حذف الواسطة
هو أسلوب معتمد في المغالطة والتشنيع، بالقفز إلى جانب ليس هو موضع نقاش ليحوَّر الكلام نحوه، وأمثلة هذا كثيرة، مثل من يرى ضعف حديث لعدم ثقته بأحد رواته في إسناده، فيكون الاعتراض: أترد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ رغم أنَّ الكلام في الراوي، لا النبي، لكن تُحذف هذه الواسطة في الحديث، كذلك الأمر في غير ذلك من القضايا، النقاش السياسي يحوَّر إلى التخوين، الحديث في الأخذ بالأسباب بالقفز إلى الإلحاد، حذف الواسطة هو نموذج الهروب التشنيعي عن نقاش القضايا.
تعرية الواقع جزء لا يتجزء من عمل المثقفين، بل ورسالة الفن، لا الترقيع، وهنا يبدأ صوت المتذمرين بأنَّ النقد يحسنه كل أحد، والدور على الحلول المطروحة، والبائس الذي يردد هذا يعتبر نفسه مؤهلًا لتلقي الحلول، متغافلًا عن سنوات عمره التي جمَّعت فيه كل معيقات الوعي السياسي من الأصل، وأنه ما دام ينفر عن فكرة النقد فهو بالضرورة ينفر عن أي مرونة تتعلق بدراسة الجدوى، والموازنة العقلية، والنقد لا يحسنه كل أحد بل ولا الأكثر، وبالمختصر كثيرون يفترضون أنهم جزء من الحل والواقع أنهم طرف في المشكلة.
Читать полностью…يمكن القول بأنَّ الذي أعطى العالم درس السِّياسة الحديثة هم الإنجليز، كثير من الدول التي مارست السياسة بعدهم إنما هم فرع عنهم، الولايات المتحدة الأمريكية ما هي إلا انشقاق واستقلال عنهم، حتى ألمانيا في الحرب العالمية الثانية كانت تكن الاحترام العميق للطريقة البريطانية، أولئك الذين وصفوا بالبرود، وعدم الانفعال، وصعوبة التنبؤ بمواقفهم، وقاعدتهم الدبلوماسية إنه يمكن إعطاء ما يحلو من الوعود، فالوضع يتغيّر فيما بعد.
Читать полностью…الموضوع فكرة!
أهم تنظير منتشر هذه الأيام مرتبط بهذا، أنَّ المسألة كلها (فكرة)، (وعي) ليس شيئًا ماديًا محسوسًا، إنْ قيل له ما الإنجاز السياسي؟ تفنن بالعبارات التي من خلاصتها نشرنا الوعي بقضيتنا، أعدنا تفعيل وإحياء الحديث فيها، لقد عاد الجوهر وهو بنظرهم (فكرة)، حتى تعريف الهزيمة قالوا هو (الاقتناع بالخسارة) ليست أي نتيجة على أرض الواقع بل (الاقتناع) إنه (الوعي)!
هو ما يجعله لا يراجع أي قناعة، لأنَّ الفكرة بنظره هي التي تغير النتائج، فالوقائع نفسها لا أهمية لها بل المحك يكمن بالقناعة أي: للفكرة، هذه المثالية الذاتية التي لا تحكم وعيًا جمعيًا فحسب بل تشكل نخبًا، حتى إنَّ حركات سياسية تقول نحن مجرد (فكرة) فمهما حدث بهم وبغيرهم لن يؤثر في التقييم لأن الموضوع بتقديرهم مختزل بأنه (فكرة).
حتمًا يختلف هؤلاء أنصار (الفكرة) عن الماديين الذين يرون النصر والهزيمة تابعًا لأرض الواقع الملموسة، ليست الحركات مجرد فكرة وإلا فلتحل نفسها وستبقى الفكرة، لا يوجد دولة عبارة عن (فكرة) ولا يوجد جيش هو فكرة، لم تتحرر أرض بالفكرة، ولا أكل جائع فكرة، هذا هو مختصر الخلاف في الرؤية بين المثاليين والماديين.
معارضة لا تكون في السُّلطة
جزءٌ أساسي مما يمنع على كثير من العرب التحليل السوي ويجعلهم منفصلين عن الواقع أنَّهم يدورون في فلَك مسلَّماتهم، وذلك أنَّهم يعتبرون بعض التوجهات تمثِّل المعارضة في بلدانهم، لا يتصورون أنها في غير مناطقهم تمثل الحُكم، ما يعتبره معارضة عنده، هو موالاة عند غيره، ما يعتبره صوت الرفض في مناطقهم، هو صوت القرار في غيرها، وذلك يكشف أنَّ هؤلاء ما تصوروا مفهوم (المعارضة) إلا على أنه شكل من التذمر، وتسجيل النقاط على الحكومة، لا أنَّ المعارضة هي حكم في شكل آخر، أنَّ المعارضة عندهم قد تكون حكمًا، وقرار يخضع للمساءلة، والتوجيه والنقد والتقييم بل وحتى الرفض في مناطق أخرى، ولذا فإنَّه لا يجد غضاضة من إظهار أسوأ صورة ممكنة لرجل الموالاة، والتسويغ بكل طريقة لمن يواليهم، ويرى بأنَّه لا يجري عليه ما يطالب به السلطة السياسية في بلده من حق النقد والمعارضة!
ما رأيك السِّياسي؟
-أحب، أكره، أرضى، أسخط، أفرح، أشمت، أحزن….
السؤال السياسي عن واقع موضوعي يدور حولك، لكنَّه لا يزال يُفهم بمعنى ما يدور فيك.
من ليس لديه معيار للفشل لا معيار لديه للنجاح، فمن يعرِّف (النَّصر) بأنَّه الثبات على المبدأ مثلًا ما اشتمَّ رائحة السِّياسة بأنفه، فيمكن على طريقته اعتبار ألمانيا انتصرت كون النظام السِّياسي حينها انتحر ولم يسلِّم، ولا وافق على التسليم بالواقع الجديد، وهكذا في كلِّ معركة لم يسلِّم فيها طرف، هؤلاء حسموا أمرهم مبكرًا سلفًا قبلَ أيِّ شاهد أو نتيجة، بأنَّ كلَّ من يؤيدونه منصور، وبالتالي فما يقولونه خارج البحث السِّياسي.
كمن يقول بأنَّ كل تاجر رابح ما التزم المبدأ، فالجميع يعلم أنه قد يخسر أمواله، وهذا معيار الفشل التجاري، لكنَّهم يغالطون في الكلمة فيقولون قصدنا الرِّبح الآخروي، وعلى هذا كان يمكنه أن يربح آخرويًا دون أن يكون تاجرًا أصلًا، من يحمل هذا المنطق عليه أن يعمل لآخرته، فقط، لأنه لا يعيش مع الناس في الدنيا بادعائه، يعيش ولا يعنيه ربح ولا تجارة ولا رقم ولا إنجاز، هؤلاء ما ظلمهم من قال لهم لا شأنَ لكم بالسِّياسة.
لا يمكن الفصل في هزيمة ١٩٦٧ بين أداء عبد الناصر في الحرب، وما سبق ذلك من إرسال قواته إلى اليمن، لا يمكن الفصل بينهما وتوزيع الموقف باعتبارات أخلاقية دون الربط بين الأمرين من حيث الواقع.
Читать полностью…الرأي السِّياسي يوصف بالصحة أو البطلان، لا أنَّه شجاع أو جبان، فتلك يوصف بها جندي يحكمه قرار سياسي، فيقول له: قاتل أو أمسك، وعند الهيجاء يقال هذا جندي شجاع وآخر جبان، فكما قيل: الرأي قبل شجاعة الشجعان، أما أن يأتي من هو عاجز تمامًا عن الرأي، معتبرًا أنَّ رأيه الذي هو مجرد ترديد لما سمعه شجاعًا ورأي غيره جبان فهؤلاء من إفرازات محاولات الظهور والتسلُّق على وضع قائم، وهم الذين أخذوا مجدهم في المرحلة السابقة ببث حماقاتهم باسم الرأي السِّياسي، وما لهم في السياسة أو الرأي فيها ناقة ولا جمل.
Читать полностью…غربيون شرقيون بأزمات وجودية
هناك قطاع ممن عاشوا بالغرب، درسوا فيه، ونالوا مجدهم الشخصي، وتبجحوا بنوعية شهاداتهم العليا، ثم دخلوا في أزماتهم الروحية والوجدانية، بحثًا عن تمسك بمفهوم للهوية، وقالوا إنهم متمسكون بقضايا المنطقة، مدافعون عن هويتها وهذا كله جيد، مارسوا السياسة بما يتعلق بحياتهم الشخصية، فزعوا إلى التقيِّة أحيانًا، والانغلاق الذهني لا الحس النقدي في أكثر الأحيان، وهم في رحلة الدراسة والحصول على الجنسية، والتمتع بميزات كل ذلك.
لكنَّ الشيء الملاحظ أنهم أعلى الناس سقفًا في آرائهم، ويتعاملون معها كرياضيات تجريدية، دون أي مراعاة واقعية للمنطقة في تحليلاتهم وشعاراتهم، تلك التي لا يسكنونها لكنها تسكن أشعارهم، أولئك الذين يقطِّعون الآيات تقطيعًا، لا يعبؤون بسياقها، فالمهم لديهم هو سياقهم، رغم أنَّ معرفتهم الدينية تقارب الصفر، وما يزيد عنه يدخل في الجهل المركَّب، لكنَّهم يزجون تحليلاتهم بكل ما علق في أذهانهم، ويسردون ذكر المقدِّسات كأنها تنقل هلوساتهم إلى التحليل المعصوم، فيفرغون في خطاباتهم بما تكدَّس من خطابات جمَّعها لا وعيهم عن الشرق.
هم ستالينيون فيما يتعلَّق بالأرقام البشرية، حلَّاجيون فيما يتعلق بجوابهم عن التحالفات وموازين القوى وما يعولون عليه، نيتشويون لا أخلاقيون حين يحاججون بجوانب أخلاقية في سياسة من ينافحون عنهم، كانطيون فيما يتعلق بضرورة الأخلاق الصارمة حين يتحدثون عن النظام العالمي وخصومهم.
لا يريدون سماع صوت يعدِّل عليهم، بل يريدون منبرًا ينظرُّون فيه على الناس في حديث نثري لا علاقة له إلا بالصور الأدبية والفنية، بأقل أزمة روحية يدخلون في نوبة يعلنون فيها على الملأ هواجسهم الانتحارية، فمعاناتهم يجب أن يضج لها الكون، وفي أقل أزمة تكون جوازات سفرهم تمائمهم الحامية لهم، إنهم جسم زائد على قضايا المنطقة، لكنَّهم يحبون ممارسة القيادة عن بعد، جنرالات يرسمون فقط الصور الكلية، لا تعنيهم التفاصيل، إنهم يشعرون أن أزماتهم الروحية، محل اهتمام الناس في المنطقة، رغم أنها لا تعني لهم أي شيء.
أين هي النخب؟
هكذا تسمع بعض الأسئلة الإنكارية، هو جاهل ويعترف بأنه جاهل، لكنَّه ينتظر النخب أن تتكلم، ولكنَّه بشرط، أن يكون هو الحكم على ما تتكلم به، فلن يقبل إلا أن تتكلم بما يرضيه، فلا تعرف لمَ هو العلم أو التعليم أصلًا إن كان الطبيب سيقول للمريض ما يعجبه، ما يحسه من نفسه، فيشخصه بناء على ما يرضيه، لا على ما يراه بعينيه، وإلا سحب المريض الاعتراف به! واتهمه بالسقوط والدناءة، هذه حال أولئك الذين يتكلمون عن النخب، لكنهم يريدون منها بيتًا حماسيًا، قصيدة من قبل البعثة لعنترة، بعض النثر الذي يجعله يشعر بأنَّ حماقته السياسية وفراغه سنينَ عمره لم يضع سدى، أما إن كان تحليلًا روعيت فيه الدقة والموضوعية، فينقلب ضد هؤلاء، ويلعنهم، ثم يعود إلى عمله اليومي وارتزاقه العادي كأنَّ شيئًا لا يعنيه.
"كل موجة عارمة للثورة، بقدر ما تدفع الجماهير غير المتمرسة بعد إلى النضال، ترفع إلى القمة أبطال اللحظة، أبطالًا معمية عيونهم بتألقهم وسطوعهم الشخصي".
(حياتي، ليون تروتسكي، ترجمة: أشرف عمر، روافد للنشر والتوزيع، القاهرة، ٢٠١٩، ج١، ص502.)
تذكرون الضجة التي حدثت على المهرجانات في مصر، حين وقف هاني شاكر وتحدث عن انحطاط الذائقة الفنية فيها، ومع ذلك ففي كل سنة يتجدد الجدل حول المولد النبوي، مؤخرًا شيخ الأزهر قال لا تفضيل بين رسالات الله، لا أعلم إن كان يريد أن يملأ السنة كلها بالاحتفالات بأعياد ميلاد الأنبياء نبيًا نبيًا، ومع ذلك فما نشاهده من مقاطع (الاحتفال) بالمولد لا يفترق بقدر كبير عما قدَّمه بيكا ورفاقه، حتى السيوف التي ترمز في مهرجانات بيكا للبلطجة، تخرج ويلوِّح بها المحتفلون في المولد، مع هز الرأس والضجيج الموسيقي، لكن بيكا لا بواكي له.
Читать полностью…"ثمَّة مثل عربي يقول: (سبق السيف العذَل)، وينطبق هذا المثل على سلوك صدام حسين خلال أزمة الخليج، عندما اختبر قواته في مواجهة العالَم بأسره، وظلَّ لعدة شهور يستحوذ على المبادرة في حرب الكلام وحرب الأعصاب، وكانت إذاعة بغداد تبدأ في الغالِب بثها بعبارات من نوع: (إنَّ رئيسنا يصنع مرة أخرى العناوين) وهكذا كان الإعلام الحكومي يقدِّم صدّام كبطل عربي أصيل وبارع في فن الخداع كما في فن البلاغة أي: القدرة الفائقة على الخطابة.
وجذرها اللغوي الثلاثي هو: بلغ، الذي تشتق منه كلمات ومعانٍ كثيرة مثل بلوغ الرجل أي نضجه الجسدي، وهكذا فالقدرة على البلاغة والخطابة صورة أخرى قريبة من صورة الرُّجولية المثالية، وفي الوقت نفسه تشتق من هذه الكلمة مفردة أخرى تعني المبالغة أو المغالاة في التصوير أو التعبير أثناء الكلام، وعلى هذا فإنَّ البلاغة أو المبالغة مشتقتان من جذر واحد وتستعملان كوسيلتين لتحقيق نتائج سياسية، وتنطبق هذه المقاربة والمعاني على أسلوب صدام حسين وسلوكه بدرجة كبيرة.
….حتى عندما قرَّر صدَّام حسين الانسحاب من الكويت استعمل خطابًا بلاغيًا ينسجم مع قواعد الخطابة والفصيحة عند العرب، إذ تضمَّن حديثه للشعب يومذاك آيات من القرآن، وأبياتًا من الشِّعر الكلاسيكي، محبوكة في بساط لغوي وكلامي معقد، لقد حاولتْ اللغةُ المستعملة في هذا الحديث إخفاء المضمون الحقيقي لها، وهو أنَّ العراق قد أذعن لشرط الحلفاء بالانسحاب من الكويت، أخفيت هذه الحقيقة المُرَّة وسط سيلٍ لاهبٍ من الكلمات البليغة في لغة عربية معقَّدة بغرض أن يكون عسيرًا على معظم العراقيين إدراك محتواها، وتعمَّد الذين كتبوا هذا النَّص أن يخلقوا في نفوس المواطنين انطباعًا بأنَّ الانسحاب ما هو إلا عملية إعادة تنظيم لتشكيلات الجيش العراقي إذ إنَّ (الحرب ستستمر حتى يتحقق النصر النهائي)".
(الإسلام وأوروبا تعايش أم مجابهة؟ إنجمار كارلسون، ترجمة: سمير بوتاني، صوت إسكندناڤيا، ص٢٩، ٣٠.)
كثيرون يعلنون عقائدهم، وأنَّ كل شيء يهون في سبيلها، وأنَّهم فيما دون ذلك قد يتسامحون، هذا تقريبًا يحفظونه حفظًا، فهم مستعدون لتقبل فكرة النقاش في كل ذلك، مع أشدِّ المخالفين، مع أعظم الموغلين بجحود كل ما يعتقدونه، لكنهم في الشِّق السِّياسي، لا يحتملون كلمة، وهذا يظهر أنهم وإن ادعوا خلاف ذلك فإنَّ آراءهم في خانة السياسة أهم لديهم من كل ما سبق.
Читать полностью…العمل الهائل
إن سألت (حزب التحرير) عما تفعلونه في جلسات السمر التي تعقدونها، تجد أنهم يسمونها باسم يوحي بالتخطيط الاستراتيجي لتغيير وجه العالم السياسي وهو العمل على إقامة دولة أكبر من حدود الاتحاد السوفيتي سابقًا، وتزيد على ما صنعه عبد الملك بن مروان.
هذه الحالة من تسمية جلسات توزيع الابتسامات، بالعمل لدولة، هي نفسها التي تطغى على كثير من الحالات اليوم، تسمية الأمور بغير اسمها أول أبواب تزييف الوعي، لسبب رئيس وهو أنها تغطي على حالة العجز وتزيفها مطلقة عليها وصف العمل، على هذا النحو انهمك العديد من نشطاء وسائل التواصل بتسمية نشاطاتهم (الاعتيادية) إلى أوصاف توحي بالمشاريع السياسية، وهي لا تعدو أن تكون حلقات تعبير عاطفي.
البطولات الفردية جهة مقابلة للسعي للخلاص الفردي، أما الرأي السِّياسي فهو عام، جماعي، وذلك لمحدودية دور الفرد في التاريخ.
Читать полностью…ما يكون شعبويًا يدور في فَلكين التمجيد التام أو الهجاء العام، مثل القول (لا حيٌّ ينازلنا)، أو (كلنا لصوص)، في الحالين لا توجد رؤية، والمهم هو النقد الواعي، فالأحداث السياسية لا ينبغي أن تمر دون قراءة ووعي، أما قصائد الفخر والهجاء فتلك دراما يمكن إحداثها في كل وقت.
Читать полностью…تغذية راجعة!
تفننت وسائل إعلام وفاقت في تلاعبها واستعمالها الأغاليط أزمانًا تلاعب فيها رجال دين بالجماهير، فمن ذلك أنهم تجرأوا على الإقدام على القول بأنَّ مجمل القذائف الساقطة على رؤوس الناس باعث على الأمل! لأنَّ هناك ٢٪ منها يبقى دون أن يدمر ما حوله.
وعادة ما تعتبر المخلفات الحربية في العَالم كارثة بعد الحروب، فكيف إن كان عددها كبيرًا وسط كثافة سكانية عالية، لكن من يهتم لهذا بعد أن تبنى أقوام بأنَّ الخصم يزودهم بما يحتاجون إليه، وأنَّ الشعب الأعزل عليه ألا ينتبه إلى ٩٨٪ مما يصيبه، فالعدو يخون نفسه ويعتبر جسرًا لوجستيًا عسكريًا إليهم، وسيعتمد من يتلقى ٩٨٪ من تلك القذائف على ما يلقى عليه مما حدث فيه خلل، ثم يخوض به الحروب!
كتب بيكون: "كان جوابًا وجيهًا ذلك الذي بدَر من رجل أطلعوه على صورة معلَّقة في بالمعبد لأناس دفعوا نذورهم ومن ثم نجوا من حطام سفينة عسان أن يعترف بقدرة الآلهة، فما كان جوابه إلا أن قال: حسنًا، ولكن أين صور أولئك الذين غرقوا بعد دفع النذور؟" كيف إن كانوا ٩٨٪؟
ويلخِّص هذه المغالطة في التفكير والدعاية فقال: “دأب الفهم البشري عندما يتبنى رأيًا سواء لأنه الرأي السائد أو لأنه يروق له ويسرُّه أن يقسر كل شيء عداه على أنه يؤيده ويتفق معه ورغم أنه قد تكون هناك شواهد أكثر عددًا وثقلًا تقف على النقيض".
في ٢٠١٧ تعرضت لأهم الأفكار التي شكلت المخيلة السياسية لمختلف الجماعات الإسلامية الفاعلة في أفغانستان ما بين (١٩٧٩-١٩٨٩) في كتاب (ماذا قيل يومًا في أفغانستان؟)، ومن أهمها:
١-عدم الاحتكام إلى النتائج (ص١٤).
٢-التشبع بنظرية المؤامرة (ص٢٩).
٣-التهيب من النقد (ص٣٦.)
٤-غياب الرَّقابة السِّياسية والاقتصادية (ص٤٢.)
٥-معضلة التصور والتعامل السني/الشيعي (ص٤٩.)
٦-الدَّعم المالي واستغلاله لمصادرة القرار (ص٥٣.)
٧-العسكرة والاستخفاف بالشِّق السياسي (ص٩١.)
٨-اعتبار القيادة تفرزها المعارك لا السِّياسة (ص٩٢.)
٩-استحضار قصة أصحاب الأخدود لمنع أي تحاكم للنتائج (ص١٢١).
ولا تزال هذه المحاور هي المفصلية في تشكيل طرائق التفكير، دون أدنى تقدم.
رابط الكتاب:
/channel/yousefsom/2037
الحروب ما هي إلا حصاد لما زُرع أوقات السِّلم، ويتناسب الاستعداد لها عكسيًا مع صراخ السِّياسي على المنابر!
Читать полностью…الجنرال الفقيه
مع محاولات التصدُّر في الأحداث السياسية، هناك فئة لا تستساغ، وهي التي يعبِّر عنها الجنرال الفقيه الذي يظن أنَّ له سهمًا في الشق السياسي، فخرج هؤلاء (حراس الفضيلة) ليضبطوا الإيقاع، أليسوا قد دُربوا طويلًا حتى يكونوا أوصياء على ما يقوله الناس؟
فهم يحسبون أنفسهم من يحدد ما يقوله النَّاس، من حيث هل هو وقت النقاشات السنية الشيعية؟ أو إظهار الخلافات العقدية، أو ما هو مداها؟ رغم أنَّه لا يد لهم في كل المسألة، فمن المعلوم أنَّ التقارب بين بعض الفصائل الفلسطينية وإيران كان قائمًا في مختلف الأوقات، عند اشتداد النزاعات في القنوات الفضائية، وحتى عند اشتعال القتال الطائفي في العراق، فكان سليماني الذي جاب العراق وسوريا هو نفسه الذي مدَّ يده لبعض الفصائل الفلسطينية، هل كان هذا نابعًا من تقارب مذهبي بتقديركم؟ وإن كان فلا يستطيع المرء تخمين ما المجازفات التي قد تلتزمونها وأنتم تضخمون دوركم، فهل كان تابعًا لكم؟
أم تظنون أنَّكم مثلًا لو أبرزتم أي خلاف عقدي أو حتى وصلتم به إلى أعلى مستوياته ستقلبون الكفة السياسية؟ وتغيرون بهذا مواقف سياسية وتعدلون شيئًا؟ أو حتى تؤثرون في مواقف الأحزاب اللاعبة؟ لا عزيز المستجدي للتصدُّر على الأحداث، فهذا أمر لم تشتر فيه ولم تُستأمر وأنت فيه حمل زائد، فلمَ تلبس ثوبًا واسعًا عليك؟ حتى إنَّ بعض أشد المتطرفين في مواقفهم، لا تجدون لمواقفهم أثرًا في التقارب مع إيران فدونكم أمير القرشي كان في بث أمس مع إيدي كوهين، رغم أنَّه لا حديث له سوى عن أبي بكر وعمر، فهونوا على أنفسكم ولا تبالغوا في شأنكم، فما لكم على أحد من سلطان وإن تظاهرتم.
وإن كان لكم من شيء فقد كان الأحرى بكم تقديمه على أرض الواقع في الملفات السياسية المعقدة بدل بث بعض المنشورات التي تظنون أنَّ بها قد دار التاريخ حولكم، حيث يحسب الواحد منكم أنه المايسترو الذي يقود المنطقة عبر أوامره العابرة للقارات سواء في إظهار الخلاف أو تقليله أو كتمه!
أولئك الذين لا يملكون القدرة على التحليل السِّياسي، يمتلئون بالجبن المتصنِّع بالشجاعة، فهم الذين يجعلون كل الهزائم مؤامرات سابقة، لا أخطاء من شخصيات غير مؤهلة، لا يريدون أي نقد فلما يقولون مؤامرة يقصدون بهذا أنه لم يكن هناك خطأ ذاتي، إنما قوة خارجية أرادت ذلك، هم أنفسهم من يهللون للحماقات باندفاع منقطع النظير.
Читать полностью…من أتفه الشخصيات التي فرضت على الناس إعلاميًا تميم البرغوثي، المدلل الذي لا يستطيع تصوُّر مأساة تفوق الصلاة على الإسفلت، وإن تعكَّر مزاجه، يجب أن يكون لديه تغطية إعلامية لمحاولة فاشلة في الانتحار، لا يعرف سوى الهذر في الحديث عن ممكناته الذهنية فقط، وفي الإمكان الواقعي هو مجرد راقصٍ على الشرايين النازفة.
Читать полностью…الخطاب المشيخي البائس تحول من حالة الهلوسة التي جعلته قبل سنة يصوِّر أنَّ تغيير النظام العالَمي قد انطلق مدفعه، وسيكون ذلك على كاهل بقعة لا تزيد في مشابهتها عن قرية في دولته، ثم انقلب على عقبيه ووجد أنَّ الأسهل عليه من تخطيء نفسه، ولوم جهله أن يجعل لنفسه مخرجًا بأن يصوَّرها مرة أخرى كجرعة رضى وعبرة لمن يعتبر!
فأضحى يشعر نفسه وغيره بأنهم مواطنون صالحون في دول رفاه اجتماعي لما يقارن نفسه بهؤلاء الذين ضرب بسيفهم، وتغنى باسمهم وقد صار يشهد تمزق خيامهم وما تبقى من مضاربهم، فإن اشتكى من انقطاع الكهرباء تذكرهم ففرح أن وجد الكهرباء في داره لدقائق، ثم إن جاع أبناؤه اطمأنَّ بأنَّ لديه أبناءً، إن وجد التعليم سيئًا قال يا لها غبطة فغيره لم يعد لديه مدرسة ولا جامعة!
إنهم قِطاع التصفيق للوضع القائم، والسعي لملء الفراغ في أذهان الغوغاء بأيِّ قمامة نثرية، مقابل إعجاب مستمع أجهل منهم، يريد أن يصغي لما يطربه لا لما يوقظه، بأن يجعلوا من حال واحدة ثورة على العالم، أو موعظة لمن يشكو الجوع وانعدام العلاج فيرضى بالنعيم الذي هو فيه.
” ما أجدرنا أن نستعير قول فوشيون من مجال الأخلاقيات إلى مجال الفكر : إذا ما غمرك الدهماء بالتأييد والإعجاب فتحسس أخطاءَك!".
(الأورجانون الجديد، فرانسيس بيكون، ص٦٩.)
هيا بنا نلعن الرأسمالية!
مع كل حدث يفاجئ الناس ينبعث الحنين الذي يرغب في إعادة الناس إلى مرحلة السيف والرمح والقرطاس، فيتعالى لعن الرأسمالية، تلك التي ينشر عبرها رأيه في منجز رأسمالي اسمه الإنترنت، ذلك الحنين لا يحمل سوى هموم كازينسكي الذي أراد تدمير المجتمع الصناعي، من كوخه غير المزود بالكهرباء، وقد يطرب الواحد منهم لكلاشنكوف لربما من باب إنتاجه في المرحلة الاشتراكية، لكنه يريد أن يتوقف العالم عند ذلك الحين.
الرأسمالية حتمية تاريخية، وهي نفسها التي لم يصمد في وجهها الآلات الإقطاعية، هذا هو التاريخ، وعليه الشواهد المتفرقة، كم من دولة بقيت من مرحلة الإقطاع؟ ولماذا؟ لا يريد أن يفسر، على أنَّ هذا الذي يظهر للناس اليوم هو نفسه الذي جرب مع آلة نابليون في مصر من قبل، ولكنَّ أقوامًا لم يعجبهم تهافت العالَم القديم أمام الجديد، ابتكروا عشرات التفاسير لذلك التاريخ، وكانت الغلبة للتفسير المؤامراتي الذي تحدث عن الدونمة وخططهم الجهنمية من أيام الأندلس مرورًا بالدولة التركية، فتلك الاستدارة التاريخية أقرب في نظرهم من رؤية تهافت آليات العالم القديم أمام ناظريهم.
الحكم العسكري فلسفة
من أنت للحديث في القائد الملهم؟ هل ستعلمه ما يقول؟ ثم هو في جبهة الصراع، ومعلوم لا يفتي قاعد لواحد ثانٍ، الجبهة تتنوع بحسب الرغبة، ما بين باردة وساخنة.
في ٢٠١٥ قرر البابا فرانسيس زيارة أفقر ثلاثة دول في أمريكا اللاتينية، وتصاعدت انتقادات البابا للفقر وما تفرزه الرأسمالية من تفاوت، ولما زار بوليفيا استقبله الرئيس البوليفي مورياليس وقدم له هدية متواضعة! [تمثال يسوع مصلوب على المنجل والمطرقة رمز الشيوعية] بما رسم على وجهه البابا هذه التعابير.
Читать полностью…