اللهمَّ إنَّي أعوذُ بك من زوالِ نعمَتِك، و تَحَوُّلِ عافيَتِك،
و فجْأةِ نقمتِك، و جميعِ سَخَطِك.
"ستحبك امرأة بإعجابٍ طفولي،
وسيزول.
وأخرى بحماسة المراهقين،
وستخفُت.
وثالثة لأنك متعب وثقيل،
وستغادر لذلك تحديدًا.
ورابعة لتختبر أصالة الحزن فيك حين تطير، وستُفاجَأ بالنتيجة.
وهناك من ستحبك، لأنها تريد أن تتسلل إلى القصيدة ..
وهاهي تفعل"
-بلال علاء
"يا رب إن عظمتْ ذنوبي كثرةً
فلقد علمتُ بأن عفوك أعظم
إن كان لا يرجوك إلا محسن
فبمن يلوذ ويستجير المجرم
أدعوك ربّ كما أمرت تضرّعاً
فإذا رددت يدي فمن ذا يرحم
مالي إليك وسيلةٌ إلا الرجـا
وجميل عفوك ثم إني مسلم"
(الصاعقة تضرب مرتين)
"لم تكن الحياة وديعة
ولم نكن وحوشًا"
أحيانًا، ننكر الموت نفسه، لنعيش.
عندما يموت صاحبك بالسرطان، تعزي نفسك بعد فترة باحتمالات وإحصائيات تخترعها، فتطمئن قليلًا إلى أن السرطان لن يعود قريبًا ليطالب بغيره، وأنه قد ابتعد خطوة على الأقل عن "شلتنا" بالمقارنة بغيرها من "الشِلل".
ترسم الوهم لنفسك، وتصدقه، لتجد من الاطمئنان ما تستند إليه لتمشي وتأكل وتحضن بنتك قبل النوم.
تقول كما يقول المثل الإنجليزي:
"الصاعقة لا تضرب موضعًا مرتين"
لكن الصاعقة لا عقل لها ولا قلب، ولا تعرف هذا المثَل.
شهر مضى منذ قرأت عن (روي سوليفان)، الذي ضربته الصواعق 7 مرات على مدار حياته. يوم قرأت عنه، بحثت عن زاوية جديدة للنظر إلى "نحسه": أليس محظوظًا بالنجاة من 7 صواعق؟
أردت أن أعرف عنه أكثر، وببحث سريع، عرفت أنه يخالفني الرأي.
انتحر (روي سوليفان) في النهاية.
وها قد ضربتنا صاعقة ثانية
****
قرأت ديوان شعر بالأمس. ليس أجمل ما قرأت، ولن أرشحه لصديق، لكن ما حيلتي إن كنت فتحته لأتصفحه، فقرأت عنوانًا:
"كان هذا الحب شاقًا"
أذكر جملة لأحمد خالد توفيق، إن الشعر ما "قشعر"، وجملة من نقاش مع Belal Alaa منذ 10 سنوات، اتفقنا وقتها إن جملة جميلة من ديوان شعر، قد تكون كافية لئلا نعتبر الديوان مضيّعة وقت.
لست قارئًا نهمًا للشعر، لكني أحب كيف تتسع العبارات لمعانٍ لا يقصدها كاتبها. أحب مساحة بين النص والقارئ يلونها القارئ بما يريد.
الجملة أعلاه ليست عن صديق، ولا حتى عن وطن أحببناه فطرد من طرد وحبس من حبس، في السجن وخارجه.
الجملة من قصيدة حب، وهي حتى ليست أجمل قصائد الديوان، وفي ليلة أخرى، ومع مِزاج آخر، ربما بدَت سخيفة/مفتعلة/تقريرية. لكن "قشعريرة" الشعر كثيرًا ما تأتي من خارجه.
في الحب تتجاور المشقة وفرحة الوصول.
عندما نفقد عزيزًا، نندم على المشقة التي لولاها لمرّ الألم سريعًا. نتمنى للحظات لو لم نعرف الراحل، لم لو نقاربه، لم لم يمسنا طيفه، لو لم نأكل عيشًا وملحًا على قهوة ضاحكين، لو لم نتنمر، أو نلقي دعابة جارحة، او نتهمه بأنه "صعيدي لا يفهم الدعابة".
نندم على المشقة، ونندم على الدعابات الجارحة، ونندم على الندم نفسه بعدها بلحظة.
لا زال هذا الحب شاقًا وجميلًا يا محمد.
****
"لا أريد شيئًا من هذه البلاد
سوى أن تعود بلادًا
ونعود بشرًا
نحب ونغني
وننسى أن نموت"
أسأل Hosam Diab: هل جيلنا أسوأ حالًا من غيره؟
فيجيبني: لا. مواليد الأربعينات كانوا في حال أسوأ.
أعرف من أبي إن مواليد أربعينيات القرن العشرين في مصر ضربتهم الصاعقة سبع مرات على الأقل.
في عز شبابه، جُند أبي في الجيش المصري سنة 1966 ليبقى فيه حتى 1974، وخرج منه إلى انفتاح وتضخم وغيره، ليتأخر زواجه إلى الثالثة والثلاثين وينجبني في الثالثة والأربعين.
مرة، في طفولتي، سألته عن الحرب، وعن "بطولاتها"، وانتظرت إجابة أقرب لما أشاهد في الأفلام وما أسمع من أغاني. قال لي:
"كنت مُشاه. كانوا بيقولولنا اضربوا الناحية دي، فنضرب وخلاص. متهيألي ناس كتير من أصحابي ماتوا أصلًا بنيران صديقة"
أركن الإجابة في صندوق، وأتمسك بملحمية الأفلام والأغاني وروايات مصرية للجيب.
أكبر قليلًا، وأذهب إلى أول مظاهرة.
أستأذن من عسكري الأمن المركزي لأدخل "الكردون" المحيط بالمظاهرة، وأسال صديقي بعدها "تفتكر لو جيت أخرج هيسيبني؟" فيضحك وأضحك متخيلًا الإجابة.
أقرأ عن تغريبة محمود السعدني في كتب أبي، وأتخيلها استثنائية، ولا أعرف أني بعد سنوات سيكون أصدقائي من الصحافيين وغيرهم موزعين على بلاد العالم.
يزورني محمد مودعًا قبل السفر إلى لندن. وأنا بكل سذاجتي أتخيلها "فرصة" عظيمة له، ولا أدري أنها "منفى" تكرر قبلها وسيتكرر بعدها مع غيره.
الساذج كبر متأخرًا حتى عن جيله، للأسف.
الساذج كتب متأخرًا حتى عن جيله، لأني كنت أترك الكتابة لمحمد.
****
"تنسى شيئًا ما فيها
كي تعود إليها
لأنها حلب"
الشاعر يحكي عن حلب، لكني أرى القاهرة ووسط البلد.
أعترف بأنانيتي. ربما الأولى أن تكون أسيوط مثلًا!
أراد محمد العودة لمصر، ولو للزيارة، للتخفف من بعض أحجار الغربة في القلب. حكا لي ولغيري عن ذلك حتى قبل المرض.
"لا تعود. أحب أن أراك. لكن، لا تعود"
كنا جميعًا نخشى له مصير اسماعيل الاسكندراني أو محمد الباقر.
أتحجج بعد المرض:
"الرعاية الصحية عندك بالتأكيد أفضل"
نتبادل الحكايات عمّا رأيناه في المستشفيات، وما رأيناه من الطب في مصر.
أغيّر الموضوع، فأصفه بأنه صار أكثرنا رشاقة الآن، ونحاول تصوّر ماذا ستكون قواه لو كان بطلًا خارقًا في مصر.
لا يعرف محمد أني بكيت يومها لأول مرة منذ مرضه.
** القصائد من ديوان (الطريق إلى البيت) لمروان علي – دار المتوسط
ومهما ارتدت الدنيا حطاما وهاج الحزن واستعلى النحيب ..
غدا سنكون أجمل من جديد وإنّ غدا لناظره قريب .
بعضٌ من الاقتباسات الّتي تشعرك بانقباضة قلبٍ حقيقيّة مع شهقةِ دهشة:
(١)"صدورُ الشُّعراء الرّاحلين، مقابرُ أبياتٍ لم تُقرأ."
(٢)"يفتح الإنسان ذراعيه للحياة، فيُصلب."
(٣)"من فرط لطفه أشعر بأنّه ضماد."
(٤)"حتّى أنا تجربةٌ فاشلةٌ لشخصٍ ما."
(٥)"لكلّ شخصٍ طريقته الخاصّة في الوداع، أنا أستخدم الصّمت."
(٦)"ثمّ سكت، كان بالفعل أكثر إرهاقًا ممّا يظنّ."
(٧)"في وسعنا أن نقول الكثير بإيماءة رأس
نحن ربّما نفرط في تقدير الكلمات."
(٨)"كبرتُ عشر سنين من العمر في لحظةِ الخوف تلك."
(٩)"في نهاية المطاف، يرتمي المرء داخل نفسه."
(١٠)"لقد تلقّيتُ الحياة كجرحٍ."
(١١)"من لفَّ حول يقينك كلّ هذا الشّكّ؟"
"ولكن دائمًا أبدًا
هنالكَ ما يدُسُّ الضوءَ من جهةٍ
ليجرحَ عتمَتي عمدًا
ويُخبرني عنِ الإشراق".
تأدَّبْ في بلائِكَ وتَوَجَّعْ بالحَمْد .. فأنتَ في حضْرَة قضَاءِ اللهِ وقدَرِه .
جلال الدين الرومى
"سماءُ مدينتي تمطر
ونفسي مثلها تمطر
وتاريخي معي طفل ٌ
نحيل الوجه لا يبصرْ
أنا حزني رماديٌ
كهذا الشارع المقفر
أنا نوع ٌمن الصبر
لا يعطي ولا يثمر
حياتي مركبٌ ثمل
تحطم قبل أن يبحر
وأيامي مكررة ٌ
كصوت الساعة المضجر"
"إلى البهيّة دائمًا، الكاملة دون نقص. إلى الّتي أُخطئ فيكون غفرانها لذنبي أقسى ما أجد؛ ذلك أنّي لا أستحقُّ في حياتي شخصًا يَحنُو عليّ بهذا الشّكل."
Читать полностью…"فقدتُ خفّتي في الحضور؛ لذا أمارس هذا الغياب بكثرة .. لم تعد الأماكن تسعني، أو أسعها"
Читать полностью…نحن لا ندرك الفراغ الذي خلَّفه مرورُ الزمن فينا إلاّ عندما نحياه حقَّا. ناهيك بالأيام المحروقة، فإن الحياة في بعض أحيانها ليست أكثر من لحظة واحدة، يوم، أسبوع أو شهر. فأنت تعلم أنك حي لأنك تشعر بالألم، لأن كل شيء يكتسب أهمية على حين غرة، ولأن تلك اللحظة الموجزة حينما تنتهي تصبح بقيه عمرك عبارة عن ذکریات تحاول عبثًا أن تعود إليها حتى الرمق الأخير.
~ كارلوس زافون
"راحة الصداقة ألا تحس أنك مضطر لإثبات أصالتها مرة تلو الأخرى وحين تكون مضطرا لإثبات وفائك مرة تلو الأخرى تنتهي الصداقة وحدها؛ لأنها لم تعد تلك المساحة الأليفة للراحة، بل أصبحت اختبارا عليك أن تعبره كل يوم، تصبح أحد الأشياء التي تهرب منها لا إليها"
Читать полностью…"تقابليني
كإنِّك فيلم خَمسيني
كإنِّك وَردة في البَدلة بيروِيها مَطر عِيني
كإنِّك أرضْ
كإنّي فحضرِتك بأبقى رِوائِي لا يَمَّل السَردْ"
"لا توجد كلمات تصف الاغتراب ، كلّ الّذين عادوا منه عادوا بوجوه أخرى، وأصوات أخرى، وقلوب أخرى، ومسافة هائلة."
Читать полностью…"وإنَّ الحكمة لتخفى على العبدِ كُليّةً حتى لم يعد أمامَهُ سبيلٌ إلا التسليم، وإنَّ الدنيا لتضيقُ بالعبدِ على رحابتِهَا حتى لم يعد فيها سَعَةٌ إلا بالله، وإنَّ ما كُتِبَ في اللوحِ واقعٌ بالرضا أو بغيرِهِ، واللهُ وحده هو المعين، ما شاء اللهُ كان ولا رادَّ لأمرِهِ"
Читать полностью…إنَّ الرضا عند النوائبِ سلوةٌ
والصبرُ إن حلَّ الأسى تطبيبُ
ما طالَ ليلٌ، أو تداعت كُربةٌ
إلا ولُطف الله منك قريبُ
لا أعلم قصّة من قصص أنبياء الله في القرآن إلا وكان سبيلهم في حصول مطلوبهم أو دفع مرهوبهم هو الدّعاء؛ ولم يغنهم عنه رفعتهم عند ربّهم، وقربهم منه، ومعيّته لهم؛ وذلك ليقينهم أنّ مدد الله وعونه لا يُنال بشيء كالدّعاء، ومن لازمه أبصر من تيسير الله وفتوحه له مالا يخطر على بال!
Читать полностью…"أناجيك.. ولستُ الفَقيه بأسلوب الرّقائق، ولساني غير فَصيح، ودربي غير صَحيح. أنا الذي لا أملك سوى حسن الظّن بك، وأحارب هوى نفسي باليقين، وأتلعثم بكلّ الكلمات عدا ندائيَ بالرّجا: يا ربّ."
Читать полностью…