prophetsay | Unsorted

Telegram-канал prophetsay - {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

764

"وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ"

Subscribe to a channel

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

ثم تواترت وفود العرب مذعنة بالإسلام، إلا من خذله الله تعالى:
كعامر بن الطفيل، وأربد بن قيس، فإنهما وفدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبيا الإسلام فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما؛ فهلك عامر بالغدة، وهلك أربد بالصاعقة.
وقدم وفد بني حنيفة، فيهم مسيلمة، فلما رجعوا تنبأ لعنه الله تعالى، وارتد معه من العرب من خذله الله تعالى من قومه. وثبت ثمامة بن أثال رضوان الله عليه على الإسلام.
وبعث صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل إلى اليمن.
وأسلم فروة بن عمرو الجذامي، وهادى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذه صاحب ما يليه من بلاد الروم فصلبه.
وبعث صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني الحارث بن كعب بنجران، فأسلموا.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

الفقه بالأدلة " أحكام الزكاة "
"من يرد الله به خيرا يفقه في الدين"
/channel/alfaqqah

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

تتمة غزوة تبوك:
وخطر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحجر بلاد ثمود، فأمرهم ألا يتوضأ أحد من مائهم، ولا يعجنوا منه، وما عجنوا منه فليعلفوه الإبل، وأمرهم أن يستعملوا في كل ذلك من ماء بئر الناقة، وأمر ألا يدخلوا عليهم بيوتهم إلا أن يدخلوها باكين.
ونهاهم صلى الله عليه وسلم أن يخرج أحد منهم منفردا دون صاحبه، فخرج رجلان من بني ساعدة متفرقين، أحدهما للغائط، فخنق على مذهبه، فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعا له فشفي. والآخر خرج في طلب بعير له فرمته الريح في أحد جبلي طيئ فردته طيئ بعد ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعطش الناس في هذه الغزوة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه، فأرسل سبحانه سحابة فأمطرت.
وأضل عليه السلام ناقته، فقال بعض المنافقين: محمد يدعي أنه يعلم خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته؟
فأتى الوحي بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بموضع ناقته، فأخبر أصحابه بذلك، وابتدروا المكان الذي وصف، فوجدوها هنالك. قيل: إن قائل هذا القول زيد بن اللصيت القينقاعي، وكان منافقا، وقيل: إنه تاب بعد ذلك، وقيل: لم يتب.
وفي هذه الغزوة ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال- وقد رأى أبا ذر يتبع أثر الجيش قاصدا اللحاق به صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله أبا ذر، يمشي وحده، ويموت وحده، ويبعث وحده» . وكان كذلك كما قال صلى الله عليه وسلم.
وفضح الله تعالى بالوحي قوما من المنافقين، فتوا في أعضاد المسلمين بالتخذيل لهم، فتاب منهم مخشن بن حمير، ودعا إلى الله تعالى أن يكفر عنه بشهادة يخفى بها مكانه، فقتل يوم اليمامة، ولم يوجد له أثر.
وصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم يحنة بن رؤبة صاحب أيلة على الجزية.
وبعث صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر بن عبد الملك الكندي، صاحب دومة، وأخبره أنه يجده يصيد البقر، فاتفق أن قرب خالد، من حصن أكيدر في الليل، وقد أرسل الله تعالى بقر الوحش، فباتت تحك القصر بقرونها، فنشط أكيدر ليصيدها، فخرج في الليل، فأخذه خالد، فبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعفا عنه ورده وصالحه على الجزية.
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك عشرين ليلة، ولم يتجاوزها.
وكان في طريقه ماء قليل، فنهى أن يسبق أحد إلى الماء، فسبق رجلان فاستنفدا ماءه، فسبهما صلى الله عليه وسلم، ثم وضع يده فيه، وتوضأ بماء يبض منه، ثم صبه فيه ودعا بالبركة، فجاشت بماء عظيم غزير، كفى الجيش كله.
وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ذلك الموضع يصير جنانا، فكان كذلك.
وفي منصرفه صلى الله عليه وسلم أمر بهدم مسجد الضرار.
وأمر مالك بن الدخشم أخا بني سالم، ومعن بن عدي أو أخاه عاصم بن عدي أخا بني العجلان-: بهدم المسجد وحرقه. فدخل مالك بن الدخشم منزله فأخرج منه شعلة نار، فأحرقا المسجد وهدماه.
وكان الذين بنوه:
خذام بن خالد، من بني عبيد بن زيد، أحد بني عمرو بن عوف، ومن داره أخرج مسجد الضرار.
ومعتب بن قشير، من بني ضبيعة بن زيد.
وأبو حبيبة بن الأزعر، من بني ضبيعة بن زيد.
وعباد بن حنيف، من بني عمرو بن عوف.
وجارية بن عامر، وابناه: مجمع بن جارية، وزيد بن جارية.
ونبتل بن الحارث، من بني ضبيعة.
وبخرج، من بني ضبيعة.
وبجاد بن عثمان، من بني ضبيعة.
ووديعة بن ثابت، من بني أمية بن زيد.
ولرسول الله صلى الله عليه وسلم مساجد بين تبوك والمدينة مسماة: مسجد تبوك، ومسجد بثينة مدران، ومسجد بذات الزراب، ومسجد بالأخضر، ومسجد بذات الخطمى، ومسجد بألاء، ومسجد بطرف البتراء من ذنب كواكب، ومسجد بشق تارا، ومسجد بذي الجيفة، ومسجد بصدر حوضي، ومسجد بالحجر، ومسجد بالصعيد، ومسجد بوادي القرى، ومسجد بالرقعة في شقة بني عذرة، ومسجد بذي المروة، ومسجد بالفيفاء، ومسجد بذي خشب.
وفي هذه الغزاة تخلف كعب بن مالك من بني سلمة، ومرارة بن الربيع من بني عمرو بن عوف، وهلال بن أمية الواقفي، وكانوا صالحين، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلامهم مدة خمسين يوما، ثم نزلت توبتهم.
وكان المتخلفون لسوء نياتهم من أهل المدينة نيفا وثمانين رجلا.
وكان رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك في رمضان سنة تسع.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

وأعطى صلى الله عليه وسلم يومئذ عدي بن قيس بن حذافة السهمي خمسين من الإبل؛ وسعيد بن يربوع بن عنكثة بن عامر بن مخزوم خمسين من الإبل؛ ولمخرمة بن نوفل الزهري، وعمرو بن وهب الجمحي، وهشام بن عمرو بن ربيعة بن الحارث بن حبيب أخي بني عامر بن لؤى- بأقل من مائة لكل واحد منهم.
وممن أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عددا دون ذلك: طليق بن سفيان بن أمية ابن عبد شمس، وخالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس، وشيبة ابن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزى- وكان يذكر نفسه عن أنه أراد الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين، فتغشاه أمر لا يقدر على وصفه، قال: فعلمت أنه ممنوع من عند الله-، وأبو السنابل بن بعكك بن حارثة بن عميلة بن السباق بن عبد الدار، وعكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار، وزهير بن أبي أمية بن المغيرة، أخو أم سلمة أم المؤمنين، وخالد بن هشام ابن المغيرة المخزومي، وهشام بن الوليد، أخو خالد بن الوليد، وسفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، والسائب بن أبي السائب ابن عابد بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ومطيع بن الأسود بن حارثة بن نضلة، أخو بني عدي بن كعب، وأبو جهم بن حذيفة بن غانم العدوي، وأحيحة بن أمية الجمحي، ونوفل بن معاوية بن عروة بن صخر بن رزن بن يعمر بن نفاثة بن عدي بن الديل، من بني بكر بن عبد مناة بن كنانة، وعلقمة بن علاثة بن عوف بن الأحوص بن جعفر بن كلاب بن ربيعة ابن عامر بن صعصعة، وخالد بن هوذة بن خالد- الملقب بالحلس- بن ربيعة بن عمرو، فارس الضحياء، بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وأخوه: حرملة بن هوذة.
فكان لشباب الأنصار في ذلك كلام لم يرض به أشياخهم ولا خيارهم، فذكرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بنعمة الله تعالى عليهم بالإسلام، وبه عليه الصلاة والسلام، وأنه إنما أعطى قوما حديثي عهد بالإسلام وبمصيبة، يتألفهم على الإسلام، فرضوا، رضوان الله عليهم.
وذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم جعيل بن سراقة الضمري، وأنه لم يعطه شيئا، فأخبر أنه خير من طلاع الأرض مثل عيينة، تألف عيينة، ووكل جعيل بن سراقة إلى إسلامه.
وكان هذا القسم بالجعرانة؛ ثم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة إلى مكة، ثم رجع إلى المدينة فدخلها لست بقين لذي القعدة.
وكانت قصة الطائف في ذي القعدة من السنة الثامنة من الهجرة.
وكانت مدة غيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم- مذ خرج من المدينة إلى مكة فافتتحها وأوقع بهوازن وحارب الطائف إلى أن رجع إلى المدينة-: شهرين وستة عشر يوما.
واستعمل صلى الله عليه وسلم مالك بن عوف بن سعيد بن يربوع النصري، وهو الذي كان رئيس الكفار يوم حنين، على من أسلم من قومه، ومن سلمة، وفهم وثمالة. وأمره صلى الله عليه وسلم بمغاورة ثقيف ففعل، وضيق عليهم، وحسن إسلامه وإسلام من معه وإسلام جميع المؤلفة قلوبهم، حاشا عيينة بن حصن فلم يزل مغموزا.
وكان المؤلفة قلوبهم- مع حسن إسلامهم- متفاضلين في الإسلام، منهم الفاضل المجتهد: كالحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو، وحكيم بن حزام؛ وفيهم خيار دون هؤلاء: كصفوان بن أمية، وعمرو بن وهب، ومطيع بن الأسود، ومعاوية بن أبي سفيان؛ وسائرهم لا نظن بهم إلا الخير.
وكان ممن أسلم، يوم الفتح وبعده، من الأشراف نظراء من ذكرنا، ووثق رسول الله صلى الله عليه وسلم بصحة إيمانهم، وقوة نياتهم في الإسلام لله تعالى، فلم يدخلهم مدخل من أعطاه-: عكرمة أبي جهل، وعتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية، وجبير بن مطعم.
واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة عتاب بن أسيد؛ وهو شاب، ابن نيف وعشرين سنة، وكان في غاية الورع والزهد، فأقام الحج بالمسلمين تلك السنة. وهو أول أمير أقام الحج في الإسلام، وحج المشركون على مشاعرهم.
وأتى كعب بن زهير بن أبي سلمى تائبا مادحا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قبل ذلك يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقبل صلى الله عليه وسلم إسلامه ومدحه، وأثابه.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

ثم نهض، فلما أتى وادي حنين، وهو واد حدور من أودية تهامة، وهوازن قد كمنت في جنبتي الوادي، وذلك في عماية الصبح ؛ فحملوا على المسلمين حملة رجل واحد، فولى المنهزمون لا يلوي أحد على أحد، فناداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرجعوا، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر: وعمر، وعلي، والعباس، وأبو سفيان بن الحارث، وابنه جعفر، والفضل ابن العباس، وقثم بن العباس، وجماعة من غيرهم؛ والنبي صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء، واسمها: دلدل، والعباس آخذ بحكمتها، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي: يا معشر الأنصار! يا معشر الأنصار! يا معشر أصحاب الشجرة وكان العباس جهير الصوت جدا، وروينا أنه أمره أن ينادي: يا معشر المهاجرين، بعد ذلك.
فلما نادى العباس بمن ذكرنا، وسمعوا الصوت، ذهبوا ليرجعوا، وكان الرجل منهم لا يستطيع أن يثني بعيره لكثرة المنهزمين، فيأخذ درعه فيلبسها، ويأخذ سيفه وترسه ويقتحم عن بعيره، ويكر راجلا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حتى إذا اجتمع حواليه منهم نحو المائة، استقبلوا هوازن، واشتدت الحرب بينهم، وقذف الله تعالى في قلوب هوازن- حين وصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرعب، ولم يملكوا أنفسهم، ورماهم بقبضة حصى بيده، فما منهم أحد إلا أصابته، وفي ذلك يقول جل ثناؤه: "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" .
وقد ذكر عن بعض هوازن. ممن أسلم منهم بعد ذاك، أنه قال: لقينا المسلمين فما لبثنا أن هزمناهم واتبعناهم، حتى أتينا إلى رجل راكب بغلة شهباء، فلما رآنا زبرنا وانتهرنا، فما ملكنا أنفسنا أن رجعنا على أعقابنا، وما تراجع سائر من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم إلا وأسرى هوازن بين يديه.
وثبتت أم سليم في جملة من ثبت في أول الأمر، محتزمة ممسكة خطام جمل لأبي طلحة وفي يدها خنجر.
وانهزمت هوازن، وملك الأموال والعيال، واستحر القتل في بني مالك من ثقيف. فقتل منهم خاصة يومئذ سبعون رجلا، في جملتهم رئيساهم: ذو الخمار، وأخوه عثمان، ابنا عبد الله بن ربيعة بن الحارث، ولم يقتل من الأحلاف إلا رجلان، لأن سيدهم قارب بن الأسود لما رأى أول الهزيمة أسند رايته إلى شجرة وفر بقومه. وهرب مالك بن عوف النصري مع جماعة منهم، فدخل الطائف مع ثقيف، وانحازت طوائف من هوازن إلى أوطاس. وتوجه بنو غيرة من الأحلاف من ثقيف إلى نخلة، فاتبعت طائفة من خيل المسلمين من توجه نحو نخلة، وأدرك ربيعة بن رفيع من بني سليم: دريد بن الصمة فقتله، وقيل: إن قاتل دريد هو عبد الله بن قنيع بن أهبان ابن ثعلبة بن ربيعة.
وفي هذه الغزوة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انقضائها: «من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه» .
وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من اجتمع من هوازن بأوطاس، أبا عامر الأشعري، واسمه عبيد، وهو عم أبي موسى الأشعري، فقتل أبو عامر بسهم، رماه سلمة بن دريد، وأخذ أبو موسى الراية وشد على قاتل عمه فقتله.
واستحر القتل في بني نصر بن معاوية؛ وقيل: رمى أبا عامر أخوان، وهما: العلاء وأوفى ابنا الحارث، أصاب أحدهما قلبه، والآخر ركبته، ثم قتلهما أبو موسى. وقيل: بل قتل تسعة إخوة من المشركين يدعو كل واحد منهم إلى الإسلام، ثم يحمل عليه فيقتله، ثم حمل عليه عاشرهم، فقتل عاشرهم أبا عامر، ثم أسلم ذلك العاشر بعد ذلك.
وكانت وقعة هوازن، وهو يوم حنين، في أول شوال من السنة الثامنة من الهجرة.
وأما رد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هوازن نساءهم وأبناءهم، وإعطاؤه صلى الله عليه وسلم من أعطى من أموالهم من سادات قريش، وأهل نجد، وغيرهم من رؤساء العرب-: فهو مذكور بعد غزوة الطائف.
وكان منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين إلى الطائف، ولم يعرج صلى الله عليه وسلم على مكة.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

توحيد الله
{ وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمٰنِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُۥ وَهُوَ فِى الْآخِرَةِ مِنَ الْخٰسِرِينَ }
/channel/altwheed93

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

وأمن النبي صلى الله عليه وسلم الناس كما ذكرنا، حاشا عبد العزى بن خطل، وعبد الله بن سعد بن أبي سرح، وعكرمة بن أبي جهل، والحويرث بن نقيذ بن وهب بن عبد بن قصي، ومقيس بن صبابة، وقينتي بن خطل، وهما: فرتنا وصاحبتها، وسارة، مولاة لبني عبد المطلب.
فأما ابن خطل- وهو من بني تيم الأدرم بن غالب، كان قد أسلم وبعثه صلى الله عليه وسلم مصدقا، وبعث معه رجلا من المسلمين، فعدا عليه وقتله ولحق بالمشركين- فوجد يوم الفتح وقد تعلق بأستار الكعبة، فقتله سعيد بن حريث المخزومي وأبو برزة الأسلمي.
وأما عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لحق بمكة فاختفى، وأتى به عثمان بن عفان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أخاه من الرضاعة، فاستأمن له رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فسكت عليه السلام ساعة، ثم أمنه وبايعه.
فلما خرج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: هلا قام إليه بعضكم فضرب عنقه؟ فقال رجل من الأنصار: هلا أو مأت إلينا؟ فقال: ما كان لنبي أن يكون له خائنة الأعين.
فعاش حتى استعمله عمر، ثم ولاه عثمان مصر. وهو الذى غزا إفريقية، ولم يظهر منه بعد إسلامه إلا خير وصلاح ودين.
وأما عكرمة بن أبي جهل ففر إلى اليمن، فاتبعته امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام، فردته، فأسلم، وحسن إسلامه.
وأما الحويرث بن نقيذ، وكان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فقتله علي بن أبي طالب يوم الفتح.
وأما مقيس بن صبابة، فكان قد أتى النبي صلى الله عليه وسلم مسلما، ثم عدا على رجل من الأنصار فقتله لقتله أخاه خطأ، فقتله يوم الفتح نميلة بن عبد الله الليثي، وهو ابن عمه.
وأما قينتا ابن خطل، فقتلت إحداهما، واستؤمن للأخرى، فأمنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاشت إلى أن ماتت بعد ذلك بمدة، وكانتا تغنيان بهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما سارة، فاستؤمن لها أيضا، فأمنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاشت إلى أن أطأها رجل فرس بالأبطح فماتت.
واستتر رجلان من بني مخزوم عند أم هانئ بنت أبي طالب، فأمنتهما، فأمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمانها لهما، وكان علي رضوان الله عليه قد أراد قتلهما، وقيل: إنهما الحارث بن هشام، وزهير بن أبي أمية أخو أم سلمة، فأسلما، وكانا من خيار المسلمين.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

وذكر أيضا أن أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الله بن أبي أمية بن المغيرة، أخا أم سلمة أم المؤمنين، لقياه بنيق العقاب مهاجرين؛ فاستأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يأذن لهما، فكلمته أم سلمة، فأذن لهما، فأسلما.
فلما نزلوا بمر الظهران أسفت نفس العباس على ذهاب قريش، إن فجئهم الجيش قبل أن يأخذا لأنفسهم فيستأمنون ، فركب بغلة النبي صلى الله عليه وسلم ونهض، فلما أتى الأدراك وهو يطمع أن يرى حطابا أو صاحب لبن يأتي مكة فينذرهم، فبينما هو يمشي كذلك، إذ سمع صوت أبي سفيان وبديل بن ورقاء، وهما يتساءلان، وقد رأيا نيران عسكر النبي صلى الله عليه وسلم، وبديل يقول لأبي سفيان: هذه والله نيران خزاعة. فيقول له أبو سفيان: خزاعة أقل وأذل من أن تكون لها هذه النيران.
فلما سمع العباس كلامه ناداه:
يا أبا حنظلة. فميز أبو سفيان صوته، فقال: أبو الفضل؟ قال: نعم. فقال له أبو سفيان: ما الشأن؟ فداك أبي وأمي.
فقال له العباس: ويحك يا أبا سفيان، هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس، واصباح قريش! فقال له أبو سفيان: وما الحيلة؟ فقال له العباس: والله إن ظفر بك ليقتلنك، فارتدف خلفي وانهض معي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأردفه العباس، فأتى به العسكر، فلما مر على نار عمر، نظر عمر إلى أبي سفيان فميزه، فقال: أبو سفيان عدو الله، الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد.
ثم خرج يشتد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسابقه العباس، فسبقه العباس على البغلة، وكان عمر بطيئا في الجري، فدخل العباس ودخل عمر على أثره، فقال: يا رسول الله، هذا أبو سفيان قد أمكن الله منه بلا عقد، فأذن لي أضرب عنقة. فقال العباس: يا رسول الله، قد أجرته. فراده عمر الكلام، فقال العباس: مهلا يا عمر فلو كان من بني عدي بن كعب ما قلت هذا، ولكنه من بني عبد مناف.
فقال عمر: مهلا، فو الله لإسلامك، يوم أسلمت، كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بي إلا أني قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب.
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمله إلى رحله، ويأتيه به صباحا، ففعل العباس ذلك. فلما أتى به النبي صلى الله عليه وسلم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم يأن لك؟ ألم تعلم أنه لا إله إلا الله؟ فقال أبو سفيان: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! والله لقد ظننت أنه لو كان معه إله غيره لقد أغنى. ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك، ألم تعلم أني رسول الله؟ فقال: بأبي أنت وأمي، ما أحلمك وأكرمك وأوصلك! أما هذه والله فإن في نفسي منها شيئا حتى الآن.
فقال له العباس: ويحك، أسلم قبل أن تضرب عنقك. فأسلم، فقال العباس:
يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر، فاجعل له شيئا. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

وندمت قريش على ما فعلت، فخرج أبو سفيان إلى المدينة ليشد العقد ويزيد في المدة، فلقي بديل بن ورقاء بعسفان، فكتمه بديل مسيره إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبره أنه إنما سار في خزاعة على الساحل؛ فنهض أبو سفيان حتى أتى المدينة، فدخل على بنته أم حبيبة، أم المؤمنين، فذهب ليقعد على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم، فطوته دونه، فقال لها في ذلك.
فقالت: هو من أثر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت رجل مشرك نجس، فلم أحب أن تجلس عليه. فقال: لقد أصابك بعدي شر يا بنية.
ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد، فكلمه، فلم يجبه بكلمة.
ثم ذهب أبو سفيان إلى أبي بكر الصديق، فكلمه أن يكلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أتى له، فأبى أبو بكر من ذلك، فلقي عمر فكلمه في ذلك، فقال عمر: أنا أفعل ذلك؟! والله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به، فدخل على علي بيته، فوجد عنده فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحسن وهو صبي، فكلمه فيما أتى له، فقال له علي: والله ما نستطيع أن نكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر قد عزم عليه.
فالتفت إلى فاطمة فقال: يا بنت محمد، هل لك أن تأمري بنيك هذا فيجير بين الناس؟ فقالت: ما بلغ بني ذلك، وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال علي: يا أبا سفيان، أنت سيد بني كنانة، فقم فأجر بين الناس ثم ألحق بأرضك. فقال: أترى ذلك مغنيا عني شيئا؟
قال: ما أظن ذلك، ولكن لا أجد لك سواه. فقام أبو سفيان في المسجد فقال أيها الناس، إني قد أجرت بين الناس.
ثم ركب فانطلق راجعا إلى مكة حتى قدمها، وأخبر قريشا بما فعل وبما لقي، فقالوا له: ما جئت بشيء وما زاد علي بن أبي طالب على أن لعب بك.
ثم أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سائر إلى مكة، فأمرهم بالتجهز لذلك، ودعا الله تعالى أن يأخذ عن قريش بالأخبار.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

غزوة مؤتة:
لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمرة القضاء، أقام بالمدينة ذا الحجة، والمحرم، وصفرا، وربيعا، ثم بعث في جمادى الأولى من السنة الثامنة من الهجرة بعث الأمراء إلى الشام.
وقد كان أسلم قبل ذلك وبعد الحديبية وبعد خيبر: عمرو بن العاص، وخالد بن الوليد، وعثمان بن طلحة بن أبي طلحة، وهم من كبار قريش.
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجيش زيد بن حارثة، فإن أصابه قدر فعلى الناس جعفر بن أبي طالب، فإن أصابه قدر فعلى الناس عبد الله بن رواحة.
وشيعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وودعهم، ثم انصرف ونهضوا.
فلما بلغوا معان من أرض الشام، أتاهم الخبر: أن هرقل ملك الروم قد نزل أرض بني مآب ..وهي أرض بني مآب المذكورين في كتب بني إسرائيل، وأنهم كانوا يغاورونهم في أيام دولتهم، وأنهم من بني لوط عليه السلام، وهي أرض البلقاء.. في مائة ألف من الروم، ومائة ألف أخرى من نصارى أهل الشام من لخم، وجذام، وقبائل قضاعة: من بهراء وبلى وبلقين، وعليهم رجل من بني إراشة من بلى، يقال له: مالك بن راقلة.
فأقام المسلمون في معان ليلتين، وقالوا: نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخبره بعدد عدونا، فيأمرنا بأمره أو يمدنا. فقال عبد الله بن رواحة: يا قوم، إن الذي تكرهون للتي خرجتم تطلبون- يعني الشهادة- وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة، وما نقاتلهم إلا بهذا الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا فهي إحدى الحسنيين:
إما ظهور، وإما شهادة. فوافقه الجيش على هذا الرأب، ونهضوا، حتى إذا كانوا بتخوم البلقاء، لقوا الجموع التي ذكرناها مع هرقل إلى جنب قرية يقال لها: مشارف، وصار المسلمون في قرية يقال لها: مؤتة، فجعل المسلمون على ميمنتهم قطبة بن قتادة العذري، وعلى الميسرة عباية بن مالك الأنصاري، وقيل: عبادة. واقتتلوا.
فقتل الأمير الأول: زيد بن حارثة، ملاقيا بصدره الرماح، والراية في يده؛ فأخذها جعفر بن أبي طالب، ونزل عن فرس شقراء، وقيل: إنه عقرها، فقاتل حتى قطعت يمينه، فأخذ الراية بيسراه، فقطعت، فاحتضنها، فقتل كذلك، وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة.
فأخذ عبد الله بن رواحة الراية، وتردد عن النزول بعض التردد، ثم صمم، فقاتل حتى قتل. فأخذ الراية ثابت بن أقرم أخو بني العجلان، وقال: يا معشر المسلمين، اصطلحوا على رجل منكم. فقالوا: أنت؛ قال: لا.
فأخذها خالد بن الوليد، وانحاز بالمسلمين، فأنذر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الأمراء المذكورين قبل ورود الخبر، في يوم قتلهم بعينه.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

فتح فدك:
ولما اتصل بأهل فدك ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل خيبر، بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤمنهم، ويتركوا الأموال. فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك، فكانت مما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، فلم تقسم لذلك، ووضعها عليه السلام حيث أمره ربه تعالى.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

وكان قد أتى قوم من عند قريش، قيل: ما بين الأربعين إلى الثلاثين، فأرادوا الإيقاع بالمسلمين، فأخذوا أخذا، فأطلقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهم العتقاء الذين ينتمون إليهم العتقيون.
وكان عليه السلام قبل تمام هذا الصلح قد بعث عثمان بن عفان إلى مكة رسولا، وشاع أن المشركين قتلوه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المبايعة على الموت، وأن لا يفروا عن القتال، وهي بيعة الرضوان، التي كانت تحت الشجرة، التي أثنى الله تعالى على أهلها، وأخبر عليه السلام أنهم لا يدخلون النار.
وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيساره على يمينه، وقال: هذه عن عثمان.
فلما تم الصلح المذكور أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينحروا ويحلوا، ففعلوا بعد إباء كان منهم وتوقف أغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وفقهم الله تعالى ففعلوا وقيل: إن الذي حلق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم خراش بن أمية ابن الفضل الخزاعي.
ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأتاه أبو بصير عتبة بن أسيد ابن جارية هاربا، وكان ممن حبس بمكة، وهو ثقفي حليف لبني زهرة، فبعث إليه الأزهر بن عبد عوف عم عبد الرحمن بن عوف، والأخنس بن شريق الثقفي، رجلا من بني عامر بن لؤي ومولى لهم، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم، فأسلمه إليهما، فاحتملاه، فلما صار بذي الحليفة نزلوا، فقال أبو بصير لأحد الرجلين: أراني هذا السيف. فلما صار بيده، ضرب به العامري فقتله، وفر المولى فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما وقع. وأظل أبو بصير، فقال:
يا رسول الله وفت ذمتك، وأدى الله عنك، أسلمتني بيد القوم، وقد امتنعت بديني أن أفتتن فيه أو يعبث بي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ويل امه، مسعر حرب، لو كان له رجال.
فعلم أبو بصير أنه سيرده، فخرج حتى أتى سيف البحر، موضعا يقال له: العيص، من ناحية ذي المروة، على طريق قريش إلى الشام، فقطع على رفاقهم ، فاستضاف إليه كل من فر عن قريش ممن أراد الإسلام، فآذوا قريشا، وكتبوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يضمهم إلى المدينة.
وأنزل الله تعالى بفسخ الشرط المذكور في رد النساء، ومنع تعالى من ردهن. ثم نسخت براءة كل ذلك، والحمد لله رب العالمين.
وهاجرة أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط، فأتى أخواها عمارة والوليد ابنا عقبة فيها، فمنع الله تعالى من رد النساء، وحرم الله تعالى حينئذ على المؤمنين الإمساك بعصم الكوافر، فانفسخ نكاحهن من المسلمين؛ ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

غزوة بني المصطلق:
ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعض جمادى الآخرة، ورجبا.
وباقي العام، ثم غزا بني المصطلق من خزاعة في شعبان من السنة السادسة من الهجرة واستعمل على المدينة أبا ذر الغفاري، وقيل: بل نميله بن عبد الله الليثي، وأغار رسول الله صلى الله عليه وسلم على بني المصطلق، وهم غارون، على ماء يقال له: المريسيع، من ناحية قديد إلى الساحل، فقتل من قتل منهم، وسبى النساء والذرية. ومن ذلك السبي كانت جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد بني المصطلق فوقعت في سهم ثابت بن قيس بن شماس، فكاتبها، فأدى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقها وتزوجها.
وأصيب في هذه الغزوة هشام بن صبابة الليثي، من بني ليث بن بكر ابن عبد مناة بن كنانة. أصابه رجل من الأنصار من رهط عبادة بن الصامت خطأ، وهو يظنه من العدو.
وفي رجوع رسول صلى الله عليه وسلم من هذه الغزوة قال عبد الله بن أبي بن سلول: «لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل» ، وذلك لشر وقع لبني جهجاه بن مسعود الغفاري أجير عمر بن الخطاب، وبين سنان بن وبر الجهني، حليف بني عوف بن الخزرج، فنادى الغفاري: يا للمهاجرين.
ونادى الجهني: يا للأنصار وبلغ زيد بن أرقم رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة عبد الله ابن أبي. فنزل في ذلك من عند الله تعالى سورة المنافقين.
وتبرأ عبد الله بن عبد الله بن أبي من أبيه، وأتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: يا رسول الله، أنت والله الأعز وهو الأذل، والله إن شئت لتخرجنه يا رسول الله. ووقف لأبيه قرب المدينة، فقال: والله لا تدخلها حتى يأذن لك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدخول فتدخل حينئذ.
وقال أيضا عبد الله بن عبد الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله، بلغني أنك تريد قتل أبي، وإني أخشى إن أمرت بذلك غيري لا تدعني نفسي أرى قاتل أبي يمشي على الأرض، فأقتله به، فأدخل النار إذا قتلت مسلما بكافر، وقد علمت الأنصار أني من أبرها بأبيه، ولكن، يا رسول الله، إذا أردت قتلة فمرني بذلك، فأنا والله أحمل إليك رأسه. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا، وأخبره أنه لا يسىء إلى أبيه.
ووفد من مكة مقيس بن صبابة، مظهرا الإسلام، وطالبا دية أخيه هشام بن صبابة، فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، فأخذها، ثم عدا على قاتل أخيه فقتله، وفر إلى مكة كافرا. وهو الذي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله يوم فتح مكة، في جملة من أمر بقتله.
وكان شعار المسلمين يوم بني المصطلق: أمت أمت.
ولما علم المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية أعتقوا كل ما كان في أيديهم من بني المصطلق، كرامة لمصاهرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلقد أطلق بسببها مائة أهل بيت من قومها.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بني المصطلق بعد إسلامهم بأزيد من عامين: الوليد بن عقبة بن أبي معيط مصدقا، فخرجوا ليتلقوه، ففزع، فرجع وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم هموا بقتله، فتكلم الناس في غزوهم، ثم أتى وافدهم منكرا لرجوع مصدقهم، قبل أن يلقاهم، معرفين أنهم إنما خرجوا متلقين له مكرمين لوروده، فنزلت في ذلك: "يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين"
وفي مرجع الناس من غزوة بني المصطلق قال أهل الإفك ما قالوا، وأنزل الله تعالى في ذلك براءة عائشة أم المؤمنين رضوان الله عليها ما أنزل.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

غزوة ذي قرد:
في غزوة بني لحيان قالت الأنصار: إن المدينة خالية منا، وقد بعدنا عنها، ولا نأمن عدونا يخالفنا إليها، فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على كل نقب من أنقابها ملكا يحميها بأمر الله عز وجل. ثم قفل حينئذ، فما هو إلا أن نزل المسلمون المدينة وبقوا ليالي، أغار عليهم عيينة بن حصن في بني عبد الله بن غطفان، فاكتسوا لقاحا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها رجل من بني غفار وامرأة، فقتلوا الغفاري، وحملوا المرأة واللقاح.
وكان أول من نذر بهم سلمة بن عمرو بن الأكوع الأسلمي، وكان ناهضا إلى الغابة، فلما علا ثنية الوداع نظر إلى خيل الكفار، فصاح، فأنذر المسلمين، ثم نهض في آثارهم، فأبلى بلاء عظيما، ورماهم بالنبل حتى استنقذ ما كان بأيديهم. فلما وقعت الصيحة بالمدينة، فكان أول من أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفرسان المقداد بن الأسود، ثم عباد بن بشر بن وقش من بني عبد الأشهل، وسعد بن زيد من بني عبد الأشهل، وأسيد بن ظهير أخو بني حارثة، وعكاشة بن محصن الأسدي. ومحرز بن نضلة الأسدي الأخرم، وأبو قتادة الحارث بن ربعي أخو بني سلمة، وأبو عياش بن زيد بن الصامت أخو بني زريق.
فلما اجتمعوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم سعد بن زيد وقيل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى فرس أبي عياش معاذ بن ماعص، أو عائذ بن ماعص، وكان أحكم للفروسية من أبي عياش. وأول من لحق بهم: محرز ابن نضلة الأخرم، فقتل رضي الله عنه، وكان على فرس لمحمود بن مسلمة من بني عبد الأشهل، أخذه إذ كان صاحبه غائبا، فلما قتل رجع الفرس إلى آريه في بني عبد الأشهل؛ وقيل: قتله عبد الرحمن بن عيينة بن حصن، فركب فرسه، ثم قتل سلمة عبد الرحمن، واسترجع الفرس.
وكان اسم فرس المقداد: سبحة، وقيل: بعزجة، وفرس معاذ بن وقش: لماع؛ وفرس عكاشة بن محصن: ذو اللمة؛ وفرس سعد بن زيد: لاحق؛ وفرس أبي قتادة: جروة؛ وفرس أسيد بن ظهير:
مسنون؛ وفرس أبي عياش؛ جلوه؛ والفرس الذى ركب الأخرم: الجناح.
وولى المشركين منهزمين، وبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء يقال له ذو القرد، ونحر ناقة من لقاحة المسترجعة، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ويوما، ثم رجع إلى المدينة.
وأقبلت امرأة الغفاري على ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أتت المدينة نذرت أن تنحرها، فأخبرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا نذر في معصية، ولا لأحد فيما لا يملك، وأخذ عليه السلام ناقته.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

بعث عبد الله بن أبي عتيك إلى قتل سلام ابن أبي الحقيق:
ولما فتح الله تعالى في الكافر كعب بن الأشرف على يدي رجال من الأوس، رغبت الخزرج في مثل ذلك تزيدا في الأجر والغناء في الإسلام؛ فتذكروا أن سلام بن أبي الحقيق من العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين على مثل حال كعب بن الأشرف، فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله، فأذن لهم.
فخرج إليه خمسة نفر من الخزرج، كلهم من بني سلمة: وهم: عبد الله ابن عتيك، وعبد الله بن أنيس، وأبو قتادة الحارث بن ربعي، ومسعود بن سنان، وخزاعي بن الأسود، حليف لهم من المسلمين.
وأمر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عتيك، ونهاهم عن قتل النساء والصبيان. فنهضوا حتى أتوا خيبر ليلا، وكان سلام ساكنا في دار مع جماعة، وهو في علية منها، فتسوروا الدار، ولم يدعوا بابا من أبوابها إلا استوثقوا منه من خارج، ثم أتو العلية التي هو فيها، فاستأذنوا عليه، فقالت امرأته: من أنتم؟ فقالوا: أناس من العرب فقالت: هذاكم صاحبكم فادخلوا. فلما دخلوا أغلقوا الباب على أنفسهم، فأيقنت بالشر وصاحت، فهموا بقتلها، ثم ذكروا نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء، فأمسكوا عنها؛ ثم تعاوروه بأسيافهم وهو راقد على فراشه، ووضع عبد الله بن عيتك سيفه في بطنه حتى أنفذه، وعدو الله يقول: قطني قطني. ثم نزلوا. وكان عبد الله بن عتيك سيئ البصر، فوقع فوثئت رجله وثئا شديدا، فحمله أصحابه حتى أتوا منهرا من مناهرهم ، فدخلوا فيه واستتروا. وخرج أهل الآطام، وأوقدوا النيران فى كل وجه، فلما يئسوا رجعوا، فقال المسلمون: كيف لنا وأن نعلم أن عدو الله قد مات؟ فرجع أحدهم، ودخل بين الناس، ثم رجع إلى أصحابه فذكر لهم أنه وقف مع الجماعة، وأنه سمع امرأته تقول: والله لقد سمعت صوت ابن عتيك، ثم أكذبت نفسي وقلت: أنى ابن عتيك بهذه البلاد! ثم إنها نظرت في وجهه فقالت: فاظ وإله يهود. قال: فسررت، وانصرف إلى أصحابه فأخبرهم بهلاكه، فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه وتداعوا في قتله، فقال صلى الله عليه وسلم: هاتوا سيوفكم. فأروه إياها، فقال عن سيف عبد الله بن أنيس: هذا قتله، أرى فيه أثر الطعام.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

حجة أبي بكر الصديق رضي عنه وبعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه بسورة «براءة» يقرؤها على الناس في الموسم:
حج بالناس عام تسع في ذي الحجة أبو بكر الصديق أميرا على الناس في الحج. وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه بسورة براءة، يقرؤها على الناس في الموسم، نابذا إلى كل ذي عهد عهده، ومبطلا كل عقد سلف، على ما نص في السورة من الأحكام.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

إسلام ثقيف:
ولما كان في رمضان سنة تسع المؤرخ، منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك، أتاه وفد ثقيف. وقد كان عروة بن مسعود الثقفي لحق برسول الله صلى الله عليه وسلم منصرفه من حنين والطائف، قبل أن يدخل عليه السلام المدينة، فأسلم وكان سيد ثقيف، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرجوع إلى قومه ودعائهم إلى الإسلام، فخشي عليه منهم وحذره، فأبى ووثق بمكانه منهم، فانصرف ودعاهم إلى الإسلام فرموه بالنبل، فمات، فأوصى عند موته أن يدفن خارج الطائف مع الشهداء الذين أصيبوا إذ حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدفن هناك، رضوان الله عليه.
ثم إن ثقيفا رأوا أنهم لا طاقة لهم بما هم فيه من مغاورة جميع العرب، وكان رئيسهم عمرو بن أمية أخا بني علاج وعبد يا ليل بن عمرو بن عمير، وهو من الأحلاف من بني غيرة، وهم فخذ من ثقيف، فاتفقوا على أن يبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد يا ليل بن عمرو ورجلين من الأحلاف، وهما:
الحكم بن عمرو بن وهب بن معتب، وشرحبيل بن غيلان، وثلاثة من بني مالك، وهم: عثمان بن أبي العاص بن بشر بن عبد دهمان أخو بني يسار، ونمير بن خرشة بن ربيعة أخو بني الحارث، وأوس بن عوف؛ وقد قيل: إنه قاتل عروة بن مسعود؛ فخرجوا حتى قدموا المدينة.
فأول من رآهم بقناة: ابن عمهم المغيرة بن شعبة، وكان يرعى في نوبته ركاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فترك عندهم الركاب، ونهض مسرعا ليبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم، فلقي أبا بكر، فاستخبره عن شأنه، فأخبره المغيرة بقدوم وفد قومه للإسلام، فأقسم عليه أبو بكر أن يؤثره بتبشيره رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك. فكان أبو بكر هو الذي بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الأمر.
فرجع المغيرة ورجع معهم، وأخبرهم كيف يحيون رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفعلوا، وحيوه بتحية أهل الجاهلية، فضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبة في ناحية المسجد.
وكان خالد بن سعيد بن العاص هو الذي يختلف بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كتب لهم الكتاب، وكان الطعام يأتيهم من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يأكلونه حتى يأكل منه خالد.
وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يترك لهم الطاغية مدة ما، لا يهدمها؛ فأبى عليهم ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم. وسألوا أيضا أن يعفو من الصلاة، فأبى عليهم صلى الله عليه وسلم من ذلك. وسألوا ألا يهدموا أوثانهم بأيديهم، فأجابهم إلى ذلك.
وأمر عليهم عثمان بن أبي العاص، وكان أحدثهم سنا، لأنه عليه السلام رآه أحرصهم على تعلم القرآن وشرائع الإسلام؛ فأسلموا، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص بتعليمهم شرائع الإسلام. ومما أمره به: أن يصلي بهم، وأن يقتدي بأضعفهم، أي لا يطول عليهم إلا على قدر قوة أضعف من يصلي وراءه. وأمره أيضا أن يتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا.
ثم انصرف إلى بلادهم، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب، والمغيرة بن شعبة، لهدم الطاغية، وهي اللات. فأقام أبو سفيان بماله بذي الهرم، وقال للمغيرة: ادخل أنت على قومك. فدخل المغيرة وشرع في هدم الطاغية، وأقام قومه دونه: بنو معتب، خشية أن يرمى؛ وخرج نساء ثقيف حسرا يبكين اللات وينحن عليها. وهدمها المغيرة، وأخذ مالها وحليها. وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مال الطاغية دين عروة بن مسعود؛ ورغب إليه قارب بن الأسود بن مسعود أن يقضي دينه الذي تحمل به عن أبيه. ففعل ذلك. وقد كان أبو مليح بن عروة بن مسعود، وقارب بن الأسود. قد أسلما قبل إسلام ثقيف.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

غزوة تبوك:
هذه آخر غزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه. وكان رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من عمرته بعد حصار الطائف- كما ذكرنا- في آخر ذي القعدة من سنة ثمان.
فأقام بالمدينة ذا الحجة، والمحرم، وصفرا، وربيعا الأول، وربيعا الآخر، وجمادى الأولى، وجمادى الآخرة.
فلما كان في رجب من سنة تسع من الهجرة، أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزو الروم؛ وذلك في حر شديد حين طاب أول الثمر، وفي عام جدب.
وكان صلى الله عليه وسلم لا يكاد يغزو إلى وجه إلا وارى بغيره، إلا غزوة تبوك، فإنه صلى الله عليه وسلم بينها للناس، لمشقة الحال فيها، وبعد الشقة، وقوة العدو المقصود.
فتأخر الجد بن قيس أخو بني سلمة وكان متهما، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في البقاء، وهو غني قوي، فأذن له وأعرض عنه، ففيه نزلت: "ومنهم من يقول ائذن لي ولا تفتني، ألا في الفتنة سقطوا" .
وكان نفر من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي، عند جاسوم يثبطون الناس عن الغزو. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن عبيد الله في نفر، وأمرهم أن يحرقوا عليهم البيت، ففعل ذلك طلحة، فاقتحم الضحاك بن خليفة، وكان في البيت، فوقع فانكسرت رجله. وفر أيضا ابن أبيرق، وكان معهم.
وأنفق ناس كثير من المسلمين واحتسبوا. فأنفق عثمان رضى الله عنه نفقة عظيمة، روي أنه حمل في هذه الغزوة على تسعمائة بعير، ومائة فرس، وجهز ركابها، حتى لم يفقدوا عقالا ولا شكالا . وروي أيضا أنه أنفق فيها ألف دينار.
وهذه الغزوة أتى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم البكاءوه، وهم سبعة: سالم بن عمير من بني عمرو بن عوف، وعلبة بن زيد أخو بني حارثة، وأبو ليلى عبد الرحمن بن كعب أخو بني مازن بن النجار، وعمرو بن الحمام أخو بني سلمة، وعبد الله بن المغفل المزني، وقيل: هو عبد الله بن عمرو المزني، وهرمى بن عبد الله أخو بني واقف، وعرباض بن سارية الفزارى. فاستحملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يجدوا عنده ما يحملهم عليه، فتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أن لا يجدوا ما ينفقون.
فذكر أن ابن يامين بن عمرو بن كعب النضري حمل أبا ليلى وعبد الله بن مغفل على ناضح له يعتقبانه وزودهما تمرا.
واعتذر المخلفون من الأعراب، فعذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونهض عليه صلوات الله وسلامه، واستعمل على المدينة محمد بن مسلمة، وقيل: بل سباع بن عرفطة، وقيل: بل علي بن أبي طالب.
وضرب عبد الله بن أبي بن سلول عسكره بناحية غازية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأما من كان مع عبد الله بن أبي في غزوة تبوك، ممن تخلف معه بعد مسيره عليه السلام، فأهل النفاق وأصحاب الريب في العدة المذكورة.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

غزوة الطائف:
لم يشهد عروة بن مسعود ولا غيلان بن سلمة الثقفيان يوم حنين، ولا حصار الطائف، كانا بجرش، يتعلمان صنعة المجانيق والدبابات.
فسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في طريقه من الجعرانة إلى الطائف على نخلة اليمانية، ثم على قرن، ثم على المليح، ثم على بحرة الرغاء من لية، فابتنى بها صلى الله عليه وسلم مسجدا، فصلى فيه.
وذكر أن رجلا من بني هذيل ببحرة الرغاء حين نزلها طالب بدم، فأقاده صلى الله عليه وسلم.
وكان بالمكان المذكور حصن لمالك بن عوف النصري، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهدمه، فهدم.
ثم سلك الطريق من بحرة الرغاء، فسأل عن اسمها، فقيل له: الضيقة، فقال: بل هي اليسرى، ثم نزل تحت سدرة يقال لها: الصادرة، بقرب مال رجل من ثقيف، فتمنع الرجل منه في أطمه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بهدم ماله، فهدم وأخرب
ثم نزل بقرب الطائف، فتحصنت منه ثقيف، وحاربهم المسلمون، فأصيب من المسلمين رجال بالنبل، فزال عن ذلك المنزل إلى موضع المسجد المشهور اليوم، وكان واديا يقال له: العقيق، فحاصرهم بضع عشرة ليلة. وكان معه امرأتان من نسائه، إحداهما أم سلمة.
فموضع المسجد اليوم بين منزلهما، في موضع مصلاه صلى الله عليه وسلم. وتولى بنيان ذلك المسجد عمرو بن أمية بن وهب بن مالك الثقفي.
ورماهم صلى الله عليه وسلم بالمنجنيق، ثم دخل نفر من المسلمين تحت دبابة ودنوا من سور الطائف، فصب عليهم أهل الطائف سكك الحديد المحماة، ورموا بالنبل، فأصابوا منهم قوما.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع أعناب أهل الطائف، واسترحمه بن مسعود في ماله، وكان بعيدا عن الطائف، فكف عن قطعه.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رحل عن الطائف، وحينئذ نزل أبو بكرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسلم، وعبيد من أهل الطائف؛ قيل: إن الأزرق، والد نافع بن الأزرق صاحب الأزارقة، منهم.
ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف إلى الجعرانة، وأتاه هناك وفد هوازن مسلمين راغبين، فخيرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين عيالهم وأبنائهم وبين أموالهم، فاختاروا عيالهم وأبناءهم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكلموا المسلمين في ذلك، ففعلوا، فقال صلى الله عليه وسلم: ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم.
وقال المهاجرون والأنصار: أما ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وامتنع الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن عن أن يردا عليهم ما وقع لهما من الفىء، وساعدهما قومهما.
وامتنع العباس بن مرداس السلمي، فطمع أن يساعده قومه بنو سليم، فأبوا، وقالوا: بل ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
فرد عليهم صلى الله عليه وسلم نساءهم وأبناءهم، وعوض من لم تطب نفسه بترك نصيبه أعواضا رضوا بها.
وكان عدد سبي هوازن ستة آلاف إنسان، منهم الشيماء أخت النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، وهي بنت الحارث بن عبد العزى، من بني سعد بن بكر بن هوازن، فأكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعطاها وأحسن إليها، ورجعت إلى بلادها مختارة لذلك.
وقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الأموال بين المسلمين، ثم أعطى من نصيبه من الخمس المؤلفة قلوبهم؛ وهم: أبو سفيان بن حرب بن أمية، وابنه معاوية، وحكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى، والحارث بن الحارث بن كلدة أخو بني عبد الدار، وقد قال بعضهم: الحارث بن الحارث هذا من مهاجرة الحبشة، فإن صح ذلك فقد أعاذه الله تعالى من أن يكون من المؤلفة قلوبهم الذين أعطوا في هذه السبيل، وهو أخو النضر بن الحارث الذي ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنقه صبرا يوم بدر- والحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، وسهيل بن عمرو، وحويطب بن عبد العزى بن أبي قيس، والعلاء بن جارية الثقفي، حليف بني زهرة، وصفوان بن أمية الجمحي، وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، والأقرع بن حابس التميمي؛ أعطى كل واحد من هؤلاء مائة بعير.
وأعطى عباس بن مرداس السلمي أقل من ذلك، فقال شعرا يخاطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتم له المائة. ومالك بن عوف النصري، وقد كان فر عن الطائف ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم. فهؤلاء أصحاب المئين.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

غزوة حنين:
لما بلغ فتح مكة هوازن، جمعهم مالك بن عوف النصري، واجتمح إليه ثقيف، وقومه بنو نصر بن معاوية، وبنو جشم، وبنو سعد بن بكر، ويسير من بني هلال بن عامر، ولم يشهدها من قيس عيلان غير هؤلاء، وغاب عن ذلك عقيل وبشر ابنا كعب بن ربيعة بن عامر، وبنو كلاب ابن ربيعة بن عامر، وسائر إخوتهم، فلم يحضرها من كعب وكلاب أحد يذكر، وساق بنو جشم مع أنفسهم شيخهم وكبيرهم وسيدهم فيما خلا: دريد بن الصمة، وهو شيخ كبير لا ينتفع به، لكن يتيمن بمحضره ورأيه، وهو في هودج لضعف جسمه. وكان في ثقيف سيدان لهم، في الأحلاف: قارب بن الأسود بن مسعود بن معتب، وفي بني مالك: ذو الخمار سبيع ابن الحارث بن مالك، وأخوه: أحمر بن الحارث والرياسة في الجميع إلى مالك النصري، فحشد من ذكرنا، وساق مع الكفار أموالهم وماشيتهم ونساءهم وأولادهم، ليحموا بذلك في القتال، فنزلوا بأوطاس.
فقال لهم دريد: مالي أسمع رغاء البعير، ونهاق الحمير، وبكاء الصغير، ويعار الشاء؟ فقالوا: ساق مالك مع الناس أموالهم وعيالهم. فقال: أين مالك؟ فقيل له: هو ذا. فسأله دريد: لم فعلت ذلك؟ فقال مالك: ليكون مع الناس أهلهم وأموالهم فيقاتلوا عنهم. فقال له دريد: راعي ضأن والله، وهل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسلاحه وإن كانت عليك فضحت في أهلك ومالك.
ثم قال: ما فعل كعب وكلاب؟ قالوا: لم يشهدها منهم أحد. قال: غاب الجد والحد، لو كان يوم علاء ورفعة لم يغب عنه كعب وكلاب، ولوددت أنكم فعلتم كما فعلت كعب وكلاب. فمن شهدها من بني عامر؟
قالوا: عمرو بن عامر، وعوف بن عامر. قال: ذانك الجذعان: عمرو ابن عامر وعوف بن عامر، لا ينفعان ولا يضران! يا مالك! إنك لم تصنع بتقديم بيضة هوازن إلى نحور الخيل شيئا، ارفعهم إلى ممتنع ديارهم، وعلياء قومهم، ثم الق الصباة على متون الخيل، فإن كانت لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك كنت قد أحرزت أهلك ومالك. فأبى مالك ذلك، وخالفت هوازن دريدا واتبعوا مالك بن عوف، فقال دريد: هذا يوم لم أشهده، ولم يغب عني:
يا ليتنى فيها جذع ... أخب فيها وأضع
وبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، عشاء، عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي، فأتى بعد أن عرف مذاهبهم، وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقصدهم.
واستعار رسول الله صلى الله عليه وسلم من صفوان بن أمية بن خلف دروعا، قيل: مائة درع، وقيل: أربعمائة درع.
وخرج في اثني عشر ألف مسلم، منهم عشرة آلاف صحبوه من المدينة، وألفان من مسلمة الفتح.
واستعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على مكة عتاب بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس، ومضى عليه السلام.
وفي جملة من اتبعه: عباس بن مرداس في بني سليم، والضحاك بن سفيان الكلابي، وجموع من بني عبس وذبيان.
وفي مخرجه هذا رأى جهال الأعراب شجرة خضراء، وكان لهم في الجاهلية شجرة معروفة في مكان معروف تسمى: ذات أنواط، يخرج إليه الكفار يوما معروفا في العام يعظمونها، فتصايح جهال الأعراب: يا رسول الله، اجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات أنواط. فقال: قلتم، والذي نفس محمد بيده، كما قال قوم موسى: اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، قال: إنكم قوم تجهلون ، إنها السنن، لتركبن سنن من كان قبلكم.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكعبة، ودعا عثمان بن طلحة فأخذ منه مفتاح الكعبة بعد أن مانعت أم عثمان دونه، ثم أسلمته.
فدخل صلى الله عليه وسلم الكعبة، ومعه أسامة بن زيد، وبلال، وعثمان بن طلحة، ولا أحد معهم، وأغلقوا الأبواب، وتموا حينا، وصلى صلى الله عليه وسلم في داخلها، ثم خرج وخرجوا، ورد المفتاح إلى عثمان بن طلحة، وأبقى له حجابة البيت، فهي في ولده، في ولد شيبة بن عثمان بن طلحة.
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكسر الصور التي داخل الكعبة وخارجها، وتكسير الأصنام التي حول الكعبة وبمكة. وأذن له بلال على ظهر الكعبة.
وخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثاني يوم الفتح، فأخبر أنه قد وضع مآثر الجاهلية حاشا سدانة البيت، وسقاية الحاج.
وأخبر أن مكة لم يحل القتال فيها لأحد قبله، ولا لأحد بعده، وأنها لم تحل لأحد غيره، ولم تحل له إلا ساعة من نهار، ثم عادت كحرمتها بالأمس، لا يسفك فيها دم.
ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأصنام وهي مشددة بالرصاص، فأشار إليها بقضيب كان في يده وهو يقول: جاء الحق وزهق الباطل. فما أشار لصنم منها إلا خر لوجهه.
وتوقعت الأنصار أن يبقى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فأخبرهم أن المحيا محياهم، والممات مماتهم.
ومر بفضالة بن عمير بن الملوح الليثي، وهو عازم على الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: ماذا كنت تحدث به نفسك؟ قال: لا شىء، كنت أذكر الله. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: استغفر الله. ووضع يده على صدره، فكان فضالة يقول: والذي بعثه بالحق، ما رفع يده عن صدري حتى ما أجد على ظهر الأرض أحب إلي منه.
وهرب صفوان بن أمية إلى اليمن، فاتبعه عمير بن وهب الجمحي بتأمين رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه، فرجع فأكرمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنظره أربعة أشهر.
وكان بن الزبعري السهمي الشاعر قد هرب إلى نجران، ثم رجع فأسلم.
وهرب هبيرة بن أبي وهب المخزومي، زوج أم هانئ بنت أبي طالب إلى اليمن، فمات كافرا هناك.
ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم السرايا حول مكة، يدعو إلى الإسلام، ويأمرهم بقتال من قاتل.
وفي جملتهم خالد بن الوليد إلى بني جذيمة بن عامر ابن عبد مناة بن كنانة، فقتل منهم وأخذ، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وبعث عليا بمال إليهم، فودى لهم قتلاهم، ورد إليهم ما أخذ منهم.
ثم بعث خالد بن الوليد إلى العزى، وكان بيتا بنخلة تعظمه قريش وكنانة وجميع مضر، وكان سدنته بنو شيبان من سليم حلفاء بني هاشم فهدمه.
وكان فتح مكة لعشر بقين من رمضان سنة ثمان.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس أن يوقف أبا سفيان بخطم الجبل أو الوادي ليرى جيوش الله تعالى. ففعل ذلك العباس، وعرض عليه القبائل، قبيلة قبيلة، إلى أن جاء موكب رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار، رضوان الله عليهم، خاصة، كلهم في الدروع والبيض. فقال أبو سفيان: من هؤلاء؟ قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار، فقال:
والله ما لأحد بهؤلاء من قبل. والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك الغداة عظيما. فقال العباس: إنه النبوة يا أبا سفيان. قال: فهذا إذن.
فقال العباس: يا أبا سفيان، النجاء إلى قومك. فأسرع أبو سفيان.
فلما أتى مكة عرفهم بما أحاط بهم، وأخبرهم بتأمين رسول الله صلى الله عليه وسلم كل من دخل داره، أو المسجد، أو دار أبي سفيان.
وتأبش قوم ليقاتلوا، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رتب الجيش.
وكان قد جعل الراية بيد سعد بن عبادة، ثم بلغه أنه قال: اليوم يوم الملحمة، اليوم تستحل الحرمة.
فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفع الراية إلى الزبير بن العوام، وقيل: إلى علي بن أبي طالب، وقيل: إلى قيس بن سعد ابن عبادة، وكان الزبير على الميسرة، وخالد بن الوليد على الميمنة، وفيها أسلم وغفار ومزينة وجهينة، وكان أبو عبيدة بن الجراح على مقدمة موكب النبي صلى الله عليه وسلم، وسرب رسول الله صلى الله عليه وسلم الجيوش من ذي طوى، وأمر الزبير بالدخول، من ذي كداء، في أعلى مكة، وأمر خالدا بالدخول من الليط، أسفل مكة، وأمرهم بقتال من قاتلهم.
وكان عكرمة بن أبي جهل، وصفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، قد جمعوا جميعا بالخندمة ليقاتلوا، فناوشهم أصحاب خالد القتال. وأصيب من المسلمين رجلان، وهما: كرز بن جابر، من بني محارب بن فقر، وخنيس ابن خالد بن ربيعة بن أصرم الخزاعي، حليف بني منقذ، شذا عن جيش خالد فقتلا.. وأصيب أيضا من المسلمين سلمة بن الميلاء الجهني. وقتل من المشركين نحو ثلاثة عشر رجلا، ثم انهزموا.
وكان شعار المسلمين يوم الفتح وحنين والطائف: فشعار الأوس: يا بني عبيد الله؛ وشعار الخزرج: يا بني عبد الله؛ وشعار المهاجرين: يا بني عبد الرحمن.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى قريش كتابا يخبرهم فيه بقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فأتى الخبر بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند الله تعالى، فدعا علي بن أبي طالب والزبير والمقداد، وهم فرسان، فقال لهم: انطلقوا إلى روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب لقريش. فانطلقوا، فلما أتوا المكان الذي وصف لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجدوا المرأة فأناخوا بها، ففتشوا رحلها كله فلم يجدوا شيئا، فقالوا: والله ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي: والله لتخرجن الكتاب، أو لنلقين الثياب. فحلت قرون رأسها، فأخرجت الكتاب منها؛ فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم، فلما قرئ عليه قال: ما هذا يا حاطب؟ فقال حاطب: يا رسول الله، والله ما شككت في الإسلام، ولكني ملصق في قريش، فأردت أن أتخذ عندهم يدا يحفظونني بها في شأفتي بمكة وولدي وأهلي.
فقال عمر: دعني يا رسول الله أضرب عنق هذا المنافق.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك يا عمر، لعل الله تعالى قد اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرة آلاف، واستحلف على المدينة كلثوم بن حصين بن عتبة بن خلف الغفاري، وذلك لعشر خلون من رمضان، فصام حتى بلغ الكديد، بين عسفان وأمج، فأفطر بعد صلاة العصر، وشرب على راحلته علانية ليراه الناس، وأمر بالفطر، فبلغه صلى الله عليه وسلم أن قوما تمادوا على الصيام فقال: أولئك العصاة. فكان هذا نسخا لما تقدم من إباحة الصيام في السفر.
ولم يسافر صلى الله عليه وسلم بعدها في رمضان أصلا، فهذا الحكم في السفر ناسخ لما قبله، ولم يأت بعد شيء ينسخه، ولا حكم يرفعه.
فلما نزل مر الظهران، ومعه من بني سليم ألف رجل، ومن مزينة ألف رجل وثلاثة رجال، وقيل: من بني سليم سبعمائة، ومن غفار أربعمائة، ومن أسلم أربعمائة، وطوائف من قيس وأسد وتميم وغيرهم، ومن سائر القبائل أيضا جموع.
وقد أخفى الله تعالى عن قريش الخبر دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنهم وجسون خائفون؛ وقد خرج أبو سفيان، وبديل بن ورقاء، وحكيم بن حزام، يتجسسون الأخبار.
وقد كان العباس بن عبد المطلب هاجر في تلك الأيام، فلقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة، فبعث ثقله إلى المدينة، وانصرف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غازيا.
فالعباس من المهاجرين من قبل الفتح، وقيل: بل لقيه بالجحفة.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

غزوة فتح مكة:
أقام عليه السلام بعد مؤتة جمادى ورجبا ثم حدث الأمر الذي أوجب نقض عهد قريش المعقود يوم الحديبية.
وهو: أن خزاعة كانت في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم: مؤمنها وكافرها، وكان كفار بني بكر بن عبد مناة ابن كنانة في عقد قريش، فعدت بنو بكر بن عبد مناة على قوم من خزاعة، على ماء لهم يقال له: الوتير، بأسفل مكة.
وكان سبب ذلك: أن رجلا يقال له: مالك بن عباد الحضرمي، حليفا لآل الأسود بن رزن، خرج تاجرا، فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله، وذلك قبل الإسلام بمدة، فعدت بنو بكر بن عبد مناة، رهط الأسود بن رزن، على رجل من بني خزاعة، فقتلوه بمالك بن عباد.
فعدت خزاعة على سلمى وكلثوم وذؤيب، بني الأسود بن رزن، فقتلوهم، وهؤلاء الإخوة أشراف بني كنانة، كانوا يودون في الجاهلية ديتين، ويودى سائر قومهم دية دية.
وكل هذه المقاتل قبل الإسلام؛ فلما جاء الإسلام حجز ما بين من ذكرنا، واشتغل الناس به.
فلما كانت الهدنة المنعقدة يوم الحديبية أمن الناس بعضهم بعضا، فاغتنم بنو الديل من بني بكر بن عبد مناة تلك الفرصة، وغفلة خزاعة، وأرادوا إدراك ثأر بني الأسود بن رزن.
فخرج نوفل بن معاوية الديلي بمن أطاعه من بني بكر بن عبد مناة، وليس كلهم تابعه، جاء حتى بيت خزاعة، وهم على الوتير، فاقتتلوا، ورفدت قريش بني بكر بالسلاح وأعانهم قوم من قريش بأنفسهم مستخفين، وانهزمت خزاعة إلى الحرم. فقال قوم نوفل بن معاوية: يا نوفل، الحرم، اتق الله إلهك. فقال الكافر: لا إله له اليوم، والله يا بني كنانة إنكم لتسرقون في الحرم، أفلا تدركون فيه ثأركم؟
فقتلوا رجلا من خزاعة يقال له: منبه، وانجحرت في دور مكة، فدخلوا دار بديل بن ورقاء الخزاعي، ودار مولى لهم اسمه رافع، وكان هذا نقضا للعهد الواقع يوم الحديبية.
فخرج عمرو بن سالم الخزاعي ثم أحد بني كعب، وبديل بن ورقاء، وقوم من خزاعة، حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مستغيثين مما أصابهم به بنو بكر بن عبد مناة وقريش، فأجابهم. وأنذرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أبا سفيان سيأتي ليشد العقد ويزيد في المدة، وأنه سيرجع بغير حاجة.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

عمرة القضاء:
لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر، أقام بها شهري ربيع، وشهري جمادى، ورجبا، وشعبان، ورمضان، وشوالا، فبعث في خلال ذلك السرايا، ثم خرج في ذي القعدة في السنة السابعة من الهجرة، قاصدا للعمرة، على ما عاهد عليه قريشا حين الحديبية، وخرج أكابر قريش عن مكة، عداوة لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فأتم عليه السلام عمرته، وتزوج هنالك بعد إحلاله ميمونة بنت الحارث، خالة ابن عباس وخالد بن الوليد، فلما تمت الثلاث أوجبت عليه قريش أن يخرج عن مكة، ولم يمهلوه حتى يبني بأم المؤمنين، فخرج فبنى بها بسرف، وهنالك ماتت أيام معاوية، وبها دفنت، وقبرها هنالك إلى اليوم مشهور.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

غزوة خيبر:
أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة مرجعه من الحديبية، ذا الحجة وبعض المحرم، ثم خرج في بقية من المحرم غازيا إلى خيبر وذلك قرب آخر السنة السادسة من الهجرة.
واستحلف رسول الله صلى الله عليه وسلم نميلة بن عبد الله الليثي، ودفع الراية إلى علي بن أبي طالب، وقيل: إنها كانت بيضاء. وسلك على جبل بين المدينة ووادي الفرع ، فبنى له بها مسجد ، ثم على الصهباء، ثم نزل بواد يقال له: الرجيع، فنزل بينهم وبين غطفان لئلا يمدوهم- وكانت غطفان قد أرادت إمداد يهود خيبر- فلما خرجوا أسمعهم الله تعالى من ورائهم حسا راعهم، فانصرفوا، وبدا لهم فأقاموا في أماكنهم. وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح الآطام والحصون والأموال مالا مالا. فأول حصونهم افتتح حصن اسمه: ناعم، وعنده قتل محمود بن مسلمة، ألقيت عليه رحى فقتلته؛ ثم القموص، حصن بني ابي الحقيق. وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم سبايا، منهن : صفية بنت حيي بن أخطب. وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وبنتي عم لها، فوهب عليه السلام صفية لدحية، ثم ابتاعها منه بتسعة أرؤس، وجعلها عند أم سليم. حتى اعتدت وأسلمت، ثم أعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها، وجعل عتقها صداقها، لا صداق لها غيره، فصارت سنة مستحبة لكل من أراد أن يفعل ذلك إلى يوم القيامة.
وفي غزوة خيبر حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم لحوم الحمر الأهلية، وأخبر أنها رجس، وأمر بالقدور فألقيت وهي تفور بلحومها، وأمر بغسل القدور بعد، وأحل حينئذ لحوم الخيل وأطعمهم إياها.
ثم فتح حصن الصعب بن معاذ، ولم يكن بخيبر حصن أكثر طعاما منه، ولا أوفر ودكا منه. وآخر ما افتتح عليه السلام من حصونهم: الوطيح والسلالم، حاصرهما بضع عشرة ليلة. وكان شعار المسلمين يوم خيبر: أمت أمت.
ووقف إلى بعض حصونهم أبو بكر وعمر رضوان الله عليهما، فلم يفتحاه فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية إلى علي رضوان الله عليه، ففتحه، وكان أرمد، فتفل في عينيه، فبرئ.
وكان فتح خيبر: الأرض كلها وبعض الحصون عنوة- وهي الأكثر- وبعضها صلحا على الجلاء، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن عزل الخمس، أقر اليهود على أن يعتملوها بأموالهم وأنفسهم، ولهم النصف من كل ما يخرج منها من زرع أو ثمر، ويقرهم على ذلك ما بدا له. فبقوا على ذلك حتى مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدة خلافة أبي بكر، وجمهور خلافة عمر؛ فلما كان في آخر خلافته، بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر في مرضه الذي مات فيه أن لا يبقى في جزيرة العرب دينان. فأمر بإجلائهم عن خيبر وغيرها من بلاد العرب، وأخذ المسلمون ضياعهم من مقاسم خيبر، فتصرفوا فيها. وكان متولى قسمتها بين أصحابها جبار بن صخر من بني سلمة، وزيد بن ثابت من بني النجار.
وفي فتح خيبر أهدت يهودية تسمى زينب بنت الحارث، امرأة سلام ابن مشكم، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مصلية ، قد جعلت فيها السم، وكان أحب اللحم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذراع، فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلاك منها مضغة، وكان معه عليه السلام بشر بن البراء بن معروف من بني سلمة، فأكل منه وازدرد لقمة، فقال عليه السلام: إن هذا العظم ليخبرني أنه مسموم، ولفظ لقمة، ثم دعا باليهودية فاعترفت، ومات بشر من أكلته تلك، رضوان الله عليه، ولم يقتل عليه السلام اليهودية.
وكان المسلمون يوم خيبر ألفا وأربعمائة رجل ومائتي فارس.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

غزوة الحديبية:
أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة، بعد منصرفه من غزوة بني المصطلق، رمضان، وشوالا، وخرج في السنة السادسة في ذي القعدة معتمرا، واستنفر الأعراب الذين حول المدينة، فأبطأ عنه أكثرهم، وخرج بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن اتبعه من العرب، وساق الهدي، وأحرم بالعمرة من ذي الحليفة، ليعلم الناس أنه لم يخرج لحرب، وخرج في ما بين الألف والثلاثمائة إلى ألف وخمسمائة.
فلما بلغ قريشا ذلك خرج معظمها عازمين على صد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت، أو قتاله دون ذلك. وقدموا خالد بن الوليد في خيل إلى كراع الغميم. فورد الخبر بذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعسفان، فسلك طريقا خرج منه في ظهورهم، كان دليلهم فيه رجل من أسلم، وذلك ذات اليمين بين ظهري الحمض، في طريق أخرجه على ثنية المرار، مهبط الحديبية من أسفل مكة، فلما بلغ ذلك قريشا التي مع خالد، كرت إلى قريش، فلما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي ذكرنا بالحديبية، بركت ناقته، فقال الناس: خلأت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما خلأت، وما هو لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها. ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم هنالك، فقيل له: يا رسول الله، ليس بالوادي ماء. فأخرج سهما من كنانته، فغرزه في جوفه، فجاش بالرواء، حتى كفى جميع أهل الجيش.
ثم جرت السفراء بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش، وطال الخطب إلى أن أتاه صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو، فقاضاه على أن ينصرف عامه ذلك، فإذا كان من قابل أتى معتمرا، ودخل مكة وأصحابه بلا سلاح، حاشا السيوف في القرب فقط، فيقيم بها ثلاثا ولا مزيد، على أن يكون بينهم صلح متصل عشرة أعوام، يتداخل فيها الناس ويأمن بعضهم بعضا، وعلى أن من جاء من الكفار إلى المسلمين مسلما- من رجل أو امرأة- رد إلى الكفار، ومن جاء من المسلمين إلى الكفار مرتدا لم يرد إلى المسلمين. فعظم ذلك على المسلمين، حتى كان لبعضهم فيه كلام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما علمه ربه تعالى، وقد علم عليه السلام أن الله تعالى سيجعل للمسلمين فرجا مضمونا من عند الله تعالى، وأنذر المسلمين بذلك، وعلم عليه السلام أن هذا الصلح قد جعله الله تعالى سببا لظهور الإسلام.
وأنس الناس بعد نفارهم، وكره سهيل بن عمرو أن يكتب صدر الصحيفة «محمد رسول الله وأبى علي بن أبي طالب، وهو كاتب الصحيفة، أن يمحو بيده «رسول الله» صلى الله عليه وسلم، فمحا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الصفة بيده، وأمر الكاتب أن يكتب «محمد بن عبد الله» .
وأتى أبو جندل بن سهيل، يرسف في قيوده، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيه بعد أن أجاره مكرز بن حفص، فعظم ذلك على المسلمين، فأخبرهم عليه السلام أن الله سيجعل له فرجا .

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

في عمق التاريخ
تاريخ الإسلام
/channel/Historyhistory93

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

غزوة بني لحيان:
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح بني قريظة بقية ذي الحجة، والمحرم، وصفرا، وربيعا الأول، وربيعا الآخر، وجمادى الأولى، ثم خرج- وهو الشهر السادس من فتح بني قريظة، في الشهر الثالث من السنة الخامسة- قاصدا إلى بني لحيان، مطالبا بثأر عاصم بن ثابت وخبيب بن عدي وأصحابهما، المقتولين بالرجيع، وذلك إثر رجوعه من دومة الجندل.
فسلك صلى الله عليه وسلم على غراب، جبل بناحية المدينة على طريق الشام- إلى مخيض، ثم إلى البتراء، ثم أخذ ذات اليسار فخرج على يين ، ثم على صخيرات اليمام، ثم أخذ المحجة من طريق مكة، فأغذ السير حتى نزل غران، وهو واد بين أمج وعسفان، وهي منازل بني لحيان، إلى أرض يقال لها: ساية، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رءوس الجبال، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم- إذ فاته غرتهم- في مائتي راكب من أصحابه، حتى نزل عسفان، وبعث عليه السلام رجلين من أصحابه فارسين، حتى بلغا كراع الغميم، ثم كرا، ورجع عليه السلام قافلا إلى المدينة.

Читать полностью…

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ۚ }

غزوة دومة الجندل:
وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، فأقام بها إلى أن انسلخ ذو الحجة من السنة الرابعة من الهجرة، ثم غزا عليه السلام إلى دومة الجندل في شهر ربيع الأول، ابتداء العام الخامس من الهجرة، واستعمل على المدينة سباع بن عرفطة. وانصرف عليه السلام من طريقه قبل أن يبلغ دومة الجندل، ولم يلق حربا.

Читать полностью…
Subscribe to a channel