"والذوق إنما يُفتقر إليه في أمثال هذه المواضع* فمَن لم يُرزَق الذوقَ فهو جديرٌ بأن يهجر هذا الفن [البلاغة] وتعلّمه، وكلٌّ مُيَسّر لما خُلق له".
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[شرح مفتاح العلوم للترمذي، اللوح 38/1، نقلًا عن المطوّل بتحقيق القالش، حاشية 5 ص 156]
* يقصد مبحث إيماء الصلة إلى وجه بناء الخبر.
والله عيب أن يكون هذا منشورا لوزير التربية والتعليم وهو مليء بالأخطاء النحوية والصرفية والإملائية بل والعلمية كذلك.
لا يوجد شيء اسمه المقامات الحريرية لبديع الزمان الهمذاني. ما هذا العته !!
ماتشوف يا عم مستواك أنت الأول وبعدين اقعد نظّر على الطلبة.
(244) #الدر_المنثور_من_تفسير_ابن_عاشور
"عقائد أهل الضلالة قائمة على التخيّل الفاسد، وكانت دلائلها قائمة على تمويه الدجّالين من زعمائهم".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، (20/ 123)]
[بعض آيات الليل والنهار]
(242) #الدر_المنثور_من_تفسير_ابن_عاشور
﴿ألَمْ يَرَوْا أنّا جَعَلْنا اللَّيْلَ لِيَسْكُنُوا فِيهِ والنَّهارَ مُبْصِرًا إنَّ في ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾
"ووجه كون الآيات في ذلك كثيرة كما اقتضاه الجمع [في قوله: «لآيات»] هو أنّ في نظام الليل آياتٍ على الانفراد بخلقِ الشمس وخلقِ نورها الخارق للظلمات، وخلقِ الأرض، وخلقِ نظام دورانها اليومي تجاه أشعة الشمس وهي الدورة التي تكون الليل والنهار، وفي خلق طبع الإنسان بأنْ يتلقّى الظلمة بطلب السكون لِمَا يعتري الأعصاب من الفتور دون بعض الدواب التي تنشط في الليل كالهوام والخفافيش، وفي ذلك أيضًا دلالة على تعاقب الموت والحياة، فتلك آياتٌ، وفي كل آية منها دقائق ونُظُمٌ عظيمة لو بسط القول فيها لأوعب مجلدات من العلوم.
وفي جعل النهار مبصرًا آياتٌ كثيرةٌ على الوحدانية ودقةِ الصنع تقابل ما تقدم في آيات جعل الليل سكنًا. وفيه دلالة على أنْ لا إحالة ولا استبعاد في البعث بعد الموت، وأنه نظيرُ بعثِ اليقظةِ بعد النوم، وفي جليل تلك الآيات ودقيقها عدة آيات، فهذا وجه جعل ذلك آياتٌ ولم يجعل آيتين".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، (20/ 44)]
(241) #الدر_المنثور_من_تفسير_ابن_عاشور
﴿فَلَمّا جاءَ سُلَيْمانَ قالَ أتُمِدُّونَنِي بِمالٍ فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمّا آتاكم بَلْ أنْتُمْ بِهَدِيَّتِكم تَفْرَحُونَ﴾
"وسوق التعليل [أي في قوله: {فَما آتانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمّا آتاكم}] يُشعر بأنه عَلِمَ أنّ المَلِكَةَ لا تعلم أنّ لدى سليمان من الأموال ما هو خيرٌ مما لديها؛ لأنّه لو كان يظن أنها تعلم ذلك لما احتاج إلى التفريع [بالفاء].
وهذا من أسرار الفرق في الكلام البليغ بين الواو والفاء في هذه الجملة فلو قال: {وما آتاني الله خير مما آتاكم}، لكان مُشعرًا بأنّها تعلم ذلك؛ لأنّ الواو تكون واو الحال".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، (19/ 268)]
#خاطرة
نفثة مصدور!
ما زال يرضعه لبان الذل والقهر، حتى إذا اشتد عوده راضه على الامتهان والعجز، فإن رفع رأسًا لحقٍ، أو حملق بعينٍ إلى جمال= أجلب عليه بخيله ورجله، وسامه خسفًا في من حوله، شوّه له ما رآه حقا وجمالا تشويهًا قبيحًا، ولا يزال يجرعه نقيع الذل، ويوهمه خلاف الأصل، ويزخرف في عينيه كل شيء سوى حقه وغرسه، ويذوده عنه بكل سبيل، حتى إذا قسا له قلبه، وتبلد له شعوره وحسه، وأحكمت غشاوة عينه= قلّده معول الهدم، فأوحى إليه من عل أن حيهلا، فانهال على رفات آبائه وأجداده يهدّم بنيانهم من القواعد حتى خرّ عليهم السقف من فوقهم، وما درى هذا المسكين - وكثير ما هم - أنه يقتل نفسه بنفسه، ويقطع كفه بكفه!
وكذلك يصطنع الجبابرة والظلمة أعوانًا لهم بالظلم المكر والاحيتال، وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال!
(238) #الدر_المنثور_من_تفسير_ابن_عاشور
﴿إنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنّا لَهم أعْمالَهم فَهم يَعْمَهُونَ﴾
"وقد أشارت الآية إلى معنًى دقيقٍ جدًّا، وهو أنّ تفاوت الناس في قبول الخير كائنٌ بمقدار رسوخ ضد الخير في نفوسهم، وتعلق فطرتهم به. وذلك من جرّاء ما طرأ على سلامة الفطرة التي فطر الله الناس عليها من التطور إلى الفساد كما أشار إليه قوله تعالى ﴿لَقَدْ خَلَقْنا الإنْسانَ في أحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْناهُ أسْفَلَ سافِلِينَ إلّا الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾ [التين: ٦] الآيةَ. فمبادرة أبي بكر رضي الله عنه إلى الإيمان بالنبيء ﷺ أمارة على أن الله فطره بنفس وعقل بريئين من التعلق بالشرّ مشتاقين إلى الخير حتى إذا لاح لهما تقبلاه. وهذا معنى قول أبي الحسن الأشعري: «ما زال أبو بكر بعين الرضى من الرحمن»".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، (19/ 220)]
بسم الله الرحمن الرحيم
تعلن مبادرة مدارج الأدب عن افتتاح التسجيل في النسخة الرابعة من برنامج بوابة الأدب.. ✨
🔻ما هو برنامج بوابة الأدب؟
البرنامج الأول في سلسلة برامج الأدب العربي في مسار مرقاة، وهو مدخل مُيسّر يجمع بين المدخل المفهومي عن الأدب العربي، وبين المدخل التاريخي عن مراحل الأدب العربي، مع قراءة نصوص أدبية مُنتخبة، ومجموعة لقاءات نقاشية، وأنشطة تطبيقية، ومواد إثرائية؛ تهدف إلى تنمية مهارات القراءة والكتابة الأدبية وتعزيز المنهجية في تعلم العربية لتكوين الملكة الأدبية.
🔻مدة البرنامج: 100 يوم.
🔻متى يبدأ البرنامج؟
الجمعة 16 صفر 1445 الموافق 1 سبتمبر 2023.
🔗رابط التسجيل:
https://docs.google.com/forms/d/e/1FAIpQLSdR-vi1vsY_PzSD5MijdNpqx7q7W3bYbUcRNDyGRifZ9E7DTA/viewform
🔗رابط خطة البرنامج:
https://drive.google.com/file/d/1-d__J5NXzH4tqI2IXxUW9bdtApe25stY/view?usp=drivesdk
قناة مرقاة:
T.me/mirqaway
" • فقلتُ له: يا هذا إنّ لبُكائِكَ سِرَّا، ووَراء تحرُّقِكَ لشَرَّا. فأطلِعني على بُرَحائِك، واتّخِذْني منْ نُصَحائِك. فإنّكَ ستجِدُ مني طِبًّا آسِيَا، أو عونًا مُواسيَا.
° فقال: واللهِ ما تأوّهي من عيشٍ فات، ولا منْ دهرٍ اِفْتَات، بل لانقِراضِ العِلمِ ودُروسِه، وأفولِ أقمارِهِ وشُمُوسِه".
- من المقامة الفرضية للحريري
(237) #الدر_المنثور_من_تفسير_ابن_عاشور
﴿أتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ وتَتَّخِذُونَ مَصانِعَ لَعَلَّكم تَخْلُدُونَ وإذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبّارِينَ﴾
"رأى من قومه تمحضا للشغل بأمور دنياهم، وإعراضا عن الفكرة في الآخرة والعمل لها والنظر في العاقبة، وإشراكا مع الله في إلهيته، وانصرافا عن عبادة الله وحده الذي خلقهم وأعمرهم في الأرض وزادهم قوة على الأمم، فانصرفت هماتهم إلى التعاظم والتفاخر واللهو واللعب.
وكانت عاد قد بلغوا مبلغا عظيما من البأس وعظم السلطان والتغلب على البلاد مما أثار قولهم: ﴿مَن أشَدُّ مِنّا قُوَّةً﴾ [فصلت: ١٥] فقد كانت قبائل العرب تصف الشيء العظيم في نوعه بأنه (عاديّ) وكانوا أهل رأي سديد ورجاحة أحلام قال وداك بن ثميل المازني:
وأحْلامُ عادٍ لا يَخافُ جَلِيسُهم
ولَوْ نَطَقَ العُوّارُ غَرْبَ لِسانِ
وقال النابغة يمدح غسان:
أحْلامُ عادٍ وأجْسادٌ مُطَهَّرَةٌ
مِنَ المَعَقَّةِ والآفاتِ والأثَمِ
فطال عليهم الأمد، وتفننوا في إرضاء الهوى، وأقبلوا على الملذات واشتد الغرور بأنفسهم فأضاعوا الجانب الأهم للإنسان وهو جانب الدين وزكاء النفس وأهملوا أن يقصدوا من أعمالهم المقاصد النافعة ونية إرضاء الله على أعمالهم لحب الرئاسة والسمعة، فعبدوا الأصنام، واستخفوا بجانب الله تعالى، واستحمقوا الناصحين، وأرسل الله إليهم هودًا ففاتحهم بالتوبيخ على ما فتنوا بالإعجاب به وبذمه إذ ألهاهم التنافس فيه عن معرفة الله فنبذوا اتباع الشرائع وكذبوا الرسول.
فمن سابق أعمال عاد أنهم كانوا بنوا في طرق أسفارهم أعلامًا ومنارات تدل على الطريق كيلا يضل السائرون في تلك الرمال المتنقلة التي لا تبقى فيها آثار السائرين، واحتفروا وشيدوا مصانع للمياه وهي الصهاريج تجمع ماء المطر في الشتاء ليشرب منها المسافرون وينتفع بها الحاضرون في زمن قلة الأمطار، وبنوا حصونًا وقصورًا على أشراف من الأرض، وهذا من الأعمال النافعة في ذاتها؛ لأن فيها حفظ الناس من الهلاك في الفيافي بضلال الطرق، ومن الهلكة عطشا إذا فقدوا الماء وقت الحاجة إليه، فمتى أريد بها رضى الله تعالى بنفع عبيده كانت جديرة بالثناء عاجلا والثواب آجلا.
فأما إذا أهمل إرضاء الله تعالى بها واتخذت للرياء والغرور بالعظمة وكانوا معرضين عن التوحيد وعن عبادة الله انقلبت عظمة دنيوية محضة لا ينظر فيها إلى جانب النفع ولا تحث الناس على الاقتداء في تأسيس أمثالها وقصاراها التمدح بما وجدوه منها. فصار وجودها شبيها بالعبث؛ لأنها خلت عن روح المقاصد الحسنة فلا عبرة عند الله بها؛ لأن الله خلق هذا العالم ليكون مظهر عبادته وطاعته. وكانوا أيضا في الإعراض عن الآخرة والاقتصار على التزود للحياة الدنيا بمنزلة من يحسبون أنفسهم خالدين في الدنيا.
والأعمال إذا خلت عن مراعاة المقاصد التي تُرضي الله تعالى اختلفت مشارب عامليها طرائق قددا على اختلاف الهمم واجتلاب المصالح الخاصة؛ فلذلك أنكرها عليهم رسولهم بالاستفهام الإنكاري على سُنّة المواعظ، فإنها [أي المواعظ] تُبنى على مراعاة ما في الأعمال من الضرّ الراجح على النفع فلا يلفت الواعظ إلى ما عسى أن يكون في الأعمال من مرجوح إذا كان ذلك النفع مرغوبا للناس، فإن باعث الرغبة المنبث في الناس مغن عن ترغيبهم فيه، وتصدي الواعظ لذلك فضول وخروج عن المقصد بتحذيرهم أو تحريضهم فيما عدا ذلك، إذا كان الباعث على الخير مفقودا أو ضئيلا. وقد كان هذا المقام مقام موعظة كما دل عليه قوله تعالى عنهم: ﴿قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين﴾ [الشعراء: ١٣٦] . ومقام الموعظة أوسع من مقام تغيير المنكر فموعظة هود عليه السلام متوجهة إلى ما في نفوسهم من الأدواء الروحية وليس في موعظته أمر بتغيير ما بنوه من العلامات ولا ما اتخذوه من المصانع".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، (19/ 165-166)]
🌺 سلسلة التعليق على كتاب "جلاء الأفهام في فضل الصلاة والسلام على خير الأنام" لابن القيم رحمه الله.
هذه السلسلة من أحب المجالس إلى قلبي، وإن لم يكن لي فيها سوى القراءة، وتوضيح يسير لبعض ما صعب في الكتاب، مع ترتيب عناصر فصوله، وإلا فالكتاب لا يحتاج في الأصل إلى شرح.
إلا أن صحبة الصلاة على رسول الله ﷺ، والانشغال بها وبكل تفاصيلها كان جنة غنّاء عظيمة البركات على قارئها، وعلى مَن صحبنا في رحلة الثلاثين مجلسًا.
ثم لو كانت ثمرة هذه المجالس مسلمًا واحدًا يزداد حبًّا لرسول الله ﷺ وصلاة عليه فأعظِم بها من ثمرة إن تقبلها الله بمنّه وكرمه!
أسأل الله أن يشرح صدورنا ويُجري ألسنتنا بكثرة الصلاة والسلام على خير الأنام، وأن يرزقنا محبته، واتباع سنته، ومرافقته في جنات النعيم.
🔴 هنا رابط السلسلة على يوتيوب.
🟠 وهنا على ساوند كلاود.
📢 وهذا مقطع مجتزأ من أحد المجالس حول "ثمرات الصلاة على النبي ﷺ"، فيه سرد لأربعين ثمرة، ليس لي فيه إلا قراءة ما جمعه ابن القيم، وإني لأرجو به الخير، وأرجو الخير لمن بث ما فيه بين الناس بدلالته الناس على الصلاة والسلام على سيدنا محمد ﷺ.
وقعت في نفسي تلك الكلمة الشريفة التي نقلها الشيخ إبراهيم المنوفي، فأحببتُ أن أخطّها بيدي.
نسخ، 0.7 مللي.
"فامرؤ القيس ومن يُذكر معه من أصحاب المعلقات وغيرهم هم أئمة الشعر الذين يُقتدى بهم، ويصنع على ما مثّلوه؛ إذ كانوا هم المخترعين، وكانت عباراتهم حكاية عن الواقع، وصنع للمشاهد، لم تكن الصنعة غالبة عليهم كما هو شأن المتأخرين عنهم، وإن كان الشعر كيفما كان من الأمور المصنوعة التي يتفاوت الناس في إتقانها، ورعاية جهات حسنها، لكن من حيث كان ذلك ابتداء لم يُحتَذَ فيه مثالٌ .. قيل لشعرهم: إنه مطبوع، ولشعر المتأخرين: مصنوع؛ لكونهم احتذوا فيه الأمثلة التي اخترعها هؤلاء".
ـــــــــــــــــــــــــــــ
[الوسيلة الأدبية إلى العلوم العربية ،حسين المرصفي، (4/140)]
#خاطرة
كثيرون هم مَن يسألون عن كيفية دراسةِ أمرٍ ما، وما السبيل إلى ذلك المهم، وكيف أخوض هذا الليل المدلهم! أما عن جزئيات كل مسألة، ودقائق كل مبحث، فقليلٌ ما هم!
وزيرنا الفاشل المجدد!
لا شك أن جده حثّه على ارتضاع لبان الفصاحة حتى شَرِقَ بـ المقامات الحريرية لحرير الزمان - نعم هكذا حتى يتضح مقصوده - الهمزاني، والهمزاني قياسًا على فكهاني - عمل الوزير في بلدنا - لأنه كان كثير الهمز، أي يسقط الهمزات كلها، كوزيرنا المجدد!
أخبرني شيخنا إبراهيم الميموني وقد جرى ذِكر فن البيان بين يديه، فقلت له: هل يشتغل أحدٌ في هذه الديار الآن بقراءة" شرح المفتاح" ؟!.
فقال لي بعد أن أخَذ بلحيتِه: ما أشابَ هذه اللحيةَ إلا التوفيقُ بين شرْحَي السعد والسيّد على المفتاح. وكان ذلك حيث القلوب من الأكدار صافية، وبُرودُ الاشتغال ضافية، وأما الآن فقصارى همة من يتعاطى هذا الفن" مختصر السعد" وما يشاكله من المختصرات.
فقلت له: وأيّ كتابٍ ترى لطالب تحصيل هذا الفن الاشتغال به ؟!
فقال لي: لا شك أن دُرر هذا الفن كانت منتشرة في تآليف المتقدمين، فقصُرت عن تناوُلها أيدي المُنتحِلين، فلما جاء صاحب" المفتاح" جمَع من تلك الدُرر كلَّ يتيمةٍ علَت قدرا، وغلَت قيمةً، وأضاف إليها مما ارتضاه شيئا كثيرا، ولم يُغفِل من المحتاج إليه إلا شيئا يسيرا.
فتنافَس الناس بعده في شرح كتابه وحَلّ مُقفلات عباراته، واختلفتْ أنظارهم، وتباينتْ مذاهبهم، ثم اختصره القزويني، وأوضَح مُختصرَه ب" الإيضاح" فكثُر أيضا شارحوه.
فلما جاء سعد الدين- رحمه الله- ضرَب تلك التآليف كلها بعضَها ببعض، واستخرَج من زُبَدها- بعد التمخيض- خالصَ المَخض، فأودَع ذلك في كتابه" المطوّل" فهو نتيجة آراء المتقدمين، وزبدة أنظار فحول المتأخرين.
فالمُبرَّز في هذا الفن اليوم: مَن يُحقّق أبحاثه، ويُدقق النظر في أنظاره، وقد أكثَر الناسُ من الحواشي عليه، والحواشي على الحواشي.
و" الشرح الأطول" للملا عصام الدين جامعٌ لغالب النكات التي تتضمّنتها تلك الحواشي، مع زيادة تحقيق.
- فوائد الارتحال للعلامة الشيخ مصطفى الحموي 1123هـ -
[العلو المعنوي ونوعيه]
(243) #الدر_المنثور_من_تفسير_ابن_عاشور
﴿إنَّ فِرْعَوْنَ عَلا في الأرْضِ... ﴾
"ومعنى العلو هنا الكبر، وهو المذموم من العلو المعنويَ كالذي في قوله تعالى ﴿نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا في الأرْضِ﴾ [القصص: ٨٣] ومعناه أن يستشعر نفسه عاليًا على موضعِ غيره ليس يساويه أحد، فالعلوّ مستعارٌ لمعنى التفوق على غيره، غير محقوق لحق من دين أو شريعة أو رعي حقوق المخلوقات معه، فإذا استشعر ذلك لم يعبأ في تصرفاته برعي صلاحٍ وتجنبِ فسادٍ وضرٍ، وإنما يَتَّبِعُ ما تحدوه إليه شهوتُه وإرضاءُ هواه، وحَسبُكَ أنّ فرعون كان يجعل نفسه إلهًا وأنه ابن الشمس.
فليس من العلوّ المذموم رُجحَانُ أحدٍ في أمرٍ من الأمور؛ لأنه جديرٌ بالرجحان فيه جريًا على سبب رجحان عقليّ كرجحان العالم على الجاهل والصالح على الطالح والذكي على الغبي، أو سبب رجحان عاديّ ويشمل القانونيّ وهو كل رجحانٍ لا يستقيم نظام الجماعات إلا بمراعاته كرجحان أمير الجيش على جنوده ورجحان القاضي على المتخاصمين.
وأعدلُ الرجحان ما كان مِنْ قِبَلِ الدين والشريعة كرجحان المؤمن على الكافر، والتقي على الفاسق، قال تعالى﴿لا يَسْتَوِي مِنكم مَن أنْفَقَ مِن قَبْلِ الفَتْحِ وقاتَلَ أُولَئِكَ أعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أنْفَقُوا مِن بَعْدُ وقاتَلُوا وكُلًّا وعَدَ اللَّهُ الحُسْنى﴾ [الحديد: ١٠] ويترجّح في كلّ عملٍ أهل الخِبرة به والإجادة فيه، وفيما وراء ذلك فالأصلُ المساواة".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، (20/ 66)]
(240) #الدر_المنثور_من_تفسير_ابن_عاشور
﴿فَمَكُثَ غَيْرَ بَعِيدٍ فَقالَ أحَطْتُ بِما لَمْ تُحِطْ بِهِ وجِئْتُكَ مِن سَبَأٍ بِنَبَأٍ يَقِينٍ﴾
"و﴿غَيْرَ بَعِيدٍ﴾ قريبٌ قربًا يوصف بضد البعد، أي: يوشك أن يكون بعيدا. وهذا وجه إيثار التعبير بـ ﴿غَيْرَ بَعِيدٍ﴾؛ لأن (غير) تفيد دفع توهم أن يكون بعيدًا، وإنما يتوهم ذلك إذا كان القرب يشبه البعد".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، (19/ 248)]
[عدل ولي الأمر!]
(239) #الدر_المنثور_من_تفسير_ابن_عاشور
﴿فَتَبَسَّمَ ضاحِكًا مِن قَوْلِها ....﴾
"وتَبَسُّمُ سليمان من قولها تَبَسُّمُ تَعَجُب. والتبسم أضعف حالات الضحك فقوله: ﴿ضاحِكًا﴾ حال مؤكدة لـ (تبسم)، وضحك الأنبياء التبسم كما ورد في صفة ضحك رسول الله ﷺ أو ما يقرب من التبسم مثل بدو النواجذ كما ورد في بعض صفات ضحكه. وأما القهقهة فلا تكون للأنبياء وفي الحديث «كَثْرَةُ الضَّحِكِ تُمِيتُ القَلْبِ».
وإنما تَعَجَّبَ من أنها عرفت اسمه وأنها قالت: ﴿وهم لا يَشْعُرُونَ﴾ فوسمته وجنده بالصلاح والرأفة وأنهم لا يقتلون ما فيه روح لغير مصلحة، وهذا تنويه برأفته وعدله الشامل بكل مخلوق لا فسادَ منه، أجراه [أي العدل] الله على نملةٍ ليعلمَ شرفَ العدل ولا يحتقرَ مواضعه، وأنّ ولي الأمر إذا عدل سرى عدله في سائر الأشياء وظهرت آثاره فيها حتى كأنه معلوم عند ما لا إدراك له، فتسير أمور جميع الأمة على عدل. ويضرب الله الأمثال للناس، فضرب هذا المثل لنبيئه سليمان بالوحي من دلالة نملة، وذلك سرٌ بينه وبين ربه جعله تنبيهًا له وداعية لشكر ربه فقال: ﴿رَبِّ أوْزِعْنِي أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ﴾".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، (19/ 243)]
لا يهمل طالب العلم النظر في العلوم إلا ويظهر ذلك على عقله وفهمه وبيانه وقضاياه التي يجادل عنها، وروحه التي تذوي بملاحقة تفاصيل التفاهات، وتتخشب بتتبع الأحداث اليومية .. القلب إناء لا يقبل الفراغ بطبعه!
د. سليمان العبودي
#خاطرة
يوشك أن يكون ما قيّدتَّه من فوائد وأنت تقرأ هو أرجى ثمرة قراءتك، وبقدر إحسانك في التقييد، وتجويدك في ضم النظير لنظيره، ونظم الشوارد في سلكٍ جامع= تكون قراءاتك ناجعة في معالجة الأفكار، وتكون أكثر حرصًا على تلمّس مواضع الإشكالات ومعالجاتها.
وإن القراءة لهي طريقة طالب العلم في طلبه للعلم.
هذا النصّ جليلٌ
وقد حاولتُ عنونته فما استقام لي، إلا أنّه من فتوحات سيدي الطاهر ابن عاشور رحمه الله، فاغتنموه!
ضابط أحسبه من أهم ما يُراعى عند تحليل البيان.
من مقال:
مخالفة الترتيب في القصة القرآنية، مفهومه واعتبارات النظر فيه.
(236) #الدر_المنثور_من_تفسير_ابن_عاشور
﴿كَذَّبَتْ نوح المُرْسَلِينَ﴾
"وجُمِعَ ﴿المُرْسَلِينَ﴾وإنما كذبوا رسولًا واحدًا أولَ الرسل ولم يكن قبله رسول وهم أول المكذبين فإنما جمع لأنّ تكذيبهم لم يكن لأجل ذاته ولكنه كان لإحالتهم أن يرسل الله بشرًا وأن تكون عبادة أصنامهم ضلالًا فكان تكذيبهم إياه مقتضيا تكذيب كل رسول؛ لأن كلّ رسول يقول مثل ما قاله نوح عليه السلام، ولذلك تكرر في قوله: ﴿كَذَّبَتْ عادٌ المُرْسَلِينَ﴾ [الشعراء: ١٢٣] وما بعده. وقد حكي تكذيبهم أن يكون الرسول بشرا في قوله:﴿أوَعَجِبْتُمْ أنْ جاءَكم ذِكْرٌ مِن رَبِّكم عَلى رَجُلٍ مِنكم لِيُنْذِرَكُمْ﴾ [الأعراف: ٦٣] في الأعراف".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[التحرير والتنوير، الطاهر ابن عاشور، (19/ 157)]
[عن مفهوم "الطبع"]
"[الشعراء المطبوعون] الذين تَنْبَجِسُ عفوًا من سرِّ نفوسهم روائعُ هذا السحر المسمّى بالبيان؛ بيان الإنسان باللغة وباللفظ واللفظين منها عمّا تعجز الفنون جميعًا عن إدراكه إلا بعد لغوٍ طويل، ثم لا تبلغ في الشرف مبلغه، ولا تبقى في النفوس بقاءه".
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[نمط صعب ونمط مخيف، محمود محمد شاكر، ص186، بتصرفٍ يسير]
#خاطرة
من نعم الله عليك أن يهديك وأنت في مبتدأ تعلّمك إلى من يميط لك اللثام عن خوافي العلم، ويكشف لك الستار عن محجوبه، فيشحذ بذلك عقلك، ويبعد مرامي سهمك، فمثل هذا أثره فيك لا يزول أو تزولَ الجبال، وإنك لتستفيد من اللمحة منه أضعاف استفادتك ألف مسألة مجردة من غيره.
وقد أعوزنا في زماننا ذلكم الشيخ البصير النقادة الذي يعلّمك كيف تفكر قبل أيّ شيء آخر، إلا من رحم ربك، وقليل ما هم!
في مثل هذا اليوم رزئنا بمصيبة هوّنت بعدها كل جليل، وما زال شؤم تلكم الجناية وشؤم أهلها يتجرّعه الناس غصصا، وإني ليضيق صدري ولا ينطلق لساني إذا تذكرت هذا اليوم، ويحضرني أبيات ابن الرومي في رثاء البصرة، ولجديرٌ حالنا بالرثاء:
إنَّ هذا من الأمورِ لأمْرٌ
كاد أن لا يقومَ في الأوهام
لرأينا مُسْتَيْقظين أمورًا
حسبُنا أن تكونَ رُؤيا منام
أقدم الخائنُ اللعينُ عليها
وعلى الله أيَّما إقدام
وتسمَّى بغير حقٍّ إمامًا
لا هدى اللَّهُ سعيَه من إمام
دخلوها كأنهم قِطع اللْيـ
ـلِ إذا راحَ مُدْلَهِمَّ الظلام
طلعُوا بالمُهَنَّداتِ جَهْراً فألقتْ
حملها الحاملات قبل التَّمام
أيَّ هَوْل رأوْا بهمْ أيّ هَوْلٍ
حُقَّ منه تشيبُ رأسُ الغلام
إذ رموْهُمْ بنارهم من يمينٍ
وشِمال وخلفِهمْ وأمام
كم أغصُّوا من شاربٍ بشراب
كم أغصُّوا من طاعمٍ بطعام
كم ضنينٍ بنفسهِ رامَ مَنْجىً
فتلقّوا جبينه بالحسام
كم أخٍ قد رأى أخاهُ صريعًا
تَرِبَ الخَدِّ بينَ صَرْعى كرامِ
كم أبٍ قد رأى عزيزَ بنيه
وهْوَ يُعلَى بصارمٍ صمصامِ
كم مُفدّىً في أهلهِ أسْلمُوه
حين لم يحْمِه هنالك حامي
كم رضيع هناكَ قد فطموه
بشُبا السيف قبل حينِ الفطامِ
كم فتاةٍ بخاتِم الله بِكرٍ
فضحوها جَهْراً بغير اكتتام
كم فتاةٍ مصونة قد سبوْها
بارزاً وجهها بغير لثام
صبحوهُمْ فكابدَ القومُ منهم
طولَ يومٍ كأنه ألفُ عامِ
أيُّ خَطْبٍ وأيُّ رُزْء جليلٍ
نالنا في أولئكَ الأعمام
كم خذلنا من ناسكٍ ذي اجتهادٍ
وفقيهٍ في دينهِ علَّام
وا ندامي على التَّخلُّفِ عنهمْ
وقليلٌ عنهُم غَناء نِدامي
وا حيائي منهُمْ إذا ما التقينا
وهُمُ عند حاكم الحُكّام
أيُّ عُذْرٍ لنا وأيُّ جوابٍ
حين نُدْعَى على رؤوسِ الأنامِ
يا عبادي أما غَضِبْتُم لوجهي
ذي الجلال العظيم والإكرام
أخذلتُمْ إخوانَكُم وقعدْتُمْ
عنهُمُ ويحَكُم قُعودَ اللئام