rouknouahlilmadinah | Unsorted

Telegram-канал rouknouahlilmadinah - رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

629

فقه أهل المدينة على عقيدة السلف بقلم أبي لبابة الخضر بن شريف بتقاوي الجزائري للاستفسارات: @Mahadelimamsouhnoun_bot

Subscribe to a channel

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

حرص الإمام مالك على تفقيه أزواجه وبناته


قال يحيى بن يحيى الليثي (ت٢٣٤هـ) -رحمه الله-: "وكنا ندخل على مالك -رحمه الله- فكان يُقعِد عِيالَه وراء الحجاب، بموضع يَسمعْنَ الكلامَ، فكان يقع بقلوبنا أنه كان يتعمّد بهن ذلك لِيَفقَهْنَ".

اختصار المبسوطة صـــ٩١٣

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

قال يحيى بن يحيى الليثي (ت٢٣٤هـ) -رحمه الله-: "من أراد أن يعمل بما يقول؛ اقتصد، ومن لم يُرِد أن يعمل بما يقول؛ لم يبالِ بما يقول".

اختصار المبسوطة صـــ٩٣٢

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

القعنبي تلميذ الإمام مالك ومن أشهر رواة الموطإ عنه يكفر الجهمية بأعيانهم


روى ذاك الذهبي في كتابه "العلو للعلي الغفار" (صـ١٦٦)، قال: قال بنان بن أحمد: كنا عند القعنبي -رحمه الله- فسمع رجلاً من الجهمية يقول: {اَ۬لرَّحْمَٰنُ عَلَي اَ۬لْعَرْشِ اِ۪سْتَو۪يٰۖ}، فقال القعنبي: من لا يوقن أن الرحمن على العرش استوى كما يقَر في قلوب العامة فهو جهمي.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلت: هنا كفّر عبد الله بن مسلمة القعنبي (ت٢٢١هـ) -رحمه الله- كل من أول الاستواء على غير ما يقر في قلوب العامة فهو تكفير صريح لجميع الفرق التي تفرعت عن الجهمية أمثال الأشاعرة، والماتريدية، والمعتزلة وغيرهم إذ قالوا تارة استوى بمعنى استولى، وتارة استوى إلى غير جهة، وتارة لا نعلم معنى استوى يفوض علمه إلى الله، وغير ذلك مما يتضايق الصدر عند ذكره، فكل هؤلاء كفار ومن شك في كفرهم فهو مثلهم.

انظر أيضاً: نقل الإجماع على علو الله تعالى واستوائه على عرشه حقيقة لا مجازاً
وتكفير الإمام مالك للجهمية بأعيانهم
وخطبة بعوان: علو الله وكفر منكره
وإثبات صفة الجلوس لله
وتكفير أبي مصعب الزهري تلميذ الإمام مالك للواقفة

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

إذا اختلف أصحاب رسول الله ﷺ فخطأ وصواب؛ ذلك أن الحق واحد لا يتعدد


روى أبو عمر يوسف بن عبد البر القرطبي (ت. ٤٦٣هـ) في كتابه "جامع بيان العلم وفضله" (٩٠٥/٢-٩٠٧)، قال:

أخبرنا قاسم بن محمد، ثنا محمد قال: نا خالد بن سعد، ثنا محمد بن فطيس، ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، قال: "سمعت أشهب (ت. ٢٠٥هـ) يقولُ سئل مالك (ت. ١٧٩هـ) عن اختلاف أصحاب رسول الله ﷺ، فقال: خطأ وصواب فانظر في ذلك(١)".

وذكر يحيى بن إبراهيم بنِ فرين، قال: حدثني أصبغ، قال: قال ابن القاسم (ت. ١٩١هـ): سمعت مالكاً والليث (ت. ١٧٥هـ) يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله ﷺ ليس كما قال ناس: فيه توسعة؛ ليس كذلك إنما هو خطأ وصواب".

أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى، ثنا أحمد بن سعيد، ثنا محمد بن زيان، ثنا الحارث بن مسكين، عن ابن القاسم، عن مالك، أنه قال: "في اختلاف أصحاب رسول الله ﷺ مخطئ ومصيب فعليك بالاجتهاد(٢)".

وذكر إسماعيل بن إسحاق (٣) في كتابه "المبسوط"، عن أبي ثابت (٤) قال: سمعت ابن القاسم يقول: "سمعت مالكاً والليث بن سعد، يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله ﷺ وذلك أن أناساً يقولون: في ذلك توسعة، فقالا: ليس كذلك إنما هو خطأ وصواب".
قال إسماعيل القاضي: "إنما التوسعة في اختلاف أصحاب رسول الله ﷺ توسعةٌ في اجتهاد الرأي، فأما أن يكون توسعةً لأنْ يقول الناس بقول واحد منهم من غير أن يكون الحقُّ عنده فيه فلا ولكنّ اختلافَهم يدل على أنهم اجتهدوا فاختلفوا".
قال ابن عبد البر: "كلام إسماعيل هذا حسن جدًّا".

وفي سماع أشهب: سئل مالك عمن أخذ بحديث حدثه ثقةٌ عن أصحاب رسول الله ﷺ أتراه من ذلك في سعة؟
فقال: لا والله حتى يصيب الحق؛ وما الحق إلا واحد، قولان مختلفان يكونان صواباً جميعاً وما الحق والصواب إلا واحد
(٥)".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) أي فانظر في ذلك ما وافق العمل.
(٢) الأمر بالاجتهاد موجه لمن كان له أهلاً لا لعامة الناس فعامة الناس لا يسعهم إلا التقليد.

(٣) القاضي إسماعيل بن إسحاق بن إسماعيل بن حماد بن زيد البصري، قاضي بغداد.
إمام المالكية في العراق وناشر مذهب أهل المدينة بها، نال الإمامة في علوم عدة.
سمع من تلاميذ الإمام مالك: القعنبي، وإسماعيل بن أبي أويس ابن أخت الإمام مالك، و أبي مصعب الزهري، وغيرهم.
تفقه بابن المعذل صاحب عبد الملك بن الماجشون، وأخذ صناعة الحديث عن علي بن المديني.
وتتلمذ عليه الإمام عبد الله بن الإمام أحمد، والإمام البربهاري، وغيرهما كثير.
من مصنفاته: الموطأ، وأحكام القرآن، المبسوط، الرد على أبي حنيفة، الرد على الشافعي، وغيرها.
توفي سنة ٢٨٢هـ -رحمه الله-.

(٤) أبو ثابت محمد بن عبيد الله بن محمد بن زيد المدني.
روى عن الإمام مالك، وابن أبي حازم، والداروردي، وابن وهب، وغيرهم.
وروى عنه: أبو حاتم، وأبو زرعة، والقاضي إسماعيل، والبخاري، وغيرهم.
توفي سنة ٢٢٧هـ -رحمه الله-.

(٥) ومذهب مالك والليث في أن الاختلاف إذا تدافع فهو خطأ وصواب قد ذهب إليه الأوزاعي، والشافعي، وأبو ثور وغيرهم، وهو ظاهر صنيع أبي بكر وعمر وسائر الصحابة في إنكار بعضهم قول بعض.
وقد ذهب إلى القول بأن في اختلاف الصحابة سعة فيما كان طريقه الاجتهاد عمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد، وقال به أحمد بن حنبل وهو سبب تعدد أقواله واختلافها في المسألة الواحدة، والله أعلم.
انظر: جامع بيان العلم وفضله باب: بيان ما يلزم الناظر في اختلاف العلماء.

#أصول_الفقه

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

لا يُعزى المسلم بأبيه الكافر


جاء في "النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات" (١/٦٦٢) لأبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني (ت. ٣٨٦هـ) -رحمه الله-:

"ومن المجموعة، قال ابن القاسم، عن مالك: ولا يعزى المسلم بأبيه الكافر، يقول الله -تعالى-: {مَا لَكُم مِّنْ وَّلَٰيَتِهِم مِّن شَےْءٍ} [الأنفال: ٧٣]".

#فقهيات_مدنية
#كتاب_الجنائز

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

قاعدة في الأعيان الطاهرة والنجسة: كل ما لا يفسد الثوب فلا يفسد الماء


قال عبد السلام بن سعيد التنوخي الملقب بسحنون (ت. ٢٤٠هـ) -رحمه الله- في "المدونة" (١/٦): "سألت ابن القاسم (ت. ١٩١هـ) -رحمه الله- عن خَرء الطير والدجاج التي ليست بمخلاة* تقع في الإناء فيه الماء، ما قول مالك فيه؟
قال ابن القاسم: كل ما لا يفسد الثوبَ فلا يفسد الماء".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* أي المقصورة التي لا تأكل الجيف والنتن والقذر.

#فقهيات_مدنية
#كتاب_الطهارة

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

أول لقاء بين الإمام ربيعة بن أبي عبد الرحمن وأبيه -رحمهما الله-


روى الخطيب البغدادي (ت. ٤٦٣هـ) في كتابه: "تاريخ بغداد" (٤١٥/٩-٤١٦)، قال: أخبرنا أبو القاسم الأزهري (ت. ٤٣٥هـ)، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان (ت. ٣٨٣هـ)، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان بن محمد المالكي الدينوري القاضي (ت. ٣٣٣هـ) قراءة عليه بمصر، قال: حدثنا يحيى بن أبي طالب (ت. ٢٧٥هـ)، قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف (ت. ٢٠٤هـ)، قال: 

"حدثني مشيخةُ أهل المدينة أن فرّوخاً أبا عبد الرحمن أبا ربيعة خرج في البعوث إلى خراسان أيام بني أمية غازياً، وربيعةُ حَمْلٌ في بطن أمه، وخلف عند زوجته أمِّ ربيعة ثلاثين ألف دينار.
فقدم المدينة بعد سبع وعشرين سنة وهو راكب فرساً، في يده رمح، فنزل عن فرسه، ثم دفع الباب برمحه، فخرج ربيعة، فقال له: يا عدو الله، أتهجم على منزلي؟ 
فقال: لا، وقال فروخ: يا عدو الله، أنت رجل دخلت على حرمتي، فتواثبا وتلبب كل واحد منهما بصاحبه، حتى اجتمع الجيران.
فبلغ مالكَ بنَ أنس والمشيخةَ، فأتوا يعينون ربيعة، فجعل ربيعة يقول: والله لا فارقتك إلا عند السلطان، وجعل فروخ يقول: والله لا فارقتك إلا بالسلطان، وأنت مع امرأتي، وكثر الضجيج.
فلما بصُروا بمالك سكت الناسُ كلُّهم، فقال مالك: أيها الشيخ، لك سعة في غير هذه الدار.
فقال الشيخ: هي داري وأنا فروخ مولى بني فلان، فسمعتْ امرأته كلامَه فخرجت فقالت: هذا زوجي، وهذا ابني الذي خلفته وأنا حامل به، فاعتنقا جميعاً وبكيا.
فدخل فروخ المنزل، وقال: هذا ابني؟
قالت: نعم.
قال: فأخرجي المال الذي عندك، وهذه معي أربعة آلاف دينار.
فقالت: المال قد دفنته وأنا أخرجه بعد أيام.
فخرج ربيعة إلى المسجد وجلس في حلقته، وأتاه مالك بن أنس، والحسن بن زيد، وابن أبي علي اللهبي، والمساحقي، وأشرافُ أهل المدينة وأحدقُ الناس به.
فقالت امرأته: اخرج صلِّ في مسجد الرسول، فخرج فصلى، فنظر إلى حلقة وافرة، فأتاه فوقف عليه، ففرّجوا له قليلاً، ونكس ربيعة رأسَه يوهمه أنه لم يره وعليه طويلة، فشك فيه أبو عبد الرحمن، فقال: من هذا الرجل؟
فقالوا له: هذا ربيعة بن أبي عبد الرحمن.
فقال أبو عبد الرحمن: لقد رفع الله ابني.
فرجع إلى منزله، فقال لوالدته: لقد رأيت ولدَك في حالة ما رأيت أحداً من أهل العلم والفقه عليه.
فقالت أمه: فأيما أحب إليك، ثلاثون ألف دينار، أو هذا الذي هو فيه من الجاه؟
قال: لا والله إلا هذا.
قالت: فإني قد أنفقت المال كله عليه.
قال: فوالله ما ضيعته".

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

أتممت اليوم تأليف رسالة مختصرة في أصول فقه أهل المدينة وبيان طريقتهم في التفقه -والحمد لله- أسميتها: "التبصرة بأصول فقه أهل المدينة" سأنشرها قريباً -إن شاء الله- بعد تنسيقها.

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

كلام من ذهب للإمام أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني (ت.٢٧٥هـ) -رحمه الله- يصلح أن يكون قاعدة منهجية!

في مثل زماننا إذ تلاطمت أمواج الفتن والبدع والكفر والزندقة، ولم يُبق الله عالماً فاتخذ الناسُ رؤوساً جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم - أي بغير أثر وبغير تقليد للأئمة السالفين - فضلوا وأضلوا، عليك بمجالسة الكتب كتب السلف كتب الآثار كتب العقيدة العتيقة السليمة!

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

لماذا لم يدخل رأيُ أبي حنيفة المدينةَ في العصور الأولى


قال الخطيب البغدادي (ت.٤٦٣هـ) في كتابه "تاريخ بغداد" (٥٤٤/١٥-٥٤٥): أخبرنا ابن الفضل، قال: أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي، وأخبرنا البرقاني، قال: أخبرنا حمزة بن محمد بن علي بن هاشم المامطيري بها، قالا: حدثنا محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري، قال: حدثنا صاحب لنا، عن حمدويه، قال: قلت لمحمد بن مسلمة: ما لرأي النعمان دخل البلدان كلها إلا المدينة؟

قال [أبو هشام محمد بن مسلمة المديني من أفقه أصحاب الإمام مالك وأقربهم إليه (ت.٢١٧هـ) -رحمه الله-]: "إن رسول الله ﷺ قال: "لا يدخلها الدجالُ، ولا الطاعونُ، وهو دجّال من الدجاجلة".

وقال الخطيب: أخبرني محمد بن الحسين الأزرق، قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن زياد المقرئ أن أبا رجاء المروزي أخبرهم، قال: قال حمدويه بن مخلد: قال محمد بن مسلمة المديني، وقيل له: ما بال رأي أبي حنيفة دخل هذه الأمصار كلها ولم يدخل المدينة؟

قال: "لأن رسول الله ﷺ قال: على كل نَقْب من أنقابها ملكٌ يمنع الدجال من دخولها، وهذا من كلام الدجالين فمِنْ ثَمَّ لم يدخلها، والله أعلم".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلت: إنما كان ذلك في العصور الأولى، أما اليوم لا تكاد تجد مجلساً من مجالس المدينة إلا ويبث فيه قول جهم والكرابيسي ويثنى على أبي حنيفة وأمثاله، والله المستعان.

انظر أيضاً: إجماع أئمة السلف ومنهم الإمام مالك على تضليل أبي حنيفة

#ذم_الرأي

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

إنما ينبغي أن نتبع آثار رسول الله ﷺ وأصحابه، ولا نتبع الرأي


قال أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفارسي الفسوي (ت.٢٧٧هـ) -رحمه الله- في كتابه "المعرفة والتاريخ" (٧٨٩/٢-٧٩٠):

حدثني الحسن بن الصباح، حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحُنيني، قال:

قال مالك: ما وُلد في الإسلام مولودٌ أضرَّ على أهل الإسلام من أبي حنيفة؛ وكان يعيب الرأي، ويقول: قُبض رسولُ الله ﷺ وقد تم هذا الأمرُ واستكمل، فإنما ينبغي أن نتبع آثار رسول الله ﷺ وأصحابه، ولا نتبع الرأي [وإنه متى اتُّبِعَ الرأي] جاء رجل أقوى منك في الرأي فاتبعتَه، فأنت كلما جاء رجل غلبك اتبعتَه، أرى هذا الأمرَ لا يَتِمّ".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بين المعقوفتين زيادة من تاريخ بغداد للخطيب البغدادي (١٥/٥٤٥).

#قال_إمام_دار_الهجرة
#ذم_الرأي

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

الرخصة في الشرب بنفس واحد لمن لا يتنفس في الإناء


روى الإمام مالك (ت.١٧٩هـ) -رحمه الله- في "موطئه" (٢/٩٢٥) تحت باب "النهي عن الشراب في آنية الفضة، والنفخ في الشراب" عن أيوب بن حبيب مولى سعد بن أبي وقاص، عن أبي المثنى الجهني، أنه قال: "كنت عند مروان بن الحكم، فدخل عليه أبو سعيد الخدري، فقال له مروان بن الحكم: أسمعتَ من رسول الله ﷺ أنه نهى عن النفخ في الشراب؟
فقال له أبو سعيد: نعم.
فقال له رجل: يا رسول الله، إني لأروى من نفس واحد.
فقال له رسول الله ﷺ: فأَبِنِ القَدَحَ عن فيك، ثم تنفّسْ.
قال: فإني أرى القذاةَ فيه.
قال: فأهرِقْه".

وفي "العتبية" (البيان والتحصيل ٢٦٧/١٧-٢٦٨) قال مالك في حديث النبي -عليه السلام-: «إني لا أروى من نفس واحد»، فقال له النبي -عليه السلام-: «فأبن القدح عن فيك»: "وإني لا أرى بالشرب من نفس واحد بأساً، وأرى فيه رخصة لموضع الحديث: «إني لا أروى من نفس واحد»".

قال أبو الوليد محمد بن رشد (ت.٥٢٠هـ) تعليقاً على قول الإمام مالك: "استدلال مالك بالحديث على إجازة الشرب في نفس واحد بيّنٌ واضح؛ لأن النبي ﷺ لمّا نهى عن النفخ في الشراب فقال له الرجل: «إني لا أروى من نفس واحد» قال له: «فأبن القدح عن فيك ثم تنفس» ومعناه: فإن كنت لا تقدر على ذلك فأبن القدح عن فيك ثم تنفس.
وفي ذلك دليل ظاهر على أنه إن قدر على ذلك جاز له أن يفعله.
والنظر يدل على جواز ذلك أيضا؛ لأن النهي إنما جاء عن النفخ في الإناء أو التنفس فيه؛ روي عن ابن عباس قال: «نهى رسول الله ﷺ أن ينفخ في الإناء أو يتنفس فيه» . وعن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «لا يتنفس أحدكم في الإناء إذا كان يشرب، ولكن إذا أراد أن يتنفس فليؤخره عنه ثم يتنفس».
فإذا لم يتنفس في الإناء جاز له أن يشرب كيف شاء، إن شاء في نفس واحد، وإن شاء في نفسين، وهو قول عمر بن عبد العزيز؛ روي عن ميمون بن مهران أنه قال: رآني عمر بن عبد العزيز وأنا أشرب، فجعلت أقطع شرابي وأتنفّس، فقال: إنما نهى رسول الله ﷺ أن تنفّسَ في الإناء، فإذا لم تَنفّسْ فيه فاشربْه إن شئتَ في نفس واحد.
وقوله عين الفقه، وهو قول سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح (...)".

وقال أبو عمر ابن عبد البر (ت.٤٦٣هـ) في "الاستذكار" (٣٠٢/٨-٣٠٣) تعليقاً على حديث الباب: "وفي هذا الحديث الرخصة في الشرب بنفس واحد، وكذلك قال مالك -رحمه الله؛ روى عيسى بن دينار عن ابن القاسم عن مالك أنه رأى في قول النبي ﷺ في الرجل الذي قال له: «إني لأروى من نفس واحد»، فقال له النبي ﷺ؛ «فأبن القدح عن فيك»؛ قال مالك: "فكأني أرى في ذلك رخصةً أن يشرب من نفس واحد".

قال مالك: "ولا أرى بأساً بالشرب من نفس واحد، وأرى فيه رخصة لموضع الحديث: «وإني لا أروى من نفس واحد»".

قال ابن عبد البر: يريد مالك -رحمه الله- أن النبي ﷺ لمّا لم يَنهَ الرجل الذي قال له: «فإني لا أروى من نفس واحد» أن يشرب من نفس واحد، بل قال له كلاماً معناه: فإن كنت لا تروى من نفس واحد فأبِنِ القدحَ عن فيك.
وهذا إباحة منه للشرب من نفس واحد أو كالإباحة".

ثم قال: "وروي عن سعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، وعمر بن عبد العزيز أنهم قالوا: لا بأس بالشرب في نفس واحد، وقد ذكرنا الأسانيد عنهم بذلك.

وقال ميمون بن مهران: رآني عمر بن عبد العزيز وأنا أشرب، فجعلت أقطع شرابي وأتنفّس، فقال: إنما نُهي أن يُتنفّسَ في الإناء، فإذا لم تتَنفّسْ في الإناء، فاشربْه إن شئتَ بنفس واحد.

قال ابن عبد البر: قول عمر بن عبد العزيز هذا هو تفسير الباب وتهذيب معناه".

انظر أيضاً: كراهية النفخ في الطعام والشراب

#فقهيات_مدنية
#كتاب_صفة_النبي_ﷺ

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

في جواز قول الرجل لغيره "يا سيدي" وأن "السيّد" و"الحنّان" ليسا من أسماء الله -عز وجل- واستحباب الدعاء بـ"اللهم" كما دعت به الأنبياء


قال أبو عبد الله محمد بن أحمد العتبي القرطبي (ت.٢٥٥هـ) -رحمه الله- في "المستخرجة" المعروفة بـ"العتبية":

"وسئل [مالك] هل كان أحد بالمدينة يكره أن يقول العبد لسيده "يا سيدي"؟
فقال: لا، ولم يكره ذلك، وقال الله -تعالى-: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَا اَ۬لْبَابِۖ} [يوسف: ٢٥]، وقال -تبارك وتعالى-: {وَسَيِّداٗ وَحَصُوراٗ وَنَبِيٓـٔاٗ مِّنَ اَ۬لصَّٰلِحِينَۖ} [آل عمران: ٣٩] فلم يكره ذلك.
قيل: يقولون: إن السيد هو الله.
قال: فأين في كتاب الله أن الله هو السيد(١)؟ هو الرب، قال: {رَّبِّ اِ۪غْفِرْ لِے وَلِوَٰلِدَيَّ} [نوح: ٣٠]، وقال: {وَقُل رَّبِّ اِ۪رْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَٰنِے صَغِيراٗۖ} [الإسراء: ٢٤].
قيل: أفتكره أن يدعو الرجل فيقول "يا سيدي"؟
فقال: غير ذلك أحب إلي أن يدعو بما في القرآن وما دعت به الأنبياء.
قيل: ذلك أحب إليك من أن يقول "يا سيدي"؟
فقال: نعم، لا أحب أن يقول "يا سيدي"، وغير ذلك أحب إلي.

وقال: وسئل [مالك] عن الذي يقول في دعائه: "يا سيدي"، فكرهه وقال: أحب إلي أن يدعو بما في القرآن وبما دعت به الأنبياء: "يا رب"، وكره الدعاء بـ"يا حنان".

وقال: وسئل مالك: عن الرجل يقول يالله يا رحمن يا رحيم، قال: يقول: يا رحمن يا رحيم فيقول يالله؟
قال: يقول: اللهم أبيَنُ، ويدعو بما دعت به الأنبياء(٢).

البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة (١/٤٥٦ و١٧/٤٢٢ و١٨/٤٣٠)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) فيه إشارة إلى عدم ثبوت الحديث الذي أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائي الذي فيه "السيد الله تبارك وتعالى".

(٢) لا خلاف بين المسلمين في جواز دعاء الله باسميه الرحمن والرحيم فلم يكرهه مالك وإنما استحب الدعاء بـ"اللهم" و"يا رب" اقتداءً بالأنبياء كما ورد في القرآن.

قال أبو الوليد محمد بن رشد (ت.٥٢٠هـ) تعليقاً على قول الإمام مالك: و"اللهم" بمنزلة "الله"؛ لأن الميم زيدت في اسم الله عوض "يا" النداء المحذوفة من أوله تعظيماً له بذلك.

#فقهيات_مدنية
#كتاب_الجامع

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

كراهة تزين الرجل بالكحل


قال أبو عبد الله محمد بن أحمد العتبي القرطبي (ت.٢٥٥هـ) -رحمه الله- في "المستخرجة" المعروفة بـ"العتبية":

"وسئل [مالك] عن الكحل للرجل بالنهار، فقال: ما يعجبني أن يكتحل الرجل بالليل ولا بالنهار، إلا أن تكون تأخذه علة فيكتحل، وإنما الكحل من أمر النساء(١)، وما أدركت أحداً من الناس يكتحل هكذا إلا من ضرورة(٢)، ولربما وجدتُ الشيءَ(٣) فاكتحلتُ به فجلستُ في البيت ولم أخرج منه".

البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل في مسائل المستخرجة (١٨/٤٣٨)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) يستفاد من ذلك أن التزين بالكحل تشبه بالنساء ومن تداوى به لعلة يجدها اجتنب الخروج به.
(٢) من ضرورة: أي من علة
(٣) وجد الشيء: أي اشتكى عينيه

#فقهيات_مدنية
#كتاب_الجامع

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

إِذا جاء عن النبي ﷺ حديثان مختلفان وبلغنا أن أبا بكر وعمر عملا بأحد الحديثين وتركا الآخر كان في ذلك دلالة أن الحق فيما عملا به


جاء في "التمهيد لما في الموطإ من المعاني والأسانيد في حديث رسول الله ﷺ" (٢٥٨/١٩-٢٥٩): "[ٍروى] مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن رسولَ الله ﷺ أفرد الحجَّ.

قال أبو عمر [ابن عبد البر (ت.٤٦٣هـ)]: هذا أصح حديث يروى عن النبي -عليه السلام- أنه أفرد الحجَّ وإليه ذهب مالك في اختياره الْإفراد وأصحابُه وأبو ثور وجماعة، وروي ذلك عن أبي بكر وعمر وعثمان وهو أحد قولي الشافعي واختيارُه.

وروى محمد بن الحسن عن مالك أنه قال: إذا جاء عن النبي ﷺ حديثان مختلفان وبلغنا أن أبا بكر وعمر عملا بأحد الحديثين وتركا الآخر كان في ذلك دلالة أن الحق فيما عملا به".

ثم قال: "حدثنا خلَفُ بنُ قاسم بن سهل بن محمد، حدثنا أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عطية، حدثنا أبو عبد الرحمن زكرياءُ بنُ يحيى السِّجْزِيُّ، حدثنا ابنُ الرَّمَّاحِ،قال: قلتُ: الإِفرادُ أحبُّ إليك أم القرانُ؟
قال: الإفرادُ.
قلتُ: من أين؟
قال: لأن رسولَ الله ﷺ أفرد الحج.
قلت: عمن؟
فقال: حدثني عبد الرحمن بن الْقاسم عن أبيه عن عائشةَ أن النبيَّ ﷺ أفرد الحج.
وحدثنا خلف بن القاسم، حدثنا أبو بكر محمدُ بنُ الحسين بن صالح السَّبِيعِيُّ بدمشق، حدثنا أحمد بن خالد بن يزيد بن عبد الله الكِنديُّ الحلبيُّ، حدثنا مُطَرِّفُ بن عبد الله المدنيُّ، حدثنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه عن عائشة أن النبي ﷺ أفرد الحج.
ورواه مطرفٌ أيضاً عن ابن أبي حازم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر عن النبي ﷺ مثلَه.
ورواه الوليدُ بنُ مسلم عن الأوزاعي وابنُ جُرَيْجٍ عن عطاءٍ عن جابر عن النبي ﷺ مثلَه سواء، وأبو معاويةَ عن الأعمش عن أبي سفيانَ عن جابر عن النبي ﷺ مثلَه". اهـ

○ وقد وقعت مناظرة مشهورة بين حبر الأمة الصحابي الجليل عبد الله بن عباس (ت.٦٨هـ) -رضي الله عنهما- والتابعي الجليل أحد الفقهاء السبعة عروة بن الزبير (ت.٩٤هـ) -رحمه الله- في تفضيل إفراد الحج عن العمرة وهي أن ابن عباس -رضي الله عنهما- كان يوجب التمتع بالعمرة إلى الحج في حين كان أبو بكر وعمر يفضلان الإفراد مع تجويز القران والتمتع.
وكان الحق فيها مع عروة بن الزبير لتمسكه بعمل أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما- لكونهما أعلم بكتاب الله وسنة رسول الله ﷺ من ابن عباس -رضي الله عنهما-.

روى الطبراني في "الأوسط" (٢١) عن عروةَ بن الزبير : "أنه أتى ابنَ عباس، فقال: يا ابنَ عباس، طالما أضللتَ الناسَ.
قال: وما ذاك يا عُرَيَّةُ؟
قال: الرجل يخرج محرماً بحج أو عمرة، فإذا طاف، زعمتَ أنه قد حل، فقد كان أبو بكر وعمرُ ينهيان عن ذلك؟
فقال: أهما، ويحك، آثَرُ عندك أم ما في كتاب الله، وما سَنَّ رسولُ الله ﷺ في أصحابه وفي أمته؟
فقال عروة: هما كانا أعلمَ بكتاب الله، وما سَنَّ رسولُ الله ﷺ مني ومنك".

وروى الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٢/١٨٩) عن ابن أبي مُلَيْكَةَ: "أن عروة قال لابن عباس -رضي الله عنهما-: أضللتَ الناسَ يا ابن عباس.
قال: وما ذاك يا عُرَيَّةُ؟
قال: تفتي الناسَ أنهم إذا طافوا بالبيت فقد حلوا، وكان أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- يجيئان مُلَبِّيَيْنِ بالحج فلا يزالان محرمين إلى يوم النحر؟
قال ابنُ عباس: بهذا ضللتم؟ أحدثكم عن رسول الله ﷺ وتحدثوني عن أبي بكر وعمر -رضي الله عنهما-؟
فقال عروة: إن أبا بكر وعمر -رضي الله عنهما- كانا أعلمَ برسول الله ﷺ منك".

وروى الإمام أحمد (٢٢٧٧) عن ابن أبي مُليكة، قال: قال عروة لابن عباس: حتى متى تضل الناس يا ابن عباس؟
قال: وما ذاك يا عرية؟
قال: تأمرنا بالعمرة في أشهر الحج، وقد نهى أبو بكر وعمر.
فقال ابن عباس: قد فعلها رسول الله ﷺ.
فقال عروة: هما كانا أتبع لرسول الله ﷺ، وأعلمَ به منك".

وروى أيضاً (٣١٢١) عن ابن عباس، قال: "تمتع النبي ﷺ.
فقال عروة بن الزبير: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة، فقال ابن عباس: ما يقول عرية؟
قال: يقول: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة،
فقال ابن عباس: أراهم سيَهلِكون، أقول: قال النبي ﷺ، ويقول: نهى أبو بكر وعمر؟"

وروى ابن حزم الجهمي (ت.٤٥٦هـ) في "حجة الوداع" (صـ٣٥٣) وابن عبد البر في "الجامع" (٢/١٢٠٩) عن أيوب، قال: "قال عروة لابن عباس: ألا تتقي الله؟ ترخّص في المتعة؟
فقال ابن عباس: سلْ أُمَّك يا عُروَةُ.
فقال عروة: أمّا أبو بكر، وعمر فلم يفعلا.
فقال ابن عباس: والله ما أُراكم منتهين حتى يعذّبَكم اللَّهُ، أحدّثكم عن رسول اللَّه ﷺ وتحدّثوننا عن أبي بكر وعمر،
فقال عروة: هما أعلمُ بسنة رسول الله ﷺ وأتبعُ لها منك".

○ ولا يُفهم من ذلك أن أبا بكر وعمر كانا ينهيان عن التمتع نهيَ تحريم؛

جاء في "الاستذكار" (٣٦٧/٤-٣٦٨): "وفي الباب مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أن عمر بن الخطاب، قال: افصلوا بين حجكم وعمرتكم، فإن ذلك أتم لحج أحدكم، وأتم لعمرته، أن يعتمر في غير أشهر الحج.

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

قال يحيى بن إسحاق الليثي الأندلسي: وأخبرني أبي، أنه سمع يحيى بن يحيى (ت٢٣٤هـ) -رحمه الله- يقول: "أدخِلِ الحشمةَ بينك وبين الناس، فإنه أوفرُ لحُرمتِك".

اختصار المبسوطة صـــ٩٣٢

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

بلى، آثار الصحابة سنة


روى عبد الرزاق الصنعاني (ت٢٢٠هـ) في "مصنفه" (١٠/٢٩٢) عن معمر، عن صالح بن كَيْسَانَ* (ت١٤١هـ)، قال: اجتمعتُ أنا وابن شهاب [الزهري، بحر العلم] (ت١٢٤هـ) ونحن نطلب العلم، فاجتمعنا على أن نكتب السنن، فكتبنا كل شيء سمعناه عن النبي ، ثم كتبنا أيضاً ما جاء عن أصحابه، فقلت: لا، ليس بسنة، وقال هو: بلى، هو سنة، فكتب ولم أكتب، فأَنجح وضَيّعتُ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* الإمام، الحافظ، أبو محمد صالح بن كيسان الدوسي المدني.
كان من فقهاء المدينة ومحدثيها، ومؤدباً أدّب أبناء عمر بن عبد العزيز أثناء ولايته على المدينة ٨٨-٩١هـ.
قال عنه مصعب الزبيري: كان جامعاً بين الفقه والحديث والمروءة.
وروى يعقوب بن شيبة: حدثنا أحمد بن العباس، قال: قال يحيى بن معين: ليس في أصحاب الزهري أثبت من مالك، ثم صالح بن كيسان، ثم معمر، ثم يونس.

رأى عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وسمع منهما، كما سمع من عروة بن الزبير، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، والقاسم بن محمد، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وسالم عبد الله بن عمر، ونافع مولى ابن عمر، ونافع مولى أبي قتادة، والزهري رفيقه، وغيرهم.

وروى عنه مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وابن جريج، وعمرو بن دينار، وحماد بن زيد، وأنس بن عياض، و سليمان بن بلال وغيرهم.
توفي عام ١٤١هـ -رحمه الله- عن عمر يناهز المائة عام.

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

من أوضح الآثار في بطلان كذب العاذرية على السلف في ادعائهم أن تكفيرهم للجهمية تكفير نوع لا تكفير عين


قال يعقوب بن سفيان الفسوي (ت٢٧٧هـ) -رحمه الله- في كتابه "المعرفة والتاريخ" (٣/٣٩٤):

سمعت أبا هاشم زياد بن أيوب (ت٢٥٢هـ)، قال: قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل (ت٢٤١هـ): يا أبا عبد الله! رجل قال "القرآن مخلوق" فقلت له: يا كافر، ترى علي فيه إثماً؟
قال: كان عبد الرحمن بن مهدي (١٩٨هـ) يقول: لو كان لي منهم قرابة ثم مات ما ورثته.
فقال له خراساني - بالفارسية -: الّذي يقول "القرآن مخلوق" أقول إنه كافر؟ قال: نعم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انظر أيضاً: عن عبد الرحمن بن مهدي

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

لا يُغسِّل المسلمُ والدَه إذا مات الوالدُ كافراً، ولا يَتبَعه ولا يُدخِله قبرَه


قال عبد السلام بن سعيد التنوخي الملقب بسحنون (ت. ٢٤٠هـ) -رحمه الله- في "المدونة" (١/١٨٧) تحت باب "في غسل المسلمِ الكافرَ":

"قال [ابن القاسم (ت. ١٩١هـ)]: قال مالك (ت. ١٧٩هـ): لا يُغسِّل المسلمُ والدَه إذا مات الوالدُ كافراً، ولا يَتبَعه ولا يُدخِله قبرَه إلا أن يخشى أن يَضيعَ فيُواريه.

قال ابن القاسم: وبلغني عن مالك أنه قال في كافر مات بين مسلمين وليس عندهم كافر يدفنه، قال: يَلٌفّونه في شيء ويُوارونه.

[عن ابن وهب (ت. ١٩٧هـ)] قال الليث (ت. ١٧٥هـ): قال ربيعة (ت. ١٣٦هـ): عليهِم أن يُواروه ولا يٌستقبَلُ به القبلةُ ولا قبلتُهم، وقال يحيى بن سعيد (ت. ١٤٣هـ) مثلَه".

#فقهيات_مدنية
#كتاب_الجنائز

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

تعزية النصراني بأبيه


جاء في "اختصار المبسوطة في اختلاف أصحاب مالك وأقواله" (صـ١٩٨-١٩٩) أصل الكتاب ليحيى بن إسحاق الليثي الأندلسي (ت. ٣٠٣هـ) -رحمه الله-:

"قال: وسألتُ مالكاً (ت. ١٧٩هـ) عن الرجل النصراني، يكون جاراً لي، يموت أبوه لأعزيه به، وأمشي إليه مُعَزِّياً فيه، وله مني ذمام الجوار؟

وقال مالك: لا أرى بأساً عليك في تعزيته، إذا مر بك، ولا أرى لك أن تمرّ أنت إليه، لأن ذلك من تعظيم شِركه، وكأنك أعنتَه على ذلك من كُفْرِه، ولكني أرى أن ترقبه؛ فإذا مر بك دعوتَه إلى نفسك، وقلت له: أيْ فلان، بلغني مصابَك بأبيك، ألحقه الله بأشراف أهل دينه، وخيار ذوي ملته.
قال مالك: وتدري ما ذلك؟ ذلك - والله - نزولُه الحُطَمة.

وقال أبو المُصْعَب (ت. ٢٤٢هـ): سألتُ مالك بن أنس عن هذه المسألة، فقال فيها هكذا، وكتبها الناس عنه".

#فقهيات_مدنية
#كتاب_الجنائز

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

قاعدة في الأعيان الطاهرة والنجسة: أبوال ما يؤكل لحمه وأوراثه طاهرة ما لم يأكل الجِيَف


قال عبد الرحمن بن القاسم (ت. ١٩١هـ) -رحمه الله- في "المدونة" (١/٥): "وكان مالك (ت. ١٧٩هـ) -رحمه الله- لا يرى بأساً بأبوال ما يؤكل لحمُه مما لا يأكل الجِيَف وأوراثِها إن أصاب الثوب.
قال ابن القاسم: "وأرى إن وقع في ماء فإنه لا ينجّسه".

#فقهيات_مدنية
#كتاب_الطهارة

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

فإن شمائل مالك شمائل الصحابة والتابعين


قال الإمام أبو زكريا يحيى بن يحيى التميمي الحنظلي النيسابوري (ت.٢٢٦هـ) -رحمه الله-: "أقمتُ عند مالك بن أنس بعد كمال سماعي منه سنةً أتعلم هيئتَه وشمائلَه فإنها شمائل الصحابة والتابعين" ونحو هذا.

ترتيب المدارك وتقريب المسالك (١/١٧١)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال عنه الإمام أحمد بن حنبل (ت.٢٤١هـ) -رحمه الله-: "ما رأى يحيى بن يحيى مثل نفسه، وما رأى الناس مثله" (إكمال تهذيب الكمال)، وقال أيضاً: "ما أخرجت خراسان بعد ابن المبارك مثل يحيى بن يحيى" (مغاني الأخبار).

وقال عنه الإمام إسحاق بن راهويه (ت.٢٣٨هـ) -رحمه الله-: "مات يوم ماتَ وهو إمام أهل الدنيا" (التكميل).

وقال عنه الإمام محمد بن يحيى الذهلي (ت.٢٥٨هـ) -رحمه الله-: "ما رأيت أحداً أجل ولا أخوف لربه من يحيى بن يحيى"، وقال أيضاً: "لو شئت لقلت هو رأس المحدثين في الصدق" (تاريخ الإسلام).

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

ينشد الإمام محمد بن وضّاح القرطبي بعض أبيات شعراء البصرة في هجاء أبي حنيفة وصاحبه زفر بن الهذيل


روى ابن عبد البر القرطبي (ت.٤٦٣هـ) في كتابه "جامع بيان العلم وفضله" (٢/٨٩٧)، قال:

١٦٨٣ - أنشدنا أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان [(ت.٣٩٥هـ) -رحمه الله-]، قال: أنشدنا أبو محمد قاسم بن أصبغ [(ت.٣٤٠هـ) -رحمه الله-]، قال: أنشدنا محمد بن وضاح [(ت.٢٨٧هـ) -رحمه الله-] ببغداد على باب أبي مسلم الكَشِّيّ، قال: قال لي غلام خليل: أنشدني بعض البصريين لبعض شعرائهم يهجو أبا حنيفة وزُفَرَ بن الهُذيل:

[البحر الكامل]

إِنْ كُنْتِ كَاذِبَةً بِمَا حَدَّثْتِنِي ... فَعَلَيْكِ إِثْمُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ زُفَرِ

الْوَاثِبِينَ عَلَى الْقِيَاسِ تَعَدِّياً ... وَالنَّاكِبِينَ عَنِ الطَّرِيقَةِ وَالْأَثَرِ

خَلَتِ الْبِلَادُ فَارْتَعُوا فِي رَحْبِهَا ... ظَهَرَ الْفَسَادُ وَلَا سَبِيلَ إِلَى الْغِيَرِ".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلت: إن هذه الأبيات الجميلة قد لفتت نظري لأنها أولاً تصف طريقة أهل الرأي بترك الأثر وطريقة السلف والوثوب على القياس، وثانياً لما فيها من ذكر سبب انتشار فقه أهل الرأي وهو خلو البلاد من أهل الأثر.

وفي إسناد تلك الأبيات فائدة لا تقل أهميتها عن أهمية مضمونها، وهي أن تلك الأبيات يرويها ثلاثة من أئمة أهل السنة في الأندلس، وهم كبار أئمة مالكية في زمانهم:
- محمد بن وضاح القرطبي تلميذ يحيى بن يحيى الليثي، وسحنون، وعبد الملك بن حبيب، ويحيى بن معين وغيرهم
- ثم تلميذه وتلميذ بقي بن مخلد أبو محمد قاسم بن أصبغ إمام الأندلس ومحدثها
- ثم تلميذه أبو القاسم عبد الوارث بن سفيان بن جُبروت -رحمهم الله-.
وهؤلاء الثلاثة يروون تلك الأبيات بغير نكير مقرين لها حتى يأتي ابن عبد البر الجهمي ويتعقبها بدفاع عن أبي حنيفة متجاهلاً كلام السلف فيه ومتبعاً لهواه كعادته، والله المستعان.

#ذم_الرأي

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

تقولون ربيعةُ الرأي! لا، والله ما رأيتُ أحداً أحوطَ لسنة منه


قال أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفارسي الفسوي (ت.٢٧٧هـ) -رحمه الله- في كتابه "المعرفة والتاريخ" (١/٦٧٢):

حدثنا إبراهيم، حدثني ابن وهب، حدثني عبد العزيز بن أبي سلمة [بن الماجشون الإمام، فقيه المدينة (ت.١٦٤هـ) -رحمه الله-]، قال: "لما جئتُ العراق جاءني أهل العراق، فقالوا: حدثْنا عن ربيعةِ الرأي.

قال: "قلتُ: يا أهل العراق، تقولون ربيعةُ الرأي! لا، والله ما رأيتُ أحداً أحوطَ لسنة منه".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انظر ترجمة ربيعة هاهنا (رقم ٢)

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

فائدة عزيزة: رواية محمد بن الحسن الشيباني الجهمي لموطإ الإمام مالك -رحمه الله- وما فيها من المساوئ مما أدى إلى عدم اعتمادها.

الجهمية لا يؤتمنون على علم السلف.

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

عدة المستحاضة سنة


روى مالك (ت.١٧٩هـ) -رحمه الله- في "موطئه" (٢/٥٨٣) عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: "عدة المستحاضة سنة".

وأخرجه كذلك أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي (ت.٢٥٥هـ) -رحمه الله- في "سننه" (١/٦٠٢)، قال: أخبرنا عبد الله بن مسلمة، قال: سئل مالك عن عِدة المستحاضة إذا طُلقت، فحدثنا مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: "عِدتها سنة".
وزاد أبو محمد الدارمي، قال: "هو قول مالك".

انظر أيضاً: ما جاء في طلاق السنة

#فقهيات_مدنية
#كتاب_الطلاق

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

كراهية النفخ في الطعام والشراب


روى الإمام مالك في "موطئه" (٢/٩٢٥) تحت باب "النهي عن الشراب في آنية الفضة، والنفخ في الشراب" عن أيوب بن حبيب مولى سعد بن أبي وقاص، عن أبي المثنى الجهني، أنه قال: "كنت عند مروان بن الحكم، فدخل عليه أبو سعيد الخدري، فقال له مروان بن الحكم: أسمعتَ من رسول الله ﷺ أنه نهى عن النفخ في الشراب؟
فقال له أبو سعيد: نعم.
فقال له رجل: يا رسول الله، إني لا أروى من نفس واحد.
فقال له رسول الله ﷺ: فأَبِنِ القَدَحَ عن فيك، ثم تنفّسْ.
قال: فإني أرى القذاةَ فيه.
قال: فأهرِقْه".

قال ابن أبي شيبة في "مصنفه" (٥/١٠٧): ٢٤١٧٧ - حدثنا أبو الأحوص، عن سِمَاك [الكوفي (ت.١٢٣هـ) -رحمه الله-]، قال: كنت في مجلس الأنصار فأتى بعضُهم بشراب، فلما أراد أن يشرب نفخ فيه، فقال بعض القوم: مهلاً، فإن رسول الله ﷺ كان ينهى عنه".

وقال: ٢٤١٧٩ - حدثنا عبد الله بن المبارك، عن يونس، عن الزهري [(ت.١٢٥هـ) -رحمه الله-]، قال: "نهى رسول الله ﷺ عن النفخ في الطعام والشراب".
قال [ابن شهاب]: ولم أَرَ أحداً أشدَّ في ذلك من عمرَ بن عبدِ العزيز.

وقال: ٢٤١٨٠ - ححدثنا ابن عيينة، عن عبد الكريم، عن عكرمة، عن ابن عباس -رضي الله عنهما-، أن النبي ﷺ نهى أن يُتنفس في الإناء، وأن يُنفَخ فيه".

انظر بقية الآثار تحت باب "من كره النفخ في الطعام والشراب".

وقال عبد الرزاق الصنعاني في "مصنفه" (٢/١٨٨): ٣٠١٦ - عن معمر، عن يحيى بن أبي كثير [(ت.١٢٩هـ) -رحمه الله-]، قال: "ثلاث نفخات يُكرَهن: حيث يسجد، ونفخةٌ في الشراب، ونفخة في الطعام".

قال محمد بن أحمد العتبي (ت.٢٥٥هـ) -رحمه الله- في "العتبية" (البيان والتحصيل ١٧/١٧٢): "وسئل مالك عن النفخ في الطعام أتكرهه كما تكره النفخ في الشراب؟
قال: نعم هو مكروه".

وقال ابن يونس الصقلي (ت.٤٥١هـ) في "الجامع لمسائل المدونة والمختلطة" (٢٤/١٦٥): "قال مالك: ويكره النفخ في الشراب والطعام جميعاً".

#فقهيات_مدنية
#كتاب_صفة_النبي_ﷺ

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

لا بأس بالانتعال قائماً


قال إسحاق بن راهويه (ت.٢٣٨هـ) -رحمه الله- في "مسنده" (٣/٩٢٣): أخبرنا عبيد الله بن موسى، نا إسرائيل، عن عبد الله، عن عائشة، قالت: "انتعل رسول الله ﷺ قائماً وقاعداً، وشرب قائماً وقاعداً، وانفتل عن يمينه وشماله".

وقال أبو بكر ابن أبي شيبة (ت.٢٣٥هـ) -رحمه الله- في "مصنفه" (٥/١٧٦): بلّغني حفص، عن الأعمش، قال: "بلغنا أن عليًّا انتعل قائماً".

وقال: حدثنا معاذ، عن ابن عون، قال: "ذُكر عند محمد [بن سيرين] انتعال الرجل قائماً، قال: لا أعلم به بأساً".

وقال محمد بن أحمد العتبي (ت.٢٥٥هـ) -رحمه الله- في"العتبية" (البيان والتحصيل ١٨/٥٠): "وسئل مالك عن الانتعال قائماً فقال: لا بأس بذلك".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما ما ورد في النهي عن الانتعال قائماً فضعيف لا تقوم به حجة مثل أحاديث النهي عن الشرب قائماً.

قال أبو بكر الْخلَّال: كَتب إلي يوسفُ بنُ عبدِ الله، حدثنا الحسينُ بنُ علي بنِ الحسن، أنه سأل أبا عبد الله [أحمد بن حنبل] عن الانتعال قائماً، قال: لا يثبت فيه شيء. (الآداب الشرعية ٣/٥٤٣).

انظر أيضاً: فائدة في حجية عمل الصحابة لدى السلف

#فقهيات_مدنية
#كتاب_الجامع

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

قال أبو عمر [ابن عبد البر]: كان عمر -رضي الله عنه- يرى الإفراد ويميل إليه ويستحبه.
فلا يرى أن يقرن الحج مع العمرة، وإن كان ذلك عنده جائزاً؛ بدليل حديث الصبي بن معبد، إذ قرن وسأله عن القران، وذكر له إنكار سليمان بن ربيعة، وزيد بن صوحان لتلبيته بالحج والعمرة معاً.
فقال له: هديتَ لسنة نبيك.
فهذا بين له أن القران عنده سنة، ولكنه استحب الإفراد؛ لأنه إذا أفرد الحج ثم قصد البيت مِن قابِل العمرة أو قبلها - في عامه من بلده أو من مكة في غير أشهر الحج - كان عملُه وتعبُه ونفقتُه أكثر.
ولهذا لم يكن يستحب العمرة في أشهر الحج، ولا استحب التمتع بالعمرة إلى الحج، كل ذلك حرصٌ منه على زيارة البيت وعلى كثرة العمل؛ لأن من أفرد عمرته من حجه كان أكثر عملاً من القارن، ومن كان أكثر عملاً كان أكثر أجراً إن شاء الله، أو لِمَا أَعلمَ اللهُ -عز وجل- من استحبابه الإفراد.
ولعله كان يعتقد أن رسول الله ﷺ كان مفرِداً في حجته، فمال إلى ذلك واستحبه.

ولقد روي عنه أنه قال في قول الله -عز وجل-: {وأتموا الحج والعمرة لله} [البقرة : ١٣٦] قال: إتمامها: أن تفردها وتفرد الحج.

ولا أعلم أحداً من السلف روي ذلك عنه غيرَه إلا طاوساً".

ثم قال: "ذكر عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن سالم، قال: سئل ابن عمر عن متعة الحج، فأمر بها. فقيل له: إنك تخالف أباك. فقال: إن عمر لم يقل الذي تقولون، إنما قال عمر: أفردوا الحج من العمرة، فإنه أتم للحج، وأتم للعمرة".

وقال: "وأخبرني ابن التيمي، عن القاسم بن الفضل، قال: سمعت رجلاً قال: أنهى عمر عن متعة الحج؟ قال: لا، أَبَعْدَ كتاب الله!". اهـ

○ وهذه المناظرة التي وقعت بين عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وعروة بن الزبير -رحمه الله- يبترها الظاهرية أعداء السلف ولا يَروُون ردَّ عروة الذي حاجّ به ابنَ عباس ليُوهِم أتباعهم أن الحق في الاقتصار على ظواهر النصوص وإهمال فهم الشيخين وما سار عليه الناس في المدينة خاصة وفهم السلف عامة.
والظاهرية يرددون كثيراً ما نسبه شيخهم ابن تيمية لابن عباس -رضي الله عنه- في تلك المناظرة "يوشك أن تنزلَ عليكم حجارةٌ من السماء! أقول قال رسول الله ﷺ وتقولون قال أبو بكر وعمر؟"
وهذا اللفظ، في الحقيقة، لم يُروَ عن ابن عباس -رضي الله عنهما- ولعله من نقل ابن تيمية القصةَ بالمعنى لا باللفظ.
وهؤلاء المعاصرون المرددون لهذه الجملة يحسبون أنهم بها قد قضوا على فقه السلف، وهذا جهل منهم لأن الحق كان فيها مع عروة، لكنهم لا يعرفون ما رد به عروة لأن شيخهم -علاوة على روايته للقصة بالمعنى- قد رواها كذلك تارة غير مكتملة وتارة متغيرة السياق.

○ والذي ينبغي أن يفهم من هذه المناظرة أن عروة بن الزبير -رحمه الله- لم يعارض حديث رسول الله ﷺ بقول من دونه -حاشاه-، وإنهما عارض فهم ابن عباس -رضي الله عنهما- لحديث رسول الله ﷺ بفهم من هو أعلم منه بمعنى حديث رسول الله ﷺ.

○ ويجدر التنبيه ههنا إلى فائدة عزيزة وهي أن تلك الفتاوى التي صدرت من ابن عباس -رضي الله عنها- المخالفة لما كان عليه الجماعة كإيجابه للتمتع بالعمرة إلى الحج -كما سبق- وتجويزه أكل لحوم الحمير الأهلية ونكاح المتعة -وقد تراجع عن هذا الأخير والحمد لله-، وهو من أعلم الصحابة وأففههم، إنما صدرت منه لأنه فارق المدينة واستقر بمكة مستقلاًّ عنهم؛ وفي لزوم مذهب أهل المدينة عصمةٌ من مثل هذه الأراء الفردية ولزومُ أمر العامة، والله أعلم.

انظر أيضاً: العمل ناسخ وتقديم قول ابن عمر على قول غيره من الصحابة

#أصول_الفقه

Читать полностью…

رُكْنُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

لا يُعذر من أداه التأويل إلى كفر أو بدعة


قال الإمام أبو محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني (ت.٣٨٦هـ) -رحمه الله- في كتابه "الجامع في السنن والآداب والمغازي والتاريخ" (صـ١٢١):

"ومن قول أهل السنة: إنه لا يُعذَر من أدّاه اجتهادُه إلى بدعة؛ لأن الخوارج اجتهدوا في التأويل فلم يُعذروا إذ خرجوا بتأويلهم عن الصحابة، فسماهم -عليه السلام- مارقين من الدين، وجعل المجتهدَ في الأحكام مأجوراً وإن أخطأ".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وكذلك الجهمية ومنهم الأشاعرة أداهم اجتهادهم -زعموا- إلى تأويل الصفات على غير ما فسرها السلف، فأطبق المسلمون على تكفيرهم ولم يكن تأويلُهم عذراً يمنع من تنزيل الحكم عليهم.

قال الإمام أبو عيسى محمد بن عيسى بن سَورة الترمذي (ت.٢٧٩هـ) -رحمه الله- في "سننه" (صـ٢٢١-٢٢٢):

٦٦٩ - حدثنا ‌أَبو كُريب محمدُ بنُ العَلاء، قال: حدثنا ‌وكيع، قال: حدثنا ‌عَبَّادُ بنُ منصور، قال: حدثنا ‌القاسمُ بنُ محمد، قال: سمعتُ ‌أبا هريرةَ يقول: قال رسول الله ﷺ: «إن اللهَ يَقبَل الصدقةَ ويأْخذها بيمينه، فيُرَبِّيهَا لأحدكم كما يربّي أحدُكم مُهْرَهُ، حتى إن اللُّقمةَ لتصير مثلَ أُحُد، وتصديقُ ذلك في كتاب الله عز وجل: و{ألم يعلموا أن الله هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} [التوبة : ١٠٤]، و{يَمْحَقُ اللهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة : ٢٧٦]».

قال أبو عيسى: هذا حدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ نَحْوَ هَذَا.

وَقَدْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا يُشْبِهُ هَذَا مِنَ الرِّوَايَاتِ مِنَ الصِّفَاتِ وَنُزُولِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، قَالُوا: قَدْ ثَبَتَتِ الرِّوَايَاتُ فِي هَذَا، وَيُؤْمَنُ بِهَا وَلَا يُتَوَهَّمُ وَلَا يُقَالُ كَيْفَ.

هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، وَعَبْدِ الله بنِ المبارَك، أنهم قَالُوا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ: أَمِرُّوهَا بِلَا كَيْفٍ. وَهَكَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَأَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَأَنْكَرَتْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ وَقَالُوا: هَذَا تَشْبِيهٌ، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ الْيَدَ وَالسَّمْعَ وَالْبَصَرَ، فَتَأَوَّلَتِ الْجَهْمِيَّةُ هَذِهِ الْآيَاتِ فَفَسَّرُوهَا عَلَى غَيْرِ مَا فَسَّرَ أَهْلُ الْعِلْمِ، وَقَالُوا: إِنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقْ آدَمَ بِيَدِهِ، وَقَالُوا: إِنَّما مَعْنَى الْيَدِ هَهُنَا الْقُوَّةُ.

وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ: إِنَّمَا يَكُونُ التَّشْبِيهُ إِذَا قَالَ: يَدٌ كَيَدٍ أَوْ مِثْلُ يَدٍ، أَوْ سَمْعٌ كَسَمْعٍ أَوْ مِثْلُ سَمْعٍ، فَإِذَا قَالَ سَمْعٌ كَسَمْعٍ أَوْ مِثْلُ سَمْعٍ فَهَذَا التَّشْبِيهُ، وَأَمَّا إِذَا قَالَ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى: يَدٌ وَسَمْعٌ وَبَصَرٌ، وَلَا يَقُولُ كَيْفَ وَلَا يَقُولُ مِثْلُ سَمْعٍ وَلَا كَسَمْعٍ، فَهَذَا لَا يَكُونُ تَشْبِيهاً، وَهُوَ كَمَا قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى : ١١].

قَالَ الإمام أَبُو سَعِيدٍ عثمان بن سعيد الدارمي (ت.٢٨٠هـ) -رحمه الله- في كتابه "الرد على الجهمية" (صـ١٧٩):

"فهذه الأحادِيثُ قَدْ رُوِيَتْ، وَأَكْثَرُ، مِنْهَا مَا يُشْبِهُهَا، كُلُّهَا مُوَافِقَةٌ لِكِتَابِ اللَّهِ فِي الْإِيمَانِ بِكَلَامِ اللَّهِ، وَلَوْلَا مَا اخْتَرَعَ هَؤُلَاءِ الزَّائِغَةُ مِنْ هَذِهِ الْأُغْلُوطَاتِ وَالْمعَانِي يَرُدُّونَ بِهَا صِفَاتِ اللَّهِ، وَيُبَدِّلُونَ بِهَا كَلَامَهُ، لَكَانَ مَا ذَكَرَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِهِ كَافِيًا لِجَمِيعِ الْأُمَّةِ، مَعَ أَنَّهُ كَمَيْلٍ شَافٍ إِلَّا لِمُتَأَوِّلِ ضَلَالٍ، أَوْ مُتَّبِعِ رِيبة، فحين رأَينا ذلك أَلفنا هذه الآثار عن رسول الله ﷺ وأصحابه والتابعين من بعدهم، لِيَعْلَمَ من بقي من الناس أن من مضى من الأمة لم يزالوا يقولون في ذلك كما قال الله عز وجل، لا يعرفون له تأويلًا غيرَ ما يُتْلَى من ظاهره أنه كلام الرحمن تبارك وتعالى، حتى نَبَغَ هؤلاء الذين اقتربوا لرد كتاب الله عز وجل، وتعطيل كلامه وصفاته المقدسة بهذه الأُغلوطات التي لو ظهرت على عهد رسول الله ﷺ وأصحابه ما كان سبيل من يُظهِرُها بينهم إلا كسبيل أهل الردة".

Читать полностью…
Subscribe to a channel