#شرح_البيقونية
▪️الدرس السابع والعشرون▪️
(الحديث المُدَبَّج ورواية الأقران)
قال الناظم رحمه الله:
٢٧- وما روى كل قرينٍ عن أخه
مُدَبَّجٌ فاعرفه حقًّا وانتخه
▪️الشرح:
▪️(وما روى كل قرينٍ): القرين لغةً: الصاحب.
واصطلاحًا: هم القوم المتقاربون في السن والإسناد فإن تشارك الراوي ومن روى عنه في أمر من الأمور المتعلقة بالرواية كالسن والأخذ عن الشيوخ فهذه رواية أقران وقد يكفي التساوي في السند وإن تفاوتوا سنًّا ورواية الأقران أن يروي أحد القرينين عن الآخر ولا يعلم للآخر رواية عنه .
مثاله: رواية زائدة بن قدامة عن زهير بن معاوية ؛ فإنه لا يعلم لزهير رواية عنه، فهذه رواية أقران فقط، وليس مدبجًا.
والناظم هنا بقوله (كل قرين): أخرج رواية الأقران ، وجعل التعريف خاصا بالمدبج.
▪️(عن أخه): بسكون الهاء للوزن ، أو بنية الوقف، وبحذف الياء منقوصًا، وهذه لغة في الأسماء الخمسة يقال لها لغة النقص، وإلا فالأصل عن أخيه ، ومثل هذا قولهم: (بأبه اقتدى عدي في الكرم) ، وهناك لغة ثالثة مشهورة في الأسماء الخمسة يقال لها لغة القصر نحو قول الشاعر :
إن أباها وأبا أباها
قد بلغا في المجد غايتاها
وقوله (عن أخه): المراد عن مساويه في الأخذ عن الشيوخ أو السن غالبًا ، وقد يكفي التساوي في السند وإن تفاوتوا سنًّا، كما تقدم معنا في تعريف الأقران.
▪️(مُدَبَّجٌ): بضم الميم وفتح الدال المهملة وتشديد الباء الموحدة.
والمدبج لغة: مأخوذ من ديباجتي الوجه، أي جانبيه، وهما الخدان لتساويهما وتقابلهما، وسماه بالمدبج الإمام الدارقطني رحمه الله.
واصطلاحًا: هو أن يروي راويان متقاربان في السن أو الإسناد كل واحدٍ منهما عن الآخر بواسطة أو بدونها.
مثاله في الصحابه:
رواية أبي هريرة عن عائشة ورواية عائشة عنه.
وفي التابعين: رواية الزهري عن عمر بن عبدالعزيز ورواية عمر عنه ، ورواية الزهري عن ابن الزبير وابن الزبير عنه .
وفي أتباع التابعين: رواية مالك عن الأوزاعي ورواية الأوزاعي عنه.
وفي أتباع الأتباع:
رواية أحمد بن حنبل عن علي بن المديني ورواية ابن المديني عنه.
وهذه الأمثلة لمدبج بدون واسطة.
ومثال المدبج بالواسطة:
رواية الليث عن يزيد بن الهادي عن مالك ورواية مالك عن يزيد عن الليث.
تنبيه:
مما تقدم يتضح لنا أن رواية أحد القرينين عن الآخر دون أن يعلم عن الآخر رواية عنه تسمى رواية الأقران، ولا يسمى مدبج إلا إذا روى كل قرين عن الآخر ؛ فكل مدبج أقران وليس كل أقران مدبجًا.
▪️(فاعرفه حقًّا وانتخه): أي: اعرفه وافتخر بمعرفته.
وفي هذا النوع دليل على تواضع الراوي فلا يستنكف عن الأخذ عمن مثله أو أصغر منه.
بعض الفوائد المتعلقة بالمُدَبَّج ورواية الأقران:
١- قد يجتمع جماعة من الأقران في حديث واحد كرواية أحمد عن أبي خثيمة زهير بن حرب عن يحيى بن معين عن علي بن المديني عن عبيد الله بن معاذ عن أبيه عن شعبة عن أبي بكر بن حفص عن أبي سلمة عن عائشة قالت: (كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يأخذن من شعورهن حتى يكون كالوفرة).
فأحمد والأربعة فوقه أقران كما قال الخطيب رحمه الله.
٢- فإن روى الراوي عمن دونه سنًا أو في مرتبة الآخذين عنه فرواية الأكابر عن الأصاغر كرواية الزهري عن مالك والأصل فيه رواية النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن تميم الداري خبر الجَسَّاسَة.
ومن رواية الأكابر عن الأصاغر: رواية الآباء عن الأبناء ، والصحابة عن الأتباع ؛ كرواية العباس عن ابنه الفضل ، ورواية وائل عن ابنه بكر ، وكرواية العبادلة وأبي هريرة ومعاوية وأنس عن كعب الأحبار.
٣- أما رواية الأبناء عن الآباء ؛ فكثير ، وأخص منه من روى عن أبيه عن جده ، وفائدة معرفة ذلك : التمييز بين مراتبهم ، وتنزيل الناس منازلهم.
ورواية الأصاغر عن الأكابر هي الأكثر.
٤- فإن تقدم موت أحد القرينين الذين اشتركا في الأخذ عن شيخ ؛ فهو السابق واللاحق.
٥- قال الحافظ ابن حجر في الفتح (٥١/١) تعليقًا على حديث البخاري ( رقم ٩) من طريق سليمان بن بلال عن عبدالله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (الإيمان بضع وسبعون شعبه...)
قال رحمه الله : (في الإسناد المذكور رواية الأقران وهي عبدالله بن دينار عن أبي صالح ؛ لأنهما تابعيان ، فإن وجدت رواية أبي صالح عنه صار من المُدَبَّج)اهـ
حكم المدبج ورواية الأقران:
سواء كان الحديث مُدَبَّجًا برواية كل راوٍ عن الآخر ، أو رواية الأقران أحدهم عن الآخر ؛ فكل هذا منه الصحيح ، ومنه الحسن ، ومنه الضعيف.
الخميس ٢٩/صفر/١٤٤٥هـ
أم حفص بنت الحمزي
/channel/omhafes
▪️(و{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}) : أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ به من شر الوسواس الخناس، وهو الشيطان يجثم على قلب ابن آدم ؛ فإذا ذكر الله خنس، وإذا غفل وسوس.
وتنقسم الاستعاذة إلى :
١- الاستعاذة بالله تعالى : وهي المتضمنة لكمال الافتقار إليه والاعتصام به واعتقاد كفايته وتمام حمايته من شر كل ذي شر .
٢- الاستعاذة بصفة من صفاته تعالى : ككلامه وعظمته وعزته ونحو ذلك، ودليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم كما في مسلم من حديث خولة بنت حكيم : (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ) ، وقوله كما عند أحمد من حديث ابن عمر : (أعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي) ، وقوله في دعاء الألم كما عند مسلم من حديث عثمان بن أبي العاص : ( أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأُحاذر) ، وقوله كما عند مسلم من حديث عائشة : (أعوذ برضاك من سخطك) .
٣- الاستعاذة بالأموات أو بالأحياء غير الحاضرين : فهذا شرك ومنه قوله تعالى : {وَأَنَّهُۥ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلۡإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلۡجِنِّ فَزَادُوهُمۡ رَهَقاً} .
٤- الاستعاذة بالمخلوق الحي الحاضر فيما يقدر عليه : هذه فيها تفصيل :
- إذا استعاذ من شر ظالم وجب إيواؤه وإعاذته لحديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين : (مَنْ وَجَدَ مَلْجَأً أَوْ مَعَاذاً فَلْيَعُذْ بِهِ) .
- وإن استعاذ ليتوصل إلى فعل محظورات أو لهروب من واجب كالقصاص منه حَرُمَ إيواؤه وإعاذته .
وفي مسلم من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ( لعن الله مَن آوى مُحدِثاً ) .
فائدة : الفرق بين العياذ واللياذ : أن العياذ يكون لدفع المكروه ، واللياذ يكون لطلب المحبوب .
كما قال المتنبي :
يامن ألوذ به فيما أؤملهُ
ومن أعوذ به فيما أحاذرهُ
لايجبر الناس عظماً أنت كاسرهُ
ولايهيضون عظماً أنت جابرهُ.
وللدرس بقية إن شاء الله.
أم حفص بنت الحمزي
/channel/omhafes
#شرح_البيقونية
▪️الدرس السادس والعشرون▪️
(الحديث المدرج)
قال الناظم رحمه الله:
٢٦- والمدرجات في الحديث ما أتت
من بعض ألفاظ الرواة اتَّصلت
▪️الشرح:
▪️(والمدرجات): جمع مدرج.
▪️(في الحديث): سواء في سنده أو متنه.
▪️(ما أتت): أي التي أتت.
▪️(من بعض ألفاظ الرواة): سواء كان صحابيًا أو من دونه.
▪️(اتصلت): فلم يفصل بينها وبين كلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاصل يبين أنها ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ؛ فيقع اللبس بذلك فيُتَوَهم أن الجميع مرفوع ، وما أشار إليه الناظم هو مدرج المتن.
والإدراج لغةً: الإدخال.
واصطلاحًا: هو الحديث الذي يعرف أن في سنده أو متنه زيادة ليست منه وإنما هي من أحد الرواة من غير توضيح لهذه الزيادة.
وينقسم المدرج إلى قسمين:
١- مدرج المتن:
وهو أن يقع في المتن كلام ليس منه.
وهو إما أن يكون في أول المتن وهذا نادر جدًا ، أو في وسطه وهذا قليل ، أو في آخره وهو الأكثر.
مثال المدرج في أول المتن:
حديث أبي هريرة عند الخطيب قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
(أسبغوا الوضوء ويل للأعقاب من النار)
فقوله: (أسبغوا الوضوء) من كلام أبي هريرة ؛ فقد رواه البخاري في صحيحه عن أبي هريرة قال: أسبغوا الوضوء فإن أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال: (ويلٌ للأعقاب من النار).
مثال المدرج في وسط المتن:
كحديث الزهري عن عائشة في بدء الوحي (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتحنث في غار حراء -وهو التعبد- الليالي ذوات العدد).
فقوله: (وهو التعبد) من كلام الزهري.
وكحديث فضالة: (أنا زعيم -والزعيم الحميل- ببيت في ربض الجنة)
فقوله: (الزعيم الحميل) مدرج من تفسير ابن وهب.
مثال المدرج في آخر المتن:
حديث أبي هريرة مرفوعًا: (للعبد المملوك أجران -والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك).
فقوله: (والذي نفسي بيده...) إلخ من كلام أبي هريرة لأنه يستحيل أن يصدر ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه لا يمكن أن يتمنى الرق وقد شرفه الله بالرسالة، ولأن أمه قد ماتت فكيف يبرها؟
من أسباب الإدراج:
١- قد يكون تفسير لفظ غريب كما تقدم في حديث الزهري عن عائشة.
٢- قد يكون استنباط حكم فهمه بعض الرواة كحديث ابن مسعود مرفوعًا : (من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئًا دخل النار)
وقد عُرف من روايات أخرى بأن الأولى من كلام ابن مسعود وهو قوله: (من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة).
٣- وقد يكون خطابًا لآخر خلال الكلام كما فعل ثابت بن موسى في قصته مع شريك وقول شريك: (من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار)
ففهم ثابت أنه حديث فصار يحدث به ، وهذا إدراج في المتن كامل على قول من عدَّه من المدرج ، وبعضهم عدَّه من الموضوع.
ويعرف الإدراج بأمور منها:
١- بوروده مفصولًا بطريق آخر كما في قول ابن مسعود المتقدم: (من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة).
٢- بتصريح الراوي بذلك كما في قول ابن مسعود المتقدم فقد جاءت رواية قال ابن مسعود: (قال النبي صلى الله عليه وسلم كلمة وقلت أنا أخرى فذكرهما ).
وفي رواية قال: (وأخرى أقولها ولم أسمعها منه صلى الله عليه وسلم :(من مات لا يجعل لله ندًا أدخله الجنة).
٣- أو باستحالة كون النبي صلى الله عليه وسلم يقول ذلك كما تقدم من حديث أبي هريرة: (والذي نفسي بيده لولا الجهاد في سبيل الله وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك).
٤- أو بتنصيص الأئمة على هذا كما في كثير من المدرجات ومنها:
حديث أبي هريرة :(إن أمتي يبعثون يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته وتحجيله فليفعل)
فقوله: (فمن استطاع منكم… )الخ من كلام أبي هريرة كما نص على ذلك الأئمة.
ثانيًا: مدرج الإسناد:
وهو أقسام مذكورة في المطولات منها:
أن يروي جماعة الحديث بأسانيد مختلفة فيرويه عنهم راوٍ فيجمع الكل على إسناد واحد من تلك الأسانيد ولا يبين الاختلاف.
مثاله: مارواه الترمذي من طريق ابن مهدي عن الثوري عن واصل الأحدب ومنصور والأعمش عن أبي وائل عن عمرو بن شُرَحبيل عن عبدالله بن مسعود ؛ قال: قلت: يا رسول الله! أي الذنب أعظم؟
قال: (أن تجعل لله ندًا وهو خَلَقك...) الحديث.
فإن واصلًا لا يذكر في روايته عمرو بن شُرَحبيل ، وإنما يروي عن أبي وائل عن ابن مسعود مباشرة ، فذكر عمرو بن شُرَحبيل إدراج على رواية منصور والأعمش.
حكم المدرج:
من قسم الضعيف وقد يكون صحيحًا إلى صاحبه الذي أدرجه ، ولا يجوز تعمد شيء من الإدراج؛ فهو حرام بإجماع أهل الحديث والفقه إلا لتفسير غريب في الحديث؛ فإنه يسامح فيه كما قال شيخ الإسلام رحمه الله ، ولذا فعله الزهري في حديث عائشة وغيره من الأئمة، والله أعلم.
الأربعاء ٢٨/صفر/١٤٤٥هـ
أم حفص بنت الحمزي
/channel/omhafes
#شرح_عمدة_الأحكام
▪️الدرس الخامس والثلاثون بعد المائة▪️
▪️كتاب الصلاة▪️
▪️باب القراءة في الصلاة
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : (يريد بالقراءة تلاوة القرآن وقد ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الباب القراءة الواجبة والمستحبة وبماذا يقرأ)اهـ
تنبيه الأفهام(٢٨٤/١)
▪️الحديث الأول: عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: (لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ).
▪️تخريجه : أخرجه البخاري(٧٥٦)، ومسلم(٣٩٤).
▪️بعض مفردات الحديث:
(لاصلاة) : أي لاصلاة مجزئة ، وهو شامل لصلاة الفرض والنفل.
(لمن لم يقرأ) : أي: للذي لم يقرأ ، ولمن اسم موصول يفيد العموم؛ فيشمل الإمام والمأموم والمنفرد.
(بفاتحة الكتاب): سميت بذلك؛ لأن القرآن افتتح بها كتابة ، ويفتتح بها تلاوة.
▪️بعض الأحكام المستفادة من الحديث :
١- فيه أن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة لاتصح الصلاة إلا بها ، وهو قول الجمهور ويدل على هذا أدلة منها:
حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم(٣٩٥) أنَّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَنْ صَلَّى صَلَاةً لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا بِأُمِّ الْقُرْآنِ فَهِيَ خِدَاجٌ -ثَلَاثًا- غَيْرُ تَمَامٍ).
فَقِيلَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّا نَكُونُ وَرَاءَ الْإِمَامِ؟ فَقَالَ: اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ؛ فإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (قَالَ اللهُ تَعَالَى: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: {الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}، قَالَ اللهُ تَعَالَى: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}، قَالَ اللهُ تَعَالَى: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}، قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي - وَقَالَ مَرَّةً فَوَّضَ إِلَيَّ عَبْدِي - فَإِذَا قَالَ: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، قَالَ: هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قَالَ: هَذَا لِعَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ).
وقوله (فَهِيَ خِدَاجٌ): أي ناقصة ، فالخداج : النقصان.
وقوله : (اقْرَأْ بِهَا فِي نَفْسِكَ) : أي: اقرأها سرّا؛ بحيث تُسمِع نفسك.
وحديث أبي سعيد عند أحمد(٣/٣) وأبي داود(٨١٨) قال: (أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب، وما تيسر)، والحديث سنده صحيح ، وهو في الصحيح المسند للشيخ مقبل رحمه الله(٤٠٤).
وذهب أبوحنيفة إلى أن الفاتحة تجب قراءتها في الركعتين الأوليين ، لكن ليس شرطا في الصلاة ، وأما الأخريان فلاتجب فيهما قراءة؛ بل إن شاء قرأ، وإن شاء سبح، وإن شاء سكت.
وقال الحسن البصري وبعض أصحاب داود : لاتجب القراءة إلا في ركعة من كل الصلوات.
وفي رواية لأحمد أنها لاتتعين قراءة الفاتحة وتجزئ قراءة آية من القرآن.
ودليلهم قوله تعالى:{فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ}[المزمل: ٢٠]، وما جاء في حديث المسيء صلاته: (ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن).
والراجح مذهب الجمهور ، وأما قوله: (ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن) ؛ فهو مطلق يقيد بالفاتحة كما في هذا الحديث.
٢- فيه أن الفاتحة تقرأ في كل ركعة، وهو مذهب الجمهور ، واستدلوا أيضا بحديث المسيء في صلاته : (ثم افعل ذلك في صلاتك كلها).
٣- فيه أن قراءة الفاتحة واجبة على الإمام والمأموم والمنفرد، في السرية والجهرية، وهو قول الجمهور للأدلة السابق ذكرها.
وأما حديث جابر رضي الله عنه عند ابن ماجه(٨٥٠) وغيره، قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ كَانَ لَهُ إِمَامٌ، فَقِرَاءَةُ الْإِمَامِ لَهُ قِرَاءَةٌ) ؛ فالراجح ضعفه.
والرواية التي أخرجها مسلم(٤٠٤) من حديث أبي موسى رضي الله عنه : (وَإِذَا قَرَأَ فَأَنْصِتُوا) ؛ فهي رواية شاذة، شذّ بها سليمان التيمي.
٤- فيه دليل للقائلين بأن من أدرك الركوع لم يدرك الركعة ؛ لأنه لم يقرأ الفاتحة.
٥- فيه فضيلة الفاتحة.
الإعلام(١٨٨/٣) ، شرح مسلم للنووي(١٠١/٤) ، الأوسط(٩٨/٣) ، المغني(٤٧٦/١) ، المجموع(٣١٨/٣) ، الفتح(٢٤٢/٢) ، تنبيه الأفهام(٢٨٥/١).
#درر_من_كلام_السلف
▪️٩٤▪️
▪️ذكر السيوطي رحمه الله في كتابه (حسن المحاضرة) عن أحدهم قال :
(الأطفال فيهم خمس خصال لو كانت في الكبار لكانوا أولياء : لا يهتمون للرزق ، ولا يشكون من خالقهم إذا مرضوا ، ويأكلون الطعام مجتمعين ، وإذا تخاصموا لم يتحاقدوا وتسارعوا إلى الصلح ، وإذا خافوا جرت عيونهم بالدموع)اﻫـ
📖 حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة(٤٢٧/١)
/channel/omhafes
#شرح_متممة_الآجرومية
▪️الدرس الثالث والأربعون▪️
▪️باب النكرة والمعرفة
▪️والضرب الثاني: المعرفةُ، وهي ستة أنواع: المضمر وهو أعرفها، ثم العَلَم، ثم اسم الإشارة، ثم الموصول، ثم المعرف بالأداة، والسادس ما أضيف إلى واحد منها وهو في رتبة ما أضيف إليه إلا الاسم المضاف إلى الضمير فإنه في رتبة العَلَم، ويُستثنى مما ذكر اسم الله تعالى فإنه عَلَم وهو أعرف المعارف بالإجماع.
▪️الشرح :
▪️(والضرب الثاني المعرفة): وهو ما وضع ليستعمل في شيء معين.
▪️(وهي ستة أنواع): وزاد بعضهم سابعاً وهو المنادى النكرة المقصودة ، نحو : (يا رجلُ) لشخص معين.
ثم هذه الأنواع متفاوتة في التعريف كالنكرات.
▪️(المضمر): ويقال له الضمير أيضاً من أضمرت الشيء إذا أخفيته.
▪️(وهو أعرفها): عند الجمهور ، وأعرف أنواعه ضمير المتكلم، ثم ضمير المخاطب، ثم ضمير الغائب.
نحو : (أنا ، أنت ، هو).
▪️(ثم العلم): يلي المضمر.
نحو : (زيد ، عبدالله ، سيبويه ، مكة).
▪️(ثم اسم الإشارة): نحو: (هذا ، هذه ، هذان ، هاتان ، هؤلاء).
ومثله المنادى النكرة المقصودة عند من عده منها.
▪️(ثم الموصول) : نحو :( الذي ، التي ، الذين ، ..).
▪️(ثم المعرف بالأداة) : أي: المعرف بأل ، نحو : (الرجل ، البيت).
▪️(السادس): من المعارف.
▪️(ما أضيف إلى واحد منها): أي: الاسم النكرة الذي أضيف إلى واحد من هذه الخمسة إضافة تفيده تعريفًا.
نحو :(غلام زيد ، وغلام هذا ، وغلام الذي في الدار ، وغلام الرجل).
▪️(وهو في رتبة ما أضيف إليه): أي أن المضاف بحسب تعريفه في رتبة ما يضاف إليه ؛ فالمضاف إلى العلم في رتبة العلم ، والمضاف إلى اسم الإشارة في رتبة اسم الإشارة ، وهكذا.
▪️(إلا الاسم المضاف إلى الضمير فإنه في رتبة العلم): أي: ويستثنى من ذلك المضاف إلى الضمير ، نحو: (غلامي) ؛ فإنه في رتبة العلم ، وليس في رتبة الضمير ؛ لأنه لو كان في رتبة الضمير لما صح (مررتُ بزيدٍ صاحبِك) ؛ لأن (صاحبك) صفة ل(زيد) والصفة لا تكون أعرف من الموصوف بل هي مساوية له في التعريف أو دونه ؛ فلما جعلنا المضاف إلى الضمير في رتبة العلم ؛ صار (صاحبك) مساوياً ل(زيد) ، وهذا مذهب جمهور النحاة.
▪️(ويستثنى مما ذكر اسم الله تعالى): أي: ويستثنى مما ذكر قبلُ وهو أن المضمر أعرف المعارف ؛ اسم الله تعالى.
▪️(فإنه علم وهو أعرف المعارف): مطلقًا.
▪️(بالإجماع): لشدة تميزه، وغلبة ظهوره ظهوراً لا يحتمل الخفاء، فهو بهذا المعنى أعرف من الضمير وغيره.
والله الموفق
الثلاثاء ٢٧/صفر/١٤٤٥هـ
أم حفص بنت الحمزي
/channel/omhafes
#شرح_المنظومة_الزُّعكرية_في_بيان_حوادث_السيرة_الزكية
▪️الدرس السابع والستون▪️
(تابع... أحداث السنة الخامسة من الهجرة وما تلاها إلى حجة الوداع)
▪️قال الناظم حفظه الله تعالى:
٢٤٣- وَبَعْدَ ذَا زَوَاجُهُ مِنْ زَيْنَبِ
زَوَّجَهَا اللهُ بِقَوْلٍ طَيِّبِ
٢٤٤- فِي عَامِ سِتٍّ بَعْدَ هِجْرَةِ النَّبِي
غَزْوٌ لِلِحْيَانَ بِلَادِ الْعَرَبِ
▪️الشرح :
▪️قوله (وبعد ذا زواجه من زينب): بنت جحش أم المؤمنين رضي الله عنها ، وهي بنت عمة النبي صلى الله عليه وسلم أُميمة بنت عبدالمطلب.
كانت أولًا عند زيد بن حارثة رضي الله عنه، ثم طلقها وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في سنة خمسٍ من ذي القعدة.
وكان اسمها رضي الله عنها بَرَّة فغيَّره النبي صلى الله عليه وسلم إلى زينب.
▪️قوله (زوجها الله بقول طيب) : كما في قوله تعالى:{فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا}[الأحزاب:٣٧] ؛ فكان وليُّها الله سبحانه وتعالى دون الناس، وهذا من فضائل زينب رضي الله عنها ؛ فكانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري(٧٤٢٠) عن أنس وتقول: (زَوَّجَكُنَّ أَهلُوكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللهُ مِن فَوقِ سَبعِ سَمَوَاتٍ).
وهذه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أنه يُباح له التَّزَوُّج بغير وليٍّ ولا شهود.
ودخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة من غير إذنها، كما في مسلم(١٤٢٨) عن أنس رضي الله عنه.
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم(٢٢٨/٩): (فدخل عليها بغير إذن؛ لأن الله تعالى زوَّجَه إيَّاها بهذه الآية)اهـ
ونزلت آية الحجاب صبيحة عرسها ، كما في البخاري(٧٤٢١) عن أنس قال: (نَزَلَتْ آيَةُ الحِجَابِ فِي زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، وَأَطْعَمَ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ خُبْزًا وَلَحْمًا، وَكَانَتْ تَفْخَرُ عَلَى نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَتْ تَقُولُ: إِنَّ اللَّهَ أَنْكَحَنِي فِي السَّمَاءِ).
وأثنت عليها عائشة رضي الله عنها كما في صحيح مسلم(٢٤٤٢) فقالت: (..وَهِيَ الَّتِي كَانَتْ تُسَامِينِي مِنْهُنَّ فِي الْمَنْزِلَةِ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَمْ أَرَ امْرَأَةً قَطُّ خَيْرًا فِي الدِّينِ مِنْ زَيْنَبَ. وَأَتْقَى لِلَّهِ وَأَصْدَقَ حَدِيثًا، وَأَوْصَلَ لِلرَّحِمِ، وَأَعْظَمَ صَدَقَةً، وَأَشَدَّ ابْتِذَالًا لِنَفْسِهَا فِي الْعَمَلِ الَّذِي تَصَدَّقُ بِهِ، وَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا، تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ).
ومعنى قولها :(مَا عَدَا سَوْرَةً مِنْ حِدَّةٍ كَانَتْ فِيهَا، تُسْرِعُ مِنْهَا الْفَيْئَةَ) : أي : حدة الغضب وثورانه ولكن سرعان ما ترجع للهدوء والسكون.
وهي أول أزواجه صلى الله عليه وسلم لحاقًا به ففي مسلم(٢٤٥٢) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أَسْرَعُكُنَّ لَحَاقًا بِي أَطْوَلُكُنَّ يَدًا) قَالَتْ: فَكُنَّ يَتَطَاوَلْنَ أَيَّتُهُنَّ أَطْوَلُ يَدًا، قَالَتْ: فَكَانَتْ أَطْوَلَنَا يَدًا زَيْنَبُ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ تَعْمَلُ بِيَدِهَا وَتَصَدَّقُ.
توفيت سنة عشرين، وصلى عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
▪️قوله (في عام ست بعد هجرة النبي... غزو للحيان بلاد العرب) : أشار الناظم حفظه الله إلى غزوة بني لحيان، وكانت هذه الغزوة بعد قريظة بستة أشهر، وذلك في جمادى الأولى من السنة السادسة للهجرة على الصحيح كما قاله ابن كثير رحمه الله في الفصول(١٧٧).
وقال ابن حزم رحمه الله في جوامع السيرة(١٥٩) : (والصحيح: أنها السنة الخامسة).
وسبب هذه الغزوة ؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يأخذ بثأر أصحاب الرجيع، الذي قُتِل فيه خبيب بن عدي وعاصم بن ثابت رضي الله عنهما؛ فنزل بلاد بني لحيان في واد يقال له غران، وهو بين أمج وعسفان، وكان قد بلغهم أنه صلى الله عليه وسلم خرج لقتالهم؛ فتفرَّقُوا وتحصَّنُوا في رؤوس الجبال ؛ فتركهم ثم رجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.
الاثنين ٢٦/صفر/١٤٤٥هـ
أم حفص بنت الحمزي
/channel/omhafes
▪️{فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا} : أي: فأرشدها إلى فجورها وتقواها، وبين لها ذلك، وهداها إلى ما قُدِّر لها، كما في قوله تعالى: {إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا}[الإنسان: ٣]، وكقول الله عز وجل: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ}[البلد: ١٠]
وفي مسلم (٢٦٥٠) عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ الدِّيلِيِّ، قَالَ: قَالَ لِي عِمْرَانُ بْنُ الْحُصَيْنِ، أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى عَلَيْهِمْ مِنْ قَدَرِ مَا سَبَقَ؟ أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ بِهِ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ، وَثَبَتَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ؟ فَقُلْتُ: بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ، وَمَضَى عَلَيْهِمْ، قَالَ فَقَالَ: أَفَلَا يَكُونُ ظُلْمًا؟ قَالَ: فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ: كُلُّ شَيْءٍ خَلْقُ اللهِ وَمِلْكُ يَدِهِ، فَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، فَقَالَ لِي: يَرْحَمُكَ اللهُ إِنِّي لَمْ أُرِدْ بِمَا سَأَلْتُكَ إِلَّا لِأَحْزِرَ عَقْلَكَ، إِنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَيَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ، وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أَشَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ، أَوْ فِيمَا يُسْتَقْبَلُونَ بِهِ مِمَّا أَتَاهُمْ بِهِ نَبِيُّهُمْ، وَثَبَتَتِ الْحُجَّةُ عَلَيْهِمْ؟ فَقَالَ: (لَا، بَلْ شَيْءٌ قُضِيَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ، وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا}).
وجاء في مسند أحمد(١٩٩٣٦) قَالَ: فَلِمَ يَعْمَلُونَ إِذًا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: (مَنْ كَانَ اللهُ خَلَقَهُ لِوَاحِدَةٍ مِنَ الْمَنْزِلَتَيْنِ يُهَيِّئُهُ لِعَمَلِهَا).
الأحد ٢٥/صفر/١٤٤٥هـ
أم حفص بنت الحمزي
/channel/omhafes
#شرح_البيقونية
▪️الدرس الثالث والعشرون▪️
(الحديث الفرد)
قال الناظم رحمه الله:
٢٣- والفرد ماقيدته بثقةٍ
أوجمعٍ أوقصرً على روايةٍ
▪️الشرح:
▪️(والفرد): الفرد لغةً: الوتر ، مأخوذ من التفرد .
وفي الاصطلاح: ينقسم إلى قسمين:
الأول: الفرد المطلق:
ماتفرد به راوٍ واحد، وهو الغريب لكن أكثر ما يطلق التفرد على ما إذا كان التفرد في أصل السند من جهة الصحابي؛ فيرويه تابعي واحد عن صحابي ولا يتابعه غيره في روايته عن ذلك الصحابي، وسواء تعدد التفرد بعد التابعي أم لا.
وهو نوعان:
١- تفرد راوٍ من الرواة بالحديث:
ومن أمثلته ما جاء في الصحيحين:
حديث ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي العباس عن عبد الله بن عمر في حصار الطائف.
تفرد به ابن عيينة عن عمرو ، وعمرو عن أبي العباس وأبوالعباس عن عبدالله بن عمر.
٢- تفرد أهل بلد بالحديث دون غيرهم:
مثاله: ما رواه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: (..والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني البيضاءَ في المسجد سَهْل وأخيه).
قال الحاكم: (تفرد به أهل المدينة ورواته كلهم مدنيون).
الثاني: الفرد النسبي:
وينقسم إلى أقسام منها:
١- تفرد راوٍ عن راوٍ:
مثاله: حديث عبد الواحد بن أيمن عن أبيه عن جابر رضي الله عنه في قصة الكُدية التي عرضت لهم يوم الخندق.
أخرجه البخاري وقد تفرد به عبدالواحد عن أبيه.
وقد روي من غير حديث جابر رضي الله عنه.
٢- تفرد أهل بلد عن راوٍ:
ومثاله: حديث يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه في اللقطة تفرد به أهل المدينة عنه.
٣- تفرد راوٍ عن أهل بلد:
وهو عكس الذي قبله وهو قليل جداًّ.
٤- تفرد أهل بلد عن أهل بلد:
ومثاله: ما رواه أبو داود من حديث جابر في قصة المشجوج: (إنما كان يكفيه أن يتيمم ويعصب على جرحه خرقة).
قال ابن أبي داود فيما حكاه الدارقطني في(السنن) : (هذه سنة تفرد بها أهل مكة وحملها عنهم أهل الجزيرة).
▪️(ما قيدته بثقة): هذا هو القسم الأول من تقسيمات الناظم وهو ما قيد بثقة.
كقولنا: (لم يروه ثقة إلا فلان).
▪️(أو جمعٍ أو قصرٍ على رواية): أو جمع: أي جمع من الرواة من أهل بلد معين كالبصرة أو الكوفة، وهذا القسم الثاني من تقسيمات الناظم.
أو تفرد مقصور على رواية راوٍ معين عن راوٍ معين مع كونه مروياً برواة آخرين، وهذا التقسيم الثالث من تقسيمات الناظم، وهو متعلق بالفرد النسبي كما تقدم معنا.
حكم الفرد:
إن كان مخالَفًا فهو الشاذ إن كان مقبولًا ، وإلا فمنكر.
وإن لم يُخَالف وكان مقبولًا فمقبول، وإلا فضعيف.
الأحد ٢٥/صفر/١٤٤٥هـ
أم حفص بنت الحمزي
/channel/omhafes
▪️(فتوضأت نحوًا مما توضأ) : أي: توضأ وضوءًا خفيفًا نحوًا مما توضأ النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الكرماني رحمه الله: (لم يقل مثلًا ؛ لأن حقيقة مماثلته صلى الله عليه وسلم لايقدر عليها غيره)اه
وقد ثبت في هذا الحديث في رواية تأتي إن شاء الله: (فقمت فصنعت مثل ما صنع) ، وهي تردّ على الكرماني رحمه الله ، ولا يلزم من إطلاق المثلية المساواة من كل وجه.
▪️(ثم جئت فقمت عن يساره وربما قال سفيان) : بن عيينة.
▪️(عن شماله) : وهو إدراج من ابن المديني.
▪️(فحوّلني فجعلني عن يمينه) : في هذا دليل على أن موقف المأموم الواحد عن يمين الإمام.
وفيه جواز التعليم في الصلاة إذا كان من أمرها.
▪️(ثم صلى ما شاء الله) : من قيام الليل.
▪️(ثم اضطجع فنام حتى نفخ) : قوله نفخ بالخاء المعجمة، أي: من خيشومه، وهو المعبر عنه بالغطيط.
والغطيط : صوت نفس النائم عند استثقاله ، والنخير أقوى منه.
▪️(ثم أتاه المنادي فآذنه بالصلاة) : بالمد أي: أعلمه بالصلاة.
وفي رواية: (يؤذنه) بلفظ المضارع من غير فاء، وفي رواية: (فناداه).
وفيه إيذان الإمام بالصلاة.
▪️(فقام معه إلى الصلاة) : أي: فقام المنادي مع النبي صلى الله عليه وسلم.
▪️(فصلى ولم يتوضأ) : أي: فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتوضأ من النوم.
وفي هذا دليل على أن النوم ليس حدثًا بل مظنة الحدث ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كانت تنام عينه ولا ينام قلبه فلو أحدث لعلم بذلك، ولهذا كان ربما توضأ إذا قام من النوم وربما لم يتوضأ.
والقول بأن النوم ليس حدثًا بل مظنة الحدث هو مذهب الجمهور ، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، قال رحمه الله كما في مجموع الفتاوى(٣٩١/٢١) : (وجمهور السلف والخلف أن النوم نفسه ليس بناقض ، ولكنه مظنة خروج الحدث)اهـ
▪️(قلنا لعمرو) : أي: قال سفيان بن عيينة لعمرو بن دينار.
▪️(إن ناسًا يقولون: إن رسول الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تنام عينه ولا ينام قلبه) : قال الخطابي: وإنما مُنِعَ قلبُه النوم؛ ليعي الوحي الذي يأتيه في منامه.
▪️(قال عمرو: سمعت عبيد بن عمير) : بالتصغير فيهما ابن قتادة الليثي من كبار التابعين.
▪️(يقول: رؤيا الأنبياء وحي) : رواه مسلم مرفوعًا.
▪️(ثم قرأ {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} [الصافات: ١٠٢]) : واستدلاله بهذه الآية من جهة أن الرؤيا لو لم تكن وحيًا لما جاز لإبراهيم عليه الصلاة والسلام الإقدام على ذبح ولده.
▪️بعض الفوائد والأحكام المستنبطة من الحديث :
١- فيه أن نوم النبي صلى الله عليه وسلم مضطجعا لا ينقض الوضوء؛ لأنه تنام عينه ولاينام قلبه.
٢- فيه جواز مبيت من لم يحتلم عند محارمه.
٣- فيه جواز مبيت الصغير عند الرجل مع أهله إذا لم يكن على الزوج ضرر ولاحرج.
وروي أنها كانت حائضا.
٤- فيه تواضعه صلى الله عليه وسلم وما كان عليه من مكارم الأخلاق.
٥- فيه صلة القرابة.
٦- فيه فضل ابن عباس رضي الله عنهما.
٧- فيه الاقتداء بأفعاله صلى الله عليه وسلم.
٨- فيه جواز الإمامة في النافلة وصحة الجماعة فيها أحيانا دون ملازمة لذلك على الصحيح.
٩- فيه جواز ائتمام واحد بواحد.
١٠- فيه جواز ائتمام صبي ببالغ.
١١- فيه أن موقف المأموم الواحد عن يمين الإمام.
١٢- فيه أن أقل الوضوء يجزىء إذا أسبغ وهو مرة مرة.
١٣- فيه تعليم الإمام المأموم.
١٤- فيه التعليم في الصلاة إذا كان من أمرها.
١٥- فيه إيذان الإمام بالصلاة.
١٦- فيه قيام الإمام مع المؤذن إذا آذنه.
١٧- فيه جواز الجمع بين النوافل والفرض بوضوء واحد.
١٨- فيه أن النوم مظنة الحدث وليس بحدث.
١٩- فيه الاضطجاع على الجنب بعد التهجد.
٢٠- فيه فضل قيام الليل.
٢١- فيه المبيت عند العالم؛ ليراقب أفعاله فيقتدي بها.
٢٢- فيه طلب العلو في السند؛ فإنه كان يكتفي بإخبار خالته أم المؤمنين رضي الله عنها.
٢٣- فيه أن النافلة كالفريضة في تحريم الكلام؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يتكلم.
٢٤- فيه أن الإمام إذا اطلع على مخالفة من المأموم يرشد إليها بالفعل وهو في الصلاة.
٢٥- فيه جواز الدخول في أثناء الصلاة مع المنفرد؛ لتحصيل الجماعة.
٢٦- فيه جواز الحركة لمصلحة الصلاة أو جماعتها.
٢٧- فيه أنه لا يشترط لصحة الإمامة، أن ينوي الإمام قبل الدخول في الصلاة أنه إمام.
٢٨- فيه اجتهاد وحرص عبدالله بن عباس رضي الله عنهما على الفقه في الدين.
٢٩- فيه أن من الأدب أن يمشي الصغير عن يمين الكبير والمفضول عن يمين الفاضل.
شرح ابن بطال(٢٢٦/١) ، شرح الكرماني(١٧٦/٢) ، الإعلام(٥٤١،٥٤٠/٢) ، مجموع الفتاوى لابن تيمية(٤١٣/٢٣)
الفتح للحافظ(٤١٤/١) ، عمدة القاري(٢٥٧/٢) ، إرشاد الساري(٣٢٢/١).
السبت ٢٤/صفر/١٤٤٥هـ
أم حفص بنت الحمزي
/channel/omhafes
#شرح_البيقونية
▪️الدرس الثاني والعشرون▪️
(الحديث المقلوب)
قال الناظم رحمه الله:
٢١- ... والمقلوب قسمان تلا
٢٢- إبدال زاوٍ ما براوٍ قسمُ
وقلب إسنادٍ لمتنٍ قسمُ
▪️الشرح:
▪️(والمقلوب): لغة: مشتق من القلب ، وهو تبديل شيء بآخر .
▪️(قسمان تلا): أي: في الاصطلاح: قسمان.
(تلا) : أي: تبع الشاذ في النظم ، ثم ذكرهما.
أو تلا أحدهما الآخر.
▪️(إبدال راوٍ ما براوٍ قسم): كأن يكون الحديث مشهورا بسالم؛ فيبدله بنافع مثلا ، فيصير غريبا ، وكحديث مشهور بـ(مالك) فيجعل مكانه عبيدالله بن عمر ونحو ذلك ، وممن كان يفعل ذلك من الوضاعين حماد بن عمرو النصيبي وإسماعيل بن أبي حية اليسع ، وبهلول بن عبيد الكندي.
وقد يقع القلب في الاسم مثل : مرة بن كعب ؛ فيقلبه كعب بن مرة ، أو نصر بن علي ؛ فيقلبه علي بن نصر ، وهكذا.
▪️(وقلب إسنادٍ لمتنٍ قسمُ): أي: يقلب إسناد متن فيجعله على متن آخر ، ومتن هذا يجعله على إسناد آخر .
وقد يفعل هذا بقصد الإغراب ؛ فيكون كالوضع ، وقد يفعل اختبارا لحفظ المحدث كما فعل محدثوا بغداد في إختبارهم لحفظ الإمام البخاري رحمه الله.
والقلب الذي بقصد الإختبار لايجوز أن يستمر بل ينتهي بانتهاء الحاجة ، ولا بد أن يبين الصواب قبل أن ينفض المجلس لئلا يحفظ على الخطأ ، فشرطه أن ينتهي بانتهاء الحاجة.
وقد يقع القلب وهمًا ، وهذا يكون من المقلوب أو المعل.
وما ذكره الناظم من القسمين إنما هو القلب في الإسناد وقد يقع القلب في المتن.
فالخلاصة في هذا: أن المقلوب اصطلاحًا على قسمين:
الأول: مقلوب السند :
وحقيقته: إبدال من يعرف برواية غيره فيدخل فيه إبدال راو مكان راو أو أكثر حتى الإسناد كله ، وإبدال اسم مكان اسم كمرة بن كعب فيجعل كعب بن مرة ، وقد يقع هذا عمدًا لقصد الإغراب أو الإختبار ، وقد يقع وهمًا.
والثاني: مقلوب المتن :
وسماه بعضهم المنقلب؛ وهو أن يكون على وجه فينقلب بعض لفظه على الراوي فيتغير معناه وربما انعكس المعنى.
مثال مقلوب السند :
مارواه عمرو بن خالد الحراني عن حماد النصيبي -وحماد وضاع كما في الميزان- عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعًا: (إذا لقيتم المشركين في طريق فلا تبدؤهم بالسلام.. ) الحديث.
قلبه حماد فجعله عن الأعمش ، وإنما هو معروف بسهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة هكذا رواه مسلم في صحيحه.
مثال مقلوب المتن :
حديث أبي هريرة عند مسلم في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله وفيه: (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) ؛ فهذا مما انقلب على أحد الرواة وإنما هو :(حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) كما في صحيح البخاري وغيره.
وكذا حديث: (كلوا واشربوا حتى يؤذن بلال فإن ابن أم مكتوم يؤذن بليل) في صحيح مسلم ؛ فهذا مما انقلب على بعض الرواة ، وإنما هو: (كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإن بلالًا يؤذن بليل).
فائدة :
ادعى ابن القيم القلب في حديث البروك: (إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه) ؛ فذكر ابن القيم أن الحديث انقلب على راويه، والصحيح أن الحديث ليس بمقلوب ولا يوجد تناقض فيه؛ بل هو أرجح من حديث وائل بن حجر: (كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه) ، ولا تناقض في الحديث ؛ فإن ركبتي البعير في رجليه الأماميتين ؛ فهو يقدم ركبتيه عندما يبرك ؛ فَأُمِرْنَا بالمخالفة بأن نقدم اليدين قبل الركبتين ، وإلى هذا ذهب مالك والأوزاعي وأهل الحديث ، ورجحه العلامة الألباني رحمه الله وغيره من أهل العلم.
ومما يؤكد تقديم اليدين على الركبتين عند السجود حديث البراء في الصحيحين: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده لم يحنِ أحدٌ منا ظهره حتى يقع النبي صلى الله عليه وسلم ساجدًا ثم نقع سجودًا بعده) ، وانحناء الظهر يكون في النزول على اليدين ، والله أعلم.
حكم المقلوب :
إن كان مقلوب السند بقصد الإغراب؛ فلا يجوز قطعًا ، وإن كان بقصد الإختبار ؛ فإنه يجوز بقدر الحاجة، وينتهي بانتهاء الحاجة ؛ فيبين الصواب قبل أن ينفض المجلس.
وأما مقلوب المتن ؛ فيرجح الصواب فيه ويبين ، والله أعلم.
السبت ٢٤/صفر/١٤٤٥هـ
أم حفص بنت الحمزي
/channel/omhafes
#دُرَرٌ_مِنْ_كَلَامِ_السَّلَفِ
▪️٢٧٢▪️
▪️قال ابن القيم رحمه الله :
(وَالْحَيَاءُ هُوَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ؛ فَإِذَا فَقَدَهَا الْقَلْبُ، اسْتَحْسَنَ الْقَبِيحَ، وَاسْتَقْبَحَ الْحَسَنَ، وَحِينَئِذٍ فَقَدِ اسْتَحْكَمَ فَسَادُهُ)اهـ
📖 الطب النبوي(١٩٨)
/channel/omhafes
▪️تارك الصلاة ظالم لنفسه وللمسلمين ولأهل السماء والأرض!
العلَّامة المحدِّث / محمد بن علي آدم الإتيوبي رحمه الله.
▪️ما حكم ما يسمى بــ(الذكاء الاصطناعي) ؟
لشيخنا العلَّامة / يحيى بن علي الحجوري حفظه الله.
#شرح_الأصول_الثلاثة
▪️الدرس السادس عشر▪️
وَدَلِيلُ الاسْتِعَانَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥]. وفي الحَدِيثِ: (إذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ)، وَدَلِيلُ الْاِسْتِعَاذَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الفلق: ١]. الآية: وَ {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ} [الناس: ١]. وَدَليلُ الاِسْتِغَاثَةِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ} [الأنفال: ۹] وَدَلِيلُ الذَّبْحِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ} [الانعام: ١٦٢-١٦٣]. وَمِنَ السُّنَّة: (لَعَنَ اللهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيرِ الله). وَدَلِيلُ النَّذْرِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا} [الإنسان: ٧].
▪️الشرح :
▪️قوله: (ودليل الاستعانة): الاستعانة لغة : طلب العون .
وشرعا : هي طلب العون من الله تعالى في فعل المأمورات وترك المحظورات والصبر على المقدورات، مع الثقة به سبحانه وتعالى في تحصيل ذلك .
وهي عبادة من أجل العبادات تجمع أصلين : الثقة بالله ، والاعتماد عليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:( أملت أنفع الدعاء فإذا هو سؤال الله العون على مرضاته ثم رأيته في الفاتحة في{يَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ})اهـ
والدليل على أن الاستعانة عبادة قلبية :
▪️قوله تعالى: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}: الدين كله يرجع إلى هذين المعنيين ، وعلى هاتين الكلمتين مدار العبودية والتوحيد ؛ فقوله : {إِيَّاكَ نَعۡبُدُ} فيها تبرؤ من الشرك .
وقوله : {إِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ} فيها تبرؤ من الحول والقوة، والتفويض إلى الله تعالى.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في مجموع الفتاوى(٩٠/١) : (ولهذا قيل إن هذه الآية جمعت أسرار القرآن : {إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ} ؛ لأن أولها اقتضى عبادته بالأمر والنهي والمحبة والخوف والرجاء ، وآخرها اقتضى عبوديته بالتفويض والتسليم ، وترك الاختيار ، وجميع العبوديات داخلة في ذلك)اهـ
وتقديم المعمول(إياك) على العامل يفيد الحصر ، أي: نعبدك وحدك ونستعين بك وحدك دون من سواك ، وصرف شيء من ذلك لغير الله شرك أكبر.
▪️قوله : (وفي الحديث: (إذا استعنت فاستعن بالله)) : هذه قطعة من حديث أخرجه أحمد(٢٦٦٩) ، والترمذي(٢٥١٦) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنتُ خلفَ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يومًا قال: (يا غلامُ ، إني أعلِّمُك كلماتٍ : احفَظِ اللهَ يحفَظْك ، احفَظِ اللهَ تجِدْه تُجاهَك ، إذا سألتَ فاسألِ اللهَ ، وإذا استعنْتَ فاستعِنْ باللهِ ، واعلمْ أنَّ الأمةَ لو اجتمعتْ على أن ينفعوك بشيءٍ ، لم ينفعوك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ لك ، وإنِ اجتمعوا على أن يضُرُّوك بشيءٍ لم يضُروك إلا بشيءٍ قد كتبه اللهُ عليك ، رُفِعَتِ الأقلامُ وجَفَّتِ الصُّحُفَ).
وتنقسم الاستعانة إلى أقسام هي :
١- الاستعانة بالله : وهي المتضمنة لكمال الذل من العبد لربه وتفويض الأمر إليه واعتقاد كفايته وهذه لا تكون إلَّا بالله .
٢- الاستعانة بمخلوق على أمر يقدر عليه : فهذا بحسب المستعان عليه خيرًا أو شرًّا لقوله تعالى : {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِ} .
٣- الاستعانة بمخلوق حاضر حي غير قادر : فهذا لغو لا طائل فيه بشرط ألَّا يعتقد أن لهذا الحي تصرفًا خفيًّا .
٤- الاستعانة بالأموات ، أو بالأحياء في شيء لا يقدر عليه إلا الله : فهذا شرك ولا يقع إلَّا من شخص يعتقد أن لهؤلاء تصرفًا خفيًّا في الكون .
٥- الاستعانة بالأعمال الصالحة : وهذه جائزة، والدليل قوله تعالى : {وَٱسۡتَعِينُواْ بِٱلصَّبۡرِ وَٱلصَّلَوٰةِ}.
▪️(ودليل الاستعاذة) : الاستعاذة لغة : طلب العوذ من ضر يُخشى وقوعه.
وشرعا : هي الالتجاء إلى الله والاعتصام به من شر كل ذي شر .
والدليل على أن الاستعاذة عبادة قلبية :
▪️(قوله تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ}): أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يستعيذ بفالق الإصباح من شر جميع المخلوقات.
والفلق: الصبح.
▪️بعض المسائل المتعلقة بالحديث :
▪️مسألة : قراءة الفاتحة كاملة مرتبة غير ملحون بها.
قال ابن قدامة في المغني(١٥٤/٢) : (يلزمه أن يأتي بقراءة الفاتحة مرتبة مشددة غير ملحون فيها لحنا يحيل المعنى؛ فإن ترك ترتيبها، أو شدة منها، أو لحن لحنا يحيل المعنى، مثل أن يكسر كاف (إِيَّاكَ)، أو يضم تاء (أَنْعَمْتَ) ، أو يفتح ألف الوصل في (اهْدِنَا)، لم يعتد بقراءته، إلا أن يكون عاجزا عن غير هذا. ذكر القاضي نحو هذا في "المجَرَّد"، وهو مذهب الشافعي)اهـ
وقال ابن عثيمين رحمه الله كما في الشرح الممتع(٦٠/٣): (يقرؤها كاملة مرتبة بآياتها، وكلماتها، وحروفها، وحركاتها، فلو قرأ ست آيات منها فقط؛ لم تصح،
ولو قرأ سبع آيات؛ لكن أسقط (الضَّآلِّينَ) لم تصح، ولو قرأ كل الآيات، ولم يسقط شيئا من الكلمات، لكن أسقط حرفًا، مثل أن يقول: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} فأسقط: (التاء)، لم تصح، ولو أخلف الحركات، فإنها لا تصح؛ إن كان اللحن يحيل المعنى، وإلا صحت، ولكنه لا يجوز أن يتعمد اللحن.
مثال الذي يحيل المعنى: أن يقول: (اهْدِنَا)- بفتح الهمزة - لأن المعنى يختلف؛ لأن معناه يكون مع فتح الهمزة أعطنا إياه هدية، لكن (اهْدِنَا) - بهمزة الوصل - بمعنى: دلنا عليه، ووفقنا له، وثبتنا عليه.
ولو قال: (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) - بضم التاء - لم تصح؛ لأنه يختلف المعنى، يكون الإنعام من القارئ، وليس من الله عز وجل.
ومثال الذي لا يحيل المعنى: أن يقول: (الحَمْدِ) - بكسر الدال بدل ضمها -. ولو قال: (الحَمْدُ لله رَبِ الْعَالَمِينَ) - بدون تشديد الباء - لم تصح؛ لأنه أسقط حرفًا؛ لأن الحرف المشدد: عبارة عن حرفين).
▪️مسألة : قراءة الفاتحة بغير العربية.
▪️ذهب الجمهور إلى عدم جواز القراءة بغير العربية ؛ لقوله تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا}
[الزخرف:٣]، وقوله تعالى: {بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ} [الشعر:١٩٥].
وذهب أبو حنيفة إلى الجواز.
والراجح مذهب الجمهور ، والله أعلم.
المغني(١٥٨/٢) ، المجموع(٣٧٩/٣).
الأربعاء ٢٨/صفر/١٤٤٥هـ
أم حفص بنت الحمزي
/channel/omhafes
#دُرَرٌ_مِنْ_كَلَامِ_السَّلَفِ
▪️٢٧٤▪️
▪️قال ابن القيم رحمه الله :
(ومن تأثير المعاصي في الأرض؛ ما يحل بها من الخسف ، والزلازل ، ويمحق بركتها، وقد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ديار ثمود ؛ فمنعهم من دخول ديارهم إلا وهم باكون، ومن شرب مياههم، ومن الاستسقاء من آبارهم، حتى أمر أن يعلف العجين الذي عجن بمياههم للنواضح ؛ لتأثير شؤم المعصية في الماء...
وكثير من هذه الآفات أحدثها الله سبحانه وتعالى بما أحدث العباد من الذنوب)اهـ
📖 الجواب الكافي(١٢٤)
/channel/omhafes
#شرح_البيقونية
▪️الدرس الخامس والعشرون▪️
(الحديث المضطرب)
قال الناظم رحمه الله:
٢٥- وذو اختلاف سندٍ أو متنِ
مضطربٌ عند أُهَيْلِ الفنِّ
▪️الشرح:
▪️(وذو اختلاف): أي وحديث ذو اختلاف، والمراد هنا الاختلاف القادح في الرواية.
▪️(سند): أي اختلاف في السند؛ بأن يروى الحديث على أوجه مختلفة مع تعذر الجمع أو الترجيح.
والاختلاف في السند هو الغالب.
▪️(أو متن): وقد يكون الاختلاف في المتن سواءٌ في لفظه أو معناه مع تساوي الروايات وتعذر الجمع أو الترجيح.
▪️(مضطرب): بكسر الراء اسم فاعل من اضطرب ، أي: الحديث الموصوف بما ذكر هو المضطرب عند أهل الحديث.
▪️(عند أهيل الفن): أهيل: تصغير أهل ،
فأصله أهل الفن ولكن مراعاة للنظم صَغَّره ، وأهل الفن هم أهل الحديث.
وليس كل تصغير للتحقير والازدراء ، بل من التصغير ما يكون للتعظيم كما في قول الشاعر:
دويهية تصفر منها الأناملُ
والمضطرب: لغةً: مأخوذ من الاضطراب وهو اختلال الأمر وعدم انضباطه.
واصطلاحًا: هو الاختلاف الذي يؤثر قدحًا.
وهو الحديث الذي اختلف فيه راويه أو رواته على أوجه مختلفة مع تساوي جهات الاختلاف وتعذر الجمع أو الترجيح.
فيشعر بقلة ضبط راويه، أو رواته سواءً كان في السند أو المتن، وإذا أمكن الجمع أو ترجحت بعض الروايات على بعض بأن يكون راويها أوثق أو أكثر صحبة للمروي عنه ونحو ذلك؛ فالحكم للراجح، ولا يسمى حينئذٍ مضطرب.
مثال مضطرب السند:
أكثر ما يكون الاضطراب في السند نحو:
حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: (إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا ، فإن لم يجد فلينصب عصا ، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطًا ثم لا يضره ما مرَّ أمامه).
فهذا الحديث اختلف على راويه - وهو إسماعيل بن أمية- اختلافًا كثيرًا ؛
فقيل : عنه عن أبي عمرو بن محمد بن حُرَيث عن جده حُرَيث عن أبي هريرة .
وقيل: عنه عن أبي عمرو بن حُرَيث عن جده حُرَيث بن سُليم عن أبي هريرة . وقيل غير ذلك إلى أكثر من عشرة وجوه ولذا حكم عليه غير واحد من الحفاظ بالاضطراب في سنده.
انظر فتح المغيث للسخاوي.
مثال مضطرب المتن:
قلما يوجد له مثال سالم من الاعتراض لاختلاف الأفهام وإمكان الجمع عند البعض وتعذره عند الآخر ومما يمثل به لاضطراب المتن:
مارواه الترمذي عن شريك عن أبي حمزة عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزكاة فقال: (إن في المال لحقًا سوى الزكاة).
ورواه ابن ماجة من هذا الوجه بلفظ: (ليس في المال حقٌّ سوى الزكاة)
قال الحافظ العراقي:
(… فهذا اضطراب لا يحتمل التأويل…)اهـ
انظر التبصرة والتذكرة.
وقال المشاط في شرح البيقونية (التقريرات السنية): (وهذا المثال كاف في الإيضاح فلا يعترض بإمكان الجمع بحمل الأول على المندوب والثاني على الواجب لأنه ليس من دأب المحصلين)اهـ
حكم المضطرب:
الضعف لاشعاره بعدم ضبط راويه أو رواته.
الثلاثاء ٢٧/صفر/١٤٤٥هـ
أم حفص بنت الحمزي
/channel/omhafes
#شرح_البيقونية
▪️الدرس الرابع والعشرون▪️
(الحديث المُعَلُّ)
قال الناظم رحمه الله:
٢٤- ومابعلةٍ غموض أو خفا
معلّلٌ عنذهُمُ قد عُرِفَا
▪️الشرح:
▪️(ومابعلة): أي: الحديث الذي تلبس بعلة.
▪️(غموضٍ أو خفا): أي اشتمل على علة غامضة وخفية في سنده أو متنه أو فيهما معًا.
▪️(معلّلٌ): بلامين ، ويقال معلول وقد وجد في اصطلاح بعض المحدثين -أي المعلول- وهو من عل يعل فهو معلول وهذا اللفظ في هذا الباب صرح جمع من أهل العلم بأنه لحن.
وأما معلل فهو اسم مفعول من علل وعلله إذا شغله وألهاه.
أما أعله بكذا فالصواب في اسم المفعول منه معل (بلام واحدة) وهذا الذي قرره الحافظ العراقي.
وعلى هذا فالمعلّ بلام واحدة هو الأجود في تسميته.
▪️(عندهُمُ): أي عند أئمة الحديث.
▪️(قد عُرِفَا): عرفه أهل الحفظ والفهم الثاقب لخفائه وغموضه.
والعلة القادحة وهي المرادة هنا: هي سبب خفي يقدح في صحة الحديث مع أن ظاهره السلامة منها.
والمعلّ: هو الحديث الذي اطلع فيه على علة خفية تقدح في صحته مع أن ظاهره السلامة منها.
قال ابن الصلاح رحمه الله : (اعلم أن معرفة علل الحديث من أجلِّ علوم الحديث وأدقها وأشرفها وإنما يضطلع بذلك أهل الحفظ والخبرة والفهم الثاقب وهي عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة فيه)اهـ
وقال ابن مهدي رحمه الله : (معرفتنا له عند الجاهل كهانة ، ولهذا لم يتكلم فيه إلا الحذاق من العلماء كالبخاري والدارقطني)اهـ
انظر شرح القاري ومختصر ابن كثير.
وقد تكون العلة في السند وقد تكون في المتن وتعرف العلة بكثرة التتبع وجمع الطرق كما ذكر هذا ابن الصلاح وغيره.
وروي عن ابن المديني أنه قال : (الباب إذا لم تجمع طرقه لم يتبين خطؤه).
وقد عدّ الحاكم في (معرفة علوم الحديث) عشرة أجناس من العلل ومثل لها وقال في آخرها: (فقد ذكرنا علل الحديث على عشرة أجناس في العلل وبقيت أجناس لم نذكرها)اهـ
وقد تقع علة في السند ولا تكون قادحة في المتن كإبدال راو ثقة براو ثقة.
مثال ذلك: حديث يعلى بن عُبيد عن الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر مرفوعًا: (البيعان بالخيار…) الحديث.
فقد وهم يعلى على سفيان الثوري في قوله (عمرو بن دينار) وإنما هو (عبد الله بن دينار)، وهذه العلة لا تقدح في المتن لأن كليهما ثقة، والله أعلم.
وقد تقع العلة في السند وتكون قادحة فيه وفي المتن.
مثال العلة القادحة في السند فتقدح فيه وفي المتن:
ما وقع لأبي أسامة الكوفي أحد الثقات ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر وهو من ثقات الشاميين قدم الكوفة فكتب عنه أهلها ، ولم يسمع منه أبو أسامة ، ثم قدم بعد ذلك الكوفة عبدالرحمن بن يزيد بن تميم ، وهو من ضعفاء الشاميين فسمع منه أبو أسامة وسأله عن اسمه فقال : عبدالرحمن بن يزيد ، فظنَّ أبو أسامة أنه ابن جابر ، فصار يحدث عنه وينسبه من قبل نفسه فيقول : حدثنا عبدالرحمن بن يزيد بن جابر فوقعت المناكير في رواية أبي أسامة عن ابن جابر وهما ثقتان فلم يفطِن لذلك إلا أهل النقد فميزوا ذلك ونصوا عليه كالبخاري وأبي حاتم وغير واحد.
انظر النكت على ابن الصلاح.
مثال: معل المتن:
حديث نفي قراءة البسملة في الصلاة المروي عن أنس وذلك في الرواية التي تفرد بها مسلم في (صحيحه) من طريق الوليد بن مسلم وقد أعلّ الكثير من الأئمة كالشافعي والدارقطني والبيهقي وغيرهم هذه الرواية التي فيها التصريح بنفي قراءة البسملة بأن راويًا من رواة الحديث حين سمع قول أنس رضي الله عنه: (صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان فكانوا يستفتحون بـ(الحمد لله رب العالمين).
فظنّ هذا الراوي نفي قراءة البسملة؛ فروى الحديث على ما فهم فأخطأ ، فكان نتيجة ذلك أن قال عقب الحديث: (فلم يكونوا يستفتحون القراءة بـ(بسم الله الرحمن الرحيم) مع أن رواية الأكثرين التي اتفق عليها البخاري ومسلم ليس فيها هذا التصريح، وهذه علة خفية أدركها الأئمة رحمهم الله.
قال العراقي:
وعلة المتن كنفي البسملة
إذ ظن راوٍ نفيها فنقله
حكم المعل:
المعل بعلة قادحة في السند أو المتن أو كليهما من أقسام الضعيف.
الاثنين ٢٦/صفر/١٤٤٥هـ
أم حفص بنت الحمزي
/channel/omhafes
#دُرَرٌ_مِنْ_كَلَامِ_السَّلَفِ
▪️٢٧٣▪️
▪️قال ابن القيم رحمه الله :
(العمل بغير إخلاص ولا اقتداء ؛ كالمسافر يملأ جرابه رملا يثقله ولا ينفعه)اهـ
📖 بدائع الفوائد(٤٩)
/channel/omhafes
▪️ثبت عن عمر رضي الله عنه أنه حصل زلزال في زمنه فقال:( أحدثتم والله ؛ لإن عادت لأخرجن من بين أظهركم).
العلَّامة المحدِّث / يحيى بن علي الحجوري حفظه الله.
#تفسير_القرآن_العظيم
▪️الدرس الرابع والخمسون▪️
▪️تَفْسِيرُ سُورَةِ الشَّمْسِ▪️
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ : {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا(١) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا(٢) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا(٣) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا(٤) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا(٥) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا(٦) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا(٧) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا(٨)}.
سورة الشمس مكية.
▪️قوله تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} :
أقسم الله بالشمس وضحاها ولله أن يقسم بماشاء من مخلوقاته سبحانه ، أما العبد فلايقسم إلا بالله.
واختلف في المراد بقوله:{وَضُحَاهَا} ؛ فقيل : ضوءها.
وقيل: النهار كله.
وقيل غير ذلك.
▪️{وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا} : وأقسم بالقمر إذا تَبِعَهَا في الظهور.
وقيل: إذا ساواها.
والأول أظهر.
▪️{وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاهَا}: أي: جلَّى الظلمة، وأضاء البسيطة ، كما في قوله تعالى:{وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى} [الليل: ٢].
▪️{وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا} : أي: يغشى البسيطة فيكون كل شيء مظلما.
وقيل: يغشى الشمس بظلمته فيذهب بضوئها.
والأول أظهر ، والله أعلم.
▪️{وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا} : يُحتمَل أن تكون "مَا" مَوصولة بمعنى (من) ؛ فيكون القسم بالسماء وبانيها، الذي هو الله تبارك وتعالى.
ويُحتمَل أن تكون (ما) مصدرية ؛ فيكون القسم بالسماء وبنيانها الذي هو في غاية الإتقان والإحكام.
والبناء هو الرفع، كقوله تعالى :{وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} أي: بقوة {وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ * وَالأرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ}[الذَّارِيَاتِ: ٤٧، ٤٨].
▪️{وَالأرْضِ وَمَا طَحَاهَا} : أي: دحاها وبسطها للانتفاع بها كما في قوله تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَٰلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا}[النازعات:٣٠-٣١].
▪️{وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا} : أي: خلقها سوية مستقيمة على الفطرة القويمة، كما قال تعالى: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ} [الرُّومِ: ٣٠].
وفي البخاري(١٣٥٨) ومسلم(٢٦٥٨) عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ ، هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ؟
ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}الْآيَةَ.
وَفِي مُسْلِمٍ(٢٨٦٥) عَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ الْمُجَاشِعِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَاتَ يَوْمٍ فِي خُطْبَتِهِ : (أَلَا إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا ؛ كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ، وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ، وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ..) الحديث.
وقيل: المراد جميع النفوس المخلوقة.
🔸بَابُ تَفَاضُلِ أَهْلِ الْإِيمَانِ فِيهِ، وَرُجْحَانِ أَهْلِ الْيَمَنِ فِيهِ
81 - (51) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ كُلُّهُمْ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، ح وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِيُّ - وَاللَّفْظُ لَهُ - حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسًا يَرْوِي عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، قَالَ: أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ نَحْوَ الْيَمَنِ، فَقَالَ: «أَلَا إِنَّ الْإِيمَانَ هَهُنَا، وَإِنَّ الْقَسْوَةَ وَغِلَظَ الْقُلُوبِ فِي الْفَدَّادِينَ، عِنْدَ أُصُولِ أَذْنَابِ الْإِبِلِ، حَيْثُ يَطْلُعُ قَرْنَا الشَّيْطَانِ فِي رَبِيعَةَ، وَمُضَرَ»
#من_فوائد_الحديث:
1 - (منها): بيان تفاضل أهل الإيمان فيه.
2 - (ومئها): بيان فضل أهل اليمن، لرجحانهم في قوّة الإيمان.
3 - (ومنها): ذمّ أهل المشرق، وبيان تسلّط الشيطان عليهم، ثم إن ذمّ هؤلاء، ومدح أهل اليمن محمول في ذلك الوقت، حيث استجاب أهل اليمن لدعوة الإسلام، وتمرّد أهل المشرق من ربيعة ومضر، وليس عامًّا في كلّ زمان، فقد ظهر في كلّ منهما ما يخالف وصفهم المذكور، كما لا يخفى على من تتبع التواريخ.
4 - (ومنها): ذمّ قسوة القلوب وغِلَظِها
📚المصدر: #البحر_المحيط_الثجاج 2/248
__________________________
🌐 aletioupi.com
🔸 t.me/aletioupi
#شرح_كتاب_الوضوء_من_صحيح_البخاري
▪️الدرس التاسع والخمسون بعد المائة▪️
▪️٥- باب التَّخْفِيفِ فِي الْوُضُوءِ
▪️١٣٨ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو قَالَ: أَخْبَرَنِي كُرَيْبٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ صَلَّى -وَرُبَّمَا قَالَ اضْطَجَعَ حَتَّى نَفَخَ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى. ثُمَّ حَدَّثَنَا بِهِ سُفْيَانُ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ عَنْ عَمْرٍو عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: بِتُّ عِنْدَ خَالَتِي مَيْمُونَةَ لَيْلَةً، فَقَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا كَانَ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ قَامَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَتَوَضَّأَ مِنْ شَنٍّ مُعَلَّقٍ وُضُوءًا خَفِيفًا - يُخَفِّفُهُ عَمْرٌو وَيُقَلِّلُهُ- وَقَامَ يُصَلِّي، فَتَوَضَّأْتُ نَحْوًا مِمَّا تَوَضَّأَ، ثُمَّ جِئْتُ فَقُمْتُ عَنْ يَسَارِهِ -وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ عَنْ شِمَالِهِ- فَحَوَّلَنِي فَجَعَلَنِي عَنْ يَمِينِهِ. ثُمَّ صَلَّى مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ اضْطَجَعَ فَنَامَ حَتَّى نَفَخَ، ثُمَّ أَتَاهُ الْمُنَادِي فَآذَنَهُ بِالصَّلَاةِ، فَقَامَ مَعَهُ إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ. قُلْنَا لِعَمْرٍو: إِنَّ نَاسًا يَقُولُونَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَنَامُ عَيْنُهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ. قَالَ عَمْرٌو: سَمِعْتُ عُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولُ: رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ، ثُمَّ قَرَأَ: {إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ}[الصافات: ١٠٢].
▪️ترجمة موجزة لرجال الإسناد :
رجال الإسناد خمسة، وقد سبق منهم: علي بن عبدالله بن المَديني، وسفيان بن عُيينة، وعمرو بن دينار، وعبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما.
وكُرَيب بضم الكاف وفتح الراء وسكون الياء هو ابن أبي مُسْلِمٍ الهاشمي مولاهم، أبو رِشْدين المدني، مولى ابن عباس، ثقة، ط۳، ت۹۸، (ع).
▪️بعض لطائف الإسناد :
١- أن فيه التحديث، والإخبار بصيغة الإفراد، والعنعنة.
٢- أن رجاله كلهم من فرسان الكتب الستة إلا علي بن المَدِيني فإن مسلما وابن ماجه لم يخرجا له.
٣- أن كلهم مكيون ما خلا علي بن المَدِيني، وابن عباس مكي أقام بالمدينة أيضا.
٤- أن فيه رواية تابعي عن تابعي عمرو عن كُريب.
عمدة القاري(٢٥٤/٢)
▪️الشرح :
▪️قوله (باب التخفيف في الوُضوء) : أي: هذا باب في بيان جواز التخفيف في الوضوء.
والمناسبة بين البابين من حيث اشتمال كل منهما على حكم من أحكام الوضوء.
▪️(أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نام حتى نفخ ثم صلى) : أي: نام مضطجعًا إلى أن نفخ ثم صلى بعد ذلك.
▪️(وربما قال اضطجع) : أي : كان سفيان يقول تارة(نام) وتارة(اضطجع) وليسا مترادفين ، ولم يرد إقامة أحدهما مقام الآخر ، بل كان إذا روى الحديث مطولا قال: (اضطجع فنام) ، وإذا اختصره قال:(نام) أي: مضطجعا ، أو (اضطجع) أي: نائما.
▪️(ثم حدّثنا به سفيان) : أي: قال علي بن المديني : ثم حدثنا به سفيان بن عيينة تحديثًا.
▪️(مرة بعد مرة) : أي كان يحدّثهم تارة مختصرًا وتارة مطوّلًا.
▪️(قال بِتّ) : بكسر الباء من البيتوتة، وهي المبيت ليلا.
▪️(عند خالتي ميمونة) : بنت الحارث الهلالية، أم المؤمنين رضي الله عنها.
▪️(ليلةً) : بالنصب على الظرفية.
▪️(فقام النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : (فقام) كذا للأكثر ، ولابن السكن(فنام) من النوم ، وصوّبها القاضي عياض ؛ لقوله بعد ذلك : (فلما كان في بعض الليل قام).
▪️(فلما كان) : أي: النبي صلى الله عليه وسلم.
▪️(في بعض الليل) : وفي رواية(من) بدل(في) ؛ فيحتمل أن تكون بمعناها ، ويحتمل أن تكون زائدة و(كان) تامة ، أي: فلما حصل بعض الليل.
▪️(قام النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فتوضأ من شنّ) : الشنّ : بفتح الشين المعجمة وتشديد النون؛ أي: من قربة خلقة.
▪️(معلقٍ) : بالجر صفة لشنّ على إرادة الجلد أو الوعاء ، وقد أخرجه بعد أبواب بلفظ(معلقة) بالتأنيث.
▪️(وضوءًا خفيفًا) : بالنصب على المصدرية في الأولى، والصفة في الأخرى.
▪️(يخففه عمرو ويقلله) : عمرو هو ابن دينار .
والمعنى : يصفه بالتخفيف والتقليل ، التخفيف بالغسل الخفيف مع الإسباغ، والتقليل بالاقتصار على المرة الواحدة، فالتخفيف من باب الكيف، والتقليل من باب الكمّ وذلك أدنى ما تجزئ به الصلاة.
▪️(وقام يصلي) : وفي رواية (فصلى).
يرجى نشره بأوسع نطاق
جـــــديـــــد الـــردود
🔥💫مالرد على من يدافع عن الرافضة {مقطع قوي يبين ماعليه الرافضة من الكفر والطغيان وسب الصحابة}💫🔥
/channel/aaalemad/5430
~أبو السمح إياد العماد~
▪️فتح الإله في بيان أوجه إضاعة الصلاة
للشيخ الفاضل / أبي محمد عبد الحميد بن يحيى الزُّعكري حفظه الله.
#دُرَرٌ_مِنْ_كَلَامِ_السَّلَفِ
▪️٢٧١▪️
▪️قال الإمام أحمد رحمه الله :
(الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل، بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه، وكم من ضالٍ تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس، وأقبح أثر الناس عليهم)اهـ
📖 الرد على الجهمية(٥٥)
/channel/omhafes