يشد انتباهي كثيرًا هؤلاء الذين نجحوا في إعادة صناعة أنفسهم على نحو أفضل وأحكم بعد ارتطام مؤسف ظن الآخرون أنهم سيذهبون ضحيته، ولكن الروح لم تخرج نتيجة هذا الارتطام كما ظن الملتفون، بل خرجت منهم أوهامهم المضلة، وهواهم الغالب، وسذاجتهم المفرطة، وقاموا ونظروا للعالم والناس وللأبد بعيون نسختهم الجديدة.
Читать полностью…من عقوق الآباء بالأبناء، ومن مظاهر عدم المساواة بينهم، أن تقدم اثنين من أبنائك للضيوف في بيتك، أو في مجلس من مجالس العائلة، أو في أي محفل عام، وكلاهما على نفس الدرجة من حسن الخلق والأدب والطاعة، فتبدو في تقديمك للذي هو خريج كلية من كليات (القمة)، أكثر فخرًا به من تقديمك للذي هو صاحب الشهادة المتوسطة، وأكثر رضا عنه، بسبب التعليم وحده وليس بسبب أي شيء آخر، وأنت تفعل ذلك وأنت تظن أنك تكافئ الابن المتفوق بحسن المعاملة، وهو أصلًا ليس في حاجة إلى هذا الدعم، فالمجتمع يوفره، الحقيقة أنك تعاقب الآخر الطيب عقابًا أبديًا على شيء ليس في يده ولا في يدك، وتقول له بطريقة غير مباشرة أنه لا يمتلك أبدًا ما يمكن أن تباهي به الناس؛ وواحد من عواقب هذه الطريقة أن ذلك الآخر الطيب سيبحث بعيدًا عنك وعن الأسرة التي أنت رائدها عن التقدير، سيبحث عن أرض أخرى يقف عليها بعيدًا عن الطبيب أو المهندس، ليتخلص من تاريخ المعاملة التي لا تليق، واحد من عواقب هذه الطريقة أن تترك أخين يحترمان بعضهما بعضًا، ولكنهما لن يكونا يدًا واحدة في مواجهة الحياة.
Читать полностью…ليس كل خلاف بين اثنين يمكن اجتيازه، فأحيانًا ما يكتشف الإنسان في ساعة الخلاف أنه دخل في مكان خطأ، هكذا بكل صراحة، وأن عليه أن ينسحب، وأن الأمور ليست كما كان يحب أن يسعد بها نفسه، وأنه لن يستطيع أن يخدع نفسه في الأشياء التي لم يعد يراها كما كان يراها، كأن الخلاف مسح الأصباغ التي وضعها اثنان على وجه العلاقة.
Читать полностью…في حب الناس الذين يعنون ما يقولون، الذين لا يزيفون بسمتهم أو ألفاظهم، وحتى الطعام الذي يدعونك إليه، حتى ميلتهم عليك وهم يكلمونك في أي أمر؛ وحتى ما يظهرونه من غيرة عليك، وحتى يدهم التي يضغطون بها على يدك مؤيدين ومهنئين، كل هذا صحيح ولم يقصدوا به اللعب على عواطفك، كل هذا شبيه بما يشعرون به تجاهك بدون مبالغة وبدون تجميل.
Читать полностью…من الدروس التي تعلَّمتها في الحياة أنه يمكن لي أن ألتمس العذر للإنسان إذا قصَّر، بل وأن أجتهد في التماس العذر، لكن ليس عليَّ أن أصنع من إنسان بطلًا في قصتي تحت ضغط حبي له وهو لم يتصرف كبطلٍ من تلقاء نفسه، كأن أشجع أحدًا للاتصال بي والاطمئنان عليَّ وأنا في ضيق أو أزمة لأني أريده أن يفعل هذا لأحفظ له مكانته في قلبي، بينما هو لم يفعل من تلقاء نفسه.
Читать полностью…هل تعرف حجر البطارية الذي كنا نعض عليه بضروسنا حتى يعمل مزيدًا من الوقت، والذي أحيانًا ما كنا نضغط عليه بشدة فتصل ألسنتنا للطعم القابض السمّي للكربون بالداخل؟
هكذا بعض العلاقات بين الأصدقاء يكون فيها المحبة والاعتياد والأنس، مخلوطة ببعض الغيرة ووخزات من الحسد، لكنك لو وصلت إلى أن تواجه الطرف الآخر بما يشوب حبه لك، بغيرته منك التي تلحظ فلتاتها، تكون قد أخرجت منه مثل كتلة السواد التي فيه والتي ما كان يحب أن يواجه نفسه بها ولا يحب بالطبع أن تواجهه بها، وينتهي كل شيء.
وأغلب دموع الناس سببها شعورهم بأنهم تاهوا في الدنيا، ولا يعرفون كيف يعودون إلى آخر خطوة من خطى الطمأنينة قد مشوها.
Читать полностью…هل رأيت هؤلاء البسطاء الذي يمكن أن يدخلوا مطعمًا لشراء بعض الطعام وفي رأسهم شيء معين محدد الثمن، ثم لا يجدون مثله هناك فيتراجعون بغير تفكير وبغير حسرة وبغير اضطراب؟ حسنًا؛ الحياة تتطلب منك أن تكون إنسانًا يعرف جيدًا ما الذي ينقصه، فإن لم يجده لا يخدع نفسه ويلتصق بأي شيء والسلام، الحياة تتطلب أن تكون منتبهًا جيدًا لما تريد ولا تسمح لحياتك بأن تتغير حسب الذي يظهر أمامك، الحياة تتطلب منك أن تكون قادرًا على أن تقاوم إغراء ما لا يناسبك.
Читать полностью…اندفنت منذ أيام سيدة مسكينة تدهورت أحوالها بشكل صعب، بسبب تفاصيل اجتماعية لا داعي لذكرها، ولكن مجمل الأمر أنها ارتضت معيشة غير المعيشة التي اعتادت عليها، ورضيت بعمل شديد البساطة بدخل محدود، كعاملة نظافة في أحد أماكن العمل، وظلت في عملها حتى وهي حامل في الشهر الخامس كأي امرأة مكافحة، وكانت تستلف بالطبع من الموظفين مبالغ يسيرة بسبب ضيق الحال وتنوع الالتزامات، ولكن فطن الموظفون إلى أنها تغرق في هذه الديون الصغيرة التي تتكاثر عليها، ولن تستطيع السداد.
في آخر محاولة لاقتراض 200 جنيه من سيدة في المكان، قوبل طلبها بالرفض، وكانت من ضمن ما تؤجله كأنه رفاهية هو احتياجها لسونار لتطمئن على الجنين في بطنها، المهم أنها جاءت للعمل، وتعبت كثيرًا، فهرعوا بها إلى المستشفى، وفي المستشفى أخرجوا الجنين من بطنها ميتًا، وأدخلوها الإنعاش، ثم سرعان ما ماتت، وشعر من كانوا في مكان العمل بالحزن الشديد، وقالوا يا ليتها أخذت كل الجنيهات التي أرادت.
لا أريد أن أحزنكم، ولكن
- على الناس أن لا يتركوا من يعرفونه جيدًا للذين لا يعرفونه على الإطلاق، من يعرفونه جيدًا يعرفون مأساته وظروفه وصدقه، لكن من لا يعرفونه ستكون اول فكرة عندهم أنه كاذب إلى أن يثبت العكس بكل دليل.
- إذا كنت لا تسأل في الناس لأنهم في الغالب عندك أنهم كاذبون فلا تعط ظهرك لمن تعرف أنهم لا يكذبون.
- ليس كل من يعمل في عمل هو لا يستحق الصدقة، نتركه ونبحث عمن لا عمل له، فهناك من يعملون ويعيشون في مآس شديدة، بل بالعكس: يبقى العمل دليلًا على أن الشخص لا يحب سؤال الناس ولا يستسهل طلب المساعدة.
- المعايير التي يمكن بها قبول طلب مساعدة من جمعية خيرية، مع كثرة شواغلهم، هي ستكون أشد كثيرًا من معايير من يعرفون الشخص عز المعرفة، فلا تكون الفكرة الأساسية هي أن الجمعيات هي أولى بكل من هم في ضيق، لأن الواقع على الأرض أصعب من ذلك.
- ليس كل من يطلب الاقتراض ولا يستطيع الرد هو خدعك، بل ربما هو إنسان لا يستطيع أن يطلب إلا على سبيل القرض ولن يقول أبدًا تصدَّق عليَّ، فهو يأتي إليك مليئًا بالجزع ولا يعرف كيف ولا متى سيرد ما اقترضه.
....
لا شيء يمكن عمله من أجلها إلا الدعاء بعد أن دخلت قبرها منذ يومين. وأسأل الله ألا يجعلنا من قساة القلوب، ولا من الذين تدرعوا بدرع من الشك والارتياب عزلهم عن آلام المساكين.
إلى اللواتي يعشن في (شبه علاقة عاطفية)؛ اللواتي اكتفين بالفتات العاطفي
أختي الكريمة التي تحركت مشاعرها تجاه شخص ما عبر التواصل بالهاتف أو غيره، مطلقة كنت، أو أرملة، أو آنسة، ثم اخترت أن تتوقفي لأن عقلك ودينك يأبيان لك علاقة في الظل لم يتحدد لها أثناء الحوار بينكما أي أمل، ولم تتكلما إلا عن التوافق والارتياح والانجذاب والتعلق، ولم يذهب هو بالحديث إلى الزواج ولو على سبيل الحلم.
أختي الكريمة التي وجدت نفسها بعد هذا الاتفاق مستمرة في التواصل مع نفس الشخص، بحجة النصح والإرشاد، والاطمئنان على أحوال الدنيا، وقد حرص هو على أن يظل التواصل مستمرًا، متلذذين معًا بسماع الصوت، بدون التطرق للكلام العاطفي الصريح، مكتفيًا هو ببعض النبضات المحسوبة التي يبثها كل حين التي تشعرك بأنك مهمة جدًا، وقريبة جدًا، ومستودع أسراره، وأنت أيضًا كنتِ أسيرة لذة الاستماع إليه، ولذة الاستماع لا تكفي أبدًا، إنما تورث في النفس حسرة.
سأحكي لك قصة بسيطة تبدو بغير علاقة بأمرك، فاسمعيها وانظري فيها، فنحن لا نرى بؤسنا جيدًا إلا من خلال بؤس الآخرين.
شاب تخرج، ومرت عليه فترة بغير عمل، فاختار أن يستيقظ كل يوم ويذهب إلى ورشة صديق مقرب إليه، ورشة نجارة، يفطر معه، ويشرب الشاي معه، ويقول للناس إن غاب النجار إنه في مشوار قريب وسيعود بعد قليل، ويمسك معه الألواح، ويسليه ببعض الذكريات والنوادر.
الشاب لديه طاقة، وغير متحمل لأن يمكث في سريره في الصباح، يريد أن يغادر منزله كل صبح مثل كل الرجال العاملين، فأنفق هذه الطاقة فيما هو ليس بعمل في النهاية.
إنه في مكان عمل، ويرى بعينيه تفاصيل يومية لعمل، ولكنه ليس في علاقة عمل؛ ومهما بقي في هذه الحالة فهو لا يعمل، ولا يأخذ ما يأخذه من يعملون، ومنه تقدير الذات، والإحساس بالقيمة.
إنه كل يوم يعتاد هذا الوضع، يسكِّن به جراح البطالة، ولكنه رغم هذا المسكِّن لا يعمل، بل إنه ينطفئ، شهرًا بعد شهر، وتقل قيمته عند نفسه وعند صاحبه، صاحبه قد يستظرفه، لكن من الصعب أن يراه شيئًا كبيرًا إن استمر الوضع فترة طويلة، إنه ينطفئ، وينكمش، ويتضاءل، لأنه فقط مجرد إنسان يختبئ في غير مكانه.
إنك تشبهين هذا الشخص كثيرًا، فهو في مناخ يشبه العمل ولكنه لا يعمل، وأنت في مناخ يشبه الارتباط العاطفي، ولكنك غير متربطة، أنت فقط مثله تقبلين الفتات، وكلما طال عهدك بالفتات ازدادت نفسيتك سوءًا.
أنت في وضع حتى لو استمر عشرة أعوام لن تستطيعي التذمر والمطالبة بأي شيء، لأن ما تم الاتفاق عليه منذ زمن هو إيقاف العلاقة، أنت قلتِ ذلك بكل صراحة، بل لو اختار أن يتزوج من غيرك لن يحق لك الصراخ في وجهه، لأنه سيقول لك أن كل شيء توقف بيننا منذ يوم كذا، وهو يعرف جيدًا أنه لم يتوقف من يومها، ولكن العلاقة التي بغير أي تكلفة أراحته، ووفرت له مخرج طوارئ سيخرج منه بغير عناء وقتما شاء، وهذا شيء في قمة الإغراء، أن لا يكون للآخر أي حقوق، وكأنه شخص من شخصيات الأحلام أحببته في حلم، ولن يطاردني في الواقع.
هذا هو الفتات، لا تقبليه، فكل يوم يمر وهو يتسرَّب فيك بغير أي ثمن، وهذه مأساة ولو لم يشعر بها أحد ممن هم حولك، وأغلب الذين يستمرون في علاقة مثل هذه سنوات طويلة يتشوهون نفسيًا، وتصيبهم موجات من الحقد والضيق تجاه الناس والدنيا.
يعيش الإنسان وقد عشش في قلبه ذلك السؤال الحسرة، ذلك السؤال الذي أراد أن يقوله لكثيرين: لماذا فعلت هذا وأنت لم تر مني إلا خيرا، لماذا فعلت هذا وأنا كنت مطمئنا إليك؟
Читать полностью…إن كان الإنسان لا يجد صعوبة في أن يعترف بأن فلانًا أفضل منه، وإن كان لا يجد صعوبة في الاعتراف بدون تلكؤ بأنه أخطأ، وإن كان يذكر أصحاب الفضل عليه بخير، وإن كان يستطيع أن يعمل عملًا جيدًا دون أن يجد ضرورة لأن تراقبه أعين الآخرين بسرور، وإن كان لا يخجل من أن يبدأ متأخرًا ويجد أن هذا أفضل من ألا يبدأ على الإطلاق، وإن كان ينصح الآخرين بما تعلَّمه من تجاربه وأخطائه ولا يجعله حزنه على نفسه يقول بل أدعهم يدبرون أمورهم، إن كان في الإنسان كل هذا فهو عظيم، وأقولها ولا أشك فيها.
Читать полностью…قل شيئًا أعجبك في شعب ما، ولفت انتباهك، وجعلك تشعر بالتقدير تجاههم بسببه، شيئًا من طباعهم أو عاداتهم أو خصالهم. الكلام هنا ليس عن تقييم عام لهذا الشعب، ولكن تقييم بسبب نقطة هم متفوقون بها.
الناس قد اعتادوا على أن يفتخروا بأنفسهم وبأوطانهم، ونريد أن نعوِّدهم على شيء حسن وهو ذكرهم فضل الآخرين.
عندما يتقدَّم شاب لفتاة، ويجلس في صالون بيتها يبتسم لها وتبتسم له، فإنه يكون قد قبل لنفسه وظفر بما لديها من ملامح وطباع ومواهب ومؤهل دراسي وسمعة عائلة وسمعة شخصية إلى آخر ما يمكن التفكير فيه، حتى مهارتها في صنع الحلويات أو ذوقها في اختيار الملابس، فاز بكل ما يميزها ويمكن أن يجمّل حياته. وبالفعل قد يركز الشاب في بعض النقاط مثل اسم العائلة أو كونها خريجة كلية من الكليات العملية المتفوقة، أو جميلة التقاطيع، وكل ما ظهر له من مزايا تجعل اختياره مظفرًا أمام نفسه وأمام المجتمع.
ولكن ما يجب أن يعطيه الشاب أهمية وينتبه له، هو أنه عندما رضي بهذه الإنسانة وقبلها لنفسه، فإنه يجب أن يلحظ من ضمن ما يلحظ أنه بهذا قد رضي بكلامها، رضي بأن تكلمه هذه الإنسانة طول العمر فيما هو مهم وما هو عديم الأهمية وفيما كان يرغب أن لا تكلمه فيه، لذا فإنه يجب يقول لنفسه من ضمن ما يقول: أنا كما أريد أن آخذ لنفسي طباع هذه البنت، والمؤهل الذي حصلت عليه هذه البنت، وملامح هذه البنت، فأنا آخذ لنفسي أيضًا كلام هذه البنت.
ومعنى هذا الكلام أنه يشعر بميل واضح داخله للاستماع إلى هذه الإنسانة إن تكلمت، أو لا يشعر بهذا، يشعر بأنه سيزداد أنسًا بها وهي بجواره تحكي من الشرق والغرب، أو لا يشعر بهذا، يشعر بأنه سينتبه لها إن تكلمت في أمر يهمها ولا يهمه كثيرًا، أو سيحدث وقتها أن يعد الدقائق حتى تنتهي.
هذا الشعور لا يرتبط بثقافتها، ولا بذكائها في الحوار، ولكن ينبع من داخله، من شعور آدمي وحيد إما أنه سيسعد بوجود إنسانة بجانبه تغير جو حياته، أو يرى أنه كان يمكن أن يتمتع بوحدته، أو يرى أنه كان يمكن أن يتمتع بمزايا الزواج ومنها الطعام الهنيء والملابس النظيفة والإعفاف بدون أن يكون الكلام من ضمن الباقة الزوجية.
البيئة الطبيعية لامرأة هي بيئة تستطيع فيها الكلام مع رجل غير شارد أغلب الوقت، والمرأة إن عاشت في بيئة لا تكلم فيها زوجها فهي تعيش في بيئة مناوئة لها، هكذا بوضوح.
احتمالات التفاهم والسعادة بين زوجين يتمتعان بالكلام معًا، ويفسحان لبعضهما البعض في الكلام، لا يقف لها على الواحدة، ولا تقف له على الواحدة، وليس لديهما حساسية بالغة من التعبيرات التي في محلها أو في غير محلها، هي أكبر بكثير من احتمالات التفاهم والسعادة بين زوجين رائعين، يقسم الناس بأنهما لو وضعا على الجرح طاب، ولكن للأسف أخفقا في أن يتكلما معًا.
#بيت_طيب
#لا_تقتل_الطفلة_في_زوجتك
قل لنا ما سمعته مرةً من كتاب الله وتأملتَ فيه، فارتحات أعصابك، وهدأتْ نفسك، وطابتْ روحك وتطيَّبت، ولم تعد أنت مثلما كنت قبل أن تنصت وتتأمَّل، كأنك وضعت الدنيا بما فيها خلف كتفيك؟
Читать полностью…وقد رأيت من الناس أنهم إذا هزمت الحياة الإنسان وألحقت به خسارة فادحة، ونزلت به إلى منزلة ما كان يحب أن ينزل إليها أبدًا، وما كان يحلم بها في كوابيسه، ووجدوه يتعامل مع الأمر، ويظهر عليه قدر من التماسك والهدوء والتبسُّط مع الأحداث المرعبة التي تتوالى فوق رأسه، ويتقبَّل التفاصيل الجديدة لأيامه، فإنهم ينتقدونه في ظهره، ويتهمونه بقلة الإحساس، والبرود، واللا مبالاة، وقالوا إنه كان يجب عليه أن يظهر على وجهه ونبرة صوته وحركات جسمه معالم المصيبة بشكل صريح؛ وهو لو نفَّذ ما رأوه حرفيًا، واستجاب للنار التي فيه التي يحاول أن يكبتها، لوقع من طوله على الفور.
Читать полностью…نريد صحبةً لا ثقل فيها ولا احتراز، وأوقاتًا جميلة، وأماكن مدهشة، ونريد قبل هذا كله ومن أجل هذا كله أن نعرف كيف نتخلص للأبد من نفايات أيامنا الحزينة.
Читать полностью…لا تسأل أحدًا عن شيء معه يبدو وكأنه يحاول أن يخفيه عن عينيك، ولو كان قلمًا من الرصاص.
لا تطلب من أحد شيئًا لا يحب أن يعطيك إياه بنفس راضية ولو كان كوبًا من الماء.
لا تتهم أحدًا بالكذب في إجابته عليك عن أمر يخصه ولا يخصك، ولو كذبته بابتسامة ونظرة عين.
لا تسأل أحدًا سؤالًا ما كان يحب أن توجهه له.
لا تطلب من أحد أن يصطحبك معه في طريق كان يحب أن يذهب فيه مع غيرك.
لا تعش أسيرًا للموقف الذي لم تحسن التعامل معه، ولا تظل تغسل نفسك كل فترة تحت صنبور الحسرات وتهز رأسك تحته مصدومًا بسبب أنك لم تكن ذات مرة بالشجاعة الكافية في موقف ما، أو بالفطنة الكافية، أو بالعزة الكافية، أو بسرعة البديهة الكافية، وتعاير نفسك بالذين خضعوا لمثل التجربة التي خضعت لها وكانوا أصلب منك وأجود منك. امسح وجهك، وتعلَّم جيدًا، واحرص على ألا يتكرر منك ما فهمته.
المواقف هي ليست كل شيء، إنما هي تعكس ما عندك، تعكس ما تواجه به العالم والناس، تعكس قناعاتك وطباعك وخبراتك ومبادئك ومكامن القوة والضعف فيك، تعكس درجة إيمانك بنفسك، المواقف مجرد مرآة عكست شيئًا يحتاج منك إلى المزيد من الصقل والاهتمام والتغيير، هل تفهمني؟ المواقف في حد ذاتها ليست أهم ما في الأمر، أهم ما في الأمر هو داخلك، وأنت مثلك مثل كل الناس: تعمل على أن تنتبه إلى عيوبك وتعالجها، وتعمل على أن تتخلص من افتراضاتك الساذجة وتختار بدلًا منها افتراضات أكثر واقعية وأكثر عقلانية تعيش بها، وهذا كله لا يحتاج أن تحول التذكُّر إلى طقس حزين تعود إليه كل مدة.
الذي يدعو إلى الحسرة والأسف ليس الموقف الذي حدث في ساعة ما وكنت فيه ضعيفًا أو هينًا أو مندفعًا أو غافلًا، لأن كثيرين من حولك مروا بشيء من هذا وتجاوزوه ورضوا عن أنفسهم، الذي يدعو إلى الحسرة والأسف هو أن أعيش في ساقية من التكرار الأبله، الذي يدعو إلى الحسرة والأسف هو ألا أحول خبراتي المحزنة والمبهجة إلى كنز يجعلني أفضل مما كنت عليه بالأمس بشهادة من يحبني ومن يكرهني.
اذكروا في دعائكم كل الذين جعلوا الحياة مقبولة، كل الذين ساعدوكم على قبول الطرق مهما كانت وعرة، بروحهم المرحة، وبسمتهم، وتشجيعهم، وحسن صحبتهم، كل الذين ألقوا إليكم كلمة بسيطة أنبتت في صدوركم نبتة الأمل.
شكرًا لكم بطول الطرق التي قطعناها مرهقين، شكرًا لكم عدد المرات التي غسلنا وجوهنا فيها من أثر البكاء.
وأنا لا أعرف من أين جاءت لي هذه القدرة الغريبة على أن يكون في جوفي كلام كان يجب أن أقوله، ولكن لا أقوله، لا خوفًا، ولا تماشيًا، بل صبرًا غريبًا.
الله المستعان.
هناك إنسان يستثقلك ولكن من كماله واعتداله واستقامته لو رآك نائمًا يحرسك حتى تقوم من نومك، وهناك من يستظرفك وتأنس به ويأنس بك، وليس بينك وبينه مسافة، ولكن لو رآك تغط في نوم عميق يمكن أن يسرق غطاءك في لحظة من لحظات الضعف.
لا تقيِّم الناس حسب عاطفتهم تجاهك أو عاطفتك تجاههم فقط، بل الأهم من ذلك حسب ما يؤمنون به، فإنك لن ترى من الناضج العاقل الذي لا يميل إليك عُشْر الشر والأذى الذي يمكن أن ينالك من شخص يحبك يتصف بالانتهازية والتفاهة وموت الضمير.
لماذا ينجو بعض البسطاء، شديدو البساطة من آلام نفسية يتقلب فيها من هم أذكى وأعمق منهم؟
ذلك لأن هؤلاء البسطاء لا يجعلون شيئا هو الأهم في حياتهم وهو يستعصي عليهم ولا يعطيهم مثل ما يعطونه، لا يجعلون شيئا في هذه المرتبة العالية إلا إن كان يبادلهم الاهتمام والنفع، قد يكون هذا في تركيبة وجينات واستعدادات فريق منهم، وقد يكون درسا مبكرا لفريق منهم تعلموه وساروا عليه.
تجد المرأة البسيطة التي تبيع منتجات الريف وخيراته، تسألها المذيعة عن حبها لعملها، فتقول نعم لأنه يسترنا ويكفينا عيشنا ولا يجعلنا نسأل الناس، ويمكن أن تكون المذيعة تبحث عن إجابة أعمق من ذلك فيها الشغف وإثبات الذات أو حتى تمضية الوقت، وهذا هو البرزخ بين عالمين، بين من لديهم أسباب واضحة ومباشرة وتبررها النتائج لحبهم للأشياء، وبين من يمكن أن ينفقوا أعمارهم وطاقتهم في حب أشياء بدون أن يلحظوا مبكرا إن كانت تبادلهم الحب أم لا.
الرجل البطل المتفرغ الثري واسع القدرات المبهر، الذي وصل إلى سن النضج، ويجيد مغازلة المرأة ومحاصرتها عاطفيًا، الذي أنتجته مخيلة نزار قباني، وروايات أحلام مستغانمي مثل الأسود يليق بك، الذي يمكن أن يشتري كل تذاكر الحفلة كي يستمع وحده لمن أحبها إن كانت مغنية، والذي يرسل أغلى باقات الورد حيث ذهبت، ملك العطور والحرير والتفتا، والذي يمكن أن يكلف سكرتيره بقطع تذكرتين فجأة لأنه قرر أن يتناول وجبة العشاء معها في أرقى مطاعم باريس، هو شخص مصنوع فنيًا، صنعته مخيلة أدبية، ولا بأس من اعتباره من عالم الخيال مثل أبطال ألف ليلة وليلة، لا بأس من اعتباره تنهيدة النفوس، المشكلة الأكيدة هي في قياس الرجال الحقيقيين الذين هم من لحم ودم به، الرجال الذين يعاني أغلبهم من ضغوط حياتية شديدة، وعندهم تحديات جديرة بأن تصيبهم بأمراض العصر، المشكلة الأكيدة هي أن التأكيد على هذا النموذج وتسويقه على نطاق واسع يجعل الشابة الآنسة تكفر بالعشير قبل أن يأتي العشير.
الشابة العاقلة الصالحة، والتي هي تستحق أن تكون من خير متاع الدنيا إن تزوجت، هي التي تدرك بأن الرجال هم الذين أصابهم من الدنيا ما أصاب والدها في السعي، وهي تقدِّر ما يستطيع والدها ولا تجحده، وستقدر ما يستطيع زوجها، الشابة الصالحة هي التي تتقبل أن تقف مع إنسان فيتبادلان معًا معالجة الجروح التي نالت منهما في رحلة الحياة، يمكن أن نقرأ وننبسط قليلًا، ثم إذا جاء وقت الجد طوينا الكتب الرقيقة ولم نجعلها حكمًا فيمن نشاركهم الحياة.
#خير_متاع_الدنيا
في أواخر أيام الإنسان في الدنيا، عندما يشعر أن مشاهدها أوشكت أن تغيب عن عينيه، وصوت اللهاث الذي كان يرافق قصته آخذ في الاضمحلال، أظن أنه لو كان عاقلا سيحز في نفسه أن هذه الحياة التي عاشها التي ازدحمت بالأسماء والتفاصيل، والتي لن تعود، والتي مرت كما تمر المشاهد من نافذة القطار، ما كان ينبغي لها منه هذا الخوف الكبير من الفقر ومن الناس، وأنه قد كان سينفعه لو جعل خوفه من الله يقوده منذ أن صار مكلفا وإلى رقدته هذه في فراشه.
Читать полностью…هل أدلكم على صدقة يمكن أن يتصدق بها من معه المال ومن ليس معه ما يكمل به نفقة شهره؟
عندما تعرف إنسانًا قد وقع وتكشَّف، بسبب هواه، أو بسبب سوء تقديره للأمور، أو بسبب اندفاعه، أو بأي سبب كان، وهو يحاول مفزوعًا ومرتبكًا أن يقوم من عثرته ويلملم أشياء، ويحاول أن يطمئن نفسه بأنه لا بأس وأن هذا الشر سيذهب، وبأنه سيتخلص من ترنحه، ويعوِّض ما خسر، عندما تعرف مثل هذا الإنسان، عبر له بلسانك أو بتعبيرات وجهك أنك تصدِّقه وترجح أنه سيقوم من كبوته، ولا تطلق عليه نظرات التهكم، أو حصيلة الأمثال الشعبية التي تحطم الذات، هل هذا صعب؟ هل هذا فوق طاقتك؟ أم أن غاية ما تصبو إليه أن تبدو أمام نفسك كرجل صلب لا يمكن خداعه؟
أنا شخصيًا أعرف من تحولوا إلى حطام بسبب أنه قد قيل لهم بالفم الملآن: أنت لا فائدة فيك.
هل تحب أن تحول إنسانًا إلى جثة تمشي بين الناس؟!
ولا تحاول أن تبرر لنفسك عدم الاعتزاز بها بسبب أنك قد تعرضت للخديعة وتم التلاعب بك بإتقان، وصرت في نظر نفسك شخصًا مضحوكًا عليه، وعشت مضغوطًا بسبب هذا الإحساس القاسي بالتغفيل. أعلم أنه أمر مؤسف في الحقيقة، وربما يكون تأثيره السلبي على اعتزازك بنفسك أشد من تأثير الأعمال المتواضعة التي مارستها أو المخازي التي وقعت منك، ولكنه في النهاية شعور يمكن النجاة منه بقدر من العزيمة والحسم.
إذا حدث أن تلاعب بك أحد ما كان مقربًا منك، ربما تجد في نفسك رغبة في أن تستمر في تذكر كل ما حدث بتفاصيله وأنت منهار ومشتت، وتأخذ في الدفاع عن نفسك أمام نفسك، وتقول إنك لم تتوحَّش ولن تتوحَّش، وستبقى نظيفًا كما كنت، ولن تلوثك الدنيا كما لوثت الكثيرين، ولن تفقد إيمانك بأن تعيش صادقًا طاهرًا؛ أما هذا الذي خدعني فلا بد أنه سيخسر في النهاية، ولعلي أرى حطامه يومًا ما.
هذه المرثية الجيدة لن تقودك لتعلم شيء، بل ربما تقودك بسبب عنادك في الدفاع عن نموذجك أن تظل كما أنت وألا تحترس، بل إنك في الغالب ستكافح راغبًا في أن تجد من تثق به ثقة عمياء ويصونك ولا يتلاعب بك، لتقول إن العيب لم يكن فيك أبدًا، بل في هذا الوغد الذي استغفلك ورحل، وربما يقودك هذا العناد من أجل أن تعيش بنفس القلب ونفس النظرة للعالم إلى عضة أخرى أقوى من التي قبلها.
إن ما يرد الاعتبار جزئيًا هو أن تبحث عن الثغرة التي فيك، بعين قوية، وتضع إصبعك بثبات عليها بغير أي تردد، وتسد هذه الثغرة للأبد، وتحسِّن من دفاعك عن نفسك وانتباهك، نعم هكذا، مثلما يفعل الناس عندما يتعرض البيت للسرقة، وأنت أغلى من بيت تعرض للسرقة، لا يكثر الواحد منهم الكلام عن قذارة اللصوص ونظافة قلبه، بل يبحث عن الأماكن التي يمكن القفز منها داخل البيت، ويرفع سورها، أو يضع الأسياخ الحديدية على بعض النوافذ، أو يركب كاميرات مراقبة، أو يجعل باب البيت مصفحًا، أو يشتري كلب حراسة يضعه عند البوابة، أو يترك المنطقة إذا كان يعيش بالقرب من حي يسكنه اللصوص، كل هذه حلول، وكلها تعبر عن إرادة قوية في أن لا يحدث ما حدث من قبل. ومثل هذا يفعل صاحب العمل الذي اكتشف متأخرًا بعض عمليات التبديد على يد أحد موظفيه، إنه لن يستغرق وقتًا وهو يقول ما الذي جعل فلانًا يفعل هذا؟! هو سيحزن، ولكنه لن يقف عند الحزن، ولن يظل مذهولًا مثل أي شخص لا يتمتع بالروح العملية، بل أثناء شعوره بالحزن، ذلك الحزن الذي يليق بالقادة والتجار ولا يشوِّش تفكيرهم، يكون قد أخذ يعيد النظر في منظومة الرقابة الداخلية، واستمع لمساعديه الأكفاء، وأغلق الثغرة التي مر منها الموظف غلقًا محكمًا.
إذًا يجب أن نصرف أغلب طاقتنا إذا ما تعرضنا للتلاعب، في أن نسد الثغرة ونحن نتحرك في الحياة، ونعتبر هذا من رد الاعتبار، ومن إثباتنا لأنفسنا بأننا نستطيع أن نتعلم من الدروس وتزداد لياقتنا في الحياة بأجوائها شبه القتالية، ولكن إن أخذنا نمضغ آلامنا ونحن جالسون على الأرائك، وقررنا العيش بقلب مسكين، فإن هذا الفيض من الشعور الأسود سيترسب منه ما يترسَّب على شكل شيء من عدم الاعتزاز بالنفس.
كتاب حكايات القلب المسكين
من صفات المرأة الصالحة كما في الحديث: (إذا نظر إليها سرته).
والسرور لا يغلب على الرجل إن كان في بيته ونظر لامرأته من جمال ملامحها فقط، ولكن يأتي كذلك من تزينها له وعنايتها بنفسها.
والسرور لا يغلب على الرجل عندما ينظر لامرأته من جمال ملامحها ومن عنايتها بنفسها فقط، ولكن يأتي كذلك من إقبالها عليه وطلاقة وجهها، ورغبتها في أن يكون الوقت الذي يجلس إليها فيه هو وقت ترويح له يتعافى فيه من مصاعب الحياة.
وقد يحدث أن تكون المرأة فائقة الجمال، وعندما يتوجه زوجها إليه بوجهه يشعر بالغم والضيق، لإن الإنسان إذا أقبل بنظره على آخر، يكون في النظرة خلاصة ما عاين منه وما ذاق من طباعه.
فإن كانت المرأة عصية عنيدة مكابرة، أو جلفة طويلة اللسان، فإن زوجها لن يشعر بالسرور ولو كانت فاتنة، وعلى العكس من ذلك يشعر الرجل بالسرور عندما ينظر لامرأته حسنة المعشر اللينة، ولو كانت وسطا في ملامحها وزينتها، لأن أدوم السرور وأثبته وأعمق طبقاته في النفس هو ذلك الذي يأتي من حسن الصحبة.
#خير_متاع_الدنيا
#بيت_طيب
لا تجعل أحدا ما، أو أسرة ما، تشعر بالفارق الذي هو لصالحك أو لصالح أسرتك، كأن لا يستطيع الشخص مجاراة سيارتك بسيارته القديمة والعائلتان متوجهتان معا لمناسبة اجتماعية، أو يثقل عليه أن يوافق على اقتراحك بالذهاب لمطعم ما، أو التوجه لمحل تعرفه لبيع الهدايا القيمة.
لا تفكر بأن قيمتك هي في التأكيد على الفارق بينك وبين إنسان، ولا هي في التأكيد على ما تستطيع ولا يستطيع، بل قيمتك الحقيقية في تقديرك لظروفه، وفي قدرتك على ألا تجعل ظهورك في حياته يسبب له الشعور بالتعب والارتباك وقلة الحيلة.
#كن_جميلا