، والبُيُوتُ هي المساجدُ ، وقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ سَمِعَ النداءَ فلمْ يأتِ فلا صلاةَ له إلا مِنْ عُذْرٍ» ([5]) ، وأهلُ العلمِ اختلفوا هلْ صلاتُه غيرُ صحيحةٍ إنْ صَلَّاها في بيتِه بلا عُذْرٍ ، أو هي صحيحةٌ مع نقصِها وعدمِ كمالِها ؟ ، واختلافُ أهلِ العلمِ في هذه المسألةِ يدلُّ على خطورةِ الأمرِ ، قال ابنُ مسعودٍ رضيَ الله عنه : ((ولقد علمتُنا وما يتَخَلَّفُ عنها إلا منافقٌ أو مريضٌ)) ([6]) ، فحافظْ أيُّها المسلمُ على الصلاةِ مع الجماعةِ , وإيّاك وخصالَ المنافقين والتي من أبرزِها التخلُّفُ عن الصلاةِ .
أيها المسلمون ، إنِّ أعظمَ الحقوقِ بعد حقِّ اللهِ وحقِّ رسولِه صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ؛ حقُ الوالدينِ , ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ ([7]) , وقَرَنَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّمَ عقوقَ الوالدين بالشركِ فقالَ عندما سُئل عن الكبائرِ :  «الشركُ باللهِ وعقوقُ الوالدين وقولُ الزورِ» ([8]) .
عبادَ اللهِ ، صِلَةُ الرَّحِمِ حقٌّ واجبٌ , مَنْ وَصَلَها وَصَلَه اللهُ , ومَنْ قَطَعَها قَطَعَه اللهُ ، وقَطْعُها من أسبابِ لعنةِ اللهِ ونزولِ عقوبتِه , قال تعالى : ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ O أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

اللَّهُمَّ آمِنَّا في أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، اللَّهُمَّ وَفِقْ وَلِيَّ أَمْرِنَا خَادِمَ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ لما تُحِبُّ وَتَرْضَى، اللَّهُمَّ وفِّقْهُ وَوَليَّ العَهْدِ لما فيهِ صَلَاحُ البِلَادِ والعِبَادِ.
اللَّهُمَّ انْصُرُ جُنُودَنَا الْمُرَابِطِينَ عَلَى حُدُودِ بِلَادِنَا، اللَّهُمَّ كُنْ لَهْم مُؤيِّدًا وَنَصِيرًا، وَمُعِينًا وَظَهِيرًا، وَوَفِّقْ رِجَالَ أَمْنِنَا فِي كُلِّ مَكَانٍ
اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٍّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُوا عَنَّا، اللَّهُمَّ اجْعَلْ خَيْرَ أَعْمَارِنَا أَوَاخِرَهَا، وَخَيْرَ أَعْمَالِنَا خَوَاتِمَهَا، وَخَيْرَ أَيَّامِنَا يَوْمَ نَلْقَاكَ.
اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَا وَلِلْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فّرّجًا، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ بَلَاءٍ عَافِيَةً، اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذُنُوبَنَا، وَاسْتُرْ عُيُوبَنَا، وَيَسِّرْ أُمُورَنَا، وَبَلِّغْنَا فِيمَا يُرْضِيكَ آمَالَنَا.
اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ صَلَاتَنَا، وَصِيَامَنَا، وَدُعَاءَنَا، وَصَالِحَ أَعْمَالِنَا، إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَابُ الرَّحِيمُ.
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ.

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

إِنَّهَا الْعَشْرُ يَا صَائِمُونَ

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" أَمَّا بَعْدُ :
أَيُّهَا الصَّائِمُونَ: لَقَدْ خَصَّكُمُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- بِخَصَائِصَ، وَجَعَلَ لَكُم مَزَايَا، وَمَنَحَكُم كَثِيرًا مِنَ الفَضَائِلِ، وَنَوَّعَ لَكُمُ العَطَايَا، وَمِن ذَلِكَ أَنَّهُ -تَعَالَى- لَمَّا قَدَّرَ أَعمَارَكُم في هَذِهِ الدَّارِ الفَانِيَةِ بِسِنِينَ قَلِيلَةٍ، عَوَّضَكُم عَن ذَلِكَ بِأَوقَاتٍ ثَمِينَةٍ، وَمَوَاسِمَ جَلِيلَةٍ؛ أَوقَاتٌ تُضَاعَفُ فِيهَا الحَسَنَاتُ، وَتُمنَحُ الأُجُورُ، وَمَوَاسِمُ تَزدَانُ فِيهَا العِبَادَةُ، وَتَحلُو الطَّاعَةُ، فَالسَّعِيدُ مِنكُم مَن بَادَرَ أَيَّامًا تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ، وَاغتَنَمَ لَيَاليَ سَرِيعَةَ الانقِضَاءِ وَالذَّهَابِ.
لَقَدْ قُمْتُم فِي خَيرِ الشُّهُورِ ليالي، وَصُمتُم مِن أَيَّامِهِ، ثُمَّ تَدْخُلُونَ في أَفضَلِ لَيَالي العَامِ عَلَى الإِطْلَاقِ، وَتَلِجُونَ في لَيَالي العَشرِ الأَخِيرَةِ مِنْ رَمَضَانَ، تِلكَ اللَّيَالي الَّتِي فِيهَا لَيلَةٌ عَظِيمَةُ الفَضلِ، جَلِيلَةُ القَدرِ، جَعَلَ الْمَوْلَى -عَزَّ وَجَلَّ- العِبَادَةَ فِيهَا خَيرًا مِن عِبَادَةِ أَلْفِ شَهْرٍ.
إِنَّهَا اللَّيلَةُ الَّتي يُقَدَّرُ فِيهَا مَا يَكُونُ في السَّنَةِ بِأَمرِ اللهِ مِن أَقدَارٍ، قَالَ -تَعَالَى-: (فِيهَا يُفرَقُ كُلُّ أَمرٍ حَكِيمٍ) [الدخان: ٤ ]، إِنَّهَا اللَّيلَةُ الَّتِي يَنْزِلُ فِيهَا مَلائِكَةٌ ذَوُو شَرَفٍ وَقَدْرٍ، إِنَّهَا اللَّيلَةُ الَّتي نَزَلَ فِيهَا كِتَابٌ ذُو مَنزِلَةٍ وَقَدْرٍ، بِوَاسِطَةِ مَلَكٍ كَرِيمٍ أَمِينٍ ذِي قَدْرٍ، عَلَى رَسُولٍ ذِي قَدْرٍ، وَأُمَّةٍ ذَاتِ قَدْرٍ، (إِنَّا أَنزَلنَاهُ في لَيلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ) [الدخان: ٣ ]، (إِنَّا أَنزَلنَاهُ في لَيلَةِ القَدرِ) [القدر: ١]
إِنَّهَا لَيلَةٌ لِلَطَّاعَاتِ فِيهَا قَدْرٌ، وَمَنْ أَقَامَهَا وَأَحيَاهَا صَارَ ذَا مَكَانَةٍ وَقَدْرٍ، وَفِيهَا أَنزَلَ اللهُ -تَعَالَى- سُورَةً كَامِلَةً هِيَ سُورَةُ القَدْرِ، بَلْ أَنزَلَ -جَلَّ وَعَلَا- القُرآنَ فِيهَا مِنَ اللَّوحِ الْمَحفُوظِ إِلى السَّمَاءِ الدُّنيَا، وَابتَدَأَ فِيهَا إِنزَالَهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ -عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ- مِنَ السَّمَاءِ الدُّنْيَا إِلَى الْأَرْضِ.
فَخَّمَ -سُبحَانَهُ- أَمرَهَا وَعَظَّمَهَا فَقَالَ -تَعَالَى-: (وَمَا أَدرَاكَ مَا لَيلَةُ القَدرِ)[القدر: ٢ ]، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الأَعْمَالَ فِيهَا خَيرٌ مِنَ الأَعْمَالِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ فِيمَا سِوَاهَا، وَأَلْفُ شَهرٍ تُعَادِلُ مَا يَزِيدُ عَلَى ثَلاثٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ الْمَلائِكَةَ فِيهَا تَتَنَزَّلُ إِلى الأَرْضِ، وَالْمَلائِكَةُ عِبَادٌ مُكرَمُونَ، لا يَنزِلُونَ إِلاَّ بِالخَيرِ وَالبَرَكَةِ وَالرَّحمَةِ، وَمِن ثَمَّ صَارَت تِلكَ اللَّيلَةُ سَلامًا؛ لِكَثرَةِ السَّلامَةِ فِيهَا مِن أَلِيمِ العِقَابِ، وَلِفِكَاكِ الرِّقَابِ فِيهَا وَنَجَاتِهَا مِنَ العَذَابِ، (لَيلَةُ القَدرِ خَيرٌ مِن أَلفِ شَهرٍ * تَنَزَّلُ المَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذنِ رَبِّهِم مِن كُلِّ أَمرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطلَعِ الفَجرِ) [القدر: ٣ – ٥].
أَلَا فَشَمِّرُوا -عِبَادَ اللهِ- عَن سَوَاعِدِ الْجِدِّ وَالاجْتِهَادِ، وَاعْقِدُوا العَزمَ عَلَى مُوَاصَلَةِ العَمَلِ الصَّالِحِ، وَطَلِّقُوا التَّوَانيَ وَانبِذُوا الكَسَلَ، وَاعلَمُوا أَنَّ مَن قَامَ هَذِهِ اللَّيلَةَ إِيمَانًا وَاحتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ، فَمَاذَا يُرِيدُ مُسلِمٌ أَفضَلَ مِن هَذَا؟! وَمَاذَا عَسَاهُ يَنَالُ أَكمَلَ مِنهُ أَو أَعظَمَ؟ يَعمَلُ يَسِيرًا وَيُؤجَرُ كَثِيرًا، وَيَقُومُ لَيلَةً وَاحِدَةً وَيُجزَى جَزَاءَ مَن قَامَ ثَلاثِينَ أَلفَ لَيلَةٍ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ((مَن قَامَ لَيلَةَ القَدرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِهِ)) رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ.

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

بَلْ أَنْزَلَ اللهُ عَنْهَا سُورَةً كَامِلَةً وَهِيَ (سُورَةُ الْقَدْرِ)، إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر:1-5]، فَلَيْلَةُ الْقَدْرِ تُضَاعَفُ فِيهَا الْأُجُورَ، وَيَسْلَمُ فِيهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ كُلِّ مَخُوفٍ؛ وَلِهَذَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْتَكِفُ، وَيُكْثِرُ مِنَ التَّعَبُّدِ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِر مِنْ رَمَضَانِ؛ رَجَاءَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ.
وَمَنْ قَامَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ إيمَانًا بِاللهِ، وَبِمَا أَعَدَّ اللهُ مِنَ الثَّوَابِ لِلْقَائِمِينَ فِيهَا، وَاحْتِسَابًا لِلْأَجْرِ؛ كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا فِي مَغْفِرَةِ ذُنُوبِهِ وَتَكْفيرِ سَيِّئَاتِهِ؛ فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ القَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].
وَمِنَ الْأَدْعِيَةِ الَّتِي يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يُكْثِرَ مِنْ تَكْرَارِهَا فِي لَيَالِي الْعَشْرِ كُلِّهَا: مَا أَرْشَدَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ، فَقَدْ سَأَلَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «تَقُولِينَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ].
اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِنَ الْمَقْبُولِينَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْخَاسِرِينَ الْمَرْدُودِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامَ عَلَى رَسُولِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الَّذِي أَرْسَلَهُ رَبُّهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمَيْنِ.
أَمَّا بَعْدُ:
فَأُوْصِيكُمْ – عِبَادَ اللهِ - وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّ تَقْوَى اللهِ خَيْرُ الزَّادِ لِيَوْمِ الْمَعَادِ.
مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ:
لَقَدْ أَخْفَى اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى تَحْدِيدَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ بِعَيْنِهَا رَحْمَةً بِالْعِبَادِ وَاخْتِبَارًا ؛ لِيَكْثُرُ الْعَمَلُ فِي طَلَبِهَا، وَيَتَـبَيَّنَ الْجَادُّ الْحَرِيصُ مِنَ الْغَافِلِ الْمُتَـكَاسِلِ، فَهِيَ فُرْصَةٌ عَظِيمَةٌ، وَغَنِيمَةٌ كَبِيرَةٌ، فَيَنْبَغِي عَلَيْنَا أَنْ نُشَمِّرَ عَنْ سَاعِدِ الْجِدِّ، وَنَجْتَهِدَ فِي تَحْرِّي هَذِهِ اللَّيْلَةِ الْمُبَارَكَةِ غَايَةَ الاجْتِهَادِ، يَقُولُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَديثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا]، وَهِيَ- مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ - فِي اللَّيَالِي الْأَوْتَارِ أَقْرَبُ مِنَ الْأَشْفَاعِ ؛ لِحَديثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ القَدْرِ فِي الوِتْرِ، مِنَ العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ]، لَكِنَّهَا- عِبَادَ اللهِ- لَا تَخْتَصُّ بِلَيْلَةٍ مُعَيَّنَةٍ فِي جَمِيعِ الْأَعْوَامِ، بَلْ تَتَنَقَّلُ تَبَعًا لِمَشِيئَةِ اللهِ وَحِكْمَتِهِ سُبْحَانَهُ؛ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «التَمِسُوهَا فِي العَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ؛ لَيْلَةَ القَدْرِ، فِي تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِي سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِي خَامِسَةٍ تَبْقَى» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ]، قَالَ الْحَافِظُ ابْنَ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ بَعْدَ ذِكْرِهِ لِلْخِلَافِ فِي وَقْتِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ: (وَأَرْجَحُهَا كُلِّهَا أَنَّهَا فِي وِتْرٍ مِنَ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ، وَأَنَّهَا تَنْتَقِلُ)، مَعَ التَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِي الْأَشْفَاعِ كَمَا تَكُونُ فِي الْأَوْتَارِ، فَقَدْ نَصَّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ كَشَيْخِ الْإِسْلَامِ ابْنِ تِيمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ وَنَسَبُهُ لِأَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَلَى أَنَّهَا قَدْ تَكُونُ فِي الْأَشْفَاعٍ؛ لِذَلِكَ قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تِيمِيَّةَ رَحِمَهُ اللهُ: (وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

وربما دفعها البعضُ إلى أقربِ سائل، ولا يتحرَّى في أهلها الذين اختصَّهم اللهُ بها، ومن يسألون سيجدونُ من يعطيهم، فينبغي للمسلمِ ألَّا يحفلَ بهم كثيرا، ولا يغامرَ بزكاتِه في أيديهم وهو لا يتيقَّنُ صدقَهم.
أيها المسلمون: ما أجملَ أن يكون عمل المزكِّي مكسوًّا بالفقه في الدين، فيتعرَّفُ على أهلِ الزكاةِ الذين حدَّدهم اللهُ في كتابه بقوله: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ)، ويتحرى في آخذِها، سواءٌ دفعها المزكِّي بنفسِه، أو عن طريقِ الجهاتِ المصـرَّحِ لها، ولا يدْفعُها لجهاتٍ مجهولةٍ أو حالاتٍ لايعلمُ حقيقتَها مما يكثرُ في وسائلِ التواصل، ولا يحابيْ بها قريباً أو صديقًا، ويجتهدُ في السؤالِ عن وجوبِ الزكاةِ في أموالِه وكيفيتِها ووقتِها، فإنَّ العمل لا يُقبل إلا إذا كان خالصاً لله، صواباً على سنة رسول الله.
هذا وصلوا وسلموا على المبعوث رحمة للعالمين، كما قال ربكم في كتابه:(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ...)
اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمدٍ، وعلى آله وصحبه أجمعين، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين، وصحابته، والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
• اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشـرك والمشـركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمِنًا مُطمئنًّا رخاءً وسائر بلاد المسلمين .. اللهم من أرادَ بالإسلام والمُسلمين سُوءٍ فأشغِله في نفسِه، ورُدَّ كيدَه في نحرِه، واجعَل دائرةَ السَّوء عليه يا رب العالمين.
• اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم ارفع عنهم البلاء، وعجل لهم بالفرج والتمكين، اللهم اصرف عنهم الفتن ما ظهر منها وما بطن.
• اللهم وفق ولي أمرنا، ووُلاةَ أمور المُسلمين لما تحب وترضى، وخذ بهم للبر والتقوى.
• اللهم اغفِر ذنوبَنا، واستُر عيوبَنا، ويسِّر أمورَنا، وبلِّغنا فيما يُرضِيك آمالَنا
سبحان ربنا رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين..

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

ونعوذُ بك من النارِ وما قَرَّبَ إليها من قَوْلٍ أو عَمَلٍ ،
اللهُمَّ تقبَّلْ صيامَنا وقيامَنا ، اللهم اغفرْ لنا ولآبائِنا وأمهاتِنا ، وأَصْلِحْ قلوبَنا وذرياتِنا وأزواجِنا ، اللهم تُبْ علينا إنك أنت التوابُ الرحيمُ .
سبحانَ ربِّك ربِّ العِزَّةِ عما يصفون ، وسلامٌ على المرسلين ، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين .

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

الحثُّ على تلاوةِ القرآنِ وتدبُّرُه والعملُ بما فيه
الخطبةُ الأولى
إنَّ الحمدَ لله نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه ، ونعوذُ بالله من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا ، من يهده فلا مضلَّ له ، ومن يضللْ فلا هاديَ له ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له ، وأشهدُ أنَّ محمداً عبدُه ورسولُه ، صلى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه وسلَّمَ تسليماً كثيراً .
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ ، ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا O يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾ ، أما بعد : فإنَّ خيرَ الكلامِ كلامُ الله ، وخيرَ الهديِ هديُ محمَّدٍ صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وصحبِه وسلَّم ، وشرَّ الأمورِ محدثاتُها ، وكلَّ محدَثةٍ بدعةٌ وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النارِ .
عبادَ اللهِ : لقد وردَ في نصوصِ الكتابِ والسنَّةِ ما يدلُّ على الأمرِ بتلاوةِ القرآنِ والإكثارِ من ذلك ، ولم يقتصر الأمرُ على ذلك فَحَسْبٌ ، بل وردَ الأمرُ بتدبُّرِه والتفَكُّرِ فيه ، قال تعالى : ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ ، والمقصودُ الأعظمُ والمطلوبُ الأهمُّ هو تدبُّرُ القرآنِ وتفهُّمُه والوقوفُ عند عجائبِه ، ففيه تنشرحُ الصدورُ وتستنيرُ القلوبُ وتُشْفَى من جميعِ عِلَلِها ، قال تعالى : ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ، فقراءةُ القرآنِ بتدبُّرٍ شفاءٌ لأمراضِ الصدورِ من الشكوكِ الـمُفْسِدَةِ للعقيدةِ والوَساوسِ والحَسَدِ والغِلِّ والقلقِ والهمومِ والغمومِ والأحزانِ والتفكيرِ المحرَّمِ ، وهو أيضا سببُ انشراحِها واستنارتِها ورِقَّتِها وتعلُّقِها باللهِ والدارِ الآخرةِ ، ومَنْ تأمَّلَ هديَ النبيّ صلَّى اللهُ عليه وسَلَّم في قراءتِه للقرآنِ عَرَفَ مدى عنايتِه صَلَّى اللهُ عليه وسَلّمَ بذلك ، قال حذيفةُ رضيَ اللهُ عنه : (قمت مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذات ليلةٍ فافتتحَ البقرةَ ثم النساءَ فقرأَها ، ثم آلَ عمرانَ فقرأَها ، يقرأُ مترسِّلاً ، إذا مرَّ بآيةٍ فيها تسبيحٌ سَبَّحَ ، وإذا مَرَّ بآيةٍ فيها تعوُّذٌ تعوَّذَ ... ) ، وقال عبدُ الله ابنُ مسعودٍ رضي اللهُ عنه : قال لي رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم : «اقرَأْ عليّ القرآنَ» ، فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ، أأقرأُ عليك وعليك أُنْزِلَ ؟ قال : «إني أحبُّ أنْ أسمعَه من غيري» ، فقرأتُ عليه سورةَ النساءِ حتَّى إذا جئتُ إلى هذه الآيةِ : ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾ فإذا عيناه تذرِفان ، رواه البخاريُّ ومسلمٌ ، وقال أبو ذَرٍّ رضيَ اللهُ عنه : قامَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بآيةٍ يردّدُها حتى أصبحَ والآيةُ : ﴿إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ .
وقال عُبَادَةُ بنُ حمزةَ : (دَخَلْتُ على أسماءَ رضيَ اللهُ عنها وهي تقرأ ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ﴾ ، فوَقَفَتْ عندها فجَعَلَتْ ، تعيدُها وتدعُو ، فطالَ عليَّ ذلك فذهبتُ إلى السوقِ فقضيتُ حاجتي وهي تعيدُها وتدعو) .
والأسبابُ المعينةُ على الخشوعِ والتدبُّرِ يا عبادَ الله كثيرةٌ :
منها: إخلاصُ النيَّةِ للهِ تعالى ، قالَ تعالى : ﴿فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ ، وذلك بأنْ يقصِدَ المسلمُ بقراءتِه التقرُّبَ إلى اللهِ تعالى والتزوُّدَ من الحسناتِ ورفعِ الجهلِ عن النفسِ ، وإذا كان القارئُ إماماً أو معلماً فليحذَرْ من التصنُّعِ للمخلوقين أو الحرصِ على اكتسابِ محامدِهم أو محبَّتِهم أو مدحِهم ، قال بعضُ العلماءِ : الإخلاصُ : استواءُ المدحِ والذَّمِّ من العامَّةِ ، ونسيانُ رؤيةِ العملِ ، وطلبُ ثوابِ الآخرةِ .
ومن الأسبابِ المعينَةِ على التدبُّرِ والخشوعِ أنْ يشعرَ القارئُ أنَّ الكلامَ الْمتْلوَّ هو كلامُ اللهِ لفظُه ومعناه ، وأنه أحسنُ الكلامِ وأصدقُ الحديثِ ، وأنْ يشعرَ بأنَّ اللهَ يخاطِبُه في هذا القرآنِ .

Читать полностью…

خطب ومحاضرات مكتوبة وغير مكتوبة

▫️
📜 خطبة (فطام الصيام)

للشيخ #صالح_العصيمي

📥 رابط التحميل (pdf):

https://bit.ly/3c8tMQ2

#الخطب_المنبرية
#رمضان_وما_يتعلق_به


════ ¤❁✿❁¤ ════

Читать полностью…
Subscribe to a channel