alkhotaba22 | Unsorted

Telegram-канал alkhotaba22 - مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

-

📡ألـشـبـكـة ألـدعــويــة ألـرائــدة، ألـمـتخـصـصـة بـالـخـطــب ألـمـنــبــريــه، والـمـحــاضــرات ألـمـؤثــره، والـبــعـض من ألــفتــاوى ألـديـنـيـــه، إذا أرت أي خطبه ألرجاء ألتواصل👈t.me/zakaryaa26 لحضه✋ من فضلك قبـل أن تغـادر ألقـناة 👈(إستغفـر ﷲ)🌷

Subscribe to a channel

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمينَ، أَغنانا بحلالِه عن حَرامِه، وكَفانا بفضلَه عَمَّنْ سِواه، وأَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له ولا نَعبدُ إلا إياه، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه ومُصطفاهُ، صَلى اللهُ عليهِ وعلى آلِه وأصحابِه ومن والاهُ، وسَلمَ تَسليماً كثيراً.

أمَّا بَعدُ: نحتاجُ اليومَ مَعَ غَلاءِ الأسعارِ إلى التاجرِ السَمْحِ، سَهلاً في بيعِه، لَيِّناً في شرائِه، وهذه من أسبابِ رحمةِ اللهِ -تعالى-، كما قالَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا سَمْحًا إِذَا بَاعَ، وَإِذَا اشْتَرَى وَإِذَا اقْتَضَى"، نحتاجُ من يَتجاوزُ عن الفقيرِ، ويُنظرُ المُعسرَ، فعن حُذيفةَ -رضيَ اللهُ عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أُتِيَ اللَّهُ بِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِهِ آتَاهُ اللَّهُ مَالاً، فَقَالَ لَهُ: مَاذَا عَمِلْتَ فِي الدُّنْيَا؟، قَالَ: (وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا)، قَالَ: يَا رَبِّ آتَيْتَنِي مَالَكَ فَكُنْتُ أُبَايِعُ النَّاسَ، وَكَانَ مِنْ خُلُقِي الْجَوَازُ فَكُنْتُ أَتَيَسَّرُ عَلَى الْمُوسِرِ، وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ، فَقَالَ اللَّهُ: أَنَا أَحَقُّ بِذَا مِنْكَ، تَجَاوَزُوا عَنْ عَبْدِي"، اللهُ أَكبرُ! شَيءٌ عَسيرٌ عَلى النَّفسِ، ولكنَّهُ يَسيرٌ على مَن يَسَّرهُ اللهُ لَهُ.

أين ذلك التَّاجرُ الذي قد فتحَ بابَه للناسِ؛ يُطعمُ مسكيناً، يُعطي فقيراً، يَكفلُ يتيماً، يُنظرُ مُعسراً، يُساعدُ مُحتاجاً، يُوظفُ عاطلاً، يُزوِّجُ أعزباً، يَقضي دَيْناً، يُعينُ أخرَقاً، يُغيثُ ملهوفاً، يَكشِفُ همَّاً، يَعولُ أُسرةً، ويُنَفِّسُ كُربةً، فهذا من أفضلِ الناسِ عندَ اللهِ -تعالى-، كما قالَ -عليه الصلاةُ والسلامُ-: "وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ، إِنَّمَا الدُّنْيَا لأَرْبَعَةِ نَفَرٍ: عَبْدٍ رَزَقَهُ اللهُ مَالاً وَعِلْمًا، فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ، وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ، وَيَعْلَمُ ِللهِ فِيهِ حَقًّا، فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ"، ومن كانَ هذا حالُه فإنه ممدوحٌ هو ومالُه على لسانِ رسولِ اللهِ -صلى اللهُ عليه وسلمَ- كما جاءَ في الحديثِ: "نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ"، فلا إلهَ إلا اللهُ، كَم مِن إنسانٍ كَانَ مَالُهُ هو سَببَ دُخولِهِ الجَنَّةِ!.

اللَّهُمَّ اكْفِنَا بِحَلالِكَ عَنْ حَرَامِكَ، وَأَغْنِنَا بِفَضْلِكَ عَمَّنْ سِوَاكَ
اللَّهُمَّ إنا نسألُك عَيْشاً قارّاً، ورِزقاً دارّاً، وعملاً بارّاً، اللَّهُم إِنَّا نسْألُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضبِ وَالرِّضَا، وَنسْألُكَ الْقَصدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَنسْألُكَ نَعيماً لا يَنْفَدُ، وَقُرًّةَ عَيْنٍ لا تَنْقَطِعُ، وَنسْألُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَنسْألُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَنسْألُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ، وَنسْألُكَ الشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةً، وَلا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الإِيمَانِ، وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ.

عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ رجال أمننا و جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

التجار والأسعار - الشيخ عبدالله الواكد

الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أيها الإخوة المسلمون: لا يزالُ الناسُ يتطاولونَ مع الأسعارِ، حتى انقطعَت أعناقُهم، وأُنهِكَتْ أجسادُهُم، وخَوتْ جيوبُهُم، فأنَّى وجَّهْتَ وجهَكَ في هذهِ البلادِ الطيبةِ، الكثيرةِ الخيرِ، الوافرةِ الأموالِ، الوارفةِ الظلالِ، وجَدْتَ في بعضِ أسواقِها جَشَعاً مُخيفاً، وغلاءً مُرهقاً.

أينَ التكافلُ وأينَ التسامُحُ الذي قالَ عنهُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "رحمَ اللهُ عبداً سمحاً إذا باعَ، سمحاً إذا اشترى، سمحاً إذا اقتضى"؟ رواهُ البخاريُّ.

بلغَ الغلاءُ بالناسِ مبلغاً مُنهكاً، ليسَ في هذهِ البلادِ فقط، بلْ في سائرِ بقاعِ الأرضِ، ولا بُدَّ للمِنبَرِ مِنْ وقفةٍ معَ هذهِ المسألةِ.

أيها المسلمون: لغلاءِ الأسعارِ حالتانِ: الحالةُ الأولى: وهوَ مذهبُ جماعةٍ من أهلِ العلمِ، أنهُ إذا كانتْ الزيادةُ في أسعارِ السلعِ ناتجةً عن قلةٍ في المجلوبِ، وزيادةٍ في المطلوبِ، فهذهِ الزيادةُ جائزةٌ، ولا حرجَ فيها، فقدْ روى الترمذيُّ عن أنسِ بنِ مالكٍ -رضي الله عنه- قالَ: غلا السعرُ على عهدِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فقالَ الناسُ: يا رسولَ اللهِ، غلا السعرُ؛ فسعِّرْ لنا. فقالَ رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "إنَّ اللهَ هوَ المسعِّرُ القابضُ الباسطُ الرازقُ، وإني لأرجو أنْ ألقى اللهَ وليسَ أحدٌ منكُم يطلُبُني في دمٍ ولا مالٍ" والحديثُ صححَهُ الترمذيُّ وابنُ حبان.

وأما الحالةُ الثانيةُ: فهيَ أنْ يكونَ ارتفاعُ الأسعارِ ناتجاً عن تواطُؤٍ أو استغلالٍ مِن أصحابِ السلعِ لحاجةِ الناسِ، فقالَ بعضُ أهلِ العلمِ: يجبُ على وليِّ الأمرِ أنْ يُسعِّرَ هذهِ السلعَ بالقدرِ الذي يحققُ المصلحةَ ويدفعُ الظلمَ، وحَمَلُوا حديثَ أنسٍ السابقِ، المانعِ مِن التسعيرِ، على الأحوالِ العاديةِ، التي يبيعُ فيها الناسُ سِلَعَهُم على الوجهِ المعروفِ، من غيرِ ظُلمٍ منهُم.

قال ابنُ العربيِّ المالكيِّ بعدَ ذكرِهِ لحديثِ أنسٍ -رضي الله عنه-، قال -رحمه الله-: وما قالَهُ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حقٌّ، وما فعلَهُ حُكمٌ، لكنْ على قومٍ صحَّ ثباتُهُم واستسلَمُوا إلى ربِّهِم، وأما قومٌ قصدُوا أكلَ أموالِ الناسِ والتضييقَ عليهِم فبابُ اللهِ أوسعُ، وحكمُهُ أمضى.

وقالَ ابنُ القيِّمِ -رحمَهُ اللهُ-: وأما التسعيرُ، فمنهُ ما هُوَ محرَّمٌ، ومنهُ ما هُوَ عدلٌ جائزٌ، فإذا تضمَّنَ التسعيرُ ظلمَ الناسِ، وإكراهَهُم بغيرِ حقٍّ على البيعِ بثمنٍ لا يرضَونَهُ، أو منْعَهُم مِمَّا أباحَ اللهُ لهُم، فهُوَ حرامٌ؛ وإذا تضمَّنَ التسعيرُ العدلَ بينَ الناسِ، ومَنْعَهُم مِمَّا يَحرُمُ عليهِم من أخذِ الزيادةِ، فهو جائزٌ، بل واجبٌ.

أيها الأحبةُ المسلمونَ: جاءَ الناسُ إلى إبراهيمَ بنِ أدهمَ وقالوا: غلا اللحمُ فسعِّرهُ لنا. فقالَ -رحِمَهُ اللهُ-: أرخِصُوه أنتم. سبحانَ اللهِ! نحنُ نشتكي لكَ يا بنَ أدهمَ غلاءَ السعرِ، نحنُ المستهلكينَ، ونحنُ المشترينَ، ونحنُ الذينَ رُفِعَتْ علينا الأسعارُ، نحنُ أصحابَ الحاجةِ، وتقولُ لنا: أرخِصُوه أنتم! وكيفَ نُرخِصُهُ يا أبا إسحاقَ؟ قال -رحمَهُ اللهُ-: لا تشتروهُ.

وعن رزينِ بنِ الأعرجِ مولى آلِ عباسٍ قالَ: غلا علينا الزبيبُ بمكةَ فكتَبْنَا إلى عليِّ بنِ أبي طالبٍ بالكوفةِ أن الزبيبَ قد غلا علينا، فقالَ -رضي الله عنه- أنْ أرخِصُوهُ بالتمرِ.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وبذا تنتهي فصول هذه القصة العجيبة من سيرة ذي القرنين، النموذج الصالح للحاكم الصالح، يُمكّنه الله في الأرض، ويُيسِّر له الأسباب، فينشر بها العدل، ويساعد المحتاجين ويدرأ عنهم العدوان، ويستخدم القوة في التعمير والإصلاح، ودفع العدوان وإحقاق الحق، ثم يُرْجع كل خير إلى رحمة الله وفضله، دون تكبُّر ولا غرور، أو تجبر وطغيان.

عباد الله: هذا السد القائم، بقوته النافذة، وطبيعته الصلبة، سيأتي عليه يوم قادم، يتحول ركاماً، ويدك دكاً (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) [الكهف:98]؛ ففي أشراط الساعة وأحداثها الكبرى وبعد خروج الدجال، ينزل عيسى ابن مريم -عليه السلام-، فيقتل الدجال.

وفي الحديث: "ويأتي قَوْماً قدْ عَصَمَهُمُ اللَّهُ من الدجال، فَيَمْسَحُ عن وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بدَرَجَاتِهِمْ في الجَنَّةِ، فَبيْنَما هو كَذلكَ إِذْ أَوْحَى اللَّهُ إلى عِيسَى: إنِّي قدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لا يُدَانِ لأَحَدٍ بقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إلى الطُّورِ –الجبل- وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ، فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ علَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ ما فِيهَا، وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فيَقولونَ: لقَدْ كانَ بهذِه مَرَّةً مَاءٌ، وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حتَّى يَكونَ رَأْسُ الثَّوْرِ لأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِن مِئَةِ دِينَارٍ لأَحَدِكُمُ اليَومَ.

فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فيُرْسِلُ اللَّهُ عليهمُ النَّغَفَ في رِقَابِهِمْ –وهو دود يكون في أنوف الإبل والغنم-؛ فيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى الأرْضِ، فلا يَجِدُونَ في الأرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إلى اللهِ، فيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ البُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا لا يَكُنُّ –أي لا يمنع من نزول الماء بيت- منه بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ، فَيَغْسِلُ الأرْضَ حتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَةِ –كالمرآة-.

ثُمَّ يُقَالُ لِلأَرْضِ: أَنْبِتي ثَمَرَتَكِ، وَرُدِّي بَرَكَتَكِ، فَيَومَئذٍ تَأْكُلُ العِصَابَةُ مِنَ الرُّمَّانَةِ، وَيَسْتَظِلُّونَ بقِحْفِهَا –أي قشرها-، وَيُبَارَكُ في الرِّسْلِ –أي اللبن-، حتَّى أنَّ اللِّقْحَةَ مِنَ الإبِلِ –وهي القريبة العهد بالولادة- لَتَكْفِي الفِئَامَ مِنَ النَّاسِ-أي الجماعة-، وَاللِّقْحَةَ مِنَ البَقَرِ لَتَكْفِي القَبِيلَةَ مِنَ النَّاسِ وَاللِّقْحَةَ مِنَ الغَنَمِ لَتَكْفِي الفَخِذَ مِنَ النَّاسِ –وهم الجماعة من الأقارب وهم دون البطن والقبيلة-" الحديث (رواه مسلم).

فاللهم إنا نسألك الثبات على الدين والهداية إلى صراطك المستقيم
أقول ما تسمعون وأستغفر الله لي ولكم.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:

عباد الله: يأجوج ومأجوج أُمَّة من بني آدم، لهم سمات البشر وصفاتهم، وأشكالهم وأحوالهم، قال ابن كثير: "والصحيح أنهم من بني آدم"، وقال: "ومن زعم أنهم على أشكال مختلفة، وأطوال متباينة جداً، فمنهم كالنخلة السحوق، ومنهم من هو في غاية القصر، ومنهم من يفترش أذناً ويتغطى بالأخرى، فكل هذه أقوال بلا دليل، ورجم بالغيب بغير برهان"(البداية والنهاية).

وبعد عباد الله: ومن الرجم بالغيب إتيان الكهان والعرافين ممن يدّعون الغيب وسؤالهم وتصديقهم، وفي الحديث: "من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه فيما يقول، فقد كفَر بما أُنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-"(رواه أبو داود)؛ فاحفظوا إيمانكم، وإياكم وما يخدش عقيدتكم؛ فهي أَنْفس ما تملكون، وتعاهدوا أبناءكم وبناتكم حَصِّنوهم باسم الله، واغرسوا فيهم التوكل على الله، ومَن يتوكل على الله فهو حسبه.

عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ".

اصْبِرْ لِكُلِّ مُصِيبَةٍ وَتَجَلَّدِ *** وَاعْلَمْ بِأَنَّ الْمَرْءَ غَيْرُ مُخَلَّدِ
وَإِذَا أَتَتْكَ مُصِيبَةٌ تَشْجَى بِهَا *** فَاذْكُرْ مُصَابَكَ بِالنَّبِيِّ مُحَمَّدِ

عباد الله : صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

الصبر

الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الْأَخْلَاقَ الطَّيِّبَةَ كَثِيرَةٌ وَلَكِنَّهَا تَتَفَاوَتُ فِي أَهَمِّيَّتِهَا وَفَضْلِهَا وَمَكَانَتِهَا، وَمِنْ أَجَلِّ الْأَخْلَاقِ وَأَعْلَاهَا شَأْنًا خُلُقُ الصَّبْرِ؛ فَهُوَ الْحَبْلُ الْقَوِيُّ الَّذِي مَنْ تَمَسَّكَ بِهِ ظَفِرَ وَمَنْ أَفْلَتَ يَدَهُ عَنْهُ خَسِرَ.

إِنِّي رَأَيْتُ وَفِي الْأَيَّامِ تَجْرِبَةٌ *** لِلصَّبْرِ عَاقِبَةً مَحْمُودَةَ الْأَثَرِ
وَقَلَّ مَنْ جَدَّ فِي أَمْرٍ تَطَلَّبَهُ *** فَاسْتَصْحَبَ الصَّبْرَ إِلَّا فَازَ بِالظَّفَرِ

فَلَوْلَا الصَّبْرُ لَغَرِقَ الْمَهْمُومُ فِي بُحُورِ هُمُومِهِ، وَلَغَشَتِ الْمَحْزُونَ سَحَائِبُ غُمُومِهِ؛ فَمَا أَعْطَى اللهُ -تَعَالَى- الْمُؤْمِنَ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ"، قَالَ الشَّيْخُ السَّعْدِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: "وَإِنَّمَا كَانَ الصَّبْرُ أَعْظَمَ الْعَطَايَا؛ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ أُمُورِ الْعَبْدِ وَكَمَالَاتِهِ، كُلُّ حَالَةٍ مِنْ أَحْوَالِهِ تَحْتَاجُ إِلَى صَبْرٍ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَحْتَاجُ إِلَى الصَّبْرِ عَلَى طَاعَةِ اللهِ حَتَّى يَقُومَ بِهَا وَيُؤَدِّيَهَا، وَإِلَى صَبْرٍ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ حَتَّى يَتْرُكَهَا للهِ، وَإِلَى صَبْرٍ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ الْمُؤْلِمَةِ فَلَا يَتَسَخَّطُهَا، بَلْ إِلَى صَبْرٍ عَلَى نِعَمِ اللهِ وَمَحْبُوبَاتِ النَّفْسِ، فَلَا يَدَعُ النَّفْسَ تَمْرَحُ وَتَفْرَحُ الْفَرَحَ الْمَذْمُومَ، بَلْ يَشْتَغِلُ بِشُكْرِ اللهِ، فَهُوَ فِي كُلِّ أَحْوَالِهِ يَحْتَاجُ إِلَى الصَّبْرِ وَبِالصَّبْرِ يُنَالُ الْفَلَاحُ".

وَالصَّبْرُ هُوَ: حَبْسُ النَّفْسِ عَلَى الطَّاعَةِ، وَكَفُّهَا عَنِ الْمَعْصَيِةَ وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ، وَالدَّوَامُ عَلَى ذَلِكَ؛ فَالْمُسْلِمُ يَحْبِسُ نَفْسَهُ عَنِ التَّسَخُّطِ بِالْمَقْدُورِ، وَيَحْبِسُ لِسَانَهُ عَنِ التَّشَكِّي، وَيَحْبِسُ جَوَارِحَهُ عَنِ الْوُقُوعِ فِي الْمَعَاصِي؛ كَلَطْمِ الْخُدُودِ، وَشَقِّ الْجُيوبِ، وَنَتْفِ الشَّعَرِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ.

عِبَادَ اللهِ: وَلِأَهَمِّيَّةِ الصَّبْرِ وَعُلُوِّ مَنْزِلَتِهِ؛ فَقَدْ ذَكَرَهُ اللهُ فِي كِتَابِهِ فِي تِسْعِينَ مَوْضِعًا؛ فَأَمَرَ بِهِ فَقَالَ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا)[آل عمران:200]، وَقَالَ -تَعَالَى-: (وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ)[البقرة:45].

وَجَعَلَ الْإِمَامَةَ فِي الدِّينِ مَوْرُوثَةً عَنِ الصَّبْرِ وَالْيَقِينِ فِي قَوْلِهِ؛ (وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ)[السجدة:24].

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ: وَإِنَّ أَعْظَمَ الْخَيْرِ فِي الصَّبْرِ: أَنَّ أَجْرَهُ لَا يُقَدَّرُ وَلَا يُحَدُّ؛ (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)[الزمر:10].

وَحِينَ يَفْرَحُ أُنَاسٌ بِمَا نَالُوهُ مِنْ مَتَاعٍ دُنْيَوِيٍّ زَائِلٍ، أَوْ تَحَقَّقَ لَهُمْ مَا تَمَنَّوْهُ، يَأْتِي فَلَاحُ الصَّابِرِينَ بِأَنَّ الْعَاقِبَةَ الْحَسَنَةَ، وَالْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ سَيَكُونُ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ؛ لِئَلَّا يَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ؛ فَقَدْ قَالَ اللهُ عَنْهُمْ:

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

أمَّا دمع العين والحزن فلا يُلام عليه العبد، ففي الحديث لما توفي إبراهيم ابن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "إنَّ العين لتدمع، وإنَّ القلب ليحزن، وإنَّا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون" رواه البخاري.

وللبخاري ومسلم، عن ابن مسعود مرفوعًا: "ليس منا من ضرب الخدود، وشق الجيوب، ودعا بدعوى الجاهلية".

بين -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الوعيد الشديد لمن وقع في الأمور التالية المنافية للصبر على أقدار الله، وهي:

أولاً: لطم الخدود: يعني عند المصيبة؛ جزعًا على الميت وتسخطًا.

ثانيًا: شق الجيوب: جرت عادة الجاهلية أنهم يشقون جيوبهم؛ جزعًا على الميت.

وخص لطم الخد وشق الجيب لأنه الغالب فعله عند الجاهلية، ولو فعل بباقي الجسد أو الثياب لدخل في النهي.

الثالث: الـدعاء بـدعوى الجاهلية: يعني ندب الميت والـدعاء بالويل والثبور، كقول: واويلاه، وانقطاع ظهراه.

وخص الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذه الأمور بالذكر؛ لأنها غالبًا ما تكون عند المصائب، وإلا فمثله كسر الأواني وتخريب الطعام، وهذه الأمور من الكبائر؛ لأنها مشتملة على التسخط على الرب، وعدم الصبر الواجب، والإِضرار بالنفس من لطم الوجه، وإتلاف المال بشق الثياب وتمزيقها، والدعاء بالويل والثبور، والتظلم من الله.

وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يُوافى به يوم القيامة" رواه الترمذي.

أيها المسلمون: إذا أراد الله -سبحانه- بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، كمرض أو موت ولد وغير ذلك؛ لأن العقوبات تُكَفِّر السيئات، فإذا تعجلت العقوبة وكفر الله بها عن العبد فإنَّه يُلاقي الله -سبحانه- وليس عليه ذنب، قد طهرته المصائب والبلايا حتى إنَّه ليُشدد على العبد عند موته؛ ليخرج من الدنيا نقيًا من الذنوب وهذه نعمة؛ لأن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة.

وفي الصحيح: "ولا يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة" فالمصائب نعمة؛ لأنها تكفر الذنوب، وتدعو إلى الصبر، فيثاب عليها، وتقتضي الإِنابة إلى الهم والذل له، والإِعراض عن الخلق، إلى غير ذلك من المصالح، إلا أن يدخل صاحبها بسببها في معاص أعظم مما كان قبل ذلك، فتكون شرًا عليه، من جهة ما أصابه في دينه، فهذه العافية خير له من جهة ما أورثته المصيبة، لا من جهة نفس المصيبة.

وإذا أراد الله -سبحانه- بعبده الشر ترك عقوبته في الدنيا؛ حتى يلاقي ربه يوم القيامة وهو مغمور بسيئاته، فيجازيه بما يستحقه من العذاب.

وتتنوع أحوال الناس عند المصيبة؛ فمنهم الراضي المحتسب، والساخط المتجزع، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله -تعالى- إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط" رواه الترمذي.

فمن رضي بما قدر الله عليه وقضاه من المصائب والبلايا رضي الله عنه جزاءً وفاقًا، وإذا رضي الله عن عبده حصل له كل خير، وسلم من كل شر.

ومن سخط بما قدر الله عليه وقضاه من المصائب والبلايا: سخط الله عليه، وكفى بذلك عقوبة. وفي الحديث إثبات صفتي الرضا والسخط لله -سبحانه- على ما يليق بجلاله وعظمته.

قال شيخ الإسلام: "العوارض والمحن كالحر والبرد، فإذا علم العبد أنه لا بد منهما لم يغضب لورودهما، ولم يغتم لذلك، ولم يحزن".

(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155 – 157]

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنَّ نبينا محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد: الواجب على المسلم عند المصائب أن يصبر ويحتسب، ويُحسن الظن بربه، ويرغب في ثوابه، ولا يتسخط ولا يجزع، بل يعلم أنَّ ما قدره الله عليه من المصائب كمرض، أو موت أحبة، أو تلف مال، أو استطالة الناس في عرضه، أو انقطاع شسع نعله.

بل حتى الشوكة تؤذيه وتألمه، فلله في ذلك حكم عظيمة هي: تكفير السيئات، ورفعة الدرجات، وزيادة الحسنات، وأنَّه سبب في دخول الجنة، كما قال تعالى: (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ) [المؤمنون: 111]

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

فإذا كان كذلك فلن يصِلَ أحدٌ إلى الجنَّة إلا بتقحُّم هذه المكارِه، وتجشُّم هذه الصِّعاب، مُتوكِّلاً على الله.

وإن من صِيانةِ النفسِ: البُعدَ عن المُثبِّطاتِ، ومُصاحبَة البطَّالين: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) [المائدة: 105].

وأكثرُ الناسِ صلاةً أشدُّهم ضبطًا لشَهَواته، ولا تغلِبُ الشَّهَوات إلا مع إضاعَةِ الصَّلوات: (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ) [مريم: 59].

والله تعالى يهَبُ الحكمةَ والثبات من تعوَّدَ الإحسانَ في شُؤونِه، وتمكَّن من ضبطِ نفسِه، وإحكامِ أمرِه، وتسديدِ خُطاه، وسارَ على الصِّراط المُستقيم، لا تهزِمُه وساوِسُ الشرِّ، ولا ترُدُّه عن غايتِه همَزَاتُ الشياطين، ومن أكثرَ العبادةَ في الخلَوات ثبَّتَه الله عند الشدائِد والمُدلهِمَّات.

ومن قولِ نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم-: "من خافَ أدلَجَ، ومن أدلَجَ بلغَ المنزِلَ، ألا إن سِلعةَ الله غالِيَة، ألا إن سِلعةَ الله الجنة". رواه الترمذيُّ بإسنادٍ صحيحٍ.

وفي زمنِ التقلُّباتِ والانتِكاسَاتِ ينبغي اللُّجوءُ إلى الله، ودعاؤُه والتضرُّع إليه: (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) [الأنفال: 24]. فاسألوا الله الثباتَ.

وكان أبو بكر الصِّدِّيقُ -رضي الله عنه- زمن المُرتدِّين يقنُتُ لنفسِه في صلاتِه فيتلُو: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 8].

اللهم يا مُقلِّبَ القلوب: ثبِّت قلوبَنا على دينِك، اللهم يا مُثبِّت القلوب: ثبِّت قلوبَنا على دينِك.

عباد الله : صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وقد قال الله تعالى لنبيِّه -صلى الله عليه وسلم-: (وَلَوْلَا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا) [الإسراء: 74].

ودعا إبراهيمُ -عليه السلام-: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ) [إبراهيم: 35]، ودعا يوسفُ ربَّه أن يصرِفَ عنه كيدَ النِّسوة.

عباد الله: وفي كتابِ ربِّنا وصفٌ للداء والدواء، وتوصيفٌ للمُتساقِطين من الضُّعفاء، وليس لأحدٍ أن يُلقِيَ التَّبِعةَ على غيره: (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) [آل عمران: 165].

فزيغُ الإنسان سببٌ لأن يُزيغَ الله قلبَه: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) [الصف: 5]، وانصِرافُه عن الخير سببٌ لصرفِ قلبِه: (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) [التوبة: 127]، والكِبرُ والإعراضُ مآلُه: (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا) [الأعراف: 146].

ومن قسَا قلبُه فما ذاك إلا بذنبِه وكسبِه: (كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) [المطففين: 14]، واتباع الهوى والتعلُّق بالدنيا سببٌ للضلال، وحِرمان العبد بركة العلم: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ * سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ * مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) [الأعراف: 175- 178].

إنسانٌ يُؤتيه الله آياتِه، ويخلعُ عليه من فضلِه، ويكسُوه من علمِه، ويُعطِيه الفُرصةَ كاملةً للهُدى والارتِفاع، لكنَّه يُعرِضُ عن هذا كلِّه فينسلِخُ من آيات الله، ويتجرَّدُ من الغِطاءِ الواقِي، والدِّرع الحامِي، وينحرِفُ عن الهُدى ليتبَع الهوى، ويهبِطُ من الأُفُق المُشرِق فيلتصِقُ بالطِّين المُعتِم.

فيُصبِحُ غرضًا للشيطان لا يَقِيه منه واقٍ ولا يحمِيه منه حامٍ، فيتبَعُه ويلزمُه ويستحوِذُ عليه، ثم إذا هو في هيئة الكلبِ يلهَثُ إن طُورِد، ويلهَثُ إن لم يُطارَد، يلهَثُ في كل أحوالِه.

عباد الله: لقد كان الأخيارُ والصالِحون أحرصَ ما يكونون على تفقُّد قلوبِهم وإصلاحِها، ذلك أن البرَّ والتقوى، والأُنسَ بالله، واللذَّةَ بمُناجاته، والإيمان واليقين، وكل أنواع الخير لا يُمكن أن تُوجَد إلا في القلوبِ الطاهِرة الزكيَّة، ولا يُمكن أن تسكُنَ قلبًا مُلوَّثًا بالظُّلُمات والآثام. لذا كان من دُعاء الخليل إبراهيم -عليه السلام-: (وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء: 87- 89].

ومن عدلِ الله: ألا يُضلَّ من أقبلَ إليه واتبَعَ هُداه، ولا ينتكِسُ العبدُ إلا بسببٍ منه وتقصيرٍ: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) [التوبة: 115].

إن الاستِهانةَ بالذنوبِ والمعاصِي سببٌ رئيسٌ للانتِكاسِ والهلاكِ: (وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ) [النور: 15]، وفي الحديث: "إياكُم ومُحقَّرات الذنوب؛ فإنهنَّ يجتمعن على الرَّجُل حتى يُهلِكنَه". أخرجه الإمام أحمد، والطبراني.

ومن أخطر المهالِك المُؤدِّية للانحِراف والنُّكوص: ذنوبُ الخلَوات يُذكِيها سهولةُ الوصولِ إلى الحرام، وقد كثُرَت طُرقاتُه، وانتشَرت قنواتُه، وتوافَرت بين أيدي الناسِ من الوسائلِ ما لا يزجُرُ عن إثمِها إلا خوفُ الله وتقواه.

وقد تُسهَّلُ للإنسان ذنوبُ الخلَوات لاختِبار إيمانِه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ) [المائدة: 94].

إن مزالِقَ الشهوات المُحرَّمة قد تبدأُ بنظرةٍ آثِمةٍ، أو فِكرةٍ طائشة، ثم لا تلبَثُ أن تستحكِمَ في القلب، فيضعُفُ بها الإيمان، وتهدمُ بُنيانَ العلم، وتُذهِبُ الورعَ، وتصُدُّ عن ذكرِ الله ومحبَّته والأُنس به، وتُورِثُ الوحشةَ من الصالِحين، والزُّهدَ في الطاعات.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وهاهم عباد الله المتقون، وحزبه المفلحون، يتوبون من ذنوبهم، ويأوبون إلى مولاهم، فيثني عليهم ربهم بقوله: (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) [الأعراف: 201].

عباد الله : صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

حرص السلف على الثبات وخوفهم من النفاق - الشيخ محمد المهنا

الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

أيها المسلمون: فمن أعظم الوصايا التي تحمّلها السابقون وتلقّاها اللاحقون؛ ما جاء في حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه- من خبره الصادق يوم أن شعر الصحابه الكرام بدنو أجل إمامهم -صلى الله عليه وسلم- فاستزادوه من العلم، وسألوه أن يمحِّض لهم النصح، فوعظهم وأرشدهم، وعلَّمهم بما علَّمه الله من علم الغيب، وأخبرهم بأن من عاش منهم فسيدرك الاختلاف والاختلال، والتفرق وسوء الحال، ثم أوصاهم تلك الوصية العظيمة الجامعة المانعة التي لا يوليها حقها إلا من عض بالنواجذ عليها، فقال: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي".

فمن كان ذلك الهديُ النبوي إمامَهُ فلا خوف عليه، ومن كان أولئك الرجال قدوتَه ودليل?ه لم يحتج بعدهم -بإذن الله- إلى هاد وقدوة ودليل.

ولذا كان ينبغي على المسلم أن يرفع همته، ويعلي إسناده، وأن يعلق قلبه بالله -عز وجل- وبسنة نبيه -صلى الله عليه وسلم-، ثم بالسلف الصالحين الذين امتدحهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنهم مضوا إلى ربهم على خير حال، وأحسن مثال، لا يُعرف عنهم في مجملهم بدعة ولا غواية ولا هوى، قال صلى الله عليه وسلم: "خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم".

ولقد علم أولئك الأخيار والمتقون الأبرار أن القلب قُلَّبٌ وأن الفتنة لاتؤمن على أحد بعد الخليلين -صلى الله عليهما وسلم-، وقد قال أولهما وهو إبراهيم: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) [إبراهيم: 35].

وقال الخليل الثاني محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو يناجي مولاه ويدعوه: "أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني، أنت الحي الذي لا يموت والإنس والجن يموتون" [متفق عليه].

فلما وقرت هذه الحقيقة في نفوس القوم اشتد خوفهم من الحور بعد الكور، ومن الغواية بعد الهداية، وأصبحوا يخافون على دينهم أشد الخوف، ويفرقون من انتكاس القلب، وسلب الإيمان، ويتراءون النفاق عدواً قريباً غادراً يوشك أن يوقع بهم، فعظم خوفهم وقلقهم منه؛ كما قال الإمام البخاري -رحمه الله-: "قال ابن أبي مُليكة -رحمه الله-: أدركتُ ثلاثين من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كلهم يخاف النفاق على نفسه".

وقال الجعد: "قلت لأبي رجاء العُطاردي: هل أدركتَ من أدركتَ من إصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يخافون النفاق؟ قال: "نعم شديدا، نعم شديدا، وإني أدركت منهم بحمد الله صدراً حسناً" وكان قد أدرك عمرَ -رضي الله عنه-.

بل إن عمر -رضي الله عنه- نفسَه، كان يسأل حذيفةَ صاحبَ سرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيقول: يا حذيفة هل عدّني -صلى الله عليه وسلم- من المنافقين؟

وعلى هذا المنهاج سار التابعون لهم بإحسان، هذا أحد ساداتهم وهو الحسن البصري -رحمه الله- يقول عن النفاق: "ما خافه إلا مؤمن وما أمِنه إلا منافق".

وعن المُعلَّى بن زياد قال: "سمعت الحسن -رحمه الله- يحلف في هذا المسجد بالله الذي لا إله إلا هو: ما مضى مؤمن قط ولا بقي إلا وهو من النفاق مشفِق" أي خائف.

وهذا صنوه الإمام الجليل محمد بن سيرين يصف حاله، فيقول: "ما عليَّ شيءٌ أخوفَ من هذه الآية: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ) [البقرة: 8].

وقال أيوب: "كل آية في القران فيها ذِكر النفاق فإني أخافها على نفسي".

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وهذا عبدُالله بن مسعود رضي الله عنه يَصدَحُ بالقرآن بجوار الكعبة مُتحدِّيًا صناديد قريش حتى أوجعوه ضربًا، وهو ماضٍ في قراءته يقرع آذانهم بآيات القرآن الكريم، وعندما أشفق عليه الصحابة رضوان الله عليهم قال لهم: "ما كان أعداءُ الله أهونَ عليَّ منهم الآن، ولئن شِئتم لأغادينَّهم بمثلها غدًا"، قالوا: "حسبُك، فقد أسمَعْتهم ما يكرهون".

وكان فروة بن عمرو الجذامي عاملًا للروم على الشام، وبعد ما رأى صبر المسلمين في مؤتة (3000 ضد 200000) أسلم؛ فحبسه الروم وخيروه بين الردة والقتل، فاختار القتل، فصلبوه وقتلوه على ماء في فلسطين يسمى عفراء.

ومما أخرجه البيهقي عن ثبات النساء ما جاء عن "الزِّنِّيرة" ومدى عذابها وصبرها في الله حتى أعتقها أبو بكر، قال البيهقي: فذهب بصرها وكانت ممن يعذَّب في الله على الإسلام، فتأبى إلا الإسلام، فقال المشركون: ما أصاب بصرَها إلا اللاتُ والعزى، فقالت: كلا والله ما هو كذلك، (وفي بعض الروايات: وما تدري اللات والعزى من يعبدهما، ولو شاء الله لردَّ عليَّ بصري)، فردَّ الله عليها بصرها".

وذكر ابن حجر رحمه الله في كتابه: "الإصابة": "أن عمر رضي الله عنه وجَّه جيشًا إلى الروم وفيهم عبدالله بن حذافة فأسروه، فقال له ملك الروم: تنصَّر أشركك في ملكي، فأبى، فأمر به فصُلب وأمر برميه بالسهام فلم يجزع، فأنزل وأمر بقدر فصب فيها الماء وأغلى عليه وأمر بإلقاء أسيرٍ فيها فإذا عظامه تلوح، فأمر بإلقائه إن لم يتنصر، فلما ذهبوا به بكى، قال: ردُّوه، فقال: لمَ بكيتَ؟ قال: تمنيت أن لي مائة نفس تُلقى هكذا في الله، فعجب فقال: قبِّل رأسي وأنا أخلي عنك، فقال: وعن جميع أسارى المسلمين؟ قال: نعم، فقبَّل رأسه، فخلى بينهم، فقدم بهم على عمر، فقام عمر فقبَّل رأسه".

فانظروا ماذا يصنع الإيمان، إذا رسخ الإيمان في القلوب هانت على صاحبه آلامُ الجسد إذا كانت من أجل الله تعالى.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم،
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه، إنَّه هو الغفور الرحيم. وأقم الصلاة.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى، وبعد:

أيها المسلمون، أما الإمام أحمد رحمه الله تعالى فإنه ثبت وابتُلي بلاءً شديدًا، فلقد سجن وكُبِّل بالأغلال وضُرب بالسياط حتى كان يغمى عليه، وطلاب العلم ينتظرونه في الخارج معهم الأقلام والأوراق ينتظرون ماذا سيقول في محنة خلق القرآن، فلم يبقَ في هذه المحنة إلا هو، فيقال له: أجِبْ، خذ بالرخصة، وقد ترخَّص خلق عظيم، وصار في حقهم في الحقيقة مسبَّة؛ ولذلك يجرح بعضهم نتيجة أنه أجاب بخلق القرآن، فيقال له: أجب، ارفع عن نفسك البلاء عند رخصة، فيقول: "أبدًا، إذا اتقى العالِمُ، متى يعرف الجهالُ الحقَّ؟"، أنا يمكن أن آخذ بالتقية وأجيب تقية، لكن الجهال متى يعرفون أن هذا الحق؟

فصبر وتحمل البلاء العظيم في هذه المحنة، حتى إنه قال لأحد منهم: اخرج إلى خارج الغرفة وانظر من يوجد في الخارج، فخرج فإذا بطلاب العلم ينتظرون ماذا سيقول الإمام أحمد، قال له: لم أجد إلا طلاب العلم، قال له: نعم يريدون أن يكتبوا ماذا سأقول.

والحمد لله أن الله تعالى ثبَّته رحمه الله ولم يكتب عنه إلا الحق في هذه المحنة، ولقِّب بإمام أهل السنة والجماعة.

وهذا أيضًا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ضرب مثلًا آخر في الثبات، فلقد ابتُلي بلاءً شديدًا نتيجة الوشاية به، لكنه صبر على ذلك كله وسُجن عدة مرات، بل توفي وهو في السجن، فلم يؤْثر عنه أنه تنازل أو أنه مال يمنة أو يسرة، بل كان رحمة الله تعالى عليه أعدلَ بأهل البدع من أنفسهم، لم يتجرأ عليهم ولم يستخدم نفس الأساليب التي استخدموها لا من قريب ولا من بعيد.

أيها المسلمون، إنَّ أمَّتنا الإسلامية -اليوم- أحوج ما تكون إلى وجود أهل الثبات على الحق؛ في زمنٍ اختلطت فيه المفاهيم، وضاعت الحقوق، وانتشر اليأس والتشاؤم، وضاع الإحسان بين الناس، وكثُرت الخيانة، والكذب والغدر... فحين تضيع المقدسات أو كادت... وحين ينتشر الظلم وتكثر المظالِم... وحين تفسد القيم والأخلاق الفاضلة... وحين ينحرف المجتمع عن الصراط المستقيم... وحين تغزونا الأفكار المسمومة والثقافات الغادِرة...كان لا بد من عودة أهل الثبات إلى دورهم، والقيام بالصفات المطلوبة منهم، كما بيَّنها القرآن الكريم والسُّنة المطهَّرة الشريفة.

فألِحُّوا على الله تعالى بالسؤال أن يربط على قلوبكم، ويثبتكم على دينكم؛ فالقلوب ضعيفة والشبهات خطافة، والشيطان قاعد لك بالمرصاد، والله عز وجل يثبِّت أهل الحق أمام ما يعرض لقلوبهم من أمراض الشبهات والشهوات، ولك فيمن تقدمك من المؤمنين أسوةٌ حسنة؛ فإن من دعائهم: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران: 8]، وما ذكره الله

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

الثبات على الحق - الشيخ محمد سويدان

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا.

أما بعد: أيها المسلمون عباد الله: إن الثبات على الحق هو من أبرز سمات أهل الحق، إن الثبات على الحق مطلبُ كلِّ مؤمن بالله رب العالمين، وهمُّ كل داعية، لا سيما في هذا الزمن الذي كثرت فيه الابتلاءات والفتن بكل أنواعها، وتنوعت وسائل الإضلال والإفساد والمحن، حتى أصبح القابض على دينه كالقابض الجمر، فأهل الحق هم أعظم الناس صبرًا على أقوالهم ومعتقداتهم.

وإن الثباتَ على الطريق، ولُزومَ الجادَّة، واتِّباع الصراط، والحذَرَ من اتِّباع السُّبُل - آيةُ رُشد المرء، وبُرهان نُضجه، ودليلُ سداد رأيه، وإن أرفعَ مراتبِ الثباتِ وأعلى درجاته - يا عباد الله -: ثباتُ القلب على الحق، واستقامتُه على الدين، وسلامتُه من التقلُّب.

وقد ذكر الله تعالى الثبات في القرآن الكريم عدَّة مرات، حيث أمر المؤمنين بأن يثبتوا في وجهِ عدوِّهم، ولا ينكصوا ولا يفرُّوا ولا يتقهقروا؛ فإن في ثباتِهم وصمودهم الفوزَ والتمكين والفلاح، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45].

وكذلك وضع الله تعالى شرطًا لتثبيت الله تعالى للمؤمنين بأن ينصروا الله تعالى في أنفسهم؛ فلا يعصوا له سبحانه أمرًا، ولا يحيدوا عن طريقه الذي ارتضاه لعباده، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7].

ولا يخفى على عاقل متدبر أثرُ قصص الثابتين على الحق في القلوب، وأن الله سبحانه قصَّ على رسوله صلى الله عليه وسلم وأمته من بعده في ثلث كتابه العظيم قصصًا مثبتةً للفؤاد، وموعظة بالغة، قال سبحانه وتعالى: ﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [هود: 120].

ومن ذلك ثبات سحَرةِ فرعون ﴿ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى ﴾ [طه: 71].

فكان جوابهم مثالًا في الثبات ﴿ قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾ [طه: 72].

وهذه أمُّ سلمة رضي الله عنها تحدِّث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه أن يقول: ((اللهم مقلبَ القلوب، ثبِّت قلبي على دينك))، قالت: قلت: يا رسول الله، وإنَّ القلوب لتتقلبُ؟! قال: ((نعم، ما خلق الله من بني آدم من بشر إلا إنَّ قلبه بين إصبعين من أصابع الله، فإن شاء الله عز وجل أقامه، وإن شاء الله أزاغه))؛ أخرجه أحمد في مسنده والترمذي في جامعه بإسناد صحيح.

وروى مسلم في صحيحه أن (عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((إِنَّ قُلُوبَ بَنِي آدَمَ كُلَّهَا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ كَقَلْبٍ وَاحِدٍ يُصَرِّفُهُ حَيْثُ يَشَاءُ))، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((اللَّهُمَّ مُصَرِّفَ الْقُلُوبِ صَرِّفْ قُلُوبَنَا عَلَى طَاعَتِكَ))، ويقول شداد بن أوس رضي الله عنه: "كان رسول الله يعلمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر، وأسألك عزيمة الرشد".

وفي سيرة النبي صلى الله عليه وسلم ثبات عجيب، وإصرار على تبليغ الدعوة، ومن سيرته يتعلم المؤمنون الثبات؛ ولهم في ثباته أسوة حسنة. فلقد آذي المشركون رسول الله وقتَلوا أصحابه فلم يتراجع عن دعوته، وساوموه فلم يتنازل عن شيء منها، وأغرَوه بما يغرى به الأكابر من الناس فما تزحزح عن موقفه، وكان ثابتًا ثبوتَ الجبال الرواسي، بل لو تزحزحت الجبال عن مقارها لما تزحزح عن دعوته.

ويشهد على ثباته صلى الله عليه وسلم رفضُه لما عرضه عليه رؤساء قريش ذات يوم عند ظهر الكعبة، فقالوا: "إن كنت إنما جئتَ بهذا الحديث تطلب به مالًا، جمعنا لك من أموالنا؛ حتى تكون أكثرنا مالًا، وإن كنت إنما تطلب به الشرف فينا، فنحن نُسَوِّدُك علينا، وإن كنت تريد به مُلكًا، ملَّكناك علينا، وإن كان هذا الذي يأتيك رئيًا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من الجن رئيًا - فربما كان ذلك، بذَلْنا لك أموالنا في طلب الطب لك؛ حتى نُبرئك منه أو نعذر فيك"، فقال لهم صلى الله عليه وسلم: ((مَا بِي مَا تَقُولُونَ، مَا جِئْتُكُمْ بِمَا جِئْتُكُمْ

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

قوائم اللستات الاسلامية 🌹👇
🔆 نَبــض الأمؔـــل
•| 🔘 @aes_a339e

🖱📋🖱
🔆 نبع الصور
•| 🔘 @speelta

🖱📋🖱
🔆 درر ابن القيم
•| 🔘 @Ibn_alqaim

🖱📋🖱
🔆 قدوتي الصحابيات
•| 🔘 @Featuredselections

🖱📋🖱
🔆 عبارات من ذهب
•| 🔘 @dfgbkh

🖱📋🖱
🔆 همسات لقلبك
•| 🔘 @aibnatAlislam7

🖱📋🖱
🔆 من كل بستان زهرة
•| 🔘 @mylivessss

🖱📋🖱
🔆 قطوف دانيه
•| 🔘 @yasamin00

🖱📋🖱
🔆 ֆ ﺣـالات ۄاتـښ اﭖ
•| 🔘 @gvgrdd

🖱📋🖱
🔆 جماليات المنشاوي
•| 🔘 @jmalyaat

🖱📋🖱
🔆 عفيفات بالنقاب
•| 🔘 @hamsatmnm

🖱📋🖱
🔆 أفكارأنثى عشرينيه
•| 🔘 @ra1ra2

🖱📋🖱
🔆 حكمه اليوم
•| 🔘 @Hkmatday

🖱📋🖱
🔆 البيت السعيد للمتزوجين
•| 🔘 @Albit_said99

🖱📋🖱
🔆 تقوى القلوب
•| 🔘 @Monothei

🖱📋🖱
🔆 صحيح البخاري ومسلم
•| 🔘 @Alb_khari

🖱📋🖱
🔆 درر السلف
•| 🔘 @grouo_dorar

🖱📋🖱
🔆 مختصر أسماء الله الحسنى :
•| 🔘 @alhusna99a

🖱📋🖱
🔆 بلغوا عني ولو آية
•| 🔘 @blioaneoloaia1111

🖱📋🖱
🔆 نصائح تخص القرآن
•| 🔘 @MemorizingthealQuran

🖱📋🖱
🔆 نصيحة صيدلانية
•| 🔘 @saidllany

🖱📋🖱
🔆 مـنبر الـخـطـباء
•| 🔘 @alkhotaba22

🖱📋🖱
🔆 فتاوى عامة لكل مسلم ومسلمة
•| 🔘 @Fawayid_wht77

🖱📋🖱
🔆 مكائد الشيطان
•| 🔘 @mkaad

🖱📋🖱
🔆 آلمشتآقون إلى آلجنة🧡
•| 🔘 @Smo126

🖱📋🖱
🔆 اتيتُ الى ارحم
•| 🔘 @RA12227

🖱📋🖱
🔆 لراحةبالك أدعيةوقصص
•| 🔘 @islamy77

🖱📋🖱
🔆 بالقرآن إهتديت
•| 🔘 @belkoran

🖱📋🖱
🔆 مما علمني الحب
•| 🔘 @konashtaljlal

🖱📋🖱
🔆 اجمل التلاوات والمحاضرات ️
•| 🔘 @noommaan

🖱📋🖱

🔆 بلسم
•| 🔘 @Pulse_33

🖱📋🖱
🔆 الدعوة إلى الله ‌ ️⁩
•| 🔘 @algrabaa

🖱📋🖱
🔆 الطريق إلى الله
•| 🔘 @Tthe_way_to_Allah

🖱📋🖱
🔆 لـ فقيدتي.
•| 🔘 @THANi11

🖱📋🖱
🔆 المصحف المرتل لأكثر القراء
•| 🔘 @ooooo1223456

🖱📋🖱
🔆 فوائد الفرائد
•| 🔘 @IiIslamic_KnowlegesIiI

🖱📋🖱
🔆 زاد القرآن الكريم.
•| 🔘 @Quranzad

🖱📋🖱
🔆 دواء الروح
•| 🔘 @re20sa

🖱📋🖱
🔆 دار نشر القرآن الكريم
•| 🔘 @honatrtahalqlob

🖱📋🖱
🔆 وما زلت أنا
•| 🔘 @rroohww

🖱📋🖱
🔆 الأُنس بالله جل جلاله
•| 🔘 @oonsb

🖱📋🖱
🔆 روائع التلاوات
•| 🔘 @quraanfamely

🖱📋🖱
🔆 حالات واتساب إسلامية
•| 🔘 @TuWats

🖱📋🖱
🔆 معاني غريب القران
•| 🔘 @Quran_wordss

🖱📋🖱
🔆 ⇣• مجالس التدبر •⇣
•| 🔘 @mgals

🖱📋🖱
🔆 الطريق إلى الجنة
•| 🔘 @thewaytoheaven111

🖱📋🖱
🔆 نصائح أسريه
•| 🔘 @FamilyTip

🖱📋🖱
🔆 معاً إلى الجنة
•| 🔘 @hodhod777777

🖱📋🖱
🔆 ملصقات اسلامية
•| 🔘 @newpicture19

🖱📋🖱
🔆 الدنيا ساعة
•| 🔘 @aldonuasaah11

🖱📋🖱
🔆 معلومات وخواطر
•| 🔘 @ma3lomatwa5awater

🖱📋🖱
🔆 الْخَيْرُ بَيْنَ يَدِيِّكَ
•| 🔘 @alhirbenedek

🖱📋🖱
🔆 سعادتي وراحة قلبي
•| 🔘 @saeadatqalbi

🖱📋🖱
🔆 تفسير السعدي رحمة الله
•| 🔘 @Fawayid_rgh52

🖱📋🖱
🔆 عبارات واقتباسات
•| 🔘 @httpjdk

🖱📋🖱
🔆 بدائع الصور والعبر
•| 🔘 @rawa3h

🖱📋🖱
🔆 هذا يقيني
•| 🔘 @yaqeeny

🖱📋🖱
🔆 حكم ومواعظ حياتيه
•| 🔘 @sob7ank

🖱📋🖱
🔆 قناة نصائح زوجية
•| 🔘 @Nasaih_wsari55

🖱📋🖱
🔆 شرح النووية :
•| 🔘 @annawawia40

🖱📋🖱

🔆 بذكر الله تطمئن القلوب
•| 🔘 @needyou_iq

🖱📋🖱
🔆 صلاتي نجاتي
•| 🔘 @Bnabad

🖱📋🖱
🔆 للفردوس نسعى
•| 🔘 @al_ferdaws

🖱📋🖱
🔆 نصائح🦠 طبية
•| 🔘 @Nsaih_sidlany33

🖱📋🖱
🔆 نصائح زوجية وأحكام أسريه🥀
•| 🔘 @Nsaih_asriftawa

🖱📋🖱
🔆 منشورات راقية
•| 🔘 @Girl_Creed

🖱📋🖱
🔆 القرآن حياة القلوب
•| 🔘 @talawat_12

🖱📋🖱
🔆 بذكر الله تطمئن القلوب
•| 🔘 @mydree

🖱📋🖱
🔆 رَفِيْقُ اَلْدَرْبِ
•| 🔘 @toheaven21

🖱📋🖱
🔆 .قطعة سكر .
•| 🔘 @cookies11

🖱📋🖱

☑للإشتراك في الليسته ↙️
@Alameen79thalofbot

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

اللحاق في شهر السباق.. رمضان موعدنا
أ زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
https://khutabaa.com/ar/article/%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%AD%D8%A7%D9%82-%D9%81%D9%8A-%D8%B4%D9%87%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%82-%D8%B1%D9%85%D8%B6%D8%A7%D9%86-%D9%85%D9%88%D8%B9%D8%AF%D9%86%D8%A7-2
#الخطيب

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

التاجر الصدوق الأمين - الشيخ هلال الهاجري

الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ تَعاظمَ ملكوتُه فاقتدرَ، وتَعالى جبروتُه فقهرَ، رفعَ وخفضَ وأعزَّ ونصرَ، وهو العليمُ بما بَطنَ وظهرَ، أحمدُه -سبحانَه- وأشكرُه، وأتوبُ إليه وأستغفرُه، أحلَّ الحلالَ وبيَّنَ طريقَه، وبالطيباتِ أمرَ، وحرَّمَ الحرامَ وأوضحَ سبيلَه، وعن الخبائثِ زَجرَ، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه، أرحمُ الخلقِ بالخلقِ، وأنصحُ الناسِ للناسِ، وأشفقُ العبادِ بالعبادِ، فصلى اللهُ وسلم َوباركَ عليه، وعلى آلِ بيتِه ذكوراً وإناثاً، وأصحابِه السادةِ الغُررِ، والتابعينَ ومن تبعَهم بإحسانٍ، ما ليلٌ أدبرَ، وصبحٌ أسفرَ، وأَذَّنَ مؤذنٌ اللهُ أكبرُ.

أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْواهُ، والتَّعَرُّضِ لِعَفْوِهِ ورِضَاهُ؛ (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)[التوبة: 119].

فمن أوائلِ الأحاديثِ التي سمعناها ونحنُ أطفالٌ، ولا أعلمُ لماذا لا يزالُ يدورُ في البالِ، لعلَّه لأنَّ الجميعَ كانَ يُردِّدُهُ، في المدرسةِ، وفي البيتِ، وفي المسجدِ، وفي خُطبةِ الجمعةِ، فَرَسخَ في الأذهانِ، وأصبحَ منهجَ حياةٍ عندَ أهلِ ذلكَ الزَّمانِ، فما هو الحديثُ؟، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ، فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا، فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا، فَقَالَ: "مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟"، قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: "أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ، مَنْ غَشَّ، فَلَيْسَ مِنِّي".

سُبحانَ اللهِ! طعامٌ مبلولٌ من ماءِ المطرِ، ليسَ فاسداً، وإلا لما جازَ بيعُه ولو كانَ فوقَ الطَّعامِ، أُمرَ صاحبُه أن يجعلَه فوقَ الجافِّ من الطَّعامِ حتى يراهُ المُشتري؛ فيكونُ على بصيرةٍ أن في الطَّعامِ مبلولٌ وجافٌّ، ولا يشعرُ المشتري بأي غِشٍّ أو استخفافٍ، فإذا كانَ الغِشُّ يقعُ في البَللِ والجَفافِ من طَعامٍ واحدٍ، في صُرةٍ واحدةٍ، من مزرعةٍ واحدةٍ، في جودةٍ واحدةٍ، فماذا عسى أن يُقالَ فيما يدورُ في أسواقِنا اليومَ من أحوالٍ؟!.

اليومَ نَحنُ في أَشدِّ الحاجةِ في أسواقِنا إلى التَّاجرِ الأمينِ الصادقِ، الذي قالَ فيه النبيُّ -عليه الصلاةُ والسلامُ-: "التَّاجِرُ الصَّدُوقُ الأَمِينُ مَعَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ"، وواللهِ إن الصدقَ في البيعِ والشراءِ من أعظمِ أسبابِ البركةِ في الرزقِ، كما جاءَ في الحديثِ: "الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا، وَإِنْ كَتَمَا وَكَذَبَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا"، فَإليكَ يَا مَن يَشتكي مِن قِلَّةِ البَركَةِ في مَالِهِ.

أَمرَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- مَولاهُ أن يَشتريَ له فَرساً، فاشترى له فَرسَاً بثلاثمائة درهمٍ، وجَاء به وبصاحبِه ليَنقُدَه الثمنَ، فَقالَ جَريرٌ لصاحبِ الفَرسِ: "فَرسُك خيرٌ من ثلاثمائة درهمٍ"، فقالَ البائعُ: أتشتريهُ بأربعمائةِ درهمٍ؟، قال له: "فَرسُك خيرٌ من ذلكَ"، فقالَ البائعُ: أتشتريهُ بخمسمائةِ درهمٍ؟، قال له: "فَرسُك خيرٌ من ذلكَ"، فما زالَ يزيدُ في السِّعرِ، وهو يقولُ له: "فَرسُك خيرٌ من ذلكَ"، حتى بلغَ ثمانمائة درهمٍ، فاشتراهُ بها، فَقيلَ له في ذلكَ فقالَ: "إني بايعتُ رسولَ اللهِ -صلى اللهُ عليهِ وسلمَ- على النُّصحِ لكلِّ مسلمٍ".

اللهُ أكبرُ! صدقَ واللهِ؛ "فَالدِّينُ النَّصِيحَةُ"، ودينُه أعظمُ عندَه من الدِّرهمِ والدِّينارِ، فما فائدةُ الرِّبحِ مع غضبِ العزيزِ الجبَّارِ؟، وكيفَ يرضى الخديعةَ لإخوانِه المسلمينَ الأبرارِ؟، أما سمعَ ذلكَ قولَ المصطفى المُختارِ -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- الكثيرُ المِدرارُ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ".

وكأني بكم تنظرونَ نظرَ المُستغربِ وتقولونَ: هل هذا حقيقةٌ أم خيالٌ؟! وهل هذا قد يقعُ من التَّاجرِ والدَّلَّالِ؟، فنقولُ: لا يَزالُ في النَّاسِ خيرٌ وعافيةٌ، ولا زالتْ بذرةُ الإيمانِ في القلوبِ باقيةٌ، ومن يعلمُ عاقبةَ الصِّدقِ، لا تخدعُه دنيا فانيةٌ؛ (قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[المائدة: 119].

أقولُ ما تَسمعونَ، وأستغفرُ اللهَ لي ولكم ولجميعِ المسلمينَ من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيمُ.

-------------------------------------------------

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

فيا أيها المسلمونَ: سلعةُ التجارِ عندَهُم، ونقودُ المستهلكينَ أيضاً عندَهُم، وكلٌّ عندَهُ مالُهُ، والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "البَيِّعانِ بالخيارِ ما لم يتفرقا"، فإذا علِمَ التجارُ أنهم إذا رفَعُوا السعرَ تركَهُم الناسُ، وتركُوا بِضَاعَتَهُم، أو استبدَلُوها بغيرِها، فلنْ يرفعوا السعرَ.

أيها الإخوة المؤمنون: قد يتضايقُ الناسُ منِ ارتفاعِ أسعارِ بعضِ السلعِ، ويصيبُ بعضَهُم الهمُّ والغمُّ، وقد يتصرفونَ سلباً، فيكون هؤلاءِ الناسُ هُمُ السببَ بارتفاعِ الأسعارِ.

نعم أيها المسلمونَ، سأُخْبِرُكُم كيفَ يكونُ ذلكَ: أرأيتُم حينَمَا تشُحُّ سلعةٌ في السوقِ، فهل يتركُها الناسُ حتى تتوفرَ وينخفضَ سعرُها؟ أيبحثونَ عن البدائلِ الموجودةِ؟ لا، إنما يذهبُ الجهلةُ الموسرونَ منهم، فيَحْمِلُونَ ما في السوقِ كُلِّهِ إلى بيوتِهِم، ويشترونَ بالكمياتِ، ويُخَزِّنُونَها، فيكونون عوناً لغلاءِ الأسعارِ على أنفُسِهِم.

ينبغي للناسِ أنْ يكونوا عقلاءَ، وعلى درجةٍ من الوعيِ والإدراكِ، وإذا كانَ التاجرُ يرفعُ سعرَ سلعتِهِ، وبدونِ مبررٍ لذلكَ، ولا يجدُ مَنْ يَكُفُّهُ ويردَعُهُ، فإنَّ هذا التاجرَ يُتركُ وسلعته.

ونحنُ -أيها المسلمون- قد أنعمَ اللهُ علينا، في هذهِ البلادِ، بأنْ جعلَ الأرزاقَ واسعةً، والسلعَ كثيرةً, فالبضائعُ تأتي إلينا من كلِّ مكانٍ، فإن ارتفعَ سعرُ سلعةٍ من السلعِ، فهناكَ سِلعٌ غيرُها، وقد تكونُ أفضلَ منها

أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: (وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [هود:6].

باركَ اللهُ لي ولكم بالقرآنِ العظيمِ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه؛ إنه هو الغفور الرحيم.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله وإحسانه وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:

أيها المسلمونَ: فلعلَّكُم تلاحظونَ أنهُ كُلَّما أسرفَ الناسُ في سلعةٍ من السِلعِ فإنَّ سعرَ هذه السلعةِ يرتفعُ دونَ غيرِها، فقدْ أسرفَ الناسُ في السياراتِ، وها هي -كما ترونَ- تجاوزَتِ الخيالَ في أسعارِها.

وأسرفَ الناسُ في البيوتِ والعُمرانِ، وها أنتم ترونَ أسعارَ العقارِ! وأسرفَ الناسُ في الأطعمةِ واللحومِ، وكلُّ يومٍ يمُرُّ وأسعارُ الأطعمةِ واللحومِ بازديادٍ. وأما السِلعُ التي لمْ يُسرِفِ الناسُ فيها فلم تتغيرْ أسعارُها.

واعلموا -أيها المسلمون- أن ما أصابَنا مِن غلاءٍ فبسببِ ذنوبِنا ومعاصِينا وإسرافِنا، وصدقَ اللهُ القائلُ: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى:30].

فاتقوا اللهَ يا عبادَ اللهِ، واشكروا نِعَمَهُ؛ لأنَّ النعمَ إذا شُكِرَتْ قرَّت، وإذا كُفِرَت فرَّت، يقولُ -تعالى-: (وَإِذْ تَاذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم:7].

عباد الله: وصلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)[الأحزاب: 56].
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ رجال أمننا و جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا يا رب العالمين

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد.
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين.
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين.
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ رجال أمننا و جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل.
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر.
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات.
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

يأجوج ومأجوج - الشيخ عمر الدهيشي

الخطبة الأولى:
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ تَعَالَى، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

عباد الله: مساق القصص القرآني يحمل في أحداثه وشخصياته حِكَمًا وآدابًا، وينبئ في سياقاته وحواراته عن مواعظ وزواجر، وترغيب وترهيب، ويدل بظاهره وإشارته على أحكام ومعتقدات، كل ذلك في أجمل عرض، وأكمل أسلوب (مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)[يوسف: 111].

عباد الله: في أحداث قصة الملك العادل، والوالي المصلح ذي القرنين، عند مسحه الأرض كلها، ومُلْكه لها، أنبأنا القرآن بعد بلوغه مغرب الأرض، ثم مشرقها، وصولَه إلى منطقة من الأرض طبيعتها أنها سلاسل جبال عالية، ومرتفعات شاهقة متَّصلة، بينها فجوة ينفذ خلالها الناس، ومَمرّ يمرون بينها -طوى القرآن تعيينها، وتجاوز مكانها-، فوجد ذو القرنين، دون الجبل قوماً (لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا)[الكهف:93]؛ لعُجْمَة ألسنتهم، واستعجام أذهانهم وقلوبهم، وقد أُعْطِيَ ذو القرنين من الأسباب ما فَقُهَ به ألسنة أولئك، وخاطبهم وراجعهم، فشكى إليه القوم ضرراً حاصلاً، وإفساداً قائماً، وهجوماً مستمراً بالقتل والنهب والتخويف.

(قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ)؛ وهما أُمّتان عظيمتان من بني آدم، سيكون لهما أحدث وأحوال آخر الدنيا، وقبيل قيام الساعة، (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا) أي: نوالاً ومالاً (عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا)؛ أي حاجزًا يمنع وصولهم إلينا، وسدًّا يمنعهم عنا.

وتبعاً للمنهج الصالح الذي أعلنه الملك العادل وسار عليه، من مقاومة الفساد، والسعي إلى الإصلاح؛ أجاب طلبهم، ولبَّى رغبتهم، دون أخذ الأجرة، والحصول على النوال، بل شكر الله -تعالى- على تمكينه واقتداره، فقال لهم (مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ) مما تبذلون لي وتعطوني، وهذا من اعتراف الإنسان بنعمة الله وكرمه عليه، لكن طلب منهم الإعانة والمشاركة (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا)[الكهف: 95]؛ مانعاً من عبورهم عليكم، إذ الردم أكبر من السد.

(آَتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ) أي قِطَع الحديد، فجمعوها وكوّموها في الفتحة بين الحاجزين، والفجوة بين الجبلين، في قدرة باهرة، وقوة قاهرة، أرتال من الحديد تُجْمَع حتى تساوي الجبال الشاهقة العظيمة! (حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا) على النار لتسخين الحديد، فنفخوا بالآلات والمعدات (حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا)[الكهف:96]؛ أي نحاساً، حتى اشتبك النحاس مع قطع الحديد، فكان صلداً جلداً وصلباً قهراً والتحم الحاجزان، وأغلق الطريق على يأجوج ومأجوج.

(فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ) ويصعدوا عليه، (وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا)[الكهف:97]، فيحدثوا فجوة فيه.. ثم نظر ذو القرنين إلى العمل الضخم فلم يأخذه بطر ولا غرور، ولم تُسْكِره نشوةُ القوة والعلم، لكنْ ذَكَر الله -تعالى- وشكره، وردَّ إليه العمل الصالح، وتبرَّأ من قوته إلى قوة الله، وفوَّض الأمر إليه (قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي)[الكهف:98].

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

(وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ)[الرعد:23-24].

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ عَطَاءِ بْن أَبِى رَبَاحٍ قَالَ:" قَالَ لِيَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَلاَ أُرِيكَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ؟ فقُلْتُ: بَلَى، قَالَ: هَذِهِ الْمَرْأَةُ السَّوْدَاءُ، أَتَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَقَالَتْ: إِنِّي أُصْرَعُ، وَإِنِّي أَتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللَّهَ لِي. قَالَ: "إِنْ شِئْتِ صَبَرْتِ وَلَكِ الْجَنَّةُ، وَإِنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَكِ". فَقالتْ: أصْبِرُ، فقالتْ: إنِّي أَتَكَشَّفُ، فادْعُ اللهَ أَنْ لَا أَتَكَشَّفَ، فدَعَا لَها".

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: وَكَمَا امْتَدَحَ اللهُ الصَّبْرَ فِي كِتَابِهِ؛ فَقَدْ زَخَرَتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَسِيرَتُهُ قَوْلًا وَعَمَلًا؛ كَفَاكَ أَنْ تَسْمَعَ طَرَفًا مِنْهَا لِتَشْتَاقَ نَفْسُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْعِلْيَةِ الْأَخْيَارِ، الْحَائِزِينَ عَلَى الصَّبْرِ وَالْمَدْحِ وَالنَّوَالِ، قَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الصَّبْرُ ضِيَاءٌ"، وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- قَالَ: إِذَا ابْتَلَيْتُ عَبْدِي بِحَبِيبَتَيْهِ فَصَبَرَ عَوَّضْتُهُ مِنْهُمَا الْجَنَّةَ"، وَقَالَ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اعْلَمْ أَنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا"، وَقَالَ -أَيْضًا-: "الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ"، وَقَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "يَقُولُ اللهُ -تَعَالَى-: مَا لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ عِنْدِي جَزَاءٌ إِذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ إِلَّا الْجَنَّةَ".

أَلَا فَاتَّقُوا اللهَ وَاصْبِرُوا؛ فَـ(إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)[يوسف:90].

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، أَمَّا بَعْدُ:

عِبَادَ اللهِ: فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ مَأْمُورٌ بِطَاعَةِ اللهِ، وَالْبُعْدِ عَنْ مَعَاصِيهِ، وَهُوَ مُعَرَّضٌ فِي حَيَاتِهِ لِأَقْدَارِ اللهِ؛ وَلِذَا فَقَدْ ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ أَنَّ الصَّبْرَ أَقْسَامٌ ثَلَاثَةٌ:

الْأَوَّلُ: الصَّبْرُ عَلَى طَاعَةِ اللهِ، وَهُوَ أَعْظَمُهَا؛ لِأَنَّ الْعِبَادَاتِ شَاقَّةٌ عَلَى النُّفُوسِ، وَتَحْتَاجُ إِلَى مُصَابَرَةٍ وَمُجَاهَدَةٍ؛ فَالصَّلَاةُ وَسَائِرُ الْعِبَادَاتِ كُلِّهَا تَحْتَاجُ إِلَى الصَّبْرِ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا)[طه:132].

وَالثَّانِي: الصَّبْرُ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ، وَعَنِ الْوُقُوعِ فِيمَا حَرَّمَ اللهُ -تَعَالَى-، وَذَلِكَ بِكَفِّ النَّفْسِ عَنْ أَنْ تَفْعَلَ مُحَرَّمًا أَوْ تُقَصِّرَ فِي وَاجِبٍ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: فَهُوَ الصَّبْرُ عَلَى أَقْدَارِ اللهِ الْمُؤْلِمَةِ، وَعَلَى مَصَائِبِ الْحَيَاةِ الْمُتَنَوِّعَةِ؛ فَمَنْ مِنَ الْبَشَرِ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ؟! مَنْ مِنَّا مَنْ لَمْ يُصَبْ بِمَرَضٍ، أَوْ لَمْ يَفْقِدْ مَالًا، أَوْ قَرِيبًا، أَوْ عَزِيزًا؟! قَالَ اللهُ -سُبْحَانَهُ-: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ)[البقرة:155].

وَالْعِبَادُ عِنْدَ الْمَصَائِبِ قِسْمَانِ: قِسْمٌ جَازِعٌ سَاخِطٌ مُهْلِكٌ نَفْسَهُ بِالْأَسَى وَالْحَسْرَةِ؛ فَهُوَ قَدْ جَمَعَ عَلَى نَفْسِهِ مُصِيبَتَيْنِ: فَوَاتَ الْمَحْبُوبِ، وَفَوَاتَ الْأَجْرِ الْعَظِيمِ الَّذِي رَتَّبَهُ اللهُ لِلصَّابِرِينَ، وَقِسْمٌ رَاضٍ بِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ، فَهَؤُلَاءِ هُمُ الْمُوَفَّقُونَ لِلْحَقِّ وَالرَّحْمَةِ! وَلِهَذَا عَجِبَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ حَالِ الْمُؤْمِنِ فَقَالَ: "عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ؛ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

ولا يظن أحد أنه يسلم من البلاء والمصائب، فالأنبياء -عليهم السلام- نزل بهم من البلاء أشده وأعظمه، فعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قلت يا رسول الله، أي الناس أشد بلاء؟ قال: "الأنبياء" قلت: ثم من؟ قال: "الصالحون، إن كان أحدهم ليُبتلى بالفقر حتى ما يجد إلا العباءة يحتويها، وإن أحدهم ليفرح بالبلاء كما يفرح أحدكم بالرخاء" رواه ابن ماجه.
وقال -عليه الصلاة والسلام-: "من يرد الله به خيرًا يُصب منه" رواه البخاري.
وأبشر -أخي المسلم- ببشارة عظيمة، تؤنس وحشتك، وتخفف مصيبتك، وتهون ما نزل بك، فقد قال المصطفى -عليه الصلاة والسلام-: "عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر؛ فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له" رواه مسلم.

والخير الحاصل للشاكرين هو الزيادة: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ)
والخير الحاصل للصابرين؛ هو الأجر والثواب والمغفرة والرحمة.

قال الفضيل: "إن الله -عز وجل- ليتعاهد عبده المؤمن بالبلاء، كما يتعاهد الرجل أهله بالخير". وقال -رحمه الله-: "لا يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعدَّ البلاء نعمة، والرخاء مصيبة، وحتى لا يحب أن يُحمد على عبادة الله".

والناس في هذه الدنيا بين حالين: إما مُبتلى بعافية لينظر كيف شُكره؟! أو مُبتلى ببلية لينظر كيف صبره؟!

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "أما نعمة الضراء فاحتياجها إلى الصبر ظاهر، وأما نعمة السراء فتحتاج إلى الصبر على الطاعة فيها، فإن فتنة السراء أعظم من فتنة الضراء، والفقر يصلح عليه خلق كثير، والغنى لا يصلح عليه إلا أقل منهم، ولهذا كان أكثر من يدخل الجنة المساكين؛ لأن فتنة الفقر أهون، وكلاهما يحتاج إلى الصبر والشكر، لكن لما كان في السراء اللذة، وفي الضراء الألم، اشتهر ذكر الشكر في السراء والصبر في الضراء".

وقد علمنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما نقوله حين المصيبة، فقال: "ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول ما أمره الله: إنا لله وإنا إليه راجعون
اللهم أجرنى في مصيبتي وأخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها" رواه مسلم.

وقد جعل الله كلمات الاسترجاع وهي قول المصاب: "إنا لله وإنا إليه راجعون" ملاذًا وملجأ لذوي المصائب.

عباد الله: المصائب تتفاوت، ولكن أعظمها المصيبة في الدين فهي أعظم مصائب الدنيا والآخرة، وهي نهاية الخسران الذي لا ربح فيه، والحرمان الذي لا طمع معه. جعلنا الله وإياكم من الصابرين المحتسبين؛ ممن يوفون أجورهم بغير حساب. اللهم احفظ علينا ديننا وأمننا يا جواد يا كريم.

عباد الله : صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
ربنا إن ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

من الإيمان بالله الصبر على أقدار الله - الشيخ عبدالملك القاسم

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم وسار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين.

أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- حق التقوى-، فمن اتقى ربه نجا، ومن صدقه لم ينله أذى ومن رجاه كان حيث رجا.

أيها المسلمون: الدنيا دار امتحان وابتلاء، دار مصائب وأكدار، يبتلي الله -سبحانه- عباده فيها، وكلَّما كانت المصيبة على العبد أعظم كمية أو كيفية وصبر واحتسب، كان الجزاء عليها أعظم، فمن فقد ابنًا له ليس كمن فقد جميع أهله، ومن فقد بعض ماله ليس كمن فقد جميع ماله، وهذا من كمال عدل الله -سبحانه-.

والبلاء الذي يصيب العبد لا يخرج عن أربعة أقسام: إما أن يكون في نفسه، أو في ماله، أو في عرضه، أو في أهله ومن يُحب؛ والناس مشتركون في حصولها، فغير المؤمن التقي يلقى منها أعظم مما يلقى المؤمن، كما هو مشاهد.

ومن علامة محبة الله للعبد أن يبتليه، فقد ابتُلي الأنبياء والصالحون فصبروا، قال -صلى الله عليه وسلم-: "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله -تعالى- إذا أحب قومًا إبتلاهم"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل".

ولا بد أن يعلم المصاب: أن الذي ابتلاه بمصيبته أحكم الحاكمين, ارحم الراحمين، وأنه -سبحانه- لم يُرسل البلاء ليُهلكه به، ولا ليعذبه، ولا ليجتاحه، وإنما ابتلاه ليمتحن صبره ورضاه عنه وإيمانه، وليسمع تضرعه وابتهاله، وليراه طريحًا على بابه، لائذًا بجنابه، مكسور القلب بين يديه، رافعًا قصص الشكوى إليه.

فأبشروا يا من صبرتم واحتسبتم بالأجور العظيمة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "ما يصيب المؤمن من هم، ولا غم، ولا شيء؛ إلا كفر له بها، حتى الشوكة يشاكها" رواه البخاري.

عباد الله: منزلة الصبر من أعظم المنازل التي حض عليها الإسلام، وقد ذكرها الله في كتابه في أكثر من تسعين موضعًا، وجعل -سبحانه- جزاءه من أعظم الجزاء، كقوله تعالى: (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) [الزمر: 10]

قال بعض السلف: "لا تكال الأجور للصابرين ولا توزن، وإنَّما تُغرف لهم غرفًا".

والصبر في اللغة: الحبس والكف، ومنه: قُتل فلان صبرًا، إذا أُمسك وحبس، ومنه (وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم) [الكهف: 28] أي: احبس نفسك معهم.

والصبر في الشرع: هو حبس النفس عن الجزع، وحبس اللسان عن التشكي والتسخط، والجوارح عن لطم الخدود وشق الجيوب ونحوهما.

وفي صحيح مسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "والصبر ضياء" وعند البخاري ومسلم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما أعطي أحد عطاءً خيرًا وأوسع من الصبر"، وقال علي -رضي الله عنه-: "الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، ثم رفع صوته وقال: أما إنه لا إيمان لمن لا صبر له".

وينقسم الصبر إلى ثلاثة أقسام:
الأول: الصبر على ما أمر الله به من الطاعات: وهو أفضلها، كالصبر على إقامة الصلاة في أوقاتها بأركانها وواجباتها، وكالصبر على بر الوالدين، وعلى الحجاب للمرأة وغير ذلك.

الثاني: الصبر عما نهى الله من المعاصي: كالصبر عن سماع المعازف، ورؤية المنكرات وغير ذلك.

الثالث من أقسام الصبر: الصبر على أقدار الله، كالصبر على المصائب؛ في النفس، أو الأهل، أو المال.

عباد الله: من أصيب بمصيبة في نفسه، أو ماله، أو ولده؛ فعلم أنها من قدر الله فصبر واحتسب، واسترجع واستسلم لقضاء الله، عوَّضه الله عمَّا فاته في الدنيا؛ هدى في قلبه، ونورًا وراحة، وطمأنينة ويقينًا صادقًا، وقد يخلف عليه ما كان أخذ منه، أو خيرًا منه، قال تعالى: (وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ) [التغابن: 11]

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت".

يخبر الرسول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث أنه ستبقي في الناس خـصلتان من خصال الجاهلية، وهما من أنواع الكفر الأصغر الذي لا يُخرج عن ملة الإِسلام، ولا يسلم منها إلا من سَلَّمه الله، وهما:

الأول: الطعن في النسب: وذلك بعيب الأنساب وتنقصها، كقوله: آل فلان ليس نسبهم جيدًا، ذمًا وقدحًا لهم.

الثانية: النياحة على الميت: وذلك برفع الصوت بالبكاء والصراخ عند المصيبة، أو تعداد فضائل الميت على سبيل الجزع والتسخط عليه، كقول أولاد المتوفى عن والدهم: من الذي ينفق علينا بعدك، جزعًا عليه، وما علموا أنَّ الله هو الرازق الذي تكفل برزق عباده، قال تعالى: (وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا) [هود: 6]

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وما أشدَّ مرارةَ الانتِكاس! (يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ) [الحديد: 14].

أشدُّ ما يكون من الحسرةِ والبلاءِ أن يُفتَحَ للعبدِ طريقُ النجاة والفلاح، حتى إذا ظنَّ أنه ناجٍ ورأى منازِل السعداء اقتُطِع دونَهم، وضرِبَت عليه الشِّقوة!

إن على المُسلم أن يسعَى في صلاحِ نفسِه، وصِيانة قلبِه، وأن يحذَرَ خُطوات الشيطان، فالله مُطَّلِعٌ عليه وناظِر، ومُجازٍ ومُحاسِب، وعليه أن يحرُسَ خواطِرَه؛ فإن كل الفساد يجِيءُ من قِبَل الخواطِر، فهي بذْرُ الشيطان في أرض القلبِ، يتعاهَدُ الشيطانُ البذْرَ بسقيِه مرَّةً بعد أُخرى، ولا يزالُ بها حتى تُثمِرَ الأعمال.

ولا ريبَ أن دفعَ الخواطِر أيسرُ من دفعِ الإرادات والعزائِم، فيجِدُ العبدُ نفسَه عاجِزًا أو كالعاجِز عن دفعِها بعد أن صارَت إرادةً جازِمةً، وهو المُفرِّطُ إذ لم يدفَعها وهي خاطِرٌ ضعيفٌ، كمن تهاوَنَ بشرارةٍ من نارٍ وقعَت في حطبٍ يابِسٍ، فلما تمكَّنَت منه عجِزَ عن إطفائِها.

أيها المسلمون: كما يجبُ البُعدُ عن مواطِن الشُّبُهات، ومراتِع الشَّهَوات، وتجنُّب أصحاب الضلالات، وأمراضُ القلوبِ تُعدِي أشدَّ من أمراضِ الأبدان: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأنعام: 68].

إن المُتطلِّبَ بصدقٍ صلاحَ قلبِه ليسلُكُ لتحصيلِ ذلك مسالِكَه، ويستصلِحُ قلبَه بما يُطهِّرُه، ويُجنِّبُه ما يُكدِّرُه، وأعلى المراتِبِ لذلك هو مُراقبةُ الله تعالى وتقواه، وامتلاءُ القلبِ بمحبَّة الله.

روى الحاكمُ في مستدركه، والطبرانيُّ عن عبد الله بن عمرو بن العاصِ -رضي الله عنهما- أن رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن الإيمانَ ليخْلَقُ في جوفِ أحدِكم كما يخْلَقُ الثوبُ، فاسألُوا اللهَ أن يُجدِّدَ الإيمانَ في قلوبِكم".

وفي صحيح مسلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يقول: "اللهم آتِ نفسِي تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها".

اللهم آتِ نفوسَنا تقواها، وزكِّها أنت خيرُ من زكَّاها، أنت وليُّها ومولاها.

بارَك الله لي ولكم في القرآن والسُّنَّة، ونفعنا بما فيهما من الآياتِ والحكمةِ، أقولُ قولي هذا، وأستغفِرُ الله تعالى لي ولكم.

------------------------------------------------


الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملكُ الحقُّ المبين، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه الصادقُ الأمين، صلَّى الله وسلَّم وبارَكَ عليه، وعلى آله وصحبِه أجمعين.

وبعد: أيها المسلمون: فإن مُجتمعنا -بحمد الله- يحمِلُ خيرًا كثيرًا، وإن الواجِبَ رعايةُ هذا الخير وتنميتُه، وحِراستُه من عاديات السُّوء، وإن الواجِبَ هو تربيةُ النفس والنَّشءِ على خوفِ الله وتقواه، والعلمِ به وبحُدودِه وشريعتِه، علمًا يُورِثُ العملَ والذَّكاءَ، ويبقَى زادًا ورِدءًا في النَّعماء والبأساء، ومن كان له زادٌ من تقوى وعملٍ صالحٍ كان حرِيًّا بالنجاة، وسُنَّةُ الله ألا يُخيِّبَ عبدًا أقبلَ عليه.

واتِّقاءُ المزالِقِ يكون باللُّجوء إلى الله تعالى، كما قال -سبحانه-: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ) [الذاريات: 50]، وهو -سبحانه- القائل: (أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ) [الزمر: 36].

قال ابن القيِّم -رحمه الله-: "الكفايةُ على قدر العبودية، فكلما ازدادَت طاعتُك لله ازدادَت كفايةُ الله لك".

ومن هنا وجَّه النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى العبادة وقتَ الفتن، فقال: "العبادةُ في الهَرْج كهِجرةٍ إليَّ". رواه مسلم.

فهنيئًا لمُؤمنٍ يركَنُ إلى الصلاة والعبادة، بينما الناسُ يتهارَجون. هنيئًا لمن يطمئنُّ بالله حين تقلقُ النفوسُ وتضطربُ القلوب.

كما تجبُ تربيةُ النفوس وتنشِئةُ الجِيل على الجدِّ والعزمِ، والتجافِي عن الكسل والهوان، واتباع الهوَى والشهوة؛ فإن الشرفَ لا يُنالُ بالتَّرَف، وفي كتابِ ربِّنا: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) [مريم: 12]، وقال عن موسى -عليه السلام-: (وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ) [الأعراف: 145].

وإن الصحابةَ -رضي الله عنهم- قد نالُوا شرفَ الدنيا والآخرة بالجدِّ والعَزم، جمَعوا بين العلمِ والعبادةِ، والدعوةِ والجهادِ، ولم يخلُدوا للراحَةِ والدَّعَة، وقد حُفَّت الجنةُ وحُجِبَت بالمكارِه، كما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأحاطَت بها.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

الثبات على الحق والحذر من الانتكاس

الخطبة الأولى:
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذُ بالله من شرور أنفُسنا ومن سيِّئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.

أما بعد: فأُوصيكم ونفسي بتقوى الله في السرِّ والعلانية؛ فهي العُدَّةُ وهي مهبطُ الفضائل، ومُتنزَّلُ المحامِد، وهي مبعثُ القوةِ ومِعراجُ السمُوِّ، والرابطُ الوثيقُ على القلوبِ عند الفتن: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281].

أيها المسلمون: الإقبالُ على الله، وهناءةُ القلب به، وإلفُ الجوارِح للطاعات، وصُدودُها عن الآثام هو كنزٌ مُعجَّل، وفوزٌ حاضرٌ ومُؤجَّل، ورِبحٌ للإنسان وتوفيقٌ له، وكلٌّ يأملُ أن يُوفَّقَ إلى ما يُرضِي الرحمن، إلا أنه مع ذلك لا بُدَّ أن يُدرِك المُسلمُ أن قلبَه الذي عمرَه الإيمان حِصنٌ مُستهدَف، وجوارِحَه التي تذلَّلت بالطاعة وللطاعة غرضٌ تتربَّصُ به العوادِي. فهي أحقُّ ما حُرِس، وأكرمُ ما حُمِي.

وفي مسيرِ الإنسان إلى ربِّه فتنٌ وبلاءات، ودروبٌ خطَّافةٌ ومزالِق، وتلك سُنَّةُ الله الماضِية: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) [الملك: 2]، (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) [الأنبياء: 35]. ولا يزالُ المؤمنُ في جهادٍ ما دامَت رُوحُه بين جنبَيْه.

ومما يُروَى أنه عندما أدركَت المنِيَّةُ الإمامَ أحمد -رحمه الله- تمثَّل له الشيطان عاضًّا أصابِعَه يقول: فُتَّنِي يا أحمد! فُتَّنِي يا أحمد! فقال الإمام أحمد: "لا بعدُ، لا بعدُ". مُستحضِرًا بذلك قولَ النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن الرجلَ ليعملُ الزمنَ الطويلَ بعمل أهل الجنة ثم يُختَم له بعمل أهل النار". رواه مسلم.

وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: كان رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- يُكثِر أن يقول: "يا مُقلِّب القلوب: ثبِّت قلبي على دينِك". فقال رجلٌ: يا رسول الله: تخافُ علينا وقد آمنَّا بك وصدَّقناك بما جِئتَ به؟! فقال: "إن القلوبَ بين أصبعين من أصابِع الرحمن يُقلِّبها كيف يشاء". أخرجه الإمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه.

وفي رواية الترمذي: "يا مُثبِّت القلوب: ثبِّت قلبي على دينِك".

عباد الله: هذه الأحاديثُ وما يُشبِهُها كثير تُحذِّرُ من نكسةٍ لا يزالُ الإنسان منها في خطرٍ، وزيغةٍ مُحتملَةٍ لم يُعصَم منها بعد الأنبياء بشر، إنها حالٌ خافَها الأتقياءُ والصالِحون، وحاذرَها الأصفياءُ الصادِقون.

وكم رأى الناسُ من مصارِع المُنتكِسين، وانهِزام الفاشِلين، وانحِراف من كانوا على الهُدى مُستقيمين! ولا يسقُطُ إلا المهازيل، وعند الابتلاءات تكثُر الانتِكاسات، نعوذُ بالله من الحَور بعد الكَور.

ومن دُعاء المُؤمنين: (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) [آل عمران: 8].

عباد الله: وإن المُتأمِّل في حال المُجتمع المُسلم يرى ظواهِر ضعفٍ تتخطَّفُ بعضَ أفراده، تتمثَّلُ في رقَّة الديانة، والتفريط في الواجِبات، والتساهُل في المُحرَّمات، والرِّضا بالنقص ومُسايَرة ركبِه أحيانًا. في واقعٍ أترَعَه الإعلامُ بكل تافهٍ يُبعِدُ عن الله، ويُوغِلُ في الغفلة.

وقد يكون ذلك ممن أمضَى شطرًا من عُمره في صلاحٍ واستِقامةٍ، ولكن ما أكثرَ من يرجِعُ أثناءَ الطريق وينقطِع، وهذا قد يتكرَّرُ في زمان استِطالة الباطل، لكنَّه ليس عُذرًا للإنسان أن يكون مُفرِّطًا تجاهَ ربِّه، فكلٌّ سيُحاسَبُ وحده: (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا) [مريم: 95].

على أنه لا بُدَّ لكل عاملٍ من فترةٍ، ولا بُدَّ لكل سائرٍ من عثْرة، إلا أن هذا الفُتور لا يصِلُ بالعبد إلى تضييع الواجِبات، أو الخوضِ في المُحرَّمات، وإنما هي حالةٌ تعتَرِي العبدَ في سيرِه إلى الله، وضعفٌ تقتَضِيه طبيعةُ البشر، يدفعُه العبدُ بتذكُّر الآخرة، ويحثُّ الخُطا بعد ذلك إلى ربِّه حتى يصِل إلى دار السلام.

وإن من الغُرور والعُجب: أن يأملَ الإنسانُ من الشيطان، وأن يُزكِّيَ نفسَه بضمان الثبات، وإنما الثباتُ شيءٌ يمُنُّ الله به على من يشاءُ من عباده: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ) [إبراهيم: 27].

عن النوَّاس بن سَمعان -رضي الله عنه- قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من قلبٍ إلا بين أصبعين من أصابِع الرحمن، إن شاء أن يُقيمَه أقامَه، وإن شاءَ أن يُزيغَه أزاغَه". أخرجه الإمام أحمد، وابن ماجه.

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

وكان سفيان الثوري -رحمه الله- يشتد قلقه ويبكي، ويقول: "أخاف أن أكون في أم الكتاب شقياً".
وكان يقول: "أخاف أن أُسلَب الإيمان عند الموت".

قال الحسن: "إن القوم لما رأوا النفاق يغول الإيمان لم يكن لهم همٌّ غيرَ النفاق".

قال الإمام ابن رجب -رحمه الله- في شرح: "باب خوف المؤمن أن يحبط عمله"، من صحيح البخاري: "وأصل هذا يرجع الى ما سبق ذكره من أن النفاق أصغر وأكبر، فالنفاق الأصغر هو نفاق العمل وهو الذي خافه هؤلاء على أنفسهم وهو باب النفاق الأكبر، فيُخشى على من غلبت عليه خصال النفاق الأصغر في حياته، أن يُخْرجه ذلك الى النفاق الأكبر حتى ينسلخ من الإيمان بالكلية؛ كما قال تعالى: (وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) [الأنعام: 110].

وقال رحمه الله -تعالى- في "شرح الأربعين": "فالمؤمن يخاف على نفسه النفاق الأصغر، ويخاف أن يغلب ذلك عليه عند الخاتمة، فيخرجه إلى النفاق الأكبر، فإن دسائس السوء توجبُ سوء الخاتمة".

ومن هنا كان واجباً على من عظَّم ربه أن ينزّه دينه عمّا يُنقِصه أو يُحبطه لا سيما ما يكون من خصال النفاق، وهي مشهورة مذكورة في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص المتفق عليه: "أربعٌ من كان فيه كان منافقاً، وإن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: من إذا حدّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا خاصم فجر، وإذا عاهد غدر".

فيا من فرح بفضل الله عليه بالإيمان: احذر أن يحبط عملك ويزول إيمانك بسبب دسيسة سوءٍ أُشربها قلبك.

احذر خصال النفاق فإنها بريد الفسق والكفر.

دع الكذب فإنه موجوب للفجور ثم النار.

وإياك والغدر فلواء الغدر يُنصب يوم القيامة للتشهير بالغادرين.

ولا تخلف الوعد ولا تفجر في الخصومة فإن هذا دأب المنافقين.

ويا من كان عنده معصية مستديمة أخفاها عن الناس واطَّلَعَ عليها رب الناس: استغفِر الله منها، وحاذر أن يحبط عملك بسببها، قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "ما يؤمِّن أحدَكم أن ينظر النظرة فيحبط عمله؟ (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: 63].

اللهم ثبِّتنا على قولك الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة...

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه ثم توبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

-------------------------------------------------

الخطبة الثانية:
الحمد لله على فضله،وإحسانه،وأشكره على توفيقه وامتنانه،وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله،صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه،وسلَّم تسليماً كثيرًا، أما بعد:

أيها المسلمون: أعظم الناس تعاهداً للإيمان وحرصاً على الثبات هم أعظم الناس قرباً من الله ومنزلةً لديه، وزلفى إليه؛ هذا إبراهيم أبو الأنبياء يقول وهو يبني بيت الله ويضع لبنة على لبنة: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَآ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) [البقرة: 128].

وها هو يكسر الأصنام ويحطمها قطعة قطعة، ثم يسأل الله لنفسه وذريته الثبات على التوحيد والسلامة من الشرك، فيقول: (وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الأَصْنَامَ) [إبراهيم: 35].

وها هو الكريم ابنُ الكريم ابنِ الكريم ابنِ الكريم يوسف -عليه الصلاة والسلام- وهو في آخر فصل من فصول حياته التي تقلب فيها بين الإيمان والصبر والرسالة والدعوة إلى التوحيد وأنواع العبودية، ها هو يخضع لربه في موقف هو من أشرف مقامات البشر وأعزِّها وأرفعها، فيقول: (رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ) [يوسف: 101].

وهذا محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو إمام المرسلين وسيد ولد آدم أجمعين لا ينفك من دعاء ربه كل حين: "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك".

وكان يقول كل صباح وكل مساء: "أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه".

ويعلِّمه ربه الاستعاذة من كيد الشيطان وفتنته، فيقول له: (وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ * وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ) [المؤمنون: 97 - 98].

ويقول له: (وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) [الأعراف: 200].

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

تعالى عنهم: ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 250]، وقد كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا مقلب القلوب، ثبِّت قلبي على دينك)).

أسأل الله أن يثبِّتنا وإياكم على الخير والصلاح.

عباد الله : صلُّوا وسلِّموا -رعاكم الله- على محمد بن عبد الله؛ كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً)
وقال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا".
اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمد كما صلَّيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنَّك حميدٌ مجيد
وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين؛ أبى بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعلي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

بِهِ أَطْلُب أَمْوَالكُمْ، وَلَا الشَّرَف فِيكُمْ، وَلَا الْمُلْك عَلَيْكُمْ، وَلَكِنَّ اللهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ رَسُولًا، وَأَنْزَلَ عَلَيَّ كِتَابًا، وَأَمَرَنِي أَنْ أَكُون لَكُمْ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، فَبَلَّغْتُكُمْ رِسَالَات رَبِّي وَنَصَحْت لَكُمْ، فَإِنْ تَقْبَلُوا مِنِّي مَا جِئْتُكُمْ بِهِ فَهُوَ حَظُّكُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة، وَإِنْ تَرُدُّوهُ عَلَيَّ أَصْبِر لِأَمْرِ اللَّه حَتَّى يَحْكُم اللَّه بَيْنِي وَبَيْنكُمْ))، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

فلما يئسوا من توقُّف النبي صلى الله عليه وسلم عن دعوته، قدَّموا عرضًا آخر لمساومته في دينه، وبعض الناس يظن أنه عرض جيد في حال ضعف المسلمين، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم رفضه؛ فاجتمع جمعٌ من أشراف قريش فَقَالُوا: "يَا مُحَمَّدُ، هَلُمَّ فَلْنَعْبُدْ مَا تَعْبُدُ، وَتَعْبُد مَا نَعْبُدُ، فَنَشْتَرِكُ نَحْنُ وَأَنْتَ فِي الْأَمْرِ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي تَعْبُدُ خَيْرًا مِمَّا نَعْبُدُ، كُنَّا قَدْ أَخَذْنَا بِحَظِّنَا مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مَا نَعْبُدُ خَيْرًا مِمَّا تَعْبُدُ، كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ بِحَظِّكَ مِنْهُ"، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِمْ: ﴿ قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ﴾ [الكافرون: 1 - 6].

أيها الإخوة، ولقد ضرَب الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم أجمعين أروعَ الأمثلة في الصمود والثبات على الحق:

فهذا أبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه يَقِف في المشركين خطيبًا عند الكعبة، فيقوم المشركون بضربِه بالنِّعال، حتى ما يُعرف وجهُه من أنفه، وحُمِل إلى بيته في ثوبِه، وهو ما بين الحياةِ والموت، فما يَثنيه ذلك عن دينه ولا عن ذكر الله.

وهذا بلال بن رباح: كان مولى لأمية بن خلف، فكان يضع في رقبته حبلًا ويُسلمه إلى الصبيان يطوفون به في جبال مكة، وكان يجبره على الجوع والعطش ويشده ويضربه بالعصا، وكان إذا اشتدت الرمضاء يطرحه في بطحاء مكة، ثم يوضع على صدره الصخرة العظيمة ويقول له: لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم وتعبُد اللات والعزى. فيقول قولته الخالدة: أحَدٌ أحَدٌ. (سيرة ابن هشام).

وأما خبَّاب بن الأرت: فقد تعرَّض لشتى ألوان العذاب، فقد كانوا يضعون الحديد المحميَّ على جسده، فما يطفئ النارَ إلا الدهن الموجود في ظهره، وقد سأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه يومًا عما لقي من المشركين، فقال خبَّاب: يا أمير المؤمنين، انظر إلى ظهري، فنظر عمر، فقال: ما رأيت كاليوم، قال خباب: لقد أوقدتْ لي نار، وسُحبتُ عليها فما أطفأها إلا وَدَكُ ظهري (أي دهن الظَّهر).

وأبو ذر الغفاري رضي الله عنه كان شغوفًا بتتبع الحق ومعرفته، وفعلًا وصل إليه، وبمجرد أن عرف الحق خرج منطلقًا إلى الكعبة وصرخ بما يعتقده في هذا الدين، ولقي منهم ضربًا وبلاءً شديدًا ما يستطيع أحد أن يتحمله، مع أنه لم تمر دقائق أو ساعات معدودة على دخوله في هذا الدين، غير أنه لم يرتدَّ رضي الله عنه، ولم يتلكأ في أن يستمر في حمل هذه الدعوة المباركة، وإيصالها إلى قومه والدفاع عنها أيضًا.

وما جرى للزبير بن العوام رضي الله عنه من تعذيب عمِّه له كما أخرج الحاكم عن أبي الأسود عن عروة قال: أسلم الزبير بن العوام وهو ابن ثمان سنين، وهاجر وهو ابن ثمان عشرة سنة، وكان عم الزبير يعلِّق الزبير في حصير ويدخن عليه بالنار ويقول: ارجع إلى الكفر، فيقول الزبير: لا أكفر أبدًا.

ومصعب بن عمير: بعد أن كان فتى مكة المدلل، جوَّعتْه أمُّه وعذَّبته وأخرجته حتى تحشف جلده كتحشف الحية، قال سعد بن أبي وقاص: ( كَانَ مصعب أَتْرَفَ غُلَامٍ بِمَكَّةَ بَيْنَ أَبَوَيْهِ فِيمَا بَيْنَنَا، فَلَمَّا أَصَابَهُ مَا أَصَابَنَا، لَمْ يَقْوَ عَلَى ذَلِكَ، فَلَقَدْ رَأَيْتُهُ وَإِنَّ جِلْدَهُ لَيَتَطَايَرُ عَنْهُ تَطَايُرَ جِلْدِ الحَيَّةِ، وَلَقَدْ رَأَيْتُهُ يَنْقَطِعُ بِهِ، فَمَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَمْشِيَ، فَنَعْرِضُ لَهُ القِسِيَّ ثُمَّ نَحْمِلُهُ عَلَى عَوَاتِقِنَا).

وهذا ياسرٌ وزوجتُه سمية وابنه عمار رضي الله عنهم أجمعين يُنكَّل بهم، ويذوقون من العذاب ألوانًا، فما يَثنيهم ذلك عن دينهم ولا عن ذكر الله، ابتلوا بلاءً شديدًا بمجرد ما أسلَموا، وكانت أمه أول شهيدة في الإسلام، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يمر عليهم فلا يجد ما يواسيهم به غير الكلمات يقول لهم: ((صبرًا آل ياسر؛ فإن موعدكم الجنة)).

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واحمي حوزة الدين يا رب العالمين
اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتبع رضاك يا رب العالمين
اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا رب العالمين
اللهم وفِّق ولي أمرنا وولي عهده لرضاك، وأعنهما على طاعتك يا ذا الجلال والإكرام.
اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا وثغورنا ، يا رب العالمين، واحفظ رجال أمننا يا رب العالمين
اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ
اللهم بارك لمن حَضَرَ معنا صلاتنا هذه في علمه وعمره وعمله، وبارك له في بدنه وصحته وعافيته، وبارك له في أهله وولده، وبارك له في ماله ورزقه، واجعله يا ربنا مباركًا موفقًا مسددًا أينما حَلَّ أو ارتحل
اللّهم آت نفوسنا تقواها، زكِّها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها
اللّهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى
اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادةً لنا في كل خير، والموت راحةً لنا من كل شر
اللّهم اغفر لنا ولوالدينا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23]
(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]

عِبَادَ الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) ، فَاذْكُرُوا اللهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوْهُ على نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

للاشتراك في اللستة تفاعل نار🔥
دعـــــم طـــريــق الـــخـيــر🌪⬆️

Читать полностью…

مـنبر الخُـطـباء والـدُعـــاة📚

استراتيجية إعادة تأهيل العقول (الجزء الثالث)
محمود الفقي - عضو الفريق العلمي
https://khutabaa.com/ar/article/%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A9-%D8%A5%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D8%A9-%D8%AA%D8%A3%D9%87%D9%8A%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D9%88%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D8%A7%D9%84%D8%AB
#الخطيب

Читать полностью…
Subscribe to a channel